8 _ المرفأ الأخير
رمت حقيبتها الصغيرة وخلعت حذائها ثم توجهت نحو الهاتف الذي شرع بالرنين ما إن وطئت الشقة وكما توقعت كان المتكلم بيرس .
_ مرحباً رون هل لديك شيء هذا المساء ؟ فكرت في إلقاء نظرة على المطعم اليوناني الجديد الذي فتح أبوابه حديثاً .. أعلم أنك تحبين الطعام اليوناني .
_ أنا متعبة بيرس لقد كان يومي مرهقاً .
_ أوه بالطبع .. كيف عملك الجديد ؟ متى سنرى وجهك في المجلات ؟
_ بعد شهرين على الأقل باتريك أنجل يصورني الآن للدعاية .
_ إن هذا لرائع !
_ هه …
وتذكرت الساعات الطوال التي قضتها تحت الأنوار تتعرض لوميض آلات التصوير التي تحاول اكتشاف لقطة مؤثرة من بين عشرات اللقطات لكن كيف لها بإقناع بيرس ووالدها بأنها تعمل حقاً جاهدة علمت منذ البداية .. فعملها لم يكن لهما سوى هواية صغيرة والسبب الوحيد الذي جعل والدها يوافق على عملها كان أمله أن يساعدها بالتغلب على مرارة الأحداث التي مرت بها .
منتديات ليلاس
عندما عادت إلى لندن منذ شهر مضى كانت متألمة عاطفياً ولم تستجب إلا بعدائية عندما اتصل بها بيرس لكنها بالتدريج تناست القوقعة الدفاعية التي بنتها حول نفسها .
سمعت صوت بيرس على الهاتف ينتشلها من أفكارها :
_ اسمعي وارن .. ارفعي قدميك إلى الأعلى نصف ساعة ثم اتصلي بي مجدداً إن غيرت رأيك .. سأنتظرك .
_ أوه .. بيرس سأرى كيف سأشعر فيما بعد وأشكرك على الدعوة .
وضعت السماعة من يدها وتوجهت إلى غرفة الجلوس في شقتها لم تكن غرفة كبيرة بل صغيرة مليئة بركام أغراض ثلاث فتيات يعشنا معها تنهدت روندا وهي تبدأ بترتيب الغرفة .. الشقة بعيدة كل البعد عن فخامة المنزل الذي كانت تسكنه مع والدها لكنها لم تندم على قرارها بالانفصال عنه والسكن وحدها مع أن والدها حاول ثنيها عن عزمها لكنها تعنتت في قرارها .
علمت أن ألمها قد أزعجه إلى أبعد حد يوم اقتحمت عليه غرفته في القصر تلك الليلة في كاستاريوس منذ ذلك اليوم عاشت حياتها العاطفية على مستوى متصنع ولم يتعرض مطلقاً لنوبات هيستيرية يتعرض بها الأباء أمثاله عندما تضطرب حياة أولادهم .
وسرعان ما قام بكل الترتيبات اللازمة لرحيلهما .. كانت وهي تحضر الحقائب تسير كالآلة .. تلك الفتاة الصفراء الوجه الشاحبة التي كانت تلمحها في المرآة لا علاقة لها بها .
لكن ما إن اقترح والدها عليها أن تودع ماثيو على الأقل حتى أصيبت بالجنون ولما يئس ودعه بالنيابة عنها لم تتكلم روندا البتة خلال الرحلتين من الجزيرة إلى أثينا ومنها إلى لندن بل بقيت غارقة في مقعدها تنظر عبر النافذة دون أن ترى شيئاً حين وصلا إلى المنزل ذهبت إلى النوم حيث نامت ما يقارب اليومين .
حالما تمكنت من استجماع شتات نفسها ذهبت لتقابل باتريك اينجل تسأله عما إذا كان جاداً في عرض العمل القديم ذاك بأن تكون عارضة تصوير فأمرها أن تقص شعرها وأرسلها إلى دار تجميل قامت على تدليكها وتلين جسدها إلى أن زال التوتر والتصلب منها والتصلب منه .
