كاتب الموضوع :
bobo doll
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
9/ لأجلها فقط 0
كون جان لا يزال يحب زوجته السابقة ، فكرة لم تعطها بريندا مصداقية في البداية ، أما الآن فقد جعلها الحديث مع كاثلين تعود مجدداً 00أيمكن أن تكون هذه الحالة ؟
هناك طريقة واحدة لمعرفة الحقيقة ، لكن بريندا انكمشت لمجرد التفكير فيها 00بإمكانها سؤالها عن ماضيه ، جعله يتحدث عن حياته يوم أن كان مارك 0لا داعي لأن تتكلم عن زوجته ، لكن بمجرد جعله يتكلم عن حياته كرسام ، ستتمكن أن تعرف ماهي مشاعره الآن حول رسمه 00بعدها ستعرف بالتأكيد ما إذا كانت نظرياتها صحيحة 00ما إذا كان حقاً فقدانه القدرة على الرسم ، هو ما يمنعه من أن يكون حياً 0
منتديات ليلاس
لكن فكرة طرق الموضوع أخافتها 00لم تتحدث معه يوماً عن مارك 00كان مفهوما ً من البداية أنه لا يريد هذا 0عدا عن هذا كانت تخشى أن ينقلب غضبه العميق عليها لو لامست مثل هذا الموضوع المتأزم 0هناك اعتبارات أخرى 00فلو اكتشفت أنها كانت تعمل على أساس خاطئ طوال هذه الأشهر ، فستضطر إلى مواجهة واقع أن لا جدوى من البقاء هناك أبداً0
لم تكن ترغب أن يتضح لها أن لا شيء تستطيع فعله لجان 00وطالما لديها العذر للبقاء ، فلحياتها معنى 0
مرت الأيام دون رحمة 00زفاف كاثلين جاء ومضى 0تابعت الحياة في منزل جان سيرها كما كانت طوال فترة الصيف الجميل 00تشارك جان وبريندا أياماً رائعة وأمسيات طويلة متكاسلة ، كصديقين 00طوال الوقت كانت بريندا تتعلق بيأس بالعذر الواهي ، إنها باقية لأجل جان 00واستطاعت تجاوز معرفتها بأنها تحضر لتحطيم قلبها لا محالة يوماً بعد يوم 00لأن حبها يوماً بعد يوم كان يزداد عمقاً 0
يا للأسف لو أن كتاب سكوت ستيفن جرت كتابته بالسرعة الطبيعية لكانت ستغادر سيلينا هاوس في أيلول 00فحجز خدمتها كان لستة أشهر ، أكثر أو أقل بأسبوعين 00لكن الكتاب لا يكاد يصل إلى نصفه 0 ولم يذكر لها جان أي شيء عن استمرارية توظيفها 00وهذا موضوع آخر كانت تخاف الخوض فيه 0
كانت قد أمضت طوال بعد الظهر في السرير مصابة بصداع ، وكان جان يعرف سبب مرضها 00لكنه هذه المرة لم يحاول تخفيف التوتر 0وهذا أفضل ، فهي الآن لن تتحمل اهتمامه دون ردة فعل ، دون الانهيار ، دون أن تخبره كم تحبه 00وهذا آخر ما ترغب أن تفعله 0
الليلة 000الليلة ستكلم جان 00لأجلها ولأجل جان معاً 00يجب أن تعرض هذا الموضوع بشكل حاسم 0لقد آن الوقت لمحاولة جعله يتكلم عن ماضيه 00وستعرف ساعتها أين هو موقفها 0
انتظرت إلى ما بعد العشاء , إلى أن جلسا في غرفة الجلوس 00كانا يجلسان بهدوء ، ويشربان القهوة 00بريندا مكورة على الأريكة تتمتع برؤية جان في مقعده المريح ، كانت تفكر بالمرة الأولى التي رأت فيها غرفة الجلوس 00هذه الفكرة أعطتها وسيلة رائعة كبداية لحديث :
- أتعلم أنني أحب هذه الغرفة حقاً ؟
ابتسم جان :
- أجل 00فلها جو نابض بالحياة 00أليس كذلك ؟ لقد كان هذا المنزل مكاناً سعيداً جداً في الماضي 0
- أتعلم 00أحب غرفة الطعام كذلك بكسوة جدرانها البيضاء والزرقاء 00ديكور المنزل كله رائع 00من صممه ؟
- صممته مؤسسة ديكور في لندن ، لكنني اخترت الألوان بنفسي بمساعدة غريفز طبعاً !
حين لم يتلق رداً على ما قال ، ابتسم :
- ألست مندهشة ؟ أم أنك أدركت حتى الآن أن لاشيء خاطئ في مخيلتي أو ذاكرتي للألوان ؟
- حدث هذا منذ زمن 00ماذا عن الأثاث ؟ أكان لأمك أم أنك جئت به من 00من باريس ؟
- بعضه لي 00لقد جئت معي بقطعي المفضلة 00مثل طاولة خشب الأطلس ، المرآة الأثرية هناك ، واللوحة فوق المدفأة 0
كانت بريندا تراقبه بحذر ، ومعدتها تتقلص :
- ولوحاتك ؟
رفع رأسه نحوها بسرعة ، بدهشة ، وكأنما خاب أمله فيها 00ثم تصلب وجهه وأصبحت نظراته محترسة 0
قال ببطء :
- حسناً جداً بريندا 00ما الذي تريدين قوله عن مارك ؟
- لا شيء بالتحديد 0 أنت من يقلقني0
بدا مسروراً لاعترافها 00لكن صوته كان متوتراً وهو يتكلم :
- وبعد ؟
أخذت نفساً عميقاً ، خائفة أن يفقد أعصابه 00
- حسناً 00لقد استبقيت لك أربعة لوحات لمارك 00ويبدو 00ويبدو هذا لي غير مناسب 0يجب أن تكون في معرض عام 00يجب أن تعطى للعالم 00وخاصة أن عددها لن يزيد أبداً 0
لقد بدأت 00وحضرت نفسها للموجهة 00مرت لحظة طويلة لم يتكلم 00وحين تكلم استخدم ذلك الصوت الهادئ الذي يحجب مشاعره :
- أليس لي حقوق ؟ ألا يحق لي الاحتفاظ بأربعة منها ؟
فكرت بالأمر جيداً :
- ربما لك الحق ، لكن 00لكنك تستبقيها بأعذار خاطئة 0
صمتت لحظة ، أصابعها مكورة بشدة ، حتى أن أظافرها كادت تقطع راحة يديها :
- أعتقد أنك تحتفظ بهذه اللوحات لأنك لا تستطيع ترك الماضي وشأنه 0
وحصلت على ردة فعل 00رحبت بها بريندا وخافت منها في نفس الوقت 00فقد وقف عن مقعده وأخذ يسير في الغرفة بخفة الفهد :
- أيتها الحمقاء ! لقد أمضيت خمس سنوات أفعل هذا بالضبط ! لقد تركت الماضي وشأنه ! والآن أتسمحين بأن تسحبي كلامك ؟ آرس لونغا 00فيتا بريفاز !
- أنا 00لا أعرف ماذا تعني !
