لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-09-08, 06:19 PM   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 63027
المشاركات: 289
الجنس أنثى
معدل التقييم: gagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 207

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
gagui غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : gagui المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

7 _ لا وداع أخير

كان صوت السير تشارلز يحمل القسوة والعاطفة معاً وهو ينحني ليقبل ابنته قائلاً :
_ أجل .. هذا أنا حقاً يا روندا .
_ لكن كيف عرفت أني هنا ؟
_ كنت أعلم طوال الوقت أين أنت بالضبط .. لقد أبرق لي ماثيو يخبرني لحظة وطئت قدمك الجزيرة وقد شرح لي فيها أنه مضطر لحجزك لئلا تتعرضي للخطر وفيما بعد اتصل بي و اقترح أن أنضم إليك هنا في إجازة قصيرة بعد أن تهدأ الأمور .
_ إذن أنت تعلم كل شيء ؟
_ لا ليس كل شيء بالطبع لكن صديقاً لي من وزارة الخارجية لمح لي والصحف كلها تمتلئ بأخبار هرب غوزيف
وتحول صوته إلى متجهم غاضب :
_ والآن روندا .. ماذا كنت تفعلين ؟ لقد صدمت ولم أسر لما سمعته من ماثيو الذي حاول جهده أن يبرر تصرفاتك .. لكن لا مجال للهرب من الواقع : صغيرة طائشة أنانية أفسدها الدلال .. هذا كلام رائع أسمعه عن ابنتي الوحيدة كنت قد تعمدت الاعتداء على أملاك الغير وأنت تعلمين ذلك سرني أن بيرس ومن كان معه كانوا أعقل منك وهذا يظهر أن فرداً من أفراد العائلة له حس المسؤولية واحترام الآخرين في حين أن ابنتي تفتقر إلى ذلك .
وجنتا روندا أصبحتا قرمزيتين تحت وطأة توبيخه وسرها أن بيدرو قد ابتعد خلسة إلى الشرفة ليتركها وحدها مع والدها .
_ أبي أرجوك لا تغضب .. أعرف أني كنت حمقاء .. لكني لم أنج بسهولة من فعلتي هذه ..
فابتسم السير تشارلز ابتسامه مختصرة :
_ أنا واثق من هذا فلم تتمكني من إركاع ماثيوس سبيراس كما فعلت بالشاب المسكين بيرس لقد أصيب بصدمة والعمة راحت تنوح في وجهي هل أستطيع الدفاع عنك ؟ لقد صعبت الأمور كلها بتصرفك هذا .
أمسكت روندا ذراعه :
_أبي .. قلت أنك دعيت للانضمام إلي لكننا لسنا مضطرين للبقاء أليس كذلك ؟ لن أتأخر بتحضير حقائبي لنسافر بعد العشاء ..
نظر إليها والدها نظرة غضب واستنكار :
_ نسافر ؟ لم أقطع هذه المسافات كلها لأستدير وأطير عائداً من حيث أتيت ! كنت أتطلع شوقاً لهذه الفرصة فأنا لم أشاهد ماثيو منذ سنة أو سنتين كنت أعرف والده بالطبع .
فشدت كم سترنه :
_ إذن دعني أسافر وحدي ؟
_ لن أسمح لك بالطبع خاصة أن ماثيو أحسن ضيافتك رغم ما سببت له من مشاكل لم يكن هذا ما خططته لك .
وصمت وكأنه أفصح عن الكثير فسألته بصوت هادئ وهي تركز عينيها على وجهه المحرج :
_ وماذا كنت ستقول أبي ؟
_ حسناً في الواقع أن ماثيو دعانا لزيارته والإقامة هنا قبل زيارتك غير الرسمية له .. ولم أكن سعيداً برحلتك البحرية لذا اتصلت به وطلبت منه مراقبتك أثناء وجودك في المنطقة هو لم يوافق فحسب بل أصر على أن نحل عليه ضيوفاً بعد انتهاء الرحلة كنت سأتصل بك لتنتظريني في كريت بدل العودة مع الآخرين وعند هذا الحد توليت بنفسك الأمور .
_ إذن كنت تلاحقني خلال الرحلة ؟
نظر إليها السير تشارلز بارتباك :
_ حسناً .. أنت ابنتي الوحيدة ومن الطبيعي أن أقلق عليك فأنتم أربعة فتيان تجوبون المتوسط وحدكم في مركب والله وحده يعلم ما كان ينتظركم من مخاطر .. وانظري ما حدث لك!
لاحظ شدة تأثرها فوضع ذراعه على كتفيها :
_ لن نتكلم عن الأمر بعد الآن ؟ سنسترخي ونتمتع عرفت من ابن عم ماثيو أن ماثيو يخطط لإقامة حفلات خلال الأسابيع القادمة وأقل ما يمكنك فعله هو قبول ضيافته والتصرف بلياقة فلست مضطراً للاعتذار عنك ثانية
رمت روندا والدها بنظرة متحدية وقالت بهدوء :
_ أنا قادرة على الاعتذار بنفسي .
_ هكذا إذن .. هيا اركضي الآن وارتدي ثياباً مناسبة للعشاء لا أريد أن فتاة رثة الثياب إلى الآنسة روموس .
فارتجفت : من قلت ؟
الآنسة روموس قابلتنا في أثينا .. إنها شابة فاتنة .. أنثى بكل معنى الكلمة يا للسماء فتاتي تبدين شاحبة ر بد أن ما مر بك كان محطماً للأعصاب مع أنك من جلب المشاكل لنفسك أعتقد أن بضعة أيام من الراحة ستفيدك هيا الآن اذهبي .
في غرفتها وقفت تفكر في أن والدها لا يزال يعملها كتلميذة مدرسة فرغبت أن ترتدي جينزاً للعشاء لكنها لم تفعل فلا فائدة من هدر طاقاتها في مواجهات لا طائل منها واختارت أفضل فساتينها وهو فستان طويل قطني القماش بلون الجاد الأخضر واسع الياقة دون أكمام أما ظلال العيون والكحل ففعلاً بوجهها العجب لكنهما لم يحجبا التعب عن عينيها ثم وضعت أحمر شفاه مرجاني اللون .
كان توماس ينتظرها في الردهة فقال لها :
_ السيد يطلب انضمامك إليه في الشرفة .
أجبرت أعصابها على الاسترخاء عندما خرجت إلى نور شمس المساء حيث لاحظت وجود ماريا روموس .. كانت طويلة فستانها الحريري يلتف على كل جسدها الشهي كانت تقف ملتصقة بماثيو أظافرها مدهونة بلون الفستان الأحمر الكرزي الذي ترتديه تتحدث إليه وتبتسم له بطريقة لا تترك لمن يراهما أي شك في نوع علاقتهما .
انضم بيدرو إلى روندا مبتسماً :
_ روندا .. عزيزتي دعيني أقدم لك شراباً .
شكرته وتقدمت لتنضم لوالدها الذي يقف عند طرف السلم العريض ينظر إلى الأرض حول القصر التفت مبتسماً لها .. ثم اتسعت ابتسامته عند وصول بيدرو مع شراب روندا لاحظت بطرف عينها تحرك الأحمر الكرزي
فعلمت أن ماثيو يتقدم مع رفيقته إليهم .
_ ماريا أنت لم تقابلي بعد الآنسة روندا ستورم .
تصافحتا وتبادلا تحيات مؤدبة .. ثم التفتت ماريا إلى السير تشارلز مبتسمة كاشفة عن أسنان بيضاء .
_ ابنتك سيدي ؟ أنت لا تبدو كبيراً لتكون أباً لفتاة كبيرة .
كان في صوتها رنة مثيرة واضحة .. فصرت روندا على أسنانها بصمت .. فالآنسة روموس تؤمن بمبدأ إصابة عصفورين بحجر واحد تطري أباها وتغازله بينما تحاول إبقاء روندا في صفوف الحضانة التفتت لتضع الكأس الفارغ من يدها فلاحظت أن ماثيو ينظر إليها .. ولاحظت التسلية على وجهه فرفعت رأسها وكأنها تتحداه لكن في تلك اللحظة دخل توماس معلناً أن الطعام جاهز .
أظهرت ماريا رموس عرضاً فنياً رائعاً خلال العشاء فغازلت ماثيو والسير تشارلز بل رمت أيضاً ببعض الاهتمام المثير نحو بيدرو أما روندا فتناولت طعامها دون أن تتذوق أي لقمة منه وعندما انتهى العشاء اعتذرت وصعدت إلى غرفتها .
بعد الغذاء في اليوم التالي تطوع بيدرو ليري والدها أرجاء الجزيرة وكان على روندا أن ترافقهما فجلست على مقعد السيارة الخلفي على مضض لكنها سرعان ما سحرت بفتنة مناظر الجزيرة .. بقس بيدرو بعداً عن الساحل هذه المرة وانعطف بالسيارة إلى الداخل حيث المنطقة الجبلية كانت سفوح الجبال المنخفضة غنية باللون البنفسجي من الخلنج وأزهار بنات الآس تقطعها أشجار الزيتون الخضراء وغياض صغيرة من أشجار البلوط والصنوبر .
أوقف بيدرو السيارة ليسيروا عبر ممر بين الصخور فراحوا يتأملون الشلال الذي قال عنه بيدرو أنه أحد أجمل بقاع الجزيرة .
مع أن السير تشارلز بدا معجباً حقاً بالمناظر إلا أنه أبدا رغبة واضحة بالذهاب إلى بلدة كاستاريوس نفسها ليرى ماذا تحقق من نجاح في معملي النسيج و السيراميك وتمنت روندا البقاء هنا جارة القصر .
بلدة كاستاريوس كانت لا تزيد عن شارع شديد الانحدار يصل حتى أبواب القصر ثم يتجه إلى الميناء أوقف بيدرو السيارة عند أعلى التل وساورا إلى الأسفل على حجارة الشارع الخشنة المرصوفة كانت معظم الحوانيت ملحقة ببعض البيوت .. وكان البرتقال والحامض وعناقيد ضخمة من العنب المختلف الألوان تزيد من جمال ألوان الخضار المنزلية المعروضة .. أما رائحة السمك المعروض عند الميناء فكانت تتصارع مع رائحة الثوم وزيت الزيتون .
لم يكن هناك مركبات بل حمير صبورة يحمل العديد منها حملاً ثقيلاً وكانت أزقة صغيرة تتفرع من الطريق الرئيسة بين البيوت حيث يتمدد الدجاج في التراب حيث حبال الغسيل المليئة تتحرك ببطء .. هناك سمعت أصواتاً تصرخ وكلاباً تنبح وأولاداً يضجون . فبدت البلدة لروندا وكأنها استيقظت بعد سبات عميق كان سببه غياب نسائها .
همس بيدرو في أذن روندا في غفلة عن أبيها :
_ سيجري احتفال راقص في البلدة الليلة فالرجال اشتاقوا للنساء .
كان لكلامه وصوته معنى .. فاحمر وجه روندا وذهبت أفكارها نحو القصر وسيده الذي استقبل أخيراً امرأته .

رفضت أن ترافق والدها و بيدرو لزيارة المصنع مفضلة البقاء في الهواء الطلق فحذرها والدها من أن تضيع فضحك بيدرو :
_ تضيع هنا يا سيدي ؟ لا مكان لها لتذهب إليه .. سنراك في المقهى بعد نصف ساعة عزيزتي سنجلس في الظل ونشرب المرطبات .
لم تستطع منع نفسها من الضحك لغمزته الكوميدية ثم أخذت تسير في الشارع تقف متأملة المعروضات المشغولة من الليف أو الصوف والحقائب الجلدية المشغولة يدوياً وعلمت أن للبلدة ماضياً سياحياً لكن ماثيوس سبيراس يرفض أن يعتمد شعبه على الآخرين ولقد قال لها بيدرو أن مصنع القماش يصنع البسط أيضاً إضافة إلى إنتاج مصنع السيراميك الذي يتم تصديره إلى الأرض الأم ليسد حاجات السوق .
شاهدت أمامها زحاماً وعلمت أنها وصلت إلى رصيف الميناء كان هناك جمع غفير من الناس معظمهم من الرجال ووقفت تتأمل حبالاً ترمى من المراكب المتقدمة إلى الميناء ونساء يحملن الحقائب أو الأطفال .
ابتسامة حنان صغيرة ارتسمت على شفتيها وهي تراقب جمع الشمل المبهج بعودة المزيد من النساء إلى الجزيرة يبدو أن للجميع من يستقبله أما هي فقد غصت بإحساس الوحدة .
فجأة ابتعدت عن المنظر والدموع تملأ عينيها لكن يداً على ذراعها أوقفتها عن الابتعاد فرفعت رأسها فإذا أمامها ماثيو سبيراس يحدق فيها .
_ ماذا تفعلين وحدك ؟ ظننتك مع بيدرو ووالدك هل كنت وحيدة منذ الغذاء ؟
_ لا .. سأقابلهم في المقهى القريب بعد دقائق وأنا بخير شكراً لك لا تزعج نفسك بأمري .
_ قد لا تكونين الآن سجينتي آنسة .. لكنك ضيفتي .. أرجوك أن تنضمي إلينا .
نظرت إلى ما خلفه فوجدت ماريا روموس شعرها الأسود الأملس محمي من الهواء بوشاح له لون فستانها الذهبي تجلس على طاولة فوق الرصيف خارج مقهى صغير .
فتراجعت لا أريد التطفل ..
لكن يده اشتدت على ذراعها وقادها نحو الطاولة فرفعت ماريا نظرها ولمعت عيناها ترمق الفتاة الشابة بنظرة كراهية باردة .
_ آنسة ستورم ؟ ظننتك على الشاطئ مع بيدرو !
صوتها البارد كنظرتها جعل عيني روندا تضيقان بشكل خطر وهي ترد :
_ هذا في الغد .. أما اليوم سيشتري لي دلواً و رفشاً .
فابتسمت ماريا دون أن يبدو عليها المرح : أمر مسل .
ثم وضعت ساقيها فوق بعضهما وبدت في شكلها المبتذل تناسب أحد مقاهي الأرصفة في باريس أو روما لا مقهى صغير في جزيرة إنها مثل زنبقة استوائية نمت و أزهرت خطأ في أرض صغيرة تنبت فيها الخضراوات.
وبدأت ماريا تتحدث إلى ماثيو باليونانية لكنه أوقفها برفع يده :
_ استخدمي الإنكليزية ماريا وإلا لن تفهم روندا ما تقولين .
تفوهت ماريا بكلمات اعتذار لكن نظرتها الحاقدة أفهمت روندا جيداً أنها ما كانت تريد إشراكها في حديثها .. لذا عندما وصل والدها و بيدرو شعرت براحة عارمة .
تحت غطاء الحديث الذي تبع وصولهما استرقت النظر إلى ماثيو فإذا به يجلس قبالتها يبتسم وهو يصغي للسير تشارلز في حين أن عينيه تحدقان في كأسه .
أحست بيد بيدرو تلمس ذراعها وتخرجها من التفكير في ماثيو :
روندا .. ما بك عزيزتي ؟ أنت لم تكلميني كلمة طوال بعد الظهر .
فالتفتت إليه :
_ آسفة بيدرو لا أظن أني في مزاج يخولني تبادل أطراف الحديث هل تعيدني إلى القصر ؟
سرعان ما وافق فقفز يساعدها عندما سألت ماريا بلهفة :
_ هل الشمس قوية عليك ؟ يا للطفلة المسكينة ! .. أقفلي النافذة في غرفتك واستريحي حتى موعد العشاء .
كانت لهجتها لهجة من يعد طفلاً بأنه إن أطاع ما يقال له فسيسمح له بتناول العشاء مع الكبار .. بينما كانت تحاول التفكير برد مناسب يوقف المرأة عند حدها أمسك بيدرو بذراعها وسارع مبتعداً بها .
حين ابتعدا قالت غاضبة : يا لتلك المرأة !
فضحك : يجب أن تعذريها .. إنها تتشوق لتصبح الأميرة سبيراس وتعلم أن الوقت ينفذ من بين يديها .
_ أتظن أن ماثيو سيتزوجها ؟
فهز كتفيه من دون اكتراث : من يعلم ؟ يجب أن يتزوج يوماً لينجب وريثاً .. وماريا كانت .. صديقة طيبة له مدة طويلة هما على الأقل لا يتوهمان وجود شعور ما بينهما إنها تريد لقبه وماله وهو يريد زوجة مزينة تغمض عينيها عن .. عبثه .
_ لكنني عرفت أن ماثيو .. الأمير سبيراس ما عاد يستخدم لقبه .
_ هو ما عاد يستخدمه ولكن ماريا لديها أفكار أخرى وقد تقنعه إذا تزوجا بالتفكير مجدداً باستخدامه .
_ لماذا قلت أن الوقت ينفذ من بين يديها ؟
_ لأنها في الفلك الذي تدور فيه لم تعد شابة لتبقى دون زواج .. وعليها أن تستقر لتبني مستقبلها .
_ أليس لها مهنة ؟
فانفجر ضاحكاً :
_ ماريا ؟ أتتصورينها تعمل عزيزتي وراء مكتب تكسر أظافرها فوق مفاتيح آلة ما ؟ لها حصة في دار أزياء باريسية لكنها لا تقوم إلا بتأمين زبائن من محيطها للدار .
هزت رأسها متنهدة لف ذراعه حول كتفيها :
_ لم التنهد صغيرتي ؟
_ كنت أفكر .. هذا ليس وضعاً جيداً قد تجد المرأة نفسها فيه .
_ لا تخافي شيئاً يا عزيزتي ما عليك سوى قول كلمة وسنتزوج ساعة تشائين .

فحررت نفسها منه :
_ لا يا بيدرو .. ما عنيت هذا فأنا لا أريد الزواج الآن بل أريد أن أبني مستقبل مهني لي أولاً .
_ هل أنت واثقة أنك لا تحلمين بأن تكوني الأميرة سبيراس ؟ يا إلهي روندا .. ألم أقل لك إن لا فائدة من التفكير بماثيو هكذا ؟ لا تخدعي نفسك بأن تصبحي يوماً قادرة على تطويعه كزوج إنكليزي مثالي لقد حطم قلوباً كثيرة وسيحطمك .
فأحنت رأسها : لا طائل من هذا الحديث .. ابن عمك لا ولن يناسب خططي المستقبلية أعدك بهذا .
بقي بيدرو محافظاً على بروده في الأيام التالية لكنها بهذا تخلصت من محاولاته التغزل بها .
آخر الأسبوع بدأت الحفلة في القصر بوصول أحد أثرى أصدقاء ماثيو آل بابندوس الشاب أخذ يتودد إلى روندا بشكل ظاهر بينما أخذت أخته التوأم تلتصق بيدرو وهذا ما ناسب روندا تماماً .
سارت روندا بعد الظهر مع السيدة تيران إحدى الضيوف وهي امرأة ممتلئة الجسم جذابة في أواخر الثلاثين عاشت في لندن فترة زواجها وهي تتوق لمعرفة ما إذا كانت كل محلاتها المفضلة والمطاعم لا تزال موجودة وكان لها حديث لطيف غير متكلف وما إن جابتا الحديقة ووصلتا إلى أطراف الصخور حتى كان الجميع متحلقاً حول التمثال .. السير تشارلز كان يقف مع السيد تيران يدخنان السيكار وينظران إلى البحر يتحدثان بصوت منخفض بينما جورجيو و بيدرو يفتشان عن حصوات صغيرة ليريا من يرميها أبعد إلى البحر .
كانت ماريا تستدير برشاقة إلى النمر الحجري تدخن سيكارة بدت ضجرة ربما لأن ماثيو كان يجلس على العشب على بعد أمتار منها يراقب ليزا وهي تحاول صنع إكليل من الزهر البري النابت حولهم .. وكان هاجسها الوحيد الأسطورة التي سمعتها .
رمت ليزا ما بيدها من أزهار صائحة بصوت يشبه مواء قطة :
_ أوهه .. ! لن أستطيع صنعه روندا ألا تساعديني ؟
فتنهدت روندا وأذعنت ثم راحت تعلم ليزا السبيل إلى تجديل سيقان الزهور معاً بحذر ثم ركعت على الأرض مع ليزا وقالت :
_ لم تكن هذه الطريقة التي كانت تستخدمها الفتيات في العصور الوسطى أيام نمر الجزيرة لكنها الطريقة التي أعرفها منذ الطفولة .
فتدخلت السيدة تيران ناصحة الفتاتين بألا تقوما بهذا العمل فضوء النهار يشح شيئاً فشيئاً فسارعت روندا تربط آخر سيقان الزهر بخيط ثم وضعته على رأس ليزا فقالت لها الفتاة وهي تسحب الإكليل عن رأسها بعناية :
_ أوه .. لا روندا .. إنه إكليلك ويجب أن تضعيه أنت اخفضي رأسك قليلاً .. هاك ! أنت اخفضي رأسك قليلاً .. هاك ! أنت الآن كالعروس .
جذبت ماريا نفسها عن التمثال فجأة وقالت دون أن توجه الكلام لأحد .
_ بر .. أشعر بالبرد هل نعود إلى المنزل ؟
سرت همهمة موافقة أبدتها السيدة تيران التي كانت تلف وشاحها الصوفي حول كتفيها الممتلئتين انتظرت روندا ابتعاد الجميع قبل أن تجذب نفسها عن العشب وتقف ثم أزالت إكليل الزهر عن رأسها ورمته على الأرض قبل أن تتقدم إلى والدها وتدس يدها في ذراعه .
كانت قد وصلت إلى المنزل تقريباً عندما تذكر أن حقيقتها الصغيرة ما تزال قرب التمثال حيث جلست قرب ليزا وكان ما يزال هناك بعضاً من نور الأفق يخولها رؤية الحقيبة واستعادتها اعتذرت بسرعة من والدها وعادت أدراجها .
سرعان ما وجدتها فانحنت تلتقطها لكنها في هذه اللحظة شاهدت إلى جانبها إكليل الزهر .. فالتقطته باندفاع متهور ووقفت تنظر إليه .. عروس .. هكذا قالت ليزا .. لكن لم تكن العرائس وحدهن من يأتين بالزهور للنمر ما من فتاة على الجزيرة كانت تجرؤ على القول لوحش الجزيرة إنها تريده في وجهه ووضع الزهور على التمثال كان رمزاً قديماً كالرقص أمام الآلهة .. وإذا اختار السيد أن يترك الزهور تذبل وتموت فلن يعرف بها أحد سوى الفتاة التي وضعتها .. عندها على الأقل سيكون ذلها خفياً وخاصاً .
كانت هناك قوى خفية تدفع روندا للتحرك فسارت حالمة كأنها آلة ليست مسؤولة عن تصرفاتها .. تقدمت إلى الأمام حتى قاعدة التمثال وحدقت في وجه الوحش العبوس .
كانت يدها ثابتة وهي تضع بلطف إكليلها فوق براثنه لكن ما إن تراجعت حتى بدأت ترتجف بعنف فأمسكت بتنورة فستانها الطويل وركضت كالمجنونة عائدة إلى القصر عن طريق الشرفة لأنها كانت تحس بألم في جنبها من الركض ولأنها تبدوا حمراء اللون مشعثة دخلت من الباب الجانبي وتسللت دون أن يلاحظها أحد عبر الردهة ومنها من السلم .
ما إن وصلت بسلام إلى غرفتها حتى جلست على كرسي طاولة الزينة وبدأت تزيل الدبابيس وانسدل شعرها بحرية على كتفيها .. وجلست جامدة دون حراك تحدق في المرآة تفكر في ما دفعتها .. وجلست جامدة دون حراك تحدق في المرآة تفكر في ما دفعها لتفعل ما فعلت ؟ لكن لا داعي إلى قلقها إذ سيمضي وقت طويل قبل أن يلاحظ أحدهم الإكليل وحين بدأت تسرح شعرها سمعت دقاً خفيفاً على الباب ليدخل ماثيو إلى الغرفة .
_ أتود الحديث معي سيدي ؟
وقف ينظر إليها للحظات بصمت ثم تلاعبت ابتسامة على شفتيه :
_ من بين أشياء أخرى .. أجل .
فبللت روندا شفتيها بطرف لسانها وقالت بهدوء لا بأس به :
_ لا أظن أن بيننا شيئاً نقوله لبعضنا .
_ أوه .. لكنك مخطئة روندا .. فنحن لم نبدأ الحديث بعد .
مد إحدى يديه وكانت مطبقة إلى جانبه ليفتحها أمامها .. فسارعت إلى إغماض عينيها خائفة مما سترى .
_ لقد قص عليك بيدرو الأسطورة .. ألم يفعل ليس الجزء المحترم منها التي قصصته على ليزا الآن بل الجزء المتعلق بالجميلات اللاتي كن يتخذن التمثال وسيلة للإشارة إلى رغبتهن في إرضاء سيدهن .. قد تكون زهورك ميتة روندا لكن رسالتها فعالة ألا ترغبين بسماع ردي ؟
فهمست متلاشية :
_ لا .. لم أفكر في ما فعلت .ز فما هي إلا دعابة غبية ..
_ دعابة عزيزتي ؟ لكني منعتك من التلاعب بي كما حذرتك من الكذب علي ؟ انظري إلى روندا وقولي في وجهي إن ما قمت به كان لعبة أخرى .
فصاحت بجنون تحس أنها علقت بالفخ وتملكها الذعر : لا أستطيع ليس من حقك ..
_ أوه بل تستطيعين .. ولي كل الحق !
رفعها عن الكرسي وأوقفها على قدميها ثم راحت يده تعبث في كثافة شعرها ولم يلبث أن أوقف رأسها بقبضة تعجز هي معها عن التحرك فهمست متوسلة : أنت تؤلمني .
لكن وجهه بقي متجهماً : أؤلمك ؟ أنا دهش من نفسي لأنني لم أكسر عنقك ! لقد دفعتني إلى حافة الجنون بمزاجك ونزواتك المتقلبة لكن هذه المرة سأحصل منك على رد .. والأفضل أن تكون الحقيقة .. أنت من ترك هذه الزهور ؟
ارتجفت شفتاها وهي تعترف :
أجل .. لكنني ما عنيت .. كان يجب ألا تراها .
_ أوه لا أشك في ذلك .. ولكنت آمنة تماماً افتقادي إياك وذهابي للبحث عنك كمضيف طيب توقعت أن أراك مستلقية في الظلام مكسور كاحلك أو ملتو .. لكنني وجدت هذا .
ورمى حفنة الزهور على طاولة الزينة .. ثم أرخى قبضته بعض الشيء عن مؤخرة رأسها لتنزلق إلى بشرة كتفيها الناعمتين الرقيقتين وأكمل هامساًُ :
_ الآن .. أخبريني أن زهورك تكذب وأن ليس لك هدية لي .
جذبها إليه .. ثم أحنى رأسه نحوها باشتهاء مدمر دمر لها كل دفاعاتها التي حاولت إقامتها ضده .
تعلقت به وكل عصب في جسدها يرتجف لمداعبات يديه ما عاد يهمها شيء إلا وجودها بين ذراعيه .. حتى لو تبين لها أن هذا لن يدوم أكثر من ليلة وحتى ساعة فقد أحست أنها لم تعد تملك أية كرامة فيما يتعلق به .
ارتد عنها أخيراً وعيناه الذهبيتين ترقصان وتلمعان لمعاناً يضفي رقة ساحرة :
_ أنت لي روندا .
كان كمن يسألها فتنفست بالرد بهدوء : أجل .
فضحك بصوت منخفض : لا تتواضعي يا جميلتي سأجد في الوقت المناسب خضوعك بهجة لي لكنني لا أريد أن يكون هذا عادة تعتادينها طوال حياتنا معاً .
ارتجفت وأحس بارتجافها وسأل : ما الأمر يا عزيزتي .. أحائرة أنت لأنني أريدك زوجة لي ؟ أهو سر آخر ؟
_ تريد الزواج مني ؟
فالتوى فمه بسخرية : أجل .. وما ظننت غير ذلك ؟ أوه .. لا تقولي ! فأنا أعرف تماماً رأيك في أخلاقي ودوافعي .. أتريدين أن أركع عند قدميك لأقنعك ؟
رفعت نظرها إليه تتسع عيناها برزانة لا .. لكنني ما علمت .. أنت لم تلمح لي ..
_ لم أشأ أن أقول لك هذا بهذه السرعة .. كم مضى على تعارفنا ؟ أردت أن أتودد إليك مدة طويلة وأن أضع العواطف و الاضطرابات خلفنا .. لكن حتى هذا لم ينجح كما خططت له وها أنا ذا .. عزيزتي .. في الوقت غير المناسب في المكان غير المناسب .. أطلب منك أن تكوني زوجتي .
وأصبح صوته جاداً وهو يردف :
_ لكنني لا أريد ردك الآن أريدك أن تفكري ملياً في ما قد يعني هذا لك أنت تعرفين من خلال حياة والدك نوع الحياة التي ستعيشينها معي ونوع المطالب التي ستطلب منك .. فلم يكن لي يوماً بيتاً دائم .. لأنني كنت معظم أيامي أقضيها في السفر وكنت أينما حللت يتوجب علي وضع احتياجات الآخرين في المرتبة الأولى قبل احتياجاتي بالطبع أريدك معي لكن قد يحدث عندما ننجب أطفالاً أن أضطر إلى تركك وحدك أتظنني أنك قادرة على احتمال هذا روندا ؟ أتأخذين حياتي وكل ما تعنيه وتجعلين منها حياة لك ؟
نظرت إليه وقد صدمت كلماته هذه فرحتها فأدركت أن الزواج منه سيعني نهاية لكل طموحاتها فلا عمل ولا استقلال بعد الآن إنما حياة زوجية محورها زوجها وهي ستكون فقط .. زوجته وتمتم :
_ فكري في الأمر يا عزيزتي .. وفي الصباح تعالي إلي أعطيني ردك .
بينما كان الباب يغلق خلفه جلست روندا ثانية على الكرسي ساقاها ترتجفان .. في بضع لحظات انقلب عالمها رأساً على عقب ضغطت يديها على خديها تحدق في المرآة عاجزة عن التصديق .
لقد قالت لها ليزا أنها عروس وستصبح عروس عروساً لماثيو أغمضت عينيها تحس بالدمار من السعادة تتخيل تعجرفه البارد ولمعان عينيه .. عندها فقط تذكرت أنه لم يقل لها أنه يحبها .. بل لقد كان واثقاً فقط من حبها له .. قطبت جبينها قليلاً .. لكن ما الفرق الذي ستحثه بضع كلمات ؟ حاولت الحوار مع نفسها لا بد أنه يحبها وإلا لما طلب الزواج منها .
لكن حتى بعد أن اطمأنت تذكرت تحذير بيدرو من أن ماثيو يتزوج فقط لمتعة ذاتية وأنه عندها لن يكون زواجاً تقليدياً .. كزوج إنكليزي كما قال لكنها أبعدت الفكرة عن رأسها فهو أخبرها منذ قليل أن حياتهما معاً لن تكون سهلة .
أطفأت النور واستقرت في الفراش لكن النوم جافاها حتى عندما تمكنت من إغفاءة خفيفة استيقظت مجفلة بعد قليل تحس بخفقان عنيف في قلبها أخيراً جلست وأضاءت الأنوار وصبت لنفسها كوباً من إبريق عصير قرب السرير .
للمرة الأولى خلال حياتها الفتية تمنت لو أن لديها أقراص منومة .. فإن لم تسترخ قليلاً فستبدو منهارة عندما ترى ماثيو في الصباح .

في الصباح ! نظرت إلى ساعتها وهي تعود للنوم إنه الصباح الآن .. ماذا ستكون ردة فعله لو ذهبت الآن وأعطته الرد ؟ ربما يكون مستلقياً بدوره بعد أن جافاه النوم مضطرباً بلهفة مثلها احتوت جسدها الحرارة وهي تتصور النتيجة الحتمية لذهابها إلى غرفته فترددت محاولة تجميع أفكارها المشتتة وتعقلها لكنها لم تستطع شيئاً أمام اشتياقها ولهفتها وحاجتها أن تكونه بين ذراعيه .. بل الطمأنينة في حبه .. إذا أصبحت له .. ربما تزول المخاوف والشكوك التي تزعجها .
تحركت إلى الخارج ومنه إلى الرواق وكأنها شبح أسود هذه المرة لم تشعر بعينين مختبئتين تراقبانها بل بثقة عارمة بالنفس راحت تهن وتضعف قليلاً وهي تنعطف من الرواق إلى الممر الموصول بجناح ماثيو .. حيث رأت مصباحاً صغيراً كان على طاولة قرب بابه لكن هذا لم يخف حقيقة وجود ضوء ساطع في الداخل وبقلق رفعت يدها تدق الباب لكن يدها تسمرت في الهواء فقد تناهى لها أصوات من الداخل .
شيء واحد كان مؤكداً لن تدع أحداً يراها هنا نصف عارية في ثياب النوم خارج غرفته فبغض النظر عن كرامتها هناك ماثيو لن يجد في الأمر تسلية .
أجفلت وهي تلاحظ أن الأصوات في الداخل تتصاعد ..ثمة زائر على وشك المغادرة وهي الآن غير قادرة على العودة إلى غرفتها .. شهقت شهقة تكاد تكون نحيباً وهربت نحو الممر الآخر تخبئ نفسها وراء الستائر المخملية التي تخفي الباب الموصد ورائها .

 
 

 

عرض البوم صور gagui   رد مع اقتباس
قديم 12-09-08, 06:22 PM   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 63027
المشاركات: 289
الجنس أنثى
معدل التقييم: gagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 207

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
gagui غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : gagui المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

الصوت الذي وصل إليها عند فتح الباب لا مجال للخطأ فيه إنها ضحكة امرأة وقفت للحظات مشلولة ثم بكل حذر أبعدت الستار قيد أنملة لتستطيع الرؤية .
كان ماثيو يقف بالباب المفتوح ينظر إلى ماريا روموس نصف عار حافي القدمين ملفوفاً بروبه حول خصره بلا اعتناء كاشفاً بذلك صدره حتى الوسط .
منتديات ليلاس
أما ماريا فكانت مغطاة من عنقها وحتى قدميها لكن بما أن ثوب نومها شفاف جداً فقد كان مثيراً أكثر مما لو كانت لا ترتديه وسمعت روندا الصوت الأجش المثير يقول :
وداعاً يا حبيبي .. لا تدعوني إلى زفافك .
ونظرت إلى يديها التي يلتف عليها سوار من الزمرد اللماع ودوت ضحكتها من جديد ولم تسمع روندا رد ماثيو فقد انكمشت سعياً لدعم الجدار خلفها ثم وضعت يديها على أذنيها غير قادرة على سماع المزيد .
بعد أن شعرت أن قرناً من الزمن قد مر جمعت قوتها وشتات نفسها ثم فتحت الستائر وخرجت إلى الممر كقطة مذعورة لا تدري في أي اتجاه تجري ..
لن تستطيع البكاء الآن .. فللبكاء أوان آخر أما الآن فهو أوان الهرب ووضع أكبر قدر ممكن من المسافات بينها وبين ماثيوس سبيراتوس .. ترنحت قليلاً كطفل يستيقظ من كابوس وتوجهت نحو غرفة أبيها .

 
 

 

عرض البوم صور gagui   رد مع اقتباس
قديم 12-09-08, 06:23 PM   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 63027
المشاركات: 289
الجنس أنثى
معدل التقييم: gagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 207

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
gagui غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : gagui المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

8 _ المرفأ الأخير
رمت حقيبتها الصغيرة وخلعت حذائها ثم توجهت نحو الهاتف الذي شرع بالرنين ما إن وطئت الشقة وكما توقعت كان المتكلم بيرس .
_ مرحباً رون هل لديك شيء هذا المساء ؟ فكرت في إلقاء نظرة على المطعم اليوناني الجديد الذي فتح أبوابه حديثاً .. أعلم أنك تحبين الطعام اليوناني .
_ أنا متعبة بيرس لقد كان يومي مرهقاً .
_ أوه بالطبع .. كيف عملك الجديد ؟ متى سنرى وجهك في المجلات ؟
_ بعد شهرين على الأقل باتريك أنجل يصورني الآن للدعاية .
_ إن هذا لرائع !
_ هه …
وتذكرت الساعات الطوال التي قضتها تحت الأنوار تتعرض لوميض آلات التصوير التي تحاول اكتشاف لقطة مؤثرة من بين عشرات اللقطات لكن كيف لها بإقناع بيرس ووالدها بأنها تعمل حقاً جاهدة علمت منذ البداية .. فعملها لم يكن لهما سوى هواية صغيرة والسبب الوحيد الذي جعل والدها يوافق على عملها كان أمله أن يساعدها بالتغلب على مرارة الأحداث التي مرت بها .
منتديات ليلاس
عندما عادت إلى لندن منذ شهر مضى كانت متألمة عاطفياً ولم تستجب إلا بعدائية عندما اتصل بها بيرس لكنها بالتدريج تناست القوقعة الدفاعية التي بنتها حول نفسها .
سمعت صوت بيرس على الهاتف ينتشلها من أفكارها :
_ اسمعي وارن .. ارفعي قدميك إلى الأعلى نصف ساعة ثم اتصلي بي مجدداً إن غيرت رأيك .. سأنتظرك .
_ أوه .. بيرس سأرى كيف سأشعر فيما بعد وأشكرك على الدعوة .
وضعت السماعة من يدها وتوجهت إلى غرفة الجلوس في شقتها لم تكن غرفة كبيرة بل صغيرة مليئة بركام أغراض ثلاث فتيات يعشنا معها تنهدت روندا وهي تبدأ بترتيب الغرفة .. الشقة بعيدة كل البعد عن فخامة المنزل الذي كانت تسكنه مع والدها لكنها لم تندم على قرارها بالانفصال عنه والسكن وحدها مع أن والدها حاول ثنيها عن عزمها لكنها تعنتت في قرارها .
علمت أن ألمها قد أزعجه إلى أبعد حد يوم اقتحمت عليه غرفته في القصر تلك الليلة في كاستاريوس منذ ذلك اليوم عاشت حياتها العاطفية على مستوى متصنع ولم يتعرض مطلقاً لنوبات هيستيرية يتعرض بها الأباء أمثاله عندما تضطرب حياة أولادهم .
وسرعان ما قام بكل الترتيبات اللازمة لرحيلهما .. كانت وهي تحضر الحقائب تسير كالآلة .. تلك الفتاة الصفراء الوجه الشاحبة التي كانت تلمحها في المرآة لا علاقة لها بها .
لكن ما إن اقترح والدها عليها أن تودع ماثيو على الأقل حتى أصيبت بالجنون ولما يئس ودعه بالنيابة عنها لم تتكلم روندا البتة خلال الرحلتين من الجزيرة إلى أثينا ومنها إلى لندن بل بقيت غارقة في مقعدها تنظر عبر النافذة دون أن ترى شيئاً حين وصلا إلى المنزل ذهبت إلى النوم حيث نامت ما يقارب اليومين .
حالما تمكنت من استجماع شتات نفسها ذهبت لتقابل باتريك اينجل تسأله عما إذا كان جاداً في عرض العمل القديم ذاك بأن تكون عارضة تصوير فأمرها أن تقص شعرها وأرسلها إلى دار تجميل قامت على تدليكها وتلين جسدها إلى أن زال التوتر والتصلب منها والتصلب منه .
منذ ذلك الوقت عملت معه دائماً وقد تلقت خلال هذا الشهر عرضين من مصورين آخرين .. وقد كانت شاكرة استغراقها في العمل لأنه جعل تفكيرها منصب عليه لكنها في الليل فقط كانت تذكره وهي مضطجعة على سريرها الضيق تصغي إلى أنفاس زميلاتها في الشقة فتعود إليها ذكرياتها .
كانت تحلم بماثيو دائماً .. وقد تساءلت دائماً عن سبب طلبه الزواج منها .. لماذا لم يطلب من ماريا روموس كما تكهن بيدرو ؟ ربما اعتقد أنها ستكون زوجة مطيعة أكثر من ماريا فمن الواضح أنه لا يميل إلى تكييف حياته لتتوافق مع أي التزام عائلي إلا أنه يعتقد أنه يستحق مجداً من طرفين : زوجة شابة محبة مطواعة .. وعشيقة مفضلة لديه طلباً للتنويع بحياته .
تقدمت نحو النافذة تفكر في أن زميلتيها لينا و فيونكا ستصلان قريباً لكنهما دون شك ستخرجان بعد حين بصحبة أصدقاءهما لم يخف بيرس سعادته لاتصالها به والموافقة على الخروج وسرعان ما وصل بسيارته ليأخذها كان المطعم أكثر فخامة وذوقاً من سمعته وأحست روندا بالاسترخاء أثناء العودة إلى الشقة .
لكن أولى اضطرابات الليلة برزت عندما أوقف بيرس سيارته خارج المبنى إذ كان عادة يتبادلان تحية المساء بسرعة ثم يفترقان أما هذه الليلة أحست روندا بالقلق لأنه قرر إحياء علاقتهما الحميمة .. دس ذراعه حول كتفيها محاولاً عناقها .. فحاولت جهدها ألا تقسو عليه وذلك لتجنبه الإحراج فكان أن حررت نفسها تسأله إن كان يرغب بالصعود وتناول القهوة .
كانت قد قررت أن هذه غلطة حتى قبل أن تضع المفتاح في القفل فقد يظن بيرس أنها تود تأمين مكان مريح لمتابعة غزله لها وامنت أن تكون إحدى زميلاتها في الشقة موجودة لكن أملها قد خاب ووجدت الشقة فارغة فتنهدت وذهبت تعد القهوة .
عندما عادت بالفناجين كان بيرس ممدداً على الأريكة براحة تامة ربت على الأريكة قربه يدعوها للجلوس فجلست بتردد لكن بدا واضحاً أنه لا يهتم بالحديث ولم يمض سوى برهة قصيرة حتى حاول ضمها بين ذراعيه لكنها قاومته تتلوى لتحرر نفسها منه غير مخفية امتعاضها فقال نافذ الصبر :
_ أوه .. هيا رون لا تحاولي خداعي .. ما عدت ابنة أبيك الصغيرة .. ولا تحاولي خداعي بأن صديقك المليونير لم يعلمك شيئاً من الحياة .
فواجهته ببرود : لست أدري عم تتكلم .
_ لا تتظاهري بهذا .. رأيت الحالة التي كنت فيها عندما عدت . قالت أمي يومها أنه كما يبدوا جلياً جعلت من نفسك حمقاء أمام ذلك الرجل كما قالت لكنها كانت دهشة من أن والدك سمح بحدوث هذا .
ردت ساخرة : يا لأمك العزيزة ! ما ألطف اهتمامها بشؤوني .

هذا طبيعي كنت على وشك أن تكوني كنتها على كل أنا لا أشعر أن شيئاً تغير بالنسبة لي رون ولست مضطرة أن تخبريني ما جرى في الجزيرة .. لأنني أفضل ألا أعرف لكنني أود القول أننا سنبدأ من جديد حيث انتهينا .
_ آسفة بيرس .. هذا مستحيل .
وهبت واقفة على قدميها تتجه إلى الباب وتقول بهدوء :
_ أعتقد أن ذهابك خير من بقائك .
حدق فيها للحظات ثم هز كتفيه لكنه بينما كان يمر بقربها مد يده فجرها بين ذراعيه بقوة قاومته لكنه لم يتركها فأخذت تشهق لتتنفس وهو يبتسم وكأنه راض عن نفسه :
_ لست من حجر روندا ليتني أؤثر عليك بدلاً من الأمير .. لكن إذا كان قد تمكن من إيقاظ مشاعرك \أخيراً فأنا ممتن له .
فصاحت به من بين أسنانها : اخرج من هنا .
رفع يديه علامة استسلام ساخر وقال بهدوء :
_ فكري ملياً فأنا أحبك رغم محاولتي الابتعاد عن هذا .
فردت ببرود : لديك أكثر الطرق شواذاً في إظهار هذا الحب .
بعد أن خرج أغرقت نفسها فوق الأريكة وأجهشت بالبكاء .. فقد كانت تعتمد على بيرس ودعمه لها أكثر مما تعترف وبدا لها الأمر وكأن شقيقها المفضل انقلب ضدها ..
كانت على حالها ساكنة متعبة عندما توصلت في الصباح التالي إلى عملها .. وأثناء خروجها من غرفة الملابس بعد انتهاء التصوير نادتها موظفة الاستقبال :
_ والدك اتصل روندا .. يقول أنه مضطر إلى التأخير ويود أن تقابليه في مكتبه عوضاً عن المطعم .
شكرتها روندا .. كان والدها يصر على دعوتها على العشاء معه ثلاث مرات أسبوعياً حيث كانت تتناول معه وتقوم بدور مضيفته عندما يحتاج إليها .. والغريب أكثر من ذي قبل كما أن علاقتهما قد تحسنت كثيراً .
قررت أن تذهب إلى مكتبه سيراً على الأقدام مع أن الصيف كان قد بدأ يفسح في المجال بالخريف كي يتقدم ها أولى ورقات الخريف تتساقط في طقس ما زال يحافظ على دفئه الذي يشجع على التسكع وتضييع الوقت .
كان عليها إظهار إذن المرور الخاص بها عندما وصلت إلى المبنى الحكومي الذي يعمل به والدها وابتسم رجل الأمن ولامس قبعته تحية لها فقطعت الباحة الداخلية وصعدت إلى الطابق العلوي ثم اجتازت الممر المكسو بالسجاد فوصلت إلى المكتب الصغير المريح حيث سكرتيرة والدها .
رفعت السكرتيرة رأسها عن عملها مبتسمة :
_ مرحباً آنسة ستورم ألم تكن تلك صورتك في مجلة لك سيدتي الأسبوع الماضي ؟
ضحكت روندا : يدهشني أنك عرفتني رغم مساحيق التجميل .
فغمزت السكرتيرة بعينيها : حسناً أستطيع القول أنني لم أفعل .. بل السير تشارلز دلني عليها في الواقع أظنه كان فخوراً بها في سره .
_ هذه أنباء جيدة لي .. أهو مشغول ؟ هل أستطيع الدخول ؟
ترددت السكرتيرة قليلاً فظنتها روندا تنظر إليها نظرة غريبة لكن لهجتها كانت طبيعية عندما قالت :
_ طبعاً آنسة ستورم لقد طلب مني إدخالك حالما تصلين ز
فتحت روندا الباب الموصل إلى مكتب والدها الخاص ودخلت كانت الستائر المعدنية مسدلة فوق النوافذ تمنع أشعة الشمس القوية .. وللحظات ظنت روندا أن الغرفة فارغة ثم شاهدت جسد الرجل الطويل يرتسم إزاء النور المنبعث من وراء ستار النافذة وعلمت حتى قبل أن يتكلم أنه ليس والدها :
_ إذن روندا لقد التقينا مجدداً .
حاولت أن ترد .. لكن الكلمات لم تخرج .. ثم استدارت وقد سدت الدموع الرؤية من بين عينيها .. تتخبط متعثرة للوصول إلى قبضة الباب لكن قبل أن تتمكن من الفرار كان قربها يده تطبق على يدها تبعدها عن الباب ثم تديرها بعنف لتواجهه صوته هادئ لكن نبرته جعلتها ترتجف :
_ لا يا عزيزتي .. لن يكون أمامك مجال للهرب بعد .
فصاحت : اتركني .
حاولت تحرير نفسها لكن قبضته على ذراعها اشتدت :
_ لا .. لن أرتكب الغلطة نفسها مرتين عزيزتي .. لن أتركك ثانية .. وإلى الأبد .
قالت ببرود وصوتها يرتجف :
_ قد تكون السيد في جزيرتك لكنك الآن في أملاك الدولة البريطانية وإذا لم تتركني سأجعلهم يرمونك خارج المبنى .
لمعت أسنانه البيضاء بابتسامة ساخرة :
_ من هذه النافذة لا شك أيتها الحمقاء .. أتظنين أن بإمكاني الدخول والاستيلاء على مكتب والدك دون إذنه ؟
_ أبي .. يعرف أنك هنا ؟
ما هذه الخيانة الكبرى ؟ والدها يعرف أنها هربت من هذا الرجل فلماذا يساعده ؟
_ بالطبع يا عزيزتي .. عندما وصلت لندن ليلة أمس قصدت منزله مباشرة على أمل أن أراك فقال لي أنك ما عدت تسكنين معه وتحدثنا واتصل بك لكنه لم يلق رداً .
وضع يده تحت ذقنها رافعاً وجهها إليه مجبراً إياها على توجيه بصرها إليه :
_ لماذا هربت مني روندا ؟ ظننتك منحتني قلبك أكانت الهدية أكثر مما أستحق ؟ هل خذلتك شجاعتك وجعلتك تهربين دون أن تقولي كلمة واحدة .
صمت لحظات دون أن يتلقى الرد فتابع :
_ لقد سألتك سؤالاً روندا .. تلك الليلة في القصر و ها قد جئت الآن لأحصل على الرد : هل تتزوجيني ؟
نظرت إلى خطوط وجهه المتعجرفة التي لاحقتها في أحلامها نائمة ومستيقظة عندها تدحرجت دمعتان كبيرتان على خديها وهي تهز رأسها ببطء بالرفض .
_ .. فهمت .
وأخرج أنفاسه بتنهيدة طويلة وأكمل :
_ هل لي أن أعرف السبب ؟ أترين يا عزيزتي ظننتك تحبينني .
كادت تقول أحبك لكنها قالت : أحببتك .
_ هل طلبت عظيم الحب حين سألتك أن تشاركيني حياتي ؟ أنت صغيرة جداً يا عزيزتي .. أليس كذلك ؟ خفت أن أدفعك .
فصاحت :
_ لم أخف من مشاركتك حياتك .. بل لم أستطع أن تشاركني حياتي .
_ أنا ؟ لكنني حذرتك من كل شيء روندا لولا المطالب التي تواجهني من الآخرين للحقت بك إلى هنا منذ أسابيع .
_ لم أقصد هذا .
_ ماذا إذن ؟
_ ماريا روموس .
أصبح صوتها منخفضاً جعله يحني رأسه بحدة ليسمع ما تقول حين نظرت إليه ثانية كان وجهه بارداً :
_ أنا لم أدع أمامك أني قديس روندا لكن هذا كله انتهى أمره أعدك بذلك .
_ ربما الآن .. لكن تلك الليلة ماثيو ليلة طلبت مني الزواج .. خرجت من غرفتي إليها .. لا تنكر .. لم أستطع تحمل هذا رأيتكما معاً عند باب غرفتك كانت تضع السوار الذي أهديته لها .. بعدها لم أستطع مواجهتك وكان علي الهرب .
ما هذا الهراء ؟ أي سوار ؟ أنا لم أهد ماريا أي سوار .
_ لكنها كانت تضعه تلك الليلة بل لم تكن تضع سواه تقريباً .
فرد برزانة : إنها تختار ملابس مثيرة أعلم ذلك لكنني واثق من أن هذا أمر معروف وأنت محقة بشأن السوار أذكره الآن لكني دهش لأنك خلتني أهديت امرأة حلية خالية من الذوق .
_ إذن من أهداها إياها ؟
فالتوت شفتيه : لم يكن من اللياقة أن أسألها .. لكنها لمحت إلي إلى أنها هدية من معجب جديد يرغب أكثر مني أن يعطيها الاهتمام الذي تظن أنها تستحقه .
_ لكن لماذا كانت في غرفتك ؟
_ سأجيب أنا عن سؤالك بسؤال آخر .. لماذا كانت على الجزيرة أساساً .ز فأنا بكل تأكيد لم أدعها .
نظرت إليه باستغراب فأطرق متجهماً :

أجل عزيزتي .. إنه ابن عمي الطائش .. قلت لك إنه يريدك لنفسه ألم أفعل ؟ ولقد أسديت له خدمة عندما سألته أن يكون مرافقك وعندما أصبحت حراً لأهتم بك حاول وضع العصا بدواليبي باتصاله بماريا في أثينا ودعوتها إلى القصر وما إن وصلت عجزت عن صدها .. ثم .. أردت أن أرى إن كنت ستغارين منها .
ابتسم لها بخفة : لكن الواقع كان مراً .. فأنا من وقع بحبك منذ أن شاهدتك وأنا من تملكتني الغيرة من بيدرو .
عادت الحرارة إلى خديها وهي تتذكر الظروف التي مرت بها فقالت متصلبة :
_ لا تذكرني بتلك الظروف .
فرفع حاجبيه ساخراً :
_ لا .. ؟ أتريدين أن أخبرك متى رأيتك للمرة الأولى ؟ يومها كنت جالسة على صخرة وحدك سعيدة تسرحين شعرك وكأنك حورية البحر .. يومذاك لم تكوني تلك الطائشة اللعوب التي توقعت أن أراها .
فصاحت |: لقد أحسست أن أحداً يراقبني يومها !
_ لكنني كنت واثقاً أنك لم تريني فيما بعد شاهدتك تسرحين شعرك ثانية قرب بركة السباحة ونظرت ‘إلي وقلبك في عينيك عندها أحسست أنك تحبينني .
فالتوى فمها قليلاً وقالت بهمس معترفة :
_ ظننت أني أعطيتك اكثر من سبب لتفهم هذا .
_ هل لأنك تجاوبت معي عندما كنت أعانقك ؟ كنت أعرف أني قادر على جعل المرأة تريدني .. لكنني لم أكن واثقاً من قدرتي على جعلك تحبينني .
جعلتها نظرته تحس بالخجل فأطرقت إلى الأرض .
لكنك لم تفسر لي بعد ماذا كانت تفعل ماريا في غرفتك ألم تدعها أنت ؟
_ ماريا لا تنتظر دعوة لقد جاءتني تلك الليلة تسعى فأوضحت لها أن كل شيء بيننا قد انتهى لم أذهب إلى غرفتها أو دعوتها إلى غرفتي بل جاءت إلي في غرفتي لتشير لي أنني سأفقدها إذا تجاهلتها أمام ذلك الرجل الآخر فأخبرتها أني طلبت منك الزواج وتمنينا لبعضنا السعادة وافترقنا .
وأصبح صوته أرق :
_ يومها قلت لك الحقيقة فلماذا جعلتنا نهدر كل هذا الوقت ؟كان كل ما عليك فعله هو أن تسأليني لأجيبك عما تريدين لكن عندما سافرت دون أن تودعيني بكلمة ظننتك قررت أن تنتقمي مني أخيراً .. لتجعلينني أعاني كما قلت مرة .. ألم نعان بما يكفي حبيبتي ؟
شرعت بالبكاء نادمة على غبائها وقلة ثقتها به لكن دموعها كانت تمتزج بشيء اسمه الراحة .. ولم يكن هناك مجال لإنكار الحنان في صوته :
_ أوه .. لا .. حبيبتي .. زمن الدموع ولى .. أسألك ثانية .. روندا أتصبحين زوجتي ؟
ردت بخجل وهو يمسح الدموع عن خديها بيده :
_ أتريدني حقاً ؟
ابتسم وللمرة الأولى جذبها بين ذراعيه يلصق جسدها الرقيق بجسده القوي ويتمتم في أذنها :
_ ألديك شك يا حبيبتي ؟ أنا على استعداد لأبرهن لك عن حبي فإن شئت الآن شرعت بذلك هذا إن استطعت إقناع السكرتيرة الطيبة بألا تقاطعنا .
فاحتجت بخجل :
_ ماثيو !
_ صدمتك يا حبيبتي ؟ لم تفسري إلى الآن سبب وجودك خارج غرفتي تلك الليلة ؟
فأطرقت برأسها :
_ أنا.. أنا .. جئت لأعطيك ردي .
_ كوني صادقة لا بالكلمات فقط ؟
_ لا .. لا ماثيو .. لا بالكلمات .
فهمس لها وهو يقبلها :
آه حبيبتي .. زوجتي !



أنتهت

 
 

 

عرض البوم صور gagui   رد مع اقتباس
قديم 12-09-08, 06:25 PM   المشاركة رقم: 19
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 63027
المشاركات: 289
الجنس أنثى
معدل التقييم: gagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 207

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
gagui غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : gagui المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

تمت بحمد الله و عونه و ارجو انها تنال اعجابكم و راح اعرف اراءكم من خلال التعليقات باااااااااي

 
 

 

عرض البوم صور gagui   رد مع اقتباس
قديم 18-09-08, 02:13 PM   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2008
العضوية: 89549
المشاركات: 27
الجنس أنثى
معدل التقييم: ema82 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ema82 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : gagui المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

رواية جميلة وممتعة شكرا ليكى

 
 

 

عرض البوم صور ema82   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
a gift for a lion, أحلام, دار الفراشة, روايات, روايات احلام, روايات احلام المكتوبة, روايات رومانسية, ساره كرافن, سيدها, sara craven
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:30 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية