ودي التكمله
الفصل الثاني -
تمثيل
كانت موللي و نك وحدهما في المصعد المتوجه بهما إلى الطابق الأعلى في ذلك الفندق المترف و كانت أفكارها تدور.ستدخل الحفلة مع هذا الرجل البالغ الحيوية, الذي يفترض أنه خطيبها.هل من الممكن أن تستمر هذه الخطبة؟ هذا ما فهمته كارمن في فورة غضبها. لكنها عند التفكير هل ستدرك مدى استحالة ذلك؟
قال بفظاظة:" ما فهمته أن رجلا تركك لأجل حبيبة أخرى و تريدين أن تبدي له انك مخطوبة لئلا يظن متكدرة بسببه."
فقالت و قد اغاظتها طريقته في الكلام:" أرى أن التدريب على الإحساس يلعب دورا هاما في حياتك."
- ماذا؟
- لا تهتم! أظنك فهمت ذلك.و إذا سمحت لي باقتراح لا أحد سيصدق أننا مخطوبان إذا بقي الغضب على ملامحك. هل يمكنك أن تبتيم أو ما شابه؟ و أثناء ذلك هل يمكنك أن تتظاهر أنك تراني فاتنة؟
- فاتنة؟
فأومأت:" دوما كنت أريد أن افتن أحدا.ألا تظن أن الخطيبة الجديدة يمكنها أن تكون فاتنة؟"
- تماما.
عرفت من لمعان عينيه أنه كان يسخر منها.فليكن مادام يفعل ما طلبته منه.ما تريده فقط هو أن تجتاز هذه الحفلة, و بعد ذلك يمكنها أن تؤلف قصة تفسخ بها خطبتهما خلال أسابيع قليلة.وعندما يرى زملاؤها في العمل نك فإن كل شفقة على موللي المهجورة ستتلاشى فورا. كان الاحتفال في أوجه عندما دخلا قاعة الرقص الفسيحة المزينة التي تطل على مناظر رائعة لسان فرانسيسكو.
- هاأنت أخيرا يا موللي؟ كنت أسأل عنك.
حياها رئيس الشركة " جون بيلينغز" ثم نظر إلى نك بفضول:
- مرحبا يا جون.أقدم لك خطيبي نك بايلي,و نحن آسفان لتأخرنا هذا فقد حدث ما أعاقنا.
سبق السيف العذل.و رجت أن لا تكون اقترفت غلطة كبرى.
- سعيد بمقابلتك، يا نك. لقد سمعت شائعات تقول إن فتاتنا موللي تصادق شخصا غير عادي.لا بد أن تعلم كم نحن فخورون بموللي وعملها. لقد كان حجر الأساس لهذا الاحتفال, و من دونها ما كنا أقمنا هذا الاحتفال اليوم.
توهج وجهها سرورا و دهشة. لم تكن تتوقع مثل هذا التكريم.و ازدادت دهشتها عندما وضع نك ذراعه حول خصرها و قال:" موللي ذات عزيمة بالغة لا تستسلم ما لم تحصل على ما تريد."
شعرت بالأحاسيس تتفجر من لمسته و نسيت طبيعة الحديث للحظة. لم يتملكها من قبل شعور كهذا من مجرد لمسة.ما الذي يحدث؟
تابع جون سيره و تحدث إليها آخرون أثناء سيرها يهنئونها على جودة تصميماتها متبادلين التحيات وكانت تقدم نك إلى الجميع.و فجأة أفسح القوم طريقا ليمر منه جاستين و بريتاني,و هدأ المحيطون بموللي و أخذوا يرقبون المشهد بشوق.
قال جاستين:" موللي, تسرنا رؤيتك.كنا نتساءل أين أنت.هل جد عليك عمل في آخر دقيقة؟"
- ماذا حدث يا موللي؟ كنا بدأنا نتساءل عما إذا كنت ستحضرين أم لا؟
قالت بريتاني هذا و هي تتأبط ذراع جاستين و كأنها غريق يتمسك بحبل النجاة.كانت الشقراء الطويلة ممشوقة القوام و الثوب الأزرق الفضي محكم التفصيل على جسمها النحيل. شهدت لها موللي بالأناقة الآن. و لكنها للمرة الأولى لم تهتم ببريتاني او جاستين.كانت تستمتع بتذوق لحظة النصر.
