لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-09-08, 06:05 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 63027
المشاركات: 289
الجنس أنثى
معدل التقييم: gagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 207

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
gagui غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : gagui المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

في إحدى الأمسيات بعد العشاء كانوا يستمعون إلى بعض الموسيقى العالمية الحالمة عندما رفعت نظرها ووجدت وحش الجزيرة ينظر إليها بثبات لكنه سرعان ما بدا مبتعداً من جديد ليتركها في الألم الموحش الذي سببته لها الموسيقى .
صممت بعد ذلك أن تبتعد بعد انتهاء العشاء .. لكنها عندما تعشت معهما في المرة التالية تركها ماثيو متجهاً إلى مكتبه ليدرس أوراقاً رسمية مهمة وصلته على عجل بقي يعمل عليها فلم ينضم إليهما حتى بعد أن دخلا الصالون ووضع بيدرو بعض الموسيقى وأقنعها بالرقص معه وكان تمتعها بالأمسية يكاد يكتمل لولا فكرة دخول ماثيو عليهما وهي بين ذراعي ابن عمه .. أما سبب تفكيرها في أن هذا أمر مزعج فهي لم تعرفه من قبل لكنها أدركت أخيراً أن هذا الاضطراب الذي يصيبها منه لا علاقة له بكونه سجانها أو بكونه مجرماً .
لكنها وهي تفكر في هذا كانت رعشة التحذير تجري في أحاسيسها ..
بعد الفطور في أحد الأيام كانت متمددة قرب البركة عندما وقع ظل فوقها خفف من حدة الشمس عليها .. ولم تكن بحاجة لفتح عينيها لتعلم أن ماثيو هو من يقف قربها ..
_ ماثيو ! صاح بيدرو روندا تفاخر بأنها خير مني في السباحة .. وهذا صحيح لكنه وصمة عار لشرف رجال العائلة يجب أن تلغيها وأنا أصر على أن تتحداها .
_ وما الذي يجعلك تعتقد أن الآنسة ستورم ستقبل التحدي ؟
اضطرت عندها للنظر إليه تحاول تخفيف وهج الشمس عن عينيها بيدها وقالت متعمدة إبقاء صوتها بارداً : سأقبل أي تحد تقوم به سيدي .
فرد بسخرية : وتقبلين أن المنتصر الوحيد سيكون واحداً ؟
_ أقبل ..
فصاح بيدرو نافذ الصبر : حسناً .. هل ستتسابقان ؟
فرد ابن عمه : ليس ف هذه اللحظات .. سنجري مباراتنا في وقت آخر بعد التوافق على الشروط .. وعندما لا تكون الآنسة متعبة من سباحة سابقة كي تعطي أفضل ما عندها .
رمى المنشفة التي على كتفه إلى الأرض وغطس في الماء كانت ضربات ذراعيه قوية وسريعة تشق صدر الماء بسهولة ..
فكرت : إن علم أني أجلس هنا أبدي إعجابي به لازداد السيد النبيل غروراً ووقفت بعفوية تتقدم من بيدرو المستلقي ووجهه إلى الكرسي الطويل حيث قربه زجاجة زيت الشمس فتحتها وبدأت تضع الزيت على ظهره وكتفيه فارتجف للمستها ثم استكان كالقط وتمتم ناعساً:
_ لك أصابع شبيهة بجناح فراشة يا عزيزتي .
_ يسرني استحسانك ذلك .
_ أوه .. لكن هل سيستحسنه ابن عمي ؟

