لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-09-08, 08:46 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو قمة


البيانات
التسجيل: Sep 2007
العضوية: 44675
المشاركات: 6,796
الجنس أنثى
معدل التقييم: majedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسي
نقاط التقييم: 4832

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
majedana غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

تسلمي عالرواية

بانتظار التكملة

 
 

 

عرض البوم صور majedana   رد مع اقتباس
قديم 26-09-08, 08:57 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

هاى مايا دى روايه رائعه وهى معايا لو عايزانى اساعدك فيها ممكن اساعدك وانزلك بعض الفصول اوكى

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 28-09-08, 06:34 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

أهلين safsaf313

أكيــــــــــد حبيــبتي

أنا راح أنزل الحين كم فصل وانتي نزلي اللي تقدرين عليه


ويسلمـو لكل اللي ردوا





==الفصل الخامس==

((قولي مرحبا لزوجتي))



تابعت (بيج) (كوين) و هو يتناول ورقة وقلماً من درج مكتب صغير .
" عزيزي (آلن) "
كتب هذه الكلمات بيد ثابتة قوية .. سرت رجفة خلالها و أشاحت بوجهها .

لا يمكن أن يحدث هذا . . هل هو حلم سرعان ما تستيقظ منه .. ولكن صوت احتكاك القلم بالورقة كان حقيقة مثل منظر فستان زفافها وفد تكوم فوق الفراش .. راقبت (كوين) وهو ينهي الصفحة الأولى من الخطاب ويبدأ الصفحة الثانية ..
يا إلهي .. لا بد أن هناك طريقة لإيقافه ..
إنه لا يستطيع أن يفعل بها ذلك بالفعل .. إنه لن يفعل .. لن ..

لا بالطبع لن يفعل .. إنها مجرد حيلة صغيرة لا غير .. لقد أراد (كوين) أن يتأكد أنها قد اختفت من حياة شقيقه إلى الأبد .. هذه مجرد ميلو دراما للتأكد من ذلك ..

مات أملها اليائس بمجرد أن أنهى (كوين) الكتابة .. رفع بصره و دفع الخطاب باتجاهها و قال ..منتديات ليلاس
" وقعي عليه "

نظرت لها مشدوهة و قالت : " أنت ... أنت لا يمكن أن تقصد ...

نفذت عيناه داخلها بنيران باردة وقال بهدوء : " هل غيرتِ رأيك يا (بيج) هل تفضلين أن أهبط إليهم و ألقي بياني عليهم ؟ "

هزت رأسها وقالت : " لا .. لا يمكن ..

" وقعي الخطاب يا (بيج) "

تقدمت خطوة نحوه وتناولت الخطاب .. ارتعشت يداها وهي تقرأ الكلمات التي يفترض أنهما قد كتباها معا .

بدت الكلمات كأنها ستقفز من الصفحة ..

" في الوقت الذي تقرأ في هذا الخطاب .. لا يمكنني إتمام زفافنا .. لا أريد أن أؤذيك .. كنتُ دائماً أريدك ولكنني وقعتُ في الحب مع (كوين) " .

قالت : " لقد قلت أنني أستطيع أن أكتب لـ (آلن) بنفسي "

كانت ابتسامته مقتضبة وهو يقول : " غيرت رأيي .. دعينا نذهب يا (بيج) .. وقعيه " .

اهتزت الورقة وسقطت من يدها .. التقطها (كوين) ودفعها إليها , وزمجر : " وقعيه ! " .

" (كوين) "

صار صوتها أجشاً .. " (كوين) أرجوك .. أتوسل إليك .. لا تجبرني على فعل ذلك .. أقسم بأنني لن أتزوج (آلن) .. أنا لا أحبه أساساً .. لم أحبه على الإطلاق .. و والدي .. ربما يستطيع أن يقدم تفسيراً .. ربما .. "

كانت عيناه مظلمتين و عميقتين , وقال : " ربما يتقدم به العمر في السجن .. وقعي الخطاب يا (بيج) "


كان صوته ناعماً .. قرأت التهديد في عينيه .. وعندئذ تناولت الورقة منه .. وبسرعة .. وفي خط مضطرب .. خربشت اسمها بجوار اسمه .


لوى فمه قائلاً " " لديكِ دقيقتان فقط لتكتبي لولديكِ .. ولن يصب أبوكِ لعناته عليكِ طالما أنك ستتزوجين بواحد من أبناء (فولر) مما سيضمن سلامته " .

كتبت (بيج) الخطاب إلى والدها و والدتها .. ولكنها كانت كلمات موجهة إلى (جانيت جارونز) .. بناء على (آلن)صيحة التي قدمتها لها والدتها هذا الصباح .. لقد صنعت منها كذبة مؤثرة ..

" لقد أُغرمت بـ ..

توقفت يدها , وارتجفت .. و ضحك (كوين) , وقال : " اكتبي اسمي يا جولييت , ربما ستتعودين عليه " .

التقطت (بيج) نفسا عميقا , وكتبت :" ... مع شخص آخر .. لقد فعلت مثلما قلتِ لي يا أمي .. و اتبعت قلبي .. "


كانت أنفاس (كوين) دافئة على وجنتيها بينما ينظر من فوق كتفيها ليقرأ ما تكتبه , وقال : " حسناً .. لن تبقى عين جافة في المنزل بعدما يذاع هذا "


عندئذ بدأت تصدق لأول مرة أنه فعلا قد يأخذها معه بعيدا ..
قفزت نبضاتها التي تدق في تجويف حلقها متجاوزة الاحتباس المفاجئ لدمها .. مسحت كفيها الرطبين في التنورة الحريرية لثوب رحيلها .. وراقبت (كوين) وهو ينتزع نفسه من سترته الرمادية الداكنة ويطوحها جانباً ..

همست : " ماذا تفعل؟! " .


انتقلت أصابعه بين أزرار قميصه المنشى .. و قال : " أبدل ملابسي .. كانت هذه حجرتي .. لابد أنه قد بقي بخزانة الثياب شيء يمكنني أن أرتديه " ..

ثم همهم بصوت خافت : " ها هي .. "


واستدار مبتسماً ابتسامة جافة .. وطوح على الفراش بذلة قطنية مخملية الزغب , و أضاف : " ربما تكون ضيقة ولكنها أفضل من التجول في نيويورك في صباح نهاية الأسبوع بمعطف مشقوق الذيل " .

تلوى نازعاَ قميصه و طوح به وراء سترته .. سدد نظراته لعينيها الذاهلة .. فتورد وجهها خجلاً و أدارت له ظهرها ..

" نيويورك؟!! "

دمدم (كوين) وسمعت فحيحه المستهجن , و كرر : " نعم .. نيويورك ثم لندن . "




لندن .. بالطبع حيث يعيش .. لو كان يخطط فعلاً لإتمام هذا الأمر .. فهذا هو المكان الذي سيأخذها إليه .. ابتلعت ريقها عقب الضحكة العصبية التي صعدت إلى حلقها ..

لقد اعتذر (آلن) عشرات المرات عن اضطراره لأخذها إلى أميركا الجنوبية بعد زواجهما .. لكن ها هو (كوين) .. على وشك أخذها إلى إنجلترا دون كلمة واحدة تقريباً !


قال بحدة : " دعينا نذهب " ..


رفعت بصرها عندما فتح الباب ..
كان واضحاً أن البذلة القطنية ترجع لما قبل اكتمال نموه .. كانت السترة قصيرة و ضيقة .. و بدا درز الخياطة كأنه سينفجر حول كتفيه ..

خالجها شيء أشد وطأة من الخوف .. تراجعت خطوة .. وقالت :
" لن أذهب معك .. لا تستطيع أن تجبرني ... "


لم يقل (كوين) شيئاً .. بل قبض على يدها وجرها إلى الباب .. وخرج صوتها فحيحاً :
" أيها اللعين لن تفلت دون عقاب ! "


ضحك بهدوء : " ألن أفلت دون عقاب يا جميلتي جولييت ؟! أنتِ تصورين الأمر كأنني أسرقك .. هل تتذكري أنكِ معي بملء إرادتك الحرة ؟ أنتِ لا تستطيعين الحياة بدوني .. "

ثم لوح بالورقة أمام عينيها وهو يقول لها بإغاظة : " هذا ما تقوله هذه الورقة "

ثم تابع في صوت بارد : " و هذا ينطبق على والدكِ تماما .. فهو لا يستطيع الحياة بدوني "



كانت سيارته المؤجرة تقف في الشارع الهادئ خلف منزل آل (فولر) ..
دوى صوتها كأزير منشار عندما أدار المحرك .. ونظرت هي تجاه المنزل ..
متيقنة أنها رأت شخصاً ما يعدو خلفهما .. لكن كان المنزل يرقبهما بنوافذ زجاجية خاوية ..

و سرعان ما كانا ينطلقان بسرعة بين شوارع الضواحي الهادئة ..
و عندما وصلا الطريق السريع .. ضغط (كوين) بقدمه حتى كادت تلمس أرضية السيارة التي قفزت كأنها حصان سباق ..
و على طوال الطريق لم يتوقف سوى مرة واحدة في محطة خدمة .. بينما جلست هي في السيارة و قد استحوذت عليها لامبالاة غريبة .. تراقبه وهو يجري مكالمة هاتفية من كشك الهاتف .. كان حديثه مفعماً بالحيوية .. و أحست أنه يتجادل مع شخص على الطرف الأخر .. ولكنه ضحك أخيرا .. وضرب بيده جدار الكشك .. ثم وضع السماعة ..

بعد أقل من نصف ساعة .. كانا يقتربان من البنك المركزي في الجانب الشرقي من (منهاتن) .


أبطأ (كوين) السيارة , ثم توقف بجوار الرصيف أمام منزل كبير من الحجر الأسمر , ثم خرج من الظلام رجل يقاربه في السن و إن بدا أكبر قليلاً .. و حدق في السيارة , ثم ابتسم لـ (بيج) .
قال : " لا عجب في أن تكون على عجلة يا صديقي .. حسناً , اتبعاني من فضلكما "

ركب الرجل مرسيدس صغيرة كانت تنتظر بجوار الرصيف , و انطلق إلى الطريق ..
تدافعت عشرات الأسئلة في رأس (بيج) .. ولكنها لم تشأ أن تمنح (كوين) شعورا بالرضا الذاتي إذ هي وجهت له أسئلتها .. لا بد أن تباد صمته بصمتها ..

شقت السيارتان طريقهما في زحام المدينة من الجانب الشرقي إلى الجانب الغربي .. حتى وصلت جنوب (منهاتن)..

و أخيراً..
و في منطقة مخصصة لمباني البلدية .. اقترب صاحب (كوين) من الرصيف ثم توقف .. و كذلك فعل (كوين) ..

قال لـ (بيج) : " انزلي "

كانت كلمته الأولى لها منذ ساعات .

ابتسم الرجل لها ابتسامة عريضة و هي تخطو إلى الرصيف .. ثم نظر إلى (كوين) ..
و هنا وجه (كوين) لها ابتسامة خاطفة وهو يسألها : " هل أنتِ متأكدة من أن هذا ما تريدينه يا صديقتي ؟ .. عفواً .. يا محبوبتي ؟ .. إن هذه خطوة ضخمة بكل ما في الكلمة من معنى , ويجب ألا تؤخذ ارتجالاً " .

بدأت نبضات (بيج) تتسارع , وهمست : " (كوين) ؟. . "

استدار لها بوجه بارد غير مبتسم .. و قال : " كان (جيم) زميل دراستي , وهو الآن الرجل الأول في مؤسسة (مايور) . "

جف حلق (بيج) , وكررت : " (كوين) ؟ .. "

و هذه المرة ارتسمت على فمه ابتسامة ساخرة ..

" لقد تم إعداد كل شيء .. يمكننا أن نتزوج الآن .. "

تابعت عيناه عينيها .. و التقطت شهيقاً صغيراً عندما رأت فيهما بريقهما الأخضر الزرقاوي ..
ثم أضاف : " أليس هذا نبأ رائع يا محبوبتي ؟ "

" لكن .. أنا ظننت .. "


لماذا بدت شديدة الذهول ؟ لقد أخبرها من قبل أنه سيتزوجها . بل إنها بدأت تصدقه خلال الساعتين الأخيرتين .
و أحست و هي تحدق فيه أن هذا الأمر يمكن أن يحدث بهذه السرعة معه .. مع (كوين) فقط ..
و دون أن تدري كانت تعد الثواني مثل رفيقها ..

" ولكن هناك تصاريح و قوانين و اختبارات دم و ...

و في صوت شاحب كأنما يأتي من مسافة بعيدة , سمعت ضحكة (جيم) المتحيرة و هو يقول لـ(كوين) : " هيه يا صديقي .. لقد ظننت أنك قلت أن السيدة ستكون سعيدة ! "

قال (كوين) : " هي كذلك " .. و أحاط عنقها بذراعه , وتابع : "هي فقط صامتة . أليس كذلك يا (بيج) ؟ " .. كان صوته همسة ضبابية وهو يضمها إليه .


إنسدلت أهداب (بيج) على وجهها .. أرادت أن تضربه .. أن تدق صدره بقبضتيه .. و لكن كان هناك وهن جميل يسري خلالها ..

همست : " لا تفعل ..