منذ ذلك الوقت عملت معه دائماً وقد تلقت خلال هذا الشهر عرضين من مصورين آخرين .. وقد كانت شاكرة استغراقها في العمل لأنه جعل تفكيرها منصب عليه لكنها في الليل فقط كانت تذكره وهي مضطجعة على سريرها الضيق تصغي إلى أنفاس زميلاتها في الشقة فتعود إليها ذكرياتها .
كانت تحلم بماثيو دائماً .. وقد تساءلت دائماً عن سبب طلبه الزواج منها .. لماذا لم يطلب من ماريا روموس كما تكهن بيدرو ؟ ربما اعتقد أنها ستكون زوجة مطيعة أكثر من ماريا فمن الواضح أنه لا يميل إلى تكييف حياته لتتوافق مع أي التزام عائلي إلا أنه يعتقد أنه يستحق مجداً من طرفين : زوجة شابة محبة مطواعة .. وعشيقة مفضلة لديه طلباً للتنويع بحياته .
تقدمت نحو النافذة تفكر في أن زميلتيها لينا و فيونكا ستصلان قريباً لكنهما دون شك ستخرجان بعد حين بصحبة أصدقاءهما لم يخف بيرس سعادته لاتصالها به والموافقة على الخروج وسرعان ما وصل بسيارته ليأخذها كان المطعم أكثر فخامة وذوقاً من سمعته وأحست روندا بالاسترخاء أثناء العودة إلى الشقة .
لكن أولى اضطرابات الليلة برزت عندما أوقف بيرس سيارته خارج المبنى إذ كان عادة يتبادلان تحية المساء بسرعة ثم يفترقان أما هذه الليلة أحست روندا بالقلق لأنه قرر إحياء علاقتهما الحميمة .. دس ذراعه حول كتفيها محاولاً عناقها .. فحاولت جهدها ألا تقسو عليه وذلك لتجنبه الإحراج فكان أن حررت نفسها تسأله إن كان يرغب بالصعود وتناول القهوة .
كانت قد قررت أن هذه غلطة حتى قبل أن تضع المفتاح في القفل فقد يظن بيرس أنها تود تأمين مكان مريح لمتابعة غزله لها وامنت أن تكون إحدى زميلاتها في الشقة موجودة لكن أملها قد خاب ووجدت الشقة فارغة فتنهدت وذهبت تعد القهوة .
عندما عادت بالفناجين كان بيرس ممدداً على الأريكة براحة تامة ربت على الأريكة قربه يدعوها للجلوس فجلست بتردد لكن بدا واضحاً أنه لا يهتم بالحديث ولم يمض سوى برهة قصيرة حتى حاول ضمها بين ذراعيه لكنها قاومته تتلوى لتحرر نفسها منه غير مخفية امتعاضها فقال نافذ الصبر :
_ أوه .. هيا رون لا تحاولي خداعي .. ما عدت ابنة أبيك الصغيرة .. ولا تحاولي خداعي بأن صديقك المليونير لم يعلمك شيئاً من الحياة .
فواجهته ببرود : لست أدري عم تتكلم .
_ لا تتظاهري بهذا .. رأيت الحالة التي كنت فيها عندما عدت . قالت أمي يومها أنه كما يبدوا جلياً جعلت من نفسك حمقاء أمام ذلك الرجل كما قالت لكنها كانت دهشة من أن والدك سمح بحدوث هذا .
ردت ساخرة : يا لأمك العزيزة ! ما ألطف اهتمامها بشؤوني .
هذا طبيعي كنت على وشك أن تكوني كنتها على كل أنا لا أشعر أن شيئاً تغير بالنسبة لي رون ولست مضطرة أن تخبريني ما جرى في الجزيرة .. لأنني أفضل ألا أعرف لكنني أود القول أننا سنبدأ من جديد حيث انتهينا .
_ آسفة بيرس .. هذا مستحيل .
وهبت واقفة على قدميها تتجه إلى الباب وتقول بهدوء :
_ أعتقد أن ذهابك خير من بقائك .
حدق فيها للحظات ثم هز كتفيه لكنه بينما كان يمر بقربها مد يده فجرها بين ذراعيه بقوة قاومته لكنه لم يتركها فأخذت تشهق لتتنفس وهو يبتسم وكأنه راض عن نفسه :
_ لست من حجر روندا ليتني أؤثر عليك بدلاً من الأمير .. لكن إذا كان قد تمكن من إيقاظ مشاعرك \أخيراً فأنا ممتن له .
فصاحت به من بين أسنانها : اخرج من هنا .
رفع يديه علامة استسلام ساخر وقال بهدوء :
_ فكري ملياً فأنا أحبك رغم محاولتي الابتعاد عن هذا .
فردت ببرود : لديك أكثر الطرق شواذاً في إظهار هذا الحب .
بعد أن خرج أغرقت نفسها فوق الأريكة وأجهشت بالبكاء .. فقد كانت تعتمد على بيرس ودعمه لها أكثر مما تعترف وبدا لها الأمر وكأن شقيقها المفضل انقلب ضدها ..
كانت على حالها ساكنة متعبة عندما توصلت في الصباح التالي إلى عملها .. وأثناء خروجها من غرفة الملابس بعد انتهاء التصوير نادتها موظفة الاستقبال :
_ والدك اتصل روندا .. يقول أنه مضطر إلى التأخير ويود أن تقابليه في مكتبه عوضاً عن المطعم .
شكرتها روندا .. كان والدها يصر على دعوتها على العشاء معه ثلاث مرات أسبوعياً حيث كانت تتناول معه وتقوم بدور مضيفته عندما يحتاج إليها .. والغريب أكثر من ذي قبل كما أن علاقتهما قد تحسنت كثيراً .
قررت أن تذهب إلى مكتبه سيراً على الأقدام مع أن الصيف كان قد بدأ يفسح في المجال بالخريف كي يتقدم ها أولى ورقات الخريف تتساقط في طقس ما زال يحافظ على دفئه الذي يشجع على التسكع وتضييع الوقت .
كان عليها إظهار إذن المرور الخاص بها عندما وصلت إلى المبنى الحكومي الذي يعمل به والدها وابتسم رجل الأمن ولامس قبعته تحية لها فقطعت الباحة الداخلية وصعدت إلى الطابق العلوي ثم اجتازت الممر المكسو بالسجاد فوصلت إلى المكتب الصغير المريح حيث سكرتيرة والدها .
رفعت السكرتيرة رأسها عن عملها مبتسمة :
_ مرحباً آنسة ستورم ألم تكن تلك صورتك في مجلة لك
سيدتي الأسبوع الماضي ؟
ضحكت روندا : يدهشني أنك عرفتني رغم مساحيق التجميل .
فغمزت السكرتيرة بعينيها : حسناً أستطيع القول أنني لم أفعل .. بل السير تشارلز دلني عليها في الواقع أظنه كان فخوراً بها في سره .
_ هذه أنباء جيدة لي .. أهو مشغول ؟ هل أستطيع الدخول ؟
ترددت السكرتيرة قليلاً فظنتها روندا تنظر إليها نظرة غريبة لكن لهجتها كانت طبيعية عندما قالت :
_ طبعاً آنسة ستورم لقد طلب مني إدخالك حالما تصلين ز
فتحت روندا الباب الموصل إلى مكتب والدها الخاص ودخلت كانت الستائر المعدنية مسدلة فوق النوافذ تمنع أشعة الشمس القوية .. وللحظات ظنت روندا أن الغرفة فارغة ثم شاهدت جسد الرجل الطويل يرتسم إزاء النور المنبعث من وراء ستار النافذة وعلمت حتى قبل أن يتكلم أنه ليس والدها :
_ إذن روندا لقد التقينا مجدداً .
حاولت أن ترد .. لكن الكلمات لم تخرج .. ثم استدارت وقد سدت الدموع الرؤية من بين عينيها .. تتخبط متعثرة للوصول إلى قبضة الباب لكن قبل أن تتمكن من الفرار كان قربها يده تطبق على يدها تبعدها عن الباب ثم تديرها بعنف لتواجهه صوته هادئ لكن نبرته جعلتها ترتجف :
_ لا يا عزيزتي .. لن يكون أمامك مجال للهرب بعد .
فصاحت : اتركني .
حاولت تحرير نفسها لكن قبضته على ذراعها اشتدت :
_ لا .. لن أرتكب الغلطة نفسها مرتين عزيزتي .. لن أتركك ثانية .. وإلى الأبد .