_ وما علاقته بذلك ؟
_ ربما لا شيء .. ربما كل شيء لكنني كلما رأيتكما معاً أحس بشيء ما بذبذبات في الجو .
_ تتراءى لك الخيالات .
فضحك بصوت خفيف : أرجو ذلك يا عزيزتي وأعدك أن تجدي مني أعظم استحسان لئن ماثيو لاقى نصيباً وافراً وعادلاً من الدنيا بما فيه الفتيات الجميلات .
لاحظت بطرف عينيها أن ماثيو كان يدفع نفسه خارج البركة ..فغيرت موضوع الكلام فوراً تسأل بيدرو إذا كان هناك أية تسهيلات للتزلج على الماء في الجزيرة فالتفت يسأل ابن عمه :
_ ماذا حدث للمركب السريع الذي كان هنا السنة الماضية حين كانت ماريا روموس هنا ؟
فبدت الدهشة على ماثيو : أظنه في غرفة المراكب مع بقية العدة لماذا تسأل ؟
_ روندا ترغب بالتزلج .
فسارعت روندا تقول : أوه الأمر ليس مهماً كنت أفكر أن بعض الخلجان حول الجزيرة هي مثالية للتزلج لكنني لا أود إزعاج أحد أو خلق صعاب إن كان كل شيء مخزوناً .
فقال بيدرو بمرح : أوه لا إزعاج أبداً .. فلدى ماثيو رجال ينتظرون تنفيذ ما يأمرهم به ثم إن المركب يجب أن يعد للاستخدام قبل زيارة ماريا القادمة هل ستدعوها هذا الصيف ماثيو ؟
نظر ماثيو إلى ابن عمه الشاب طويلاً قبل أن يقول : ربما .
ثم بدأ يجفف نفسه بمنشفته وقال : ألن أحصل على زيت شمس أيضاً آنستي ؟ أم أن هذا خاص بي بيدرو ؟
فردت بقسوة وتوتر : لا يعني حجزك إياي في جناح الحريم أنه يتوجب علي التصرف كعبدة لك سيدي .
أجفلها الغضب المستعر فجأة في عينيه لكن بيدرو سارع إلى المقاطعة :
_ ماذا تحبين أن تفعلي غداً روندا ؟ بأخذ بعض الطعام ونستكشف القلاع القديمة ؟ لم تشاهدي الكثير من الجزيرة بعد لكنني أحذرك قد نخيب أملك بعض القلاع ليست سوى أكوام من الحجارة لكن هناك بعض من المدافع الصدئة الباقية ؟
قبلت روندا بحماس لكنها لاحظت أن ماثيو لم يعترض على مغادرتها أراضي القصر للمرة الأولى .. لا بد أنه واثق جداً من ترتيباته الأمنية .
نظر بيدرو إلى ساعته : سيحين وقت تغيير الثياب للعشاء هل ستنضم إلينا روندا الليلة ماثيو ؟
فرد ماثيو ببرود : إذا أرادت لكن ربما تفضل البقاء في الحريم .
التفتت إليه روندا بارتباك : أنا .. آسفة على ما قلته سيدي وسأكون سعيداً بمشاركتك العشاء .
_ رائع … سيحضرك توماس إلى الصالون لتناول العصير كالعادة قبل العشاء إذاً وقف ملتقطاً منشفته .. وابتعد فلحقت به روندا بعد تردد فوصلت إليه عند الباب الحديدي الموصل من القصر إلى البركة .
_ سيدي .. أرجوك .. هل لك إن سمحت .. أن تترك باب غرفتي مفتوحاً ؟ فأنا أكره السجن .. وأخاف الأماكن المقفلة .
_ وما هي الضمانات ؟ فقد تفعلين أمراً غبياً لو وافقت على طلبك ؟
_أنا .. أعدك .. لن أحاول الهرب .. إذا كان هذا ما تعني .
_ لن تهربي ؟ حسناً .. يجب أن أصدق وعدك وعد الشرف آنستي هذا ما أعتمد عليه ؟
فتنهدت : أجل .. أجل أعدك وعد شرف .
_ عظيم .. أظنك حكيمة في قرارك .
مد يده يرفع ذقنها فالتقت نظراتهما أبقاها للحظات هكذا إبهام يده يلامس بخفة خدها نعم هي لمسة خفيفة إلا أنها أيقظت النبضات في جسدها النحيل كله .. لكنه سرعان ما أنزل يده وقال ببرود :
_ والآن اعذريني .. سأراك وقت العشاء .
وجدت نفسها بعد رحيله تتساءل كيف سيكون إحساسها لو أنها المرأة الوحيدة في حياته .. هل اهتم من قبل بامرأة حقاً ؟ هذه .. ماريا روموس مثلاً ؟ وابتسمت لنفسها سيكون الأمر أسهل لها لو كانت ترغب في بيدرو .. الفتاة التي تحدت الجميع لتأتي إلى هنا كان يمكن أن تلتقي بيدرو سبيراس تعبث قليلاً معه .. ثم تغادر الجزيرة دون أحزان أو ألم .. لكن تلك الفتاة لم تعد موجودة .. وهي الآن تعرف ما تريد فبدل أن تكون ضحية عواطف مشتتة قد تمزقها .. تريد أن تكون ضحية ماثيو .. وحش الجزيرة .
عندما عادت إلى غرفتها أحست بالراحة وتضاعفت راحتها عندما تمكنت من إغلاق بابها دون أن تسمع المفتاح يدور في القفل استلقت طويلاً في ماء دافئ معطر تريح جسدها وأعصابها قبل أن ترتدي أفضل ما لديها من ثياب وهو قفطان أبيض طويل ذو ياقة مثلثة واسعة وكمين مطرزين بخيوط الذهب كانت تضع العطر وراء أذنيها حين تناهى إليها صوت قريب جداً كان يصفر إنه ليس توماس فهو لا يفعل شيئاً غير رزين مثل هذا كما ‘ن الصوت آت من الخارج .
استسلمت لفضولها فاتجهت إلى النافذة كانت الشمس تغرب البحر يلمع ذهبياً و زهرياً تحت سماء قرمزية كانت دائماً مشغولة الفكر بسجنها وراء القضبان لتنظر عبرها إلى الأراضي المحيطة بالقصر .. لكنها الآن لاحظت أن غرفتها تطل على ممشى مرصوف بالحصى طويل على جانبيه أشجار السرو الباسقة لم يبدو لها هذا الممشى مألوفاً وتساءلت عما إذا كان جزءاً من الأراضي التي استكشفتها مع بيدرو .
كان هناك رجل بسبر هناك يده خلف ظهره ولم تعد لديها حاجة لمعرفة مكان انبعاث الصوت الخفي لكن لا يظهر أنه أحد الخدم أو الحرس .. أهو ضيف آخر ؟
بدأت تصفر له تضم صفيرها لتناغم مع نغمته فأجفل هو ورفع رأسه لكن وجهه لم يكن واضحاً بسبب أشعة الشمس الغاربة …
_ لا بأس عليك يا سيد .. فأنا مقيمة هنا .. ربما نلتقي على العشاء ..
صمتت مذهولة حين التفت الرجل وولى هارباً في الممشى من حيث أتى .. فابتعدت عن النافذة ضاحكة :
_ أيظنني شبحاً لا عجب إذن من هروبه !
كانت ما تزال مبتسمة عندما دق توماس الباب : الآنسة سعيدة الليلة هل تمتعت بيومك؟
_ كثيراً .. لكن توماس لقد مر بي أمر غريب .
وسرعان ما أخبرته ما حدث .. لكنه لم يشاركها مرحها بل حدق بها بفزع واضح :
_ عذراً آنستي .. يجب أن أتحدث إلى السيد انتظري عودتي لو سمحت .
ماذا حدث له ؟ لم تقل شيئاً يسبب ردة الفعل هذه صحيح أنها أفزعت الغريب لكنها لم تفعل شيئاً لهذا الضيف المكرم ربما عند ماثيو .
أيكون لهذا الرجل القصير الغريب الملابس علاقة بسر القصر لا .. مستحيل ! إنه يبدو رجلاً عادياً لن يتورط في عمل إجرامي .. أو في عمل شرير .
تأخر توماس بالعودة إليها حتى ظنته نسيها .. وحين جاء كان رسمياً ورافقها إلى الصالون دون أن ينبث بكلمة .
بيدرو كان ينتظرها بلباس سهرة لكنه كان قلقاً وحين ناولها كأس شراب قالت :
شكراً لك بيدرو .. ماذا حدث ؟ لقد شاهدت رجلاً في الحديقة و …
فضحك ضحكة متوترة وقاطعها :
_ أوه .. لقد قال لنا توماس إنك أفزعت بستانياً حتى الموت .. فالمسكين لم يكن يعلم أن غرفتك مسكونة .. بالمناسبة أرجو أن تعذري ماثيو الليلة فقد تلقى رسالة عبر الراديو لتوه ولديه عمل يشغله وقت العشاء .
فابتسمت روندا له : أفهم هذا تماماً .
إذاً ما فكرت به هو صحيح . لقد شاهدت شيئاً ما كان يجب أن تشاهده وهذا ما سبب بعض الذعر والفوضى ربما تمكنت أخيراً من تسجيل انتصار طفيف في هذه اللعبة لعبة القط والفأر التي تلعبها مع سيد القصر.
وابتسمت مجدداً تدس يدها في ذراع بيدرو : ألن نتعشى ؟ أحس فجأة بشهية كبيرة .
بعد انتهاء العشاء الذي غاب عنه إشراف توماس وافقت روندا على اقتراح بيدرو أن يتناولا قهوتهما على الشرفة التي كان فيها الهواء دافئاً وساكناً ومثقلاً بأريج الأزهار فتقدمت روندا حتى بداية السلم الحجري العريض الذي يقود إلى الحديقة ووقفت تتأمل العتمة المعطرة ثم قالت وكأنها تحلم :
_ أمسية رائعة للنزهة .
_ إذن … فلنتنزه .
وانطلقا ينزلان السلم نحو الممر العريض المفروش بالحصى أثناء سيرهما أخبرها بيدرو أن هذه الحدائق أسسها الأمير سبيراس الذي عاش هنا في القرن السابع عشر لأنه كان يتوق لإعادة تكوين جمال الحدائق التي يألفها على الأرض الأم :
_ لكن رغم مظهرها الرسمي فيها سحر أثري ألا توافقين على ذلك ؟ كان هناك جداراً قديم أزاله من هنا بعد أن أدرك أن البحر يشكل أفضل حاجز للغزاة .
_ وكيف نصل إلى الجرف الصخري ؟
_ نستمر بالسير .. فلا مكان بعيد عن البحر .
وأشار إلى مكان تلتقي فيه شجيرات مرتفعة فوق بعضها وكأنها قناطر عندما وصلا إليها حبست روندا أنفاسها ببهجة صافية فقد كانا يقفان في مكان ضيق من الأرض يحيط بهما البحر المتحرك على الدوام .. وفي البعيد بدا جسم أسود وكأنه يسد الأفق .
_ إنها جزيرة كريت .
فكرت لوقت قصير ببيرس وتساءلت عما إذا كان قد جاء على متن سيغال لمشاهدتها أم أنهم عادوا من حيث أتوا
وبدت لها تلك الرحلة وكأنها وقعت في زمن وعالم آخر فارتجفت ليقول لها بيدرو في الحال :
_ تحسين بالبرد سأحضر لك دثاراً .
_ وهل ستتركني هنا وحدي ؟
لاحظت الحرج المفاجئ الذي ظهر عليه لكنه ابتسم بسرعة :
أثق بك كثيراً يا عزيزتي ثم إلى أين يمكن أن تذهبي ملابسك ليست مناسبة للنزول عن الجرف الصخري كما أنني أتركك مع حارس آخر .
وأشار إلى طرف الصخور .. فبدا أنه يشير إلى صخرة كبيرة مركزة تقريباً عند نهاية الرأس الأرضي وضحك ثانية من نظرتها الحائرة قبل أن يختفي بين الأشجار نحو القصر .
خلعت صندلها باندفاع متهور فتحسست العشب النامي تحت قدميها ثم تقدمت نحو الصخرة المنعزلة يدفعها فضول غريب بينما كانت تقترب كانت الصخرة تتخذ شكلاً محدداً هذه الصخرة منحوتة تمثل شكل حيوان جاثم .
إنه دون شك تمثال نمر يواجه البحر كانت المنحوتة قديمة الصخر الذي نحتت منه متشققاً بفعل ما مر عليه من الأزمنة و مناخات يملأه البرص الصخري في كل زاوية مخبئة لكن رغم جور الزمن عليه ما استطاع شيء أن يغير معالم القوة والبأس والتحدي التي ما تزال تنبعث من الوحش الحجري الضخم .
_ عرفت إذن بأن وحش كاستاريوس موجود على أي حال آنستي .
كان قد تقدم منها بصمت فوق العشب فبدت صورته معتمة في جو يتجمع الظلام فيه رويداً رويداً ردة فعلها الأولى كانت اصطدامها بقوة بالصخر نفسه فسمعته يتمتم بخشونة :
_ يا إلهي !
سارع يجذبها إليه يزيح كم القفطان ليتفحص الذراع التي اصطدمت بالصخر .
_ آذيت نفسك ؟
حاولت دون نجاح جذب يدها من يده .. فلمسة أصابعه على بشرتها أعادت إليها العديد من الذكريات التي تبعث على الاضطراب .
_ أنا بخير … لكنك أجفلتني .
_ يجب أن تسامحيني !
لكي تخفي اضطرابها لجأت إلى لسانها السليط :
_ سأضيف هذا إلى اللائحة .
_ لائحة الأخطاء التي ارتكبتها معك ؟
لمعت أسنانه للحظة بابتسامة : لكن ما هي أخطائي بالمقارنة مع ما تمتعت به منذ مجيئك إلى الجزيرة ؟ _ تمتعت به ! أعلم الآن حقاً أنك مجنون ! كنت تتحدث عن تمتعي وأنت الآن تراقبني كأنني مجرمة وتقفل علي الباب حتى كدت أجن من الخوف .. أنت …
وصمتت بعد أن أحست بقساوة باردة في عينيه وسألها : وماذا كنت تقولين آنستي ؟
_ تعرف ما أعنيه .
فابتسم متجهماً : أعرف ؟ أتودين أن أعترف بجرائمي ؟ حسن جداً لقد حبستك في غرفتك .. حرصاً على سلامتك فقد كان أمامي مثال واضح عن فضولك القاتل .. أتذكرين هذا كذلك كان لدي سبب وجيه يحول وبين الوثوق بك .. لكنك ترين الآن أنك ما عدت سجينة .
_ وقضبان الحديد فوق النوافذ ؟ هل ستزيلها كذلك ؟
_ أوه .. أجل .. نافذة الحريم التي أغضبتك دوماً تلك للأسف يجب أن تبقى لكن أعدك لا لإخفاء أمر ما عن السيدة المقيمة في الغرفة بل لأن حجارة الشرفة في الخارج غير آمنة والشبكة الحديدية تجعل من يأوي إلى الغرفة آمن من الخطر إذا خرج إليها أنا أحرص على سلامة الجميع بما فيهم أنت آنستي .
احمر وجهها من جراء كلامه اللاذع لكنه تجاهلها وأردف :
_ أما بالنسبة لبقية جرائمي .. لقد راقبتك أو قد تقولين عوضاً عن هذا أنني زودتك بمرافق يراقب نفسك لأتأكد أنك لن تضجري وأنت في ضيافتي أما بالنسبة لخوفك آنسة ستورم فلا أرى أثراً لذلك الخوف وأجد أن شجاعتك لم تتأثر بادعائك العذاب بين يدي وأنصحك أن تنظري طويلاً إلى مرآتك قبل إنكار تمتعك بوجدك في جزيرتي فالفتاة التي قدمت إلى كاستاريوس دون دعوة كانت قلقة متوترة .. هذا ما ظهر في عينيها وفي إجابتها وفي ردات فعلها .. لقد عاشت كالفراشة وضجر هذه الحياة أوقعها في فخ .
صمت قليلاً .. ثم أكمل بصوت خفيض :
_ تلك الفتاة ولت يا روندا .. وحلت مكانها فتاة مختلفة .. فتاة قد تخاف وتغضب لكنها تحس وتشعر .. فتاة تعلمت أن المجهول يضيف إلى الحياة النكهة التي لم تكن في حياتها من قبل .
ردت بصوت مرتجف : لا أظن أن لك الحق في قول هذا كنت سعيدة تماماً … مع بيرس .
_ وكنت سعيدة أكثر من دونه وهذا بكل تأكيد ما لا أرغب في أن تشعر به الفتاة التي أريدها لي يا عزيزتي .
فردت بقساوة : بالطبع لا .. فأنت ترغب أن تكون لك جسداً وروحاً دون أن يكون لها يوماً شخصية منفصلة أو حياة مستقلة .
_ الكلام عن انفصال الشخصيات أمر مناف للقوانين الطبيعية وفي ما تصفينه لا دفء ولا كرم فلماذا ترضين بشرب الماء والحليب وأمامك فاكهة الأرض كلها ؟
أصبح جسده ملتصقاً بها بقوة وكأنه الصخرة التي استندت إليها لكنه التصق بها بحرارة تخترق عظامها وارتفعت يداها لتستريحان على صدره .. وامتلأت السماء المخملية فجأة بالنجوم المتلألئة التي تأرجحت بأقواس دوارة أمام عينيها قبل أن تغمضهما وتستسلم للإحساس السعيد الغامر بين ذراعيه .
أخيراً أبعدها عنه وهو يمرر أصابع يديه في شعرها الذي تشعث ليرجع رأسها إلى الوراء :
_ هذا كله من تأثير الليل وسحر البحر يا عزيزتي .. إنه يتلاعب برأس الإنسان كما تتلاعبين أنت برأسي .. ويجب الآن أن أعيدك للقصر قبل أن تضيفي تهمة إغوائك إلى لائحة ما ارتكبت بحقك .
حدقت روندا في وجهه الذي لا يبعد أكثر من سنتيمترات عن وجهها .. فكرة واحدة كانت تبرز من خلال مشاعرها التي تتملكها .. ماثيوس سبيراتوس يرغب بها بقدر ما ترغب قيه ولكنه مع ذلك استطاع إيقاف نفسه عند حدها والتراجع بعدما حدث بينهما لقد رفض لتوه عرضها الذي لم تتفوه به .. كان ذلها أكبر لو توسلت إليه بصوت مرتفع طالبة حبه .
كبحت بجهد فائق عبرة كانت ترتفع في حلقها وتراجعت إلى الوراء مبتعدة عنه وأبقت صوتها خفيفاً ساخراً :
_ أوه .. هيا سيدي .ز عناق في ضوء القمر شيء عابر أنت بكل تأكيد جذاب .. لكن لا يمكنك أن تتصور أنني قد أسمح للأمور بالمضي إلى أبعد من هذا .
وأجبرت نفسها على الضحك وكان الظلام أقوى من أن يسمح لها بقراءة تعبيرات وجهه لكن الازدراء كان واضحاً في صوته عندما قال لها :
_ القصاصات في تقريري عنك لم تكن مكتملة آنستي .. فهي تشير إلى أنك كنت صغيرة وطائشة .. لكنها لم تعطني الانطباع بأنك عابثة كذلك .. وهذا دور خطر يا عزيزتي فحذار في المستقبل لدى اختيارك شريك اللعبة السقيمة هذه سأرافقك الآن إلى القصر .
_ انتظر لحظة .. صندلي .. لقد أضعته .
وقف ينتظر وهو يتمتم بنفاذ صبر واضح .. أخيراً وجدته وقفت بارتباك تحاول انتعاله دون أن تفقد توازنها ثم قالت ببرود : أمسك ذراعي .. لا .. لا بأس شكراً لك لقد تمكنت من انتعاله .
_ لا تتوتري هكذا لن أفرض عليك شيئاً .. فبغض النظر عن مواقفك المزدوجة الوجه إن ابن عمي سيعود في أي لحظة وهذا ما قد يكون محرجاً لنا معاً .
لحقت روندا به بائسة تتعثر قليلاً فوق العشب النائي .. رائحة الآس المسحوق تحت الأقدام كان يملأ الجو .. .. وعلمت أنها وحتى الأبد ستربط حلاوة هذه الرائحة المرة .. بتعاستها .

 
 

 

عرض البوم صور gagui   رد مع اقتباس
قديم 12-09-08, 06:07 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 63027
المشاركات: 289
الجنس أنثى
معدل التقييم: gagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 207

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
gagui غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : gagui المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

5 _ تحلم بالقمر

كانت ليلة حارة جعلتها تنضح عرقاً فشعرت روندا وهي تنقلب دون راحة فوق فراشها أن غطاء بسيطاً مثل قماش الشرشف الرقيق لا يطاق .
جاء صباح مشرق آخر ليس في سماءه شائبة ولا نسمة عليلة تنبأ بيدرو بعاصفة قد تنتج عن هذا الطقس المزعج الخانق ووافقت روندا معه على أن طقس كئيب وطأته ثقيلة وقال بيدرو وهو يصب لنفسه فنجان قهوة آخر عند الصباح :
_ لا أظن أن العاصفة قد تحدث قبل أن ننهي رحلتنا بين الأطلال هذا إذا كنت ما زلت ترغبين في هذا .. ليت ماثيو يأمر بتمديد تكييف مركزي .. كانت غرفتي كالفرن ليلة أمس .
فابتسمت :
أعتقد أن التكييف أمر متطور حديث بالنسبة إلى جزيرة كهذه .
فهز كتفيه : للجزيرة .. ربما لكن ليس بالنسبة له .. إنه يحب كل شيء حديث .. يجب أن تشاهدي المطابخ .. لقد حدثها والده لكنه حسنها حسب طلبه .. تبدو الآن كغرفة قيادة سفينة فضائية لقد جاء بكل أفكاره من أميركا حيث يقضي معظم وقته في الواقع كاستاريوس هي صلته الوحيدة مع عالمه القديم فهو يؤمن بالدولية وكيف مؤسسته المالية على هذا الأساس .
منتديات ليلاس
_ ألهذا يعتبر نفسه فوق القانون ؟
_ أوه روندا ! ألا ترين أبداً أن هناك قوانين يجب أن تكسر ؟
_ هذا ليس رداً لو أن كل شخص تصرف كما يحلو له لعمت الفوضى يقاد رجال ونساء كثيرون إلى السجن يومياً لارتكابهم أموراً كالتي يرتكبها ابن عمك الآن .. ألا تظنه يستحق السجن كأي مخالف للقانون ؟
ظهر الحرج على بيدرو وهو ينظر إلى ما خلفها وهو ينظر إلى ما خلفها ثم إليها فعلمت أنهما لم يعودا وحدهما .
_ ومن يستحق السجن ؟
وجلس ماثيو على كرسي قريب ليصب لنفسه القهوة فقال بيدرو ضاحكاً :
روندا تقول أنك تستحق السجن لأنك فوضوي .
زاد إحساس روندا بالخزي عندما ظهرت دلائل المرح نفسها في عيني ماثيو سبيراس فقالت وهي تقف :
سأصعد إلى غرفتي إلى أن يحين موعد نزهتنا بيدرو.. متى سننطلق ؟
_ سأحضر السيارة عند الحادية عشر .
في منصف الطريق إلى غرفتها تذكرت أنها نسيت نظارتها ومع على يقين من أن توماس سيحضرها لها فقد قررت العودة لأخذها كانت على وشك الخروج عندما سمعت صوت بيدرو فارتدت إلى الوراء مختبئة :
_ أنت واثق أنها لا تعرف شيئاً ؟
وماذا يمكن أن تعرف ؟ لقد أمضت عشرة أيام مع رفاقها في مركبهم قبل أن تصل إلى كاستاريوس وهم لذلك لم يسمعوا أخباراً ولم يقرءوا الصحف فلا تقلق كثيراً .
سمعت روندا بيدرو يتمتم أن في الأمر مخاطرة وقال ماثيو :
_ صحيح ولكن لا تنسى أننا مجرد وسطاء في هذا كله إن الفتاة هي مسئوليتي ولقد قبلوا بها على هذا الأساس .
سارعت روندا بالانسحاب بسرعة .. كانت في حالة كاملة من التشوش .
ماذا تفعل بالضبط عائلة سبيراتوس النبيلة وفيما هي متورطة وما دخل الإذاعات والصحف بالأمر ؟ في هدوء غرفتها رمت نفسها على السرير تفكر.. ماثيو مخطئ فهي قد شاهدت صحيفة أحضرها بيرس يوم كانوا في ماسيرنو .. قطبت محاولة تذكر العناوين الرئيسية مع أنها لا تذكر أن لها صلة بما يحدث بالقصر .. ماذا كان فيها مؤتمر .. سطو على المصرف …
جلست روندا ببطء .. سطو على مصرف .. وكررت ذلك لنفسها .. أيمكن هذا ؟ تذكرت فنجان القهوة الذي تحطم بيد توماس ووجهه المذعور عندما مازحته بشأن ملايين مصارف مؤسسة ماثيو الذي قال لتوه أنهم مجرد وسطاء .. أيعني هذا أن جهة أخرى قامت بالسطو وهو يخفيهم الآن في الجزيرة إلى أن تخبوا الضجة ؟
أدارت نظرها دون إرادة منها لتنظر للوحة وحش كاستاريوس الأول .. كله كبرياء وشموخ ورجولة ربما تكون أخلاقه عرق أثري لا يظهر نفسه إلا مرة بعد عدة أجيال كما الحال في لون شعره وبشرته العسليتين الذهبيتين .
وتنهدت بمرارة .. إنها هي من تريد أن تسيء الظن في ماثيوس سبيراتوس .. لكن من الغريب أن معرفتها هذه لم تشعرها بالانتصار بل بخيبة أمل تبعث القشعريرة .
أكانت هذه العصابة لا تعرف بوجودها كما لا تعرف هي بوجود العصابة ؟ هذا يفسر سبب تهريبها خلسة مغطاة إلى داخل القصر تحت سترة قائد الحرس ولماذا بالتالي أجبرت على البقاء هنا رغماً عنها لابد أن السبب للتأكد من عدم هروبها وإطلاقها للإنذار قبل اختفاء أفراد العصابة . وتساءلت ماذا كان سيحصل لها لولا منحه إياها حمايته .. وارتعدت .
أحست بالبرد والغثيان لأنها شعرت بأنها لن تستطيع رؤية ماثيو ثانية لمعرفتها بما فعل .. مهما كان وغداً فقد علمها في لحظات معنى أن تكون امرأة وغير نفسيتها على هذا الأساس لكن من دونه ماذا سيبقى لها ؟ وأحست بالخوف من المياه العميقة التي أغرقها فيها انجذابها نحوه .
شهقت دون وعي ثم عادت تسترد شتات نفسها .. وقوعها في حب ماثيوس سبيراتوس إطلاق خطر لعواطفها التي لن تطيقها إن أكثر ما يجب أن تأمل به هو على علاقة عابرة معه سيكون بعدها شاكراً لها عدم إلقاء عبء مطالبها العاطفية عليه .. لكن في المقابل أتستطيع هي أن ترضى بأنها ليست بالنسبة له سوى لعبة رغب فيها .
كانت مثقلة العينين خائرة الهمة عندما نزلت للقاء بيدرو .. الذي سارع إلى إبداء القلق واقترح عليها تأجيل رحلتهما إلى يوم آخر لكنها رفضت وجلست قربه في السيارة السبور المنخفضة فمد إليها النظارة :
_ هذه لك .. أليس كذلك يا عزيزتي ؟
ما إن وصلا إلى بوابة القصر الحديدية حتى انفتحت أتوماتيكياً بفعل ساحر فأشار بيدرو إلى ما حولهما :
إنها إحدى ألعاب ماثيو الأمريكية المتعددة .
فهزت رأسها مبتسمة .. بل إنها إحدى قاعات المحكمة ! بعيداً عن جدران القصر المرتفعة كانت روندا تحس بالحرية .. ورغم قيظ النهار كان الهواء منعشاً ومعطر بعطر غير عادي لم يتكلم بيدرو كثيراً أثناء القيادة فقد تركها تتمتع بالمناظر وراح يجتاز الطريق الضيقة التي تمر بين صخور مرتفعة تقطعها أحياناً أشجار الصنوبر والآس الممتدة على الجانبين .
كانا يمران أحياناً بقباب صغيرة لبيوت مبنية حيث لا صخور حولها وحيث التربة فيها زراعية وكان بيدرو يخفف سرعة السيارة ليطلق التنبيه لمجموعة من الأولاد المستغرقين وسط الطريق بلعبهم وكانت النسوة المتشحات بالسواد يقفن عند أبواب منازلهم يبتسمن لمن في السيارة .
_ إننا ننعم بمجد ماثيو أتفهمين هذا إنهن يكرمن صاحب السيارة لا من فيها .
ورفع بيدرو يده يرد على تحية النسوة .
لكن روندا بقيت صامتة بتعاسة تساءلت ماذا يحصل لشعب هذه الجزيرة الصغير الذين يعتمدون على عائلة سبيراتوس في معيشتهم لو أن ماثيو اعتقل : هل سيتحمل أحد عبء المضي في الصناعات التي أسسها لهم ؟ وماذا عن القصر أيبقى دون سيد وماذا عن العمل الذي يوفره في داخله وحدائقه لأهل البلدة ؟ بؤسها العاطفي بدا لها أنانياً لا لزوم له في ضوء ما قد يجلبه لهم سقوط عائلة سبيراتوس .. ناهيك عن ردة الفعل في الأسواق المالية العالمية .. وسمعت بيدرو يتكلم فعادت إلى واقعها :
في يوم آخر سنذهب لرؤية الشلال .. لأجل هذا يجب أن نسلك الطريق الآخر نحو الداخل ونتسلق المضيق بين الجبلين .. الشلال يقع في أعلى نقطة في الجزيرة .
كانت المجموعة الأولى من القلاع التي وصلاها مخيبة للأمل لأنها كما قال لها بيدرو ليست سوى كومة من الحجارة الرمادية .
نصف الحجارة مفقود .. لأن أهل الجزيرة يستخدمونها لإصلاح بيوتهم .
_ الشيء نفسه يحدث في كل مكان عندما يتهدم بفعل الزمن .
فضحك : العض منها استخدم قذائف فحين كانت حمم المدافع تنفد من المدافعين كانوا يستخدمون الحجارة لرميها على الغزاة وردهم إلى البحر .
_ أكانوا يربحون الحرب دائماً ؟
_ ليس دائماً فالجزيرة احتلها القراصنة البرابرة أكثر من مرة وبعض من أسلاف العائلة أخذ رهينة لقاء فدية هذا بالنسبة للرجال أما النساء فكن يلقين مصيراً مذلاً سيدة القصر لم تكن تعامل بأحسن من الفلاحات في إحدى الغزوات أسرت للأمير رافاييل سبيراس ثلاث بنات ما عرف عنهن شيئاً .
فقالت ببرود لاذع :
أظن أن قليلاً من الدم البربري ما يزال يعيش حتى يومنا هذا .
فرمى بيدرو رأسه إلى الوراء ضاحكاً :
_ لا تخافي سيسمع العالم عنك ثانية أما مصيرك فسيكون بالسوء الذي تختارينه أنت ثم لماذا تجبر امرأة على كل شيء بينما إغواؤها سيكون أكثر فائدة لك ؟
_ على فكرة .. لم تفسر لي ما سبب وجود تمثال النمر عند الرأس الأرضي في حديقة القصر .
_ ومتى سنحت لي الفرصة ؟ فحين وجدت لك الوشاح وعدت كنت في منتصف الطريق إلى المنزل مع ماثيو … لماذا لم تسأليه أن يقص عليك تاريخه ؟
فردت بارتباك : تحدثنا عن أشياء أخرى .
ليتها لم تثر الموضوع لكنه هز كتفيه قائلاً :
المنحوتة صنعها نحات محلي بعد استقرار أول أمير لعائلة سبيراتوس في كاستاريوس وكان هو أول من نظم أهل الجزيرة في دفاعهم عنها قبل بناء القلاع .. وكان التمثال تكريماً لانتصاره الأول ضد بعض الأعداء .. أو هكذا تقول الأسطورة فيما بعد وصلتنا أساطير أخرى .
وضحك .. فسألته بلهفة : مثل ماذا ؟
_ أوه .. إنها أساطير رومانسية جداً عزيزتي أهل الجزيرة كانوا مضطرين لطلب الأذن من السيد للزواج وعندما تتزوج الفتاة كانت تعلق إكليل عرسها على براثن التمثال عرفاناً بجميل نمر الجزيرة نفسه .
_ أظن هذا أمراً ساحراً .
_ لكن العادة هذه فسدت فيما بعد عندما عرف أن بعض كن يعلقن أكاليل من الزهور كي يجذبن السيد إليهن .. وتدريجياً أصبح من المعروف أن أي فتاة تعلق إكليل الزهر على التمثال تكون في الواقع تعني أنا لك إذا أردتني وسرعان ما أخذ الأهل يراقبون بناتهن لئلا يقتربن من التمثال .
فابتسمت : أظن أن هذا أصل القول الذي سمعته فتاة مناسبة للنمر .
فضحك : بكل تأكيد يا عزيزتي .
الحصن التالي كان في وضع أفضل بكثير فما يزال يحتفظ ببناءه .
أوقف بيدرو السيارة على جانب الطريق ثم سارا عبر العشب المرتفع ورائحة اللافاندر والورد البري و زنابق العسل تفوح في كل مكان وفراشات حمراء كبيرة كانت تحوم وكأنها براعم أزهار تتحرك في ريح غير ظاهرة .
أراها بيدرو المكان الذي كان يطلق منه المدافعون النار على الغزاة وقال :
_ في وقت من الأوقات كانت تحتل كل رأس بارز من الأرض في هذا الجانب من الجزيرة حامية عسكرية والقصر نفسه كان قلعة محصنة .. وكان العسكر عندما تهدأ الأمور يجلسون هنا كما سنفعل لتناول الطعام ولعب الشطرنج أو الورق أو ..
ومال برأسه نحوها وهي تمد البساط ليجلسا عليه : أو ليغازلون حبيباتهم .
ابتعدت روندا مجفلة وقالت ساخرة :
_ لا أظن هذا .. فكل النساء في القرون الوسطى كن يختبئن من الغزوات كما يختبئن اليوم من الغارات الجوية .
فتنهد : أنت لست رومانسية يا عزيزتي .
ربما لأنني لا أحب أن أجبر على الحب بناء لأمر .
فقال مجفلاً : لا يمكنك التفكير هكذا !
_ لا يمكنني القول ؟ أنا أعرف أنني لا أجلس في الشمس آكل الدجاج وأشرب الشراب إلا لأن ابن عمك قرر إنها الطريقة الفضلى لإبعادي عن القصر بضع ساعات وذلك لسبب خاص به ؟ ما هو يا ترى ؟ زائر خفي آخر يصل على طائرة هيلوكبتر خفية أخرى ؟

 
 

 

عرض البوم صور gagui   رد مع اقتباس
قديم 12-09-08, 06:10 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 63027
المشاركات: 289
الجنس أنثى
معدل التقييم: gagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 207

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
gagui غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : gagui المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

فانفجر ضاحكاً مرحى لك روندا ! أنت فتاة رائعة .. لا عجب أن تشغلي بال ماثيو وهو غارق في العمل أنت محقة بالطبع .. فأنا كلفت بإبعادك عن القصر لفترة لكنني أؤكد لك أن لا أوامر لدي بمغازلتك .. فهذا كان من بنات أفكاري الخاصة .
فقالت بسرعة : هذه ليست أفكاراً جيدة بيدرو .
_ ولماذا ؟ الشمس دافئة والهواء العليل ونحن وحدنا فحبيبك الإنكليزي على بعد مئات الأميال عنك ما لا يعرفه لن يأسف عليه
كادت تقول إن ما يفكر به بيرس هو آخر ما تفكر فيه لكنها آثرت أن يعتقد بيدرو أنها ما زالت على ولائها لبيرس بدلاً من أن يفتش عن الدافع الحقيقي ويكتشف الحقيقة المؤسفة وتمنت من كل قلبها لو أن غزل بيدرو يعني لها شيئاً أو أنه يخرجها من إحساسها المستوحش الطاغي على عاطفتها .. إنه شاب جذاب سيصبح حبيباً رائعاً لأية فتاة .. لكن للأسف لن يلقى الاستجابة الذي يسعى إليها منها .
_ ما الأمر روندا ؟ أنت لست باردة العاطفة شفتاك وعيناك تقول العكس .. ألا أعجبك ؟
_ لا .. بالعكس تعجبني .. لكنني مخطوبة و ..
_ هذا ما قاله لي ماثيو لكنه قال كذلك إنه لا يصدق بأنك تحبين ذلك الرجل .. لماذا يظن ذلك روندا ؟ هل أعطيت ابن عمي النبيل سبباً للشك في مشاعرك نحو خطيبك ؟
_ لا لقد قلت لك ما هو شعوري نحو ماثيو .
- وما دخل الكلام بالمشاعر ؟ بإمكانك قول ما تشائين لي ولكنني رأيت نظرة عينيك وتورد بشرتك وهذا ما يوضح بأوضح من الكلمات أنك تحتاجين إلى الحب ؟ ربما أنني عرفت الآن أن لا علاقة لي به .. أسأل نفسي : لمن حبك إذن ؟ولا أحب الرد الذي يبرز في ذهني .
ردت محتجة مع علمها بضعف حجتها :
_ أنت تتخيل الأشياء فأنتم هنا تعتقدون أن كل النساء سواسية .. يبحثن فقط عمن يحبهن أما أنا فكل ما أريده هو الابتعاد عن هذه الجزيرة والاستمرار في حياتي العادية .
فضحك : وما قيمة الحياة بلا حب ؟ احتجاجك لن يخدعني عزيزتي وأنا آسف ل|أنك غبية !
فواجهته روندا بتكبر : لماذا ؟ لأنني رفضت غزلك ؟ بين كل النزوات ..
فقاطعها نافذ الصبر :
_ لا .. لا .. بل لأنك تريدين حب ماثيو كنت أظن أن لك كبرياء يمنعك من القبول أن تكوني هدية للوحش فقد نال ما يكفيه من الهدايا وإلا لماذا تظنين أنه أرسل بطلبي ؟
أحست روندا بالتصلب وبدا لها صوتها يجيء من بعيد :
_أتحاول القول إنه سلمني لك كأنني علبة هدية لا يرغب فيها ؟

فتنهد : ليس بالضبط .. فأنت لست كمعظم الفتيات اللواتي سعين وراءه .. أنت تريدين منه أكثر من ذلك أنت تريدين خاتم زواج لكنني أقول لك يا عزيزتي أنت تحلمين بالقمر .. إنه لم يتورط مع امرأة إلى هذا الحد بعد ثم إنك ابنة رجل يدور معه الفلك نفسه لذا يجب أن يكون حذراً .
سألته بحذر : أفهم من هذا كله إذن أن ماثيو أرسل بطلبك كي يمنعني أنا من أسبب الإحراج له ؟
فتفرس بوجهها بلطف :
_ وما غير ذلك ؟ أنا آسف عزيزتي .. لكن رغم جاذبيتك التي لا تنكر فعلاقة معك أمر قد لا يستطيع حتى ماثيوس سبيراتوس تحمله فالثمن الذي سيضطر لتحمله سيكون غالياً .
_ ألاحظ أنك لا تشاركه تردده .
_ لأنني أعتقد أننا سنسعد معاً صحيح أن ليس لي ثراء ماثيو لكنني بعيد عن الفقر ووالدتي سترحب باستقراري فهي ترغب في الأحفاد .
_ أتطلب يدي للزواج؟
_ أظن أن الوقت مبكراً على هذا الطلب روندا لكنني آمل يوماً أن تسمحي لي بالحديث مع والدك .
لولا غضبها وتألمها لتأثرت برسميات حديثه .. لكن والأمر كما هو أبعدت يده عن ذراعها .. لكنها لاحظت أنه يحدق فيها قلقاً فأجبرت ابتسامة بالظهور على شفتيها المرتجفتين محاولة إبعاد عذاب قلبها عنه .
لا عجب أن ماثيو ابتعد عنها بسهولة ليلة أمس .. فقد اتهمها بالتلاعب مع العواطف .. لكن أكان هو حقاً أفضل منها ؟
بعد أن انتهى الطعام وأرجعا كل أغراضهما إلى سلة النزهات وأودعها السيارة تابعا مشوارهما على طول الساحل حيث راح بيدرو يشير لها إلى أجزاء أخرى من الحصون ضحكا وتبادلا الثرثرة كما كانا يفعلان من قبل لكنها أحست ببعض التراجع بينهما لم يكن موجوداً وندمت على خسارتها رفقته الطليقة التي ساعدتها كثيراً على التخفيف من عبء إقامتها الجبرية على الجزيرة .
أعتمت غيوم سوداء السماء وأصوات رعد بعيدة أرسلتهما على عجل إلى القصر عندما بدت أولى القطرات بالانهمار كانت أبواب القصر على وشك أن تفتح بصمت ونعومة لتسمح لهما بالمرور .
توجهت روندا فوراً إلى غرفتها متذرعة بالصداع واستخدمت العذر نفسه عندما دخل توماس يدعوها للعشاء مبدياً قلقه حين رأى شحوب وجهها فأسرع يحضر لها إبريق زجاجي من العصير المثلج .. وحبوباً مضادة للألم فيما بعد احضر لها صينية طعام من مرق اللحم والمطبوخ بالبهارات والأعشاب فتناولت منه اكثر مما كانت تظن أنها قادرة ورفضت تناول قطعة الجاتو الدسمة بحجة حماية جسدها من السمنة .. فقال توماس :
_ لكن الآنسة بحاجة لبعض الوزن .. في بلادي نحب النساء مستديرات .
تذكرت أنه ليس يوناني فسألت : أين هي بلادك توماس ؟
فبدا الأسى عليه للحظات : ليس لي بلاد الآن آنستي فموطني هنا مع السيد .
أرخت نظرها إلى الصينية وسألت بصوت منخفض :

هل الآنسة روموس مستديرة الجسد ؟
_ آنسة روموس ؟ لها جسد فينوس .. لكن هذا الآن .. لكن ما قد تبدو عليه بعد عشر سنوات فعلمه عند الله .
وأخذ يضحك .. فتنهدت وهي تتناول حبتي دواء للصداع كانت السماء في الخارج كئيبة متجهمة .. تلمع بأنوار براقة من البرق الذي يرافقه الرعد المزمجر من بعيد والذي راح يدنو رويداً ليصبح صوته أعلى .. استحمت سريعاً ثم آوت إلى العشاء آمله أن تساعدها الحبوب على النوم رغم العاصفة .
استيقظت مذعورة فوجدت الغرفة مشعة بأنوار خاطفة للبصر أحست بصوت فوق رأسها ينبئ بأن السقف بدأ يتداعى .. فهمت الآن ما أيقظها منذ تركت النوافذ مفتوحة فدخل المطر إلى أرض الغرفة عبر القضبان الحديدية .
نهضت من السرير لتقفل النوافذ ثم تناولت مصباح يدوي وأحضرت ممسحة من الحمام جففت فيها الماء من أرض غرفتها .. أكملت مهمتها وأعادت الممسحة للحمام عندما كانت تعود نظرت في ساعتها فإذا هي الثانية صباحاً إذاً لقد أعطتها الحبوب بعض الراحة لكن المشكلة الآن أنها صحت ولم تعد تشعر بالنعاس لو أنها الآن الشخص الوحيد الصاحي في القصر فهذه هي الفرصة المناسبة لتلقي نظرة على المكان دون إشراف بيدرو قد تدخل إلى مكتبة ماثيو وتستعيد جواز سفرها والأوراق الأخرى .. لكنها ترددت فلا وسيلة لديها لمغادرة الجزيرة لكن على الأقل ستكون هذه خطوة إلى الأمام باتجاه استعادة حريتها واحترامها لنفسها .
وقفت في أعلى السلم مصغية بانتباه مع أنها لم تكن تسمع سوى صوت العاصفة فقد كان لديها إحساس غريب أن هناك من يراقبها من مكان قريب .. لا .. لا يمكن أن يكون هناك أحد وإلا لتحداها وأرجعها لغرفتها لكن الإحساس هذا ظل مستمراً بعد أن وصلت إلى الردهة في الطابق السفلي فتطلعت إلى الرواق العلوي فوق الردهة .
سارت راكضة تقريباً عبر الردهة إلى مكتبة ماثيو حيث أطاعها الباب بسهولة فدخلت بسرعة وأغلقت الباب ورائها مستندة إليه للحظات كي تنظر من حولها لم تصدق ما مر بها من أحداث أو زمن منذ استيقظت فرأت ماثيو جالساً إلى طاولته تلك الليلة .
تقدمت نحو الطاولة مترددة وبدأت تفتح أدراج الطاولة التي كانت محتوياتها عادية فلا شيء يدل على ماذا أو من تخفيه عائلة سبيراتوس في القصر لكنها لم تكن تتوقع أن تجد شيئاً هنا لكن لا أثر أيضاً لجواز سفرها حتى الملف الذي أراها إياه لم تجده أقفلت آخر درج متنهدة ثم أخذت تدير المصباح اليدوي يمنة ويسار .
أحست بالرهبة من هذه المكتبة الرسمية وأحست بحاجة لحماية غرفتها فخرجت إلى الردهة متجهة إلى السلم .. لكن في منتصف الطريق ترددت مرة أخرى .. فهناك بين هذه الممرات المتشابكة يقع ذلك الباب الموصد .. وهذه أفضل فرصة لتجد ما إذا كان ما يزال كما هو وإذا لم يكن فماذا يقع خلفه .
أكملت طريقها إلى الرواق المحاذي لأعلى السلم وانعطفت إلى الممر الواقع قبالة غرفتها فلو أرادت يوماً أن تقنع أي سلطات بأن ماثيوس سبيراتوس يخرق القانون فيجب أن يكون لديها دليل وسيكون لها هذا الدليل رغم كل المخاطر .
حبست أنفاسها عندما أدركت أن عليها المرور عبر جناحه لتصل إلى ذلك الباب ومرت ببطء حافية القدمين ووصلت إلى الباب ذي القناطر المغطى بالستائر المخملية القرمزية الباب ما زال مقفلاً .. فجأة شح نور المصباح في يدها وانطفأ فوقفت جامدة في الظلام تنتظر لمعان البرق التالي لتحدد طريقها ثم مدت يدها إلى مقبض الباب وأدارته بسهولة لكنه لم ينفتح .
حاولت مرة أخرى دون جدوى عندئذ عادت للممر الرئيسي .. إذ لم يبق أمامها سوى العودة إلى الفراش لكنها لما لاحظت أن شيء ما يتحرك أمامها تمنت لو أن المصباح لم ينطفئ كان الظل غريباً أشعرها بأنها مراقبة .
عبر الظلمة .. وبعد دوي الرعد أتتها زمجرة منخفضة لحيوان .. وتحرك الظل متقدماً نحوها فأحست بقلبها يكاد يقفز من فمها .. لكنه كلب .. إنه مجرد كلب .
أحست بساقيها فجأة تضعفان فاستندت إلى الجدار تنتظر هدوء اضطراب الدم في عروقها ومدت يداً مرتجفة تهمس برقة : تعال إلى هنا ! لكن الكلب لم يستجب بل وقف على أهبة الاستعداد وعادت تلك الزمجرة المنخفضة التي جعلت الشعر في مؤخرة عنقها يقف !
أصابتها الحيرة إنها معتادة على الكلاب طوال حياتها هي تحبها وتبادلها الصداقة .
ولمع البرق .. وفي لمحة بصر عرفت لماذا لم يتقدم الحيوان .. إنه من نوع من الكلاب لم تشاهد له مثيلاً من قبل شفته العليا مرتفعة لتكشف عن أنيابه الحادة المخيفة التي جمدت الدم في العروق لم تشاهد له مثيلاً إلا في الصحف أو على التلفزيون التي تعرض وحشية كلاب الحراس عندما يتعرض لها الناس .
ودوى الرعد مجدداً لكن صوته لم يكن يقارن بصوت ضربات قلبها .. والتصقت إلى الجدار تضع يدها على عنقها لتحميها إذا ما هاجمها الكلب .. أيمكن أن تكون هاتين العينين الحمراوين هما اللتان راقبتاها منذ خروجها ؟ لا بد أن الكلب تبع خطواتها خطوة خطوة و ها هو الآن قد حاصرها في زاوية معينة ويستعد للهجوم والانقضاض .
لمع البرق ثانية .. فشاهدت عضلات الكلب تتحرك استعداداً للقفز فصرخت .. عاجزة من شدة الذعر في وقت ساده الظلام ودوى الرعد ثانية وأعدت نفسها لملامسة فرو الكلب الخشن على جسدها .
لكن بينما كانت صرختها تختفي أحست بالجدار يتحرك خلفها وبشخص يمسك بكتفيها ويجرها إلى الوراء بعيداً عن الرعب الذي يتربص بها في الظلام .. وإذا هي حيث النور الباهر غشى عينيها
.

