لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-09-08, 05:46 PM   المشاركة رقم: 26
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 62940
المشاركات: 1,517
الجنس أنثى
معدل التقييم: **أميرة الحب** عضو على طريق الابداع**أميرة الحب** عضو على طريق الابداع**أميرة الحب** عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 247

االدولة
البلدItaly
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
**أميرة الحب** غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

من بين أروع القصص التي قرأتها بالعربية هي هاته الرواية شكرا على المجهوذ الله ينور طريقة فكرتني في ذكريات قديمة

 
 

 

عرض البوم صور **أميرة الحب**   رد مع اقتباس
قديم 24-09-08, 07:27 PM   المشاركة رقم: 27
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2008
العضوية: 88227
المشاركات: 12
الجنس أنثى
معدل التقييم: nuhasweet عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 12

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
nuhasweet غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

ننتظر التكملة

 
 

 

عرض البوم صور nuhasweet   رد مع اقتباس
قديم 25-09-08, 11:58 AM   المشاركة رقم: 28
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

العفو يا قمرات المنتدى
مونى
وريهام
ونها
وادى التكمله علشان خاطر عيونكم الحلوه

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 25-09-08, 12:00 PM   المشاركة رقم: 29
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

6- السجن الجديد

منتديات ليلاس
أخذت لين تتساءل ما اذا كان ممكنا الا يكون رادولف قد سرق كل هذه الأغراض ,
فمن اين اتى بالصحون والسكاكين والملاعق خصوصا وانها من الصنف الغالي ؟ لابد
انه يتعاطي سرقة مثل هذه الأشياء لأعادة بيعها الى تاجر شريك بأسعار زهيدة 0
سألته فيما هو مشغول بتحضير الموقد :
- بماذا يمكنني مساعدتك؟
- هلا احضرت الاطباق ووضعتها على الشرشف ؟
- حسنا 0
تابعت لين وهي ترى الأطعمة المختلفة في السلة :
- من اين جلبت كل هذا ؟
جاء جوابه ساخرا كما توقعت :
- السرقة وسيلتي المفضلة لا بل الوحيدة !
تنهدت المرأة وأقرت بأن استمرارها في طرح هذه الأسئلة يعني استمرار تلقيها
مثل هذه الأجوبة 0 لكنها لم تترك كلماته تمر دون تعليق فقالت :
- توقعت ان تكون فعلت ذلك ولكن من أين سرقت هذه الأغراض ؟
عندما ضحك الغجري وبانت أسنانه الناصعة , شعرت لين بقلبها يخفق بقوة 0 وحاولت
ان تكتم اعجابها المتزايد بزوجها الوسيم 0
- أغرت في الليل على مطعم قريب من المخيم , لقد كانت مهمة غاية في السهولة !
- لا تختلق الأكاذيب 0 لا يوجد أي مطعم بالقرب من المخيم !
- انت مخطئة ياعزيزتي لانك لاتعرفين المنطقة كما اعرفها 0
برغم دقة الموضع ساد الحوار جو لطيف 0 وكان الزوجان كأي عروسين سعيدين
يتبادلان أطراف حديث عذب ومرح 0 وحرصت لين جاهدة على عدم اثارة رادولف لئلا
يعود الى مزاجه الشرس ويفسد هذا اليوم الجميل 0
سألته بصوتها الرقيق :
- هل سرقت المقلاة كذلك ؟
ابتسم رادولف وهو يشعل النار ثم اجاب :
- نعم ولكن سرقتها كانت صعبة وكادت تؤديبي الى السجن , فقد اوقعتها على قدمي
ولم اتمكن من العدو بسرعة حتى كاد رجل الشرطة يلحق بي 000لكن حيلتي كانت اقوى
واستطعت الافلات بعد ان اختبأت وراء سور عال 0
أضاف وهو يضع شرائح لحم العجل في المقلاة :
- أفعل أي شئ كي لا اعود الى السجن لأن من يجربه مرة يبذل المستحيل لئلا يعيد
الكرة 0
لم تعلق لين على كلام زوجها لأنها كانت محتارة في تصديقه او لا , بل انصرفت
الى المساعدة في اعداد الطعام 0 وعندما اكتشفت علبة مليئة بمختلف انواع
الفاكهة قالت :
- لا استطيع ان اتصور كيف جلبت كل هذا!000لا , لا تقل شيئا عن السرقة 0 لقد
توصلت الى واقعة ثابته وهي ان في تصرفاتك وطريقة عيشك اشيئا لا علاقة لها
بانتمائك الغجري 0 انت 000انت مختلف 0 تردد رادولف طويلا قبل ان يتحسس جرحه
ويتكلم :
- ولكنك قلت اني غجري متشرد , حثالة المجتمع0
مد يده السمراء القوية وأضاف :
- الا ترين سمرتي الغجرية ؟ ولماذا تهتمين بأموري ما دمت مصممة على الهرب ؟
رمقها بنظرة تحمل الف معنى ومعنى وأكمل :
- لو كنت تودين مشاطرتي الحياة لكانت الأمور بيننا مختلفة 0
لم تفهم المرأة سبب اهتمامها البالغ بأسرار حياة هذا الرجل 0
ولكنها أدركت الآن بشكل لايقبل الجدل ان رادولف يرغب ببقائها معه الى الأبد !
لماذا تعتقد ان رادولف سيسأم منها يوما ويطلق سراحها ؟ لماذا ظنت انه كغيره
من الغجر لايستقر مع امرأة واحدة بل يبحث دائما عن صبية تؤمن له دفء الحب
وحرارة العاطفة ؟ فهذا النوع من الرجال لا يرى في المرأة الا جانب المتعة
والعبث دون ان يفكر في الأمور الاخرى السامية كبناء العائلة وتربية
الاولاد000
غريب كم ان رادولف مختلف بجانب من طباعه عن عوائد الرجال من قومه !
بادر الغجري الى السؤال :
- اما زلت مصممة على الفرار ؟
أجابت المرأة بكل عزم :
- بالطبع , وماذا تتوقع مني غير ذلك ؟
أشاح رادولف بوجهه كي لاتظهر انفعالاته وصرح بصوت مرتجف بعض الشئ :
- برغم البداية السيئة يمكننا ان نعيش معا حياة جميلة 0
توقف ليستجمع افكاره ثم اضاف :
- اليوم مثلا سار كل شئ على ما يرام 0
- لا اعتقد ان يوما واحدا من التفاهم يكفي لبناء حياة مشتركة 0
- كل طريق تبدأ بالخطوة الاولى , فلنعتبر اليوم خطوة اولى ومثالا نحتذيه في
تصرفاتنا 0
لم تصدق لين ان هذا الرجل الذي يتكلم هو رادولف 00 اين التعالي والغطرسة في
صوته ؟ أين نظراته الساخرة ونبرته المتهكمة ؟
من عادة رادولف اعطاء الاوامر ورؤيتها تنفذ , لكنه الآن يطلب من زوجته العيش
معه لا بل هو يتوسل اليها !
- اسمع يا رادولف , انا لا انوي ان امضي حياتي متنقلة من مكان الى آخر لأني
احب الأستقرار 0 أضف الى ذلك اني لست مغرمة بك وتبعا لذلك يغدو طلبك غير قابل
للأستجابة 0
لم يعلق الغجري على رفضها بشئ بل غير الموضوع وانصرف الى الأكل بعد ان ملأ
طبقا لزوجته وصب لها بعض الشاي 0جلس الزوجان بعد الأكل يتأملان مياه البحيرة
الرقراقة والشمس تغمر المكان بدفئها وطنين النحل يملأ الجو بهجة وفرحا 0
ماذا يطلب الانسان أكثر من ذلك ليكون مسرورا ؟ ماذا ينشد ليشعر بالأمان
والسلام ؟ وهذا ما شعرت به لين فتداعت جدران الحقد الفاصلة بينها وبين زوجها
0 وشعرت بأن هذا الرجل قريب منها ولم يعد ذلك الشخص الشرير الذي كرهته الى حد
لايوصف 0
نظرت الى وجهه فلم تستطع انكار جماله الباهر وملامحه النبيلة المتناقضة مع
انتمائه الغجري 0 يزيده هذا التناقض غرابة وفرادة لايملكها غيره من الرجال 0
جعله ذلك أميرا في ثوب فقير , نبيلا في ملامح رجل اسمر عانى شظف العيش وخبر
مصاعب الحياة 0
لم تر لين في حياتها أحجية بهذا الغموض , وسامة متعالية في رجل فقير ينتمي
الى قوم يفتشون عن اللقمة ليسدوا رمقهم , يعيشون متشردين بلا وطن ولا هدف 0
التفت رادولف اليها فوجدت صعوبة في ازاحة نظراتها المأسوره ببريق عينيه
السوداوين 0
- متى سنصل مقصدنا ؟
- أمامنا الكثير من الأميال بعد 0
لم تقنع لين بهذا الكلام فقالت :
- هذا ليس بجواب , الا تستطيع ان تكون أكثر وضوحا ؟
تناول رادولف الفاكهة وأجاب :
- أعتقد انه علينا اجتياز حوالي الخمسين ميلا 0
ناولها تفاحة حمراء سائلا :
- اتريدين تفاحة ؟
- بكل سرور 0
- على الرحب والسعة ياعزيزتي 0 ما رأيك بمزيد من الشاي ؟
استغربت لين كل هذا الانتباه وكل هذه الرعاية من زوجها , لاسيما انها خذلته
باعلانها عن رغبتها في عدم العيش معه واصرارها على الفرار 0
- لا , شكرا 0
- فلنجمع اغراضنا أذن لنكمل الرحلة 0
تنهدت المرأة وتمتمت شاكية :
- اود لو اعرف سبب رحلتنا 0
- كوني على ثقة بأن السبب وجيه جدا 0
أخذ رادولف يجمع الاغراض في حين توجهت لين الى البحيرة لترمي ي مياهها بقية
الشاي وذكرى ساعات بديعة أمضتها في هذا المكان حيث لم تفكر مرة واحدة , خلافا
للسابق , بايجاد طريقة للفرار !
في السيارة شاركها رادولف تساؤلها عندما قال :
- ارى انك لم تحاولي الهرب اليوم !
- لم اجد فائدة في ذلك لأنك بدون شك أسرع مني في العدو , فلو حاولت شيئا
لأمسكتني بسهولة 0
- هذا صحيح ولكن مع ذلك لاحت لك عدة فرص للأفلات خصوصا عندما كنت احضر الطعام
من السيارة 0
- لقد وزنت جميع هذه الفرص ووجدتها خاسرة لأنني كنت سألقي عقابا شديدا على
فعلتي !
لاحظت لين انه انفعل لما سمع وان لم يعلق على الكلام بشئ 0
ظل رادولف صامتا حتى وصلا أخيرا الى طريق ضيق مقطوع يقوم في نهايته مخيم
للغجر 0
- سنتوقف هنا ياحلوتي 0
- أهذا هو المكان الذي نقصده ؟
- كلا 0 هذه مجرد محطة قصيرة في رحلتنا 0
أوقف السيارة قرب احدى العربات وأضاف :
- ابقي هنا فلن أغيب أكثر من بضع دقائق 0
وأخيرا وجدت لين فرصة ذهبية لتفلت من قبضة خاطفها فهزت برأسها موافقة وغرقت
في مقعدها تنتظر ابتعاد زوجها عن السيارة 0
تقدم منه بعض الرجال السمر وغرق الجميع في محادثة هامة لم تسمع لين منها شيئا
لأنها كانت بعيدة عن موضوعها0 ثم تحسست مقبض باب السيارة وأدارته على مهل ,
ونظرت الى زوجها الذي ادار نظره لها 0 بعد ذلك لمحت الرجال يرمونها , بين
لحظة وأخرى , بنظرات فضولية فتوترت أعصابها وصارت خائفة من الأقدام على خطوة
الفرار 0 شيئا فشيئا فترت همتها ورأت ان لا فائدة من المحاولة لأن الجميع في
المخيم سيكونون على أعقابها ويعيدونها سجينة 0 لذلك أعادت اقفال الباب كما
فتحته بهدؤ وفتحت زجاج النافذة لتسترق السمع 0 فأصيبت بالخيبة لأن الحديث كان
دائرا باللغة الغجرية 0 لا بد ان لما يدور بين هؤلا الرجال أهمية قصوى
بالنسبة لزوجها وبالنسبة لها 0 عندها أطل رجل عجوز انضم الى الرجال وتحدث
بالأنكليزية فتمكنت من سماع ما قال :
- انه لم يأت يارادولف 0 اتعظ ودعه وشأنه لأنك تعذب نفسك بدون جدوى 0 لقد
نصحتك مرات عدة 000قاطعه رادولف فنظر العجوز الى السيارة وأكمل كلامه بلغة
أهل قومه حتى لاتفهم لين شيئا 0
بعد قليل عاد رادولف الى السيارة غاضبا وفي الوقت نفسه عاقدا العزم على
الوصول الى هدفه السري 0
انطلق بالسيارة دون ان يكلف نفسه مشقة الالتفات الى زوجته ولم يحرك ساكنا الا
عندما انتبه الى ان السيارة تحتاج الى الوقود 0فقد استنفذت الرحلة محتويات
الخزان الذي ملأه رادولف في الليلة الماضية 0 عاد الغجري أدراجه الى المخيم
وأشار الى أحد الرجال كي يأخذ السيارة ويملأ خزانها بالوقود0
ترجلت لين وهي تتحسر على فرصة أخرى ضائعة للأفلات 0 اذ انها خططت للأقلاع
بالسيارة فيما رادولف منشغل في المحطة بتعبئة الوقود ودفع المال 0 اما الآن
فها هي معه في المخيم ويدها حبيسة يده على سبيل الاحتراز ومنعا لأية محاولة
فاشلة تبدر منها 0
عندما أخرج رادولف المحفظة من جيبه ليعطي المال للغجري لاحظت لين ان فيها
مبلغا محترما , فقالت :
يبدو ان لديك الكثير من المال 000
غابت رنة المزاح من صوت رادولف هذه المره عندما أكمل :
-المسروق 0
كان بلا شك منشغل الفكر بما اخبره هؤلا الرجال فلم ينصرف الى المزاح والمرح
كعادته 0 من الواضح انه يتنقل من مكان الى آخر بحثا عن أحد فهذا ما استنتجته
لين بسهولة من كلام اولاف وكلام الرجل العجوز0
0ولكن هذا لا يفسر اللغز كاملا بل يطرح سؤالا جديدا : من هو الشخص الذي يبحث
عنه رادولف ؟ وهذا السؤال يستتبع أسئلة كثيرة منها : لماذا يبحث زوجها عنه
وماذا سيفعل عندما يجده 000ومن الجلي ايضا انه ليس من السهل العثور على هذا
الشخص كما انه ليس من السهل ان يستسلم رادولف ويكف عن البحث عنه0 فهو مستعد
لأن يجوب ايرلندا عرضا وطولا ليصل الى ضالته المنشودة 0 وما زاد الامر غرابة
كون رادولف يملك المال الكافي ليغطي نفقات رحلاته المكلفة000ولكن ما يبعث
الرجاء في نفس لين هو ان الفرصة المؤاتية للفرار لابد آتيه في احدى هذه
الرحلات 0لأن حراسة زوجها مهما كانت دقيقة لن تستطيع منعها من الهرب 0
كانت الشمس قد بدأت بالأفول عندما وصل الزوجان الى المخيم المقصود , وبريق
النجوم شرع ينفذ من بين آغصان الاشجار الكثيفة 0 أقيم المخيم في اطار طبيعي
خلاب في حضن سهل فسيح محاط بجبال عالية ومروي ببحيرات متناثرة هنا وهناك
تتجمع فيها مياه الشتاء المتدحرجة من القمم الشاهقة 0
كالعادة , هجم الرجال والنسوة والأطفال لملاقاة رادولف مرحبين به اشد ترحيب
بلغتهم الغجرية 0 تكلم رادولف فنظر الجميع باعجاب الى لين وهم يطلقون عبارات
الدهشة والفرح0 ففهمت المرأة انه شرح لهم انها زوجته 0 بعد ذلك توجه واياها
الى احدى العربات الخالية وكأن رادولف منتظرا هنا وأعدت العدة لاستقباله
بعد ان اصبحا في الداخل طرحت لين السؤال الذي يقلقها :
- الى متى سنبقى هنا ؟ أحس وكأني سلعة يتفرج عليها الجميع في معرض !
- سيعتادون عليك ويعتبرون وجودك طبيعيا مع الوقت 0
- ألم يفاجئهم أمر زواجك ؟
ابتسم رادولف مجيبا :
- لم يفاجئهم بل ادهشهم 0
- أيدهشهم ذلك لأنك كنت معروفا باصرارك على عدم الزواج ؟
- تماما 0
- من المؤسف انك رجعت عن مبادئك وتخليت عن اصرارك !
امتلأت نفس لين بالحزن والخيبة من جديد 0 فاليوم الممتع الذي مر أصبح جزءا من
الماضي والذكريات , وها هي الآن تعود الى الوحدة والضجر 0 أعادت اليها العربة
الجديدة دور السجينة الذي لعبته منذ اختطفها رادولف في ذلك اليوم المشؤوم
وأجبرها على ان تصبح زوجته 0 لكن ما يخفف من وطأة المرارة هو كون العربة
الجديدة في حالة أفضل بكثير من العربة السابقة , فالجديدة أحدث وأنظف 0
لاحظ رادولف حزنها فسأل بقساوة :
- ما بك الآن ؟ انا لم أر في حياتي انساا متقلب المزاج مثلك !
- وماذا عن مزاجك؟ اليس حادا وقاسيا كمزاج وحش مفترس ؟
- لم اقل ان طباعك حادة بل متقلبة فحسب , ساعة اراك فرحة وساعة حزينة !
أجال طرفه في العربه وأضاف :
- انظري حولك , الا تجدين ان العربة نظيفة ومريحة ؟ سأجلب حقيبتك من السيارة
لتضعي ثيابك في الخزانة0 أ حضر رادولف حقيبتي زوجته وحقيبة ثالثة وضع فيها
ثيابه 0 جلست لين تراقبه بانبهار يخرج ثيابا أنيقة من حقيبته لايملكها الا
الأثرياء وأصحاب الذوق الرفيع0
أدرك الغجري ان زوجته فوجئت بما يملك فقال :
- تركتك نائمة البارحة وسرقت كل هذه00
قاطعته لين بحدة غير آبهة بالنتائج :
- لاتحاول تفسير أي شئ فأنا لست مهتمة ابدا بمصدر هذه الملابس !
ابتعدت عنه ووقفت تحدق في قمم الجبال المختبئة وراء حمرةالشفق00 تمنت لو تكوت
هذه اللحظة جالسة هناك حيث الهدؤ والبعد عن الضجيج وكذب حضارة العالم 0 تجمعت
دموع الغضب في عينيها , غضب أثارة فشلها وخيبتها المرة0
- انصحك يا لين بألا تثيري أعصابي , فالنتائج معلومة0
استدارت المرأة حانقة ويداها على خصرها قائلة :
- اتهددني من جديد ؟ هيا افعل ما فعلته في الأمس !فهذا افضل ما يتوقع من
000من متشرد حقير !
توقف رادولف عن توضيب ثيابه ونظر اليها والشرر يتطاير من عينيه 0
- الن تكفي عن التحقير بي ؟ أتحاولين ارغامي على استعمال العنف معك ؟
تقدم منه وأمسك بكتفيها وقال :
- تعلمي لجم لسانك الطويل فأنا لست مستعدا لتحمل الاهانة تلو الاهانة !
هزها بعنف ولكنه لم يتماد كما فعل في الليلة الماضية بل ضبط اعصابه وسرعان ما
تركها 0 تحسست لين آثار يديه القويتين على كتفيها وتساءلت كم من الآلام
ستتحمل قبل ان تفلت من قبضته 0
من الأفضل ان تضعي ملابسك في الخزانة لأننا قد نبقى هنا بضعة ايام 0
- والى اين نذهب بعد ذلك ؟
تنهد رادولف وأجاب :
- لا اعلم 0
ياله من تبدل ! من غجري عنيف الى رجل هادئ تعب ومثبط العزيمة 0 انتقت لين
كلماتها بدقة عندما تكلمت :
- اتبحث عن شخص معين ؟
لم يكن رادولف على علم انها سمعت كلام العجوز وسمعت قبل ذلك كلام اولاف 0
فرمقها بنظرة متسائلة :
- مالذي يجعلك تظنين اني أفعل ؟
- انه التفسير الوحيد الذي وجدته لهذا التجوال المستمر 0
- فهمت00سأخرج بعد حوالي الساعة وأطمئنك بأن العربة محروسة جيدا فلا تحاولي
الهرب0

قال رادولف ذلك بلهجة عادية كأن الموضوع ليس ذا اهمية مما أثار لين فصرخت :
- وكم ستغيب ؟ لا استطيع تحمل الوحدة ! سأفتح النافذة وأملأ الدنيا صراخا !
لا لن استطيع الصمود00
- لاتكوني مأساوية بهذا الشكل المسرحي فلن اغيب عنك طويلا 0
زادت ثورة المرأة وهددت:
-سأحطم النوافذ , سأحطم كل شئ !
اطلق الغجري زفرة عميقة فأدركت لين ان في ذهنه ما يشغله كفاية ويجعله بغنى عن
مشكلة جديدة تسببها له امرأة , فاستنتجت انها اذا زادت الامر صعوبة وتعقيدا
تخلى عنها وأطلق سراحها لينصرف الى حل مشكلته الاساسية 0
هو بالطبع مشغول بالعثور على الرجل "الخفي" فأذا مارست لين اللعب بأعصابه
واثارته كلما سنحت لها الفرصة , ينفد صبره ويتخلى عنها 0 لاشك انها ستدفع ثمن
اغاظته كدمات وجروحا ولكن ذلك لايقاس بالبقاء في سجن الحياة الغجرية الى
الأبد 0
- لقد قلت لك انني لن اتأخر 0
وجد رادولف صعوبة في الكلام بسبب الارهاق الشديد , الذي لم تسببه ساعات
القيادة الطويلة لأن بنيته القوية تجعله بمأمن من الارهاق الجسمي , بل مشكلته
مستعصيه تشغل روحه وعقله 0
وجهت لين اليه سؤالا ليس في محله بل يهدف الى تأخير خروجه فقط :
- الن تتناول طعاما على الأقل ؟
- ليس قبل ان اعود 0
لم تكن المرأة جائعه بل حاولت بسؤالها ان تعيق ذهابه , لكنها أذعنت للأمر
وجلست على كنبة تنتظر خروجه 0
بدا رادولف مترددا في الذهاب 0 هل هو قلق عليها ؟ فشعوره بالقلق واضح على
وجهه 0 عندما فتح الباب ليخرج أعطاها نصيحة أخيره :
- لاتحاولي شيئا سخيفا يا لين لأنك لن تنجحي في الفرار 0
- سأنجح يوما 0
لما نظر اليها بعينيه الماكرتين علمت لين انه يخطط لما سيفعله بها عند عودته
وتأكدت من نياته عندما سألها بخبث :
-أواثقة انت من النجاح ؟ سنرى مدى صلابتك عندما اعود !
- نعم 0 سأخرج من سجنك وسأحمل معي أبشع الذكريات !
أدركت لين ان لعبتها ناجحة عندما رأت زوجها يعض على شفته السفلى ويده تشد على
مقبض الباب 0 ستواصل حملتها على اعصابه في الغد لتصل الى غايتها 0
عاد رادولف الى العربة في العاشرة فوجد لين نائمة على كنبة عريضة 0 استسلمت
المرأة بسرعة الى النوم بعد ان وزعت ملابسها في الخزانة والقت نظرة فاحصة على
العربة الواسعة والنظيفة 0 دخلت الى المطبخ المرتب وحضرت بعض الشاي ثم جلست
تحتسي فنجانا في غرفة الجلوس قبل ان تدخل الى غرفة النوم بعد ان تأكدت من
وجود الحراس اليقظين في الخارج يرصدون تحركاتها 0 لابد انهم يتلقون المال من
زوجها لقاء خدماتهم , مال وفير لاتعرف مصدره 00
وقف رادولف يتأمل شعرها المتدلي كوشاح حريري على الكتف الغض وأحس بالألم يعصر
قلبه و ثم تمتم في نفسه :
غجري متشرد , حثالة المجتمع 000
توجه الرجل الى المرآة ينظر الى بشرته الداكنة وشعره الأسود القاتم المتشعث
كنسيمات الجبال الصباحية 0 استدار لما سمع زوجته تتحرك في كنبتها وتفتح
عينيها لتشاهده أمامها 0
عرف من اقفالها عينيها ومن الدموع المنحبسة وراء الجفنين انها شاهدت الرجل
المتوحش , البدائي 0
- عدت اخيرا 0
أقترب الغجري منها وسألها بحنان :
- أتفضلين وجودي على البقاء وحيدة؟
كذبت لين كي تجرحه امعانا في ممارسة لعبة حرق الاعصاب 0
- بالطبع لا ! وجود شخص غير مرغوب فيه لا يشتهيه أحد !
أمسك بيدها وأجبرها على الوقوف ثم ضمها اليه بقوة 0
- أنت تفقدينني أعصابي !
قاومته لين بعنف وهي ماتزال شبه نائمة , وفجأة تراجعت عندما لامست وجنتها
الجرح في خده 0
- أتخافين من جرح بسيط كهذا ؟
تناول يدها ومررها على جرحه وأضاف :
- ستنالين قريبا من الدواء نفسه لأني احب معاملة الناس بالمثل 0
أتستمر لين في توتير أعصابه ؟ لا , لن يجدي ذلك نفعا معه 0 عليها الرضوخ
لمشيئته والاذعان لاوامره لتخفف من وطأة نار هذا الجحيم 0
عندما رفع رأسها الى عينيه رأت من جديد الحنان يملأ نظراته , رأت رادولف
الخير يطغي على رادولف الشر ويتغلب عليه مؤقتا في الصراع العنيف الدائر في
نفسه 0 وأحست من واجبها مساعدة هذا الرجل كي يصل الى الأمان وتستقر شخصيته ,
ولكن ما السبيل الى مساعدته ؟ لربما كان تجاوبها مع عناقه كفيلا بحل المشكلة
وجعله يشعر بأنه موضع اهتمام 0
وأخيرا جاءت اللحظة الحاسمة فقد جذبها رادولف اليه ليقبلها 0
أتقدم على خطوة التقارب أم تحجم عنها ؟
وللأسف تغلبت غرائز لين على ارادتها وابتعدت عن زواجها الذي لم يرض بالهزيمة
وجعلها تسدد الفاتورة بطريقة فظة000
بعد ان انقشعت غيوم المهانة والذل تمتمت لين بين الشهقات المتتالية :
- أكرهك وسأجعلك تدفع ثمن كل شئ غاليا في يوم من الايام0
لم تؤثر كلماتها في رادولف بشئ لأنها كانت موجهة الى الجانب السئ الذي تحدث عنه0
حملها بخفة الى السرير ليكمل انتقامه وينهش من جمالها المستسلم نهشا0
7- منزل على الشاطئ الذهبي
دام تنقل رادولف ولين من مخيم الى آخر مدة اسبوعين جابا خلالهما أنحاء واسعة
من ايرلندا 0 قطعا الجبال والسهول , والبحيرات والأنهار , والوديان والمراعي
0000, ولو لم يكن هاجس الفرار ماثلا في ذهنها لاعتبرت لين نفسها سعيدة الى
درجة لا توصف 0
لم يقترب رادولف منها منذ ان صفعها المرة الأخيرة , حتى انه كان ينام على
كنبة ويترك لها السرير لتأخذ حريتها 0 صار يعاملها بكل لطف وعناية وان لم يخل
الأمر أحيانا من كلمات جارحة تأتي ردا على زلات لسان تبدر من لين 0 لكن
القضية لم تتعد الكلام لحسن الحظ0
حاول الغجري ان يظهر الجانب الحسن وبالتالي سحق شخصيته الشريرة المرعبة 0 وقد
نجح لا في ازالة خوف لين فحسب , بل بانشاء علاقة ود بين الأثنين 0 فأضحت قوته
خالية من البطش وسطوته بعيدة من الظلم0 كما غاب عن لين الشعور بالأسى
والمرارة اللذين رافقاها كظلها في ايام اختطافها الأولى 0 ولكنها لم تكف مع
ذلك عن الكلام على الهرب في اول فرصة تلوح لها 0
وفي الحقيقة صارت لين مقتنعة تقريبا بحياتها كزوجة لغجري متجول 0 لاسيما وان
رادولف
لا يترك مناسبة الا ويذكرها بأن مكان المرأة هو الى جانب زوجها 0 لكن ذلك
لايعني شعورا بالاستقرار بل كانت المرأة الشابة في حالة انتظار وتوقع دائمين
معتبرة ان عثور زوجها على من يبحث عنه سيغير مسار حياتها 0
لم يحط الزوجان حتى الان رحالهما في مكان معين بل استمرا في الطواف من مطرح
الى مطرح , يشغلان العربة الشاغرة , ويحلان ضيفين على قوم الزوج كأن من عادات
الغجر ابقاء عربة مخصصة لضيوف غير متوقعين يأتون على حين غرة كما يفعل رادولف
0 لكن لين مخطئة في تصورها لأن رادولف كان منتظرا أينما حل وكانت تخلي له
عربة خصيصا قبل وصوله بساعات قليلة 0 ويعود اليها سكانها الأصليون فور رحيله
0
سألت لين زوجها يوما وهما في طريق العودة الى كيلارني بعد ان زارا ثلاثة
مخيمات مكثا في احدها يومين وفي الآخرين بضع ساعات 0
-الى متى سنظل ننتقل هكذا ؟
- أعتقد اننا سنكون في بيتنا بعد حوالي اسبوعين0
أوقف رادولف السيارة الى جانب الطريق وأخرج قنينة شراب البرتقال من صندوق
السيارة ليتناولا كوبين منعشين , في حين كان تفكير لين يعمل جاهدا لاستيعاب
كلمة " بيتنا " 0 عن أي بيت يتكلم زوجها ؟
- اتعني اننا سنستقر في مخيم معين ؟
قالت لين ذلك وهي تهز رأسها وتفكر بوجودها في مخيم للغجر وبالحياة المتعبة
التي تنتظرها 0 وبرغم ذلك فهي تقر أنها لا تتصور نفسها تعيش بدون رادولف من
دون ان تعلم السبب 0 صارت الامور مشوشة في ذهنها فمنزلها ومجتمعها الحقيقيان
يقومان في وطنها انكلترا حيث تحلم بالعيش في منزل صغير لتبني عائلة صالحة
يشاركها في طموحها رجل تحبه او على الاقل ترتاح له وتعيش وادعة مطمئنة 0
طالما عادت صورة توماس الى ذهنها في الايام الماضية لكن رادولف كان مصيبا
عندما قال ان توماس لا يناسبها , فهو رجل طيب لكنه ليس خلاقا مما يساهم في
زيادة الرتابة والروتين في حياتها التي علمت من خلال تجربتها الجديدة مدى
سخافتها , وانسيابها المجرد من أي نكهة ومعنى 0
قطع رادولف حبل افكارها بقوله:
- لابد ان ننتهي من الطواف ونستقر 0
اعترضت لين بلهجة ناعمة قريبة من التوسل :
- لا استسيغ فكرة العيش في مخيم , الا نستطيع السكن في مكان آخر ؟
رماها زوجها بنظرة ملؤها الحيرة والتردد كأنه يخاف من البوح لها بأشياء
يكتمها في نفسه على مضض 0 لذلك اختار كلماته بدقة وقال بتمهل :
- أفهم من كلامك انك أصبحت مقتنعة بالعيش معي ؟
هربت لين من نظراته وأخذت تفكر لماذا لم تعترض على ذلك بشدة كما كانت تفعل في
السابق 0 وبعد أن وزنت الأمور في رأسها وتراءت لها حياتها المقبلة وما يمكن
ان تعانيه في المجتمع الغجري من عبودية تصيب المرأة وتذلها , صاحت بأعلى
صوتها :
- لا ! لم اقتنع بذلك ! سأستمر في محاولة الفرار وسأنجح في ذلك ! انت
لاتستطيع مراقبتي الى الأبد , لاتستطيع ان تراقب تحركاتي لسنوات وسنوات حتى 0
نصبح عجوزين هرمين !
ارتفعت حدة نبرة لين حتى جفل رادولف منها وزادت :
- أرجوك دعني أمضي في سبيلي , أرجوك دعني أعود الى بيتي !
بكت المرأة بمرارة وغشى كيانها اضطراب كبير فأخذت ترتعش حتى اوقعت كوب العصير
على ثوبها0
تناول الغجري الكوب من يدها وانتظر حتى هدأت , وبالفعل عادت لين الى هدؤها
السابق وتكلمت بكل واقعية :
- لنعقد اتفاقا مثمرا لنا نحن الاثنين 0 تعطيني حريتي مقابل سكوتي عن حادث
الاختطاف وتعهدي بألا اطلع احدا على ما جرى 0
بلعت لين ريقها لتزيل الثقل القابع في حلقها وأعصابها الثائرة تجعل منطقها
مغلوطا , وفكرها شاردا ومشوشا 0 لم يعد شئ في ذهنها واضحا 0 وأحست برغبة في
الصراخ عندما مرت أمامها الصور متدافعة , صور الحرية والعودة الى الوطن 0صور
رادولف الطاغية وسطوته القاسية تطردها صور طيبته ولطفه اللا متناهي 0 ودار في
خلدها صراع قاس بين الحياة مع رادولف والحياة بدونه , فالأولى رحلة لا تنتهي
بين المخيمات حيث شظف العيش , والثانية حلقة مفرغة تبحث فيها عن سعادة تائهة0
برزت الحقائق من بين غيوم عقلها المنقشعة 0 وعجزت لين عن الاختيار فلم تجد
الا صرخة صادقة تطلقها من اعماقها :
- ساعدني يا الله !
- لين ما بك ياعزيزتي ؟ بالله عليك لاتفعلي هكذا بنفسك ! 0
لمتنبس المرأة ببنت شفه بل نظرت الى الغجري لاتصدق ان ما يختلج في قلبها
حقيقة 0 همست في نفسها :
- لا , هذا ليس صحيحا , لايمكن ان يكون صحيحا 000
تكلم رادولف ثانية لكنها لم تسمع شيئا لانشغالها بالحقائق الجديدة 0 سرت في
جسمها رعشة قوية وارتجفت بشدة ثم سقطت بين يدي زوجها 0
- لين , ما بك؟ هل انت مريضة ؟
كان صوته ناعما ينم عن قلق عميق 0 لكن لين ليست مريضة بل هي في حالة أخطر من
ذلك 0 رفعت رأسها وكأنها تخرج من الغيبوبة , ثم حدقت في الرجل وتساءلت عما
يمكن ان تكون ردة فعله لو اطلعته على ما اكتشفت لتوها 0 أيستقبل الخبر بفرح
ام يقول متشفيا : لقد وقعت في غرام غجري متشرد اذن ! وهكذا لن تتركيني بعد
الآن يا امرأة لأن حبك لي يجعلك أمة خاضعة !
لن تخبره بذلك ابدا ! ولن يغير الوضع الجديد من تصميمها على الهرب لأنها
لاتنوي قضاء حياتها مع غجري برغم حبها القاتل لرادولف 0 لن تستطيع رؤية
أطفالها يترعرعون في مخيم وسط القذارة وبعيدا عن المدرسة الصالحة والبيئة
الصالحة 0 ستجعل العقل يسيطر على العاطفة وتحكم المنطق ليسحق الحب 0
لما عادت الى التفكير برادولف من جديد عاد التشوش والبلبلة الى ذهنها 0 لقد
استنتجت في السابق انه يملك شخصية مزدوجة وقالت انها لو استطاعت ابقاء جانبه
السئ بعيدا لاستطاعت تمضية أيام حلوة معه 0 وفي الحقيقة أنه كان انسانا رائعا
خلال الأسبوعين الفائيتين فهو عاملها بكل رقة ولطف , حتى أنه لم يحاول
تقبيلها مرة000
لقد كبح جماح غرائزه لا سعادها وقدم مصلحتها على مصلحته دون أي انانية أو حب
للذات 0
أي رجل هو هذا ؟ لا تستطيع لين تحمل العيش مع رجل غامض الى هذا الحد 0 وان
تكن تصرفاتها الاخرى مقبولة ولائقة0
نفذ صوت رادولف من خلال أفكارها كالنور يتسلل بخجل من بين طيات الضباب :
- سألتك اذا كنت مريضة 0
- انا بخير الآن 0
قالت لين الحقيقة لأنها بدأت تشعر بالتحسن مع ان افكارها ما تزال مبلبلة 0
نظرت الى وجهه فكادت تقسم أنه ليس غجريا , لا يمكن ان تكون هذه الوسامة
الراقية في غجري000

أن هذا المكان ليس لغجري وظنت أن رادولف ليس صديقا لمالكه كما ادعى , بل هو
يدخل اليه خلسة عندما يعلم أن أصحابه غائبون 0 ولكن من أين أتى بالمفتاح ؟
الجواب على ذلك ليس مستعصيا لأن هناك نوعا من المفاتيح الخاصة يناسب جميع
الاقفال 0 والغجر مرشحون اكثر من غيرهم لأقتنائهم هذا النوع 0
أعادها صوت رادولف الى الواقع عندما بادرها بالسؤال :
- بماذا تفكرين؟
- كنت أفكر بكل هذا المال المهدور على بيت شبه مهجور 0
لم يقنع جواب لين زوجها الماكر فصحح قولها :
- لا ياعزيزتي , كنت تقولين في نفسك كيف يمكن لغجري حقير أن يتعرف الى أصدقاء
أثرياء كصاحب هذا المنزل ؟
مرة جديدة عادت مسحة المرارة الى صوت رادولف 0 ولكن لين لم تشعر بالشماته
لذلك بل انزعجت وحاولت تغيير وجهة الحديث 0
- أهناك حمام في هذا المنزل ؟
- وهل يعقل الا يكون هناك حمام ؟ تعالي لأدلك اليه 0
بعد ذلك أراها غرف النوم المرتبة والنظيفة كما دخلا الى المطبخ الواسع
والمجهز بأحدث الوسائل وأغلاها 0
- لابد أن أحدا يأتي الى هنا باستمرار ليبقى المنزل نظيفا 0
هز رادولف برأسه موافقا وهو يشير الى بقعة خضراء لاتبعد كثيرا عن البيت 0
- هناك مزرعة صغيرة خلف تلك الاشجار تملكها أرملة في الخمسين كلفها صديقي
المجئ يوميا للأهتمام بالمنزل 0
- يوميا ؟
- ستأتي في الصباح الباكر وهكذا ستتأكدين من اني لست متسللا اليس هذا ما يشغل
بالك ؟
احمر وجه لين لملاحظاته الجارحة والصائبة لكنها رأت في مجئ هذه المرأة عملا
يحتمل أن يساعدها على الهرب 0
- لا تبني آمالا كاذبة فالسيدة وايت تحبني كثيرا وتنفذ مشيئتي 0
- يبدو أن لديك الكثير من المحبين 0
تجاهل الغجري ملاحظة زوجته وقال :
- المياة ساخنه الآن اذا كنت ترغبين في أخذ حمام 0 لقد أنبأت السيدة وايت
بمجيئنا وأمرتها بتسخين الماء 0
حدقت لين فيه بذهول مطبق 0
- انبأت السيدة00ولكن متى وكيف فعلت ذلك ؟
ضحك رادولف وأجاب :
- طلبت الى احدهم في آخر مخيم توقفنا فيه أن يتصل بها هاتفيا 0
- فهمت 0
تظاهرت لين بالفهم لأنها مهتمة الآن بالدخول الى الحمام والأستلقاء في المياه
الساخنة لترتاح وتنعم بهذا الترف الذي حرمت منه منذ مدة طويلة 0 ولما همت
بدخول الحمام لتخلع ثيابها وجدت الباب مقفلا0
- ستخلعين ثيابك في غرفة النوم قبل أن اعطيك مفتاح الحمام 0
- لماذا هذا التعقيد ؟
- لأني أود مساعدتك في ذلك يا حبيبتي 0
- أنت تفكر في كل شئ 0
- علي أن أفكر في كل شئ والا أفلت زمام من الأمور من يدي 0
أمضت لين وقتا طويلا في غمرة المياه الساخنة 0 ولما عادت الى غرفة النوم كانت
هادئة ومرتاحة الأعصاب 0
جلس رادولف على السرير يتأمل جمال زوجته في قميص النوم الذي أخرجه لها من
احدى الخزانات 0 نظر الى ساعة كبيرة معلقة على الحائط وقال :
- يظهر أنك تمتعت كثيرا بالماء لأنك أمضيت ما يقارب نصف الساعة في الحمام 0
علقت لين بجدية :
- أنا حقا آسفة لتأخري 0
- لا عليك يا طفلتي فأنا كنت مشغولا باجراء بعض المكالمات الهاتفية 0
مخابرات هاتفية 000هذا يعني أن ثمة هاتفا في المنزل 0 حاولت المرأة أن تتكلم
بلهجة عادية حتى لايتنبه زوجها لحيلتها 0
- الا يمانع صديقك استعمالك لهاتفه ؟
- لا ابدا 0
دخل رادولف بدوره الى الحمام تحت أنظار زوجته المتسائلة عن ماهية مكالماته
التي ليست بالطبع موجهة الى مخيم غجري, لأن هذه الامكنه لا تعرف الهاتف 0
انتظرت بضع دقائق حتى سمعت صوت المياه وتأكدت من أن زوجها لا يراقبها , ثم
خرجت من الغرفة على رؤؤس أصابعها وشرعت تبحث عن مكان الهاتف دون جدوى 0 لاعجب
في أن يخفيه رادولف الداهية لأنه مدرك أن زوجته لن تكون غبية وتدع فرصة
استعمال الهاتف تفلت من يده وتضيع هباء 0
تخلت لين عن البحث وجلست على طرف السرير تفكر في طريقة حديث زوجها عن الهاتف
, وكأنه يتعمد خلق مواقف تجعل زوجته تطرح على نفسها المزيد من الأسئلة حول
حقيقته 0 تمنت لو تجد سبيلا كي تقنعه بالأجابة على التساؤلات الدائرة في
ذهنها والتي تسبب لها حيرة وشكا عظيمين 0
بماذا تشك المرأة ؟ ماهو التفسير الشافي لكل الغموض الذي يحيط بزوجها؟ من
المسلم به أن رادولف غجري ومع ذلك لا يمكنها انكار بعض الصفات التي تجعل منه
شبيها بأي رجل مثقف لا بل أرستقراطي نبيل , ان في حديثه أم في تصرفاته 0 وفي
الفترة الاخيره بالذات , أي عندما جالا في البلاد ’انتفت عنه كل علامة تشير
الى أنه غجري 0 حتى بدت متغيرة خصوصا وانه صار يرتدي ثيابا عادية مختلفة عن
الزي شبه " الفولكلوري " الذي كان غالبا على هندامه في السابق 0
والسؤال المحير يبقى لماذا هذا التبدل أو لماذا عمد رادولف في بداية تعارفهما
الى كسب عدائها ؟ لماذا !000لماذا!أسئلة لاتنتهي ! يضافاليها هذا المنزل
الفخم قطعة جديدة في الأحجية 0 مادام من غير المعقول أن يكون لغجري صديق حميم
بهذا الثراء يعهد اليه بمفاتيح بيته ويعطيه حرية التصرف المطلقة , سيما وان
رادولف بدا معتادا على المجئ الى المكان من خلال معرفته كل التفاصيل المتعلقة
بالأثاث وبتاريخ المنزل وظروف تشييده 000يضاف الى ذلك السلطة التي يستطيع
بموجبها أن يأمر الأرملة بتحضير البيت وتنظيفه استعدادا لحضوره

غيرت لين الموضوع فجأة وسألته عن هوية الشخص الذي يبحث عنه 0 جفل رادولف
لسؤالها وقال :
- الم تقولي سابقا أني أبحث عن شخص وبررت استنتاجك هذا ؟
- قلت ان هذا هو التفسير الوحيد لتنقلك الدائم 0
أطرقت لين قليلا وزادت :
- سأكون صريحة معك هذه المرة 0
- تفضلي 0
- سمعت الرجل العجوز يتحدث اليك عن رجل لم يأت الى المخيم وينصحك بألا تكمل
البحث عنه 0
فكرت لين بأن تذكر كلمات اولاف أيضا لكنها عدلت لأن ذلك ليس ضروريا 0
- لم تخبريني بذلك في المرة السابقة 0
- تعني عندما قلت لك انك تبحث عن أحد ما ؟ لا فقد ظننت أنك تتضايق لو عرفت
أني كنت أسترق السمع 0
حاول رادولف ان يبتسم وقال بعد أن غير وجهة الحديث :
- أطلعتني الآن على شئ يضايقني 0 الم تخافي من أثارة غضبي ؟
- لم أعد أخاف منك 0
- قولي بصراحة يا لين , هل انت أسعد الآن مما كنت عليه 000
توقف فجأة محاولا ايجاد الكلمات المناسبة لأنهاء السؤال , لكن دفعة من
الشجاعة أتت لين فأكملت عنه:
- مما كنت عليه عندما كنت ترغمني على مشاطرتك السرير ؟
فوجئ الغجري لصراحة زوجته ولكنه كتم شعوره بذكاء 0
- أحسنت فهذا ما كنت سأقوله0
- لست سعيدة بل راضية 0
ان تردد لين وعدم ثقتها بما تقول يضرب بهما المثل 0 فلماذا تنكر انها طالما
نظرت الى يديه القويتين خلال الأسبوعين الفائتين وتذكرت مداعباتهما ولمساتهما
الجذابة وتمنت لو يعيد الكرة ؟ أهي ترغب فيه ؟ ولم لا فهي تحبه0
الحب000احتقرت نفسها لأنها وقعت في حبائله لمجرد انه كان ودودا معها في
الأيام الماضية , كرهت ضعفها وسرعة ذوبانها في بحر العاطفة0
ولكن هل صحيح ان شعور الحب لم يبدأ الا منذ وقت قصير ؟
خصوصا وان لين تعترف أنها وجدت الغجري جذابا منذ رأته000
- وهل يرضيك عيشنا بهذه الطريقة حتى نصبح عجوزين هرمين ؟
- سؤالك غير مجد فأنا لا انوي قضاء حياتي معك 0
سمعت لين زوجها يتنهد بدل أن يغضب كالعادة وتساءلت اذا كان سلم بالأمر الواقع
واقتنع بأن المشاركه في الحياة الزوجية تأتي نتيجة الرضى المتبادل لا القهر
والاكراه0
بعد دقائق انطلق رادولف بالسيارة صامتا وملامحه قاسية كالحجر , ينظر أمامه
كأن عينيه متجمدتان لا حياة فيهما 0 وغرقت لين بدورها في التفكير بمشاكلها
وبالحل الأنسب الذي يخرجها من هذا المأزق من دون ان تسبب أي الم أو أذى
لزوجها0
توقف الغجري في احد المخيمات لكنه لم يمكث هناك سوى بضع دقائق 0 وأبلغ زوجته
بعد ذلك أنهما سيمضيان الليل في منزل يملكه صديق له يقع على شاطئ البحر 0
- ومن هو هذا الصديق ؟
- لا ضرورة لأن تعرفي 0
- انه ليس غجريا بالطبع 0
- لي أصدقاء كثيرون من غير الغجر يا عزيزتي 0
- أهناك أحد في المنزل ؟
أجاب رادولف بنبرة ناعمة وفي صوته تلك الرنة الموسيقية القريبة من اللهجة
الايرلنديه :
- المنزل خال فهو مخصص لقضاء العطلة الصيفية 0 أنا واثق من أنه سيعجبك كثيرا
فهو مجهز بكل شئ برغم بعده عن أي تجمع سكني 0
- أتعني أن المنزل منعزل ؟
- يبدو أنك فكرت بالهرب ياحلوتي ! لم أكن لأصطحبك الى هناك لو لم يكن المنزل
منعزلا عن بقية العالم0
- أيستعمل المنزل لأغراض سياحية ؟ فالبعض يحب تمضية وقت فراغه بعيدا عن الناس
0
ضحك رادولف وعلق :
- استعملت ديباجة بارعة لأخفاء خيبتك 0
- ماذا تعني ؟
- لاتدعي الغباء يا لين 0ظننت أن وجودك في منزل على شاطئ البحر سيسهل الفرار
, ففي المخيمات هناك من يراقبك ليلا نهارا0
- الفرار من مخيم للغجر هو في الحقيقة مستحيل , أما بالنسبة لاستنتاجاتك
الاخرى فانك مخطئ لأني صرت أعرفك كفاية كي أدرك أنك حاضر أبدا لاحباط اية
محاولة أقوم بها للأفلات 0 جل ما في الامر أني استغرب وجود منزل مخصص للعطلة
في مكان منعزل كما فهمت من كلامك 0
- لقد بنى صديقي هذا المنزل منذ اربع سنوات حتى يهرب من همومه ويرتاح هناك من
عناء أعماله المتراكمة 0
عجبت لين لكلام زوجها فكيف يتوصل غجري الى مصادقة شخص ثري يبني منزلا لمجرد
حبه الاختلاء بنفسه !
- لابد أن صديقك ثري جدا ! انا 000لم أعد أفهم شيئا 0آه لو تخبرني المزيد عن
نفسك فلربما صارت الامور بيننا مختلفة 0
ضغط رادولف على المكابح حتى كاد رأس لين يرتطم بالزجاج الأمامي 0 نظر اليها
بدهشة وسألها :
- ماذا تعنين بمختلفة ؟
هزت المرأة رأسها عاجزة :
- لا أستطيع التفسير 0
وبالفعل لم تكن تستطيع التوضيح لأنها هي نفسها لا تعلم ماذا تقصد تماما من
كلامها0
انطلق الغجري بالسيارة , وقاد لساعات في طرق منعزلة تتعرج بين الهضاب الخضراء
حتى انعطف أخيرا في زقاق ضيق لا يعرفه أحد وليس موجودا على الخريطة كما أبلغ
زوجته 0
كادت لين تلهث عندما رأت جمال الطبيعة حولها , صخور الشاطئ ورماله الذهبية
المترامية كأنها لا تنتهي 00لايزورها سوى طيور النورس تبحث عن رزقها بعيدا عن
فضول الانسان 0
استمر سيرهما في هذا المكان النائي حتى وصلا الى طريق صخرية لم تعرف طعم
الأسفلت , فأخذت السيارة تثب على الحجارة وراكباها يعانيان صعوبة المسلك حتى
بلغا أخيرا بوابة عتيقة منحوتة في الحجر تدل على أن المنزل بني على أنقاض
بناء قديم 0 وخلف البوابة والسور المحيط بالأرض نمت أشجار خضراء من مختلف
الأنواع , وتوزعت أزهار وورود زاهية هنا وهناك تضفي على الجو رونقا وضياء 0
كانت أشعة الشمس ما تزال ساطعة ترسل ألوانها على المنزل الأبيض المحاط ببساط
من العشب الأخضر وسجادة من الأزهار 0 انعقد لسان لين من الدهشة وصعقت لجمال
هذه البقعة الطاهرة التي لم تدنس عذريتها أرجل الأنسان الشره0
قالت وهي تترجل من السيارة :
- آه ما أروع هذا المكان !
أجالت طرفها بين الجبال الشاهقة والبحر المترامي الأطراف في زرقة يخالطها
بياض الزبد 0 عجيبة هي طبيعة ايرلندا في جمعها سمو الجبال ووداعة البحر في
لوحة واحدة 0
- كيف وصل صديقك الى مكان كهذا ؟
مرت لحظات تردد قبل أن يجيب زوجها :
- أن عائلته تملك الأرض منذ عدة أجيال وقد أقامت فيها مزرعة كبيرة 0
أشار بيده الى بقايا البناء المتهدم وقال :
- كان هذا بيتا لعمال المزرعة 0 وجد صديقي
المكان مناسبا ليناء منزل يرتاح فيه عندما يحتاج الى الابتعاد عن عالم
الاعمال والضجيج0
- وماذا يعمل صديقك ؟
- لديه أملاك كثيرة0
جاء جواب الغجري مقتضبا يحذر لين من التمادي في طرح الأسئلة , ويعلمها بأنه
ما عاد يرغب في التوغل في الموضوع أكثر 0
دخل الزوجان الى المنزل الفخم حيث الاثاث الوثير والسجاد العجمي والستائر
الحريرية الفاخرة 0 وأعجبت لين بالثريات والكريستال والآنية الفضية وتماثيل
العاج والبرونز 0
كما لفت نظرها الديكور الذواق الذي نظمت على أساسه غرفة الجلوس , ثم هزت
رأسها مدركة
0في هذه اللحظة دخل رادولف الى غرفة النوم مرتديا لباس نوم أنيقا يتناقض مع
شعره غير المسرح , ويعطيه شكلا فريدا جامعا بين الظاهر الانيق والطبيعة
البدائية 000لايقال عن رادولف الا أنه طائر يغرد خارج سربه !
عرف الغجري ما أثاره مظهره في نفس زوجته فقال معتذرا:
- لآسف لمظهري , ولكني سأتحسن مع الوقت اذا اهتممت أكثر بالتفاصيل 0
- لا ضرورة للتهكم 0 أتسمح الآن بأن أرتدي ملابسي فالجو ليس دافئا كفاية هنا
؟
لم يحتج رادولف لسماع المزيد فسارع الى تشغيل جهاز التدفئة المركزية 0 وعلى
الفور غمر المنزل دفء عارم 0 بعد ذلك عاد رادولف الى غرفة النوم وفتح خزانة
الثياب 0
- ستجدين ثيابك وحقيبتك هنا 0
أستدار وأكمل:
-أظن أني رأيت بين ملابسك فستانا طويلا 0
تأخرت لين في الأجابة لأنها كانت تراقب بتعجب اللباس الذي يرتديه زوجها
والمناسب له تماما مما يدل على أن قياسه معادل تماما لقياس صديقه , حتى
الكمان يناسبان ذراعي زوجها المتميزتين بطولهما 0
- ماذا عن الفستان ؟
- أريدك ان ترتديه الليلة 0
مرر نظراته الشغوفة على جسمها وأكمل :
- سنتناول العشاء بكامل أناقتنا كأناس متمدنين 0
- عدلت المرأة عن الأعتراض لأن فكرة ارتداء ثوب أنيق والجلوس الى طاولة
لتناول الطعام محبذة بعد كل هذه الفترة البوهيمية , حيث تخلت مرغمة عن
مبادئها المتعلقة بالنظافة والشكليات 0 وفي الواقع وجدت لين نفسها تبتسم وهي
تتصور المائدة المغطاة بشرشف مزركش بالزهور والمزين بآنية فيها ورود مقطوفة
من الحديقة المحيطة بالمنزل 0
منحها رادولف احدى ابتساماته النادرة وهو يتناول الفرشاة ليسرح شعره قبل أن
يقول :
-أرى أن اقتراحي اعجبك 0 أخرجي الفستان المعني لأراه0
فعلت لين كما امرها وأخذت تتمشى أمامه في الثوب الأصفر الطويل دون ان تشعر
بأي حرج 0 بل على العكس قالت بعد أن أحضرت فستانا آخر ذا لون أرجواني :
- ما رأيك بهذا ؟
أقترب الغجري من زوجته فأحست بالرعشة تعتريها وكأن في الرجل قوة مغناطيسية
غريبة يزيد منها طبعه المتكبر 0 أحمرت وجنتا المرأة وثقل تنفسها وفي ذهنها
فكرة واحدة : حبها لرادولف 0 مع اقتراب رادولف منها أكثر زادت دقات قلبها
أكثر فأكثر وعلمت أنه لو أراد ضمها الى صدره لما أحجمت بل لرحبت بذلك بكل
جوارحها 0 لكن زوجها خيب آمالها واكتفى بطبع قبلة ناعمة على جبينها0

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 25-09-08, 12:01 PM   المشاركة رقم: 30
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

8- اشراقة في القلب



جلس رادولف ولين متقابلين الى مائدة مضاءة بالشموع في شمعدان فضي , ومزينة
بمزهرية مليئة بورود حمراء 0 وعلى طرف المائدة وضع اناء طافح بمختلف أنواع
الفاكهة 0 أما الشرشف فأبيض كالثلج تضيئه السكاكين والشوك الفضية0
جلست لين في فستانها الاصفر سعيدة كما لم تكن يوما منذ أن التقت رادولف , وهي
تعلم أن هذه السعادة لن تعمر طويلا 0
فالأمسية ليست الا واحة صغيرة في صحراء حياتها مع زوجها , والتي تنوي الخروج
منها برغم كل الاعتبارات الأخرى وأهمها 00حبها للغجري0
تمكن رادولف بطريقة ما من الدخول الى هذا المنزل الذي يحوي في ما يحويه ,
حوضا للسباحة في قاعة مقفلة مكيفة و وملعبا لكرة المضرب في القاعة نفسها ,
كما أقيمت في الجهة الخلفية بحيرة اصطناعية صغيرة لاكمال اللوحة الفنية خصوصا
وانها تطل على الهضاب الخضراء الحالمة 0
قررت المرأة الشابة نسيان شكوكها لتمضي وقتا ممتعا في هذا المكان الذي
اعتبرته أكثر شاعرية من كل ما أبصرت عيناها 0 فلم تستغل الفرصة وتتذوق حلاوة
كل دقيقة تمر هنا بدل أن تشغل فكرها في ما لن تستطيع توضيحه؟
من جهته ارتدى رادولف بزة رسمية سوداء وتحتها قميص أبيض يزيده اشراقا لون
بشرته السمراء , لكنه لم يبد منزعجا من لباسه هذا أو غير معتاد عليه0
تدخل صوته معلقا بعذوبة :
- أنت هادئة كثيرا يا عزيزتي 0
- اني اتمتع بهذه الامسية اللطيفة 0
أكمل رادولف مازحا :
- وتريدين بالطبع أن تطرحي الكثير من الأسئلة 0 أنت اكبر امرأة متحفظة رأيتها
في حياتي 0
- وهل تريدني ان أضع كل ثقتي بك؟ ماذا تفعل لو كنت مكاني ؟
تجاهل رادولف سؤالها وأهتم بصب الكافيار الفاخر الذي وجد في خزانة مليئة
بالمعلبات على اختلافها 0 وبعد ان انتهى قال :
- لماذا لا تطرحين علي بعضا من تلك الأسئلة المقلقة ؟
- ومن قال اني قلقة ؟
- ذلك يقرأ على وجهك يا عزيزتي 0 فلنقل أنك محتارة لا قلقة وسبب الحيرة أشياء
كثيرة حدثت في الفترة الأخيرة 0
- أشياء لاتحصى ولاتعد0
توقفت لين لتتذوق بعض الكافيار ثم أضافت :
- أتعني أنك مستعد للأجابة على الأسئلة , فأنت لم تخرج عن تكتمك حتى الآن ؟
- ليس في الامر تكتم بل عدم ضرورة للبوح بكل الاسرار0
وما أكثر هذه الاسرار ومنها أن البزة , وهي بالطبع ملك لصديقه , تناسب جسمه
تماما 0 أمن الممكن أن يكون في الامر مصادفة ؟
- ماذا تعني بعد الضرورة ؟
رفعت لين عينيها الى وجهه فوجدته منقطعا عن الأكل يحدق فيها ووهج نار الشموع
يزيد من سحر وجهها وجماله 0 أعدت اليها نظراته ذكرى لقائهما الثاني في الغابة
عند ما جاء على حصانه وبدا مسحورا بجمالها 0 كان في الحقيقة مختلفا وقتها عما
رأته فيه في اللقء الأول حيث أعمته الرغبة فحاول الأعتداء عليها 0 في الغابة
ظهر مهذبا وحياها بكل بساطة كأنه يقابلها للمرة الأولى , ويسعى للتعرف اليها
ومصادقتها دون الالتفات الى الحادثة السابقة 0 حبذا لو أن تلك الحادثة لم
تحصل وكان اللقاء في الغابة هو الأول , لكانت الامور بينهما مختلفة الآن0!
قالت لين أخيرا بعد أن انتهت من تساؤلها :
- وهذه الضرورة أصبحت متوافرة الآن !
وجف قلبها أذ أدركت بحدس ما انها على وشك اكتشاف أمر خطير كفيل بجلب السعادة
الدائمة 0 اختلج في نفسها شعور غريب تلاعب بانفعالاتها وجعلها في نفس الوقت
تقتنع بأنها لو عرفت كيف تعالج الوضع الجديد الذي سيخلقه رادولف لما عاد
زواجها منه تلك المأساة التي بدأت عند اختطافها وارغامها على عقد زواج غجري
لا تؤمن كثيرا بصحته 0
أجاب رادولف على سؤالها وكادت تتولى المهمة عنه عيناه الحزينتان :
- من المفيد لنا نحن الاثنين ان اوضح لك بعض الامور التي اوقعتك في مغالطات
جمة0
لاحظت المرأة الحزن في عيني زوجها وتمنت لو تستطيع فعل أي شئ لتمحو هذه
المسحة الأليمة من نفس من تحب 0 أزاء سكوتها أكمل الغجري :
- بالرغم من ذلك أفضل يا عزيزتي الا تطرحي أسئلتك الآن بل لندع الامور تتوضح
تلقائيا , وذلك بات قريبا 0
هز رادولف رأسه وتجهم وجهه وبدت عليه علامات القلق والتردد عندما قال بصوت
خافت :
- نما في داخلي احساس بأن نظرتك الي تغيرت يا لين , ولكني لست أكيدا000لا ,
لا أجرؤ000نفذت كلماته كالسهام الى اعماق لين واختلطت عليها الامور اذ لم
تفهم ما قاله زوجها 0 ليس أكيدا 00وبالتالي لا يجرؤ على مصارحتها بما يريدها
أن تعلم عنه 0أحست ليس بأن فرصة العثور على السعادة بدأت تضيع وبأنها لم تخلق
لتعيش مع هذا الرجل تحت سقف واحد 0 ولكن هل هي واثقة تماما من رغبتها في
العيش معه ؟ مرة جديدة رأت مستقبلها قاتما وفارغا اذا تخلت عن رادولف 0 ومن
جهة أخرى هي لا تستوعب فكرة الحياة غير المستقرة التي يعيشها الغجر 0 نظرت
الى زوجها متوسلة وتمتمت :
- أرجوك يا رادولف , أطلعني على الخبايا , فانا زوجتك ويحق لي أن أعرف شيئا
عنك 0
هز الغجري برأسه موافقا بدون أن يبدر منه ما يرضي فضول زوجته بل قال :
- لنركز اهتمامنا الآن على وجبة العشاء سيما وأنها الأولى لنا في مثل هذا
المكان الرائع 0 لم تجد ابتسامة رادولف في أزالة خيبة زوجته لأنه تهرب من
الموضوع 0 والألم أصبح الآن أشد وقعا منه في الماضي كونها صارت أسيرة حب هذا
الرجل , وأضحت متحرقة لكشف حقيقته 0
- بعد الكافيار جاء دور شرائح اللحم المشوي التي حضرها الزوجان في المطبخ
الكبير بعد أن جلباها من الثلاجة الكبيرة المحتوية على الكثير من اللحوم
وأنواع الطيور الشهية 0 وقد برر رادولف وجود هذه الاطعمه بوجود السيدة وايت
الأرملة الطيبة التي تهتم بشؤون المنزل 0
- أنت تتعب السيدة وايت بطلباتك المتعددة يا رادولف 0
- السيدة وايت راضية فهي تجد في الأمر تسلية تنسيها وحدتها 0كما أننا بحاجة
لهذا الترف بعد طول التنقل من مخيم الى آخر 0
- ولكنك تحب حياة الغجر , أليس كذلك؟
- العادة تسهل كل شئ وتجعل المستحيل معقولا 0 ولا أخفي عليك سرا اذا قلت أني
أحب التمتع بالحرية التي توفرها حياتنا الغجرية 0
- ولكن حياتكم مضجرة اذ لا عمل فيها ولا نشاط0
- ليس كل الغجر بالضرورة عاطلين عن العمل 0 فهم يصنعون بعض أدوات الطبخ
ويتعاطون التنجيم وما الى ذلك 0
علقت المرأة على كلام زوجها بسخرية :
- ماذا يفعل قومك سوى شحذ خناجرهم وتلميعها؟
لم يستطع رادولف الاجابة على هذا السؤال المحرج , بل أهتم بصب الطعام وأحضار
عصير البرتقال 0 ولين خائبة تتحين فرصة أخرى لاستجوابه 0
أنتهى الزوجان من تناول الطعام فسأل الغجري :
- هل أعجبك الطعام ؟
- كان رائعا , شكرا 0
طغى على الجو مسحة من السحر والود0 ولم تفكر لين بالمشاكل التي تفسد عليها
روعة الساعة بل طرحتها جانبا لتنعم بهنيهات فرح نادرة0

منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
anne hampson, آن هامبسون, beloved vagabond, دار الكتاب العربي, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, سجينة الغجر, عبير, عبير القديمة, قريبا ياملاكي
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t93591.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 31-12-17 03:58 PM


الساعة الآن 05:07 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية