كاتب الموضوع :
HOPE LIGHT
المنتدى :
الارشيف
الجزء الثامن عشر ...
أغمضت عينيها لثواني ... وهو لا يزال مسترسل في حديثه ... كانت منتشية ... فرحة ... لقد اختارها هي ... هي ... انه يحبها ... يحبها .... تامر يحبها ... لكن سهم الخيانة صوب ناحية فكرها ... لتتذكر أنها بسعادتها هذه حطمت سعادة أخرى ...
أخذ ينادي باسمها بعد صمت طول صاحبها من على الخط الثاني..:
- هدى ... هدى ... ألازلت معي على الخط ... هدى ...
دبت الحياة على شفتيها ... لتقول :
- ونجوى ...
- ماذا بها نجوى؟
- ماذا سوف يحدث لها؟
تسللت إلى مسمعها تنهيدة طويلة من على الخط الأخر ... تبعه صوته الحائر..:
- لا ينقصها شيء... سوف يصلها حقها وزيادة أيضاً... فلا تقلقي عليها ... المهم الآن هو أنتِ ... هدى كيف حالك ؟ لقد اشتقت لكِ ... ولكريم ...
- نحن بخير ..
- أيمكنني بأن أزرك في المستشفى الآن ؟
- كلا ...
صرخ بأعلى صوته ... فصدمت تملكته ...:
- لماذا ..؟! لقد ...
بترت جملته ... بعد أن تسللت الابتسامة على شفتيها :
- لأنني لم أعد في المستشفى ... أنا في المنزل ...
عادت الحيوية إلى صوته و هو يقول:
- لقد أخفتني ... أنا قادم فوراً
.......................................
ضلت تترقب شيئاً يبدر منها ... يشعرها بأنها حية .... فهي متسمرة مكنها منذ قدمت إليها ... و لم تنبس بحرف واحد أيضاً ...
لم تعرف ماذا تقول ... أو ماذا تفعل ... فالكلمات لا تفيد و لا تدوي هذا الجرح الذي في قلبها ...
_ ( لا بد بأن أفعل شيئاً .. لا بد ... )
مدت يدها ... واحتضنت بها يدها التي تفترش السرير ... وقالت:
- نجوى ... ( خنتها الكلمات ) ...أنا ... أنا ...
ألتفتت ناحية رنا ... أمسكت بيد رنا وأبعدتها عن يدها ... وقالت بصوت لا يهزه ريح المشاعر التي في داخلها :
- لا أريد أحد بأن يواسيني ... أنا بخير ... تامر ... تامر لا شيء بنسبة لي ... صفحة طويتها في حياتي ...
ردت رنا المذهولة مما ترى و تسمع:
- نجوى ....
بترت جملتها قائلة:
- أريد أن أخرج من هنا ؟
زادت تصرفات نجوى من ذهول رنا .. فقالت :
- نجوى ... لا داعي بأن تدعي القوت أمامي ... فأنا ...
عادت لتقاطعها قائلة:
- أنا لا أدعي شيئاً ... أنا حقاً بخير ... و الأول مرة في حياتي .. أنا بخير ... بخير ... أرجوك نادي الطبيب ...فأنا أريد العودة إلى منزلي ....
..........................................
أخذت تحدق به غير مصدقة لما سمعت ...
أما هو فقد ألقى عليها نظرة كلها ثقة و هو يقول:
- أخبريني الآن ما رأيكِ بتصرفات ابنتك ِ؟
طأطأت رأسها لثواني .. تحاول استيعاب ما قاله لها ... ومن ثم رفعت رأسها و في عينيها لمحة من الذهول و هي تقول:
- هذا مستحيل ... مستحيل هند أن تفعل هذا الشيء ..
رسم على شفتيه ابتسامة سخرية لم تلبث أن رحلت عنهما ... وقال:
- قلت لك بأنه دخل منزلي ... و أخذ يضربني ... أنظري إلى هذه الكدمات... انظري ... ( وأخذ يشير إلى خده الأيمن )
ارتبكت ... لم تعلم ماذا تفعل ... أو ماذا تقول... فأخذت تقول بصوت متلعثم :
- ســ.....يد غسا...ن أنا لم ... لم أقل بأنك تكذب ...لا ... فقط أنا أقصد ...بأنه ... بأن هذا الشاب ... يربد تبلى على ابنتي ... أنا أعرف هند .. هند لا تفعل شيء كهذا ...
