كاتب الموضوع :
lona-k
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
مافي ردود ولا أي حماس رح نزل فصل تالت وبعدها بدي ردود
الفصل الثالث
قام باستدعاء المصعد بواسطة كارت مغناطيسي ، انفتحت الأبواب ودخلا فيه ، ثم قام "هايس" بالضغط على زر الدور الرابع بدون تردد. وبعد وصولهما إلى الدور المطلوب ، انفتحت الأبواب ظهر وراءها وراق صامت ، خال وذو إضاءة ضعيفة..http://www.liilas.com/vb3
سألته "بيب" في قلق:
- هل أنت متأكد من انه مسموح لنا بالتواجد هنا؟
وفجأة، سمعا صوت خطوات مكتومة بواسطة البساط الكثيف.
التفت "بيب" نحوها ودفعها خلف مجموعة كثيفة من النباتات وهمس لها :
-اصمتي ، سأتولى أمر الحارس.
التزمت الحائط بخوف شديد وجذبت نحوها اكبر عدد من الفروع.
وأدركت أخيرا أنهما دخلا بطريقة غير شرعية إلى مقر الشركة ،وان "سوير"سوف يقوم بصرع الحارس الذي يتجه نحوه. لم يسبق لـ "بيب" أن واجهت موقفا أكثر خطورة ورعبا من هذا . فإذا ماتم القبض عليها فإن سمعتها العلمية واسمها سوف يتمرغان في الوحل ، وسوف تفقد بالتالي كل مصداقيتها أمام الناس وأمام المنظمات التي تعمل فيها. توقف صوت الخطوات في الوقت الذي كان "هايس" يختفي فيه من مجال رؤيتها ، وساد صمت قصير.
- أوه، صباح الخير يا "سوير" ، كيف حالك؟
- وأنت؟
- على مايرام.
سمعت بعد ذلك صوت الخطوات تقترب منها. كانت تود لو انها تستطيع الاختفاء داخل الحائط الذي كانت تستند عليه بظهرها .
وظهر "هايس" مع الحارس وهو يقول :
- إنني أقوم باصطحاب الدكتورة " لي بارون" في زيارة لمقر الشركة ، يظهر انها تعشق النباتات .
هدأت "بيب" في الحال بعدما رأت الحارس يحييها بابتسامة وتركت الفروع التي كانت تختبئ وراءها .
- مساء الخير سيدتي.
أومأت إليه برأسها وكلها حرج ، ثم قام الحارس بالابتعاد.
إنك.ارت نحو "سوير هايس" لتقول له وهي غاضبة:
- أيها ال....إنك ...استطعت ان تسخر مني !
ضحك هو ورد عليها :
- هل صدقتي فعلا هذه التمثيلية؟
ردت عليه بتلعثم وهي تلوح بقبضة يدها مهددة إياه:
- لقد كنت مذهولة تماما ، كنت اعتقد أنك سوف تصرعه.
عندما رأى أن المرأة الشابة مستعدة لأن تجعله يدفع ثمن سخريته. ابتعد عنها بخطوة سريعة . أسرعت وراءه وهي متذمرة وفي هذه اللحظة استدار نحوها وامسك بيدها ليجعلها تدور حوله وكأنه يداعب طفلا صغيرا
وتحولت احتجاجات "بيب" شيئا فشيئا لتصبح في النهاية مشاعر سرور عارمة . وبعد لحظات كانت تضحك بصوت مرتفع.
توقف فجأة وقال لها:
- كم أحب طريقتك في الضحك ، إنني أجدها معبرة جدا، يجب عليكي أن تضحكي أكثر دائما.
وقبلها مرة أخرى على انفها.
فتح "سوير" بابا مزدوجا كانا يقفان أمامه وابتعد ليسمح لها بالدخول .
وقام بحركة احترام وقال:
- تفضلي.
سألته وهي تلتفت إليه وقد اعتراها شيء من القلق:
- هل من المسموح لنا حقا التواجد هنا؟
- ثقي بي ، فأنا والمدير نحب الأمور الغريبة.
تعودت "بيب" على الضوء الخافت القادم من السقف واكتشفت وجود طاولة كبيرة جدا في نهاية الغرفة ، كان موضوعا عليها عدة أجهزة كمبيوتر من الجيل الأخير.
جذبها "سوير " نحو الطاولة ، ووجهها إلى ركن كان يوجد به زوج من القفازات المغطاة بمستقبلات صغيرة، وكانت كل هذه الأدوات موصلة بدورها إلى حاسب آلي قوي.
