-أوه أمي عيناك عجيبتان.
قضى الصوت المتناغم لمارك على الفرحة المؤقتة لاليزابيث أسندت يديها بعصبية الى صدره الذي يدق قلبه بداخله بشدة.
- آه أعتقد أن تسلق الاشجار أصعب مما كنت أعتقده كيف حال "بابي"؟
أجابتها البنت الصغيرة التي كانت تمسكه
-بخير حال انه يموء.
لم يكن القط بمفرده الذي يفعل ذلك اليزابيث هناك كانت دهشة.منذ متى لم تشعر بمثل هذا الاحساس؟منذ وقت طويل لم يلمسها رجل..رفعت عينيها من جديد نحو راندولف تاد.كانت عيناه الزرقاوان الثاقبتان عند الغسق.ابتلعت ريقها بصعوبة. -شكرا على مساعدتك يا سيد تاد.
كشفت ابتسامته على أسنانه البيضاء.-أنا في خدمتك. لكن نايني راندولف.
عكست عيناه-منجديد-منظرها.كان شعرها أشعت وبلوزتها متسخة وبقعة سوداء تزين ذقنها.انها-حقيقة_تثير الضحك.انه سيحي لكل رفاقه قصة هذه المرأة الارملة الغريبة التي تسكن خلف منزله وعندما يصل الى مشهد التنورة الذاخلية فانه سيبتسم ابتسامة ايحائية تثير الأقاويل بأكثر مما كان سيقوله هو..
-هيا ياطفلي لقد أقبل الليل وحان وقت الرجوع.مارك هلا أرجعت السلم الى الجراج؟
-لماذا أنا؟لقد أحضرته وعلى ماجي ارجاعه.
اعترضت أخته -انني أعتني ب"بابي"
-انه دوري في الاعتناء به.انه ليس قطك.
-كلا انه يخصني.
-انه يخصنا نحن الاثنين ياأمي؟
توصلت اليزابيث-كالعادة-الى تهدئة مناقشتهما.
-هلا توقفتما عن التشاجر وأطعتماني؟
وهل كان ينبغي عليهما التصرف بهذا الشكل أمام الجار؟
- قبل أن تعودوا كنت أحب أن أريكم شيئا.
استدار ثلاتتهم نحو مصدر الصوت الهادىء،قال مفسرا لأمهما.
- في الجراج الخاص بي،شيىء ما سيروق الطفلين.
صاحت ماجي -الصغار؟هل ولدت؟
-الليلة الماضية،أربع جراء.
-أوه أمي هل يمكننا رؤيتها؟
اغتاظت اليزابيث من تدخله في هذا النزاع العائلي،لكنها قدرت سلوكه المتسامح.لكن كيف أمكنها أن ترفض طلب الطفلين برؤية صغار الكلاب؟لايمكن أن تبدو الأم قاسية جدا؟
- نعم اذا أرجعت السلم أولا
انها لن تذهب-هكذا -دون شروط.
أسرع مارك وهو يجذب السلم ومعه ماجي التي فتحت له الباب.
-ألم يزعجك هذا؟
ردت اليزابيث وهي تستدير نحو جارها
-بالتأكيد لم يزعجني.لقد حكيا لي أن كلبتك ستلد. قالت في نفسها "كم هو طويل انني أكاد أصل الى ذقنه.
-كلبتي "بيني" تعشق طفليك.
ضمت يديها بعصبية -آمل ألا يكونا قد أزعجاك.انني أراهما دائما في حديقتك.لقد حاولت -عبثا-أن أمنعهما...
-أبدا.انني أحب رؤيتهما وهما يلعبان.
هل لديه أطفال؟وان لم يكن هكذا فلماذا...؟هل يعيش أطفاله مع زوجته السابقة؟هل هو أرمل مثلي؟
حتى لو كانت استطاعت أن تطرح عليه هذه الاسئلة الشخصية جدا فان عودة الطفلين ستمنعها من ذلك.قالت ماجي -وضعت "بابي"في المنزل حتى لايخيف الجراء.
-هيا بنا..قال راندواف.
صاحت اليزابيث في الطفلين اللذين هرولا
-لاتلمسا الصغار وعودا في الحال.
تعجب راندولف -ألن تأتي؟
-أنا هل تريدني أن آتي؟
-بالتأكيد..من يمكنه مقاومة الصغار؟
تساءلت وهي تسير بمحاذاته "من المرأة التي يمكنها مقاومة عينيه؟اتخد المشهد منعطفا غريبا.مشت اليزابيث حافية على العشب المبلل والبارد محطمة -أثناء مرورها-الأوراق الميتة.كانت الشمس قد اختفت وراء الأفق وغطت الأشعة البنفسجية المنازل المحيطة بها.وصل الجميع أخيرا الى الجراج.لما أخد راندولف جانبا ليفسح لها لكي تدخل لمسته لدى مرورها.داعب ذيل التنورة بنطاله.اقترب النسيجان من بعضهما البعض مثل العاصفة المترددة في ترك الشاطىء.
كان الظلام حالكا بداخل الجراج.كانت هناك لمبة كهربائية فقط موجودة بأعلى السرير الذي أقامه راندولف من أجل الكلاب ذكرت رائحة البلل اليزابيث بحبها للاصطبل..
على الرغم من تحذيرها من لمس الصغار الاأن الطفلين داعبا الكلبة الأم وصغارها.
قالت ماجي متوسلة -هل يمكنني ملامسة واحد يا أمي؟
أجابتها غير متأكدة من ردة فعل الكلبة -لا أعلم.
قال راندولف -لا أعتقد أن "بيني"ستغضب اذا ما انتبهت جيدا.
أعطى الرجل -برقة- لكل من ماجي ومارك جروا وفرحا به جدا.لقد كان محقا من يمكنه مقاومة هذه الجراء؟..همست وهي تجثو على ركبتيها لتنظر جيدا - آه ..يالها من جراء ظريفة.
سعدت "بيني"بهم ولايبدو أنها متضايقة أبدا من الطفلين
- أتريدين أن تمسكي واحدا؟
جثا راندولف على ركبتيه على الجانب الآخر من السرير.كان المصباح يضيىء جانبا واحدا من وجهه وخصلات شعره الفضية..كان الرجل يانعا وقويا وجذابا.تكشف هيئته عن نزاهة متأصلة ومبادىء راسخة.تنم قسماته أيضا عن بعض المعاناة والحساسية والجاذبية وخصوصا حول فمه المرسوم بشكل رائع.أما بقية شخصيته فتنم عن الرجولة الشديدة.
أحست اليزابيث بجفاف في حلقها.هزت رأسها ردا على سؤاله.أمسك في يده الكبيرة أحد الجراء والذي اعترض باطلاق صرخة حادة ضحك على أثرها الجميع.
همست -انه لطيف جدا.
سأل مارك - هل أحببتها يا أمي؟
- بالتأكيد انها رائعة.
- هل يمكن أن نأخذ واحدا؟
- مارك.
قالت ماجي متسائلة -هل يمكننا يا أمي؟
- لا.
-لماذا؟
-لدينا "بابي"وهذا يكفي.
- سنعتني بهما.نعدك.
- قلت لا.
قاطعهم راندولف -اسمع يامارك.كل الصغار محجوزة من قبل.
حزن الصبي الصغير..-كلها؟
- نعم أنا متأسف.
همس الطفل وقد أخفض رأسه - ياله من حظ سيىء.
- في الرة القادمة التي ستلد فيها"بيني" ربما يمكننا أن نقنع أمك بأن تأخذ واحدا.
أشرق الطفل وقال دهشا وهو يضع الجرو
- عظيم سأقول ل"تيم" انني رأيت الصغار وانني في المرة القادمة التي ستلد فيها "بيني" سآخد واحدا.
كم كان مستحيلا أن ينتظر فترة أطول ليحكي هذا الى خيرأصدقائه. صاحت ماجي وهي تضع الجرو بالقرب من أمها
- انتظرني.
قالت اليزابيث - انتبها في أثناء مروركما وائتيا الى المنزل في غضون خمس دقائق من أجل العشاء.
- اتفقنا يا أمي.
انغلق الباب عليهما.
قال راندولف
-انهما محبوبان ومليئان بالطاقة.
ساد الصمت المطبق في أنحاء الجراج.هذا الهدوء جعلها تشعر بالضيق.لقد قابلت هذا الرجل منذ لحظات بسيطة بعد أن تبادلا بعض الكلمات.كانت فكرة وجودها معه تجعلها تضطرب.قالت وهي تميل لتعيد الصغير لأمه.
- لا بد أن أنصرف لأعد العشاء.
عندما سحبت يديها من على السرير فاجئها بامساكهما.أدار راحتي يديها نحو الضوء.
- ماذا جرى لهما؟
كادت أن تفقد القدرة على الكلام من جراء صدمة هذا اللمس.
-انها الشجرة.تقرحت يداي عند الصعود عليها.
- عندما تعودين الى منزلك اغسليهما بالصابون المطهر وضعي مرهما عليهما.
- سأفعل.
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتييه..-من أنا حتى أعطي أم طفلين هذه النصائح؟
حررت يديها من يده وهي تعيد اليه ابتسامته دون أن تبدو متعجلة لفعل ذلك.ان الخذر الذي أحست به لا يرجع سببه كلية الى خدوشها.عندما نهضت واقفة اصطحبها الى الباب.قالت ملاحظة وهي تمر أمام الدراجة البخارية وسعيدة بقطع حاجز الصمت بينهما.
- لم أكن أعرف أن لديك دراجة بخارية.
- نعم.اشتريتها عندما عدت من الفيتنام أستخدمها بصفة خاصة في عطلة نهاية الاسبوع.
تسائلت "من فيتنام؟هل كان جنذيا؟
- يبدو عليك أنك لست من النوعية التي تركب دراجة بخارية.
توقف الرجل ويده على مقبض الباب
- لست من تلك النوعية؟ألا يبدو عليك أيضا أنك من هؤلاء الذين يعتقدون أن المنحطين فقط من يركبون الدراجات البخارية؟
- بالتأكيد لست منهم.
-حسنا..سأصطحبك في جولة اذا رغبت في ذلك.
- لا أعتقد.لا أضن أنني أحب وضع الجلوس على الدراجة البخارية.
بدا في عينيها بعض الفضول.تلاقت نظراتهما لحظة.
- لا تحكمي قبل أن تجربي..
تفحصت وجهه وتسائلت عما اذا كان كلامه ذا مغزى؟
قالت متضايقة -الطفلان ينتظراني.
بمجرد أن فتح الباب خرجت في الهواء الطلق.تلقت-سعيدة- هذا الهواء المشط الذي أضاء أفكارها. ولكي تدفىء نفسها لفت ذراعيها حول نفسها وكذلك حتى لا ينظر الى صدرها البارز.اذا لاحظه فانه قد يعتقد أن...
- انك ترتدين دائما ملابس لائقة.
قال وهو يجول ببصره عليها.
أجابته بعد أن مررت لسانها على شفتيه لكي تبللهما.
- شكرا. أحب دائما ارتداء الملابس المناسبة لعملي.
- هذا صحيح.تبيعين الملابس أليس كذلك؟
قال مفسرا لما رآها دهشة
- كنت يوما في فندق كافنوخ ورأيتك خلف واجهة عرض محلك.
- آه.
كان هذا رد فعلها الأول والذي يرجع الى أنه عرف عملها.أما الثاني فهو تساؤلها عما كان يفعله في الفندق؟وأما الثلث فهو توبيخ نفسها على سداجتها.
تقام علاقات عديدة في هذا الفندق.لماذا يمر رجل جذاب مثل تاد راندوف على معرض الفندق في وضح النهار؟لابد أنه كان هناك بالنهار لأنها تغلق المحل مبكرا.هل دفع للمرأة التي صاحبته الى الفندق كافنوخ؟هل هذه المرأة تحبه؟أم أنها سيدة أعمال تبحث عن مغامرات لتسلي نفسها بعد متاعبها من العمل؟
لما كانت متضايقة من فضولها قالت
- في المرة القادمة التي تكون فيها بالفندق مر علي لالقاء التحية.
- شكرا..ربما أشتري منك شيئا فبضاعتك تبدو...مدهشة.
هل هذا احساسه أم أن عينيه مركزتان على صدرها؟
- حسنا شكرا على مساعدتك وتصبح على خير ياسيد تاد.
- تصبحين على خير يا اليزابيث.
لقد ناداها باسمها الأول عمدا.عبرت الحوش بسرعة وهي تهز رأسها بخفة.أمسكت حذائها الذي كانت قد تركته تحت الشجرة دون أن تلبسه.بمجرد أن وصلت الى بيتها أطلقت تنهيدة الاحساس بالراحة.لكن ذلك الاحساس استمر لفترة بسيطة لأن طفليها قد أتيا.
منتديات ليلاس
سألت ماجي لدى ذخولها المطبخ حيث تتواجد
- ماذا سنأكل؟
- هامبورغر.
قال مارك راجيا
- هل يمكنني اشعال المشواة.
-لا سأستعمل الموقد.
-أوه يا أمي انه أفضل على المشواة.
- ليس هذا المساء
- لماذا؟
أيضا.ان لديها قدارا كافيا من هذا السؤال ..لماذا؟
- لأنني أمك وقلت لك لا.الآن اذهبا لغسل أيديكما وضعا غطاء المائدة.
خرج الصغيران من الحجرة وهما يهمسان بتعسفها.ان فكرة شي اللحم على الفحم تضايق اليزابيث لكنها لن تخرج هذه الليلة.لقد تضايقت من وجود راندولف تاد جالسا في شرفته يشاهد التلفزيون طوال الصيف.
هل لابد عليها في كل مرة تخرج فيها لاشعال الموقد أن تحييه مثلما تفعل مع بقية جيرانها؟أو تشير اليه؟ان عدم معرفتها التصرفالصحيح يثير أعصابها.لكنها قد عزمت على أن تتجاهله.
كان تصرفها طفوليا.لكن لايمكن لأرملة أن تغامر بسمعتها.لما كانت خائفة من أن تبدو قبيحو ظلت اليزابيث ممتنعة عن الزواج منذ أن مات زوجها قبل سنتين.
في صباح ذلك اليوم المشؤوم أشارت اليزابيث الى جون لكي تودعه،دون أن تعرف أنها تودعه للمرة الأخيرة.لما كانت شاردة الذهن بسبب ماجي لم تلاحظ القميص الذي ارتداه.لقد كان يلزمها عدة أيام لتتذكر آخر حوار بينهما والقبلة ال\ىخيرة والمرة الآخيرة التي مارسا الحب فيها.
مالم تنساه أبدا هو ضحكاته وابتساماته وكرمه وحبه ومشروعاته المستقبلية.
لقد ترك موته في قلبها فراغا يصعب ملؤه الى الأبد..
في هذا المساء آلمها هذا الجرح على غير عادة.لقد أحست اليزابيث عندما احتضنت طفليها أن احساسها ضايقهما وتحررا من عناقها لهما.
كشف هذا العناق عن حاجتها الملحة للاختلاط بالناس.انها تفتقد الحب والعطف .حب الرجل وعطفه.
بمجرد أن أطفأت الأنوار دخلت حجرتها وأشعلت قنديل السرير.لقد غيرت
ديكور الحجرة التي تحوي كثيرا من الذكريات المؤلمة بعد موت جون بعدة شهور.لقد نظمت الغرفة على مزاجها لكنها لا تجد فيها أي سعادة.شدو كانت محقة في أنها تعيش حياة مملة.انها تفتقد لمس الجسد الحار لجسدها حتى يمكنها النوم.ولكن ماذا يمكنها أن تفعل هذه المرأة العزبة التي لديها طفلان أمامهذا الرجل العزب؟لاشيىء.
وفقا للتحليل الرديىء الخاص بشدو فانها تصرفت مثل الحمقاء أمام رانولف...السيد تاد...من المحتمل أنه قد سخر من اضطرابها عندما أنزلها من على الشجرة.لما كانت متضايقة لكونها تصرفت مثل الفتاة السادجة أمام عينيه الزرقاوين أطفأت النور ونامت.لكنها مع ذلك لم تستطع أن تقاوم محاولة النظر عبر ثقب المصراع حيث يبدو الضوء من منزله..نعم..انها تراه في الشرفة جالسا على كرسي أمام التلفزيون.كان بمفرده.هو الآخر وتسائلت هل هذا باختياره أم أنه يكره الوحدة مثلها؟