- كلا يا أم هند ... هي تعرفه .. نظراتها و تصرفاتها ... و حتى كلامها يدل بأنها تعرفه .. تعرفه جيداً أيضاً ... لقد خدعتني ... ابنتكِ سخرت مني ... و شوهت سمعتي ... وجعلتني سخرية للجميع ... ( قلها وعينيه يتقدان شرراً )
- كلا يا سيد غسان ... كلا ... لم يعش من يفعل بك هذا ... اسمع يا سيد غسان ... أنا سوف أكلمها ...وسوف أسألها عن ها الشخص ... فقط أنت ... أنت لا تتعب نفسك ... كل الأمور سوف تكون بخير ...
- يا أم هند .. أنا مستحيل أن أرجع لها .. مستحيل ...
- يا أبو تامر ... لا بد من حل سوى الطلاق ...
أخذ يحدق بها لثواني ... أما هي فقد ظلت تنتظر رداً منه ... يطفأ نار الخوف التي تحرقها ....
أخيراً نطق قائلاً..:
- هناك حل .. لكن ..لكن بشرط ...
......................................
ما إن خرج من المسجد حتى ركض ناحيته ..مندياً له باسمه ...:
- عبد الله ... يا عبد الله ...
ألتفت للخلف ... ليجد عمر مقبلاً ناحيته ... بانت علامات الضيق على قسمات وجهه الذي اكتسى بلحية كثيفة ...
توقف أمامه عمر ... وقبل أن ينبس ... قال عبد الله بنبرة صوت حادة:
- ماذا تريد بي يا عمر؟
- يا عبد الله ... ماذا بك ؟ لماذا أشعر بأنك تكرهني .. لقد كنا من أعز الأصدقاء...
- لقد قلتها كنا ... و هذه صفحة سوداء طويتها منذ زمن من حياتي ...
قوس عمر حاجبيه للأعلى وهو يقول بصوت فيه نبرة تعجب:
- صفحة سوداء !! ماذا تقصد يا عبد الله ...
صوب سبابته ناحية عمر .., قطب حاجبيه الكثيفين وقال بأعلى طبقة من صوته :
- أسمع يا عمر أبتعد عني الأفضل لك ... وأنسى بأنني كونت يوماً صديقك ... فأنا لا أصادق أمثالك ...
أخذ عمر يبحلق به بتعجب ..وعدم تصديق ...
في حين أن عبد الله أولاه ظهره و في نيته المضي بعيداً عن عمر ... لكن يد عمر التي أمسكت بذراعه ردعته ... ألتفت بسرعة ناحية عمر ... و صرخ به قائلاً ... وعينيه تقدحان شرراً:
- أبعد يدك عني...
قال عمر :
- لن أبعدها حتى أفهم ما الذي جرى لك ... ما الذي جعلك تتغير هكذا .. وتحمل كل هذه الكره لي ...
قال متحدياً :
- أتريد أن تعرف.
هز عمر رأسه ... و تلها قائلاً :
- نعم ...
- حسناً ... سوف أخبرك ... أنت الشخص الذي دمر مستقبلي ... أنت الشخص الذي دمر عائلتي ... أنت الشخص الذي دمر حياتي ... ألا يكفيك هذا ... ( قالها بأعلى طبقة من صوتها ... وبحركة سريعة ... أمسك بيد عمر المذهول ... و أبعدها عن ذراعه ... ومضى مبتعداً )
في حين أن عمر ضل واقفاً غير مستوعب للذي سمع ورأى من عبد الله ...
.............................................
كانت مستندة عليها ... وهي تعينها على المشي ... حين لم تعد قادرة على السكوت أكثر من ذلك ... فقالت :
- نجوى ... أنتِ تبدين مرهقة ... دعينا نعود ... أنتِ بحاجة لتبقي بضع أيام أخرى ....
قاطعتها قائلة ... و ألم بادي على تعابير وجهها :
- أنا بخير... قلت لك ِ بأني بخير يا رنا .. لا داعي لن تقلقي ...
- كيف لا تريدين بأن أقلق ... أنظري إلى وجهكِ ... واضح عليكِ الإرهاق...
قاطع حديثهما صوت رجولي عميق ..وهو يقول:
- نجوى ... رنا ... إلى أين أنتما ذاهبتان ؟
رفعت كليهما رأسهما ناحية صاحب الصوت لتجدا عادل يقف أمامهما مباشرة...
قالت نجوى :
- أنا خارجة من هذا المستشفى وذاهبة إلى المنزل.
- ألا يجب أن تبقي فترة أطول في المستشفى ؟!
قالت رنا :
- قل لها عادل ... لقد بح صوتي وأنا أقول لها بأنها لم تشفى تماماً و هي بحاجة للبقاء في المستشفى بضع أيام أخرى ...
صرخت نجوى قائلة وقسمات الضيق تكتسي وجهها :
- أنا أدرى بحالي ... فكفى ... كفى ... وإذا كنتِ لن تذهبي معي إلى المنزل .. فأنا سوف أذهب بنفسي ....
أخذ عادل ورنا يتبادلان النظرات وهم متعجبان من ردت فعل نجوى ...
عم الصمت لبضع ثواني ... ليكسره صوت عادل قائلاً:
- حسناً... حسناً يا نجوى ... لا داعي بأن تتضايقي ... هيا ... أنا سوف أقلكما ... ( ورسم ابتسامة على شفتيه )
قالت رنا :
- لا داعي لكي تتعب نفسك .. الآن سوف تأتي سيارة الأجرة و تأخذنا .
- سيارة أجرة وأنا هنا ... أبدا ً ... هاتي عنكِ هذه الحقيبة ...
مد يده ناحية الحقيبة التي كانت تحملها رنا بيدها الحرة ... لتلامس يده يدها ... و تسري رعشة في سائر جسدها ... وتبعد يدها بدون أن تشعر بعيداً عن مصدر تلك الرعشة ...
لم يلاحظ عادل شيئاً مما جرى ... فقد مضى قدماً إلى ناحية الباب وهو حامل الحقيبة ...
................................
أقبلت ناحية أختها المتسمرة أمام المرآة بلا حراك ... و باغتتها قائلة :
- ماذا بكِ يا هدى؟
فتسري رعشة في جسدها الساكن ... و الغير مهيأ لسماع صوت انسي ....
فعادت لتقول:
- هدى هل أنتِ بخير؟!!!
أخذت تلتقط أنفاسها وهي تقول:
- لقد أرعبتني ...
وقفت أمامها مباشرة ... وحالت بينها و بين المرآة .. وقالت:
- ما الذي جرى لك ِ ... كنت أناديك ِ حتى جف حلقي ... فلم أسمع جواباً منكِ ... فدخلت ووجدتك ِ تنظرين للمرآة ... أهناك شيء حصل لكِ يا هدى ....؟
أخذت نفساً عميقاً ... ومن ثم أعطت أختها ظهرها ... ومضت ناحية سريرها ... وجلس عليه ... دون أن تنبس بأي حرف ...
تبعتها سعاد المستغربة من تصرف أختها ... وقالت بعد أن جلست جوارها على السرير:
- هدى لقد بدأت أخاف .. أهناك شيء تخفينه عني؟
أخذت نفساً عميقاً آخر ... ورسمت ابتسامة مطمأنة على شفتيها حمراوي اللون وقالت وهي تهز رأسها بنفي وتحضن يد أختها بكلى يديها :
- لا تخافي يا سعاد ...
- إذا ماذا جرى لكِ؟
- تامر...
زادت حيرت سعاد ...:
- ماذا به هذا أيضاً؟!
- لقد ... ( ابتلعت ريقها ) ... لقد طلق نجوى ...
فتحت عينيها على مصراعيهما وهي تقول :
- طلقها ... كيف ...ومتى ... وما أدراكِ ؟!!!
- كيف ... ومتى ... لا أعلم ... ما أدرانِ ...هو أخبرني ...
- هدى ... ربما هذه لعبة من ألاعيب تامر...
أخذت تهز رأسها بنفي وهي تقول :
- كلا ... هذه حقيقة ... لقد طلقها .... وقال .... وقال بأنه يريدني أنا وكريم ... لا أعلم ماذا أفعل ... ( سحبت يديها من يد أختها لتحررها و أكملت قائلة وقد أبعدت وعينيها عن عيني أختها ) لا أعلم ... أنا ... أنا أشعر بفرحة عارمة ... في قلبي ( وضعت يدها على قلبها, لكن يدها لم تلبث وأن انهارت ناحية فخذها وهي تقول بأسى ) لكن ... لكن أشعر بأني أنا المذنبة ... بأنه طلقها ... ( رفعت يديها وغطت بهما وجهها وهي مسترسلة بالحديث ) أشعر بأني وسخة ... حقيرة ... مجرمة ... م ...
أمسكت سعاد بكلى يدي هدى وأبعدتهما من وجهها .. لتكشف عن وجهها ... وقاطعتها قائلة :
- أنتِ لست كذلك ... هذا حقكِ ... لقد ضحيتي بالكثير من أجله ... ومن ثم أنتِ لم تطلبي منه بأن يطلقها ... هو المذنب و لست أنتِ ... يا هدى أنتِ تستحقين هذه السعادة ... تستحقينها ... فلا تفسديها بشعوركِ بذنب .... ( وخطت ابتسامة على شفتيها )
لترسم هدى هي الأخرى ابتسامة ... وتحيط أختها بكلى يديها ... و تضمها إلى صدرها ...
..............................................
- إلى أين أنت ذاهب يا عادل ؟!!
تعجب عادل من سؤالها فقال:
- إلى منزل عمي ...
فردت عليه قائلة:
- أنا قلت لك بأن تذهب بي إلى منزلي .. وليس إلى منزل عمي ....
زادت حيرة عادل ورنا من الطلاسم التي تنطق بها نجوى , فقال عادل:
- أليس بيت عمي هو بيتكِ؟!!
- كلا ... لم يعد بيتي منذ اليوم ...
قالت رنا :
- نجوى أرجوكِ ... لا...
ألتفتت ناحيتها نجوى على الفور ... و بعينين حادتين قالت:
- رنا لا أريد النقاش في هذا الموضوع ...
ومن ثم ألتفتت ناحية عادل ..وقالت:
- عادل خذي إلى بيت أبي ... فهذا هو منزلي .
- حسناً كما تشائين يا نجوى ... كما تشائين ...
..............................................
أخذت تحدق إليها بعينيها التين تكادان تخرجان من محجريهما .... وقالت بنبرة صوت بالكاد تسمع:
- ما الذي قلته يا أمي ؟!!
- لقد قلت يا هند بأن غسان مستعد بأن يرجعكِ إلى ذمته بشرط أن لا تخرجي من المنزل نهائياً .. ألا معه ...
قامت هند المذهولة من مقعدها وقالت :
- أأنت ِ مدركة لما تقولين يا أمي ... ؟
قامت هي الأخرى من مقعدها واقتربت من هند وقالت:
- يا ابنتي ... يا حبيبتي ... أنها مسألة وقت لا غير ...
صرخت هند بأعلى صوتها قائلة :
- أمي أنه يريد أن أعيش في سجن ...
مدت يها وأحاطت بيد هند اليمنى بها وقالت بهدوء :
- يا هند ... كما قلت لكِ هي مسألة وقت ... هو غاضب الآن .. عندما يهدأ بتأكيد سوف يلغي هذا الشرط ... ومن ثم أنتِ بطريقتكِ يمكنكِ بان تغيري رأيه... المهم الآن بأن تطيعيه حتى تعودا لبعضكم البعض...
بسرعة البرق سحبت يدها من يد أمها ... وقطبت حاجبيها ... و صرخت بها قائلة:
- ومن قال لكِ بأني أريد أن أعود له ... أنا لا أريده ... لا أريده يا أمي .. ألا تفهمين ...
هنا فقدت أعصابها ... وردت على صراخها بصراخ ... وقالت ... و الغضب في عينيها يشتعل:
- أنتِ التي يجب أن تفهمي .. نحن بدون غسان لا شيء. .. بدون رجل لا شيء... أعمامكِ لن يرحمونا ... لن يدعونا بحالنا ... سوف يتحكمون بنا ... و ينهبونا ... بوجود غسان لم يجرأ أحدهم على الحديث ... و لا التدخل بحياتنا ... بدون رجل نحن سوف نضيع تحت براثم هذا العالم القاصي الذي لا يرحم ... ففهم أنتِ ... وفكري جيداً قبل أن تندمي ... فكري جيداً ...
واندفعت ناحية الباب ... الذي دوى صوته وهو يغلق بقوة في أرجاء الغرفة ... أما هند فقد ظلت واقفة ... ضائعة ... لا تعلم ما الذي يجب أن تفعله .. رغم أن خياراتها محدودة ...
فتمردت دمعة من مقلتيها و رأت النور من جديد ...
...........................................
ما أن دخلت حتى توجهت على الفور ناحية غرفتها التي هجرتها منذ 10 سنوات ... غير آبهة لشخصين الذين يرافقانها ... فهي لم تعد قادرة على التحصن بالجلد أكثر من ذلك ... فهي تكاد تنفجر ... تنفجر ...
اندفعت رنا هي الأخرى ورائها ... إلا أن يد عادل التي أحاطت بيدها استوقفتها لتعود تلك الرعشة تسري في جسدها من جديد ... لكن هذه المرة أشد من سابقتها ... ألتفتت ناحية تلك اليد القوية التي تحيط بذراعها ... وتتبعتها ... حتى وصلت إلى وجه صاحبها ... الذي ما إن وقعت عيني رنا المفتحتان على مصراعيهما بعينيه ... حتى أدرك فعلته ... فسحب يده على الفر ... وطأطأ رأسه ... وأخذ يبتلع ريقه .. قبل أن يقول...:
- أنا آسف لأنني ... أمسكت بذراعكِ... لم أقصد حقاً...
هي الأخرى أنزلت رأسها وقالت بصوت أقرب منه إلى الهمس :
- لا بأس ... لم يحصل شيء...
- رنا .... ما الذي جرى لنجوى ...؟!!
ارتبكت ... ولم تعرف ماذا تقول :
- في الحقيقة ... لا .. لا أعلم ماذا أقول لك...
- قلِ الحقيقة ...
بعد أن ابتلعت ريقها بصعوبة .. قالت :
- تامر... تامر طلق نجوى ...
رفع رأسه بسرعة ... وصرخ بأعلى صوته بدون أن يشعر :
- مــــــــــــــــــــــــــاذا ؟!!!!
...........................................
أخذ يفتح عينيه المتثاقلتان بصعوبة ... وأخذت الأضواء تهجم على عينيه ... لتصعب عليه عملية الرؤية ... التي لم تلبث حتى اتضحت له ... تسلل إلى مسمعه صوت أحده وهو يقول :
- الحمد لله على سلامتك يا خليل .
ألتفتت ناحية يمينه ... ليجدها جالسة بقربه و مغلفة يده بكلى يديها ... و ابتسامة عريضة مرسومة على شفتيها ...
قال بعد جهد جهيد لإخراج الكلمات من حنجرته :
- أين ... أنا ؟
- في المستشفى ... لقد تعرضت لحدث ... ألا تذكر ....؟
- آآآآآآآآآآآآآآه ...نعم ....
- كيف تشعر؟
- أنا عطشان ... أيوجد ماء؟
- نعم ...نعم ...
تناولت أبريق الماء الذي على يمينها ... وملأت الكأس بالماء ...
- تفضل حبيبي ...
تناول الكأس وأخذ يشرب ...
ومن ثم أعاده لها ...
مسح على شفتيه بيده السليمة ... ومن ثم قال :
- حنان ... أنا ....أنا ...
وضعت أصبعها على شفتيه ... وقالت:
- أنت يجب أن تنام الآن لتستجمع قواك .... وتعود إلى منزلك الذي ينتظرك ...
وخطت تلك الابتسامة المهزوزة بمشاعر الحزن التي تختلجها ...
أخذ يحدق بها ... وهي كذلك .... لبضع ثواني ... ومن ثم أمسك بيدها ... وأبعدها عن شفتيه ... وقال ...:
- حسنا ً .. حسناً ...
وأغمض عينيه ... وهي لا تزال تحدق به ... وفي داخلها تتألم ... وتتعذب ... وهي ترى من أحبت يبتعد عنها .. شيئاً فشيئاً ...
.........................................
دخل سيارته بكل هدوء .. .. أغلق الباب بروية .... أمسك بكلى يديه مقود السيارة .... أخذ يحدق في المقود بعينيه المتسعتان ... أخذت قبضة يديه تشتد على المقود .... وبدأت ترتعش يديه .... وأنفاسه تتسارع ... أنحنى برأسه إلى الخلف ... ليلامس الكرسي ... ومن ثم أغمض عينيه ... ويقول بصوت خافت:
- لماذا ... لماذا ... لمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاذا ؟
لتدوي صرخته... ودفع بكلى يديه ناحية وجهه ... ويهوي بهما ناحية زمور السيارة ... الذي تعلى صوته في أرجاء المكان... ويعاود ليصرخ بأعلى صوته ...
- لماذا الآن ... لماذا الآن يا تامر ... لماذا تركتها الآن ... لمــــــــــــــــــــــــاذاااااااااااااااااااااااااااااااا ااا؟
يتبع.....
|