ولكن كلمتها طارت في الهواء كريشة بلا معنى ..

مس (كوين) فمها في قبلة سريعة .. ومالت هي إلى ذراعيه وهو يضمها بقوة .. حتى أحست أن جسمها ذاب في جسده ..

ضحك (جيم) بعصبية . و قال : " حسناً يا أولاد لقد اقتنعت "

عندما رفع (كوين) رأسه , كانت عيناه لهيبين زرقاويين .. و همس :
" أخبري جيم انكِ تودين الزواج مني "

مست (بيج) شفتيها بلسانها وقالت : " أنا ...

" أخبريه "

نظرت لعينيه , وتمتمت : " أنا أريد الزواج من (كوين) " ..


كانت تعرف أن الكلام موجه لـ (جيم) .. ولكنها أحست أن شيئاً ما قد اشتعل في أعماق عيني (كوين) الزبرجدتين .. لمعت الدموع على أهدابها .. و طرفت بعينيها لتداريها .. و عندما نظرت لعينيه مرة أخرى .. كان ما رأته قد اختفى .. و أدركت أن ما رأته فيهما ليس سوى انعكاساً لآلامها المبرحة ..


في البداية .. بدا المبنى الشاهق الذي قادها إليه (كوين) خالياً .. لكن كان هناك موظفاً مرهقاً ينتظرهم في مكتب يبدو وأنه قد فُتح خصيصاً لهما .. ثم حجرة وقد غُطيت جدرانها بالقيشاني .. و حياهما مسئول عمل يرتدي معطفاً أبيض و يمسك بمحقن ذي إبرة حادة و .. أخيراً ..


في مبنى بمنطقة النهر الشرقي .. تُم زواج (بيج) و (كوين) ..



سألها رجل غريب يرتدي بذلة داكنة الأسئلة التي كانت تتوقع سماعها هذا اليوم .. و أجابت عليها ..منتديات ليلاس

غير أن الرجل الواقف أمامها الآن لم يكن (آلن) .. كان (كوين) .. و كان يمسك بيدها .. و يراقب وجهها وهي تقدم إجابتها الهامسة .. و بقدر قوة إجاباته بقدر ما كان ترددها .. توقف فقط عندما جاء وقت وضع خاتم الزواج في إصبعها ..

لم يكن هناك خاتم ..

نظر (كوين) من فوق كتفي القاضي إلى صديقه (جيم) .. ولكنه أشار بوجهه متحيراً وهو يهز كتفيه ..

تنحنح القاضي الذي يوثق زواجهما , و قال : " يمكننا أن نتجاوز عن ذلك . ونتمم العقد بدونه إن لزم " .

لكن (كوين) هز رأسه و زمجر : " بحق الله .. لابد و أن يكون هناك شيئاً يمكننا استخدامه ! "




وقد كان ..






التقطت (بيج) نفساً قصيراً .. ومدت يدها إلى صدرها , و قالت : " خاتمك " .




أخطأ (كوين) فهمها .. فلوى فمه بطريقة غريبة , وقال : " لم يعد معي .. يبدو أني وضعته في غير موضعه المعتاد ! "


أحست باندفاع الدماء إلى وجهها و هي تدس يدها من فتحة صدر بلوزته الحريرية ..




وقالت في همسة خافته : " لقد أعطيته لي " ..


و أخرجت السلسلة الذهبية .. و أرته الياقوتة المعلقة فيها .. و التي بدت في كف يدها كجذوة متقدة ..



حدق (كوين) في الخاتم للحظة طويلة قبل أن يرفع عينيه إلى عينيها ..


" أنتِ تردين خاتمي " ..



اتخذ صوته نبرة ذكرتها بسماوات الصيف الرمادية فوق إحدى البحيرات في الشمال .. و أومأت (بيج) : " نعم " .




خيم الصمت للحظات طويلة ..




و بينما ظلت عيونه المعلقة بعيني (كوين) .. مدت يدها إلى رأسه ورفعت شعرها من على كتفيها ..
سمعت الشهقة الحادة لأنفاسه .. ثم استدار خلفها وفك السلسلة التي يتدلى منه الخاتم الياقوتي ..
احتكت يده بجسدها عندما سقطت السلسلة في كفه .. وأطبق أصابعه عليها بقوة ..



قال القاضي : " ضع الخاتم في إصبع الآنسة (جارونز) و كرر ورائي .. مع هذا الخاتم ..



بطريقة ما , استطاعت أن تبتسم خلال تقديم التهاني الإجباري .. قبًل (جيم) وجنتها وصافحها القاضي ..




و أخيراً ..

أصبحت هي و(كوين) وحدهما .. ينطلقان عبر الطريق إلى مطار كنيدي ..
خفضت (بيج) نظرها إلى يدها ناظرة للياقوتة التي بدت كأنما تتوهج في إصبعها .. و حادثت نفسها في تبلد .. لقد أصبحتُ زوجة (كوين) فولر) .. زوجته ..



استلت الخاتم من إصبعها ومدت به يدها إليه .. كأن ذلك سيحل القسم الذي أجبرها عليه ..


تحولت عينيه بلمحة خاطفة من الطريق إلى كفها المبسوطة و إلى الحجر الأحمر بلون الدم .

سألها : " ما المفروض أن أفعل به ؟! "


" إنه خاتمك . أظن أنك تريد استعادته " .


قال بصوت أجش : " احتفظي به .. لم يعد له معنى لدي .. "




ملأت دموع الغضب عينيها ..

يا إلـهي .. كم يكرهها .. أرادت أن تقذفه بالخاتم .. لكن شيئاً ما بداخلها ..
غير محدد .. ونصف وامض .. أوقفها ..
ارتجفت يداها وهي تدخل السلسلة الذهبية خلال الخاتم ثم تعلقها حول عنقها .


لم يقولا أي شيء لبعضهما إلى أن استقرا بردهة الدرجة الأولى بالمطار .. سأل (كوين) عن هاتف , ثم استدار إلى (بيج) :
" يجب أن نجري بعض المكالمات . هل بإمكانك أن تقولي الأشياء المناسبة أم أكتب لكِ نصها ؟ "


نظرت إليه ببلاهة وقالت : " مكالمات؟! .. لمن ؟! "


" لعائلاتنا .. عائلتي وعائلتك .. و (آلن) "


أذهلتها غطرسته .. وكررت .. : " (آلن) !! "

كان صوتها ينطق بعدم التصديق .. وتابعت : " ولكن ماذا تريد أن تقول له ؟! "

التوى فم (كوين) بابتسامة مُقبضة . وقال : " المهم ما سيقوله هو لي يا (بيج) .. لا تقلقلي سأعالج الأمر "

سددت له نظرة باردة و قالت : " أنا لا يهمني أن تعالجه أو لا تعالجه يا (كوين) .. ما يهمني هو (آلن) .. من المؤكد أنه سيتأذى بعد الذي حدث ! "


ارتفع حاجباه , وقال : " كان سيحدث على أية حال يا (بيج) .. سبق أن قلتِ أنك لن تكملي خطوات الزفاف " .


كان صوته ناعماً و شكل غشاء رقيقاً على سخريته .. و أضاف : "أم أنني مخطئ ؟ "


" لكن هناك فرق .. ليس بهذه الطريقة .. إن تغيير رأيي ليس مثل .. مثل هذا ! "


هز (كوين) كتفيه استخفافاً , وقال بخشونة : "لا أريد أن يدق (آلن) باب منزلي .. أريد لكل شيء أن يستقر من الآن "


تقوقعت هي في الأريكة الجلدية .. وراقبته وهو يطلب الرقم .. منتظرة انفجاراً يحصل على الطرف الآخر .. ولكن لم يكن الأمر كما توقعت له أن يكون ..


تستطيع القول من متابعتها لكلمات (كوين) , أن والداه كانا أكثر انزعاجاً بصدد ما قد يقوله ضيوفهما أكثر من إنزعاجهما للوقع العاطفي لأحداث اليوم على ابنيهما ... تحدث (كوين) معهما بكياسة .. لكن ليس بأسلوب دفاعي .. اعتذر عن أي ارتباك ريما قد سببه لهما ؟؟ و أوضح أن ما حدث بينه وبين (بيج) كان أمراً حتميا . كما لو أن موضوع النقاش يتضمن خطبة في آداب السلوك , و لاشيء غير ذلك .


عندما طلب منها التحدث إلى (آلن) .. هبت (بيج) واقفة . ولكنه أمسك بيدها وجذبها لتجلس بجواره .. كما كانت ..


شحب وجهها .. وهمست له : " أرجوك .. لا أريد أن أسمع ...


قبضت يده على يدها .. و أبقتها بجانبه . .


ترقرقت الدموع في عينيها وهي تنصت إلى تبرير (كوين) .. لقد كانت كلماته منتقاة بعناية , و رقيقة على نحو مذهل , وضاعفت من وطأة ضغط أصابعه على معصمها ..

استطاعت أن ترى تألمه لإيذاء أخيه , بعد برهة طويلة .. أومأ .. و ثبت عيناه على عينيها , وبدأ الضغط يخف عن معصمها ..

قال بهدوء : " نعم .. سأخبرها .. سأفعل يا (آلن) .. بالطبع سأفعل ... شكراً لك (آلن) ... حسناً على اللقاء "

راقبته وهو يعيد سماعة الهاتف لمكانها, وقالت : " (كوين) ؟ هل (آلن) .. هل هو بخير ؟! "

برزت عضلة فكه , وقال : " بخير "


" هل هو ...



و خفت صوتها .. ثم تابعت :
" هل هو يكرهني كثيراً جداً ؟ "



نظر لها و ارتسمت على فمه ابتسامة غريبة ..



و بعد برهة قال :
" لقد قال .. قال أنه يتمنى لنا السعادة معاً "

امتلأت عينا (بيج) بدموع المفاجأة .. إنه الم تحب (آلن) .. ولكن كان (آلن) يستحق حبها ..


" لابد أنه قال أكثر من ذلك ..


مد (كوين) يده ومسح دموعها , وقال : " بحق الله , ماذا توقعتِ أن يقول ؟ " .. كان صوته أجشاً على النقيض من رقة لمسته , وتابع : " ما الأمر يا (بيج) ؟ هل كنتِ تأملين أن يأتي في أثرنا ؟ "


هزت رأسها ببطء وقات بحزن : " فقط قصدت ..منتديات ليلاس


" لقد طلب مني أن أحبك و أن أهتم بك .. هو ..


نقبت عيناه في عينيها .. ورأت هي عبوساً في الأعماق الخضراء الزرقاوية . وقال باقتضاب :
" لقد مسه الأذى " ..


و أشاح ببصره بعيداً عنها , وتابع : "و لكن الأفضل أن يحدث هذا الآن من أن يحدث فيما بعد "


تشنجت (بيج) باكية و هي تقول : " هذا كله غلطتي .. فقط لو أنني ..


قاطعها (كوين) بخشونة : " فقط لو أنك و والدك لم تصابا بالطمع ... لديكِ خمس دقائق قبل أن نصعد إلى الطائرة , إذا كنتِ تريدين أن تحادثي والديكِ , فافعلي الآن "

نظرت إليه طويلاً و هي تشعر بظلم واقع عليها .. ولكن الأقدار ما زالت ضدها حتى الآن ..

ارتجفت يدها وهي تطلب الرقم .. ولكن كانت أمها مُدهشة .. كانت تضحك من خلال دموعها .. وذكًرت (بيج) بأنها هي التي نصحتها بأن تتبع قلبها ..

قالت : فقط أرجو لكِ السعادة يا عزيزتي . ابتلعت (بيج) ريقها مؤكدة لها بصعوبة أنها في منتهى السعادة .

كان الحديث إلى والدها أصعب .. لم تعرف ما تقول .. وأدارت خط الهاتف في صمت .. أخيراً ودون أي تخطيط همست : " والدي ؟ "

أذهلتها نبرتها الطفولية ..

قال : " لقد غفلت عن أمننا جميعاً يا (بيج) .. "


كان بصوته ود كاذب .. شددت قبضتها على سماعة الهاتف . وكررت : " والدي ؟ (كوين) .. (كوين) يعرف كل شيء "

التقطت أذنها صفير أنفاسه , وغمغم : " نعم .. حسناً . أخبريه أن ذلك لن يتكرر مرة أخرى .. سأتصرف بأسلوب سليم "


كان اعترافاً صريحا لدرجة أفقدتها القدرة على الكلام . وضعت السماعة و نظرت مشدوهة إلى (كوين).


همست بذهول : " أنت على حق بشان والدي .. لقد .. إنه .. إنــ


أدهشها تعبير وجهه و الزمها الصمت . .



زمجر : " كفى "



كان وجهه قريباً من وجهها لدرجة أحست بأنفاسه على وجنتها و تابع : " هذه التمثيلية لن تجدي , هل تعرفي ذلك ؟ كان بإمكانك التمادي في استغفال (آلن) حتى تجففيه عصراً .. و لكن أنا اعرف حقيقتك . لا تنسي ذلك مطلقاً "


سرت قشعريرة بأوصالها . . ونظرت إلى عينيه و فكرت مرة أخرى .. أي حيوان مفترس هو ؟
قبضة يده على معصمها ..
نظرته ..
نزعته الإمتلاكية في أسلوب حديثه مع الجميع ..
كل ذلك كان يذكرها بحقيقة أن يحتجزها أسيرة لديه ..