- أعني أن الفن طويل ، والحياة قصيرة ، هل فهمت الآن ؟
- لا0
فجأة ودون توقع منها 00هدأ :
- حسناً جداً بريندا 00دعيني أشرح لك 00الفن يعيش طويلاً 0فإذا كان جيداً حقاً ن يعيش باستمرار في وقت يموت فيه أجيال من الناس 00وأنا فخور ومبتهج لأنني تمكنت من إنتاج هذا العمل ! وأشكر الله على الموهبة التي أعطنيها للعديد من السنوات ، لكنها ذهبت الآن وتقبلت هذا ، كل ما أتمناه أن يتقبله الآخرون 00سأبقى أعمى لما تبقى من حياتي 00وهذا شيء أعرفه 00اللوحات الأربعة في هذا المنزل هي لسعادتي 00صدقيني أستطيع أن أراها أكثر مما ترينها أنت ، وماذا يستطيع المرء أن يطلب أكثر من اللذة التي يعطيها الفن ؟ حين أموت هذه اللوحات ستمر إلى أيد أخرى تقدّرها 00ولا يهمني ما إذا كانت ستعرض للناس أو لشخص واحد 00طالما تعطي السعادة فكل شيء على ما يرام 0أنا لا أفكر على أساس امتلاكها 00بل أفكر على أساس أنها عندي كقرض 00موقتاً هي هنا لإعطائي السعادة 00وهذا لا علاقة له بترك الماضي وشأنه 0
كانت الخطبة رائعة 00إنه يقول الحقيقة وهي متأكدة من ذلك ، ويعني كل كلمة قالها :
- إذن 00أنت فعلاً تكيفت مع واقع أنك لن ترسم مجدداً ؟
- أجل 00لقد تكيفت 0
كل هذه الشهور وهي تحمل أفكار خاطئة 000خاطئة !
- تقول أنك ممتن لما أنعم الله عليك من موهبة والقدرة على إنتاج الجمال الذي سيستمر في الوجود عبر الأجيال 00وقلبك 00ألا يحن أبداً للعودة ؟
- عودة القدرة على الرسم ؟ لا لم يعد قلبي يشعر بشيء0
استدار عنها ، فأطرقت برأسها وعيناها تحرقهما الدموع 00هذا كل شيء 00لقد أصبحت أيامها معدودة 0 لم يعد هناك ما تستطيع القيام به لمساعدته ، ما عدا 00ربما 00
قالت بصوت لا يكاد يصل الهمس :
- فهمت 00لكن قل لي لماذا تبقى سجيناً هنا ؟ لماذا لا تخرج معي ولو لمرة واحدة ؟
استدار بسرعة :
- سجين ؟عم تتحدثين ؟ هناك فرق كبير بين السجين والناسك !ّ أنا أبقى هنا لأنني اخترت البقاء ، وليس لأنني مضطر! أحب الهدوء والخلوة 00هذا كل شيء 0
قالت تتحداه :
- حسناً جداً 00أثبت هذا لي 00أخرج معي هذا الأسبوع 0
كتمت أنفاسها 00أنها تريد هذا بشده له كما لها 00تريد ولو مرة واحدة أن تخرجه من المنزل 00أن تقضي أمسية جميلة معه ، تستطع أن تحتفظ في ذاكرتها بها بعد أن تتركه0
قال :
- لست مضطراً لأثبت شيئاً لأي كان بريندا 00لقد خيبت أملي 00لماذا أخرج بحق الله ؟
قالت ببساطة ، تدعو الله أن يكون مهتماً لأن يفعل هذا الأمر الصغير لجلها :
- لأنني أطلب منك هذا 00فسيعطيني هذا الكثير من السعادة 00جان 0
عادت إلى فراشها 00لكن لتقضي ليلة بلا نوم 00إذن جان ليس حزيناً لفقدانه لقدراته0الآن لم يعد هناك أمامه سوى خيار مواجهة ما يتعذر عليها الهرب منه 0لقد كانت مخطئة 00وكاثلين محقة !
في الأسبوع التالي ستغادره 00سيكون الآن أفضل منه لاحقاً 00ستقول له بعد أن يقضيا الأمسية في الخارج معاً 00ستحصل على هذا أولاً 00صحيح أنها رغبة سخيفة وتعرف هذا !! إلا أنها تريد أن تقضي أمسية معه بالخارج 00مجرد أمسية واحدة يقضيانها وكأنهما شخصان عاديان يتمتعان بموعدهما 0
ليس كثيراً أن تطلب هذا !
مضى يومان على هذا ن كانا يجلسان في المكتبة وقد عاد وايلي إلى نشاطه مرة أخرى 00لكن العمل لم يكن يجري جيداً ، واختارت بريندا لحظة سيئة لتقول لجان عن خطتها :
- هل اشتريت لنا بطاقتين للأوبرا؟ بريندا 00هذه فكرة سخيفة 00أنسها !
- هل ستتراجع عن وعدك ؟
- أنا لم أعدك بشيء 00أنت تفترضين الكثير !
لم تستطع أن تغضب منه ، إنه محق فهو فعلاً لم يعدها بشيء 0
- ولماذا هي فكرة سخيفة ؟ لو أنني دعوتك إلى البالية لفهمت وجهة نظرك 00لكن هذه موسيقى جان 00ولا تحتاج إلى عينين لتتمتع بالموسيقى الجيدة 00وأنت تتمتع بالموسيقى ، ولا تستطيع أن تقول لي العكس 0
كان صعباً عليها الظهور بمظهر طبيعي 00لكنها أكملت ك
- ظننت أنها ستكون أمسية جميلة لنا 00وستكون بكل تأكيد تغيير بالنسبة لي 0
ها قد طارت كبرياؤها من النافذة 0لكنها لم تتوقف :
- أنا 00حجزت مقصورة خاصة كي لا يزعجنا أحد لو وصفت لك المنظر وأخبرتك ماذا يرتدي الجميع 00أرجوك جان 00أفعل هذا لأجلي 0
تنهد مارك داخلياً 00أفعل هذا لأجلها ؟ يا إلهي ! سيفعل أي شيء في العالم لأجل هذه الفتاة 00أي شيء ! 00لقد حاول طويلاً مقاومتها من البداية 00لكن مقاومتها كانت كمحاولة السباحة في الرمال المتحركة 0
لقد أصبح يعرف بريندا أكثر مما تعرف نفسها 00إنها تفعل هذا متعمدة 00لكن ليس من المفترض أن يعرف هو بهذا 00آه 00يالها من طفلة حلوة ثمينة ! لقد تمشت معه ، عملت معه ، تحاربت معه ، تحدثت وأصغت إليه 00كانت عيناه ، وسمحت له بعض الأحيان أن يكون عينيها 0
فعلت كل هذا لأنها اللطف بعينه 00ولأنها بحاجة ماسة لأن يحتاجها أحد 00
لقد سمح بلطفها وتقبله لأن التقبل عطاء 00لقد أراد كثيراً أن يعطيها ، أن يجعلها سعيدة 0وهي سعيدة الآن 00ليبارك الله قلبها ، وستترك المنزل وهي تعلم أنها حركت جان مارك ليعيش من جديد 00وهو فهم هذا 0
كان إخراجه من عزلته هو هدفها الرئيسي الآن ، وما من شك أنه هدفها الأخير 00أنه شيء تمهد له منذ شهر 00وسيذهب 00سيعطيها الأمسية التي ستذكرها دوماً ، وسيظهر أنه يقضي أجمل أمسية في حياته 00لأجلها ؟أجل 00سيفعل هذا لأجلها !
رأت بريندا وجهه ينفرج بابتسامة ، وطار قلبها فرحاً 00لقد ربحت ! ربحت !
- هل ستخرج معي ؟ ستخرج ؟ كنت تمازحني ، أليس كذلك ؟ التذكريتين ليوم الجمعة ، أيناسبك هذا ؟ هاي 00سأذهب لأجد غريفز 00فكر فقط أنه سيتمكن من أخذ أمسية كاملة من الراحة !
ضحك جان :
- أنا سأقول له 00لقد فكرت لتوي بأمر ما 00النظرة التي ستكون على وجهه حين يعرف أنني سأخرج 00لن تتمكني من تحملها 00لذلك سأقول أنا له !
وكانت أمسية للذكرى 00مرة حلوة، نظرت إليها بريندا كخطوة هائلة إلى الأمام لمصلحة جان 00وكنهاية لفصل جميل جداً من حياتها 0
ارتديا أفضل ما لديهما ، وقادت بريندا سيارة جان الجاغوار إلى قلب لندن 00كانت تعرف أنها لا يمكن أن تحبه أكثر من هذا ، ولكنها كانت تحس بتقارب أكبر بينهما هذا المساء ، ليس فقط لأن جان مضطر للإمساك بذراعها ، بل كذلك لأنها أحست أنه يتمتع بوقت رائع 0
جلسا خلال الأوبرا يحضران عرضاً مفضلاً لكليهما 00من وقت لآخر ، كانت تهمس له ، ترسم بالكلمات المشاهد والديكور والأزياء وضحكا معاً لسخافة الحبكة المسرحية ، وبقيا صامتين والمؤدون يغنون من كل قلوبهم 0
مع انتهاء العرض أعلن جان أنه سيأخذها إلى العشاء في فندق ( السافوي )00
كانت قد أدارت المحرك لتوها ، وأصيبت بصدمة :
- السافوي ؟ أوه 00لقد ظننت 00
كان لديها أفكار خاصة حول عما سيفعلان فيما تبقى من السهرة 0
نظر إليها جان بحيرة :
- تشعرين بخيبة أمل 00لماذا ؟
- لا لست هكذا 00هل حجزت ؟
- لا 00ليس الحجز ضرورياً في مثل هذه الساعة من الليل 00بريندا هل من خطب ما ؟
- أبداً ! الأمر فقط أنني فكرت أن نذهب في نزهة بالسيارة 00إنها ليلة دافئة جميلة 00فكرت أن نجلس على تل مرتفع قرب المنزل 00تل يشرف على الأضواء اللامعة في البلدة الجديدة 0
ابتسم :
- آه 00! لنعود شباباً 00! يا لهذا الطيش ! لكن ماذا سنفعل بخصوص الطعام ؟
ثارت حماستها لأنه وافق على خططها :
- هناك محل يبيع سمك ورقاقات البطاطس خارج مطعم السنونو 00
ولم تكمل حديثها فقد كان يضحك بشدة :
- ماذا بك ؟ ماذا قلت ؟
فجأة أخذت تضحك بدورها لأن ضحكته معدية ، ومضت برهة طويلة قبل أن يتمكن من الكلام ، بينما بريندا تنطلق بالسيارة :
- بريندا لا أصدق هذا 00ها أنا أعرض عليك عشاء فاخر في فندق سافوي ، وأنت تريدين الجلوس فوق تلة وأكل السمك ورقائق البطاطس 00لا أظن أنني قادر على تحمل هذا !
قالت بصوت معاتب :
- جان مارك ! لا تقل لي أنك عشت حياة الطبقة الراقية حتى إنك لم تذق الطعام الانكليزي الشعبي ؟
- لا تكوني سخيفة 00لقد عشت على أشياء مماثلة أيام الدراسة أو ما يماثلها في فرنسا 0
- إذن لماذا تضحك كثيرا ؟
كانت نصف آسفة لسؤالها هذا ، لأنه تجهم فجأة وأحست بعينيه على وجهها :
- أنت لا تأبهين البته لثرائي 00أليس كذلك ؟
ردت بجدية مماثلة :
- لست أدري ما تعني 00أتعني الثراء المادي ؟
كانت ضحكته جوفاء :
- وما غيره ؟ أنا في الواقع مليونير ياحلوتي 00خلال أيام حياتي ، صرفت قدراً كبيراً من المال كذلك 00وها أنت تشترين تذاكر الأوبرا وتعرضين شراء العشاء لي !
جعلتها لهجته تشعر بارتباك بسيط 00ما الذي يدور في دماغه ؟! لم تستطيع فهمه أبداً 00فقد أخذ الحديث منحنى غريب بالنسبة إليها ، وقامت بجهد لإعادة الضحك :
- هاي 00مهلك قليلاً 00! أنا لم أقل شيئاً عن دفع ثمن السمك والبطاطس 00
ونجحت 00على الأقل في الوقت الحاضر 00فقد عاد جان إلى طبيعته لكنها في ما بعد لاحظت أنه أصبح هدئ ومحترس 0
كانا يجلسان على التلة ، يتمتعان بالمنظر كل بطريقته حين أحست بريندا بدافع لتسأله ماذا به ! لكنها لم تسأل ، أبقت فضولها مكبوتاً، لأنها خافت بيأس أن يفسد شيء عليهما الأمسية 0
كان جان في الواقع يبعد أميالاً ، سنوات عديدة في أفكاره 00يا الهي ! لماذا يفكر بإليان الآن ؟لماذا الآن في وقت كل شيء يريده هو الإحساس بقرب بريندا ؟ جسدياً كان يحس بوجودها 00كان عطرها الوردي الرائحة يختلط بهواء الليل النقي يغزو أنفه وأحاسيسه 00كانت تجلس قريبة جداً منه حتى يكاد يحس بكل حركة لرأسها ، ويرى تقريباً عينيها تشربان بعطش من المنظر الذي أمامها ، كم تتمتع بالأشياء البسيطة ! يا لها من طفلة 00بريندا !
لقد بدا يحبها منذ زمن بعيد 00يوماً بعد يوم ، كان ذلك الحب يزداد عمقاً 0لكنه لم يكن واهماً في حبه 00ويعرف أن لاشيء سينتج عنه 00لا شيء أبداً 00لقد تأخر الوقت كثيراً 0
عما قريب سترحل ، ولن تعرف أبداً أنها رمته مباشرة إلى عذاب أسوأ بكثير مما كانت عليه حياته من قبل 00وكيف يمكنه أن يستمر في العيش دونها ؟وذكر نفسه أنه أستطاع من قبل أن يتكيف ، لكن هذا لن ينفع الآن 00فالأمر مختلف 00مختلف جداً 00
لقد دخل في كل هذا وعيناه مفتوحتان واعيتان 00كما يقال 0 ولا مجال للوم أحد ماعدا نفسه 00لكن أيمكن أن يلوم نفسه لأنه إنسان ؟
أجل خاصة أنه علاف ما ستكون عليه النتيجة 00فمع حبه لبريندا الذي يتعاظم كل يوم ، كانت قوته تخونه 00لقد أراد المستحيل : أراد أن يمضي كل دقيقة لما تبقى من حياته معها ن أرادها بكل ما تعني كلمة حب من معنى 00لا يجرؤ على هذا ببساطة لا يستطيع الوثوق بنفسه ، وحبه لها هو إطلاق لعنان نفسه وهذا الذي سيجعل حياته المستقبلية جحيماً لا يطاق 0
تحركت بريندا إلى جانبه ، تقول شيئاً لم يسمعه 00بالرغم منه عاد يفكر بإليان 00التوى فمه بانزعاج وهو يبعد الفكرة عنه 0إنه لا يريد التفكير بها الآن 00ليس الليلة 00
- تعالي بريندا 00يجب أن نذهب ، لقد أصبح الجو بارداً 0
جاء صوته بحدة أكثر مما كان ينوي 00فنظرت بريندا إليه بدهشة 00أين كان مستغرقاً في أفكاره لتوه ؟ لماذا ازداد تجهمه طوال المساء ؟
- ماذا 00ماذا بك جان ؟ ما الخطب ؟
لم يرد 00وهي تصعد للسيارة أحست بالغثيان من شدة القلق ، نظرت إليه مرتبكة 00بدا مجهداً ، فانتظرت إلى أن دخل المنزل لتسأله مرة أخرى ما خطبه 00فحتى هذه اللحظة لم يكن لديها خيار سوى إعادة السؤال مرة أخرى ، جان لم يتكلم أبدا خلال رحلتهما ، وازداد ذعرها لفكرة أنها قد تكون ارتبكت غلطة مريعة في إقناعه بالخروج من المنزل 00أيمكن إن تكون أخطأت الليلة في سعيها لتظهر له أن الحياة لا زالت تتقدم ظ هل نجحت فقط في تذكيره كم ينقصه ؟
- جان 00أنت لم تتمتع بهذه الأمسية 00صحيح ؟
كادت تموت للتعبير المؤلم الذي مر سريعاً على وجهه 0
- كانت أروع أمسية أمضيتها منذ زمن طويل 00وأتمنى لو أنني فعلت هذا من قبل الآن ، شكراً لك 0
أحست بقلبها يخفق ويديها ترتجفان ، لماذا يكذب عليها ؟ ما الذي حدث هذه الأمسية ليجعله يتغير بهذا القدر ؟
دون تفكير مدت يدها تلامس يده 00أجفل قليلاً وأطبقت عيناه ، فسارعت إلى إبعاد يدها 00عرفت لحظتها أن الأمسية كانت غلطة شنيعة , وعرفت كذلك ما الذي يجري في رأسه 0
- الليلة 00ذكرتك بشيء ما 00أليس كذلك ؟ كنت 00كنت تفكر بماضيك ؟
لم ينكر جان هذا ولم يقل شيء 00بل هز كتفيه 0
غضت بريندا شفتها السفلى بقسوة ، ممتنة لأول مرة أنه لا يستطيع رؤيتها ، رؤية وجهها ، والألم فيه ، الدموع الصامتة التي أخذت تلمع في عينيها 00لو كانت راغبة في إثبات أن كاثلين على حق ، فقد حصلت عليه الآن 0لقد كان جان يفكر باليان الليلة :
- أنت 00كنت 00تفكر بزوجتك 00أليس كذلك ؟
نظر إليها بحدة وفضول 00وشدت بريندا من عزيمتها تحارب لتسيطر على النحيب المتصاعد إلى حنجرتها 00قال بنعومة :
- أجل 00في الواقع كنت أفكر فيها 00تعالي ، لنتناول شيئاً ساخناً قبل أن ننام 00أنا بحاجة إلى شيء 0
لم تتحرك 00فقد لزمها كل ذرة من قوة إرادتها لتسيطر على الهستريا المتصاعدة داخلها 00ولتجبر صوتها على الخروج بما يشبه الوقار :
- لا 00شكراً 00سأنسحب إذا كنت لا تمانع 00فأنا متعبة0
استدار جان وهي تصعد السلم ، وعيناه ضيقتان قليلاً :
- كما تشائين 00هل هناك شيء خاطئ بريندا ؟
تمسكت بريندا بدرابزين السلم لدعم نفسها 00أحست أن ساقيها تكادان تنهاران تحتها 00يجب أن تقول 00الآن 00ومع أن قلبها وروحها كانا يصيحان أن لا 00يجب أن تقول له أنها راحلة :
لا 00لكن كنت أفكر مؤخراً 00أن عملي 00الستة أشهر تكاد تنتهي 00أعرف أنني وعدتك أن أبقى إلى حين انتهاء كتابك لكن 00يجب أن نبحث الأمر في وقت ما 00نظراً إلى أنك لم تصل بعد لمنتصف القصة 00
جعلها التعبير الذي احتل وجهه ، تصمت 00هل هذه خيبة أمل ، حيرة أم ماذا ؟ لكن حين تكلم اتضح لها بألم أنه لم يكن خائباً :
- أجل 00يجب أن نبحث الأمر 00اتفاقنا كان فقط لستة أشهر 0 ولا يمكنك البقاء هنا لأجل غير مسمى 00ربما نتحدث بالأمر غداً ؟
- لا 00فأنا ذاهبة إلى حفلة عيد ميلاد ابنة أخي غداً 00ولن أعود قبل يوم الأحد 0
أصبح متصلباً معها :
- حسناً جداً 00سنتكلم يوم الأحد 00ليلة سعيدة 0
ما إن أغلق باب غرفة الجلوس وراءه ، حتى ركضت بريندا ما تبقى من السلم والدموع تتدفق على وجهها 0
رمت نفسها على السرير ، وذراعاها تلتفان بشدة على معدتها ، وكأنما هذا يمنع الألم في داخلها 00هذا كثير على مثل هذه الأمسية الجميلة ! وستكون فعلاً 00للذكرى 000هل ستتمكن يوماً أن تنسى أن المرة الوحيدة التي خرجت فيها مع جان ، أمضى فيها نصف الأمسية يفكر بزوجته التي فقدها لرجل آخر ؟ الزوجة التي لا زال يحبها !!
وانشالله الباقي قريييييييب
|