تقدم نك مادا يده:" أنا السبب فب تأخر موللي.أنا نك بايلي.هل تعملان لدى موللي؟"
كانت نظرة جاستين المجفلة لا تثمن.قطب جبينه وصافح نك وهو يهز رأسه:" أنا لا أعمل لدى موللي.بل نعمل معا أحيانا في المشاريع.أنا جاستين موريس محاسب في شركة <زنتك>."
و نظر إلى موللي :" لم أكن أعلم أنك ستحضرين مع شخص ما"
أحقا؟ أجابته موللي و هي تنظر باسمة إلى نك و قد أجفلت عندما رأت الدفء في نظراته إليها.وعاد يحيط كتفها بذراعه بينما تابعت هي تخاطب جاستين:" ما الذي جعلك تفكر في ذلك؟"
قالت هذا دون أن تنظر إلى بريتاني بينما قال نك:" من الصعب أن أدع شيئا يشاركني في موللي. لكن هذا الاحتفال كان هاما يالنسبة إليها و لهذا جئنا,التأخر خير من العدم كما يقال." و مر على بريتاني بنظرة عدم اهتمام عابر ثم عاد بانتباهه إلى موللي.
كادت موللي تقهقه ضاحكة و هي ترى ذهول بريتاني فهذه بجمالها لم تعتد أن يرمقها الرجال بنظرات عابرة.نظرت موللي الى جاستين و شعرت بوخزة مفاجئة.لقد أضاعت أسابيع سدى في الحداد على نهاية علاقتهما, ثم هاهي ذي الآن لا تشعر بشيء.أتراها متقلبة إلى هذا الحد؟ أم كانت رغبتها مجرد مباهاة بأن لديها حبيبا تخرج معه إلى المطاعم الحديثة الطراز و إلى الحفلات و النزهات؟ مهما يكن فقد شعرت بالارتياح الآن كونها لم تعد تحت سحره,و لم يعد لديها ما تثبته لجاستين أو بريتاني.
قالت:" علينا أن نتابع سيرنا.لقد قابلنا جون و أنا أريد الآن أن يقابل نك شركاءنا اليابانيين الجدد."
- هل هذا خاتم خطبتك؟ سألتها بريتاني هذا و هي تحملق غير مصدقة في يد موللي. رفعت موللي يدها متباهية بخاتم زواج جدتها.عند ذلك التقط مصور صورتين فأجفلوا للوهج المفاجئ.
رتبت موللي نفسها ومالت قليلا باسمة نحو المصور بينما تراجعت موللي خطوة إلى الوراء إلى جانب نك ثم رفعت بصرها إليه باسمة:" هل نقترب أكثر من بعضنا البعض؟"
فمال إلى الأمام و همس:" هل ما فعلته يكفيك؟"
فقالت بصوت خافت:" عملك عظيم,و أنا أقدر لك هذا."
وسطع وهج آخر. قررت موللي أخيرا أن تدع جاستين و بريتاني يلتمسان الأضواء كانت مستعدة للذهاب فقد أكملت مهمتها.و قالت وهي تبتعد:" نستأذن."
وعندما أخذا يخترقان جموع الضيوف كانت يد نك على كتفها فقالت راضية:" هذا كل ما كنت أطلبه.شكرا."
- مواجهة جاستين و بريتاني... هل هذا هو السبب الوحيد لهذه الخدعة العظمى؟
- بريتاني أكثر, فأنا لا أطيقها لقد عملنا معا في شركة <زنتك> مدة سبع سنوات تقريبا و مع ذلك لم نتفق.
- إنها امرأة أنانية!
- معظم الرجال يجدونها فاتنة.
فقال بحزم:" بل معظم الرجال يجدون جسدها فاتنا وهذا مختلف."
- لا أدري ما الفرق
- ربما عليك أن تكوني رجلا لتدركي الفرق.والآن أخبريني يا موللي ماغاير,ما هو عملك في شركة <زنتك>؟ فكرة رئيسك عنك رفيعة.
- عملت في الشركة منذ تخرجت من كلية الفنون.وأنا أحد مديري القسم الفني الآن و حديثا حالفني الحظ و حصلت على مشروع شركة<هاماكوموتو>.
- هل أنت محظوظة ؟ أم موهوبة؟
فضحكت:" يعجبني تفكيرك.أنا أهتم بالتصميمات التخطيطية و الإعلانات."
- وماهو دور جاستين في كل هذا؟
إنه رجل ارتبطت به فترة من الزمن, لولا تصرف بريتاني الفظيع لما كان لانفصالنا أهمية كبرى.لكنها امرأة قذرة و قد سئمت من موقفها المتعالي. و نظرت من فوق كتفها فرأت المرأة تتحدث إلى المصور.ربما ترتب أمر صورة أخرى يمكنها أن تفيدها بشيء: "جاستين هو أحد المحاسبين المتنفذين في الشركة و نحن غاليا ما نعمل معا. أردت أن أسترد كرامتي أمام بقية الفريق فمن الصعب أن أشعر دوما أنني موضوع شفقة حين أدخل أي مكتب."
- إذا أنجزنا المهمة و انتهينا هنا؟
فأومأت:" حالما ننتهي من الحديث مع زبائننا.هل أنت مستعجل للرحيل؟"
فهز رأسه:" كانت مواجهتنا هنا أخف من مواجهتنا لكارمن."
ابتسمت موللي و هي تومئ محيية ضيفا آخر:" لو كان جاستين لاتينيا أتظنه كان سيظهر الغضب؟"
نظر نك إلى الجموع فرأى جاستين:" لا, إلا اذا كان هذا يخدم مصالحه."
- إنه يركز على الفرصة الرئيسية التي هي ترقيته.ولكن ألسنا جميعا من الطراز نفسه؟
- ربما كلامك صحيح.
رغم شكوكها الماضية, أدركت أنها مستمتعة بالحفلة.كانت تشعر بوخزة ذنب في كل مرة قدمت فيها نك بصفته خطيبها, و لكن خفف من ذلك علمها بأن أكثر من تحدثت إليهم لا يعرفونها إلا من خلال صلة العمل.فرتبت الأمر بحيث ينتشر خبر الانفصال خلال أسبوعين. انتهت الحفلة حوالي الثامنة, ولم يكن لديها ما تشكوه بالنسبة إلى اهتمامه الذي كان مركزا عليها طوال الوقت.في الواقع كان ذلك نصرقا ذكيا منه. و تملك موللي شعور بالأسف لانتهاء الحفلة.
منتديات ليلاس
- شكرا لك مرة أخرى نك.و أنا ممتنة لك كل ما فعلته.
- العون كان متبادلا. كان دوني يعلم أن كارمن ستثير المتاعب.
- ألم تتكهون أنت بذلك؟
- لقد انفصلنا منذ شهرين و هي تعلم ذلك لكنني سمعت أنها قادمة هذا النهار, ففكرت في مواجهة في المقهى في مثل هذا الوقت أسهل منها في مكان أكثر ازدحاما. ذلك أنني لم أكن أريد أن أنفرد بها.إياك أن تثق بامرأة تحتقرها, كما يقال.
- هذه نصيحة سأتذكرها دوما. إنها تبدو من النوع المولع بإثارة المشاكل بين الناس
- إنها تحب الاستعراض مثل بريتاني صديقتك.
- أرجوك برتاني ليست صديقتي.ولا أريد أن أراها مرة أخرى.
- لكنها ستكون غدا صباحا في الشركة كعادتها.
- آه حسنا هناك أشياء يجب الصبر عليها.
على الأقل ارتاحت موللي من شفقة زملائها في العمل.فقد سر أكثرهم بالتعرف إلى نك و بدت عليهم السعادة من أجلها.
- هل لديك سيارة؟
- لا فقد جئت في تاكسي.سأنادي سيارة و أصل إلى البيت بسرعة فائقة.
أومأ إلى حارس الباب فأحضر لها تاكسي في لحظة. فمدت يدها إليه لتصافحه:" شكرا مرة أخرى يا نك لمساعدتك."
- أنا واثق أن للخطيب بعض المزايا. ثم أخذها بين ذراعيه في عناق سريع.
ما الذي حصل؟ لم تدرك موللي ما يحدث. عدة ساعات من الثرثرة مع هذا الرجل وما زالت جاهلة به.لم تتوقع عناقه ولا استجابتها له: "الوداع , يا موللي ماغاير."
تنهدت و هي تنظر إليه من نافذة السيارة التي كانت تبتعد بها. جاستين ليس الرجل الذي يجب أن تبكي على فراقه إنما هذا الرجل نك بايلي .