 
 

 

عرض البوم صور gagui   رد مع اقتباس
قديم 12-09-08, 06:11 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 63027
المشاركات: 289
الجنس أنثى
معدل التقييم: gagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 207

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
gagui غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : gagui المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

6_ أسوار وأسرار

ارتمت أرضاً على سجادة ناعمة فدفعت نفسها بيديها إلى فوق تحدق عبر شعرها الذي غطى وجهها إلى ماثيوس سبيراس الذي دفع الباب بكتفه في اللحظة المناسبة .. فقد سمعت من الجهة الأخرى لحظة انغلاق الباب صدمة عنيفة على الباب ونباح .. تبعه نوبة نباح مجنونة .
منتديات ليلاس
بقي يستند إلى الباب لحظات وعيناه مغمضان ووجهه شاحب .. كان يرتدي بنطلون بيجامة حريرية فقط واستطاعت روندا رؤية جسده مبللً بالعرق .
بدأت فجأة بالضحك فتصاعد منها صوت خشن متوحش متهدج جرح حنجرتها وقالت بصوت متهدج :
_ أنت خائف .. لكن لا يمكن أن تكون خائفاً .. نمر كاستاريوس لا يخاف .. من كلب .
قفز جفناه إلى الأعلى فكشفا عن وميض الغضب في عينيه .. تقدم منها خطوة واحدة وأحست بلسعة راحة يده على خدها توقف الهستيريا التي أخذت تهدد بالسيطرة عليها جمدت عيناها ودارت الغرفة بها بدوامة من النور واللون .
رفعها بين ذراعيه وكأنها طفلة ثم حملها إلى الغرفة وخدها مضغوط على صدره العاري فأحست بدافع مجنون لتدير رأسها وتضع شفتيها على جسده .. لكن يجب ألا تفعل ذلك ما دامت الدموع تملأ عينيها وتؤلم حنجرتها .. لقد قرر مسبقاً ألا يتورط معها ويجب ألا تتركه يعرف أبداً أنها تعرف قراره ..
وضعها بخشونة في الغرفة الرئيسية فوق سرير ناعم له أربعة قوائم مرتفعة فوقها ستائر مطرزة رائعة .
_ ابقي هنا . قال لها باقتضاب .
اختفى في الغرفة الخارجية ثم سمعت صوت رجل غريب يتحدث بصوت مرتفع متوتر كان صوت ماثيو البارد الحاد يقطعه كالسكين .
الأصوات في الغرفة المجاورة أصبحت كالهمس وكان من الأسهل لها ألا تصغي بأذنيها لما يقولونه حتى ولو كانت تفهم لغتهم فبعد ما مر بها كان نعمة أن تسترخي هكذا .. وتنهدت وهي تسمع صوت الباب الخارجي يغلق .
دون أن تنظر للباب الداخلي عرفت أن ماثيو عاد إلى الغرفة فرطبت شفتيها بلسانها تنتظر أن يكلمها ……
_ أنا بانتظار أن تفسري أي ما حصل .
بدا لها متعالياً كالجبال وبارداً كالثلج فردت : تفسير ؟ لست أدري ما تعني ؟
_ إذن .. إما أنت كاذبة .. أو ساذجة بشكل لا يصدق آنسة ستورم ؟ لكن ربما لم أوضح قصدي جيداً : لماذا كنت تحاولين دخول الغرفة الموصدة في نهاية الممر المقابل ؟ أوه .. لا تحاولي الادعاء أعرف أنك كنت هناك لأن كل من يلمس الباب يلتقطه جهاز إلكتروني يطلق إنذار في غرفتي هذه وفي مركز الحراسة تحت .
يجب أن تكوني شاكرة هذا الجهاز آنسة فقد أنقذ حياتك كنت أفتح الباب عندما سمعت صراخك لو تأخرت أيها الحمقاء !هل رأيت ما المخاطر الذي يقودك إليها فضولك الذي لا ينتهي ؟ كان من الممكن أن يقتلك الكلب أتعرفين هذا ؟
فصاحت بهستريا :
_ ربما .. لكن كيف لك أن تترك كلاباً قاتلة تجوب القصر ليلاً كما تريد ؟ أعترف أني مخطئة باقترابي من الجناح لكن أعتقد أنه كان من واجبك تحذيري حين تركت باب غرفتي مفتوحاً بأن هناك كلاباً مطلقة السراح كان يجب أن تعرف أنني سأحاول اكتشاف ما في الغرفة عاجلاً أم أجلاً .
الكلاب ليست مطلقة السراح لتجوب المنزل أيتها الطفلة الحمقاء إنها عادة تقوم بدوريات في الأراضي المحيطة بالقصر مع مدربيها لكن هذا الكلب دخل البيت هرباً من العاصفة ومن مدربه كان الرجل يشرح لي ذلك منذ قليل .
رطبت شفتيها مرة أخرى : هل .. هل سيتعرض لعقوبة ؟ أعني .. هل صرفته بسببي ..
فتنهد : أنت حفنة من التناقضات حيناً تصرخين بوجهي لأن حياتك في خطر وحيناً آخر تتوسلين لأجل المسؤول عن وضعك الخطر لا .. لم أصرفه من العمل ولكن ذلك الكلب سيبقى مربوطاً بسلسلته طالما هو فوق الجزيرة .
نظر إليها متجهماً ثم قال بقساوة :
ما زلت أنتظر تفسير ما حصل روندا ماذا كنت تفعلين في ذلك الممر ؟
أحست أنها بدأت ترتجف وبأن معدتها تعاني آلام الغثيان الحادة فهمست :
_ أوه ..أرجوك ! أظن أني سأتقيأ .
_ استلقي هادئة .
غاب قليلاً ثم عاد يحمل كوباً فيه سائل أصفر :
_ اشربي هذا لا تترددي فعائلتي لم تعتد تقديم السم لأحد .
عندما شربته أحست بالشراب يلدغ حلقها ثم أحست بالانتعاش ثم أحست بالانتعاش و الدفء ينتشران في جسدها .. فتمكنت من القول : آسفة .
_ لا شك في أسفك فاكتشاف أمرك ليس بالأمر المستساغ هذا عدا الصدمة التي أصابتك و أنا آسف لأنني مضطر لاستجوابك لكني يجب أن أعرف ماذا كنت تتوقعين مشاهدته في الغرفة ؟
_ الجواب على لغز .
_ تخاطرين بحياتك من أجل لغز … ؟ لماذا ؟
_ لأنني ظننت أن الجواب سيساعدني على وضعك في السجن .
دارت عيناه فيها بتعجرف وكأنهما عيني نمر وقال ببرود :
ما علمت أنك عازمة حقاً على الانتقام .
_ ليست المسألة انتقام .. فأنا لم أساعد إنساناً على خرق القانون من قبل ولا أستطيع أن أفعل .. مهما كانت ..
وصمتت فجأة وزاد احمرار وجهها فقد أدركت أنها كانت على وشك أن تقول : مهما كانت مشاعري نحوك !
_ ماذا كنت تقولين ؟
_ مهما كانت الظروف .
_ ألا تحسين روندا أن البشرية أحياناً بحاجة إلى قوانين جديدة ؟
أطرقت ببصرها لا تريد أن تقابل نظراته وراحت أصابعها تعبث بحرير الأغطية الأزرق السميك :
_ ربما لكني لست مغرورة حتى أحسب نفسي قادرة على صنعها .
_ ربما لا تحتاجين إلى غرور بل إلى قلب كريم محب ألا تدعين هذا القدر حتى لنفسك ؟
و أبقت رأسها مطأطئاً فلو أراد دليلاً على قدرتها على الحب فسيجده في عينيها كان الصمت بينهما عميقاً لم يقطعه سوى تنهده النافذ الصبر :
_ ثمة سر نخفيه في القصر آنستي كما تعلمين لكنه ليس سري أنا ولا أملك حرية الكشف عنه لك لكن إذا أنت مقتنعة بأنك قادرة على إدانتي بجريمة ما فستصابين بخيبة أمل مريرة .. فلا أنا أو أحد من أفراد عائلتي خرق أي قانون قد ندان عليه .. أتظنين حقاً أني قد أعرض أعمالي واستقلاليتي وشرف عائلتي للخطر بارتكابي جريمة لا معنى لها ؟
صمت لحظة وهو يضع يده على جبهته وكأنه يشعر بدوار :
_ بم تشكين في .. أتساءل ؟ في الاختلاس .. أم التزوير أم سرقة الأرامل والأيتام ؟ أنت غاضبة لأنني أجبرتك رغماً عنك على البقاء هنا .. وما لا تفهميه أن لا خيار آخر لي .. مل إن أصبحت هنا حتى توجب عليك البقاء .. وأقسم لك أن الأمر هكذا بكل بساطة لكن ما فائدة ذلك لو كنت مصرة على اعتباري مجرماً .
أجفلت روندا لمرارة كلماته وأحست بالراحة لها لكن إن أظهرت راحتها فستكون اعترافاً جريئاً بمشاعرها نحوه وبدلاً من ذلك قالت بصوت خفيض :
لك كل الحق أن تغضب . فأنا لم أصدق بأنك تخفي جريمة ما لكن هذا بدا التفسير الوحيد لما يجري وأنا آسفة على كل ما سببت لك من مشاكل فمجيئي أصلاً إلى هنا كان دون فائدة فهمت هذا الآن وأنا لا أريد إلا أن أرحل من هذا المكان لأنسى ما حدث كله .
_ ليت الأمر سهلاً فأنا مازلت غير قادر على تركك لك أن تعزي نفسك أن سجنك لن يطول كثيراً .
أرادت أن تقول أن هذا ليس عزاءً لها لكن كبريائها منعتها لم تستطع منع تنهيده قصيرة وهي تلف روبها حولها تستعد للوقوف :
يبدو أن العاصفة قد مرت أليس كذلك ؟ أظن أن من الخير لي أن أعود لغرفتي .. شكراً لمساعدتك إياي .. وآسفة على إزعاجك .
- هذه ليست المرة الأولى ويجب أن تتوقفي عن الاعتذار روندا فأنا لا أحب التذلل إن هذا لا يناسب شخصيتك عزيزتي .
_ يجب أن اذهب .
_ يجب أن تذهبي ؟
امتدت يده تتسلل فوق ذراعها تحت كم الرداء مداعباً بخفة .
_ ربما من الأفضل لنا لو تبقين .
أدركت فجأة أن الوقت متأخر وأنهما في عزلة وحدهما وأنها ترتجف بضعف أمامه راقبت وجهه يقترب من وجهها وفكرت حالمة كم تعرفه .. فها كل خط من خطوط وجهه محفور في كيانها إلى الأبد .

 
 

 

عرض البوم صور gagui   رد مع اقتباس
قديم 12-09-08, 06:14 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 63027
المشاركات: 289
الجنس أنثى
معدل التقييم: gagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداعgagui عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 207

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
gagui غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : gagui المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

لم يمسك بها بيدين قاسيتين معاقبتين ولا رماها فوق السرير بل ضمها بلطف إلى صدره وترك يديه تداعبانها بحرية لكن إلى حدود آمنة وبقي كذلك إلى أن تمتمت أخيراً محتجة تلف ذراعيها حول عنقه تجذبه إليها ومع ذلك أحست بالخجل منه ومن الحصار الذي فرضه على إرادته وسمعته يقوا :
_ ابقي معي يا حبيبتي .. على الأقل لن يبقى بيننا أسرار .
لا أسرار .. ! وهي من تخفي سراً لن تتمكن من قوله له .. إنها تحبه وإن لم يبادلها حبها فستخسر كرامتها .
تأوهت بشدة وابتعدت عنه تلف ذراعيها حول عينيها الدامعتين فجأة .
_ حبيبتي … ما الأمر ؟ هل أنت خائفة أنت ؟ لا تخافي سأكون رقيقاً معك أقسم أنك مازلت لا تثقين بي ؟
_ لا علاقة للأمر بالثقة .. أنا لا أحب أن يستغلني أحد .
_ وكيف تم استغلالك ؟
فصاحت :
_ حسناً ماذا تسمي هذا كله ؟ لقد قلت بنفسك إنني لن أبقى هنا سوى ساعات ألهذا تحاول مغازلتي ؟ ألتتأكد من أنني بعد رحيلي لن أطالبك بشيء .
أمسك وجهها بيديه وأجبرها على النظر إليه لكن لمسته لم تكن تحمل أي حنان فانكمشت من الغضب المتطاير من عينيه وقال بصوت منخفض :
_ يا إلهي ! ما هذا الانطباع الذي كونته عني !
_ إنه صحيح .. أليس كذلك .. أعترف .. أعترف بأنك لا تريد التورط معي .. وهذا ما دفعك لإحضار بيدرو أليس لتبقيني بعيداً عنك ؟ .. أليس لتتأكد من أنك لن تقع تحت .. إغراء ما قد تندم عليه فيما بعد .
_ إذا كانت هذه خطتي .. فيجب أن تعترفي بفشلها .. أجل .. ما تقولينه صحيح جزئياً لقد رغبت فيك طبعاً .. ولو لم أفعل لما كنت من البشر .. أعلم أن التوقيت غير المناسب .. لكن ..
_ والآن أصبح مناسباً كما أعتقد .. ربما يجب أن يرضي هذا غروري مثل فتيات الجزيرة اللواتي كن يتوددن إلى سلفك الأول .. أتساءل كيف كان يتخلص من عشيقاته عندما ينتهي شغفه بهن ويصبحن مصدر إحراج له ؟ لم يكن لديه هيلوكبتر مستعدة لإجلائهن عنه ربما كان يرميهن من فوق الصخور .
_ إنه حل يوجد الكثير من الأدلة لإثباته .. لا تخافي عزيزتي شغفي بك انتهى ولن أزعجك بمطالبي فأنا أرغب في امرأة بين ذراعي لا في طفلة قلقة مضطرة أيمكنك أن تجدي طريقك إلى غرفتك أم أطلب توماس ليرافقك ؟
_ أوه .. لا .. أرجوك لا .. قد يعتقد بأننا …
_ أجل .. قد يعتقد .. ألن يعتقد ؟ وهذا ما يناسب وردة إنكليزية تنوي مغادرة جزيرتي بالطهارة التي كانت عليها يوم جاءت ما خطبك يا عزيزتي الجميلة ؟ هل أنت خائفة من أن يرفضك بيدرو إن علم بأمرنا ؟ أنت مخطئة فهو سيرحب بابنة السير تشارلز ستورم وإن استغللتك .
شهقت ناحبة ثم ارتدت على عقبيها تركض كالمجنونة إلى غرفتها حيث رمت نفسها فوق السرير تبكي دون رادع .. عندما ستغادر الجزيرة لن تأخذ معها سوى ذكرى مرارته وعدائه .

نامت أخيراً وكان الدافع الإرهاق الذي ولدته الدموع وعندما استيقظت وجدت أنها غرقت في النوم إلى الظهر .. كانت الغرفة مشعة بنور الشمس حيث لا أثر لعاصفة الأمس كان هناك شخصاً يقف عند أسفل السرير ظنته توماس ثم سمعت دون أن تصدق سمعت صوت دون أن تصدق صوت امرأة ناعم يقول باليونانية :
صباح الخير آنستي .. أترغبين بشيء ؟
فردت بالغة نفسها : أجل أريد بعض القهوة .. أتتكلمين الإنكليزية ؟
فابتسمت المرأة : قليلاً آنسة .. أنا أنابيلا لخدمة الآنسة .
_ آه .. هكذا إذن آسفة أنابيلا تدهشني رؤيتك ! هذا كل شيء .
فابتسمت أنابيلا بحيرة وخرجت تحضر القهوة كما يبدو فاستحمت روندا وارتدت الجينز وبلوزة عندما عادت إلى غرفتها وجدت صينية قهوة على طاولة قرب النافذة حيث كان توماس يحضر لها الكرسي .
_ إذن كان هذا خيالاً .
_ آنستي .
_ لا تتلاعب توماس هل عادت الخادمات إلى القصر ؟
_ أجل هذا الصباح .. لقد عدن بعد عطلتهن .
_ عادت زوجتك كذلك .
_ أنا آنسة لست متزوجاً .
وبدت عليه الصدمة فتمتمت :
_ أنت لعائلة سبيراتوس فقط.. لا بأس توماس .. ليس لما أقوله أهمية .. لكن لماذا عدن وفجأة ؟
_ ليس لي أن أقول آنستي .. السيد هو من سيشرح لك .
_لا أظن أن هذا محتملاً .
_ بالعكس آنستي .. إنه ينتظرك في مكتبته .. لكنه أمر بأن تتركي نائمة حتى تستيقظي .
ردت بهدوء : شكراً يا توماس سأنزل حالاً لتناول القهوة .
وكانت يدها ما تزال ترتجف حين قرعت باب المكتبة وسمعت ماثيوس يأمرها بالدخول بنفاذ صبر .
تقدمت وهي تحس بعجز فبللت شفتيها :
_ أردت الحديث معي ؟
نظر إليها كمن ينظر إلى غريب .
_ أجل .. هذه لك كما أعتقد .
ورمى لها جواز سفرها وبطاقتها المصرفية والأوراق الأخرى التي كانت تفتش عنها يوم أمس .. فأخذتها مقطبة .
_ لست أفهم .
_ وماذا هناك لتفهمي ؟ هذه لك وأنا أعيدها كنت أظن أنك ستسرين باستردادها .
حدقت فيه باستغراب متسائل :

إذن أنا حرة في الرحيل ؟
لم تستطع أن تتعرف في عينيه إلى ذلك الغريب أو الرجل الذي أوصلها تقريباً إلى حافة الاستسلام أو الذي أفقدها عقلها بإهانته .. وتردد في الرد :
_ ثمة مشكلة صغيرة في التنقل هذه اللحظات .. وحين تحل المشكلة بإمكانك السفر متى شئت .
فقالت ببطء : هكذا إذن ..
أمسك ملفاً أشغل نفسه بتقليب صفحاته وكأنه يقول لها إن المقابلة انتهت فاقتربت من الطاولة حتى لاصقتها ثم أسندت يديها على سطحها ومالت إلى الأمام .
_ كنت ؟أظنك ستخبرني عما حدث .. أعلم أن النساء عدن .. و ها أنت تقول لي أنني أستطيع السفر ساعة أشاء ومن الواضح أن كل شيء تغير منذ الأمس وأنا أتساءل عن السبب أعلم أنك فضولية مرة أخرى لكن لا أظنك تلومني تبعاً للظروف .
تراجع في كرسيه يرفع نظره إليها :
أجل كل شيء تغير منذ الأمس .. ولم بعد هناك سبب يحول دون أن تعرفي كل شيء .
التقط الصحيفة عن الطاولة ورماها نحوها .. في صفحتها الأولى عناوين بارزة تطلعت روندا إليها وإلى الصورة المرفقة بحيرة إن الوجه في الصورة مألوف لديها لكتها لم تستطع التعرف عليه حتى بدأ ماثيو يصفر لحناً عندها تذكرت .. اللحن إنه للرجل الذي رأته من نافذة غرفتها والصورة كذلك لكن الصحيفة لم تكن إنكليزية مما يعني أنها لن تفهم منها شيئاً فأعادتها إلى الطاولة تهز رأسها وتنظر إليه بحيرة .
_ اسمه أندرياس غوزييف لا يهمنا مكان ولادته لكنه كان حتى تاريخ قريب مواطناً سوفيتياً وهو عالم رفيع المستوى كانت حكومته تثق فيه فسمحت بحضوره مؤتمراً عالمياً في أثينا .
تذكرت روندا عندئذ المقال الآخر الذي قرأته في الصحيفة فوق المركب سيغال فشهقت :
_ اللاجئ ؟
_ كنت تعرفين إذن أتفهمين الآن لماذا لم يسمح لك بمغادرة الجزيرة ؟
_ لكنني ما علمت أنه هنا .. وكيف لي هذا ؟ وأنا ما جئن إلى هذه الجزيرة لهذا الهدف .
فرد بهدوء و برودة :
_ أوه .. أصدقك فأنت ما أتيت إلى هنا إلا لأنه حرم عليك القدوم لقد جاء هذا الرجل إلى هنا ليلتجئ رجل خائف يبحث عن لجوء سياسي خائف من أن يقتل قبل أن يوصل المعلومات التي جاء بها معه .
_ ولم لا ؟ أهناك وسيلة أفضل لإسكاته ؟ لقد أوضحت لنا الحكومة الإنكليزية والأمريكية التي كانت تهتم لأمره أن هناك مؤامرة لاغتياله وما كان أمامنا إلا السرية .. الذي أحطناه بهذا الستار الأخير .
_ الذي اقتحمته أنا .
_ صحيح أتفهمين سبب منعك من السفر ما كان ذلك إلا لسلامتك وسلامة الرجل .
_ لهذا قمت بإجلاء النساء جميعهن عن الجزيرة ؟
بل لقد كن رحلن قبل وصوله والأمر عادي لا كما ظننته غريباً فليست هي المرة الأولى التي تتمتع فيها مجموعة النساء على حسابي بعطلة عند العديد من أقربائهن على البر الرئيسي .
_ والآن انتهى كل شيء ؟
_ أجل .. مشكلته كانت عويصة متشابكة لكنها انتهت أخيراً غادرنا مع الفجر مع حراسه إلى حياته الجديدة في أمريكا .
_ لكنني لا زلت لا أفهم لماذا أحضرتموه إلى هذا المكان بالذات ؟
فالتفت ماثيو إلى الباب :
_ أخبرها يا توماس .
استدارت بدهشة فرأت الرجل ينتظر بالباب .
_ اللاجئ هو عمي آنستي كنت محظوظاً عندما هربت منذ سنوات بعيدة وكان الأمير سبيراس والد سيدي قد أحسن وفادتي ورعايتي كان عمي ألمع أفراد أسرتي فأخذوه ليعمل معهم وما كنت أظن أنني سأراه ثانية حتى السنة الماضية عندما استلمت منه رسالة , رسالة عادة تتحدث عن أيامنا الماضية وتطلب مني الرد وبدأنا نتراسل ونحن نعلم أنم كل رسالة مراقبة ثم وصلت رسالة و ظننته قد جن تحدث عن أشخاص لم يكن لهم وجود أعاد ذكرى أحداث لم تقع ثم فهمت .. عندما كنت صغيراً كان يكتب لي من الجامعة وأحياناً للمزاح يخترع شفرة وكان هذا سرنا .
_ والرسالة كانت شفرة .
_ أجل آنستي عندما حللتها كما كنت أفعل وأنا صغير وجدت أنها استغاثة نجدة كان يعلم أنه سيحضر المؤتمر في أثينا وقد تكون فرصته الأخيرة في الهرب .
وابتسم مردفاً :
_عرفت أن السيد سيساعدني .. ووافق على لجوء عمي إلى الجزيرة فترة وقرر إعلان حالة طوارئ عسكرية خلال وجوده هنا لقد كان عمي مهماً جداً آنستي .
_ وهو الآن سالم ؟
_ أدعو الله .. أن يكون كذلك .
_ وكذلك أنا توماس الجيد ما ينتهي نهاية جيدة وأنا سعيدة لك توماس وأعرف الآن عدم إجابتك عن أسئلتي لقد كنت مزعجة لك .
فابتسم بحرارة : أوه آنستي .. لم تزعجيني قط .
_ لقد انتهى أمر السر إذن ولا شيء يبقيني هنا إذن من الخير أن أبدأ بتحضير حقائبي .. هل بيدرو هنا ؟ أريد توديعه .
_ لا لقد طار هو الآخر هذا الصباح ليستقبل ضيفاً لكنه سيعود بعد العشاء أتخططين للسفر اليوم ؟
_ لا أتصور هذا .. فأنا على كل الأحوال سأعتمد عليك في سفري .
فانحنى لها ساخراً :
لو كنت مكانك لما تعجلت في تحضير حقائبي .. ربما بعد مشاهدتك ضيوفي قد تغيرين رأيك .
كانت متجهة إلى الباب فتوقفت تبتعد عنه وقد شحب وجهها :
_ صدقني سيدي .. أنا لا أريد إلا أن أغادر الجزيرة وأن أبتعد عنك .. ولن أبقى هنا لحظة واحدة .. أؤكد لك .
فعاد إلى كرسيه وهي تفتح الباب : حسن جداً .
ثم تذكرت أمراً بشأن جواز سفرها : بالمناسبة سيدي … أين كان هذا ؟
_ ولم السؤال ؟
_ أوه لأني لم أجد له أثراً عندما فتشت طاولتك ليلة أمس .
_ انتظرت متوقعة انفجار غضبه إلا أنه عندما تكلم كان صوته ناعماً متزناً :
_ احمدي ربك أنني سأتركك تغادرين الجزيرة دون عقوبة الجلد التي تستحقينها .
وهربت روندا .
في غرفتها وجدت أنابيلا ترتب السرير ثم التقطت ثوب النوم الحريري عن الأرض وبدأت تتلمسه بلهفة ووميض الإعجاب يطل من عينيها فقالت لها :
_ أرجوك خذيه .
وأخذت تسكت الاحتجاجات التي تدفقت من فم أنابيلا :
_ أرجوك أنابيلا خذيه فأنت بهذا تسدين إلي معروفاً .
حين خرجت فيما بعد لمحت أنابيلا تستعرض ثوب النوم أمام رفيقاتها اللاتي كن يضحكن ربما معلقات على رد فعل زوجها عندما يراها فيه فتنهدت ثم خرجت نحو البركة .
السباحة أنعشتها لكنها لم تبعد الألم عن قلبها الذي يعاني .. وتذكرت وهي تجفف نفسها ذلك اليوم عندما جلست على الصخرة عند الشاطئ المهجور تتخيل أنها حورية البحر كانت يومها سعيدة .. فتأكدت مما تريد من الحياة أما الآن لم تعد واثقة إلا من شيء واحد هو أن عليها التقاط شظايا نفسها المحطمة والانطلاق من جديد .
لقد سمحت لنفسها بالوقوع بحب رجل أظهر لها بوضوح أنه يهتم لها جسدياً لا عاطفياً إنه أمر يحدث لآلف الفتيات في أنحاء العالم كله حدث من قبل وسيحدث إلى الأبد .. لكنها ستتمكن من تجاوز محنتها بسهولة .. أما ألمها فلن تستطيع كبحه .
ثم لم تعد وحيدة لكنها لم تدرك ذلك إلا متأخرة أيكون السبب فتح البوابة الحديدية التي تقود إلى باقي الحديقة فهي حين رفعت رأسها وجدت ماثيو يقف عند الطرف الآخر من البركة يراقبها .. كان عليها أن تصبر على نظراته وأن تحضر نفسها لسخريته فما كان منها إلا أن أغمضت عينيها لئلا ترى ذلك الواقف طويلاً بعيداً عن متناول يدها .
حين استمر الصمت طويلاً فتحت عينيها فإذا هي وحيدة فتساءلت بجنون عما إذا كانت تحلم بوجوده .
هبت واقفة ترتدي الجينز فوق البيكيني الجاف ثم سمعت من بعيد صوت اقتراب هليوكوبتر بيدرو قادم وبرفقة ضيوفه ومن المفترض أن تنضم إليهم على العشاء ولأجل كرامتها يجب أن تقوم بعملية إنقاذ سريعة لمظهرها قبل أن يحدث هذا دست قدميها في حذائها ثم قفلت راجعة إلى القصر وحطت الطائرة على سطح القصر الواسع ثم طارت وهذا سر غامض آخر اكتشفته .
كانت تحاول استعادة شتات أفكارها عندما سمعت من يناديها ثم شاهدت بيدرو على الشرفة .
_ عزيزتي !
وكاد يطير على درجات السلم ليصل إليها وقبلها على خديها ثم عانقها لكن العناق العفوي هذا ضايقها فأبعدت نفسها عنه بسرعة و احتجاج .
_ روندا .. أهذا لطف منط بعد أن تحملت المصاعب لأجلك ؟ أنا مرهق من السفر وأنت باردة معي .
فابتسمت ببرود : آسفة بيدرو لم أنم ليلة أمس جيداً بسبب العاصفة و ..
_ إذن أنت تعرفين كل شيء الآن يا عزيزتي كنت أتمنى رؤية وجهك عندما عرفت الحقيقة كنت آسفاً جداً لخداعك .. لكنك كنت ظريفة في تصورك أن ماثيو مجرم .. وهذا ما لم يسعده لدي مفاجأة أخرى لك .
حاولت أن تسكته عند وصولهما لأعلى السلم :
_بيدرو الوقت متأخر للمفاجآت .. فأنا أود السفر هذا المساء بعد العشاء .. ألم يخبرك ابن عمك ؟
_ أؤكد لك أنه لن يدعك تسافرين إذ لا يمكنك فعل هذا في الوقت الذي سنبدأ به بالتمتع ؟ سأريك الجزيرة وهي في أفضل حالاتها أخيراً .. أنت لم تشاهدي مصنع النسيج في البلدة أو مصنع السيراميك ولم تتزلجي على الماء .. لا .. لا يمكنك السفر الآن .
أمسك بيدها جذلاً وجرها نحو أبواب الصالون الزجاجية وصاح قائلاً :
_ قل لها يا سيدي .ز أخبرها أنكما ستتمتعان بأشعة الشمس معاً وبضيافتنا .
فتشت عينا روندا الغرفة بارتباك فبدت معتمة بعد نور الشمس القوي لكنها لم تخطئ أبداً في معرفة الجسد الطويل الذي هب عن مقعد وثير وتصارع الذهول والطفولة في نفسها .. وأطلقت يدها إلى الأمام وصاحت :
_ أوه أبي .. ! لا أستطيع التصديق ! أحقاً هذا أنت !

 
 

 

عرض البوم صور gagui   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
a gift for a lion, أحلام, دار الفراشة, روايات, روايات احلام, روايات احلام المكتوبة, روايات رومانسية, ساره كرافن, سيدها, sara craven
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:21 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية