دا جزء من الفصل السادس
كانت سارة , لاتزال مستاءة من تصرف فيك, عندما دخلت بيتها, مرهقة من تعب الرحلة.هرعت، مباشرة, إلى غرفة النوم وألقت على السرير كيس بلاستيك الذي يحوي فستانها الأسود,ثم ذهبت إلى المطبخ وتناولت من الثلاجة عصير برتقال مثلجاً.منتديات ليلاس
تناولت سارة مجلة, وهي تشعر بقلق غريب , وتصفحت العناوين الرئيسية ثم طرحتها جانباً . وبدا لها انها لا تستطيع التركيز على القراءة . هل أسدلت ساحرية فيك المغناطيسية , ستاراً على تفكيرها؟
كي تسلي نفسها , امسكت سارة الغيتار الذي جلبه فيك وأخذت أصابعها القوية تتلاعب بالأوتار.هذه فرصة كي تتمرن على الأهازيج والأغاني التي تعرفها , تحضيراً لحفلة مهرجان الكرمة التي لم يبق على إقامتها إلا يومان. أول ما تبادر إلى ذهن سارة هو أن تعزف ... للتسلية فقط.... أغنية نيوزيلندا الفولكلورية التي أثار فيك حولها الزوابع . ليس لأنها ترغب في انشادها أمام الجمهور ... لن تفعل ذلك ابداً ... ولكنه مجرد فضول.قفزت على قدميها وهرعت إلى غرف النوم حيث بنطال الجينز ملقى وأخذت من جيبه ورقة النوطة الموسيقية .بسطت الورقة المطوية أمامها , وانحنت على الغيتار مما جعل خصلة من شعرها الغزير البني تنسدل على جبينها.التقطت ببطء إيقاع اللحن, ثم دوزنت الأنغام بسرعة , بمصاحبة خبطة قدمها على الأرض مع الإيقاع . ودوى النغم في سكون الغرفة . وكما توقعت, كان اللحن هو نفسه الذي دندنه فيك مراراً.
وضعت سارة , فجأة الغيتار جانباً , وهي مدفوعة برغبة رادوتها طول الأمسية ولم تستطع مقاومتها , سارت الى خزانة الملابس وبحثت بين محتوياتها ... انه فضول فقط, قالت سارة في نفسها , ولايضر بشيء إذا هي ألقت نظرة على الزي اليوغسلافي التقليدي الذي تكلم عنه فيك بحماس... هذا إذا وجدته .فتحت الدرج الموجود في أسفل الخزانة ووجدت داخله كومة من القماش ولما سحبتها, تبين لها أنها فستان من القطن الناعم , كمّان طويلان مزكرشان حافته مطرزة , بشكل رائع , باليد وبخيوط وردية وبيضاء.ارتدته ونظرت إلى نفسها في المرآة الطويلة . وقد أقرت في نفسها أن هذا الزي الأوروبي التقليدي قد زاد بجمالها . ولكن هذا غير مهم , أنبت سارة نفسها ... مايهم هو المبدأ ... ولهذا لن ترتديه برغم روعته . خلعته عنها وطوته ثم وضعته في أسفل الخزانة. ولايهمها إذا بقى هذا الزي هناك إلى الأبد .
ارتفعت نسبة رطوبة الجو في الليل إلى درجة كبيرة , فيما كانت سارة تتقلب على سريرها وقد جفاها النوم, بسبب العاصفة الرعدية التي كانت تزمجر في الخارج , من دون أي لمعان برقي .دوى , فجأة , صوت رعد عالٍ وخيل لسارة ان الصوت أتى من فوق رأسها مباشرة, وخاصة لأنها لم تشهد من قبل عاصفة رعدية كهذه. وتمنت في نفسها أن يهطل المطر كي تنخفض حرارة الجو.
قررت سارة بعد أن قطعت الأمل في إمكانية النوم, أن تبرد نفسها في بركة السباحة . وكانت فكرة الغطس في مياه البركة مغرية إلى درجة أنها لم تأخذ أكثر من دقيقة كي تخلع عنها ملابسها وترتدي المايوه البيكيني الأسود وتهرع خارجاً.
تبللت قدما سارة, عندما أصبحت خارجاً, من الندى الذي يغطي العشب . وكان الهواء مثقلاً باحتمال هطول المطر, والأشجار ترمي ظلالاً سوداء على الأفق , ولمعان البرق ينعكس تباعاً على صفحة مياة البركة.
سحبت سارة على طول البركة , بانسياب هادئ كادت به أن توقف تموج الماء , وتمتعت بالشعور اللذيذ الذي غلفها به الماء البارد . وتوقفت قليلاً عندما وصلت إلى نهاية البركة وتحسست قعر البركة الصلب كي تقف عليه.دفعت إلى الوراء شعرها المبلل والمنسدل على وجهها , وفيما كانت على وشك البدء بجولة ثانية من السباحة .تحرك نحوها ظل داكن.
" مرحباً ,يا سارة ." وسمعت صوت فيك المتهكم والممغوط .
" أنت!" أحست أن قلبها يكاد أن يتوقف عن الخفقان وسمعت نفسها تسرع القول بسخافة :" ماذا تفعل هنا؟"
أجابها فيك بهدوء :" أتمتع بالبرودة ,فقط."
"في الثالثة صباحاً؟"
"من يتكلم!" وأخمد دوي الرعد صوته."هيا, سوف اسابقك حتى الطرف الآخر من البركة ." أضاف فيما كان لمعان البرق في الأفق يضيء وجهه الضاحك.
استدارت على نفسها في لمح البصر وبدأت تضرب صفحة الماء على غير جدوى , فقد أدركت سارة على الفور أن لا أمل عندها في أن تسبقه , عندما رأته .يسبح مستعملاً, ضربات الكراول السهلة والخفيفة .ولما وصلت إلى حافة البركة ووقفت على القعر , وجدته بانتظارها... ظلاً بين الظلال.
قالت , بفعل غريزة الدفاع عن النفس , وتنفسها يتقطع:"سأعود الآن إلى الكوخ..."
تقدم منها فيك سابحاً وسد عليها الطريق ."لِمَ العجلة؟"
لم تحس في نبرة صوته مايهددها , ولكن لماذا يخفق قلبها بهذه السرعة؟ استدارت حوله بخفة وقالت :" أراك في الصباح."
أمسك بيده القوية ذراعها." أنت ترتجفين." وسمعت سارة نغمة غير مألوفة في صوته :"لماذا ترتجفين,يا سارة؟"
"اني أشعر بالبرد." أجابته وهي تتنفس بسرعة " أجل، اني أشعر بالبرد."
"لو كان ذلك صحيحاً , لتركتك تذهبين؛ مما تهربين؟"
"أنا لست هاربة من شيء." ردت عليه بسرعة ."و كيف أستطيع الهروب وأنت تسد الطريق علي؟ أتعرف هذا؟"
وسمعت سارة نفسها تقول أول شيء خطر في رأسها لكسر طوق السحر الذي تشعر انه يخترق أحاسيسها اكثر مع كل لحظة تمر :" عندما وقع نظري عليك وأنا في البركة ظننت انك خرجت من المنزل كي تلحق بي..."
"ألحق بك؟" إنها تكرهه عندما يتكلم معها بهذه النبرة المتعالية والساخرة .
" ولماذا أفعل ذلك؟" سألها.
"كيف لي أن أعرف ؟" وشعرت أن لمسة يده على ذراعها تعصف بأفكارها بشدة ." ربما , لأنك متلهف لأن تعرف إذا غيرت رأيي في انشاد أغنيتك الخاصة!"
"لقد عزفت اللحن جيداً عندما كنت تتمرنين , بعد الظهر, وأنا متأكداً أن عزفك في الحفلة سيكون أفضل."
إذاً , فيك استرق السمع عندما كانت تتمرن بعد الظهر , يالغرورو هذا الرجل! وحاولت السيطرة على أعصابها , انه يعتقد، فعلاً, اني سأقفز ملبية طلبه , برغم كل ما قلته عن عدم رغبتي بإنشاد هذه الأغنية !
" كلا."صرخت سارة في وجهه :" لقد أخبرتك مراراً! لن أغني هذه الأنشودة أبداً !"
"لا؟" خيم الصمت المشحون بالتوتر إلى ان قال فيك:" باستطاعتي أن أغير رأيك!"
أحست سارة بشيء ما في نغمة صوته التي تربكها . شيء مؤثر مثل لمسة حب , يجعل مشاعرها تدور حائرة على نفسها, وتنفسها يأتي متقطعاً. وقررت أن لا تدعه يعرف بما تشعر به , ويجادلها بما يشاء , فلن تسمح له بتأثير عليها . :" باستاعتك أن تجرب!" قالت متحدية وانتظرت الوسيلة الجديدة التي سيستعملها في اقناعها.
عانقها فيك بقوة ... ولم يعد يهم مرور الوقت.
وأخيراً , أفلت فيك سارة, وسمعت منه ضحكة ابتهاج خافتة ونبرة صوته الخشنة تقول :"ألم أقل لك , اني أستطيع تغيير رأيك."
مضت برهة قبل أن تسجل في عقلها هذه الجملة وتدرك أهمية مغزاها . وقد أثلجها هذا الإدراك.
" أنت ... أنت ... " أحست بالاختناق ولم تستطع متابعة الكلام . ما أغباها , لقد أساءت تفسير نبرة صوته الخشنة وضحكة الابتهاج الخافتة . لقد كان يتلاعب بعواطفها متعمداً , كي يقنعها بإنشاد أغنيته اللعينة . والأمر المهين في هذا , انها تجاوبت معه.
اعترى سارة غضب عنيف, تفجر اتهامات قالتها له :"اسمع , لدي ما أخبرك به! " صرخت في وجهه :" لم أغير رأيي ولن أغيره أبداً !"
قفزت سارة وسبحت مبتعدة عنه , بضربات انسيابية , إلى الجانب الآخر , من البركة وهذه المرة لم يحاول إيقافها , ولماذا يفعل؟ فكرت وهي تغلي في داخلها . إن فيك العنيد والمخادع ... كما تعرفه الآن ... يجب أن يعرف أنه خسر معركته معها.
تسلقت حافة البركة وهي تلعن نفسها وتلعن فيك , وانساب الماء من شعرها عندما ركضت فوق العشب الندي عائدة إلى الكوخ , مبتعدة عن القوة التي مارس فيك تأثيرها علي عواطفها الشاردة .
كيف أمكنها أن تنسى , لامت سارة نفسها , أي نوع من الرجال هو ؟ موجة الألم أمسكت قلبها . لقد اعتقدت بالفعل , انه عانقها لأنه... رغب بذلك .ماهذا الجنون الذي أصابها؟ وتعثرت خطاها فيما تدخل الكوخ وهي تشعر بالمهانة والغضب.
استيقظت سارة على ضوء الصباح المشع وهي تشعر بثقل جفنيها , وصممت بينها وبين نفسها على أن تخفي بأي وسيلة وإلى الأبد, مشاعرها الحقيقة عن فيك الذي سيبقى بعيداً طوال النهار في الكرم, وهذا أفضل .لأنه لايهتم بها بطريقة أو بأخرى. فالعناق الذي اربك مشاعرها وهز عالمها وكلفها نوم ليلة, لم يؤثر به اطلاقاً, وتمنت لو لم يؤثر بها أيضاً.
قالت سارة في نفسها , انها لن تلتقي فيك كثيراً , في يوم المهرجان لأنه سيكون منشغلاً مع المدعوين والزوار المتوقع حضورهم. وهي، على أي حال , ستكون منشغلة بالعزف والغناء لهم .أما ما تحتاجه في الوقت الحاضر , فهو أن تشغل نفسها بأي عمل كي تنسى ماحدث... وأفضل طريقة لذلك هي أن تنظف المخزن قبل وصول الزوار عند الظهر.
شاهدت سارة وهي سائرة في طريقها إلى المخزن, وبرغم الوقت المبكر, فيك وهو يصف طاولات صغيرة ومقاعد في ظل أشجار الماكروكاربا
العملاقة.كما وضع طاولات نزهة بالقرب من موقد المشاوي.ولأنه لايمكنها تفادي الالتقاء به , أخذت نفساً عميقاً, وهزت رأسها ببرود, وقالت بصوت حاولت أن يكون هادئاً:"صباح الخير , يافيك!."
" أهلاً, سارة." أجابها , وهو يرمقها بابتسامة أفسدت عليها ماقررته في أن لا تفكر به :"هل كل شيء جاهز لليوم الكبير؟"
"أجل, على ما أعتقد!" تمتمت سارة, وهرعت مبتعدة.
حيّت كيت سارة بارتياح عندما دخلت مطبخ المنزل الكبير:" ادخلي يا سارة , لقد وصلت في وقتك, كنت سأذهب وأبحث عنك..." شاهدت سارة, في نظرة سريعة على ماحولها في المطبخ, انه ممتلئ حتى آخر سنتيمتر... بأواني الطبخ, والمأكولات المتنوعة, والخس الطازج, والبصل والبطاطا المطبوخة, وعدة أصناف من الجبنة, وعدة أصناف من الحساء ومجموعة متنوعة من السندويشات الصغيرة الحجم." أريدك أن تساعديني في تحضير السَلَطَات." قالت كيت:" أنا أفضل أن أقدم عدة أصناف منها مع المشاوي التي يحضرها فيك."
شغلت سارة نفسها , بسرعة, وبعدة أشياء ومر الوقت سريعاً, فيما كانت الطاولات تمتلئ بأطباق السَلَطَات المتنوعة, الكبيرة.إلى جانب صحون الحساء السلطة والفطر المطبوخ والخضار المسلوقة . وخيل لسارة أن لا نهاية لأصناف الطعام التي ستقدم مع وجبة المشاوي لاحقاً.
" اخرجي الأوعية الزجاجية والشوك والملاعق والسكاكين من صناديقها, ضعيها على طاولة النزهة بالقرب من موقد المشاوي كي يستطيع المدعوون خدمة أنفسهم . وفي المناسبة ضعي المازة المؤلفة من السندويشات الصغيرة ورقائق البطاطا والبذورات على الطاولات التي في الظل كي يتناولوها مع الشراب الذي سيقدمه فيك لهم."
أرادت سارة أن تذهب إلى الكوخ, بعد أن انتهت من مساعدة كيت, كي تأكل شيئاً وترتدي الفستان الأسود.
عندما نادتها كيت:" انتظري! هنالك عمل آخر قبل أن تذهبي وقد كدت أن أنسى ! اللوحة التذكارية..."
"اللوحة التذكارية؟" بانت الحيرة على وجه سارة.
"ها هي!" أجابتها كيت وناولتها قطعة كبيرة من الخشب المضغوط وعدداً من الدبابيس:" سوف تحتاجين إلى كل هذا." ثم أعطتها ملفاً من الكرتون السميك يحتوي على صور فوتوغرافية وقصاصات صحف ومجلات ."نحن نعلق هذه اللوحة كل عام , وهي من تقاليد هذا المهرجان, إنها تثير الاهتمام بتاريخ هذا الكرم والعائلة التي غرسته."
تأبطت سارة الملف , بشعور من الواجب , وجرت وراءها قطعة الخشب إلى الخارج .ثم جلست القرفصاء على العشب لكي تنظم الصور والقصاصات حسب ترتيبها الزمني.
"ياه, دعيني أمد لك يد المساعدة!" قفز قلب سارة ونظرت إلى الأعلى لترى فيك واقفاً إلى جانبها .من المؤكد... انها تتخيل...هذا اللمعان الغامض في أعماق عينيه الداكنتين, لأنه بدا على طبيعته وكان لقاءهما العاطفي ليلة العاصفة الرعدية لم يحدث أبداً.لاشك انه نسي هذه الحادثة, وأخرجها من ذاكرته على أساس عدم أهمتيها .قطعت سارة مسار تفكيرها وعادت للاصغاء إلى نبرته الممغوطة.
"عرض الصور التذكارية للعائلة هو جزء من هذا الاحتفال." انحنى فيك واختار صور فوتوغرافية بالأبيض والأسود , من بين مجموعة الصور الملقاه على العشب وثبتها على اللوحة الخشبية.
وجدت سارة نفسها تحدق في الصورة التي تظهر خليجاً على البحر الأبيض المتوسط وقوارب صيد راسية بالقرب من الشاطئ وأكواخاً مبنية من الحجر فوق المنحدرات الصخرية.
"هذه صورة جزيرة على البحر الادرياتيكي حيث كانت البداية, وحيث ولدت تقاليد صناعة الشراب.هذا نيكولو." أضاف فيك وهو يمسك بصورة شاب ذي شعر داكن :"لقد كان صانعاً بالوراثة ورحل عن جزيرته ليكون على أبعد ما يمكن من كرم عائلته.العمل الوحيد الذي استطاع العثور عليه في البد الجديد كان العمل في نبش الصمغ من تحت جذور أشجار الكاوري في الشمال البعيد.لقد كانت الظروف سيئة والأرض بقساوة الصخر.وعاش العمال في أكواخ مزرية . ولكنه استطاع أن يوفر مالاً ,يكفي لشراء عدة هكتارات من الأرض هنا.التربة والمناخ كانا شبيهين بترية ومناخ الجزيرة التي أتى منها."
أمسك فيك بصورة أخرى تظهر رجلاً أسود العينين."نراه في هذه الصورة يقتلع الأعشاب الضارة والتوت البري كي يهيئ الأرض لزراعة العرائش على الطريقة الأوروبية. انظري! هذه صورة زفافه, زينة كانت رفيقة طفولته في بلاده."
أثارت الصور اهتمام سارة, رغماً عنها, ونسيت استياءها من فيك فيما كانت تحدق في الصور الباهتة." ولكن العريس يبدو مختلفاً هنا..."
"أوه, هذا الرجل ليس العريس , انه أخوه بيتر." قال فيك لامبالياً.
"أخوه؟
ابتسم فيك من جراء تعليقها.وأجاب:"لم يكن بإمكان نيكولو تحمل مصاريف رحلة الذهاب والعودة إلى بلادة ولم تتمكن زينا من الحصول على تأشيرة دخول الى نيوزيلندا , إلا اذا تزوجت من نيكولو.وهكذا تزوجت , على عجلة , بالنيابة, من أخيه. وفي هذه الصورة نرى أن شقيق نيكولو قد أخذ مكان العريس قبل أن تصعد على متن السفينة المتجهة إلى نيوزيلندا.ولما وصلت، احتفلا بزواجهما باللباس الكامل.انظري إلى هذه الصورة التي تظهرهما معاً..."
نظرت سارة إلى العنوان الرئيسي لقصاصة صحافية.... أشرقت الشمس على زينا وفيك ... ثم أزاحت نظرها إلى اللقطة التي تظهر رجلاً داكن الشعر يقف مع فتاة تحت عريشة عنب,وتأثرت سارة بالسعادة التي كانت تبدو عليهما ."اني أتساءل فيما إذا كانت تشعر بالغربة وهي بعيدة جداً عن أهلها؟"
"أجل ,لقد أحست بجحيم الغربه.واعتقدت في البداية انها لن تصمد.ولكن عندما وصلا إلى الوادي قررت زينا أن تكافح وتستمر." شعرت سارة أن لمعان عينيه يسخر منها .
"لقد عملت بجانب زوجها ... وهذا ما اختارته لنفسها."
رفعت سارة عينيها نحو السماء وهي تشعر بالازعاج :" أعرف ذلك ، لقد اخبرتني القصة ."
تجاهل فيك تعليقها الأخير ، كعادته عندما لايعجبه كلامها !
" وبعد ثلاثة أجيال ..." استطرد فيك بعد أن اختار من بين المجموعة صورة التقطت في استديو :" هذه صورة رجل قرابته لي بعيدة جداً ..." وتلاشى دفعة واحدة ، الانشراح في نبرة صوته :" ستيفن ، رجل رائع ، من أفضل الرجال ، لقد كان يشرف على الكرم قبل أن ... أستلم ادارته ."
أمسكت سارة تنفسها ، لأنها ميزت ، على الفور ، الصورة .
هذه هي الصورة نفسها التي كانت موضوعة على مكتب شقيقتها منذ سنوات طويلة ، في منزلهما في لندن ، وبقيت في مكانها حتى يوم الحادث الذي أودى بحياتها ؟
حدقت في الوجه الملتحي المألوف ، والمفعم بالرجولة ، وترقرقت الدموع في عينيها ، هذا هو ستيفن كما تتذكره ...
الشعر الأسود الغزير واللحية الداكنة ، وملامح وجهه اللطيفة . وأحست فجأة انها تخون هؤلاء الناس . ما الذي تفعله في هذا الكرم ، انها غريبة عنه ، وقد ورثت هذه الأملاك بضربة حظ . من القدر ؟ لو عرفت الموقف على حقيقته وأدركت ماهية تقاليد صن فالي ، لما أتت إلى هنا ، بتاتاً .