كاتب الموضوع :
HOPE LIGHT
المنتدى :
الارشيف
الجزء الحادي و العشرون...
حرر رأسه من كلتا يديه... و صوب بصره ناحية أخيه ومن ثم نقلهما ناحيتها و قال:
- هل يمكنك أن تتركينا وحدنا يا هند, إذا أمكن
هزت رأسها على بنعم ... و خرجت من فورها .. وهي في داخلها ترقص فرحاً.. فأخيراً تمكنت من الخروج من تلك الغرفة التي تكاد تكتم على أنفاسها...
أخرج غسان زفرة قوية ... ومن ثم قال:
- لا تتعب نفسك بالكلام .. فأنا أعلم ماذا سوف تقول...
قطب حاجبيه ... وزمجر قائلاً:
- ما دمت تعلم .. لماذا ... لماذا فعلة هذا بأم تامر ... هل ارتحت الآن ...
رفه كلى حاجبيه إلى أعلى وقال:
- ماذا فعلت بها ؟!! لم أفعل بها شيئاً ..
زفر أحمد زفرة قوية تعكس ما بداخله من ضيق .. وقال :
- أتريد بأن تفقدني عقلي ... غسان... لا تلعب عليه دور الغبي الآن .. أنت مدرك جيداً بأنك جرحتها بتصرفك هذا ... لقد كانت تأمل بأن تعود إلى رشدك... كنا جمعاً نأمل بأن تعود إلى رشدك ... وبأن تعيد الأمور إلى نصابها... و توقف هذه المهزلة ...
هنا رما غسان بقناع السذاجة ال1ي كان يرتدي ... و كشف عن بركان ثائر ..:
- أي مهزلة ... أتمي زواجي بالمرأة التي أحب مهزلة ...
- أي حب هذا الذي تتكلم عنه... أنا لا أرى حباً.. بل أرى الجلاد و الضحية أمامي... أي شيء غير الحب...
صدرت منه ضحكة ... أستغرب منها أحمد ... و تعجب من سببها ...
ما أن توقف عن الضحك.. قال:
- كلكم تحسدوني... جميعكم... لأني أخيراً وجدة السعادة ... في حين أنكم ... لازلتم تبحثون عنها ...
( وعاد إلى نوبة ضحكه الهسترية )
أخذ أحمد يهز رأسه بأسى ... وه يردد قائلاً :
- لا فائدة منك ... لا فائدة... الأفضل بأن أذهب... فأنت يبدو بأنك فقدت عقلك...
من بين ضحكاته أخذ يقول وهو يشير له بالخروج:
- أذهب ... أذهب .. فأنا لست بحاجة لك ... أذهب ... أذهب إلى منى وواسها اذهب....
رمق أخيه بنظرة كلها أسى ...ومن ثم تمتم قائلاً:
- لا حول ولا قوة إلا بالله
وخرج وهو يسأل نفسه (( ما الذي حل بغسان؟ ))
...............................
دخلت عليها لتجدها ممددة على سريرها بلا حراك .... تنظر إلى السقف ... دون أن تطرف لها عين...
اقتربت منها ... وفي وجهها لمحة من الاستغراب ... الممزوج بالخوف...
لما باتت بقربها سألت قائلة:
- نجوى ... أأنت ِ بخير؟
صوتها أخرجها من سكونها ... ودب الحياة في جسدها الساكن...
لترد هي الأخرى عليها بسؤال:
- هــــــــــا , أقلتي شيئاً يا رنا؟
جلست على طرف السرير ... ومن ثم قالت:
- نعم ... لقد سألتكِ إذا كنت بخير؟
هزت رأسها ودعمته بقولها:
- نعم أنا بخير...
- لماذا كنت سارحة هكذا؟
نصبت أصبعيها معاً وهي تقول .. وبسمة لم تلبث على شفتيها .:
- أتتخيلين ... أنه في غضون يومين فقط ... يومين... انقلبت حياتي رأساً على عقب...
وسلمت نفسها لصمت ...
أمسكت رنا بأصبعي نجوى المنتصبين ...وهوت بهما .... و جئت بيدها الأخرى ... لتحضن بكلى يديها يد نجوى ... وتقول:
- صحيح خلال هذين اليومين انقلبت حياتك رأساً على عقب.. لكن في نفس الوقت ... انفتحت عينيك على الحقيقة... صحيح أنها مرة ... لكن في نفس الوقت ... جعلتك تدركين الذي يجري من حولك...
أخذت نجوى تحدق برنا لثواني ... ومن ثم رسمت ابتسامة باهتة ... ووضعت يدها على يدي رنا المغلفتان يدها الأخرى ... وقالت بصوت مهزوز :
- أيمكنك أن تتركيني لوحد ... أرجوك...
- بطبع ...
حررت رنا يد نجوى... ومن ثم قامت من على السرير و توجهت ناحية الباب .. لتخرج تاركة نجوى لوحدها ...
مستسلمة لأحزانها....
....................................
كانت مقبلة ناحية الباب .. حين صرخ بها قائلاً:
- هذا يكفي .... يكفي .... كلما أقول لك بأني أريد أن أحدثك بشيء ... تحججت بأي عذر حتى تهرب.. لكن اليوم لن أسمح لك بالهرب ... يجب أن تسمعي ما أريد قوله لك... حتى أرتاح ... وأنت ترتاح من هذا العذاب...
أخذت نفساً عميقاً ... ومن ثم ألتفتت إلى ناحيته ... وهي ترسم قوة مصطنعة على قسمات وجهها ...وقالت:
- كلي آذان صاغية يا خليل ... قل ما تشاء ... فأنا لن أهرب ...
- في البدء أجلسي ....
استجابت لطلبه وجلست على أقرب كرسي إليها ....
وقالت:
- تكلم ...
قالتها وناقوس الخطر يدق في داخلها ... ليوقظ كل أحساس بالألم و الحرقة في قلبها من.... للقادم....
أبتلع ريقه ...قبل أن يقول:
- لا أعرف من أين أبدأ ...
بترت جملته قائلة.. وبصوت قلت فيه المشاعر الداخلية:
- أتريدني بأن أساعدك ؟ .... حسنا ... سوف أساعدك وأوفر عليك عناء الكلام ... أنت ... أنت تحب امرأة أخرى ...
فتح عينيه على مصراعيهما مما سمع ....
وقال بكلمات مبعثرة:
- ك....كيف ... عرفت...؟!
خطت ابتسامة صفراء على شفتيها ... ومن ثم أنزلت رأسها ناحية الأرض .. وقالت بعد أن جاهدت بأن تمسك مشاعرها وحزنها النابض:
- لم أعرف ... بل أحسست ... فالشخص الذي يحب أحدا ً ... يحس به ....
ورفعت رأسها لتواجهه بنظراتها المذبوحة ... من خيانته لحبها له ....
ما إن تشابكت عيناه بعينيها... حتى هرب بأنظاره ناحية الأسفل ... بعيداً عن نظراتها التي حرقته...
...................................
هوى بيده على الطاولة المسكينة .... وأخذ يصرخ كالمجنون :
- لماذا ... لماذا .. لم أخبرها بما في قلبي ... ألا يكفيه أنه حبس فيه لسنين طول ... لماذا .. لماذا ؟
ثم هوى بجسده على الكرسي ... وغمس وجهه في كلى يديه ... وهو يتذكر تلك اللحظة ... التي كانت سوف تقلب حياته رأسا على عقب...
- نجوى ... أنا ... أنا ...
- أنت ماذا يا عادل؟!
- أنا....
- عادل هناك خطب ما؟!
- كلا ... كلا ... فقط ...
- عادل ... لقد بدأت أقلق ماذا بك ؟
- لا شيء... لا يوجد شوي ... يجب أن أغلق الخط الآن... مع السلامة..
حرر رأسه من حصار يديه ... ومن ثم قال بعد أن التهم الهواء التهاما :
- لماذا ... لماذا لم أقول لها بأني أحبها ... لماذا؟
قاطعه صوت قرع الباب ... إذ لم يلبث إلا وفتح ... ليكشف من ورائه عن حسن ...
الذي قال من فوره :
- عادل .. هل يمكن بأن أكلمك لبضع دقائق ...؟
أخذ نفسا عميقا .. قبل أن يقول:
- بطبع .. تفضل ...
..............................................
- آآآآآآآآآآآآآآآآي ...
- أنا آسفة .. هل آلمك ....؟
- حاول أن تضعي المعقم باللطف
- حسنا يا حبيبي ... لم تجبني من فعل بك هذا يا تامر؟
- شخص فقد عقله ( قلها وعينيه تقدحان شرراً )
- من هو؟ و لماذا فعل بك هذا؟
ألتفتت إليها ... وقال:
- هدى أرجوك ... لا أريد أن أتحدث في هذا الموضوع .. إذا أمكن..
- حسنا حبيبي .. كما تشاء .. ( وأخذت تكمل مهمتها ... بتعقيم الكدمات المتفرقة على وجهه )
أما تامر ففي داخله نار ... لم تنطفئ إلا برده لدين ....
………………………………………………….
- لماذا صامت هكذا ؟ ألا تريد أن تقول شيئاً ... ؟ تزيد على كلامي ... تكلم ... قل لي بأن ... بأن إحساسي خاطئ... خاطئ... أرجوك يا خليل ... أرجوك ... قول لي بأني مخطأة ...
ظل مطأطئا رأسه ... والصمت رفيقه ...
قامت من مقعدها ... دنت منه ... و قناع القوة قد ... قد سقط عن وجهها .. بدموعها التي بدأت تنهمر من عينيها ...
وهدوئها تحول إلى عصف ... يخرج من حنجرتها :
- تكلم ... أنطق أرجوك ... وأرحني ...
أخيرا تخلى عن صمته ... وواجهها بنظراته ... :
- ليتن أستطيع أن أقول لك هذا ... لكن ... لكن لا أستطيع ... لا أستطيع أنا كذبت عليك كثيرا ... حان وقت الصراحة .. هذا حقك عليه .. بأن أخبرك الحقيقة ... بأني أحب امرأة أخرى ....
عادت إلى الخلف ... لخطوتان ... وحدقة عينيها تكاد تخرجان من حجرهما ... مصحوبتان بدمع ....
- أرجوك سامحيني .. أرجوك ... لقد استغللتك ... تلاعبت بك ... لقد ...
بترت جملته مخنوق بالعبرات:
- أنا أسامحك ....
بعينين مفتوحتان أوسع ما يكونان ... أخذ ينظر إليها ....
اقتربت منه بخطى سريعة ... أمسكت بيده الملقاة على السرير ... بكلى يديها ... وأكملت قائلة :
- فقط لا تتركني.... لا تتركني ...
..............................................
- ماذا هناك يا حسن... لك نصف ساعة جالس بلا أن تقول كلمة... ماذا هناك؟
- لا .. لا أعلم كيف ابدأ ..
- ماذا هناك ... ما الذي لا تعلم كيف تبدأ به؟! تكلم يا حسن ...
وضع راحت يده على جبينه ... وهو يأخذ نفس عميق ... ليخرجه مصحوباً بقوله:
- يبدو بأني تسرعت ...
وستسلم لصمت ....
- حسن ... ماذا بك ... تقول جملة و لا تكملها ... ماذا هناك ...
ابتلع ريقه بصعوبة قبل أن يقول:
- لقد تسرعت بزواجي بقمر ...
رفع كلى حاجبيه إلى أعلى وهو يقول:
- ماذا ... ماذا قلت؟!!!
..........................................
دخلت مجبرة ناحية تلك الغرفة التي تخنقها ... ما إن وقعت عينه عليها ... حتى هجم عليها بالأسئلة :
- أين كنت ... ؟ماذا كنت تفعلين كل هذا الوقت ؟
أخرجت كل الهواء الذي أدخلته إلى رئتيها ... وقالت ... وأعصابها تكاد تفلت منها :
- كنت أتمشى في الخارج ... كنت أريد أن أتنشق هواء عليل ... نقي...
- لماذا ... لماذا تعاملين هكذا ... ؟ لماذا لا تريدين أن تفهمي بأني أحبك ... لقد تحديت الجميع لأجلك ... لماذا ... لماذا ... أفهميني .. ماذا تريديني أن أفعل لك حتى ... حتى ترتاحي ...؟
بخطى كبيرة اقتربت منه ... قطبت حاجبيها ... وجعلت موجة غضبها تجرفها معها ..وقالت:
- أتريد أن ترحن .... سوف ترحن.. عندما تعتقن ... تتركن لحالي ... أتركن .. فأنا لا أطيقك .. لا أطيقك ...
صوت أسنانه التي تحتك ببعضها البعض بدأت تتعالى .. وهو يقول من ورائهن:
- غريب ... كنت قبل أن يظهر حبيب قلبك تطيقين ... تتحملين..
وضعت كلتا يديها على وجهها ... لتكمل بهما طريهما إلى شعرها ... ليهويا ناحية أسفل رأسها ...
- يا الله ليس من جديد ... ليس من جديد ... غسان أفهم ... المسألة ليس لها دخل بخليل....
دوت ضحكة صادرة منه ... تبعه قائلاً :
- إذا اسمه خليل ... وتقولين لي ليس لك علاقة معه ...
بحركة سريعة بذراعها ... وأخذ يضغط عليها ... ويقول و الغضب يغلف وجهه:
- لن اسمح لك ... لن اسمح لك بأن تذهبي له بهذه السهولة ... أنت زوجتي ... زوجتي أنا...أنا...وسوف تضلين هكذا إلى الأبد ...
بمحاولات لم تكلل بالنجاح أخذت تحاول أن تحرر يدها ... و بوجه يعصره الألم أخذت تقول:
- أترك يدي ... إنك تؤلمن ...
حررها أخيرا ... لكن لم يحررها من كلماته اللاذعة :
- هند ... لا تتعبي نفسك ولا تتعبيني معك .... كون زوجة مطيعة الأفضل لك ... وإلا أنت تعلمين العواقب جيداً ...
طوقت ذراعها التي تحررت أخيراً من قبضته ... وأخذت تقول:
- أنك مجنون ... مجنون حقاً ...
وهرولت خارجة ....
- نعم ... أنا مجنون ... مجنون بحبك ...
...........................................
دوى صوت قرع الباب ... فردت عليه قائلة:
- أدخل...
دخل ليجدها منهمكة في القراءة ...
- جنان ...
توقفت عن تحريك يدها على الصفحة .... وردت عليه بابتسامة واسعة:
- نعم أخي ...
- أصحيح الكلام الذي سمعة من غدير ؟
- أي كلام ؟
أقترب منها ... وسحب كرسياً ... وجلس عليه ... ليقول:
- قصة هذا الرجل ... الذي يلاحقك؟
زالت تلك الابتسامة الواسعة من شفتيها...
وقالت:
- لا توج قصة ...
- لكن هذا ليس كلام غدير ...
- أنا أختك .. ألا تصدقن ...
أنزل رأسه لثواني للأسفل ...ومن ثم رفعه ... وقال:
- أرجو بأن يكون كلامك صحيحاً...
وقام من مقعده ... ليهوي بكل قوته بقبضة يده على الطاولة ....
لتسري رعشة في أوصالها ...
ومن ثم خطى مبتعداً ناحية الباب ... ليتركها لوحدها ... والخوف يبدأ يسري في داخلها ...
- أرجو بأنك لن تخذلن يا عمر ... أرجو ذلك ....
............................................
سحب يده من كلتا يديها ... وقال وهو مغمض بعينيه :
- أرجوك أنت تصعبين عليه الموقف ...
- وأنا ألا تضن بأن هذا صعب عليه ...
- مريم ...
- أنت لا تفهم ... لا تفهم .. بأنني أحبك .. أحبك .. ( قالتها وهي تشير إلى قلبها بأصبعها ... و الدمع لازال رفيقا لها ) أنت .. أنت بنسبة لي عائلتي ... عائلتي ... إذا تركتن سوف أصبح وحيدة ...و حيدة ...
- مريم ... مريم أنا استغليتك ... لأجل مالك ... مالك
- قلت لك بأني سامحتك ... سامحتك ... فقط لا تتركني ... لا تتركني ...
زفر زفرة قوية قبل أن يقول :
- لا أريدك أن تسامحين .. أريدك بأن تكرهين .... لأني أستحق هذا منك ... لكن لا استطيع .. لا استطيع أن لا أتركك ..فأنا أحبها ... أحبها ... ولا أستطيع العيش بدونها ... لا أستطيع ....
.............................................
كان واقفاً مواجهاً لشباك ... وموليه ظهره....
تبعه هو .. فصمته يقتله ...
- لماذا تضن بأنك تسرعت بالزواج ... ألا تحبها ؟!
- أحبها .. لا ... لا أعلم .. لا أعلم ...
ووضع يده على جبينه ...
وضع كلتا يديه على كتفي حسن ...وأجبره على الالتفاف ناحيته ... وزمجر به قائلاً:
- حسن ... ما هذا الكلام .. أتحبها أم لا .. ؟
أخذ حسن نفساً عميقاً ... تبعه بزفرة مصحوبة بكلماته :
- عادل ... الأمر لا أعرف كيف أصفه .. أنه معقد .. معقد .. أنا نفسي لا أفهم الذي يجري لي .. لا أفهم ...
يتبع ...
|