لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-09-08, 02:08 AM   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 65483
المشاركات: 367
الجنس أنثى
معدل التقييم: lona-k عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
lona-k غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lona-k المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الثـــــــامن


قالت "بيب" بصوت مختنق :
- إنك تمزح يادكتور! لايمكن أن أكون مصابة بداء " الحميراء".
رد الطبيب قائلا:
- أنا جد آسف ،"سنيورا" ، ولكنك مصابة فعلا بـ"الحميراء". لاداعي للقلق فمع بعض الأدوية المفيدة ، لن يدوم الأمر أكثر من يومين أو ثلاثة، وبعد ذلك يمكنك أن تعودي للاستمتاع بشهر العسل.
اعترضت الفتاة قائلة:
- لكنه ليس شهــ....
قاطعها "سوير" بسرعة قائلا:
- موتشاس جراسياس!
واصطحب الطبيب خارج الغرفة. ثم قال هذا الأخير لـ "سوير":
- لابد من الراحة التامة يا سيد"هايس" ، يجب أن تتجنب المجهودات البدنية الشديدة. اجعلها تشرب كميات كبيرة من الماء دون أن تنسى إعطاءها الأدوية أربع مرات يوميا. ثم قال الطبيب بصوت يملؤه الحرج:
- هل من الممكن أن تكون السيدة حاملا؟
رد "سوير" وهو يدافع ابتسامته:
- مستحيل .
قال الطبيب وهو يتوجه نحو باب الخروج:
- بوينو، بوينو، لأن هذا النوع من الأمراض خطير جدا على صحة الأم الحامل وخاصة على الجنين ، أتدرك ما أعني؟ اعتني بها جيدا! أديوس سنيور.
أغلق "سوير" الباب ثم اتجه إلى غرفة "بيب" التي كانت مستلقية ووجهها شاحب ، كانت علامات الضعف تظهر عليها بوضوح وقلبها يخفق ببطء.
تمنى أن يكون مكانها وأن تنتقل إليه آلامها بدلا من أن يراها في هذه الحالة. كان يشعر بعجزه وقله حيلته.
قالت "بيب" بصوت ضعيف:
- "سوير" ، إنني آسفة ،آسفة جدا...
أحس "هايس" أن قلبه يتحطم مثل الزجاج ، إلى إلف قطعة صغيرة، أمسك يدها بحنان واقترب منها وقال مطمئنا إياها:
- حبي، لا داعي للأسف ، بالتأكيد إن مااصابك كان بسبب" سكوتر" أي بسببي أنا .إنني أشعر بأني مسؤول عن إفساد إجازتك...إجازتنا.
ردت الفتاة بلطف:
- إنك أبله، لم تكن تعلم أنني سوف ألتقط المرض.إنني ألوم نفسي كثيرا على إفساد إجازتك ..إجازتنا.
- من قال إنها فسدت؟سوف تكونين بخير بعد يومين.
ردت "بيب" بصوت حزين:
- لكنك ستشعر بالملل خلالهما.
صاح "سوير" قائلا:
-أشعر بالملل؟ لا انك تمزحين بالتأكيد! مع كل الألعاب التي اخترعتها عندما كنت طفلا صغيرا سوف نجد مايجعلنا لانحس بمرور الوقت ،إلا إذا كنت تودين أن تلحق بنا "نان" ، أستطيع الذهاب لإحضارها.
- كلا، ارجوك، فبالإضافه إلى انها تكره ركوب الطائرة، أود أن نكون وحدنا.
قال"سوير "وهو يبتسم:
- لم تكوني لتسعديني أكثر من هذا . عليك الأن ان تستريحي سوف أذهب لتجهيز عشاء فاخر وسأقدمه لك بنفسي.
خرج من الغرفة ليجري مكالمة مع سكرتيرته في "هيوستن".
سألته "جلوريا":
- ولكن ماذا تفعل في "أكباولكو"؟
- حاليا العب دور الطبيب.
- معذرة؟
- إنني لا أمزح . لا أريد أن يعلم "ليونارد " بالأمر. ولا أي شخص أخر أيضا.
- ووالدتك؟ لقد اتصلت بك مرتين اليوم.
- قولي لهم جميعا: إنني في "أوروبا" ، لأتم بعض الأعمال ، ولن أعود إلا بعد أسبوع.
- لكن أين في أوروبا؟
- في أي مكان، لكن التذكري وجودي في "المكسيك".وقومي بتأجيل اجتماع مجلس الإدارة إلى الأسبوع القادم . وإذا ما سألك "ليونارد" لماذا؟ فعليك أن تخبريه أنها تعليماتي.
كررت "جلوريا" :
- الأسبوع القادم ، لاتوجد مشكلة ، سوف أنقل أوامرك .
قال "سوير" لـ"بيب" آمرا إياها:
- افتحي فمك!
ردت "بيب" محتجة:
-إنني استطيع أنأكل بنفسي.
ولكن "سوير" تجاهل احتجاجها وواصل حديثه بصوت مرتفع وهو يقرب ملعقة الحساء من فم"بيب":
- وهذه هي السيارة الطائرة ، هيا افتحي باب الكهف!
- سيارة طائرة؟ باب الكهف؟
- إن هذه الأمور دائما ماكانت تأتي بنتيجة إيجابيه معي عندما كنت طفلا.
- لكن لماذا علي أن أتناول حساء الدجاج في الوقت الذي تعج فيه عربة الطعام بالمأكولات الشهية مثل الكركند وعيدان الهليون. وهذا ما أشتهيه حقا.
- فلنر في البداية إن كنت تستطيعين تناول الحساء ثم بعد ذلك ننتقل إلى الأطعمة ذات القوام الأكثر كثافة، بالإضافة إلى أنه مناسب لمرضك.
انتزعت "بيب" طبق الحساء من بين يدي الشاب وسألته:
- ولماذا لا تجرب ان تتناوله أنت؟
رد "سوير" قائلا:
- لأنني نلت كفايتي عندما كنت طفلا ، وإنني اكرهه الآن. هل أنت بخير؟
ردت بعد أن تناولت حساءها ومدت يدها لتناوله الطبق:
- على أحسن مايرام. والآن هل لي في بعض الكركند؟
رد مقترحا:
- طبعا، سوف أقوم بإحضار قطعة منه.
- "سوير" ! أستطيع وأحب أن أفعل ذلك بنفسي!
نظر إليها بحزن.
- إلا تريدين أن أقدمه لك بنفسي؟
قالت وهي تحدث نفسها:"أيتها الحمقاء، إنه لطيف معك وبالرغم من ذلك لاتجدين سوى تأنيبه." نظرت "بيب" حولها، كانت الغرفة تعج بعلب الألعاب الاجتماعية المحاطة بباقات من الزهور الفاخرة . كان"سوير" قد جعل سكرتيرته ترسل إليه جهاز عرض فيديو والكثير من الشرائط معه.
قال "بيب" في النهاية:
-إنني آسفة ، كنت أفضل أن أتناول عشائي بنفسي معك بدلا من أن تقوم أنت بإطعامي .إنني لست مريضة لهذه الدرجة.
نظر إليها"سوير" بغرابة ثم قال:
- حسن ، ربما أنني تجاوزت بعض الشيء، لم لا تحاولين إطعامي حتى نغير بعض الشيء؟
انفجرا ضاحكين ثم جلسا لاستكمال عشائهما بهدوء على ضوء الشموع . وبعد أن تناولا طبق الحلو قال لها متسائلا:
- هل تريدين اللعب أم مشاهدة فيلم ما؟
- أظن أن مشاهدة الفيلم ستكون أفضل .ماذا تقترح علي؟
- أتصدقين أنني عثرت على فيلم "لنغني تحت المطر" مارايك؟
- جيدا !هل تتصور أنني لم أشاهده مطلقا؟
رد على "بيب" وهو يضع شريط الفيديو داخل الجهاز قبل أن يعود ليستلقي بجانب الفتاة:
- هذا خطأ من السهل إصلاحه . سوف تستمتعين به كثيرا... بعد لحظات صاح قائلا:
- لا أصدق ذلك!إنه ناطق بالإسبانية.
ردت المرأة وهي تضحك:
- طبعا، ماذا كنت تظن إننا في "المكسيك"
قال وهو يبتسم بمرح:
- حسنا..لاتوجد مشكلة إذن لأني أحفظه عن ظهر قلب وأنت تتقنين الإسبانية فسوف تترجمين لي إذا وجد شيء لا أفهمه..http://www.liilas.com/vb3


****

 
 

 

عرض البوم صور lona-k   رد مع اقتباس
قديم 21-09-08, 02:10 AM   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 65483
المشاركات: 367
الجنس أنثى
معدل التقييم: lona-k عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
lona-k غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lona-k المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

أحست "بيب" أثناء نومها بشيء يجثم على صدرها وأرجلها ويمنعها من الحركة ،أحست بالرعب وفتحت عينيها ،وبدأت تصرخ وتحاول أن تتخلص من هذا الحمل الثقيل.
فزع"سوير" وجثا على ركبتيه فوق السرير ثم قام بإنارة الغرفة وقال متلعثما وهو يفحصها بقلق:
- ماذا هناك ؟ هل تشعرين بشيء؟ هل تتألمين؟
اكتشفت الفتاة أنه لم يكن سوى"سوير" الذي كان نائما فوقها دون أن يشعر وهو ماكان يخيفها وسرعان مازال خوفها ونظرت إليه باستغراب:
- لقد أفزعتني. ماذا تفعل هنا في سريري؟
قال معترضا:
- كنت نائما، هل تريدين دواءك؟
- كلا شكرا. ولكني كنت أظن أن هناك غرفة ثانية.
- نعم توجد غرفة ثانية ولكنني فضلت البقاء بجانبك لعلك تحتاجين شيئا ما .
- لكن....
قال وهو يقوم إلى جانب الآخر من السرير:
- لا توجد لكن،سأبقى هنا ولاداعي أن تمثلي دور الخجول.فبعد يومين لن يكون هناك مجال للخجل بيننا.
رفعت"بيب" الغطاء على وجهها حتى لايلاحظ احمرار وجهها. ولكن"سوير" لم ينظر إليها ،بل اكتفى بإصلاح الأغطية ثم إطفاء الأنوار ليستلقي بجانبها من جديد.
- "سوير" ،ألا تشعر بالبرد؟.
- لا.
- لماذا لاتدخل تحت الأغطية معي؟
- لم بحن وقت ذلك بعد.
ساد صمت طويل لم يكن يسمع سوى صوت الأمواج المتكسرة على الشاطئ كان أريج الأزهار الاستوائية يملأ المكان كان الجو مثيرا بعض الشيء.
-"سوير"؟
-هممم؟
أتعلم أنني لم أقابل في حياتي رجلا مثلك؟
رد"سوير":
- شعور متبادل.
- حقا؟
- نعم.
- "سوير"؟
- هممم؟
- اعتقد أنني قلقة بعض الشيء بخصوص ....تعلم ماأعني.
- لاتقلقي ،إنها مجرد أوهام تدعى"مرض الخطيبة".
- لكنني لست مخطوبة.
رد بصوت محشرج:
- يمكننا علاج ذلك بسرعة.
- "سوير" أرجوك لاتغظني،فأنا قلقة بما فيه الكفاية وأخاف أن أخذلك.
- لا مجال للخوف،ثقي بي.والآن حاولي أن تعودي إلى النوم لكي تستعيدي قواك بسرعة، سوف تحتاجين ذلك. بمجرد أن أحس أن "بيب" قد نامت نهض "سوير" ليأخذ حماما باردا،وفعل نفس الشيء عندما استيقظ في الصباح ولكنه كان يعلم أن الحمامات الباردة لن تهدىء من إثارته البالغة كان يريد أن يذهب لأبعد من هذا ، كان يرغب في أن يجعلها تشاركه في كل شيء، في حياته نفسها.
كان يشعر بالاضطراب بل بالألم بمجرد تفكيرها بأنه كان يمزح عندما تحدث معها عن الزواج ، كانت"بيب" في الواقع تشك في هذا الأمر،مع أنه لم يكن أكثر جدية من ذلك الوقت . وكان يبحث عن طريقة يطلب بها يدها تكون ذات طابع خاص، ولكن الأفكار التي استعرضها لم تكن لترضيه.واستمر في التفكير وهو يدفع عربة الطعام التي كانت تحمل الإفطار.
- فيم تفكر بهذه الطريقة العميقة؟
رد قائلا:
-فيك.لا افعل شيئا سوى التفكير فيك ، أنت وهذه الشرائح الطرية من اللحم البقري المشوي التي تنتظرنا ، كم شريحة تريدين.
وبعد يومين، عاد الدكتور"مارتنيز" وقرر شفاء الفتاة وصرح لها بالعودة لنشاطها الطبيعي .
ولكن"سوير" رفض أن تتعرض لأشعة الشمس ، مخافة أن تنتكس صحتها ولكي يتفادى أن تذهب إلى الشاطئ قام باصطحابها وبواسطة السيارة في جولة إلى قلب مدينة "أكابولكو"، ولكن الجولة السياحية سرعان ما انقلبت إلى رحلة تسويقية في المحلات الفخمة والمراكز التجارية المتكاملة.كانت"بيب" تشعر أنها تعامل معاملة الأطفال لم تشعر قط بمثل هذا الاهتمام والدلال. اجتهد"سوير" ليجد فستانا مثيرا للفتاة ، كانت تود لو استطاعت أت ترفض كل هذه الهدايا ولكن نظرة "سوير" لها جعلتها تتراجع عن الرفض، وعندما رأت أن "سوير" على استعداد أن يشتري لها كل المحل وجدت وسيلة ما لتجعله يكتفي بشراء فستانين فقط. ولكنه مع ذلك استطاع ان يقنعها بشراء بعض المجوهرات وحذاء للسهرة. عندما عادا إلى البيت ،ارتمت "بيب" على الأريكة بعد أن تخلصت من حملها ومن حذائها الرياضي ، وكان"سوير" قد حضر عصيرا من الفواكه وقدمه لها وهو يسألها:
- مرهقة؟
- بل قل ميتة من التعب.
- أظن أنه يجب عليك أن تنامي قليلا وعندما تستيقظين سوف أكون قد حضرت لك حماما جيدا مليئا بالرغوة وبعدها نستعد للسهرة .
- أية سهرة؟هل سنذهب إلى مكان ما؟
رد بلهجة فيها غرابة:
-إنها مفاجأة صغيرة،ولكنني أعدك بأنها سوف تكون رومانسية جدا.
أود أن أطلب منك معروفا صغيرا.
-ماهو؟
-إنني اعرف أنك تفضلين ربط شعرك لكني أحب أن تطلقيه حرا هذا المساء ، من اجلي.
ردت وهي مفاجأة بعض الشيء:
-حسن ،سوف افعل ذلك.
- شكرا ،اما الآن فأرجو أن تذهبي للراحة سوف أذهب لقضاء بعض حوائجي الشخصية بينما ترتاحين.
حاول "سوير" ربط رباط عنقة بعصبية،كانت تلك هي المرة الثالثة التي يحاول في ذلك ولكن دون جدوى، كان قلقا كانه عريس جديد،أو كأنه مراهق ذاهب إلى موعده الغرامي الأول،وكان يفكر في هذا المساء وكأنه ليلة زفافه ،لأنه كان يعلم أن الأمور سوف تختلف بعده.وكان قد قرر أنه إذا لم يتحدثا عن الزواج في هذا اليوم فلن يعود إلى "هيوستن"قبل أن يطلب يدها بالفعل. مع أمل خفي في أن تقبل أن يتزوجا هنا بالذات مسح حذاءه سريعا ونظر إلى نفسه في المرآة مرة أخرى وقال لنفسه وهو يبتسم :"ربما لست بالنسبة لها أجمل رجل ولكنها بالـتأكيد لن تجد من يحبها أكثر مني في هذا الكون كله".
أخذ شهيقا طويلا قبل أن يخرج من الغرفة ليتجه إلى الصالون لينتظر الفتاة.مر ربع ساعة من الانتظار كان بالنسبة له كأنه ساعات طويلة وأخيرا فتحت"بيب" باب غرفتها ووقفت في حلق الباب ،توقفت الأرض عن الدوران، والأمواج عن الارتطام بالشاطئ بل توقف الكون كله عن الحركة.
كانت رائعة الجمال.كان شعرها حرا طليقا ،وكانت ثناياه تتدلى لتصل إلى أكتافها العارية،وفستانها الأسود الضيق يبرز تفاصيل جسدها ،كانت تشبه بحق نجمات السينما،بل كانت أفضل منهن لأنها أمامه،ومعه،وله.
لم تستطع أن تفسر نظرة "سوير" لها، قامت بتفحص نفسها من أعلى إلى أسفل قبل أن تنظر للشاب وتقول له في قلق:
-هل هناك شيء خطأ؟
-استديري لو سمحت.
استجابت ولفت حول نفسها دورة كاملة كان هوخلالها يلتهمها بنظراته.
قال متلعثما:
-كلا، على العكس أنت رائعة،خلابة،جذابة...إن الكلمات لا تسعفني للتعبير عما أره.
ابتسمت الفتاة ووضعت يدها على شعرها لتصلح من وضع زهرة الأوركيد التي توجت بها رأسها.
ردت وعلامات الارتياح في صوتها:
- أجد أنك أنيق أنت أيضا،إن هذه البذلة جميلة جدا، بالمناسبة شكرا على الأوركيد إنها رائعة.
ابتسم قائلا:
-إني أرى ذلك. ولكن الحق يقال إنها ليست في جمال نظرتك بل إنها تبدو شاحبة أمام جمال عينيك.
احمر وجه"بيب" من الخجل ثم اقتربت وطبعة قبلة على شفتي الشاب ،فأمسك بيدها وتوجها إلى باب الخروج. كانت سيارة الليموزين بيضاء تنتظرهما عند الباب ،ذهلت"بيب" والتفتت إلى "سوير" وهي مبهورة ثم قالت له هامسة في أذنه:
-شكرا لكل هذا أحس وكأنني "سندريلا".
- ربما ،ولكن مع مراعاة فروق جوهرية مع تلك القصة، فأنا لست الأمير الجميل وليس عندك حذاء زجاجي،وبالأخص، وسف أكون بجانبك في منتصف الليل والواحدة صباحا والثالثة صباحا....
قاطعته قائلة وهي تجذبه ناحية الليموزين:
- هيا بنا.
جلسا في خلوة منعزلة عن باقي القاعة،كانت الأبواب المفتوحة تسمح بمرور نسمة بحرية رقيقة ودافئة لتصل إليهما، وكان لهب الشموع يتراقص تحت تأثير الهواء. وفجأة ظهر أمامهما نادل قدم لهما كأسين من الشراب.
- "سوير" نإن هذا المكان ساحر رومانسي جدا كيف اكتشفت هذا المطعم؟ سرعان مأصبحت صديقا لبواب الفندق الذي أرشدني بدوره إلى هذا المكان الذي يعتبر الأكثر رومانسيه في كل الشاطئ .اقترب عازف جيتار من طاولتهما ليعزف لهما موسيقى غرامية ،كانا يستمعان له وأيديهما متشابكة ،وعندما انتهى العزف، انحنى "سوير" ناحية الفتاة وقال لها:
- هل ترغبين في الرقص؟ أظن أنه توجد قاعة أخرى بها فرقة موسيقية رائعة على حسب مصدر معلوماتي.
سألته وأساريرها تنفرج فرحا.
- حقا؟لقد كنت أرغب فعلا في أن أرى إن كنت مازلت أتذكر كل الرقصات التي علمتني إياها، سيكون الأمر أكثر إثارة مع فرقة موسيقية حقيقية.
قال "سوير" وهو يغني دافعا باب الحديقة لتمر الفتاة من خلاله:
- وان،تو،تشا تشا تشا .
قام بعمل حركة تحية مضحكة لها، كان يبدو أنه ثمل رشفت"بيب" رشفة من كأسها قبل أن تنفجر ضاحكة.
قال الشاب وهو يضرب كتفه بكتف الفتاة:
- إننا زوج من الراقصين المرحين،لقد فات أوانكم يا"فريد"و"جينجر"،والآن جاء دور "بيب"و"سوير"!
- من "فريد"و"جينجر" هذان؟
قال "سوير" بصوت تملؤه الدهشة:
- هل تمزحين؟ ألا تعرفين "فريد استير" ولا"جينجر روجرز"؟ ولكن كيف لايمكنك معرفتهما؟أن كل الناس يعرفونهما لقد تعلمت الرقص بمجرد متابعة أفلامهما!
- ولكن كيف أمكنك تعلم الرقص بمجرد مشاهدة التلفزيون ؟ألم تكن ممنوعا من مغادرة السرير؟
- في راسي، ياحبيبتي"بيب"،في راسي !بالضبط.
تساءلت "بيب" في حيرة:
-لماذا؟
- لاشيء لاشيء! هل ترغبين في كأس من الشراب؟
قالت الفتاة في إلحاح:
- لماذا تغير الموضوع؟إنك تبدو قلقا فجأة.
ضحك بشموخ:
-أنا قلق؟
ابتسمت الفتاة بينما كان يواصل حديثه:
- لماذا أكون قلقا؟هل تعتقدين أن علي أن أكون قلقا لأنني أول حبيب لك؟ هل تظنين أنني قلق لأنني لم أقابل فتاة مثلك من قبل؟ بل أسوأ من ذلك لأنني أخاف أن اخذلها؟ فلماذا إذن أقلق؟
همست قائلة:
- لاداعي لذلك، ولست محتاجا للاختفاء وراء عدة كؤوس من الشراب لتعترف لي بذلك أيضا. إنني أثق بك .نظر إليها مليا ثم احتضنها وقال:
- أوه يا "بيب" ! كم احبك.
- حقا؟
- حقا.
أمسكت بوجه "سوير" بين كفيها بحنان ، ثم عادا إلى المنزل.
عندما استيقظت "بيب" في الصباح كان "سوير" يقف إلى جوارها يتأملها.قالت:
- لقد نمت طويلا؟
- لاحظت ذلك.
- هل نمت أنت أيضا؟
- نعم، لكن النادل أيقظني عندما احظر طعام الإفطار ،إذا كنت ترغبين في ذلك فإن الطعام في الشرفة.
نهضت وارتدت ثيابها ثم صاحت قائلة:
- لقد جاء في موعده ،إنني أموت جوعا!
قامت بغرف طبق كبير من السلطة المكسيكية وقطعة من البطيخ ثم جلست على الأريكة. وقالت:
-آه ! هذه هي الحياة الحقيقة، للأسف أننا لانستطيع أن نعيش هكذا طوال السنة.لحق بها واخذ بعض الطعام من طبقها .وقال متسائلا:
- ولم لا؟
- لاتكن سخيفا.على أي حال يجب علينا ان نعود يوما ما .إن إجازتي ليست أبدية بالإضافة إلى أنه ورائي أعمالا مهمة كثيرة تستوجب مني انتباها كبيرا.
قال مقترحا عليها بلهجة خبيثة:
- ولماذا لا تأتين إلى "ميرث"، للعمل في مشروع الحقيقة الوهمية؟ أستطيع أن اكلم المدير ،إنني اعرفه.
قفز قلب "بيب":
- هل عملي في "ميرث" مهم بالنسبة لك إلى هذه الدرجة؟
- فقط إن كنت ترغبين في ذلك حقا، يجب أن تفعلي ما تشائين ، ما يسعدك أنت .وليس شيئا آخر. هيا بنا نذهب إلى حمام السباحة.
- حسن سألحق بك فورا،سأرتدي زي الاستحمام.
كانا يستعدان لأخذ حمام، وفجأة رن جرس التليفون، ليرفع "سوير" السماعة بطرقة تلقائية:
- الو؟
لاحظت "بيب" أن وجه الشاب يتغير:
- كيف عثرت علي؟
رد "هيربرت بوركالتر":
- لم يكن الأمر بهذه السهولة، كان علي أن أضرب "جلوريا " ! لاتفكر في تغييرها أبدا فلن تجد أوفى منها .قال "سوير" في غضب:
- أظن أنك لم تتصل بي لتقول لي هذا الكلام يا "هيربرت"؟
- كلا، إن لدينا بعض المشاكل الكبيرة، وحضورك أمر ضروري جدا.
- إلى هذه الدرجة؟ ماذا هناك؟
وقام "يوركالتر" بشرح الأمور المستجدة لمديره بينما كانت "بيب" تلاحظ أن وجه "سوير" يكسوه تعبير غاضب لم تعهده فيه من قبل.
قال غاضبا:
- ياله من وغد! حسنا يا "هيربرت"، فلنجتمع الليلة في منزلي الساعة الثامنة تماما، سوف تأتي ومعك "جلورايط و"بترسون" محامي الشركة أيضا.
وضع "سوير" السماعة بعد هذه الكلمات ليأخذها من جديد ويقوم بمكالمة ثانية:
- الو؟الاستقبال؟ لو سمحت أريد ألغاء كل الترتيبات بالنسبة لهذا المساء. نعم كلها حتى "الماريا كيس" . وارجو منك أيضا أن تتصل بالمطار ليجهزوا طائرتي للإقلاع في خلال ساعة واحدة علم؟
اقتربت "بيب" منه وقالت في قلق:
- ماذا يجري؟
- إنني آسف يجب علينا العودة. بالرغم من أنني كنت قد أعددت سهرة رائعة ولكن مهما يكن...عمي "لين" يوشك أن يطعنني في ظهري، ولذلك يجب ان أقوم بحماية نفسي فورا، لقد دعا هذا الوغد إلى اجتماع جمعية المساهمين غدا صباحا متجاهلا تعليماتي وغيابي ،بالإضافة إلى وجود أمي في "هيوستن" وهي تقوم بالتقليب في اوراقي الخاصة ،إنني أشتم رائحة الغدر.
- إنني لا أفهم شيئا.
- إن الأمر بسيط جدا، فانا صاحب أكبر نسبة أسهم ،طالما كنت أنا الذي أدير حصتها لم تكن هناك مشكلة بالنسبة للأصوات في انتخابات المكتب،ولكن إذا استطاع "ليونارد" أن يقنعها بأن تعطيه حق إدارة أسهمها بدلا مني فإن الأمر سوف يختلف لأنه سيصبح في هذه الحالة صاحب أكبر عدد من الأسهم ، وهذا معناه أن عمي سيصبح مدير "ميرث" بحكم ذلك.
- لكن لماذا يفعلون ذلك؟ أليست شركتك أنت؟
- بلى ، ولكن "ليونارد" سيستغل غيابي في إقناع أمي بعدم كفاءتي في إدارة الشركة
- هل تعتقد أن في إمكان عمك فعل ذلك؟
- لست أدري ولكن شكي يزداد من ناحيته هذه الأيام . أعتذر لك لأننا سنترك هذا المكان ، هل أنت غاضبة مني؟
- كلا مطلقا، بل على العكس! يجب أن نلقن هذا القرصان درسا جيدا بالإضافة إلى انه سوف يكون في إمكانه إلقاء "سكوتر" ورفاقه في الشارع مباشرة. هيا بنا نرحل!
نظر إليها واجما ثم ابتسم قائلا:
- لقد قلت لك من قبل:إنك ذلك النوع من النساء.
- أي نوع تقصد؟
- نوعي المفضل.
في صباح اليوم التالي ومثلما كان متوقعا في الاجتماع السري الذي في منزل"سوير" ، كان هذا الأخير ومعه "بيب" يجلسان في مكتب الشاب .
كان جهاز اتصال داخلي قد وضع سرا في قاعة الاجتماعات المجاورة وكان يسمح للاثنين بمتابعة الحوار بدقة.
كان"سوير" يجلس مستريحا داخل كرسيه الفخم ويضع قدميه على درج مفتوح من أدراج مكتبه. وكانت"بيب" تجلس على أريكة تستمع لكل الأصوات الصادرة من الآلة.
قالت"جلوريا" بصوت خشن هادئ:
- شيء من القهوة سد "هوكر"؟
رد بصوت غليظ به نوع من الحرج :
- لا،آه..كلا شكرا.هل الكل موجود؟
ردت السكرتيرة بصوت تملؤه المرارة:
- الكل موجود ماعدا"سوير" طبعا، هل تذكر؟ مديرنا أبن أخيك.
عطس احدهم بحرج. وقال "ليونارد هوكر"معلنا:
_- إن مديرنا مسافر إلى الخارج لست أدري أين ولاأفهم أيضا سبب سفره هذا، ولكنه فضل الترحال على حضور الاجتماع السنوي لجمعية المساهمين،ولذلك سأقوم بالرئاسة أثناء غيابه، "جلوريا" قومي بتوزيع جدول أعمال اليوم من فضلك.
غمز"سوير" لـ"بيب" قائلا:
- إنه يتقن ذلك جيدا.
همست الفتاة وهي تبتسم:
- صه، لا استطيع أن اسمع ماذا يقولون.
وعاد الرجل العجوز ليقول:
-إن أول نقطة في جدول الأعمال تتعلق بكشف الحساب الربع السنوي للشركة، وكما تلاحظون أن أرباحنا انخفضت بنسبة عشرة بالمائة عن الثلاثة الأشهر الماضية التي كانت قد هبطت فيها الأرباح أيضا نسبة عشرة في المائة ، فبماذا تفسرون ذلك ياسيد"بوركالتر"؟
- في الحقيقة يا"لين" عفوا ياسيد"هوكر"إن أبحاثنا في مجال الألعاب الخاصة بالحقيقة الوهمية مكلفة جدا ولكن..
- ومن المسؤول عن هذه المشاريع؟
- اعتقد أنه"سوير" . ولكنه...
قال عم الشاب:
- فهمت. وهل لديك الشعور أنه كان مهتما جدا بهذه المشاريع في الأيام الماضية؟
- لا، ولكن لديه أفكار مهمة للغاية و...
كرر "هوكر"ببطء:
- أفكار مهمة للغاية . ولكن هل فعل شيئا ما بصدد ذلك؟شيء يشبع فضولنا على الأقل؟
ساد صمت كان "هيربرت" يتنحنح خلاله:
- إنه يعمل ماعليه، ولكننا نفتقر إلى خبير في نظام المعلومات الخيالية.
انكشفت عينا"بيب" وهي تنظر ناحية "سوير".
قال لها بحرج:
- لاياعزيزتي ليس الأمر كما تظنين.
- وماذا تظن بأنني أظن يا"سوير"؟
- أنا،أنا..... اسمعي سوف أشرح لك هذا كله فيما بعد.
قالت له:
- اسكت ، لم أعد اسمع شيئا مما يقولون. وكان "هوكر" يواصل كلامه:
- ومن هنا، ونظر لتصرفات "سوير هايس" المضطربة والتي أدت بالتالي إلى أنخفاض في أرباحنا أقترح بأن نعزله عن منصبه في إدارة الشركة وهذا من أجل صالح الشركة طبعا.
واحتج "هيربرت بور كالتر" قائلا:
- ومن سيحل محله؟
تلعثم "هوكر" قائلا:
- هيه...بصفتي نائب المدير أظن أنني أفضل شخص يمكنه أن يحل محلة مباشرة.
سوف نقوم بالتصويت برفع اليد، من مع هذا القرار؟
سادت ضوضاء وأصوات مختلفة .قفز"سوير" من على كرسيه متجها نحو باب قاعة الاجتماعات.
- الآن جاء دورنا.
قال وهو يدخل مع "بيب" إلى قاعة الاجتماعات محدثا صخبا بها:
- صباح الخير لكم جميعا، أعتذر عن التأخير ، صباح الخير يا أمي.
اتجه إلى المرأة الوحيدة الجالسة في القاعة وقبلها. ابتسمت "مادلين هايس" لابنها وقبلته بدورها. كانت ترتدي فستانا ورديا، وكان شعرها المشدود إلى الخلف يكشف عن قرط ثمين . وقالت:
- "سوير"! أين كنت؟ لقد حاولت أن أتصل بك لعدة أيام ولكن العم "لين" قال لي...
- اعتذر لانشغالي في الأيام الأخيرة ، فقد كنت أتفاوض على عملية مهمة جدا، أريد أن أعرفك بالدكتورة"إليزابيث لي بارون"التي تعتبر من أفضل الخبراء في مجال الحقيقة الوهمية. وهي مستعدة للعمل معنا. بدون أن تنطق بكلمة واحدة، أخذت "بيب" يد المرأة نحوها وسلمت عليها.
- إنني مسرورة جدا لمعرفتك يادكتورة"لي بارون".
-
- شعور متبادل يا سيدة "هايس"، حسب مارأيت في مشروع الألعاب الوهمية الخاص بشركتكم ، أستطيع أن أؤكد لكم أن بين أيديكم ثروة هائلة ستصبح "ميرث" أفضل شركة في هذا المجال.
- عبثت "مادلين هايس" بباقة فستانها وكلها فرح.
- هل هذا معناه أن المساهمين سوف يستعيدون أرباحهم من جديد؟
- لا أعتقد أنهم خسروها فعلا، ولكني أستطيع أن اضمن لكم مبالغ ضخمة في زمن قياسي.
قالت المرأة العجوز وهي تربت على كتف "سوير":
- كنت أعلم أن ابني عبقري . ولهذا السبب بالذات تركت له إدارة أسهمي.
اقترب"سوير" من عمه وقال له مبتسما:
- شكرا لإدارتك الدفة في غيابي ، أظن أنه يمكنني الآن استعادة كرسي الرئاسة.
احتج "هوكر" قائلا:
- لقد عزلناك عن منصب المدير العام منذ قليل أنا الذي أدير الشركة منذ اللحظة.
رد "سوير" متسائلا بلهجة شبه حزينة:
- حقا؟ إني متأكد لو أن الدكتورة "لي بارون" كانت قد علمت هذا لما قبلت بالعمل الذي نعرضه عليها.
صاح الرجل العجوز الذي بدأ الغضب يظهر عليه:
- نستطيع أن نجد خبيرا غيرها!
قال الشاب بلهجة هادئة:
- ولكن يجب أن يحظى خبيركم بموافقتي ودعني أسألك سؤالا آخر:
كم من الوقت تظن أن الشركة ستواصل فيه أرباحها إذا ماقامت بسحب شهادتي وعقودي الخاصة من "ميرث"؟
- شهاداتك؟
- كل المنتجات التي شكلت نجاحات تجارية لـ"ميرث" أنا الذي اخترعتها، وبالتالي فهي قانونيا ملك لي وليس لشركة "ميرث" ، وهي مسجله باسم"سوير هايس"ماعليك إلا أن تستشير مستشارنا القانوني أليس كذلك يا"برستون"؟
هز المحامي رأسه بالإيجاب:
- هذا صحيح.
تلعثم "هوكر" وهو يكاد يبتسم لابن أخيه قائلا:
- لكنك لن تفعل ذلك طبعا.....
قاطعه "سوير" بحدة:
-الآن إذا لزم الأمر! إذا عزلتني ، سوف تكون"ميرث" شركة مفلسة قبل أن أخرج من هذا المبنى.
انتفضت "مادلين هايس" ، وواصل "سوير" حديثه وهو ينظر إلى السيدة العجوز:
-أماه، هل ترغبين في تغيير تصويتك قبل رفع الجلسة؟
ردت مسرعة:
- طبعا فليحتفظ ابني بمركز المدير العام.
أعلن "سوير" وهو يضرب بكفه على الطاولة الكبيرة:
- حسنا ، انتهى الاجتماع ، شكرا لكم جميعا على حضوركم ثم أمسك عمه من ذراعه وابتعد به عن ألمجموعه وقال بصوت خافت ولكن بلهجة شديدة:
- عم "لين" ، سوف أقول لك هذا بمعزل عن البقية حتى أجنبك إحراجا جديدا، أمامك ساعة واحدة لتقدم لي فيها استقالتك وتخلي مكتبك.
كانت الساعات التالية بمثابة العذاب لـ"بيب" ففي حين انها كانت تفكر في أن يفسر لها "سوير" سبب مغازلته إياها بهذه الطريقة ، وجدت نفسها تتناول طعام الغذاء بين الأم وابنها وأمام هذا الأمر الواقع ، كان عليها أن تنصت مرغمة إلى ثرثرة السيدة العجوز حول الديكور الجديد لمنزلها وأمور أخرى تافهة من هذا القبيل. وجدت "بيب" أن هذا المرأة عديمة الفائدة ولا تهتم بشيء أو بشخص آخر غير نفسها، والحسنة الوحيدة التي اكتشفتها فيها الحنان الغريب نوعا ما نحو ابنها. وخلال كل هذا الوقت كانت "بيب" تتساءل لماذا قام "سوير" باستغلالها بهذه الطريقة.
كانت تتردد في الحكم عليه ولكن كان يتولد بداخلها شعور بالثورة.
عندما أرادت إنقاذ منصب"سوير" الإداري فلم تتردد في قول أنها كانت مستعدة للعمل بـ"ميرث" بالرغم من أنها لم تكن لديها الرغبة الكافية في ذلك . قالت الفتاة ثائرة على نفسها في صمت : "يالك من حمقاء".
عندما فرغوا من هذه الوجبة التي كانت تبدو بدون نهاية، أصرت "مادلين" على أن يقوم "سوير" ومعه "بيب" باصطحابها إلى الفندق مرورا بحديقة النباتات وكانت أم "سوير" تندهش أمام أية مجموعة من الزهور أو شجرة تراها
حاولت "بيب" أن تتماسك إلى أن وصلوا أمام فندق"واريك".
همس "سوير" قائلا أثناء توجه أمه لأخذ مفتاح غرفتها:
-إنني أعتذر سأحاول أن أتصرف بأسرع مايمكن.
ردت الفتاة هامسة:
- أرجو ذلك. لأننا يجب أن نتحدث معا.
- في وقت لاحق.
لو لم تره وهو يحاول أن يتهرب من توصيل أمه إلى المطار لظنت "بيب" أن "سوير" يحاول أن يورطها،ولذلك لما أخبرها الشاب أنهم سيذهبون لتوصيل أمه إلى المطار قبلت وهي تتجرع الصبر لتتفادى الغضب. وكان ذلك جيدا بالنسبة لها، لأنهم بمجرد وصولهم إلى المطار اقترحت السيدة "هايس" عليهما أن يأخذا معها كأسا من الشراب لحين موعد الإقلاع.
لم يتوقف" سوير" لحظة عن الكلام طوال رحلة العودة لتوصيل "بيب" إلى منزلها، كان يبدو قلقا ومحرجا جدا من أن يسود الصمت بينهما. أما "بيب" فلم تكن تنطق، كانت تفكر من جديد في كل ماحدث لها في الأيام الماضية ، ولكنها لم تستطع أن تركز بالفعل . كانت ثرثرة"سوير" تحاصرها في منطقة بلبلة، وكان كل شيء مضطربا حولها، وكلما كان"سوير" يسترسل في حكاياته الغريبة جعلها تنسى الأسباب التي تجعلها لا ترغب في سماعه ، وكانت تكتشف أحيانا أنها تضحك من هذه التفاهات التي يتحدث عنها. وبمجرد أن توقفت السيارة أمام الباب قفزت "بيب" خارجها وقالت آمرة إياه:
- انتظرني هنا، سوف أقوم بتغيير ملابسي لن أتأخر وبعدها سوف نتكلم.
رد "سوير" قائلا:
- ولكننا لم نتوقف عن الكلام.
- كلا، لم نتوقف عن الحديث عن أشياء غبية ومضحكة بعض الشيء ولكننا لم نتكلم بعد.
- إذن لم يستهوك الموضوع الذي حدثتك عنه؟
- بلى.بلى بالـتأكيد ولكننا بالرغم من كل هذا سوف نتحدث معا.
سألها"سوير " في قلق:
- ولكن بخصوص ماذا؟
قاطعته قائلة:
- بعد قليل ،الآن يجب أن أغير ملابسي .
قال الشاب وهو يتثاءب:
- إذن انتظر، أحب أن أساعدك في ذلك.بالإضافة إلى إنني مرهق ، ربما استطعنا ان ننام قليلا أليس كذلك؟
- لا. ليس الآن . فهناك "نان" ولا أريد أن اسبب لها حرجا بوجودك معي. انتظرني فحسب.
قال "سوير" :
- حسنا جدا، سوف أنتظرك على أحر من الجمر.
*****

 
 

 

عرض البوم صور lona-k   رد مع اقتباس
قديم 21-09-08, 02:13 AM   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 65483
المشاركات: 367
الجنس أنثى
معدل التقييم: lona-k عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
lona-k غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lona-k المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل التـاسع


كانت الشمس تميل للغروب خلف حائط الأشجار على الجانب الآخر من البحيرة عندما وصل"سوير" و"بيب" في صمت بالقرب من المركب القديم.
كانا يشاهدان قاربا صغيرا ذا محرك يجر وراءه متزحلقا.
قال "سوير"متسائلا:
- هل جربت من قبل رياضة التزحلق على الماء؟
- نعم. علمني إياها التوءمان"ستراهان".ولكنني أطن أنني لن اقدر على فعل ذلك أبدا . نظرا لفرط الخجل والخوف.
- والآن؟
نظرت إلى"سوير" نظرة حادة.ثم قالت:
- أظن إنني استطيع ذلك ،لأنني إن كنت قد تعلمت شيئا معك فسيكون بالتأكيد هو تخلصي من مخاوفي.
نظر "سوير"إلى الأفق وقال:
- يبدو كأنه مر دهر كامل على أول مرة أراك فيها عندما كنت تقومين بطلاء ذلك القارب القديم.لقد كان شكلك مضحكا بذلك الشريط الفضي اللاصق ونظارتك العجيبة.
ردت وهي تبتسم ابتسامة حزينة:
- هذا حقيقي.أنا أيضا أحس أنه قد مر دهر منذ لقائنا الأول بالإضافة إلى أنني تغيرت كثيرا.وأمتن بما علمتني إياه واعطيتني إياه،إنك سبب كل هذا التطور.
قال بحرج:
- توقفي من فضلك.
كان يبدو أنه على وشك أن يحمر وجهه خجلا .واصلت الفتاة:
- لا،إني جادة يا"سوير" ،شكرا على كل هذه الدروس الحياتية وشكرا جزيلا. ولكن الآن لست ادري إن كان الأمر يستحق...
قاطعها "سوير":
- أتدرين، لقد قمت بالفعل بتحويل هذا الهيكل المتهالك إلى قارب جميل ،ماذا تنوين أن تفعلي به.
- بدون شك سوف أقوم بجولات على ظهره.نوعا ما مثل"هاكلبيري فين"أو"توم سوير"ولكن...
سألها "هايس":
- الم أخبرك بأن لدي قاربا؟ إنه مرفوع ليتم إصلاحه،ولكنه سيكون جاهزا بعد أسبوع ،ربما سوف أصحبك للقيام بالغطس في أعماق البحر هل جربت ذلك من قبل؟
هزت رأسها نافية ثم فتحت فمها لتواصل حديثها الذي يجثم قلبها.
ولكن الشاب لم يترك لها الفرصة لذلك.وواصل كلامه قائلا:
- سوف أقوم بتعليمك.وأنا واثق انك ستحبين ذلك!
- سوف أقوم بتعليمك.وأنا واثق انك ستحبين ذلك! يمكننا أن نتجول بين جزر"كيز" ثم لم لانتجه بعد ذلك إلى جزر "الكاريبي"؟لن يكون لدينا شيء نفعله سوى التمدد في الشمس أو الغطس في المياه الصافية ونفعل الكثير من الأشياء الصغيرة الأخرى التي نحبها ما رأيك في هذا؟
- لست ادري إن هذا يعتمد على....
قال "سوير" مقاطعا إياها بصوت غير واثق :
- هل تعرفين كيف تجعلين الحجر يقفز فوق الماء؟انظري إن السر يكمن في حركة المعصم أثناء رمي الحجر.
وقام بتناول حجر مصقول ورماه على سطح البحيرة قفز الحجر عدة مرات على سطح الماء قبل أن يغطس فيه . ثم أعطى الفتاة حجرا ولكن تجربتها كانت فاشلة.
قال وهو يعترف اخيرا:
- نستطيع القول :إنك تفتقدين التركيز اليس كذلك؟
ردت "بيب":
- هذا صحيح لانني لاأريد أن أتعلم رمي الأحجار في الماء بل أريد فقط أن نتحدث .فعندي بعض الأسئلة التي تحتاج إلى أجوبة.
ركل"سوير" بغضب فرعا ميتا كان بالقرب منه وقال:
- هذا ماكنت أخشاه.كنت أتمنى بغباء ألا تسأليني عما تريدين أن تسأليني فيه، أتفهمين؟
- أسأل عن ماذا؟
- عم إذا كان كل هذا المجهود المبذول مني لأنال إعجابك ،وإذا ماكانت كل هذه الأوقات الرائعة التي قضيناها معا لم يكن لها سوى هدف واحد فقط:أن أقنعك بقبول العمل في "ميرث".أليس كذلك؟
ردت بصوت محايد:
- أنت الذي تقول ذلك.
قال لها بصوت يملؤه الحزن:
- لم يكن من أجل ذلك.أستطيع أن اقسم لك على ذلك.
- ولماذا علي أن أفكر بهذه الطريقة؟
- لقد لاحظت نظرتك إلي عندما كاهن "هيربيرت" يتحدث عن خبير الحقيقة الوهمية المنتظر.
قالت الفتاة وهي تفكر:
- هل تعلم يا "سوير"، لقد تعلمت خلال الأسابيع التي قضيناها معا أن أتعرف عليك ، وأعلم أنك لم تكن تغازلني من أجل الشركة. ولكن يجب أن أعترف أن الفكرة خطرت فعلا على بالي.ولكني أعلم أيضا أنك لست ذلك النوع من الرجال.
نظر إليها وكأنها قد ألقت له بطوق نجاة ثم قال وهو يقترب منها ويحتضنها بين ذراعيه:
- لم أخف في حياتي مثلما أنا الآن ، ولم أكن أعرف كيف سأقنعك بصدق نيتي لو لم تصدقيني.آه ياحبيبتي كم أحبك.وفجأة دوى صوت قريب:
- أوهيه!هل من أحد؟أوهيه!
قال "بيب":
- هذا صوت "نان".إنها تبحث عنا.
قال "سوير":
- أظن أنها ستأتي إلى هنا إن لم ترد على ندائها.أليس كذلك؟
- بالتأكيد.
- حسنا اذهبي إليها وسوف ألحق بكما بعد لحظات قالت"بيب" متسائلة:
- ولم لا تأتي الآن؟
- لأنها لو رأتني في هذه الحالة ربما تغضب مني بل يمكن أن تطاردني أيضا.
ضحكت "بيب" .بينما كانت المرأة العجوز تظهر عند أول الطريق كانت تحس أن هناك شيئا ما قد حدث.
قالت "نان" وهي تبتسم ابتسامة لها معنى كبير:
- أظن أنني وصلت في الوقت المناسب، ولكن ماذا يفعل "سوير" على القارب؟
- آه ..إنه يقوم بفحص الهيكل ،ليتأكد من عدم نفاذيته للماء سوف يلحق بنا بعد قليل.
- إن عميك هنا يا "بيب".
- عم "والدو"وعم"إيموري"؟
- أظن أنه ليس لديك أعمام غيرهما يا عزيزتي.
- شكرا يا "نان" سوف نأتي بسرعة.
كان الأخوان متشابهين لدرجة أذهلت"سوير" عندما قامت"بيب" بعملية التعارف بينهم ، ومما زاد في التشابه ارتداؤهما لنفس النوع من البذل السوداء الفخمة ،كان الشيء الوحيد الذي يفرقهما هو ربطة العنق: فأحدهما كان يرتدي واحدة حمراء والآخر زرقاء. بالرغم من احمرار وجهيهما إلا أن "سوير" استطاع أ، يلاحظ الشدة الموجودة في نظراتهما وعزاها إلى سنوات الدراسة والأبحاث وإلى الصرامة التي تحتاجها تلك الأخيرة.
قال وهو يصافحهما الواحد تلو الآخر:
- إنني مسرور جدا لمعرفتكما ، لقد حدثتني"بيب" عنكما كثيرا ، والشيء الوحيد الذي يحيرني الآن هو كيف أتصرف مع كل هؤلاء الدكاترة"لي بارون".
قال الرجل ذو الربطة العنق الزرقاء:
- إن الأمر سهل جدا .أنا الدكتور"والدو"وهذا الدكتور"إيموري".
واصل "سوير" الكلام وهو يغمز بعينيه لـ"بيب":
- وهذه الدكتوره "بيب".
سأله "إيموري":
- لم تكن تدرس في "رايس" ياسيد"هايس" أليس كذلك؟لا أظن أني رأيتك في أي من محاضراتي.
قالت "بيب" شارحة الأمر:
- عماي يظنان أن "رايس" افضل جامعة في البلاد.
قال "والدو" معترضا:
- لا.لا "هارفارد"أيضا ليست سيئة....
قال "سوير" وهو يبتسم:
- على كل حال أنا لم أكن في "رايس" ولا حتى في "هارفارد" في الحقيقة لم أكن اذهب قط إلى الكلية .
- كيف؟ الم تدرس قط في كلية؟ لكن "بيب" أخبرتنا انك مدير عام لشركة كبيرة جدا .إن هذا الأمر عجيب .أليس كذلك يا "والدو"؟
- بل عجيب جدا يا "إيموري"!
قالت "بيب":
- في الحقيقة إن "سوير" لم يذهب أبدا إلى المدرسة.
صاح العم "والدو":
- ياللعجب!
- هذا موضوع مثير للإهتمام.أليس كذلك يا "والدو"؟
قال الأستاذ الكبير مزايدا :
- بل مثير جدا للإهتمام .
قالت الفتاة وهي تنهض:
- حسنا ، ماعلينا إلا أن ننتقل لتناول الطعام وسوف نناقش هذا الموضوع بتأن ماقولك يا "سوير" أن تبدأ قصتك بينما أذهب لمساعدة "نان".
كان لكلام "سوير" اثر السحر على الأخوين لدرجة إنهما قررا إلا يعودا إلى "رايس" إلا في صباح اليوم التالي. وكانت قصة الصراع بين "سوير" وعمه على قيادة الشركة قد غطت كل وقت العشاء. وبطبيعة الحال لم يستغرق الأمر من العالمين أكثر من ثلاث دقائق حتى أصبحا يتعاطفان مع الشاب . كانا يريان في هذا الصراع على السلطة نوعا من الفروسية التي أثارتهما على قلب رجل واحد ضد "ليونارد هوكر".
وصاح العم"ايموري":
- كنت أود أن أكون موجودا لأرى وجه هذا اللص !
قال "والدو":
- أظن أنه نال ما يستحق بقصة الشهادات تلك، إنك رجل تكتيك فذ، لابد أنك خصم عنيد.هل تلعب لعبة الشطرنج؟
رد "سوير "بتواضع:
- مستواي ليس سيئا .
واصل الأستاذ الكبير قائلا:
- لابد أن أحذرك ،إن أخي بطل جامعة "رايس" منذ ثلاث سنوات.
رد الشاب قائلا:
- وأنا أيضا لست معوقا، هيا بنا!
قال العم "إيموري" لأخيه بلهجة ساخرة:
- أظن يا "والدو" أنك عثرت أخيرا على منافس حقيقي لك.
نهض "والدو" ليتجه إلى غرفة الجلوس وتبعه أخوه ولكن"نان"سرعان ما دعتهما من جديد:
- دكتور "والدو"! دكتور"إيموري"! لم ينته العشاء بعد هل يمكن أن تنتظرا حتى أقدم لكما طبق الفاكهة حتى يتسنى لكما ترك الطاولة بعد ذلك.
نظر الأخوان إلى بعضهما بابتسام ثم عاد للجلوس من جديد.
- مات الملك.
صاح "والدو"قائلا:
- ياللعجب! إن هذا الشاب يهزمني للمرة الثانية.
همس "ايموري":
لعبة جيدة أيها الشاب ، حتى أنا كان من الصعب علي ان اهزمه. ومثلما قال لك أخي من قبل :إنك رجل تخطيط فذ أليس كذلك يا "والدو"؟
قال هذا الأخير مؤكدا:
- بل استطيع أن أقول: إنه فذ للغاية.
رد "سوير ببساطة:
- ربما حالفني بعض الحظ.
أكد "والدو" قائلا:
لا.لا. لا أيها الشاب لقد لعبت بطريقة جعلت خصمك يذهب حيث كنت تريده ان يذهب،إنه أسلوب الكبار .
قال"سويرط بحرج وهو ينهض:
شكرا، أظن أنه يجب علي أن ارحل ، لقد استمتعت جدا بصحبتكما وأرجو أن ألقاكم من جديد في اقرب فرصة.
نهض وسلم على الأخوين وقال وهو يسأل "بيب":
- هل يمكنك اصطحابي إلى الباب؟
تبعته إلى الخارج.
- اعتقد أنك تركت انطباعا قويا عند عمي أتدري ذلك؟وكونك استطعت هزيمة عم "والدو"كان كفاكهة السهرة.ولكن لم لم تتركه يهزمك؟
- كان سيشك في الأوامر ولن يحترمني لذلك.
قالت وهي تقلد عمها"والدو":
- إنك رجل تخطيط فذ.
- إنني اعلم أين يجب أن اذهب واين لايجب؟!
- أعلم ذلك ولهذا السبب لم نستطع أن نتحدث، لقد قمت بإدارة الحوار بأستاذية.
- حقا؟ كنت أعتقد أننا تكلمنا فعلا.قالت:
- كلا. ولكننا سوف نفعل ذلك غدا.
رد قائلا:
- أوافق . يمكننا أن نذهب إلى المزرعة لنرى الأولاد ونخبرهم بأننا أنقذنا مزرعتهم ، هل توافقين على ذلك؟
ردت بسرعة:.http://www.liilas.com/vb3


- طبعا ،إنني اعشق هؤلاء الأطفال.
- أاطلب من عميك الحضور أيضا؟
- كلا، لا أعتقد أنهما سيحبان ذلك بالإضافة إلى أنني متعجبة من زيارتهما لي ولكني اعتقد أن "نان" هي التي أخبرتهما بأن شيئا ما يحدث بيننا، ولابد أنهما أتيا لمعرفة الأمر.
- هل تظنين أنني نجحت في الامتحان؟
- بامتياز في رأيي.
بعد قبلة الوداع ابتعد "سوير"بينما كانت "بيب" واقفة وحدها أمام الباب تتذكر الأسئلة التي لم تستطع أن تطرحها على "سوير هايس" ولكنها عندما أحست بأن التعب يمنعها من التركيز آثرت أن تذهب إلى الفراش.
****
حطت الطائرة المروحية في المكان المخصص لها في مزرعة"ميرث"، وبمجرد أن توقفت المراوح قفز "سوير" من الطائرة ليذهب إلى الجانب الآخر منها ويقوم بفك حزام الآمان الخاص بـ"بيب".
نظرت حولها وقالت:
-أتسأل عن السبب الذي جعل الأطفال لايأتون لاستقبالنا، أو على الأقل "سكوتر"و"دافي"...
امسك بيدها وجذبها برقة خارج الطائرة وقال في قلة صبر وحرج:
- حسنا هيا تعالي معي الآن!
قالت "بيب" محتجة:
- تمهل يا "سوير"! مابك اليوم؟ أجدك شديد القلق.
- أتجدينني كذلك حقا؟ قلق كيف؟
فكرت ثم ردت:
- لست ادري ، ولكنك تبدو مفرط الإثارة، هل فهمت ما اعني؟
رد "سوير" وهو يجذب يدها بنوع من الشدة:
- افهم ماتعنين جيدا . والآن اتبعيني.
سار الاثنان معا نحو المبنى الرئيسي وعند اقترابهما منه رأت "بيب" الأولاد مجتمعين أمام المبنى كانوا ينظرون باهتمام إلى السيد "مات"كأنهم ينتظرون منه إشارة ما، وعندما رأى هذا الأخير الزوج يقترب وضع على فمه مزمارا قديما وبدأ يعزف لحن نداء وسرعان ما بدأ الأولاد الذين كانوا يحملون في أيديهم قطعا مستطيلة من الورق المقوى. يجرون في كل الاتجاهات ليشكلوا في النهاية صفا واحدا أمام "بيب" و"سوير" . وكان مكتوبا على قطع الورق المقوى المصفوفة بجانب بعضها العبارة التالية:
- "بيب" ،إنني احبك.أرجوك أن تقبلي الزواج بي!
"سوير".
كانت لاصدمه شديدة على "بيب" جعلتها تنهار من البكاء. كانت نظراتها تنتقل من العبارة المحمولة بواسطة الأطفال إلى"سوير" الذي كان ينظر إليها نظرة طفل فعل شيئا خبيثا.
وقال لها في النهاية:
- مارايك؟
- لست أدري ماذا يمكنني أن أقول لا تسعفني الكلمات لذلك.
ترك "سكوتر" و"دافي" الصف ليتجها مسرعين إلى الشاب.
صاح "سكوتر" قائلا:
- هل كان الأمر جيدا يا "سوير" ؟ ألم نخطئ؟
رد قائلا قبل أن يتوجه بالحديث إلى باقي المجموعة:
- الفكرة ناجحة تماما .كنتما رائعين حقا. أهنئكما على ذلك .
قال الطفل الصغير قبل أن يوجه كلامه للفتاة:
- أسمعت يا "دافي" لقد كنا رائعين هل ستتزوجين منا أيضا يا سيدتي؟
صاحت وهي تضحك قائلة:
- أنتم جميعا؟ لكن...
رد الطفل وهو ينظر إلى "مات" الذي كان يقوم بجمع الصبية:
- أظن أنك ستتزوجين "سوير "فقط بالإضافة إلى أننا يجب أن نترككم لأن السيد "مات" قال لنا: إن علينا أن ندعكم تستمتعون بوجودكم هنا بمجرد أن ننتهي من آه...؟ كيف نقول ذلك؟
- مهمة؟
صاح الطفل :
- نعم ، هذه هي مهمتنا.
تأثرت الفتاة من هذا الموقف وانحنت نحو الطفل لتحتضنه. قبلها "سكوتر" قبلة سريعة قبل أن يتقد "دافي" في خجل. قال بصوت خافت جدا قبل أن يقبلها :
- إننا نحبك جدا.
احتضنته وردت عليه فورا بصوت يحجبه التأثر:
- وأنا أيضا ، أحبكم كثيرا.
ثم ذهب الطفلان، لينضما لباقي المجموعة تاركين "بيب" و"سوير" وحدهما . قبل "سوير" وجنة الفتاة وسألها بخبث:
- هل لي الحق في شيء صغير أنا أيضا؟
- نفس الشيء؟
- "احبك"مثلا؟
لم ترد
- قال في النهاية:
- هل تحبينني؟
- بالطبع أحيك أو على الأقل هذا ما اعتقده،لأنني لم يسبق لي أن أحسست بهذا قبل أن ألقاك.
نظرت من حولها قبل أن ترتمي في أحضان "سوير" ثم عادت لتقول في صوت مرتجف:
- لست ادري معنى كل هذا . كل شيء مضطرب في رأسي ولا أستطيع حتى التفكير.
ضمها نحوه بقوة.
- مالذي يجعلك مضطربة؟ أكونك تحبينني أم لأنك ستتزوجين مني؟
ردت "بيب" شارحة:
- كل شيء مضطرب منذ أن عرفتك ، لايوجد شيء بقي على حاله في حياتي ، لقد تسببت في قلب كل الأوضاع رأسا على عقب.
قال وهو يبتسم:
- ياعزيزتي المسكينة.
ردت بشدة:
- إنني لا أجد مايضحك في هذا الأمر يا "سوير هايس".
قال بسرعة:
- طبعا إن الأمر لايستدعي الضحك.أظن أنه يجب علينا أن نتحدث، هيا بنا نجلس فوق جذع الشجرة فسوف نستطيع هناك أن نناقش الأمر بهدوء أكثر أتوافقين؟
جلسا فوق الجذع ، ثم امسك "سوير" بكفي"بيب" وقال:
- كلي آذان مصغية.
- لقد كانت حياتي قبل أن أعرفك منظمة جدا حتى الفوضى فيها كانت- بطريقة ما- منظمة أيضا وطبعا كانت هناك تلك الأبحاث التي كنت أجريها على سلوكي ولكن حتى هذا الأوامر كان مرتبا في حياتي وكان عملي هو المحرك الوحيد، متعتي الوحيدة في الحياة وظننت وقتها أنه سوف يبقى كذلك إلى الأبد ، إن الطبيعة قد حبتني ببعض القدرات الخاصة، ولذلك أخذت عهدا على نفسي أن أجعل المجتمع يستفيد منها لأقصى درجة.ولكن...
- لكن؟
- لكني اكتشفت معك الوجه الخفي لنفسي وجه أكثر جنونا ، أكثر طيشا علمتني أنت كيف ألهو وكيف أستمتع بالحياة ووجدت أنني قد أحببت هذا كثيرا. ولكنني في نفس الوقت لن أستطيع اللهو طوال حياتي. أليس كذلك؟ إنني غارقة في الفوضى ولم أكن أبدا أطيق ذلك. ولا أعرف أين أنا، لم أ‘د أعرف من وأين أنا ولاحتى ماذا أريد.
همس قائلا:
- لكنني أ‘رف من أنت؟! إنك المرأة التي أحبها والتي أريد أن أتزوجها وأقضي معها بقية عمري.
- لكني لاأعرف حتى معنى أن أكون امرأة ولاماذا سأفعل ببقية عمري. لست أدري إن كنت سأستطيع التأقلم مع أسلوبك في الحياة، وبالرغم من كل ماعشناه معا إلا أنني مازلت لاأصدق بوجود الحظ أو السحر . كل شيء مختلط ، إني أحس أنني ضائعة.
ارتمت بين ذراعي"سوير" وانهارت باكية، فضمها إليه بأقصى قوته.
وهمس لها قائلا وهو يمسح دموعها بطرف قميصه:
- اهدئي ، كل شيء سيكون على مايرام،لاتبكي قولي فقط ماذا يمكنني عمله حتى أخرجك من هذة الحالة وهل يمكنني فعله؟
استنشقت ثم قالت له:
- لابد لي من وقت لأرتب فيه أفكاري وحدي.
- تريدين أن تقولي بدوني؟
ردت وهي تهز رأسها:
- بالضبط، لأن كل شيء يختلط علي عندما نكون معا.
سألها في حيرة:
- وكم من الوقت؟
- لست أدري.
- إنني احبك جدا يا "بيب" ومستعد لأن أفعل أي شيء من أجلك.إن كنت تريدين مني أن أغير من حياتي فسأفعل ذلك بمجرد أن تطلبيه.
- لا داعي لذلك يا"سوير"، فأنا أفضلك كما أنت ، وعلى كل حال سوف تكون تعيسا إذا ماحولت أن تسير ضد طبيعتك وأظن أن المشكلة لاتتعلق بك بل بي أنا...
- أعتقد أنك تعانين من أزمة في الشخصية.
- ربما، ولكني يجب أن عكف على دراسة المشكلة قبل أن اتخذ أي قرار أريد أن اقوم بتركيب القطع من جديد وأخشى أنني لن أستطيع ذلك.
اخشي ذلك كثيرا.
- حبيبتي، لاأعرف شيئا سوى أنني أحبك. وأود أن أعرف إن كان هذا الذي يحدث لك بسببي أم بسبب شيء آخر قلته أنا؟ هل هو بسبب العمل الذي عرضته عليك؟ أم أمي؟
قال"بيب" بعد أن فكرت مليا:
- ربما، ولكنني لا أعرف ،إن كان الأمر حقا يتعلق بذلك .على كل حال كنت أفكر في العودة إلى العمل حتى أجد نفسي في وسط مألوف ربما ساعدني ذلك على التفكير . ما رأيك؟
- إن كنت ترغبين في العمل فلقد عرضت عليك"ميرث" المكان الخالي لعملك بها.
- يجب علي أن أفكر ولابد لي من وقت لذلك، القوت هو ما احتاج إليه فعلا.
تنهد "سوير" كأنه رضي بالأمر وتبسم للفتاة بحزن.
وقال لها:
- أظن ان الأطفال كانوا يأملون في أن نصطحبهم لاحتفال مفاجئ صغير. ولكنني أرى أن الوقت غير مناسب لذلك...
ردت "بيب" وهي تعود للبكاء من جديد:
- أعتذر عن تصرفي بهذه الطريقة إنني أفسد كل شيء...
قال "سوير" وهو يحتجز إحساسه بالحزن بقدر مايستطيع:
- لاعليك أحتفظي بقميصي لتجففي دموعك سأذهب لأخبر الأطفال أنك مرهقة قليلا من جراء المفاجأة.
حاول جاهدا أن يبتسم قبل أن يقول لها:
- على كل حال أظن أن هذا ماحدث تقريبا أليس كذلك؟ لقد كان غباء مني أن أفعل معك هذا كان علي أن أتوقع ذلك، سوف أعود حالا.
خلع قميصه ليتركه للفتاة ثم ابتعد تاركا إياها شاردة بين أفكارها. كان هناك ألم الم لم تألفه يجثم فوق صدرها ولكنها أجبرت نفسها بالرغم منه على التفكير. هل كانت تحب ذلك الرجل حقا؟ طبعا إنها تحبه! كان عليها أيضا أن تعترف بأنه من طراز خاص، مثل ثائر على الحياة ولكن ثورته كانت مميزة كان يبدو كأنه بعيش في عالم خيالي ، بعيد كل البعد عن واقعه الخاص حتى هي لم تكن تعرف موضعها في الوجود ، وكانت تخشى أن يزيد "سوير" من تعقيد الأمور أكثر مما هي عليه.
اعترتها موجة من الخوف مما جعلها تدس وجهها في قميص "سوير"، كانت رائحة الشاب تغمر حواسها، تزيد من اضطرابها كانت ترغب في أن تعدو خلفه وتخبره بأنها مستعدة لأن تشاركه كل شيء ومهما حدث.
لكنها لم تفعل ذلك. كانت تحتاج إلى وقت للتفكير ، لتجد الخلل بداخلها.
من أجلها واجله ومن أجل أن يستطيع حبهما أن يستمر . في هذه الأثناء كان "سوير" يفكر بسرعة ، فكر في الأطفال وإلى أي مدى سوف يحزنون بل ويحبطون أيضا ولكن ليس بنفس درجته هو، لأنه مهما بحث عن كلمة يعبر بها عن إحساسه بالقلق أمام مااعترفت به"بيب" له في الحقيقة لم يكن يتوقع أن يكون رد فعل "بيب" بهذه الطريقة. لم يكن يستطع أن يتصور أن شيئا سوف يتعارض مع مشاريعه بمثل هذه الطريقة الفجة. كان دائما يشعر أن هذه المرأة خلقت من أجله، منذ أول مرة رآها...
قال في نفسه محدثا إياها في غضب:"يالي من مغرور، متعجرف"!
لأول مرة في حياته كان هناك شخص يفكر بعكس مايجول بخاطره، ويكون لديه آمال غير آماله هو. ولأول مرة كان عليه أن يواجه نفسه،وطريقته في الحياة.
هل كان فعلا شخصا عديم المسؤولية؟ ومع ذلك كان يعلم أن كثيرا من الناس يظنون به ذلك.حاول إقناع نفسه قائلا لها:
- "إنهم لايفهمون، ولايرون ماأراه أنا". ولكنه كان يظن أن"بيب"تفهمه ، بل كان يريد إقناع نفسه بذلك..http://www.liilas.com/vb3


لم يكن عليه سوى الأمل ، الدعاء...والأنتظار.

 
 

 

عرض البوم صور lona-k   رد مع اقتباس
قديم 21-09-08, 02:19 AM   المشاركة رقم: 19
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 65483
المشاركات: 367
الجنس أنثى
معدل التقييم: lona-k عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
lona-k غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lona-k المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل العاشر


قضى "سوير" معظم الأيام الثلاثة التالية جالسا في الشرفة ، ينظر إلى الرياح وهي تداعب الأشجار البرية المنتشرة أمام المنزل ومع أن الطبيعة المحيطة به كانت تعكس الهدوء إلا أن الشاب لم يستطع أن يستلهم ذلك منها .
كانت صورة الفتاة تداعب عينيه في كل مكان ، كان يسمع صوتها ويشم عطرها. وبدا القط"شادو" كأنه يحس بحالة صاحبه لكن وجوده لم يشغل بال"سوير هايس" الذي يجلس هنا بدون أن يفعل أي شيء ،كأنه كان ينتظر مرور الوقت ليعود إلى النوم.لقد وعدها بإعطائها وقتا للتفكير بمعنى أنها منعته من الاتصال بها بأي طريقة كانت لكنه لم يتصور أنه سيتألم لمجرد أنه لايعرف أين هي أو ماذا تفعل أو كيف حالها؟
رن جرس التليفون ليقطع الصمت السائد في المكان ،نهض "سوير" قافزا، مما جعل القط يفر ليختبئ تحت الطاولة، رفع الشاب السماعة ،كانت "بيب" صوتها الحبيب إلى قلبه الذي كاد يخرج من بين ضلوعه من فرط الأحاسيس المتدافعة بداخله.
- أهلا.كيف حالك؟
- آه صباح الخير يا"سوير" ،كنت أود أن أتحدث معك بخصوص الوظيفة التي عرضتها علي .قال وهو يشعر بالإحباط:
- نعم، هل قررت قبولها؟
- لا، لا أفضل ذلك.
شعر الشاب بانقباض في قلبه . وواصلت "بيب" حديثها:
- لا أعتقد أنني الشخص الأكثر كفاءة لهذا العمل بالإضافة إلى ان، الوضع...... ولكنني تحدثت إلى "بيل روسكا" ، وهو شخص ذو كفاءة عالية وهو شغوف أيضا بأنواع الرياضة ، ووجدت أنه مهتم للغاية . لم ينطق"سوير".
- "سوير" ؟هل أنت معي؟
الاتصال رد "سوير" مسرعا بعد أن استجمع أفكاره.
- نعم. نعم أنا معك.إن كنت قلت ذلك فأنا أصدقك ، ماعليك إلا الاتصال بـ"هيربرت" وإخباره بالأمر بأسرع مايمكن .ساد صمت صمت آخر . ثم قال:
- لقد افتقدتك.
ردت مسرعة لتحيي الأمل من جديد بداخل "سوير":
- ,أنا أيضا افتقدتك .
- هل فكرت؟
- لا، ليس بعد.
- هل ترغبين في الخروج معي في انتظار ذلك،نستطيع أن نذهب إلى السينما أو تناول شيئا ما ،لست أدري...
قاطعته قائلة:
- توقف عن ذلك يا "سوير"!
- ألا ترغبين في الخروج معي؟
- لست متأكدة أحتاج إلى مزيد من الوقت .
قال في نفسه:
"تبا،ألم تتصلي بي فقط إلا لتحدثيني عن هذا "بيل" لست أدري ماذا".كلا لقد كان هناك شيء أخر،وكان عليه أن يجاري الأمور حتى النهاية وأجبر نفسه على ذلك .قال لنفسه يحدثها:
"الصبر، الصبر، سيأتي دوري قريبا ". لكنه كان يكره الأنتظار ، كان ألمه يزيد مع الانتظار ولم يكن يحب ذلك أيضا وعندما طالت مدة تفكير الفتاة كره ذلك أكثر .كان لديه الإحساس بأنها تستغل ذكاءه بطريقة ذكية،لأنها أجبرت نفسها على ذلك.
قالت في النهاية:
- حسنا أعتقد أن علي أن انهي المكالمة.
- هل أستطيع أن أقول لك شيئا قبل أن ننهي المكالمة؟
- نعم.
- "أي لوف يو"، هل تسمعين؟! إنني أحبك بكل روحي بكل قلبي حاولي أن تتذكري ذلك وأنت تفكرين ، وبمناسبة ذكر القلب أرجو أن تنظري من حين لآخر داخل قلبك، لأن ذكاءك في بعض الأحيان ينسيك بقية الأشياء. استشف "سوير" أنينا قبل أن تغلق "بيب" الخط تساءل وهو يمسك بالسماعة إن لم يكن قد أفسد كل شيء بالفعل .
قالت"كارول فينهويزن" وهي تضع طبق القهوة على مكتبها :
- أظن أنها مجرد أزمة معرفة للذات. وهو المثال النموذجي لاختلاط الأدوار الذي تتعرضين له.
ردت الفتاة وهي تقرض أحد أظافرها:
- هذاما قاله لي "سوير".
- هذا لأنه رجل عاقل ،اما أنت فتبدين كأنك فقدت عقلك.
سألتها "بيب":
- تماما ، مع أنك حذرتني من ذلك.
ردت صديقتها وهي تبتسم لها ابتسامه غريبة:
- نعم، ولكن الحب يجبرنا على فعل أشياء عجيبة، هل تعلمين ذلك، أظن أنك واقعة في الحب طبعا.
- كليا تماما وبجنون إنه الشيء الوحيد الذي أجدني متأكدة منه ولكن ليس في كل الأوقات لأنني أخشى أن تكون أساليبنا في الحياة غير متفقة تماما . وأظن أن هذا أساسي . أليس كذلك؟
- للأسف لايوجد من يرد على هذا السؤال غيرك.
- كنت متأكدة أنك ستقولين لي ذلك لقد قرأت الكثير من الكتب خلال الأيام الماضية وكنت أتساءل عم إذا لم يكن "سوير" يعاني أعراض مرض "بيتر بان" إلا إذا كان يقوم بالتعبير عن الطفل الكامن بداخله.
ابتسمت الطبيبة النفسية من جديد وقالت:
- أظن أنك قرأت الكثير حقا، ولكن علي أن أقول لك شيئا: كل إنسان منفرد لدرجة تجعل من الصعب بل من المستحيل أ، نقوم بتحليل تصرفاته بناء على مقاييس ثابتة.وأظن بالرغم من كل هذا أنه يمكننا أن ترسم صورة تخطيطية عامة للحالة التي توجد أمامنا وهي حالة"سوير" طبعا.
أولا هل لديه سلوك أناني أو نرجسي؟
قالت"بيب" محتجة:
- كلا على الإطلاق! إنه شديد الكرم والجود لدرجة أنه يمول مشاريع اجتماعيه خيرية كثيرة ، دون أن نذكر مزرعة "ميرث" التي سبق أن كلمتك عنها.
- افهم . هل هو لحوح أو متشدد في سلوكه أو في أفكاره عن الحياة؟
- إن"سوير" يمتلك شخصية مرنه جدا، كما أنه سهل المعاشرة لدرجة أنني لم أقابل من يضاهيه في ذلك حتى الآن.
- هل لديه فكر استقلالي؟
- لايمكن أن يكون أكثر من ذلك على ماأظن.
- هل هو سعيد في عمله؟
- بكل تأكيد. لقد أنشأ شركته من لاشيء تقريبا أما اليوم فتمثل الألعاب التي أخترعها منذ أكثر من خمسة عشر عاما أكبر جزء من دخل "ميرث" والشيء الوحيد الذي يضايق الناس الذين يعمل معهم هو طريقته الغريبة في إدارة الشركة.
قالت"كارول فينهويزن" مستخلصة:
- إنه الصورة المثالية للعبقري الفذ.
- حقا؟
- نعم مثالي حقا لابد أنه يعمل بجد في بعض الأحيان.
- أعتقد ذلك . ولكننا لم نتحدث عن ذلك قط، لأن علاقتنا اقتصرت على اللعب أساسا وهو تلقائي وحيوي جدا بالإضافة أنه لايأخذ الأمور بجدية أبدا إلا في بعض الأحيان كما فعل مع عمه في الشركة عندما حاول طرده من منصبه.
- هل يحبك ويريد الزواج بك؟
- نعم.
انحنت "كارول" نحو صديقتها وقالت:
- بالمناسبة أليس لديه أخ؟
- كلا،لماذا؟.http://www.liilas.com/vb3


لم تستطع الطبيبة النفسية أن تداري ابتسامتها وهمست قائلة قبل أن تعتدل على كرسيها :
- ياللأسف .اما الآن فسوف أطرح عليك بعض الأسئلة الخاصة بك: ماهو الوقت الذي شعرت فيه بأكبر قدر من السعادة في حياتك؟
بدا وجه "بيب" في الاحمرار .واصلت "كارول " وهي تبتسم:
- عدا ذلك متى كانت سعادتك الكبرى؟
- عندما قمنا بالطيران الشراعي في"اكابولكو".
- ثم متى؟
- عندما تعلمت ركوب الخيل.
- هل كان الأمر أكثر إثارة من حصولك على الدكتوراه أو من عملك؟
- بأمانه، نعم .أعتقد أن كل هذه الأمور أصبحت بالنسبة لي أكثر أهمية من الوظائف التي أقوم بها.
- هل تستمتعين بعملك الآن بنفس الطريقة التي كنت تستمتعين به في الماضي؟
- كلا، حتى عندما أكون مشغولة في العمل الذي أؤديه في الـ"ناسا" يعتريني ملل كبير جدا.
- ماهو العمل الذي استمتعت به منذ أن بدأت هذا الموضوع؟
- أن أصمم ألعابا للأطفال، إن ذلك ممتع حقا.
همهمت "كارول":
- هممم.
قالت "بيب" بشيء من الحيرة:
- مامعنى هذه هممم؟
- في لغة علم النفس يمكن أن يكون لها معنيان: إما ألا يكون لدي أية فكرة عما يجول بخاطرك، وإما أن أكون قد اكتشفت ماذا يجري بداخلك ولكنني أريد أن تجدي الإجابة بنفسك. هذا هو ماأعنيه.
- إن هذا لايساعدني البتة!
- بل يساعدك بكل تأكيد يا"بيب" لابد أن تفكري أكثر من المعتاد فكري فيما تريدين ، فيما تحبين، فيما تودين أن تفعلي بحياتك المستقبلية انتظري سوف أسهل لك المسألة قليلا، تخيلي أن حياتك سوف تنتهي بعد شهر أو بعد سنة ، فما هي الأشياء التي ترغبين في تحقيقها حتى ذلك الحين ؟فكري في ذلك وسوف تجدين الإجابة.
لم تنقطع "بيب" عن التفكير في اليومين التاليين، كانت تحلم بذلك أثناء نومهاايضا، كانت ترى نفسها على ظهر الفرس وسط الرياح في الحقول أو سابحة في السماء بواسطة طائرة شراعيه فوق الجبال الرائعة ودائما كانت بصحبة رجل لم تتبين ملامحه لكنها تحس انها تعرفه.
وعندما تستيقظ كان جسمها كله يهتز من تأثير أحلام الليل.كان لديها الإحساس بأنها حرة طليقة . لكن هذا الإحساس سرعان مايختفي بمجرد أن تتذكر الفتاة بأن وراءها عملا يجب أن تنجزه لـ "ناسا" وأحست "بيب" فجأة بالقهر.
دون أن تفكر رفعت سماعة التليفون وطلبت رقم"سوير" لكنها وضعت السماعة فورا بعد ثانيتين رن جرس تليفونها.
قال"سوير" متسائلا:
- هل طلبتني؟
تلعثمت وهي ترد عليه:
- نعم ......نعم كنت ..... كنت أريد أن أسألك سؤالا، سؤالا جادا، بل في غاية الأهمية أيضا.
- إني أنصت إليك..
- هل تعمل أحيانا؟
رد"سوير" وهو يضحك:
- بالطبع أعمل، بل إنني اعمل كثيرا لكن أغلب عملي يرتكز على وسائل اللهو، ولذلك فأنا ألهو أثناء عملي.
- حقا؟
- لكنني افضل أن اللهو بدون عمل، مثلما كنا نفعل معا.إن ذلك مايمتعني حقا ألا ترغبين في أن أحضر إليك لنلهو معا؟
- أرجوك يا"سوير" كن جادا! ألا تحس بالذنب لأنك لاتعمل بنفس الطريقة التي يعمل بها الناس جميعا؟
- ولم ذلك؟ إنها طريقتي في كسب عيشي ولاأملك تغييرها ،بالإضافة إلى أنه يجب أن تتنوع مكاسب الناس حتى يكون العالم. لقد كنت محظوظا فقط.
ردت الفتاة قبل أن تغلق الخط:
- حسنا جدا، شكرا إلى اللقاء.
ولكن سرعان ماعاد جرس التليفون إلى الرنين.
قال"سوير" متسائلا بنوع من الغضب:
- هل يمكن أن تشرحي لي ماذا يعني كل هذا؟
قالت:
- أحاول فقط أن ارتب أفكاري ولقد كنت خير عون لي شكرا.
قال الشاب مؤكدا:
- الأ ترغبين في الذهاب إلى الشاطئ؟
تنهدت "بيب" قبل أن تقول:
- "سوير" ، يجب أن أذهب إلى العمل.
كان الوقت متأخرا جدا عندما وصلت الفتاة إلى منزلها القريب من البحيرة، زادت أفكارها المتشابكة من إحساسها بالقهر . ولكنها سرعان مايقنت أنها لابد أن تعترف بالأمر الواقع خاصة عندما آوت إلى فراشها محاولة الخلود إلى النوم ، إنها لم تعد تجد أي طعم لعملها، ولاحتى شعورا بالاستحسان،لاشيء سوى الإحساس بالإجبار المسيطر عليها .كما استطاعت أيضا أن تعترف أن هذا الشعور ليس بجديد عليها.
قالت في نفسها معترفة:
"أنا متأكدة من أن" سوير" يعلم ذلك وربما علمه قبلي بوقت طويل".
كم كانت رغبتها شديدة في أن تكلمه، تراه وتلمسه.لم تستطع إلا أن تفكر فيه وعندما قررت أن تنام امتدت يدها تلقائيا نحو التليفون لكنها ترددت للحظة بعد أن نظرت إلى الساعة المتأخرة التي يشير إليها المنبه.
بالرغم من ذلك رفعت السماعة وطلبت رقم"سوير" ،رن الجرس مرة، مرتين، ثلاث مرات دون إجابة.قالت تحدث نفسها وهي تشعر بالإحباط:
"لابد أنه قد نام". وضعت السماعة.
أخذت كتابا في علم النفس وفتحته ، لتسقط من بين صفحاته أربعة أنفال ذات أربع ورقات نظرت إليها للحظة قبل أن تعيدها إلى مكانها برقة.
فكرت في صمت مبتسمة:
"لقد جلبت لي حظا كثيرا إلى الآن، أرجو أن يستمر ذلك" .ثم أطفأت الأنوار وانزلقت تحت الأغطية لتنام. بدأت تحلم بالجنيات،مخلوقات صغيرة تطير داخل الغرفة لها أجنحة وتنساب منها خيوط من غبار النجوم اللامعة في الظلام.
قالت تلك المخلوقات العجيبة للفتاة:
-"هيا لتطيري معنا، هيا معا"
انتصبت "بيب" فوق سريرها ومدت يديها وكأنها تستعد للطيران مع الجنيات لكنها سرعان مااستيقظت لتكتشف أنها لاتزال داخل غرفتها، بقيت مذهولة للحظات قبل أن تحاول العودة إلى النوم وهي حزينة.
بعد فترة سمعت صوتا ليس بغريب عنها أمام نافذتها ثم آخر، وآخر كذلك.
قفزت من فراشها لتتجه مسرعة إلى النافذة.إنه"سوير"يجلس على فرع الشجرة نفسه مبتسما، فتحت النافذة.
قال لها ببساطة:
- هل طلبتني؟
- نعم.
- هل انتهيت من التفكير أم لا؟
- نعم، لقد نظرت داخل قلبي هذه المرة.
- وبعد؟
- كنت أطير من جديد، هيا خذني.

قال وهو يضحك:
- ماعليك غلا إتباعي ياحبيبتي،إنني أنتظرك في مركبتي الفضائية،لأحملك إلى ماوراء النجوم.
ارتدت "بيب" ثيابها بسرعة،وحملت بعض متعلقاتها في حقيبة سفر، ثم جلست لتكتب هذه الكلمات الموجهة إلى "نان".
"إنني رحلت إلى عالم"سوير" الخيالي.لاأظن أنني سوف أعود يوما ما. إنني أحبكم..http://www.liilas.com/vb3



"بيب"

 
 

 

عرض البوم صور lona-k   رد مع اقتباس
قديم 21-09-08, 02:21 AM   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 65483
المشاركات: 367
الجنس أنثى
معدل التقييم: lona-k عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
lona-k غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lona-k المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الحادي عشر والأخير


سأل "سوير" "بيب" بينما كان يحملها بين يديه على سطح قاربه الشراعي الرائع:
- مارايك في سفينتي الفضائية؟ هل يكفي ذلك لإقناعك بالذهاب إلى"الكاريبي"؟
- يا إلهي! إنه رائع حقا!
- هيا قولي ماأسمعتني إياه منذ قليل يا حبيبتي.
همست الفتاة:
- أحبك بكل روحي ، بكل قواي ، احبك،احبك ،احبك!
- وبعد؟
- نعم وأقبل أن أكون زوجة لك.
بدأ "سوير" في الصياح على طريقة رعاة البقر.
- "سوير" ! ماذا سيظن الناس بنا؟
- هل هذا يهمك فعلا؟
ردت وهي تضحك:
- كلا مطلقا.
قال لها وهو يجذبها من يدها :
- تعالي لأريك بقية المكان ، سوف يعجبك حقا ، خاصة الغرفة الداخلية إنها مجهزة بسرير وكل مستلزمات عش الزوجية.
همست وهي تقف وسط تلك الغرفة الرائعة:
- ياحبيبي، لقد افتقدتك كثيرا في تلك الأيام السابقة.
رد هو:
- بل أنا الذي افتقدتك،وكاد صبري ينفذ، لدرجة أنني خططت لاختطافك.
- هل أنت جاد.
- نعم.
احتضنها وقبلها وكأنه يراها لأول مرة منذ زمن بعيد.
قالت وهي تنظر إليه:
- كنت تعلم أننا خلقنا من أجل بعضنا البعض أليس كذلك؟
- بلى كنت أعلم ذلك. بل كنا سنتقابل لامحالة مهما كانت الظروف .
بدأ القارب يتهادى مبتعدا عن الشاطئ ببطء، وكأنه يسبح نحو عالم خيالي وأرسلت الشمس أشعتها لتداعب شراعه المرفرف في الفضاء، كان اسم ذلك القارب العجيب يظهر بوضوح فوق سطح الماء"القارب السحري".
.http://www.liilas.com/vb3


"تمت بعون الله"

 
 

 

عرض البوم صور lona-k   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المكتوبة, الساخر, دار ميوزيك, روايات, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:07 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية