كاتب الموضوع :
HOPE LIGHT
المنتدى :
الارشيف
الجزء التاسع عشر...
تعالى صوت جرس الباب ...
بعينيين تشعان بالفرح قالت:
بتأكيد انه هو ... سوف أذهب لأفتح الباب...
أمسكت يدها ... وحالت دون قيامها وقالت:
أنتِ أجلسي هنا ... أنا سوف أفتح الباب ... ( ورسمت ابتسامة تحفي ورائها غضب عارم )
هزت رأسها بنعم ...
فقامت هي, و توجهت ناحية الباب ... الذي اليم يتوقف صياحه ... فتحت الباب ... لتجده واقفاً أمامها مباشرة ...و الابتسامة الواسعة مرسومة على شفتيه ....
قال:
السلام عليكم سعاد ..
ردت عليه بوجه يرسم تعابير جامدة :
وعليكم السلام يا تامر.
قال:
هل هدى هنا ؟
ردت:
نعم إنها في غرفتها ... في انتظارك ...
زاد من سعت ابتسامته ... وأردف قائلاً :
حسناً ..أيمكنني الدخول..
قالت:
نعم .. لكن في الأول يجب أن أقول لك شيئاً .
قوس حاجبيه إلى أعلى وهو يقول :
خيراً...
أخذت نفساً .. لم يلبث إلا وخرج من صدرها ...وقالت:
أسمع تامر إذا كانت هذه لعبة من ألاعيبك القذرة فسوف تندم ...
فتح عينيه على مصراعيهما وهو يحدق بسعاد بعدم باستغراب :
سعاد ... أنا ...
قاطعته قائلة:
أنت إنسان أناني لا يحب إلا نفسه ...و للأسف أختي لا تعي ذلك ..فحبك أعمى بصرها ... لكنني أنا هنا ..و لن أسمح لك بأن تجرحها مرة أخرى .. لن أسمح لك ... ( وصوبت أصبعها السبابة ناحيته مهددة )
قبل أن ينبس حرفاً ... هجم إلى مسمعهما صوت هدى:
تامر ... سعاد ... ماذا بكما واقفان أمام الباب هكذا ؟
ألتفت ناحية هدى ... لتذوب تلك النظرة ... ويغمره شعر آخر ... ليجد قدميه تقده ناحيتها ... ليهجم عليها بحضنه ويضمها إلى ناحية صدره .....
لتسكنه لأول مرة وهي تشعر بأنه يبادلها نفس الشعور ... و تحس بدف الحب الذي كانت تفتقده منذ زمن ....
..............................
كانت منهمكة في غسل الأطباق حين دخلت عليها بجسد بدون روح تسكنه ... بوجه أعياه البكاء ... بعينين راضختان للأحزان ... فقالت بصوت تداعى من كثرة البكاء:
لقد حاصرتماني ... لم تجعلا لي مخرجاً ... لقد سلبتم مني حقي في الاختيار... لقد جعلتما مني مجرد ( سكتت لبرهة لتمسك دموعها التي تريد أن تنهمر من جديد ) دابة... ما عليكم سوى أن تجرها حتى ترضخ بدون أية مقاومة ...
توقفت عن غسل الطبق الذي في يدها ...وقالت بصوت لم تهزه ريح المشاعر ....وهي لا تزال موليتها ظهرها ... :
أنت ِ التي اخترته ... لا تنسي ذلك ...
فردت عليها :
نعم لقد اخترته أنا ... لكنني الآن ... الآن
ألتفتت بسرعة ناحيتها وهي ثائرة وبصوت يهز المطبخ بن فيه قالت:
الآن ماذا يا هند ... ماذا ؟ الزواج ليس لعبة ... الزواج مسؤولية... الزواج ليس كله فرح وسعاد ... هناك أوقات فيها ألم ووجع ... لكن الإنسان لا ييأس يحاول أن ينجح هذا الزواج مهما كان ...
أخذت تقتر من أمه وهي تقول :
سعادة ... فرح .... أين هي هذه السعادة و الفرح التي تتكلمين عنها ... أنا لم أرها ... طوال فترة زواجي به يا أمي ... لم أرى سوى الألم و الوجع .... كيف أدافع عن هذا الزواج الذي لم أهنا به ولا ليوم واحد ...كيف يا أمي ..كيف قول لي ...كيف ؟
توقفت أمامها ... وهي مصوبة عينيها ناحية عيني أمها .... التي بدأت نوبة ثورانها تخف .... هربت بعينيها بعيداً عن عيني هند ... والتفتت إلى ورائها .... وعادت تغسل الأطباق ..دون أن تنبس بكلمة ...
تقدمت هند خطوتان وباتت بجوارها ... وصرخت بأمها قائلة :
لماذا لا تجبيني ... لماذا يا أمي ؟
كانت كالقنبلة الموقوتة التي حان موعد انفجارها... لتأخذ ذلك الطبق وترميه في الأرض ليصبح أشلائنا ... وتصرخ بأعلى صوتها:
كفى ... كفى يا هند ... أنت ..أنتِ لا تفهمين شيئاً .... أحمدي ربك بأن غسان سمح لك ِ بالعودة إلى ذمته بعد عملك المشين ...
أخذت تحدق بأمها بذهول لبضع ثواني .... ومن ثم قالت:
عمل مشين ؟ عم ماذا تتكلمين يا أمي ؟
ردت عليها بنفس الحدة :
عن الشاب الذي أقتحم بيتكم وضرب غسان ... ما علاقتكِ به .. تكلمي ... أنطقي ؟
تقيد لسانها ... فصدمة كانت أكبر منها ....لتجد الدموع المكبوتة طريق سالكاً أخيراً لها ....
عاد صوتها الثائر ليهجم على مسمعيها كالجلاد :
لماذا لا تتكلمين ... أأنت على علاقة به ؟ ... أهذه التربية التي ربيتكِ بها ... تكلمي ...؟
أخذت تهز رأسها ...وهي تقول بصوت تخلله الشهقات :
ماذا تريدين أن أقول؟ ... في كلى الحالتين لن تصدقيني ... يكفي بأنكِ... بأنك ِ شككتِ بي .... لا أصدق ... أتعلمين يا أمي ... أفعل بي ما تشائين ... لم أعد أكترث ... فروح قد سلبت مني منذ زمن ... حتى لو أردت أن تقتليني فلا يهمن ... أفعلي بي ما تشائين ... لم أعد أكترث ....
وخرجت وهي تركض ودموعها على خديها ....
....................................
دخلت عليها .. لتجدها جاست في تلك الزاوية المظلمة ... تنظر بعينيها الدامعتين إلى ألا شيء .... دنت منها ... جلست بالقرب منها ... وطوقتها بذراعها لتضع رأسها على صدرها .... وتقول :
أبكي ... أبكي .... فأنت ِ لا تمكلين سواه ... فبكي يا نجوى ...وأخرجي كل ما في صدرك ..أبكي ....أبكي ...
بصوت بالكاد يسمع قالت:
لقد أحببته .... أحببته ... أكان هذا هو جرمي ... حبي له ... لماذا إذا أحببته .... لماذا هذا القلب الغبي أنصاع لحبه ...لماذا .. لماذا...( وأخذت كالمجنونة تضرب على صدرها وهي تصرخ قائلة ) لماذا يا رنا ... لماذا ... لماذا ..؟
وأخذ صوتها يطفئه البكاء ... ليخمد و يتعالى صوت البكاء ...
قالت رنا:
أنه ليس جرمك ....و لا خطأك ... أنه هذا المرض ... خطأ هذا المرض الذي يسمى بالحب ... يتفشى فينا بدون أن نشعر ... لسلبنا بصيرتنا .... و يجعلنا راضخين له ..... هذا هو السبب و ليس أنتِ ... ليس أنتِ ....
...............................