قالت ببرود وصوتها يرتجف :
_ قد تكون السيد في جزيرتك لكنك الآن في أملاك الدولة البريطانية وإذا لم تتركني سأجعلهم يرمونك خارج المبنى .
لمعت أسنانه البيضاء بابتسامة ساخرة :
_ من هذه النافذة لا شك أيتها الحمقاء .. أتظنين أن بإمكاني الدخول والاستيلاء على مكتب والدك دون إذنه ؟
_ أبي .. يعرف أنك هنا ؟
ما هذه الخيانة الكبرى ؟ والدها يعرف أنها هربت من هذا الرجل فلماذا يساعده ؟
_ بالطبع يا عزيزتي .. عندما وصلت لندن ليلة أمس قصدت منزله مباشرة على أمل أن أراك فقال لي أنك ما عدت تسكنين معه وتحدثنا واتصل بك لكنه لم يلق رداً .
وضع يده تحت ذقنها رافعاً وجهها إليه مجبراً إياها على توجيه بصرها إليه :
_ لماذا هربت مني روندا ؟ ظننتك منحتني قلبك أكانت الهدية أكثر مما أستحق ؟ هل خذلتك شجاعتك وجعلتك تهربين دون أن تقولي كلمة واحدة .
صمت لحظات دون أن يتلقى الرد فتابع :
_ لقد سألتك سؤالاً روندا .. تلك الليلة في القصر و ها قد جئت الآن لأحصل على الرد : هل تتزوجيني ؟
نظرت إلى خطوط وجهه المتعجرفة التي لاحقتها في أحلامها نائمة ومستيقظة عندها تدحرجت دمعتان كبيرتان على خديها وهي تهز رأسها ببطء بالرفض .
_ .. فهمت .
وأخرج أنفاسه بتنهيدة طويلة وأكمل :
_ هل لي أن أعرف السبب ؟ أترين يا عزيزتي ظننتك تحبينني .
كادت تقول أحبك لكنها قالت : أحببتك .
_ هل طلبت عظيم الحب حين سألتك أن تشاركيني حياتي ؟ أنت صغيرة جداً يا عزيزتي .. أليس كذلك ؟ خفت أن أدفعك .
فصاحت :
_ لم أخف من مشاركتك حياتك .. بل لم أستطع أن تشاركني حياتي .
_ أنا ؟ لكنني حذرتك من كل شيء روندا لولا المطالب التي تواجهني من الآخرين للحقت بك إلى هنا منذ أسابيع .
_ لم أقصد هذا .
_ ماذا إذن ؟
_ ماريا روموس .
أصبح صوتها منخفضاً جعله يحني رأسه بحدة ليسمع ما تقول حين نظرت إليه ثانية كان وجهه بارداً :
_ أنا لم أدع أمامك أني قديس روندا لكن هذا كله انتهى أمره أعدك بذلك .
_ ربما الآن .. لكن تلك الليلة ماثيو ليلة طلبت مني الزواج .. خرجت من غرفتي إليها .. لا تنكر .. لم أستطع تحمل هذا رأيتكما معاً عند باب غرفتك كانت تضع السوار الذي أهديته لها .. بعدها لم أستطع مواجهتك وكان علي الهرب .
ما هذا الهراء ؟ أي سوار ؟ أنا لم أهد ماريا أي سوار .
_ لكنها كانت تضعه تلك الليلة بل لم تكن تضع سواه تقريباً .
فرد برزانة : إنها تختار ملابس مثيرة أعلم ذلك لكنني واثق من أن هذا أمر معروف وأنت محقة بشأن السوار أذكره الآن لكني دهش لأنك خلتني أهديت امرأة حلية خالية من الذوق .
_ إذن من أهداها إياها ؟
فالتوت شفتيه : لم يكن من اللياقة أن أسألها .. لكنها لمحت إلي إلى أنها هدية من معجب جديد يرغب أكثر مني أن يعطيها الاهتمام الذي تظن أنها تستحقه .
_ لكن لماذا كانت في غرفتك ؟
_ سأجيب أنا عن سؤالك بسؤال آخر .. لماذا كانت على الجزيرة أساساً .ز فأنا بكل تأكيد لم أدعها .
نظرت إليه باستغراب فأطرق متجهماً :
أجل عزيزتي .. إنه ابن عمي الطائش .. قلت لك إنه يريدك لنفسه ألم أفعل ؟ ولقد أسديت له خدمة عندما سألته أن يكون مرافقك وعندما أصبحت حراً لأهتم بك حاول وضع العصا بدواليبي باتصاله بماريا في أثينا ودعوتها إلى القصر وما إن وصلت عجزت عن صدها .. ثم .. أردت أن أرى إن كنت ستغارين منها .
ابتسم لها بخفة : لكن الواقع كان مراً .. فأنا من وقع بحبك منذ أن شاهدتك وأنا من تملكتني الغيرة من بيدرو .
عادت الحرارة إلى خديها وهي تتذكر الظروف التي مرت بها فقالت متصلبة :
_ لا تذكرني بتلك الظروف .
فرفع حاجبيه ساخراً :
_ لا .. ؟ أتريدين أن أخبرك متى رأيتك للمرة الأولى ؟ يومها كنت جالسة على صخرة وحدك سعيدة تسرحين شعرك وكأنك حورية البحر .. يومذاك لم تكوني تلك الطائشة اللعوب التي توقعت أن أراها .
فصاحت |: لقد أحسست أن أحداً يراقبني يومها !
_ لكنني كنت واثقاً أنك لم تريني فيما بعد شاهدتك تسرحين شعرك ثانية قرب بركة السباحة ونظرت ‘إلي وقلبك في عينيك عندها أحسست أنك تحبينني .
فالتوى فمها قليلاً وقالت بهمس معترفة :
_ ظننت أني أعطيتك اكثر من سبب لتفهم هذا .
_ هل لأنك تجاوبت معي عندما كنت أعانقك ؟ كنت أعرف أني قادر على جعل المرأة تريدني .. لكنني لم أكن واثقاً من قدرتي على جعلك تحبينني .
جعلتها نظرته تحس بالخجل فأطرقت إلى الأرض .
لكنك لم تفسر لي بعد ماذا كانت تفعل ماريا في غرفتك ألم تدعها أنت ؟
_ ماريا لا تنتظر دعوة لقد جاءتني تلك الليلة تسعى فأوضحت لها أن كل شيء بيننا قد انتهى لم أذهب إلى غرفتها أو دعوتها إلى غرفتي بل جاءت إلي في غرفتي لتشير لي أنني سأفقدها إذا تجاهلتها أمام ذلك الرجل الآخر فأخبرتها أني طلبت منك الزواج وتمنينا لبعضنا السعادة وافترقنا .
وأصبح صوته أرق :
_ يومها قلت لك الحقيقة فلماذا جعلتنا نهدر كل هذا الوقت ؟كان كل ما عليك فعله هو أن تسأليني لأجيبك عما تريدين لكن عندما سافرت دون أن تودعيني بكلمة ظننتك قررت أن تنتقمي مني أخيراً .. لتجعلينني أعاني كما قلت مرة .. ألم نعان بما يكفي حبيبتي ؟
شرعت بالبكاء نادمة على غبائها وقلة ثقتها به لكن دموعها كانت تمتزج بشيء اسمه الراحة .. ولم يكن هناك مجال لإنكار الحنان في صوته :
_ أوه .. لا .. حبيبتي .. زمن الدموع ولى .. أسألك ثانية .. روندا أتصبحين زوجتي ؟
ردت بخجل وهو يمسح الدموع عن خديها بيده :
_ أتريدني حقاً ؟
ابتسم وللمرة الأولى جذبها بين ذراعيه يلصق جسدها الرقيق بجسده القوي ويتمتم في أذنها :
_ ألديك شك يا حبيبتي ؟ أنا على استعداد لأبرهن لك عن حبي فإن شئت الآن شرعت بذلك هذا إن استطعت إقناع السكرتيرة الطيبة بألا تقاطعنا .
فاحتجت بخجل :
_ ماثيو !
_ صدمتك يا حبيبتي ؟ لم تفسري إلى الآن سبب وجودك خارج غرفتي تلك الليلة ؟
فأطرقت برأسها :
_ أنا.. أنا .. جئت لأعطيك ردي .
_ كوني صادقة لا بالكلمات فقط ؟
_ لا .. لا ماثيو .. لا بالكلمات .
فهمس لها وهو يقبلها :
آه حبيبتي .. زوجتي !