( إن كنت مسيحا فصد السهام عن لحمك )
لربما واجهنا بعض التعقيدات في وصف علاقات الماسونيه , و أعني علاقاتها بتنظيمات سريه و مجتمعات مغلقه تناثرت هنا و هناك .
بل يصل الأمر إلى الحديث عن تنظيمات قامت تلقائيا داخل الماسونيه نفسها , كالمستنيرين الذين سوف نتحدث عنهم و العلاقات الماسونيه ’ و ما أحب أن اسميهم منظمات برعايه ماسونيه و بيد ماسونيه ... لأهداف ماسونيه !
سوف نرجع قليلا للتاريخ ما قبل 1717 م , تاريخ نشأه الماسونيه الحديثه رسميا في انجلترا , للحديث عن منظمه أو مجتمع سري , كان أول احتكاك العرب و المسلمين عموما بالتنظيمات السريه في العصر الحديث .
من أبوين يهوديين , لقد هربا من محاكم التفتيش التي انتشرت في اوروبا ( و خصوصا في اسبانيا و البرتغال ) و بالتحديد هربا من إسبانيا نجاه بدينهما , ليصلا إلى أزمير – تركيا , أو ما يعرف حينها بالأمبراطوريه العثمانيه .
توفيا عندما كان في الثانيه عشر فقط , ليتعهده دير يهودي بالرعايه و ينشأ نشأه توراتيه صارمه .
سبتاي سيفي أو كما يرد إسمه في بعض المصادر ( سبتاي زلفي ) مؤسس يهود الدونما في تركيا .
1651 م , أعلن سبتاي سيفي نفسه مسيحا للجاليه اليهوديه في تركيا , و أنه ( مسايا ) المنتظر , كان هناك اعتقاد قوي جدا بأن المسيح سوف يرجع عام 1666 , و لم يكن السبب معروفا لماذا هذا العام بالتحديد , ( تذكروا هذا التاريخ لأناا سنرجع له في مبحث الديانه الماسونيه ) .
في نفس الوقت اعلنت فتاه يهوديه بولونيه أنها سوف تتزوج من المسيح في مصر عام 1666 , و لا تشير المصادر إلا أي لقاء بينها و بين سبتاي سيفي .
1666 م
توجه سبتاي سيفي إلى مصر , ليتزوج من الفتاه نفسها هناك و يرجع إلى تركيا مسيحا معترفا به من الجاليه اليهوديه , في البدايه غضت السلطات العثمانيه الطرف عنه , و لكن اتباعه زادوا و بدؤوا بزيارته و طلب الغفران منه!!
مما دفع السلطات التركيه إلى سجنه في أزمير , إلا أن اتباعه استمرا بزيارته في السجن , في الحقيقه لا أعلم ما هي الطريقه التي اقنع بها سبتاي سيفي اليهود الأتراك بصدق دعوته !*
إلا أن حاخاما بولونيا منافسا للسبتاي سيفي في ادعائه بأنه المسيح , ثارت حفيظته و حسده لدرجه أنه أبلغ السلطات العثمانيه بأن اتباع سيفي في تزايد و أنهم يزورونه في السجن طلبا للبركه , ما دفع السلطات التركيه إلى نقله لإحدى جزر بحر ايجه و سجنه هناك .
لكن سبتاي مع ذلك لم ينكر مسيحيته و إدعائه الكبير , إلى أن جاء يوم و كان جالسا مع حاكم الجزيره في مجلس غناء و طرب – استغرب هذا الموقف لسجين – و وقف حينها مشهرا سهمه في وجه سبتاي قائلا ( لو كنت مسيحا, ارنا كيف تصد السهم عن لحمك ) .
و على الفور , أعلن سبتاي نفسه مسلما بين يدي الحاكم , ليتغير اسمه إلى محمد عزيز أفندي .
لم يرض أتباع سبتاي على هذه الخطوه في البدايه , إلا أنه اقنعهم من باب أن المسلمين يؤمنون بعوده المسيح كنبي و رجل و ليس إله , و اقنعهم أن هذا في مصلحه اليهود , مؤسسا بذلك ( الدونما ) أو العوده ..عوده إلى أين؟؟؟
و اقتنع الأتراك أن لفظه العوده تعني العورده إلى الدين الصحيح ( الإسلام )
أنشأ سبتاي سيفي حينها أول جماعه يهوديه منظمه بقوانين خاصه بها و اسبه بدستور خاص في المنطقه الإسلاميه , حيث أنه وضع ميثاق الدونما الذي نورد منه اهم فصلين .
16- عدم التذمر من القيام بالشعائر الإسلاميه كامله من صلاه جمعه و الإحتفال بالأعياد و الحجاب للسيدات .
17 – لا يجوز الزواج خارج الجماعه .
لم تحدث أي حادثه زواج من الدونما لخارجها إلا عام 1966 !!!
و بالفعل لم يتميز أتباع الدونما عن غيرهم في نقاط الشريعه و المظاهر الإسلاميه , و لكنهم إحتفظوا بلباس خاص بهم من كعوب أحذيه مرتفعه و قبعات طويله منتصبه خضراء .
و كما نعلم.. كانت الدونما هي المؤسس الحقيقي لجماعه الإتحاد و الترقي التي أطاحت الحكم العثماني*
تأسس أول محفل ماسوني في الدولة العثمانية عام 1861م تحت اسم "الشورى العثمانية العالية" ولكنه لم يستمر طويلاًً، فالظاهر أنه قوبل برد فعل غاضب مما أدى إلى إغلاقه بعد فترة قصيرة من تأسيسه. ومن المعروف أن أول سلطان عثماني ماسوني كان السلطان مراد الخامس الشقيق الأكبر للسلطان عبدالحميد الثاني والذي لم يدم حكمه سوى ثلاثة اشهر تقريباً عندما أقصي عن العرش لإصابته بالجنون. وقد انتسب إلى الماسونية عندما كان ولياً للعهد وارتبط بالمحفل الأسكتلندي، كما كان صديقاً حميماً لولي العهد الإنجليزي الأمير إدوارد "ملك إنجلترا فيما بعد" الذي كان ماسونياً مثله، حتى ظنّ بعض المؤرخين أن ولي عهد إنجلترا هو الذي أدخله في الماسونية.
ولكن هذا غير صحيح لأنه كان ماسونياً قبل تعرفه إلى الأمير "إدوارد" .
وكان من النتائج الخطيرة لتواجد المحافل الماسونية الأجنبية داخل حدود الدولة العثمانية احتضان هذه المحافل حركة "الاتحاد والترقي" وهي في مرحلة المعارضة في عهد السلطان عبدالحميد الثاني، وأصبحت المحافل الماسونية محل عقد اجتماعات أعضاء جمعية الاتحاد والترقي بعيداً عن أعين شرطة الدولة وعيونها لكونها تحت رعاية الدول الأجنبية ولا يمكن تفتيشها. ويعترف أحد المحافل الماسونية التركية الحالية وهو محفل "الماسنيون الأحرار والمقبولون" في صفحة "الإنترنت" التي فتحوها تحت رموز: بأنه : " من المعلوم وجود علاقات حميمة بين أعضاء جمعية الاتحاد والترقي وبين أعضاء المحافل الماسونية في تراقيا الغربية، بدليل أن الذين أجبروا السلطان عبدالحميد الثاني على قبول إعلان المشروطية كان معظمهم من الماسونيين".
يقول المؤرخ الأمريكي الدكتور "أرنست أ. رامزور" في كتابه "تركيا الفتاة وثورة 1908م" وهو يشرح سرعة انتشار حركة جمعية الاتحاد والترقي في مدينة سلانيك:
"لم يمض وقت طويل على المتآمرين في سلانيك وهي مركز النشاط حتى اكتشفوا فائدة منظمة أخرى وهي الماسونية، ولما كان يصعب على عبدالحميد أن يعمل هنا بنفس الحرية التي كان يتمتع بها في الأجزاء الأخرى من الإمبراطورية فإن المحافل الماسونية القديمة في تلك المدينة استمرت تعمل دون انقطاع ـ بطريقة سرية طبعاً ـ وضمت إلى عضويتها عدداً ممن كانوا يرحبون بخلع عبدالحميد."*
ثم يقول "ويؤكد لنا دارس آخر أنه في حوالي سنة 1900 قرر "المشرق الأعظم" الفرنسي (أي المحفل الماسوني الفرنسي) إزاحة السلطان عبدالحميد وبدأ يجتذب لهذا الغرض حركة تركيا الفتاة منذ بداية تكوينها. ثم إن محللاً آخر يلاحظ: يمكن القول بكل تأكيد إن الثورة التركية (أي حركة جمعية الاتحاد والترقي) كلها تقريباً من عمل مؤامرة يهودية ماسونية".
ويقول "سيتون واطسون" في كتابه "نشأة القومية في بلاد البلقان": "إن أعضاء تركيا الفتاة ـ الذين كان غرب أوروبا على اتصال دائم معهم ـ كانوا رجالاً منقطعين وبعيدين عن الحياة التركية وطراز تفكيرها لكونهم قضوا ردحاً طويلاً من الزمن في المنفى، وكانوا متأثرين وبشكل سطحي بالحضارة الغربية وبالنظريات غير المتوازنة للثورة الفرنسية. كان كثير منهم أشخاصاً مشبوهين، ولكنهم كانوا دون أي استثناء رجال مؤامرات لا رجال دولة، ومدفوعين بدافع الكراهية والحقد الشخصي لا بدافع الوطنية. والثورة التي أنجزوها كانت نتاج عمل مدينة واحدة وهي مدينة سلانيك إذ نمت وترعرعت فيها وتحت حماية المحافل الماسونية "جمعية الاتحاد والترقي" وهي المنظمة السرية التي بدلت نظام حكم عبدالحميد.*
وكما كان عهد الاتحاديين هو العهد الذهبي بالنسبة لليهود الراغبين في الهجرة إلى فلسطين كذلك كان العهد الذهبي في فتح المحافل الماسونية في طول البلاد وعرضها في الدولة العثمانية. يقول فخر البارودي في مذكراته واصفاً وضع دمشق بعد وصول الاتحاد والترقي إلى الحكم : "وقد ساعد الاتحاديين على نشر دعايتهم اللوج ـ أي المحفل ـ الماسوني الذي كان مغلقاً قبل الدستور" ثم يقول: "وبعد الانقلاب فتح المحفل أبوابه، وجمع الأعضاء شملهم وأسسوا محفلاً جديداً أسموه محفل "نور دمشق" وربطوه بالمحفل الأسكتلندي"
ولكي نعرف مكانة المحافل الماسونية لدى أعضاء جمعية الاتحاد والترقي نسوق هنا اعتراف أحد أعضائهم: "كان هناك نوعان من الأعضاء في الجمعية: أحدهما مرتبط بالمحفل الماسوني وهذا كنا نطلق عليه اسم الأخ من الأب والأم، وآخر غير مرتبط بالمحفل الماسوني، فكنا نطلق عليه اسم الأخ من الأب فقط". وفي كتاب نشره الماسونيون في تركيا تحت عنوان "الماسونية في تركيا وفي العالم" يتحدث عن دور المحافل الماسونية في إنجاح حركة الاتحاديين: "وقد انتشرت الماسونية بشكل خاص في سلانيك وحواليها. ومع أن عبدالحميد حاول أن يحد ويشل الحركة الماسونية هناك، إلا أنه لم يوفق في مسعاه" ، "وقد قامت هذه المحافل، لاسيما محفل "ريزورتا" ومحفل "فاريتاس" بدور كبير في تأسيس وتوسيع حركة جمعية الاتحاد والترقي، كما كان للماسونيين دورهم في "إعلان الحرية" سنة 1908م.
في تحليل أكثر عمقا لموضوع مهم
إلا و هو وجود طبقيه واضحه في المجتمع الماسوني , و لربما كانت من الوضوح لدرجه إعتبار بعض الطبقات مستقله, و أعني هنا طبقه ( المستنيرين ) التي يتحدث الكثير عنها على إعتبارها السبب الحقيقي في وسم الماسونيه بكل هذا الكم من الصفات السلبيه .
يبرز سؤال يتحدث عن صلب الموضوع , هل كانت الماسونيه ذات أهداف نبيله أساسا ( و نعني هنا الماسونيه الجديده ) و لكن المستنيرين يستخدمونها و يندسون بها , أم أن المستنيرين هم شيء مستقل و منفصل فكريا و اسلوبيا عن الماسون , أم أن المستنيرين في الواقع , يحاولون إخفاء الجانب الأسود بهم بانتسابهم للماسون فقط؟؟
ربما كان من الأفضل دراسه السؤال الثالث أولا ( هل تستخدم الماسونيه كقناع من قبل المستنيرين )؟
في الحقيقه , لا يعرف الكثيرون الفرق بين المستنيرين و بين الماسون , حيث أن الماسون منظمه معروفه معترف بها عالميا إذا صح التعبير , في حين أن المستنيرين أكثر غموضا -اأقل عددا - و ليسوا بصفه رسميه .
و هذه اللفظه ( المستنيرين ) استخدمت لوصف العديد من الطبقات في اوروبا , تلك الطبقات التي كانت مسؤوله عن كل ثورات اوروبا و كل الأحداث العظام .
و لنعود إلى السؤال , اتسائل هل كانت الماسونيه تتمتع بسمعه جيده على المستوى الأوروبي كي يستخدمها المستنيرين كواجه تجميليه ؟؟
ليس التفسير منطقيا لولد صغير حتى من ما يشطب هذا الأحتمال.. قافزين لإحتمال آخر و هو أن المستنيرين منفصلين عن الماسونيه , لننفي هذا الاحتمال أيضا بكل بساطه حيث أن المستنيرين مجتمع ماسوني بحت افرادا و أعضاء و استراتيجيه و مركزا
ليعود إحتمال قد لا يروق البعض و هو أن المستنيرين سيطروا على الماسونيه كي يحققوا اهدافهم !!
يمكنني القول بثقه أن الطبقه المستنيره هي الطبقه العليا في المحفل الماسوني , هذه الماسونيه التي ينتمي إليها ملايين الملايين من الأعضاء و تنتشر في كل بقاع الأرض , حافظت على سريتها بطريقه غريبه جدا , يقال أن السر لو خرج خارج إثنين ذاع , فما بالك بالملايين؟؟
إلا أن نظام الدرجات و الرتب الماسوني ( الذي سيتم شرحه قريبا ) يفرض حجم المعلومات التي يعرفها كل شخص ينتمي لدرجه معينه بالتحديد , و قمه الهرم بالتأكيد مطلعه على السر الأعظم .
هذه القمه التي توصف بالمستنيرين
اقرب النظريات الى المنطق تقول أن المستنيرين هم ببساطه خلاصه الماسونيه العارفه و المستنيره على الخطط و الاهداف الحقيقيه , و التي تستخدم الماسوني البسيط كوسيله فقط لتحقيق الغايات
إن هذه العين التي يقول الماسون أنها عين حورس - الاله المصري القديم - و الموجوده على قمه الهرم أكثر شعارات الماسونيه انتشارا , ترمز للطبقه الحاكمه التي هي الرأس ( الرأس مكان العين ) و التي ترى , بل و التي تشع نورا !!
و ما قاعده الهرم إلا لحمل قمته
يصل الحد إلى أن بعض المراجع تتحدث عن صراعات بين المستنيرين و الماسون و كأنهم مجموعه منفصله عن الماسونيه , كانت الصراعات محدوده في أشخاض معينين و أحداث و ظروف معينه .
لنجد أننا - في الحقيقه - أمام منظمه أكثر اهميه داخل المنظمه المهمه , و أكبر صفاتها هي التنوع , في إطار الماسونيه , أعني هنا أن العالم مليء بالمجتمعات السريه , و الأخويات الغير معروفه أو المعروفه , إلا أننا نلاحظ أن المستنيرين , بانتمائهم إلى الماسونيه الحقيقيه الحقه , بدون اقنعتها , هم العامل المشترك بين جميع المجتمعات السريه , من اخويه سيون إلى الجمجمه و العظام مرورا بالدونما و حتى اقبيه المحفل الماسوني , الذي هو الأصل الأصيل , و القائد الأكبر .
كانت هذه المقدمه ضروريه لتوضيح بعض النقاط التي سترد في بحثي عن الماسونيه
* *ملاحظه الموضوع لازال في بدايته*
* *ارجو *منكم * الصبر *اخواني*
* الموضوع *حقا يستحق القرائه*
*