سألها الشاب وهو يمد إليها النظارة:
-ألا يذكرك بشيء ما؟
- إنها مجموعة للعمل على الواقع الوهمي . لقد سبق لي العمل على الكثير من المشاريع المشابهة عندما كنت في "ناسا" . كنا نستخدمها في برنامج الطيران الاصطناعي للطائرات المقاتلة أو لتدريب طياري المكوك الفضائي .
قامت بوضع النظارة أمام عينيها وقالت بلهجة خبيرة:
- إن هذه التجهيزات جيدة جدا . خفيفة وسميكة وجميلة أيضا. ماذا تنوون أن تصنعوا بها؟
- سوف ترين، تعالي معي.
لكن "بيب" لم تتحرك ، وبدأت تنظر إلى رفيقها نظرة شك . وقالت:
- لن اتبعك إن لم احصل على بعض التفسيرات.
- لقد اخبرتك أنها مفاجأة. أنا متأكد أنك سوف تستمتعين . هل يمكنك فقط أن تقفي فوق العلامات الموضوعة على الأرض ؟
نظرت "ببطء بتفحص القطع اللاصقة التي تم لصقها على الموكيت، أحست بأن بطنها ينقبض ولكنها لم تستطع أن تحدد إذا ما كان السبب في ذلك هو الخوف أم الغضب.
- هل تحاول أن تستغل خدماتي بطريقة ملتوية؟
اختفت الابتسامة الدائمة من وجه "سوير هايس"فجأة لتحل محلها نظرة قلق وقال بصوت مرتفع حتى يخفي شعوره:
- بالطبع لا! أعدك بذلك بل احلف لك ! لقد كنت أريد ان اصنع لك مفاجأة . ولا دخل لكونك ستعملين أم لا بشركة "ميرث" .
هنا. تبدد قلق"بيب" قليلا ولكنها استمرت على حذرها . وقالت بنوع من الشدة:
- حسنا . أرني إذن تلك المفاجأة .
- سوف ترين. ارتدي فقط هذه القفازات وهذا القناع الوهمي وابقي واقفة فوق العلامات الموجودة على الأرض.
تناول "بيس بول" وأعطاها لها قبل أن يكمل حديثه:
- سوف نقوم ببعض التدريب على المضرب . وما قولك ان تتدربي مع "نولان رايان" ؟
- من هو؟
- ماذا؟ ألا تعرفين "نولان رايان"؟ إنه من أعظم الرماة في كل العصور. هل تعرفين على الأقل ما الذي نفعله الآن؟
- طبقا لما قلته أنت وما أراه من خلال هذه النظارة سوف نلعب لعبة "البيس بول " .
- بالضبط! هل أنت مستعدة للتجربة؟
- إن هذا مثير للاهتمام.
حرك "سوير" ذراع التحكم لتجد الفتاة نفسها أمام "رايان" وهو يستعد لأن يرمي نحوها أول كرة.
- هل ترين خصمك؟
- نعم
- حسنا. صححي وضعك جيدا وانتظري الكرة الأولى . إن الجهاز مضبوط على مستوى المبتدئين، حتى تستطيعي أن تتأقلمي مع اللعبة . ما عليك إلا النظر إلى الكرة وضربها في إي وقت تشائين، واضح؟
- واضح!
وصرخ "سوير" :
-ابدئي.
وفجأة ظهر "رايان" أمامها وهو يقوم بحركات ثم أطلق نحو "بيب" الكرة الأولى .وقامت هي بمحاولة ضربها بكل قوة ولكنها مرت بجانبها.
صرخ الصوت المعدني للحكم في إذنها :
- نقطة!
وقال "هايس":
- لقد أفلتت منك.
وردت هي:
- لم أكن مستعدة لمثل هذا.
- سوف أقوم بتقليل السرعة . استمري .
وبعد عدة محاولات فاشلة ، استطاعت أن تصيب الكرة لتطيح بها خلف الخط.
صرخ الحكم:
- خط!
وبدأ الجمهور الوهمي يصفق في إذنيها.
وصرخت وهي تنزع قناعها وهي تنقض على الشاب.
- هل رأيت كيف أرسلت إليه الكرة؟
رد "سوير" وهو يضحك:
- رائعة ، هل تريدين الاستمرار؟
وضعت قناعها على عينيها من جديد بحالة من التصميم وقالت:
- بعض الشيء يا صديقي سوف اجعله يأكل كراته وقامت بإرسال بعض الكرات الرائعة الأخرى قبل أن تخلع عنها القناع من جديد،وقالت وهي في غاية السرور:
- افضل أن أتوقف وأنا في حالة فوز.إن هذا رائع حقا، هل تم تسويقه أم لا؟
- ليس يعد. ولا أود أن اذكر لك أن هذا المشروع سري للغاية. ولكنك قمت الآن بتجربته أحسن ماينتج في مجال "البي بول" الوهمي.ونقوم الآن بالإعداد لدورة جولف مبنية على نفس المبدأ.
-مبهر حقا ولكنه المشروع الذي كان السيد"هوكر" يطلبني من أجل العمل فيه. أليس كذلك؟
رد "هايس" بمظهر المترفع:
- أظن انه هو . قولي لي هل تحبين أن نذهب لتناول الغذاء في مكان ما؟ في مطعم مكسيكي مثلا..
- رائع ولكن أرجو ألا نستخدم الطائرة المروحية.
-لا لدي سيارة تنتظرني في الأسفل.
طلبت"بيب" طبق "فاخيتاس"مستخدمة لغة اسبانية سليمة.
قال"سوير" بلهجة اعتراف:
-إنك تثيرين دهشتي حقا.
- لماذا؟
-إن لغتي الإسبانية محدودة جدا. على كل حال.إنني متأكد أنني لست في مستواك.
-لماذا؟
- بناء على مستواك التعليمي أعتقد أنك تتقنين أربع لغات على الأقل، أليس كذلك؟
- في الحقيقة ست لغات، أربع منها بدرجة جيدة نوعا ما واثنتان أقل من ذلك وأنت، ماهي اللغات التي درستها؟
- الألمانية فقط . واعترف إنني أتقنتها مع مرور السنين.
ضحكت ضحكة صغيرة. كان على "هايس" أن يقبل فكرة أن سحر هذه الفتاة البريء بدأ يؤثر فيه .كانت تشع حرارة تجعل قلبه يذوب مثل قطعة حلوى طرية.كان مأخوذا بدرجة كبيرة بواسطة سذاجة الدكتورة "لي بارون" . وبأنفها الصغير، وبعينيها وبشفتيها، وبساقيها...
وبكل ماتبقى من جسمها أيضا.
انحنت نحوه وقالت له بمظهر المتآمر:
- يظهر أنك تعاني من نقائص في تعليمك إذا لم أكن مخطئة في اعتقادي هذا .
تملكهاالألمانية.كونها تحاول ان تضايقه بهذه الطريقة ورد قائلا:
- هذا صحيح، هل تتحدثين الإنجليزية؟
ردت بتعجب:
-طبعا.وأيضا الألمانية..إن اللغات الضعيفة عندي هي العربية والروسية.
وظهر على وجهه تعبير ينم على تبرئته وقال:
-هذا شيء عادي كنت أود أن أقول ذلك أيضا.
اخبريني:إذا قمت بتعليمك اللعب فهل توافقين على تعليمي الإنجليزية في مقابل ذلك؟
مدت إليه يدها وقالت:
- اتفقنا.
التقط يدها بقلب خافق. كان يود لو أمكنه أن يمسك بها طول حياته،هذه اليد الصغيرة ولكنها مليئة بالحيوية .كان يتمنى لو انه استطاع أن يرقص بجنون أو أن يصيح بكل جوارحه، أن يفعل أي شيء...ولكن بدلا من ذلك بقي جالسا ينظر إليها ببلاهة، متسائلا عما يستطيع أن يفعله، إلى أن خطرت بباله فكرة ما.
وقال فجأة:
- هيا بنا، سأصطحبك إلى مكان ما.
- ألا تريد أن تأكل؟
نظر"سوير" إلى طبقة المليء وضرب جبهته وهو يضحك:
- يا إلهي ! لقد نسيت.
- أين تريد أن تصطحبني؟
-إنها مفاجأة.هل تحبين الخيول؟
- على وجه الحقيقة لست أدري.
- ماذا تحاولين أن تقولي؟ تنشئين في "تكساس" ،ولم تمتطي حصانا قط؟
ردت عليه وقد ظهر في صوتها لحن سخرية لذيذ:
- هل تعتقد أن هذا سيفقدني حق المواطنة.
- لا.إذا قمت بتعليمك ركوب الخيل، ولكن لكل شيء ثمنه...
احتجت الفتاة قائلة:
- أظن أننا عقدنا اتفاقا منذ قليل.
- لكن يجب عليك في هذه الحالة أن تدفعي أجرا إضافيا صغيرا.
ردت عليه بظرف:
- ماهو ياترى؟يجب أن اعرف إذا ما كنت سأستطيع دفعه.
فكر مليا:
- ولم لايكون قبلة مثلا؟
نظرت إليه وكأنها مذهولة ثم قالت:
-يبدو لي أن الأمر مقبول.
لم يكن "سوير هايس" ينتظر مثل هذا الرد. اضطرب كل شيء حوله.وانتبه إلى الحركات العشوائية التي تقوم بها الفتاة وهي تحظر الفطيرة الخاصة بها، ولكنه لم يستطع أن يقول شيئا لفترة بدت له طويلة جدا.لم يكن يرى سوى شفتي"بيب" الممتلئتين وهما تنغلقان حول الفطيرة التي تتناولها.
ولأول مرة في حياته يتمنى " سوير هايس" أن يكون هو نفسه فطيرة!
تساءلت "بيب" وهي تنزل مسرعة من الطائرة المروحية:
- أين نحن الآن؟
- في مزرعة شركة"ميرث"؟
- هل شركة"ميرث" تمتلك مزرعة؟
- بطريقة ما.
- وماهي على وجه الدقة الميادين التي تستثمرها شركة "ميرث"؟
خلع "هايس" قبعته وأدخل أصابعه داخل شعره:
- أشياء كثيرة ومتنوعة في الحقيقة .في البداية كان نشاطنا يتركز على تطوير وصناعة كل أنواع الألعاب الاجتماعية أو التي تتعلق بالرياضة.أما قسم المعلومات فقد جاء بعد ذلك بوقت طويل، ولكنه يزداد اتساعا مع مرور الوقت.
- فهمت. ولكن لماذا تستخدم هذه المزرعة؟
ودوى صوت عال يأتي من خلفهما:
- "سوير" ، "سوير".
التفتا ليريا طفلا يعدو نحوهما وكان وجهه مغطى بالنمش.
وألقى الطفل الصغير بنفسه بين ذراعي "هايس"، مما افقد هذا الأخير توازنه وبعد لحظة كان الاثنان يلهوان ويتقلبان فوق العشب ويضحكان كالمجانين.
مضت لحظات، توقف بعدها الرجل لينظر إلى الطفل وهو يبتسم له ابتسامة عريضة ويقول له:
- قل لي يا "سكوتر" ، أرى انك فقدت إحدى أسنانك مرة أخرى.
رد الولد بفخر:
- نعم ، وقمت بوضعها تحت وسادتي ليلة أمس ، وعندما صحوت في الصباح لم أجدها،بل وجدت مكانها قطعة نقود.
ورد "سوير":
- الم اقل إنك يجب ان تثق بالفأرة الصغيرة.
ثم التفت إلى "بيب" وقال:
- "سكوتر" ، أقدم لك الدكتورة " بيب" ، "بيب" هذا احد رفقائي المخلصين، "سكوتر ويجينز".هذا الطفل لايتجاوز السادسة من عمره كما كانت المرأة الشابة تفكر بينما كان هو ينظر إليها نظرة عدم تصديق.
وقال بلهجة المصدوم:.http://www.liilas.com/vb3
- ولكنها فتاة!
- شكرا يا "سكوت" لقد لاحظت ذلك مسبقا.
- هل تقوم بإعطاء الحقن؟
- لا، إنها ليست من ذلك النوع من الأطباء. إنها من النوع الذي يعمل في الصواريخ مع رواد الفضاء.
ورد "سكوتر" بصوت عال وكأنه فتن بهذا الاكتشاف المفاجئ:
- هل هذا صحيح؟هل سبق لك أن ركبت في مركبة فضائية؟
- لقد حدث لي ذلك بالفعل.
- وهل سبق لك أن ذهبتي إلى القمر؟
ردت "بيب" وفي صوتها نبرة إحباط:
-للأسف ،لا، ولكن في مقابل ذلك فلقد عملت مع عدد من رواد الفضاء الذين ذهبوا إلى الفضاء.
رد الطفل بصوت اشبه بالصرخة من فرط الإثارة:
-حقا؟ أنا أيضا، أريد أن أصبح رائد فضاء عندما اكبر.
واحتج "سوير"قائلا:
-ظنت انك تريد ان تقوم باصطياد الثيران البرية في حلبة مصارعة الثيران.
رد "سكوتر" بسرعة:
- لكنني سأقوم بالاثنين معا! أهيأ الغبي وسأقود أيضا الكثير من الطائرات المروحية.
ونظر بفخر إلى محدثه، كان من الواضح أن "سوير" هو مثله الأعلى .
سأل "هايس" الطفل وهو يمرر يده داخل شعر هذا الأخير:
- وأين الباقون ؟
- لقد ذهب الجميع إلى السينما عدا"دافي" والسيد"مات " وأنا طبعا.
ولماذا بقيت أنت و"دافي" هنا؟
طأطأ"سكوتر" رأسه وتمتم بكلمات غير مفهومة.
رد "هايس" بهدوء:
- لم أسمع جيدا ماتقول.
-إنه بسبب "والتر" .لقد كان المسكين مغطى بالحشرات ، وظننا أنه من الأفضل أن نقوم بحلاقة شعره وبالتالي لن يهرش ثانية.وأردنا أن نستخدم في ذلك ماكينة الحلاقة الخاصة بالسيد "مات" لكنه عندما رآنا احمر وجهه، وقالت لنا الآنسة "ماري" إننا لن نذهب ‘إلى السينما.
- هل تريد أن تقول "إنكم قمتم بحلاقة شعر"والتر" بماكينة الحلاقة الكهربائية الخاصة بـ"مات"؟
احتج الطفل قائلا:
- لا. ليس كل شعر "والتر" ، بل المنطقة التي كانت تعج بالحشرات فقط
التفت "سوير" وهو يخفي ضحكه ناحية الفتاة يشرح لها قائلا:
-إن "والتر" هو أحد كلاب المزرعة.وهو تحت مسؤولية الأطفال لكنني أظن أنهم أدوا عملهم بحماس زائد نوعا ما.
-أمرنا السيد"مات" أنا و"دافي" بالبقاء في غرفتنا والتفكير فيما فعلناه، وفكر "دافي" بشدة لدرجة أنه نام، أما إنا فلقد سمعت صوت الطائرة المروحية فأسرعت إلى هنا.
كان من الصعب على "بيب" و"سوير" الاحتفاظ بجديتهما . لكن "سوير" تمالك نفسه وقال:
- أرجو أن تكون قد تعلمت شيئا اليوم.
وتمتم "سكوتر" قائلا:
- ألا تحلق شعر كلب بواسطة ماكينة حلاقة ليست ملكك؟
- حسنا
- -الست غاضبا مني؟
- لا.
أكد الطفل بلهجة استعطاف قائلا:
- ألن تقوم بجلدي بواسطة حزامك؟
-إنك تعلم جيدا أن هذا ليس أسلوبنا .
-أعلم ذلك، ولكن "دافي" كان يخشى من هذا وقلت له ألا يقلق ولكنه بالرغم من هذا كان خائفا.
ربت"سوير" بلطف على رأس الطفل وقال :
- لا داعي للخوف . والآن اذهب وأخبر "مات" أنني عدت مع ضيفة وأننا سوف نقوم بجولة على ظهور الخيل.
رد"سكوتر" وهو ينطلق مثل السهم في اتجاه المنزل:
-عُلِـم .
تابعت "بيب"هذا الحوار بكل شغف ، كانت تشعر أن هناك تفاهما كبيرا بين "سوير " والطفل.
ونظرت إليه وهو يعدو وقالت:
-إنه لطيف ونشيط جدا.
رد"هايس"
- لقد تحسن كثيرا ، كان عليك أن تشاهديه منذ ستة أشهر ، لقد كان متوحشا ويفر من أدنى اتصال، كان مثل كلب مذعور.
قالت "بيب" :
-لست أفهم ماذا تقصد؟
وضع الشاب يده حول كتفيها وبدآ في السير:
- هذا الطفل مثل بقية الأطفال الموجودين هنا تعرضوا إلى معاملات سيئة في أسرهم. والبعض منهم كان يعاني اضطرابات نفسية خطيرة.
-بقية الأطفال؟
-إن لدينا هنا بصفة عامة حوالي اثني عشر طفلا في المزرعة، تتراوح أعمارهم مابين السادسة والثانية عشرة. ويقوم آل "إميرسون-السيد "مات"،والآنسة "ماري"- بالإشراف على المزرعة ولدينا أيضا معلمان، وطبيب نفسي خاص بالأطفال، واثنان من رعاة البقر للإشراف على الحيوانات . دون ذكر امرأتين طيبتين جدا تقومان بمساعدة السيدة "إميرسون" في غسيل الثياب والطبخ. ويعلم الله مدى صعوبة ذلك في وجود كل هؤلاء الأطفال؟
ردت "بيب" حالمة:
-لاشك في ذلك، هل تقوم"ميرث" بالإنفاق على هذا البرنامج؟
- نعم .
- يبدو أنك تقضي وقتا طويلا هنا، إنه لشرف لك وللمجتمع كله.
ظهر تعبير على وجه"سوير":
-لكن هذا غير كاف، ونود أن نفعل المزيد..
قطعا حديثهما ليسلما على رجل يظهر الشيب على جانبي شعره كان يتقدم نحوهما بصحبة طفل يصر على طأطأة رأسه.
وقال "سوير" :
- أهلا"مات"
والتفت إلى الفتاة وقال لها: - وهذا "دافي" ، شريك "سكوتر" في الجريمة. أرجو أن تكون قد استوعبت الدرس؟
رد "مات" بصوت ممزوج بحدة كبيرة:
-لقد افسدا ماكينة حلاقتي، ولذلك فهما محرومان من الذهاب إلى السينما ومن البيتزا لمدة أسبوع كامل.
وقال "هايس" باهتمام:
- هل اعتذرت للسيد "مات"؟
رد الطفل بالإيجاب بواسطة حركة من رأسه.
قال"سوير " مقترحا:
- ولماذا لاتفعل ذلك أمامنا؟
وبدون أن ينطق بكلمة واحدة، ووجهه غارق في الدموع ، مد الطفل يده إلى الرجل العجوز ليلتقطها هذا الأخير بكل عطف وحنان، كانت "بيب" على وشك ان تنهار باكية هي أيضا.
وعندئذ قال"سوير" :
"دافي" ، هذه هي الدكتورة "بيب" ، سوف أريها كيف تمتطي الجواد، هل تريد أنت و"سكوتر" أن تساعدا في ذلك؟
نظر "دافي" طويلا إلى الفتاة ثم رد بحركة أخرى من رأسه. وقال الشاب موضحا:
- إنه لايتكلم كثيرا بعد.
وظهر "سكوتر" فجأة قائلا:
-إلا معي.
قال "هايس" بلهجة أمر:
- - حسنا، اذهبا إذن بالدكتورة "بيب" إلى مربض الخيول، سوف الحق بكم على الفور.
وقاد الطفلان الفتاة إلى الحظيرة الموجودة بعيدا نوعا ما.
سأل "سكوتر" "بيب" :
- هل تظنين أننا كنا أشرارا عندما أردنا حلاقة شعر"والتر"؟
- لا ،لا أعتقد ذلك ، أظن فقط أن المسألة كانت سوء تقدير منكما .
وقال الطفل ذو النمش مخاطبا صديقه:
-أرأيت يا"دافي" ، لقد قلت لك : إننا لم نكن أشرارا ، إنه فقط سوء تقرير.
وتداركته "بيب":
- تقدير.
- نعم هذا ماكنت أقول. هل رواد الفضاء يمكن ان يقعوا في سوء التقدير...التقد...ير ؟
- نعم يمكن ، أن يحدث ذلك ، ولكنهم بوجه عام ، يحاولون أن يتفادوا ذلك، لأن العواقب يمكن أن تكون وخيمة.
-مامعنى"عواقب وخـ..." لست ادري ماذا؟
-معناه إنهم إذا ما ارتكبوا خطأ ما فسوف ينتج عنه أخطاء متعددة وبالتالي سوف تفشل رحلتهم.
- هل مثال ذلك عندما يضغطون على الزر الخطأ ، فيذهبون إلى المريخ بدلا من الذهاب إلى القمر؟
ردت "بيب" بابتسامة قائلة:
- هذا هو بالضبط. اقترب "سوير" وهو يجر حصانين صغيرين للأطفال .
وقال متسائلا:
- على ماذا تتآمرون أنتم الثلاثة؟
- كانت الدكتورة "بيب" تشرح لنا أننا لم نكن أشرارا عندما قمنا بحلاقة شعر"والتر" ولكننا وقعنا في خطأ "سوء التقرير".
وقامت "بيب" بالتصحيح مرة أخرى وهي تضحك.
- سوء التقدير.
- نعم هذا هو. ورواد الفضاء أنفسهم يمكن أن يفعلوا ماهو أسوء مما فعلناه.
تفحصها " بنظرة ريب.
ابتسمت هي وقالت للشاب:
-إنها مجرد مدخل لشرح مبدأ سبب الفعل.
رد هو الابتسامة ثم قال:
- فهمت، لكن لاتبالغي كثيرا ، لأنهم قد يعودون إلى فعلتهم بحجة خدمة العلم. أي حصان تختارين؟
- اترك لك الاختيار فأنا لا أعلم عنها شيئا.
مد إليها اللجام وقال:
- خذي إذن "بلوسوم" كبداية.
تساءلت في حيرة قائلة:
- كبداية؟ نعم ولكن من أين؟
- أمسكي؟ ذروة السرج، ضعي قدمك اليمنى في الركاب ثم اصعدي على ظهر الجواد في نفس الوقت.
حاولت أن تنفذ ماشرحه لها ولكنها لم تنجح بعد ثلاث محاولات متتالية وظهر القلق على الحصان.
وقال "سوير" وهو يساعدها :
- لاتخافي.
ووجدت الفتاة نفسها على ظهر الحصان، فقامت بالتشبث بكل قوتها في ذروة السرج.
وعلق "سكوتر" قائلا:
- أظن أنها خائفة جدا أن تبقي وحدها على ظهر " بلوسوم"، اعتقد أنه من الأفضل أن تعلمها بالطريقة التي استخدمتها معنا.
- معك حق يا "سكوت" ، هيا يا "بيب" تقدمي إلى الأمام على السرج.
ابتعد "سوير" قليلا ثم تقدم مسرعا ليقفز راكبا خلف الفتاة وسرعات ما تملكها الاضطراب، وخافت "بيب" وقامت بلإلتصاق به تماما وعندها أحست بقشعريرة تسري في كل جسدها. زادت حرارة الشمس ومعها أصبحت روائح البراري أكثر وضوحا.
همس لها قائلا:
- استرخي وابقي ملتصقة بي فلن أتركك تسقطين.
- أتعدني بذلك؟
- أعدك. سوف نقوم بدورة أو دورتين حول الحظيرة لتشاهدي ماعليك القيام به.
بعد هذه الكلمات المطمئنة استرخت "بيب" مباشرة، وكان جسمها المسترخي يستسلم شيئا فشيئا ليندمج أكثر مع تفاصيل جسد"سوير" وبدأ يشعر بحرارة شديدة .
كانت تلتصق به كأنها خلقت له.
-إنها فعلا خلقت من اجلي.
ظهرت له هذه الحقيقة فجأة قام بتحريك الفرس بهدوء، وسرعان ما توافقت حركات جسديهما، ولم يستطع "هايس" أن يمنع نفسه من الاحمرار بسبب الاضطراب الذي كان يحس به. وتركت هي نفسها بطريقة جد طفولية، بدون أدنى شك في هذا التصرف الغريب وهو كونها ملتصقة برجل على هذا النحو...
كان عطرها الرقيق يجعل إحساس "سوير" أمام امتحان صعب . وفجأة انفجرت "بيب" ضاحكة.
سألها وصوته محتبس نتيجة تدافع الأحاسيس بداخله:
- هل تحبين هذا؟
ردت الفتاة بصوت أكثر غرابة:
- نعم ، إنه أمر مختلف ، وجديد.
حاولت أن تتقدم بجسدها إلى الأمام ولكن "سوير" تبعها ليبقي جسده ملتصقا بجسدها.
وتمتم قائلا:
- كنت أظن أنك ستقولين مثيرا؟
وردت بلهجة غامضة:
- هو كذلك أيضا.
ودوت أصوات صفير ومزاح أدت إلى إخراجهما من حوارهما الهادئ .
كان هناك مجموعة من الأطفال تنظر إليهما باهتمام . أحس "سوير" بأن المرأة الشابة أحرجت.
قالت:
_ أظن أنه من الأفضل أن نترجل .
ورد هو موضحا:
-أظن أنه عليك، أن تترجلي، أما أنا فمن الأفضل أن ابقي قليلا.
سألته في حيرة:
- ولماذا؟
- حتى يتسنى لي ان اخفي عنهم اضطرابي .
ابتلعت "بيب" ريقها
- هل ضايقك كلامي هذا؟
- ضايقني؟ لكن لماذا؟ إنني إمراة متحضرة، أتعلم ذلك؟كان "سوير"متأكدا من العكس، خاصة عندما ذكر موضوع اضطرابه وصل به الحال إلى ان يتساءل عن احتمال وجود رجال في حياة هذه المرأة وتنتج في النهاية إنها لم تقابل الكثير منهم وربما لم يكن هناك أي رجل في حياتها .
كانت هذه الفكرة تروق له. كان هو شخصيا يعاني من تأخر صحوة هذه الأحاسيس، لكنه بطبيعة الحال ، استطاع أن يتدارك الموقف منذ ذلك الوقت ، ولكنه في نفس الوقت لم يسبق له أن قابل امرأة أيقظت بداخله تلك الشعلة الساحرة الصغيرة إلى أن تقابل "بيب".
قطعت الفتاة حبل أفكاره الحالمة لتسأله:
- والآن ماذا ستفعل؟
كان يود لو استطاع ان يخطفها بعيدا عن أعين هؤلاء الأطفال الفضوليين، وأن يأخذها إلى وسط الحقول حتى يصبحا وحيدين عند غروب الشمس . ولكن بدلا من أن يفعل ذلك قام بإنزالها من على ظهر الفرس بهدوء ثم اتجه إلى "بيل" أحد رعاة البقر الذين يعملون في المزرعة وهو يمسك بلجام الفرسين الكبيرين والحصانين الصغيرين.
وسأله "سوير" قائلا :
- هل يمكنك يا "بيل" أن تعتني بالأطفال بينما أقود "بلوسيم" إلى الإسطبل.
ابتسم راعي البقر لرئيسه قائلا:
- إن هذه الفتاة يمكنها ان تشعل النار في قطعة من الثلج ، أليس كذلك يا رئيس؟
ابتسم "سوير هايس" كعادته ليرد عليه. ولكن "بيل" كان على حق، فقد كان يشعر حقا أنه قطعة ثلج وضعت وسط صحراء!
نظرت "بيب" إليه وهو يبتعد في اتجاه الإسطبل . كانت تحس بدوار وبحرارة شديدة داخلها .كانت أنفاسها متقطعة وحلقها جاف جدا.
كانت تبتسم بدون سبب أو على الأقل هذا ماكان يخيل إليها وقالت في نفسها:
- إن هذا الأمر غريب وغريب جدا.
"ماذا يمكننا فعله عندما نقع في الحب؟" طردت الفتاة هذه الفكرة السخيفة من عقلها . لم يمض وقت طويل على معرفتها بهذا الشاب لتقع في حبه . ثم اعترفت بداخلها .
"من الواجب أن اعترف أنه ليس لدي أية أفكار مسبقة عن هذا الموضوع".
لم تعرف أبدا هذا النوع من الرغبات من قبل.كانت علاقتها بالرجال محصورة في العلاقات الفكرية . دعوات غداء، حفلات موسيقيه أو مسرحية . كان الاتصال الجسدي الوحيد مع الرجال هو قبلة عابرة على شفتيها قام بها زميل لها في العمل وجدت أنه كان لطيفا. لكن هذا الإحساس الذي اجتاحها في تلك اللحظات لم تجد له مثيلا يمكن تذكره.
كانت تجد أن تسرع هذا الرجل فيه شيء من الفجاجة وإن لم يكن بذيئا أيضا.
وقالت في نفسها:
"إنه ليس شاعريا على الإطلاق وفي كل الأحوال".
مع ان "بيب" كانت تعرف كل شيء عن الغرائز وبكل التفاصيل ، فلقد قرأت العديد من الكتب التي تعالج هذا الموضوع وخرجت في النهاية بنتيجة واضحة ألا وهي أن المجتمع الإنساني قام بتضخيم حجم هذا الموضوع ليهمل باقي المواضيع المهمة.
كان عليها أن تعترف أن دخولها إلى الجامعة قبل مرحلة البلوغ لم يسهل عليها هذه المهمة ، مامن أحد كان ليهتم بهذه الفتاة الصغيرة وكل ما كان يلفت انتباههم فيها هو كم المعلومات الغزير الذي تتمتع به ، ونتائج الامتحانات الرائعة بالنسبة لصغر سنها. ومع ذلك كان هناك شيء جديد يحدث الآن بداخلها لم تعرفه من قبل فقد فتح "سوير هايس" لتوه بابا كانت أنوثتها ترقد خلفه منتظرة من يستطيع إيقاظها.
عادت "بيب" لتذكر كل أحاسيسها عندما كانت فوق ظهر الحصان . لم يخطئ "هايس" عندما ضمها إليه فقد كان في هذا الاتصال شيء مثير جدا. كان شيئا مدوخا، مسكرا، مخيفا ولكنها كانت تستمتع به.
قررت الفتاة الآن أن تقوم بتعميق معلوماتها في هذا المجال الغريب بالنسبة لها. وصممت الذهاب إلى مكتبة الجامعة منذ صباح الغد، بل في الساعات الأولى من النهار.
لكنها بمجرد أن رأت "سوير" يخرج من الإسطبل عرفت بسرعة ماكان عليها ان تفعله: كان عليها ان تلمس هذا الرجل.
****************.http://www.liilas.com/vb3
|