بحاجبين مرفوعين إلى أعلى .... قال بأعلى صوته :
ماذا قلت ....؟ أسوف تعيد هند ... لماذا ... لماذا ؟
قال :
في البدء أجلس يا أبو عادل ... أجلس ...( وأخذ يشير له بالجلوس )
رضخ لطلبه وجلس ... لكنه لم يلبث وأن عاد يسأل:
لماذا سوف تعيدها ...لماذا؟
قال:
لأنني أريدها ...
ردت عليه قائلاً :
وأم تامر ...
قوس حاجبيه إلى أعلى وهو يسأل قائلاً:
ماذا بها أم تامر؟
ردت عليه :
ماذا بك يا غسان ... أأنت تتغابى عليه ؟
رد عليه وقد بدأ صبره ينفذ:
أنت الذي ماذا جرى لك ... أفهمني ماذا تريد أن تصل إليه يا أحمد ؟
قال:
حسنا .... لقد ضننت بأنك عندما طلقت هند ... فسوف تعود إلى أم تامر ...
رد عليه قائلاً:
ولماذا أعود إلى أم تامر ؟
رد عليه :
لأنها وقفت معك وأنت في أشد الحاجة لها ... أنها امرأة أصيلة ... هي المرأة المناسبة لك ... هي أم أولادك ...
رد عليه قائلاً:
قلتها بلسانك ... هي أم أولادي ... لهذا هي وقفت معي ... لأنني أبو أولادها لا غير... لا تنسى يا أحمد بأنها وقفت أمامي ...و تحدتني ... وهذا أمر لن أنساه أبداً ...
رد عليه قائلاً:
هذا من حقها ... فقد تزوجت عليها ...
رد عليه بأعلى طبقة من صوته قائلاً
وهذا من حقي ... أن أتزوج اثنتين و ثلاث وأربع .. هذا من حقي ....
هز رأسه بأسى وهو يقول:
لا فائدة ... لا فائدة منك .... سوف يأتي يوم وتندم على تصرفاتك ..سوف تندم .....
رد عليه بضيق:
أووووووووووووووه كفى ... حسناً أنا سوف أندم ... ما دخلك أنت ...؟
............................................
حسن ....
ألتفت إلى خلفه ... وقال:
ماذا هناك ؟
قالت:
أأنت ذاهب ...؟
رد عليه :
ماذا ترين ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تهيؤ نفسها لسؤال:
لكن .... لكنها الساعة الثانية صباحاً..
رد عليها قائلا وه يرتدي قميصه ..:
وان كانت الساعة الثانية ماذا بها .... ومن ثم ماذا بك ِ هذه الأيام منذ عدنا وأنت تسألين ... ما الذي جرى لك ِ ...ها ...( قالها وهو مقوسو حاجبيه للأسفل)
دبت رعشة في جسدها .... فدق ناقوس الخطر ... ففضلت الانسحاب :
لا شيء ... لا شيء ... أنا آسفة ... آسفة ...
أخذ نفسا ومن ثم قال:
هكذا أريدك ...
وخرج تاركاً إياها لوحدها ....
........................................
لم يعلم كيف يبدأ ... فالكلمات تبعثرت في ذهنه ... كانت أمامه ... لا تفصله عنها إلا بضع خطوات ... لا يعلم كيف يكسر حاجز الصمت هذا ... كلما يفتح فمه الكلمات تعود أدراجها ....
فجاء من يكسر حاجز الصمت نيابة عنه ...
جاءه صوتها الثائر:
هذا أنت ؟
ألتفت إلى ورائه , ليجدها مقطبة حاجبيها ... فرتبك ...:
ن.... ع...م ...
عاد صوتها الثائر ليهجم على مسمعيه :
ماذا جاء بك إلى هنا يا هذا ؟
جاء صوتها العذب ليدخل طبلة أذنيه:
غدير ... ما الذي جرى .. لماذا تصرخين هكذا ؟
ألتفت إلى خلفه .. ليجدها أمامه مباشرة ... لا يفصله إلا شبر واحد فقط .... حتى أنفاسها تكاد تلامس وجهه ... ليجد ضربات قلبه تتسارع ....وأنفاسه تسلب منه ... أمسكت بيد جنان ... وسحبتها بعيداً عن ناظريه ... لتقتل تلك اللحظة .... التي انتشلته من هذا العالم ... إلى عالم آخر ...
عادت تقول بنفس طبقة الصوت الغاضبة ....:
أبتعد عنها الأفضل لك ... فهي ليست لعبة تتسلى بها .
قال باستغراب مما سمع :
لعبة ... كلا ... أنتِ فهمت خطئاً ... أنا ... أنا ...
ردت عليه بنفس الحدة :
أنت ماذا ... ..
- بترت جملتها جنان قائلة :
- كفى يا غدير ... كفى
ردت قائلة:
كلا يا جنان .. ليس كفى ... لن أتوقف حتى أعلم ماذا يريد هذا منكِ ... ماذا تريد بهذه المسكين ... أتريد أن تتسلى بها ها ؟
قال على فوره:
لا ... بطبع لا ...
قالت :
إذا ماذا تريد بها ...؟
أرتبك ... لم يعرف ماذا يقول .. أو يفعل :
لا شيء ... أوووووووووووو ... لا أعلم ... لا أعلم ...
عادت جنان لتصرخ قائلة:
هذا يكفي يا غدير ... أرجوك توقفي ...
قالت غدير غير آبهة لصراخ جنان :
أنا لست حمقاء... أعلم أشكالك جيداً ... أنت تريد أن تستغل ضعفها ... و تضحك عليها ... لكن هيهات ..هيهات ...
بتر جملتها قائلاً :
لا و الله لا أريد أن أفعل الذي في بالك ... والله .... لكن صدقاً لا أعلم لماذا أريد أن أراها .. أن أسمع صوتها ... لا أعلم حقاً ... هناك شيء في داخلي يرغمني على القدوم إلى هنا .. لرؤيتها... لا أعلم ما هذا ... لا أعلم حقاً لماذا صورتها لا تفارق مخيلتي ... لا أعلم .. لا أعلم ...
دوت ضحكة ... كانت صادرة من غدير ومن ثم قالت:
أتريد أن تفهمني بأنك تحبها .... محولة جيدة لخداع ... هيا بنا يا جنان ... لقد اكتفيت من هذه المسرحية ...
وأخذت تجر جنان معها ... و جنان لا حول لها ولا قوة .. رضخت لها ....
لكنه لم يعتقهما .... فتسلل صوته ناحية طبلة أذنهما من جديد وهو يقول :
نعم ..... نعم أنا أحبها .... أحبك ِ يا جنان ... أحبكِ ....
تسمرت جنان مكانها ... لتقف بلا حراك .... وتتوقف غدير هي الأخرى ... فجنان لم تعد تتحرك ... فالتفتت إلى خلفها وقالت لها :
لا تكوني حمقاء .... أنه يخدعكِ ... فلا تصغي له ....
ضلت جامدة ... مكانها ... وأنفاسها تتصاعد شيئاً فشيئاً ....
عادت لتقول غدير:
جنان هيا بنا ... وترك هذا المخادع ... هيا ...
حاولت أن تحرضها على المشي ... لكنها لم تتزحزح .... وأخذت يد جنان تسل من يدها ... حتى تحررت ...
قالت:
جنان ...
أخيراً نبست قائلة:
ما أدراكِ .... بأنه يخدعني ... وبأنه ليس صادق ... ما أدراكِ ؟
ردت وهي مذهولة :
جنان ....أأأ....
قاطعتها قائلة:
أنتِ لا تعرفينه ... لا تعرفينه .. فلا تحكمي عليه هكذا ... لا تحكمي هكذا ....
( وأخذت نفساً عميقاً والتفتت إلى خلفها وعيني غدير المذهولتان تتبعانها )
في حين عمر لازال يقف مكانه ... ينتظر ردت فعل منها .... لتقع عينيه عليها وهي تلتفت ناحيته ....
يتبع .......
|