قالت بقسوة : " لن أنسى أي شيء .. صدقني يا (كوين) , سأتذكر كل أفعالك الحقيرة هذه معي "



ضحك بينما تحركت عيناه على جسدها متغطرسة متباطئة , وقال : " بالتأكيد ستفعلين يا جميلتي جوليت "


لم تخطئ فهم ما يهدف إليه . أحست بوجنتها تلتهبان .. تزاحمت كل الكلمات الغاضبة في حلقها .. ولكنها ابتلعتها مع ريقها , واستدارت بعيداً .. و صمتت ..

كانت تعرف أنه لا فائدة من الرد عليه .. سيُحرف كل ما تقوله و يستخدمه لصالحه ضدها ..
أفضل دفاع لها - بل ودفاعها الوحيد – هو الصمت .

ولكن صار الصمت يزداد صعوبة كلما اقترب موعد المغادرة . لم يقدم (كوين) من تلقاء نفسه أي معلومات عن لندن , أو بيته , أو ما ينتظره منها هناك ..
تزاحمت الأسئلة في عقلها و لكنها لم تلق عليه أياً منها , كانت متأكدة أن قيامها بذلك يُعد خطأً .
ربما يدرك (كوين) مدى خوفها .. وكانت مصممة على ألا تعطيه هذه الميزة ..




* * *



في أرجاء (الكونكورد) المحدودة .. لاح من النافذة ظلام الليل المطبق اللانهائي .. وكان إحساسها بأنها في سفينة فضاء وليس في طائرة تتجه إلى لندن ..
كل ذلك أكد الطبيعة السريالية للساعات القليلة الأخيرة .. أحست أنها ودعت الحياة التي تعرفها في ظلمة الليل البهيم . .
ألقت نظرة خاطفة على (كوين) .. كان يجلس بجانبها صامتاً مطبق الشفتين ..
و فجأة أحست بإثارة عاصفة مفاجئة نحوه ..

ماذا لو سارت الأمور في اتجاه آخر ؟ .. ماذا لو كان قد وقع في الحب معها فعلاً ؟ ..
وطلب منها الفرار معه إليه ؟ .. إلى حيث يعيش .. وينتمي ؟ ..

ماذا لو ..




لو ..






لو ..




لافائدة من مثل هذه اللعبة .. و ماذا بعد ؟ .. وجدت (بيج) نفسها تسترق نظرة للرجل المجاور لها
و تذكرت ما همس به لها ليلة لقاءهما .. وكيف قبًلها .. و إحساسها بذراعيه حولها .. وكلمات الحب المنطلقة من بين شفتيه ..


و فجأة .. تمنت لو كان الوقت عجلة مستديرة .. و بإمكاننا لو نعيده للوراء .. فقط لو قابلت (كوين) قبل أن تقابل (آلن) ..

التفت (كوين) نحوها .. و أشاحت هي وجهها بسرعة .. لا أهمية لما حدث عندما التقيا .. إن ما أحست به و هي بين ذراعي (كوين) لم يكن حباً ..
كان سيطلب منها شيئاً أخراً على أية حال .. وليس أن يهربا و يتزوجا ! ..
هذه هي سخرية القدر .. أليس كذلك ؟ .. لقد تزوجها لمجرد اعتقاده أنها تصرفت كمومس .


برقت أفكارها بعصبية تجاه ما ينتظرها في لندن .. إن له أعمالا تجارية هناك .. هل يعيش في فندق؟ .. يبدو أنه من أولئك الرجال الذين يفضلون هذا النوع من الأماكن اللاشخصية ..
ربما شقة مفروشة .. نعم من المحتمل أن تكون إقامته بمكان كهذا ..

أرخت لخيالها العنان , متخيلة بعض حجرات جناح بأحد الفنادق مزخرفة بكفاءة و لكن بأسلوب بارد لا يحمل أي طابع للرجل الذي يقيم بها .





* * *


عندما هبطت طائرتهما .. كانت لندن ترقد في سكون الليل المطبق .. وخلال رحلة سيارة الأجرة من المطار .. أسندت (بيج) جبهتها إلى النافذة .. إنها (إنجلترا) .. و انتظرت أن تشعر بشيء ما ..
ولكن كان الإرهاق قد أفقدها الحس تماماً ..

و أخيرا توقفت السيارة أمام نزل ذي أحجار رمادية ..
نزل (كوين) إلى الرصيف ومد يده إليها ..


" بيتك الجديد يا (بيج) "
و غامت عيناه بضحكة باردة .. و أضاف :
" أرجو أن يلقى قبولك "


تجاهلت يده الممدودة .. وسارت خلفه , محاولة البحث عن رد يزيل ما بداخلها من رعب ..
ولكن لم تأت أي كلمات , وجف حلقها ..

سمعت (كوين) ينطق باسمها , ثم أحاطها بذراعيه ..

تمتمت : " أنا بخير "


ولكنه كان قد جذبها فعلاً إلى أحضانه ..


و زمجر : " أنتِ عذاب " .. و أبقاها قريبة منه وهما يصعدان درج المنزل ..

فتح الباب .. و من المدخل .. حدقت فيهما مدبرة منزل (كوين) ..

تمتم وهو يتجاوزها : " قولي مرحباً لزوجتي يا (نورا) "


انطلقت المدبرة في أثرهما , وقد جحظت عيناها من الصدمة .. و أخذت تعرض تقديم قهوة أو شاي أو أي شيء آخر احتفالاً بالمناسبة ..

ولكن (كوين) اتجه مباشرة إلى الدرج الحلزوني الصاعد إلى الطابق الثاني ..

" شكراً لكِ يا (نورا) .. ولكن السيدة (فولر) مرت بيوم طويل , أظن أن أكثر ما تحتاجه هو النوم"




أرادت (بيج) أن تعترض , وتخبره أنا تستطيع صعود الدرج بنفسها , ولكن كانت ذراعاه دافئتين و مريحتين على نحو غريب ..



كان أسهل أن تحيط عنقه بيديها وتريح وجهها على صدره ..



وفي اللحظة التي دفع فيها باب حجرتها في نهاية الردهة .. ارتخت أهدابها بثقل على وجنتيها ..


قال بهدوء : " حسناً .. "

و وجدت نفسها تغوص في أحضان فراش ناعم وثير ...


هل كان حلماً أم أنها سمعت صوتها يهمس باسمه ؟ ..


هل سمعت صوتاً مبحوحاً يقول : " ستكونين بخير يا جوليت " ؟ ..



نعم .. كان حلماً .. لابد أنه حلماً ...


الحقيقة الوحيدة التي أحستها (بيج) وهي تسقط في دوامة من الإعياء .. أن (كوين) قد فاز بها رُغماً عنها ..


إنه زوجها ..


و هذه (إنجلترا) التي كانت يوماً بلد الفرسان المدرعين , و القلاع الحصينة ..


و لكن هذه الأيام قد ولت منذ أمد بعيد ..





ربما لا يزال باستطاعتك أن تفوز بامرأة ...



لقد أثبت (كوين) ذلك ..




لكنك لن تستطيع مطلقاً أن تجبرها على الانتماء لك ..



سيبقى ذلك شيئاً ثابتاً على الدوام . . .

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 28-09-08, 06:44 AM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

((دعني أعود لبيتي .. أرجوك))



سارت (بيج) على مهل عبر ممر ملتو .. كانت ترتدي فستان زفافها الأبيض الطويل .. وبعيون جامدة , راقبتها الأبواب التي توصد خلفها كلما مرت من إحداها .. ظهر رجل في أقصى الممر .. كان طويلاً , عريض المنكبين .. اتجهت إليه و استدار نحوها معطياً إياها إيماءة متبرمة .. بدأت تحث خطاها .. ولكن دون جدوى إن آخر الممر يزداد تعرجاً و طولاً .. إلى أن سدته جدراناً شاهقة .. لقد اختفى الرجل وأصبحت (بيج) لوحدها في هذا المكان الغريب من الأشباح والظلمات ..لفها الخوف في أحضانه الباردة .. ..منتديات ليلاس

فجأة تنامت إلى أسماعها ضوضاء بعيدة .. و دقات من وراء الجدار .. هناك شخص ما .. شخص سيساعدها ..

طق طق طق






"سيدة (فولر)؟! "





تأوهت (بيج) بصوت خافت و هي لا تزال في شرك هذا الحلم المشوش ..





عاد الطرق المزعج مرة أخرى ..




طق طق طق




" سيدة (فولر) ؟ هل لازلتِ نائمة يا سيدتي ؟ لقد طلب السيد (فولر) إخبارك بأن الإفطار صار جاهزاً "




السيدة (فولر) !!



طار النوم من عيني (بيج) و فتحتها هامسة ..
" (آلن) ؟ "


فُتح الباب .. و ظهرت امرأة تحمل صينية ذهبية .. و خطت بتردد إلى الحجرة الغارقة في الظلام ..

" أنا (نورا) يا سيدتي .. لقد أحضرتُ لكِ بعض القهوة "

وضعت المرأة الصينية على المنضدة المجاورة لفراش (بيج) , ثم تنحنحت , وقالت : "هل أنتِ أفضل يا سيدة (فولر) ؟ هل أحضر لكِ بعض الأسبرين أو ما شابه ؟ "


" (نورا) ؟ "


كانت آثار النوم ما زالت عالقة في صوت (بيج) ..

أومأت المرأة , ولمعت عيناها بالاحترام وهي تقول : " مدبرة المنزل يا سيدتي , ولكن .. هل أنتِ بخير يا سيدة (فولر) ؟

بللت (بيج) شفتيها بلسانها و قالت : " نعم , أنا بخير .. مجرد أنني ..


و تنبهت ذاكرتها فجأة ... السيدة (فولر) .. إنها هي ولكنها ليست زوجة (آلن) ..
بل زوجة (كوين) !


جلست في فراشها ببطء و أجرت يديها في شعرها المبعثر .. أحست بدوار .. و كأنها أفرطت في الشرب .. . إنها رحلة الطائرة النفاثة .. ونتيجة التركيز في نهاية يوم أمس لمدة أربع ساعات استغرقتها الرحلة من نيويورك إلى لندن .. شيء آخر ..
إنه الطريق الذي انتقلت له حياتها في الساعات الأخيرة ..


كانت (نورا) تقول شيئا عن جمال الطقس لهذا اليوم ..
رفعت (بيج) بصرها وابتسمت لها بتردد ..

" آسفة يا (نورا) . يبدو أنني مرهقة بعض الشيء .. كم الساعة الآن ؟ "


" تجاوزت الثامنة بقليل يا سيدتي " .


وضعت (بيج) يديها على رأسها .. و سألت بضحكة محدودة :
" صباحاً أم مساءً ؟ "


ابتسمت (نورا) , وقالت : " صباحاً يا سيدتي .. هل تحبين أن أعد لك الحمام ؟ "

" لا , شكراً "


أومأت المرأة وقالت : " لقد أعددت الإفطار في المكتبة , أرجو أ، يلقى هذا قبولك " ..



بعد كل الذي حدث لها , ضحكت (بيج) من فكرة أن يكون هنا من يتساءل عما يلقى قبولها ..

و رفعت مدبرة المنزل حاجبيها وهي تسألها مرة أخرى :
" هل أنتِ واثقة أنك على ما يرام يا سيدة (فولر) ؟ ربما يجب أن أرسل لكِ السيد (فولر) ! "


قالت (بيج) بحدة : " لا "

ثم التقطت أنفاسها , وقالت بحذر :
" لا .. شكرا لك يا (نورا) "

و ابتسمت وهي تتابع :
" أنا بخير "


و طوحت بالأغطية قائلة :
" إن فنجان من القهوة سوف ......



تعثرت الكلمات .. وصمتت عندما نظرت إلى نفسها في المرآة ..

كانت ترتدي ثوب نوم بلون الكريم الباهت .. واحد من الثياب المزركشة التي اشترتها لها أمها في جهازها ... ولكن متى ؟! .. ومن ؟! ..
تراءت لها ذكرى سريعة مروعة ليدين قويتين داكنتين و وهما تفكان أزرار بلوزتها ..
ولكن لم تتذكر أي شيء بعد ذلك ..

" سيدتي ؟! "


التقطت (بيج) أنفاسها , وقالت : " فقط أخبري .. أخبري السيد (فولر) أنني سأهبط خلال دقائق قليلة .. فقط سأفرغ حقائبي "


هزت مدبرة المنزل رأسها , وقالت : " سأقوم أنا بذلك أثناء تناولك الإفطار يا سيدتي .. كنتُ سأقوم به ليلة أمس بعد ما أرسلني السيد (فولر) لأساعدك على ارتداء ثياب نومك . ولكن طلب مني ألا أزعجك . . لذلك ...


أصدرت (بيج) ضحكة مرتعشة , و قالت : " تقصدين أنك أنتِ ... شكراً يا (نورا) ليس من عادتي أن أكون بهذا العجز .. "

ابتسمت المرأة في سرور .. وقالت :" أنتِ لم تكوني عاجزة على الإطلاق يا سيدة (فولر) .. فقط كنتِ منهكة , ومن لا يكون كذلك بعد مثل هذا اليوم المثير ؟ إنه لشيء خيالي جداً "


" خيالي ؟! "


" فرارك للزواج دون موافقة أهلك يا سيدتي . من كان يظن أن السيد (فولر) سيعود إلى المنزل مع عروس ...

جميلة "


توردت وجنتا (بيج) , وقالت : " حقاً ؟ " , و اغتصبت ابتسامة بشفتيها المتيبستين , و أضافت :
" من كان يظن ؟ "



بمجرد أن أُغلق الباب .. اختفت الابتسامة المصطنعة .. وسبحت في أفكارها ..
شيء مثير .. خيالي ..

أوه .. نعم .. هذا ما يظنه الجميع ..
لا يحلم أي إنسان بأنه جاء إلى هذا المنزل في لندن , رُغماً عنها .. و كأسيرة أكثر منها زوجة ..
لقد رتب (كوين) أن يراهما العالم كعاشقين .. سقطا في الهوى رغماً عن إرادتهما .. ولقد أدى الدور ببراعة لعينه .. فقط هي و (كوين) يعرفان الحقيقة البشعة ..


وضعت (بيج) فنجان قهوتها على المنضدة .. وسارت إلى النافذة .. أزاحت ستائرها الثقيلة جانباً ..
و مدت بصرها إلى الشارع المشمس ..

إنها لندن .. و راقبت المنظر الذي تطل عليه , والغير مألوف لها ..
كان المنزل مُحاطاً بشوارع هادئة .. ضاحية ماي فير .. نعم لقد سمعت (كوين) يقول اسم الضاحية لسائق التاكسي الذي أحضرهما من المطار ..
في ظروف أخرى , كان ينبغي أن ترقص من الإثارة .. سروراً بسحر هذا الشارع المرصوف بالمربعات الحجرية الكبيرة , والبيوت الصغيرة المبنية على الطراز المنسوب للملك (إداور) , والسيارات التي تسير على الجانب المخالف من الطريق .

تركت الستائر تعود لمكانها مرة أخرى .. كان منظر الشارع يؤكد إحساسها بالانتقال من موطنها إلى هنا .. إنها في بلد غريب ولا تعرف أحداً .. فقط (كوين) ..
و كأن عقارب الساعة قد عادت للوراء أربعة أو خمسة قرون .. و هاهو (كوين) يمتطي جواداً راقصاً و يختطفها .. نعم .. إنها رهينة لديه الآن ..

التقطت (بيج) نفساً عميقاً عندما بدأت في ارتداء ملابسها ..
إنه وقت مواجهة (كوين) و وضع قواعد لحياتها الجديدة .. معه ..

ستكون هناك ((تعويضات)) .. هكذا قال لها عندما أخذها من منزل آل (فولر) منذ مليون سنة ..

لم تطالب بهذه التعويضات منه .. فقد كانت مأخوذة تماماً بما يحدث .. ولكنها ستطالب بها الآن .. ستخبره أن هناك حدوداً لما يمكن أن يحدث بينهما أو يطلبه منها ..
قد تكون سجينته .. لكنها لن تكون جاريته أبداً ...

كان الصمت يخيم على الرواق خارج حجرتها .. لقد رأت جزءاً يسيراً من المنزل ليلة أمس .. فمن بين ذراعيه استطاعت أن تلمح جدراناً داكنة و أركاناً معتمة .. والآن .. يكشف ضوء النهار عن منزل جميل ملئ بالأجهزة الكهربائية التي تحمل طابعاً رجالياً ..
حادثت نفسها .. لا توجد هنا جسور متحركة ولا خنادق سرية .. وندت عنها ضحكة ساخرة وهي تنزل الدرج .

كان من الواضح أنه منزل (كوين) , الجدران تزدان بإطارات تضم صوراً بالأبيض والأسود لمناظر و أماكن مختلفة من البلاد .. يجمع بينهما درجة من الكآبة التي تتدفق كأنهار مظلمة ..
أدركت (بيج) سريعاً أن (كوين) هو الذي التقط هذه الصور .
و على المنضدة بالصالة الأمامية .. كانت هناك كومة من الخطابات , كُتبت عناوينها بنفس الخط المتدفق الثابت الذي تعرفه .. إنه خط (كوين) !
و على ظهر احد الكراسي , رأت سترة (تويد) مُلقاة بلا اهتمام , إنها سترته , لمستها بيدها , وأحست بضربات قلبها الثقيلة المفاجئة تجتاح صدرها ..

وصلت الموسيقى إلى أسماعها ,, إنها تنساب من باب نصف مفتوح في بداية الصالة . موسيقى موتَسارت .. وسارت تجاهها على مهل .. و عند مدخل الحجرة , توقفت , و فجأة .. جف حلقها ..

كان وحده في حجرة الضيوف .. و كانت تقول في نفسها أن من السهل أن تضع القواعد التي ستحكم حياتها الجديدة .. في هذه اللحظة .. عرفت أن الأمر لن يكون بالبساطة التي تخيلتها ..
ولكنها ستفعل .. هذا هو المهم .
رفع التصميم من هامتها .. وتقدمت خطوة , وطرقت الباب النصف مفتوح ...



" ادخلي يا (بيج) .. أغلقي الباب ورائك "



كان (كوين) يجلس إلى مكتب عتيق الطراز في أقصى الحجرة .. نهض عندما دخلت و ألقى ببعض الأوراق على المكتب الذي يفتقر إلى النظام ..

كانت الحجرة جميلة .. إلى جوار المكتب كانت هناك منضدة من النحاس و أخشاب الساج .. يعود طرازها لعصر حملات نابليون , و قد وضع عليها جهاز كومبيوتر أنيق ..
كانت الكتب تكاد تحجب الجدران مع مزيد من الصور .. بعضها دون إطار وقد لصق على الحائط ببساطة .. و أكثر ما يلفت النظر في الحجرة كان مُصطلى النيران الرخامي , وقد اتقد الفحم بداخله طارداً برد الصباح .
كانت الستائر تُغطي بابين داخليين يطلان على ما افترضت (بيج) أنه حديقة , وبين البابين وُضعت منضدة صغيرة .

عادت عيناها إلى (كوين) .. كان يرتدي سروالاً رمادياً و سترة زرقاء قصيرة . وكان يرقبها بنظرة مندهشة .



سألها: " ما رأيك ؟ هل أعجبتك الحجرة ؟ "


نظرت له بثبات , وقالت : " قالت (نورا) أنك تريد رؤيتي ! "


ارتفع حاجباه دهشة , وقال : " لم تكن تلك الرسالة التي بعثتها على وجه الدقة , لقد طلبت منها إخبارك أن الفطور جاهز . "


ارتسم الخجل الخفيف على وجنتها , وقالت : " نعم , هذا ما قالته .. ولكني لا أتناول إفطاراً , شكراً لك , أنا أشرب القهوة فقط في الصباح و ...


قال مبتسماً : " و كذلك أنا . ولكنني ظننت .. حيث أن هذا يوم خاص ...


ازداد تورد وجنتيها , وبدأت تشيح بوجهها .. وهي مصممة على ألا تنزلق في لعبة القط والفأر .


" إذا كان هذا كل ما أردتَه ...


" هل تفضلين قهوتك سادة ؟ أم مع القشدة والسكر ؟ "

اجتاز الحجرة إلى المائدة القصيرة الأنيقة و التي وُضعت عليها الصينية .


" سادة .. ولكن ...


كرر : " سادة "

و تناول إبريق قهوة فضي . وعبقت الحجرة برائحة عطرية عندما ملأ فنجانين وناولها أحدهما , وقال : " سأتذكر ذلك .. يجب أن يعرف الزوج القهوة التي تفضلها زوجته .. ألا ترين ذلك ؟ "


التقطت نفسهاً عميقاً ..


" (كوين) , هناك أموراً يجب أن نناقشها ...


" القهوة أولاً .. وبعد ذلك سأنظر في أمر النقاش "

ارتشف بعضاً من قهوته ثم عاود النظر إليها , وقال : " هل تشعرين بتحسن ؟ "


أومأت , وقالت : " أفضل كثيراً , أنا .. فقط كنتُ متعبة على ما أظن .. أنا ..


" نعم كنتِ غائبة عن العالم " .


عادت لها صورة كأنه احلم .. لمسات دافئة .. و شفتان تلمس باطن يدها بأرق القبلات ..


" وعندما رأيتك في الصباح وددت أن أدعك تنامين قدر ما تريدين .. ولكن هذا يزيد من صعوبة التعود على فارق التوقيت ..

و أمال رأسه جانباً , وقال : " هل بقهوتك شيء خطأ يا (بيج) ؟ "



لكنه يعلم ما الخطأ .. ذلك اللعين ..
إنها تستطيع أن ترى السخرية في أعماق عينيه الباردة الزرقاوية كمياه المحيط ..


" هل كنت في حجرتي أثناء الليل ... ثم هذا الصباح ؟ "


هز رأسه موافقاً .. فتابعت : " لكنك قلت ..


قال بتأوه : " في الواقع .. أنا كنتُ في حجرتي يا (بيج) "



حجرته .. لقد نامت في حجرته !! .. في فراشه ...


" حجرتك !! "



كان صوتها مرتفعاً فبدت الكلمات كأنها ترتعش في الهواء , و أضافت : " لقد ظننت .. لقد افترضت أنني كنتُ في حجرة الضيوف "


التقت عينا (كوين) بعينها و هو يسألها :
" لماذا تنام زوجتي في حجرة الضيوف ؟ "


" (كوين) .. منتديات ليلاس


ابتسم وقال : " لقد نمتُ أنا في حجرة الضيوف .. يا (بيج) "


اندفع زفيرها قوياً من رئتيها , وقالت :
" لم يكن هذا ضرورياً .. "

و تخضب وجهها خجلاً مرة أخرى , وتابعت :
" أقصد أنني سأنام في حجرة الضيوف .. أنا لا أجد بأساً في ..



" ولكنني أجد بأساً "
كان صوته واضحاً وكلماته حادة .


" حقيقة يا (كوين) , سيكون ذلك على ما يرام .. أنا ..


" لا أظن أنك تفهمينني يا (بيج) . فنحن لن ننام في حجرتين منفصلتين "


اهتز صوتها و هي تقول : " ليس لدي أي نية لــ ...


قال : " أنتِ زوجتي " .. وكأنه التوضيح الوحيد اللازم لذلك ...
مسحت عيناه جسدها ببطء .. كادت هي أن تشعر بعناقهما .. ثم أضاف :
" لقد رأت (نورا) أنها شهامة مني أن أدعك تنعمين بنومك في ليلتنا الأولى معاً "


" أنا لا أكترث البتة لما قد تقوله (نورا) .. فأنــ ..


" لم تبغ الحقيقة نصف هذا الاحترام " ..


سرت كلماته خلالها كالبرق في السماء المظلمة . و أضاف : " الحقيقة هي أنني أريد أن تكوني متيقظة و دافئة و أنتي بين ذراعي (كوين) " .

و التقت عيناه بعيناها , وتابع : " ولهذا أمضيتُ ليلة أمس خراج فراشنا " .



فراشنا !


حدقت فيه وتساءلت إن كان سمع دقات قلبها , ورأته قد اختار هذه الكلمات الناعمة عن قصد لكي يفقدها توازنها . ولكن نظرة واحدة إلى وجهه .. إلى وضع فكه المتحدي والبريق المتوحش في عينيه.. كل ذلك أنبأها أن ماقاله كان الحقيقة المجردة .

سارت (بيج) عبر الحجرة حيثُ وضعت فنجانها والصفحة على المائدة . وقالت بسرعة : " هذا مستحيل .. نحن لسنا ..

ضحك قائلاً : " لسنا زوجة و زوجة ؟ توجد وثيقة رسمية على مكتبي تقول ذلك " ..

رفعت ذقنها قائلة في تحد : " إن زواجنا عار .. كلانا يعرف ذلك يا (كوين) .. نحـ ..

اجتاز الحجرة إليها في خطوات واسعة فتراجعت حتى وصلت إلى الحائط .


قال بتأوه : " أنصتي لي يا جميلتي جولييت ... أنا أحب أخي .. ولكنني لستُ مرشحاً لأكون قديساً .. كان الزواج منكِ لحماية (آلن) شيء .. أما عدم الاستفادة مما حدث فهو شيء آخر , مختلف تماماً "


أشاحت بوجهها عندما مد يده إليها , ولكنه أمسك بذقنها وأدار وجهها إليه , وقال : " سأكون جديراً باللعنة , لو كنتُ أنا الخاسر الوحيد في هذه العملية " ..


أجبرت عينيها أن تلاقيا عينيه دون إجفال . . وسألته بتأوه :
" ماذا خسرت يا (كوين) ؟ .. لقد آذيتَ أخاك .. و أربكتَ عائلتك , وأفسدتَ حياتي .. "


اشتدت قبضته عندما انزلقت لمؤخرة عنقها .. و تساءل :
" أفسدتُ حياتكِ "


كان صوته في صمت القبور , وتابع : " لقد بلغتِ مأربكِ يا حبي .. لقد أردت أن تتزوجي المال .. و أنا لدي أموال يا (بيج) أكثر مما يستطيع (آلن) أن يقدمه لكِ .. لقد أردت أن تتزوجي أحد أبناء (فولر) .. بحق الله , كان لابد أن تتزوجي أحدهم من أجل والدك .. حسناً , أنا أحد أبناء (فولر) "

ثم انفرجت شفتاه كاشفة عن أسنانه ., و أضاف : "ليس الشخص المُستهدف بخططك .. ولكن هذه ميزة , أليس كذلك ؟ "


قالت (بيج) بسرعة : " لا تقارن نفسك بـ (آلن) .. أنت لا تشبهه في أي شيء "


كتمت أنفاسها عندما جذبها (كوين) إليه , وقال في همسة خافتة :
" بالضبط .. يكفي أن تفكري في متعتك و أنتي بين أحضاني أكثر منك بين أحضانه "


أحست بالدماء تهرب من وجهها , وقالت : " هذا شيء مثير للغثيان . أنتـ ..


قال (كوين) بهدوء : " يمكنني أن أفهم الآن .. هذه الرجفة البريئة على شفتيكِ , ونظرة الخوف التي تملأ هذه العيون الواسعة .. "

و تحرك إبهامه بخفة على امتداد حلقها , و تابع : " لا عجب أن ظن (آلن) ..


قالت بحدة : " لن أعيش معك ..


" ستفعلي ما يمليه عقدنا "


" ما يمليه ماذا ؟! "


" عقدنا .. قسم زواجنا " , وابتسم ببرود , و أضاف : "لا تقولي أنكِ قد نسيتِ فعلاً تسوية الأمور التي توصلنا إليها "


مست (بيج) شفتيها بطرف لسانها , وقالت : " كانت كذلك بالضبط .. تسوية و ..


" أنا أعرف المصطلحات يا (بيج) , صدقيني ليس لدي أي وهم بشأن حب ضخم قد يكون بيننا "


" ولا أنا .. وهذا سبب لـ ..


قاطعها بصوت مرتفع : " سبب أنكِ كنتِ تفضلين (آلن) , أليس كذلك ؟ .. سيكون (آلن) عريكة .. لن يطلب أي شيء مطلقاً , ولن يسأل عن أي شيء .. وسيكون ممتنا لأي فتات تلقين به إليه "

و أطبقت يداه على كتفيها بقوة قائلاً :
" ولكنني لستُ (آلن) "


تجمعت الدموع في جانبي عينيها , وقالت بسرعة : " لا . أنت لا تشبه (آلن) في أي شيء .. إنه عطوف و مراع لمشاعر الآخرين و ..


" و هو لا يصلح لمومس مثلك "


التوت ضد القوة الحديدية ليديه , وقالت بصوت مخنوق : " لا تصفني بذلك أيها اللعين .. أنا ..


" لا عليكِ يا (بيج) , لا داعي لهذا الهراء .. كلانا يعرف حقيقتك "



همست وهي تحاول أن تمسح دموعها بيدها :
" أنت لا تعرف عني أي شيء "


" بالعكس أنا أعرف عنكِ كل شيء . لكن (آلن) هو الذي لا يعرف شيئاً .. لقد تبعتني مثل ..

سألته في تحد : " أنت لم تأبه عندما عرفت أنني مخطوبة لشخص آخر أليس كذلك ؟ .. لقد قلت (الجحيم على خطيبك انسيه ) .. ولكن عندما أدركت أنني مخطوبة لـ (آلن) ...


توترت عضلة فكه , وقال : " تقصدين عندما أدركت أنكِ قد خدعته , و أنكِ جعلته يراكِ على غير حقيقتكِ "

ثم أضاف بهدوء : " أنا أعرف كيف أتعامل مع امرأة مثلك . لكن (آلن) لا يعرف .. إن الأبرياء يحتاجون لمن يحميهم . وهذا سبب أنني أخذتكِ منه "


سددت نظرتها الحاقدة إليه قائلة : " رائع جداً .. (كوين) تقدم على تضحية لأجل أخيه الصغير "


" بمعنى ؟ "


ابتسمت ببرود , و قالت : " هل هذا هو السبب الذي تردي أن تصدقه ؟ "


أظلمت عيناه , وقال : " بحق الله .. مالمقصود بهذا السؤال ؟! "


قالت بصوت يفيض بالغل : " فقط أنصت لنفسك يا (كوين) .. كل هذا الحديث عن (حماية) الأبرياء هل يدخل ابتزاز النساء ودفعهن إلى فراشك ضمن هذه (الحماية) .. إنك حتى قد تقدمها بكرم شديد "



" اللعنة عليكِ يا (بيج) "


" لماذا لا تحاول أن تكون صادقاً مع نفسك ؟ .. أنت لم تتزوجني لتحمي (آلن) .. لقد فعلت ذلك لأنك أردتني لنفسك أيها البغيض "


اعتصرت يداه يديها وهو يجذبها إليه بوحشية , وقال : " أنتِ تتمنين أن تصدقي هذا , أليس كذلك ؟ "


قالت : " لا أدري لم أرى ذلك قبل الآن ...

و هنا ذهبت رغبتها في إيذائه بصوابها .. وأكملت : " هل كنتَ تحاول استغفالي أم استغفال نفسك ؟ .. ليس هذا ما يهم ... كلانا يعرف الحقيقة , أليس كذلك ؟ .. أراهن أنك أعدت على أن تخطف لُعب (آلن) منه أيضاً "

ضحك قائلاً : " أنا أكبر من (آلن) بتسعة أعوام يا (بيج) .. الأشياء الوحيدة التي آخذها منه هي فقط ما تؤذيه " . وتوقف .. وارتسمت على جانبي فمه ابتسامة لا تحمل من الابتسام شيء , و أضاف :
" أشياء مثلك مثلاً "


" ماذا تعرف عني أو عن (آلن) ؟ لقد خرجت من حياته منذُ سنين .. تلهو بالمعيشة مُغترباً .. تعبث بأجهزة الكومبيوتر ..


ضاقت عيناه وهو يحدق فيها , وقال : " يؤسفني أن أخيب أملك , غير أن هذا لم يحدث . أنا لم (أعبث) بأي شيء .. لقد عملتُ بكل جدية كي أصل إلى ما حققته " .


" إنه (آلن) الذي عمل بجدية , وحمل على كاهله العبء في مؤسسة (فولر) بعد انسحابك " .


سقطت يداه عن كتفيها , وقال بهدوء : " أنتِ لا تعرفي أي شيء بخصوص ذلك "


عندما راقبت وجهه , عرفت أنها قد نفذت تحت سطح الهادئ , و أنها مست بعض الجراح الخفية , وتحدثت بسرعة .. باحثة عن الكلمات التي قد تجرحه ..منتديات ليلاس


" أنا اعرف ما يكفي .. لقد تركت عائلتك ..

ضحك لاشمئزازها , وقال : " أنا في ثقة الجحيم مما فعلت .. لقد غادرت بناءً على طلبهم .. ألم يخبرك (آلن) بذلك ؟ "


حدقت فيه (بيج) وقالت : " تقصد أن والديك هما من طلبا منك المغادرة ؟ "


ابتسم قائلاً : " أنا نفسي لا أستطيع صياغة ما حدث في كلمات أفضل من هذه "


استرسلت في محاولة جرحه أكثر , وقالت : "أنت تبدو .. أنت تبدو وكأنك فخور بذلك "


" لأنها الحقيقة اللعينة .. أنا فخور بما فعلته ...


" يا لـ (آلن) التعس .. وكان يسميك (أخي الأكبر) ! .. وهو يتحدث عنك كأنه .. كأنك من طراز سيد خاص "

نظرت له , ثم أشاحت بوجهها , وتابعت : " أنا سعيدة لأنه لا يعرف الحقيقة "


قال (كوين) بهدوء ساخر : " ياله من إخلاص "


اتقدت عينا (بيج) بالغضب .. وقالت : " أعرف أنه شيء أبعد من أن تفهمه , ولكنني لا أريد أن أرى (آلن) و قد مسه الأذى "


خفض (كوين) رأسه في تقدير ساخر , وقال : " رائع .. لولا معرفتي الجيدة بكِ , لربما أكون قد صدقتك ! "


قالت بصوت كالفحيح : " فقط لو أنك لم ترجع , فقط لو بقيتَ بعيداً "


قال : " ولكنني لم أبق بعيداً " , وجذبها إليه قائلاً : " لقد عاد الابن المعربد ... وأفسد كل خططك الدقيقة البارعة . حظٌ سيء يا محبوبتي "


" لا فائدة من النقاش معك .. أليس كذلك ؟ .. فأنتَ على يقين لعين أنك على صواب "


" أنا على صواب فيما يخصك يا (بيج) .. ستجدين من الصعب أن تصدقي ذلك , ولكن النساء أمثالك .. ليس شيئاً نادراً " .


رفعت بصرها متسائلة : " و ما المقصود بذلك ؟ "


" ما قلته فقط , لقد قابلتُ أمثالك من قبل .. أنتِ و أمثالكِ تبعن أنفسكن مقابل أي شيء يمكن الحصول عليه .. لذة عابرة .. أو إثارة طويلة المدى .. حسب المناسبة والمشتري .. أنتن يمكن أن تقمن بأي شيء "


" يا إلهي , كم أكرهك .. لا عجب أن قذف بك والدك بعيداً .. ربما كنتَ من أولئك الصبية الملعونين اللذين يخلقون المشاكل في كل آن "


ضحك قائلاً : " لقد كنتُ من ذلك النوع الذي يفكر لمصلحته يا (بيج) .. ولا زلت كذلك . لو أن (آلن) طوًر من موهبته الفطرية فربما تمكن من الرؤية الصائبة و أكتشف مسرحية الملكة الثلجية التي تمثلينها"


شحب وجهها , وهمست : " لا حق لك في أن تقول ذلك لي .. أنا لم أكذب على (آلن) مطلقاً بشأن .. بشأن هذا الأمر .. إن (آلن) يعرف أنيــ


" (آلن) لم يعرف أي شيء . لقد جعلت ذلك اللقيط التعيس نصف مقتنع أنك الجمال النائم و أنه الأمير المنقذ الذي ستوقظك قبلته الأولى " .. قبض على كتفيها بقوة و جذبها غليه قائلاً : " فقط لو كان يعرف الحقيقة " .


التوت (بيج) محاولة الإفلات منه , وقالت : " أنا لم أغر أخاك على الإطلاق .. لقد كان يطاردني .. أنا ..


قاطعها : " نعم .. أراهن على أنه فعل ذلك "
كان صوته حاداً يفيض بالسخرية , و أضاف : " لقد جعلته كفرد مروض .. تدلين له بالجزرة فيتبعك إلى أي مكان .. وكنتِ ستنجحين لو أنكِ لم تلتقي بي صدفه " .


رفعت (بيج) نفسها إليه , وقالت بتصميم : " مرة أخرى نعود لنفس نقطة البدء : ( (كوين) ينقذ (آلن) من براثن المرأة الفاتنة ) , أنا مندهشة أنك لم تحكي لجميع من قابلك عني .. إذا صدقوا أكاذيبك .. لكان مكانك قد تغير بين عشية وضحاها من خروف العائلة الأسود المنبوذ إلى البطل الخارق " .

لمعت عيناها بالتحدي .. و أضافت : " أتمنى ألا تكون أحمقاً لدرجة أن ترى فيما فعلته تذكرة عودتك إلى عائلتك يا (كوين) .. لقد زاد إسوداد اسمك أكثر مما مضى "


ضحك بصوت ناعم مرعب .. وتظاهر بالاستحسان قائلاً :" أداء رائع , أنا أكرر ما قلته سلفاً يا (بيج) : مثيلاتك لسن شيئاً فريداً , ولكن قد تكون مواهبك فريدة .. علم نفس أخرق تافه و تمثيل حقير .. اللعنة .. ولكنك بارعة "

انزلقت يداه إلى خصرها و جذبها إليه أكثر , وأضاف : " ولكنكِ لستِ بارعة بدرجة كافية " .

سرى الخوف في أوصالها عندما أحست بحرارة جسده وهو يلامس جسدها ..



" دعني "


ابتسم ببرود , وقال : " هل أفاد ذلك مع (آلن) "

و شهقت عندما ضغطها إليه مستعرضاً قوته و أضاف : " بيقين الجحيم إن ذلك لن يحرك لي ساكناً "


" لا تـ ..


ارتفعت يداه على ظهرها ثم أحاط بها وجهها وأماله إليه , وقال : " لم يكن هذا ما قلته على الشاطئ "

ردت بسرعة : " كان لا بد أن أقوله .. و ها أنا ذا أقوله الآن .. أرجوك ..


قال بهدوء : " عودة ملكة الثلج .. يالها من فتنة "


تحرك إصبعا إبهامه ببطأ على حلقها .. وابتسم لها ابتسامة خطرة خاطفة , وقال : " ولكن الوقت متأخر جداً لمحاولة ذلك يا (بيج) , لن يجدي .. ليس معي .. "


سألت في يأس : " أليس بإمكانك .. أليس بإمكانك أن تنسى تلك الليلة ؟ لقد قلت لك مراراً وتكراراً أنها كانت غلطة .. إنها كانت ...


بدت عيناه غامضة وهو يلف يديه حول عنقها , وقال بصوت ناعم : " لقد عرفت نساء كثيرات يا جولييت الجميلة .. أرادت بعضهن القيام ببعض الألعاب التي ربما تصيبك بالخجل ولكن ما حدث على ذلك الشاطئ .. "


بسطت يداها على صدره , وقالت : " أنا .. أنا لا أريد أن أتحدث عنه .. لقد كان ذلك .. كان كما لو أنـ ..


ضحك بهدوء , وقال : " أنتِ لستِ مضطرة لإخباري كيف كان .. أنا أذكره .. و سأظل دائما أعيش ذكراه .. " , وغلظ صوته ثم تابع : " لماذا لم تعودي لي في تلك الليلة ؟ "


" أنا .. أنا لم أستطع .. لقد كانوا .. كانوا ينتظرونني .. وقد كان ما فعلناه خطأً .. كنتُ .. كنتُ سأتزوج (آلن) خلال أيام قلائل .. كنتُ ..


أظلمت عيناه , وقال : " كنتِ خائفة من ضبطك " .


" نعم .. لا لا .. ليس كذلك .. أنا كنتُ مرتبكة جداً .. فقط لم أرد أن أؤذي (آلن) "


" تقصدي أنكِ لم تريدي أن تخسري الربح الذي جاهدتي بقوة لتحقيقه .. لقد عدتِ إلى قاعة الرقص و واصلتِ إمتاع نفسك .. ماذا لو كان شخص ما قد رآنا ؟ كانت كل خططك ستذهب أدراج الرياح "


" أنت على خطأ يا (كوين) .. أنا ..


حاولت أن تشيح بوجهها بعيداً عنه , ولكن منعتها يداه ..


" لا شيء تمنحيه لـ (آلن) بدون زواج .. هذا كل ما في الأمر , أليس كذلك ؟ كان هذا ما أوقعت به ذلك المسكين في المقام الأول "


" لقد سمعت ما يكفيني .. لن أدعك تقول هذه الأشياء لي .. أنا ..


" أجيبيني .. هل كنتِ ستسمحين لـ (آلن) أن يفعل ما يريده معك ؟ "


تمتمت : " نعم "


" لأنه سيكون زوجك ؟ "


قالت مرة أخرى : " نعم "


التقط (كوين) أنفاسه بعصبية , و قال : " لأن هذا سيكون مكافأته إذا جعلك أحد أفراد عائلة (فولر) "


رفعت رأسها في حدة , وقالت صارخة: " لا .. عليك لعنة الله يا ابن (فولر) "


كان هناك شر يتأرجح في عينيه , وقال بهدوء : " حسناً .. أنتِ الآن أحد أفراد هذه العائلة يا (بيج) "

ثم انزلقت يداه إلى أسفل حلقها ..

إلى كتفيها ..

إلى ظهرها ..

و تأوهت بألم عندما جذبها إليه بقسوة قائلاً :
" و هذا وقت المكافأة "


بدأت ترتعد بين يديه , وقالت :
" لا تفعل ذلك يا (كوين) .. لقد عقدنا صفقة ..


" نعم . و أنا قلت أنني سأحمي والدك إذا تزوجتني "


" ولقد تزوجتك يا (كوين) .. أنا ..


تحركت يداه على جسدها مضرماً فيه النار ببطء .. وهمس :
" نعم .. لقد فعلتِ .. و أنا الآن أريدكِ في أحضاني "


كانت لمسته واثقة , وخبيرة .. و بدأت هي ترتجف تحتها ..

التقطت أنفاسها قائلة : " دعني أعود لبيتي يا (كوين) , أتوسل إليك ..


" هذا بيتك يا (بيج) "


" طلقني .. افسخ عقدنا ..


ضحك بتأوه , وقال : " لن يكون هناك أي مجال للفسخ .. ليس بعد الليلة "


ومع أخر ذرة في جهدها , رفعت (بيج) رأسها و سددت نظراتها إلى عينيه ..


قالت في كراهية واضحة : " أتمنى أن تُحرق في الجحيم "


ومض ضوء ما في أعماق عينيه الزرقاء بلون أغوار البحر ..


و همس :
" أحياناً يا جولييت الجميلة .. أعتقد أنني فيه فعلاً "منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 28-09-08, 07:11 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

((إنه رجل يعرف ما يريد))

سيدة (فولر) ؟ هل يمكنني الدخول يا سيدتي ؟

أدارت (بيج) طهرها للمرآة .. وقالت : " نعم يا (نورا) .. ما الأمر ؟ "
منتديات ليلاس

فتحت مدبرة المنزل الباب ودخلت إلى الحجرة قائلة :
" لقد ظننتُ أنني يجب أن أتوقف قبل أن ...


وصمتت فجأة , و وضعت يدها على فمها , ثم قالت :
" ألا تبدين رائعة في هذا الفستان يا سيدة (فولر) ؟ ياله من لون مثالي لكِ "


رنت (بيج) ببصرها للمرآة ..
لقد كان ثوباً مُخملياً اشتراه لها (كوين) بعد ظهر اليوم .. أحست أنه رائع .. أو هكذا كان سيبدو في ظل ظروف أخرى .


هزت (بيج) كتفيها بلا مبالاة , وقالت : " نعم .. أظن ذلك "


مست (نورا) قميصا داخلياً مكوماً على أحد المقاعد . و ابتسمت لـ (بيج) قائلة :
" كل شيء جميل جداً .. هل أنتِ واثقة أنكِ لا تريدينني أن أفرغ باقي الصناديق ؟ "


مدت (بيج) بصرها إلى كومة الصناديق المجاورة لخزانة الثياب والتي لم تُفتح بعد , وقالت : " لا , شكراً يا (نورا) .. سأعني بها فيما بعد " ..


احمر وجه (نورا) و هي تقول لها : " أوه .. ولكنني لستُ أدري .. هل سيكون لديكِ الوقت .. أقصد أن السيد (فولر) قد أعد سهرة رائعة .. لقد طلب مني إعداد المائدة في المكتبة , و أن أبدر بعض الشمبانيا "


قالت (بيج) بسرعة : " هذا طيب .. سوف .. سوف أجد الوقت .. هل هناك شيء آخر يا (نورا) ؟"

هزت المدبرة رأسها , وقالت : " فقط أردتُ أن أخبرك أنني في إجازة يا سيدتي "

و وضعت يدها على مقبض الباب , وابتسمت لـ (بيج) قائلة :
" لقد اتصلت بأختي وأخبرتها أنني سأقوم بزيارة مفاجئة لهم .. و لقد أبدت سرورها لذلك .. كما أنني أخبرتها بالأشياء الجميلة التي منحتها لأجل ابنتها .. أنا فعلاً لا أستطيع أن أفيكِ حقكِ من الشكر يا سيدة (فولر) . يالها من فساتين جميلة تلك التي تنازلتِ عنها لابنة أختي .. ومعظمها جديد .. سوف تسعد بهم (ليلي) كثيراً " ..


" نعم .. أرجو ذلك يا (نورا) , إذا كان ذلك هو كل ما ..


طرقت مدبرة المنزل بإصبعها على فهما , وقالت باستغراق :
" أظن ذلك .. آه نعم .. توجد بطة في الشواية والحساء جاهز .. لقد طمأنني السيد (فولر) على أنه سيهتم بهذه الأمور "


استدارت (بيج) بسرعة , وقالت : "نعم أنا متأكدة أنه سيفعل "


" حسناً , سأذهب أنا إذن "

و توقفت بالباب , وقالت :
" هل أنتِ متأكدة بشأن الملابس يا سيدتي ؟ لم استطع تصديق السيد (فولر) عندما طلب مني التخلص منها كلها .. أنا ..


ربتت (بيج) على ذراع المرأة , وقالت بسرعة :
" يسعدني أن ابنة أختك ستستطيع استخدامها .. أخبريها .. أخبريها بأن تستمتع بكل شيء "


ابتسمت المرأة الأخرى و جذبت الباب وفتحته , ثم قالت :
" أليس غريباً ؟ "

نظرت (بيج) مستفهمة , بينما تابعت (نورا) قائلة :
" السيد (فولر) يا سيدتي .. أي شيء على الأرض يجعله يريدك أن تتخلصي من كل جهاز عرسك الثمين هذا !! "


" لأنه لقيط "

.. هكذا ودت (بيج) أن ترد , ولكنها قالت : " أنا .. أنا فعلاً لا أعرف يا (نورا) "


" حسناً يا سيدتي .. طابت ليلتك "

" طابت ليلتك يا (نورا) "



استطاعت (بيج) أن تحتفظ بابتسامتها حتى أُغلق الباب .. ثم استلقت على فراشها ونظرت في الساعة الثامنة تقريباً ..
فكرت بسخرية .. تكاد تكون ساعة الصفر ..
لقد اهتم (كوين) فعلاً بكل الأمور ..
الشراب البارد ..
الفستان المخملي الضيق الذي ترتديه .. لقد كان هو من انتقاه و اشتراه ..
بل إنه فكر في أن يعطي (نورا) أجازة لهذه الليلة ..
هه .. هل يخشى أن تصرخ طالبة النجدة عندما يأخذها إلى حجرة نومه !! ..


نهضت (بيج) و أخذت تذرع الحجرة جيئة و ذهاباً وقد تجهم وجهها .. لم يكن به حاجة للقلق .. إنها لا تنوي إعطائه رضا الإحساس بأي نوع من الاستجابة .. ولا حتى استجابة سلبية ..
ستفعل المطلوب منها فقط .. تماماً مثلما كانت طوال اليوم .. بدءاً من الصباح عندما أخبرها في هدوء أنه سيتخلص من كل جهازها ..
كل ما فعله - وما سيفعله – يقصد بها تذكيرها بأنه يمتلكها .. أنها تحمل اسمه , وتعيش في بيته .. إنها ملكه ..

نظرت (بيج) لصورتها في المرآة .. كان وجهها شاحباً .. ماعدا نقطتين ملونتين على وجنتيها .. مست وجهها بكفيها الرطبتين .. لا تتركي (كوين) يرى مدى خوفك .. إنه يمتلك كل المزايا .. ولكنه بالنسبة للحب .. فمن الصعب أن تتذكر أنها أحست بأي بادرة حب تجاهه على الإطلاق .. إن استحواذه عليها شيء .. واندماجها العاطفي التام معه شيء آخر تماماً .. هذه الحقيقة رغم كل شيء ..



((وقت المكافأة )) ..
هكذا قال في الصباح .. وقد حان الوقت ..



شراب .. و ربما شموع .. موسيقى هادئة .. لم يكن (كوين) همجياً أبداً ..
لو استطاع إغوائها .. فسيفعل .. و أما إذا لم يستطع ...
سرت رعدة خلالها ..
لن يوقفه شيء ..
إنه رجل يعرف ما يريده .. و يحصل عليه دائماً .. نعم .. لقد أمضى طوال اليوم يثبت لها ذلك ..


عندما همت بالخروج مسرعة من المكتبة هذا الصباح .. لاحقها بصوت أجش :
" أين تذهبين ؟ "


أجابته بتحد : " إلى حجرتي "

و انتظرت نصف متوقعة أن يذكرها بأن ليس لها حجرة تدعي ملكيتها .. ولكنه هز رأسه فقط و قال: " سنخرج . أحضري معطفكِ "


" سنخرج ؟ .. ولكن ..


كرر بصبر نافذ : " أحضري معطفك .. لدينا الكثير لنفعله "


في السيارة أخبرها بأن عليها التخلص من كل شيء أحضرته معها من أميركا ..




" أعطه لـ (نورا) لو أردتِ .. إنها لديها ابنة أخت أو ابنة عم أو شيء كهذا ..




احتجت متبرمة :" ولكن .. كل حاجياتي جديدة يا كون ! لا معنى لذلك "


أدار لها وجه بارد , وقال : " لقد أخبرت (نورا) فعلاً أنها تستطيع أخذ ما تريد .. وطلبت مني إبلاغك امتنانها العميق لذلك "




ارتجف فم (بيج) , وقالت بلهجة حادة : " أنا متأكدة من ذلك "
ثم أشاحت بوجهها و حدقت في لا شيء عبر نافذة الجاجوار الخضراء الداكنة ..



لقد تخلص من حاجياتها دون أن يستشيرها حتى .. ليس من الصعب تفهم الأسباب التي دفعته لذلك .. لقد أراد (كوين) أن يفصلها عن حياتها السابقة . و في نفس الوقت يسمها بطابعه كأحد ممتلكاته .. بينما كانت هي عاجزة عن أمامه ..


اجتازوا الشوارع .. وتداخلت الألوان وهي تمر أمام ناظريها .. قصر باكنجهام .. وقبعات الحرس الكبيرة المميزة و معاطفهم الحمراء .. ثم مبنى الحكومة البريطانية .. و الألوان السوداء والفضية لحارس يمتطي جواداً ساكتاً كأنما نُحت من الجرانيت .. و علم بريطانيا يرفرف بألوانه الحمراء والبيضاء و الزرقاء فوق مباني البرلمان ..


كم كان هذا اليوم رائعاً .. وكم كان قلبها مليء بالأسف ..

لقد كانت هناك ومضات سريعة لأمور أخرى عاشت لحظاتها معه ..

ذلك الرجل العجوز يسير بخطى عسكرية في ميدان بيكا ديللي , مفرود الظهر مسدد نظره للأمام و هو يحمل لافتة توضح أن الوجبة المليئة بالبروتين , هي سبب كل آثام العالم ..
بدا من الطبيعي أن تضحك لذلك .. استدارت إلى (كوين) بجانبها , وقالت قبل أن تفكر :
" إن هذا الرجل لابد أن له مثيلاً في نيويورك يلقي باللوم على آكلي اللحوم "

ضحك (كوين) أيضاً إلى أن التقت عيونهما فماتت ضحكاتهما ..



ثم كانت تلك اللحظة حينما وقفا عند متجر للملابس في شارع بوند .. و كانت (بيج) تجرب ذلك الفستان المخملي الذي ترتديه الآن ..
بقبقت موظفة البيع من السرور عندما أشار (كوين) بإصبع متعجرف لنصف دستة من الثياب التي جربتها (بيج) ..

قال : " سنأخذ هؤلاء "

و سألت الموظفة : " و الفستان التي ترتديه السيدة ؟ إنه مضبوط عليها تماماً , وهذا اللون الأرجواني الشاحب .. إنه نفس لون عينيها "




قال (كوين) بسرعة : " لا .. لون عينيها أعمق .. إنهما بلون البنفسج "



توقف قلب (بيج) عندما نظرت له في المرآة .. وللحظة كأنها الدهر .. كانا وحدهما , على شاطئ لا يضم سواهما .. وعندئذ قهقهت الموظفة عن عمد .. ضاقت عينا (كوين) و أطلق زفراته .





قال بخشونة : " سنأخذ الفستان أيضاً "




و ولت اللحظة القصيرة إلى الأبد ..




لم يسترداها على الإطلاق .. في أي من المحلات أو المتاجر .. ولا وسط الصخب المحبب بمحلات هارودز .. كان (كوين) يشير إلى ما يوافق هواه .. و جربت (بيج) في فتور ما بدا أنه عدد لا نهائي من الفساتين والتنورات و السترات والسراويل من الصوف والحرير والكشمير , و .. و .. و ..
و بدت جميعها كأنما صنعت من مسوح الحداد ..


قال (كوين) : " أخبريني بما يعجبك "



كانت تعطي نفس الإجابة دائماً :




" لا فرق "




بعد فترة أصبحت إجابته معروفة سلفاً مثل إجابتها .



كان يقول بصوت أجش كلما سألتهم موظفة البيع عن ما يريدوه :
"سوف نأخذهم جميعاً " ..




و أخيراً تكومت الصناديق في حقيبة الجاجوار الخلفية و في مقعدها الخلفي و فاضت عنهما .. و اضطر (كوين) أن يطلب من البائعين الجاحظي العيون أن يعملوا على توصيل تلك الأشياء , التي اشتراها بحماسة لا مبالية , إلى منزله .


كان آخر ما اشتراه لها خاتم الزفاف .. كانت الجواهر تبرق إزاء المخمل الأسود الذي يغطي كل شيء في محل هادئ الذي أخذها إليه ..

أجلسهما صاحب المحل .. ثم أحضر لهما بعض صواني تضم خواتم رائعة تلتهب جميعها ببريق الماس و الزمرد والياقوت .
لم يبد أي تعبير في يعيني (كوين) عندما حدقت (بيج) في المعروضات البراقة .. ألقى على المعروضات نظرة خاطفة لا مبالية , وقال : " خذي أي شيء يعجبك "


خطف أبصارها عقد يزدان بالياقوت , وفكرت في الحجر الأحمر الدموي الذي يرقد ساكناً ملتصقاً بجسدها .. مختفياً عن الأنظار تحت بلوزتها القطنية الناعمة ..
و تذكرت ليلة أعطاها إياه (كوين) .. و صعدت غصة إلى حلقها ..

قالت لصاحب المحل بعد برهة :
" أنا لا أريد أي شيء من هذه .. هل لديك شيء أقل زخرفة ؟ "



هز الرجل كتفيه , وقال : " إذا كانت السيدة تفضل فعلاً ..



قاطعه (كوين) بحدة :
" هل عندك شيء آخر أم لا ؟ "



" نعم .. بالطبع .. ولكن هذه من أثـ

منتديات ليلاس



" أحضر لزوجتي ما طلبته "



عندما وقفا خارج المحل مرة أخرى .. حدق فيها كوين وقد اكتسا وجهه بتعبير حذر غريب
سألها : " هل أنتِ متأكدة أن هذا هو الخاتم الذي تريدينه ؟ "





نظرت بيج إلى الخاتم الذهبي البسيط بإصبعها و أومأت قائلة :
" لقد اشتريت لي الكثير فعلاً ..





وضع يده على ذراعها وأجاب كأنه يفسر كل شيء :
" أنتِ زوجتي "





ضاقت عيناها قليلاً , و همست :
" اعرف من أكون , لستَ مضطراً لأن تكسوني بذهبك لمجرد أن تذكرني بذلك ! "



" هل هذا ما تعتقدين أني أفعله ؟!! "



قالت بحدة أدهشتها هي ذاتها :
" لأي سبب آخر قد تفعل ذلك ؟ "





و قبل أن تتمكن من الإجابة تخلصت من يده و هبطت الرصيف .










حدث كل شيء قي لحظة ..









علا نفير سيارة .. كأنه في أذنها ..










و أطبق (كوين) ذراعه حولها و رفعها إلى الرصيف بجانبه .. ولمحت (بيج) من خلال رعبها شبح باص أحمر يمرق كالسهم بالمكان الذي كانت تقف فيه لتوها ..





و زمجر (كوين) صارخاً فيها : " أيتها البلهاء الصغيرة ! "





و أدارها إليه قائلاً :
" لقد كدتِ تقتلين نفسك "




قالت بأنفاس متقطعة :
" أنا .. أنا نسيت نظام المرور هنا .. أنا ..








وبلا سبب مفهوم امتلأت عيناها بالدموع ..





سألها (كوين) :
"ما الأمر ؟ .. (بيج) "




رفعت إليه بصرها .. كانت عيناه متقدمتان بنظرة تحيطها بالحماية ..
كأنهما تقولان .. أنتِ زوجتي ..
اضطربت نبضاتها .. فاستندت إليه ..



قبضت يداه على يديها .. وقال بصوت أجش :
" دعينا نعود للمنزل "




عاد الواقع في لمح البصر , وقالت ساخرة :
" ستحصل على ما دفعت ثمنه الليلة يا (كوين) .. ألا يمكنك الانتظار بضع ساعات أخرى ؟ "


ارتسمت خطوط على جانبي فمه و هو يصيح :
" (بيج) ... "



" وهذا المنزل ليس بيتي .. ولن يكون يا (كوين) "


تصلب فمه و زمجر :
" إنها حقيقة كالجحيم .. و سأنظر في ذلك "


و احتك عقباها بالرصيف وهو يجذبها تجاه السيارة .



ظلا صامتين وهما يمرقان بالسيارة خلال شوارع لندن .. مندفعاً بمجرد تغير إشارات المرور و منزلقاً بين السيارات في اندفاع متهور ..

عندما توقف أمام منزل من القرميد بشارع هادئ .. كانا بعيدين عن بعضهما مثلما كانا أثناء رحلة الكونكورد .


قال (كوين) بلهجة مقتضبة :
" لقد طلبت من المحامي إعداد بعض الأوراق . لن يستغرق هذا كثيراً "


كان محامي (كوين) لطيفاً .. و لكن , و بدرجة واضحة .. كان غير مريح ..

دفع إليها عبر مكتبه , وثيقة قانونية طويلة , وقال :
" نحن نفعل ذلك دائماً يا سيدة (فولر) "



سألت : " ما هذا ؟! "


و لكن كان (كوين) هو الذي أجاب ..
" عقد زواج .. إذا اضطررت لطلاقك .. سيضمن لك ملابسك و عشرة ألاف جنيه "

و تفحصت عيناه وجهها بينما تابع :
" إنه قانوني تماماً , فقد وضع اعتباراً لكل شيء . ألا توافقين يا (بيج) ؟ "


التقت عيناها بعينيه دون أن تجفل , وقالت :
" و إذا طلبت أنا الطلاق ؟ "


ابتسم (كوين) , و قال بهدوء :
" لن تفعلي .. أم أنكِ نسيتِ والدك ؟ "


استمدت الشجاعة التي تحتاجها من وجه محاميه الشاحب الغير مصدق , وقالت :
" لن أوقع على هذا " ..
و أزاحت الأوراق جانباً ..


ضحك (كوين) بصوت مرتفع , وقال :
" نحن نركز تفكيرنا هنا على الأساسيات. أليس كذلك ؟ "


كانت ابتسامتها باردة , وقالت :
" الأساسيات الجوهرية . إن كل ما أريده منك هو تذكرة ذهاب فقط إلى أميركا "

تنحنح المحامي , وقال :
" في الحقيقة يا سيدة (فولر) , هذا شيء بالغ الغرابة "


كانت ابتسامة زوجها لها باردة كابتسامتها , وسألها :
" ما هي اللعبة هذه المرة يا محبوبتي ؟ "

رفعت (بيج) ذقنها وقالت :
" هذا لا يهم .. طالما أنك أنت الرابح في كل الحالات "


قال موافقاً :
" أنا أتفق معكِ "
و الآن .. وهي تنظر في المرآة .. وتحس بنعومة الفستان المخملي الذي اشتراه لها (كوين) على كتفيها , أدركت (بيج) أنه قد امتلكها , و يمكن أن ينبذها عندما يريد , وسيفعل ..
لقد أقنعها هذا العقد الذي وقعته بشجاعة مزعومة ..
عندما يمل منها .. عندما يكتفي بما نفس عنه في جسدها من الغضب ما سوف يلقي بها بعيدا عنه..
لا تأثير للحب على رغبته .. ولكن لا يهم .. فقد اتضح أن الغضب والرغبة والهوى تؤدي جميعاً إلى نفس النهاية ..


إنها الثامنة ..

وقت الساعة ..

ساعة الصفر ..

وقت تمثيل العشاء ..

امتدت يدها إلى الزر الكهربائي و أغرقت الحجرة في الظلام .







* * *





كان (كوين) ينتظرها في المكتبة مثلما فعل في الصباح ..
توقفت وراقبته من مدخل الحجرة .. كانت المائدة قد أُعدت بتكلف بجوار البابين الداخلين ..
أحست (بيج) بلمسة من السخرية عندما لاحظت الزهور التي تزينها ..
و على مكتب (كوين) وُضع كأسان زجاجيان و دلو به زجاجة الشراب تحيطها قطع الثلج المتلألئة ..
كانت الأنوار خافتة .. وكما توقعت .. كانت هناك موسيقى .. موسيقى رشمانينوف تنساب برقة .
أحست أنه مشهد إغواء كامل .. وعندئذ نهض (كوين) واقفاً و استدار ليواجهها ..


قفز قلبها إلى حلقها .. كيف تستطيع أن تكرهه بينما تظل تشعر بهذا الحساس كلما تراه ؟
كان يرتدي ثياباً تماثل ما كان يرتديه في أول لقاء بينهما .. بذلة سهرة و قميص مكشكش ..
برقت عيناه بينما كان يجريها على جسدها .. لقد كان وسيماً جداً .. كأسد في ريعان قوته ..

لاحت ابتسامة سريعة على فمه وهو يقول برقة : " مساء الخير " .


" مساء الخير " .



و نظرت إله مرة أخرى , وطالت نظرتها له حتى تورد وجهها , وقالت :
" آسفة لأنني تأخرت , ولكني ..





" لقد كان الأمر يستحق الانتظار أنت تبدين رائعة يا (بيج) "




ازداد تورد خديها , وقالت : " شكراً .. لكنه لست أنا , بل هو ذلك الفستان الذي اشتريته " .


" هل ترغبين في بعض الشراب ؟ "


" لا .. أقصد نعم , لا مانع "


ظنت أن الشمبانيا ستسهل مما سيحدث فيما بعد بينهما .. أليس من المفروض أن يصيبها الخمر بالدوار وتبلد الإحساس ؟ ..




أخذت الكأس التي ناولها إياها و افتعلت ابتسامة مصطنعة .




" لقد تركت لنا (نورا) وليمة كبيرة تنتظرنا .. عندما تستعدين ...


عندما تستعدين ..



بمجرد أن سمعتها .. أسرعت تقول له : " ليس بعد "
قالتها بسرعة كبيرة ..


نظر لها (كوين) ورفع أحد حاجبيه في تعجب ..



قالت في ارتباك : " أنا .. أنا أريد مزيداً من الشراب أولاً "
وأمالت الكأس إلى شفتيها وتجرعت السائل الذهبي الشاحب , وقالت : " رائع جداً "




ابتسم وهو يملأ كأسها ببطأ , وقال : " أها .. لقد فهمت الآن .. فقط المهم أن تسكري , أليس كذلك ؟ "


" أنظر يا (كوين) ... ماذا تفعل ؟!! "



" آخذ الكأس منكِ .. لا أريد أن تصاب معدتك بسوء يا (بيج) , سوف نتناول العشاء , و ..


قالت بسخرية : " لا , بالطبع أنت لا تريدني أن امرض .. ليس الليلة "


انزلقت ذراع (كوين) بخفة حول خصرها , وقادها للمائدة , وقال لها بلطف :
" و لا في أي ليلة ... آخر مرة حاولت فيها مساعدة مخمور .. لم أنجح في ذلك ! "


ضحكت (بيج) بقسوة وهو يقدم لها الطعام , وقالت :
" (كوين فولر) العظيم .. ليس ماهر في شيء ما ؟!! لا أستطيع تصديق أُذني .. لابد أن من وصفك بهذا هو أفاق ! "


" (آلن) هو الذي قال ذلك .. منذُ أعوام مضت وقبل أن أترك المنزل مباشرة .. كان كلانا .. حسناً , دعينا نقول أنه لم يكن لدينا مشاكل .. كان هو في الثانية عشر من عمره , وكان قد احتسى معظم ما يحتويه صندوق به ست زجاجات "

و هز رأسه لدى تلك الذكرى .. وتابع : " يا للجحيم .. ولكنه أصبح ثملاً فعلاً "

أمال كأسه أمام عينيه و هو يضيف :
" آسف , ولكني لا أتحمل مسؤولية ذلك , لقد فعل الأخ الأصغر كل شيء بنفسه .. كان بالخارج مع بعض رفاقه .. ودخل متسللاً بعد عودتي مباشرة من حفل زفاف أحد الأصدقاء "

وجه لها نظرة خاطفة , ثم أضاف :
" ألم يقص عليكِ (آلن) هذه القصة مطلقاً ؟ "


هزت (بيج) رأسها ببطأ نافية ذلك , وفكرت في مدى ضآلة ما كانا – هي و (آلن) – يتقاسماه , وقالت:
" لا , لم يفعل "


أومأ (كوين) وقال مبتسماً : " ربما تكون ذكرى مزعجة جداً .. ولكنها لم تكن مخيفة .. كان مجرد طفل .. يجرب راغباً في أن يكون كبيراً .. قبل أن يعرف أن الكبار يريدون تماماً أن يكونوا أطفالا.
كان لنا حمامً مشتركاً .. و سمعته يصدر آهات المرض .. بالطبع ذهبت لمساعدته "

ابتسم كاشفاً عن أسنانه لدى هذه الذكرى , وتابع : " المشكلة أن معدتي لم تكن على ما يرام في تلك الليلة , لذلك عندما رأيت ما حدث لـ (آلن) ... "

ضحك وهز رأسه , وتابع : " عندما عثرت علينا أُمنا .. استشاطت غضباً "

كان صعباً ألا تبتسم , وقالت : " نعم يمكنني تخيل ذلك , ماذا فعلت . هل أرسلتكما إلى حجرتيكما ؟ "


تلاشت ابتسامة (كوين) , وقال : " هذا ما فعلته مع (آلن) .. وبالنسبة لي , كنتُ أكبر بعض الشيء من أن أُرسل لحجرتي "

و ضع شوكته و سكينه و دفع بنفسه إلى الوراء , و أكمل : " ولذلك فعل الرجل الكبير أفضل شيء .. طلب مني الرحيل "

حدقت فيه بإنشداه وقالت : " الرحيل ؟ ولكنك لم تفعل شيئاً ؟ "

" هذا من وجهة نظركِ .. أنا لا أصدق أن (آلن) لم يحكي لكِ شيئاً عن تلك الحادثة .. لقد سببَت له إحباطاً كبيراً "


قالت : " نحن .. أنا و (آلن) لم ...

رفعت (بيج) نظرها عن طبقها وأكملت : " لقد كنتما قريبين فعلاً . أليس كذلك ؟ "


أومأ (كوين) , وقال : "ربما بسبب فارق السن .. لقد اعتدت على أخذه لزيارة بعض الأماكن .. ومشاركته في بعض الألعاب .. يعلمُ الله أن والدنا لم يفعل لنا ذلك مطلقاً .. لقد علمته ركوب الدراجات و لعب الشطرنج "

وضاقت عيناه في محاوله منه للتذكر , وأكمل : " لقد ظللتُ أعواماً أفكر في ترك ذلك المنزل .. كنتُ أقول في نفسي أني لا أستطيع فعل ذلك , حتى لا أترك (آلن) بمفرده .. الحقيقة أنني أدركتُ كم إفتقدته إلى أبعد الحدود " .


وضعت (بيج) شوكتها , وقالت : " ليس هذا ما يظنه الناس " .

ضحك قائلاً : " نعم أعرف ذلك .. لقد كان يُنظر إلي على أني خروف العائلة الأسود المضروب به المثل " .. رفع كأس الشراب وراقب تصاعد الفقاقيع , وأضاف : " أظن أنني كنتُ كذلك بطريقة ما.. في منزل (فولر) أنتِ تفعلين ما يُقال لكِ .. لا أسئلة تُقدم البتة " .

قالت بتأوه : " نعم "
و فكرت في خطط السيدة (فولر) للزفاف و في قرار السيد (فولر) بأن يرسل (آلن) إلى أميركا الجنوبية عقب زفافهما مباشرة ..


وكررت : " نعم .. أنا أعرف "


أومأ (كوين) قائلاً : " لقد توافق (آلن) مع ذلك مبكراً ... أنا لم أستطع ذلك على الإطلاق "


حدق في الفضاء ثم أخذ رشفة من كأسه , وتابع : " حتى ذلك الوقت لم يظهر شيء على السطح غير أنني ارتكبتُ الكثير من الأخطاء "


" أيُ أخطاء ؟ "


نظر لها بعينين ضيقتين , وقال : " هل تريدين فعلاً سماع كل هذا ؟ "


فجأة أحست أنها ترغب في ذلك , كانت تريد أن تعرف المزيد عن ذلك الرجل الغامض الذي قلب حياتها رأساً على عقب .. إنه زوجها الآن .. ولابد لها أن تعرف ..
منتديات ليلاس

قالت ببساطة : " نعم " .


حدق فيها (كوين) ثم أومأ قائلاً : " حسناً " ..

و نهض على قدميه وضحك قائلاً : " لم لا ؟ "

ولكنها لم تكن ضحكة بقدر ما كنت رد فعل ساخر , وقال : " لا يجب على الزوجين استخرج اسرارهما من بعضهما .. أليس كذلك ؟ "

لم تقل (بيج) شيئاً ..

بينما سار هو في الباب الداخلي و سدد بصره إلى الظلام , وقال :
" إنها ليست أسوء قصة في العالم .. أظن أنني كنتُ دائماً ما أُسبب لوالدي أوقاتاً صعبة .. لقد سجل اسمي في مدرسته الإعدادية يوم مولدي .. عندما بلغتُ السابعة عشر , طلب مني بكياسة أن أرحل لدخول الكلية .. لكِ أن تتخيلي كم أنه أحب ذلك .. و عندئذٍ انقطعتُ عن الذهاب إلى الكلية .. كليته الأم طبعاً .. و عندما طلبتُ منه أن يسجل اسمي في مدرسة للكومبيوتر , قال لي : كفى غباءً لا مستقبل للكومبيوتر "


هزت (بيج) رأسها , وقالت : " ولكنك تملك مؤسسة كومبيوتر .. لقد قلت ..


قاطعها متأوهاً : " نعم قلتُ ذلك "



" هل غير رأيه إذن ؟ "



استدار (كوين) بيديه إلى إطار المصطلى , وحدق في قطع الفحم قائلاً : " أنا و والدي لم نتفق على الإطلاق حول أي شيء .. لقد طلب مني العودة إلى الكلية والكف عن إثارة المشاكل .. إذا كنتُ أريد منه أن يساندني .. و إلا ..







قالت بلهفة : " و إلا ..






هز كتفيه وقال بعدم اهتمام : " و إلا سيكون علي التكفل بنفسي .. "




و ابتسم مضيفاً :" ولذلك بحثتُ عن عمل ... حمل شكائر الإسمنت .. كانت تدر علي دخلاً طيباً .. طبعاً بالنسبة لفتى يتدرب على أي شيء غير استخدام الشوكة والسكين في تناول طعامه .. و طبعاً لقد جُن والدي لذلك " ..

و عادت ابتسامته مرة أخرى : " يا إلـهي .. كم كره أن أدخل و أخرج من المنزل وأنا في ثياب العمال تلك .. و أمي , كانت تقول لي : ماذا سيظن الناس ؟ .. الجحيم .. في الوقت الذي اتجه فيه (آلن) للشرب ... كنتُ أنا أنضل في سبيل نجاحي .. كان لابد أن أرحل قبل ذلك بوقت طويل " .



" هل اتهموك فعلاً بأنك السبب في إسراف (آلن) في الشرب حتى السُكر ؟ "



" نعم , قالوا أنني كنتُ دائماً ذا تأثير سيء عليه " , أظلمت عيناه , وتابع : " وقتها بكي (آلن) .. كان مجرد طفل .. و أنا ... أنا حزمت متاعي : فرشاة أسنان و سروال أخر من الجينز .. وهكذا , رحلت "



" ولكن إلى أين ؟ كيف عشت ؟ "



" لم يكن الأمر بهذا السوء يا (بيج) .. لم أكن طفلاً .. كنتُ تقريباً في الواحدة والعشرين .. لقد نظرت للأمر على أن يوم الاستقلال قد تأخر كثيراً "


انثنى و ألقى بقطعة خشب إلى النار .. وتابع : " خلال العامين التاليين أرسلتُ لـ (آلن) خطابات من أكثر من مائة مكان مختلف .. لقد عملت في أي مكان يأويني و في أي شيء يُطلب مني " .


و ابتسم ابتسامة واسعة قائلاً : " لقد تبدلت عضلاتي التي شببت بها بعضلات جديدة من جراء اشتغالي كعامل .. لقد تعلمت يا (بيج) أنه : استخدام يديك في صنع حياتك أشد قسوة من استخدام عقلك " .



تنقلت نظرة (بيج) بين كتفيه و ذراعيه و تباطئت على العضلات البارزة تحت سترته .. و رأت أن ذلك يُفسر الكثير .. كل شيء حكاه لها يُفسر الكثير ..

(كوين) لم يكن الرجل الذي انسحب من الميدان .. بل كان الرجل الذي حمل المسئولية ..
لم يحملها كعبأ .. إنما كعلامة على الاعتداد بالنفس .


راقبت وجهه و هي تقو ل: " ولكنك وجدتَ طريقة لتدرس الكومبيوتر "


أومأ برأسه , وقال : " لقد دخرت كل سنت كسبته .. لقد استغرق ذلك عامين , ولكن في النهاية توفر لدي ما يكفي مصاريف الدراسة لمدة عام في مدرسة (كال تك) .. بعد العام الأول .. قدمت لي المدرسة منحة دراسية " ..
نظر عبر حافة كأسه و ابتسم لها : " و الباقي .. كما يقولون .. هو تاريخ " .



" حصلتَ على درجتك ثم ذهبت إلى انجلترا حيثُ كونت شركتك الخاصة "



ابتسم قائلاً : " لم يكن الأمر بهذه البساطة .. لقد قدمت إلى المملكة المتحدة , وقمتُ بجولة , وقررت أنه المكان الذي أود أن أعيش فيه .. أحببت الناس .. أسلوب الحياة .. و بدت المكان المناسب بالنسبة للكومبيوتر .. كان الكومبيوتر حديثاً نسبياً .. ولكن كان السوق الأمريكي مزدحماً بالفعل .. بدت الفرصة لي طيبة هنا في المستقبل .. غير أنني كنتُ في حاجة ماسة لرأس المال .. و حيثُ أنه لم يكن لدي أقارب .. فقد ابتلعت كبريائي و ذهبتُ لأبي.. "


خفتت كلماته حتى صمتت .. و مدت (بيج) يدها إليه .. ولكنها سحبتها قبل أن تلمسه .. وقبل أن يشعر بها حتى ..



" هل وافق على إعارتك النقود ؟ "


ضحك (كوين) قائلاً : " أنتِ تبدين مندهشة مثلما أحسستُ أنا .. إلى أن وضح لي شروطه "
و استوى صوته , و أكمل : " لقد أعارني النقود بالفعل .. ولكن حملني نسبة 2% أكثر من نسبة البنك "






ولكن .. ولكن هذا ربا فاحش !! "






هز كتفيه باستخفاف : " ما فائدة الأب ؟ .. رغم ذلك .. أعدتُ له كل سنت خلال خمس سنوات بثلاثة في المائة فوق نسبة البنك "





ضحكت برقة , وقالت : " أستطيع تخيل ما كان عليه إحساسك .. كأنك .. كأنك كنت تتسلق إيفرست أو تصعد إلى القمر "





التقت عينا (كوين) بعينيها , وقال : بالضبط .. هذا ما أحسستُ به " ..





" و الآن .. هل صرتما أنتَ و والدك أكثر قرباً من قبل ؟"





ابتسم ساخراً : " مثل قرب القط من الفأر .. لا هذا غير حقيقي ... طبعاً لقد أصبحت الأمور أفضل بيننا .. تركته يشعر بأن نجاحي كان نجاحه .. و ضحك بشأن طردي منذُ أعوام , وبشأن شروط قرضنا .. وقال أنه كان فقط يحاول تحفيزي على النجاح .. وأبدت والدتي موافقتها على ذلك .. ؟ أظن أنه كان أسهل من مواجهة الحقيقة " ..




انتظرت أن يستمر .. ولكنه لم يقل شيئاً ..

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مكتبة مدبولي الصغير, cherish the flame, احتضنني اللهب, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, ساندرا مارتون, sandra marton, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:46 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية