المنتدى :
مغامرات ليلاسية من وحي خيال الأعضاء
صائد الظلام - كاملة
السلام عليكم ورحمة الله ....
هنا أضع قصتي الثانية....
ولا داع للتطويل الممل ...
ولكن قبل وضعها هناك شروط إن كنت تريد/ تريدين قراءة القصة بمتعة أكبر...
1- احرص على أن يكون سكون الليل هو ستار غرفتك ولا مانع ببعض القهوة أو النيسكافيه.... الخ من المشروبات التي ينبعث دخانها الساخن باعثاً الطمأنينة في النفس( فالقصة محتاجة رواقة)!!
2- يفضل قراءتها قبل النوم مباشرة ( عشان تبقى القصة لسه طازة في عقلك الباطن وانت داخل الغرفة وتقفل النور وتعم الغرفة الظلام)...
3- سم الله واتوكل ( ولكن أرجو أن لا أحصد دعوات علي)... مهلا مهلا...( لا تنسى الأذكار..)..
منتدى ليلاس الثقافي
والأن أستطيع الإطمئنان عليكم...
ولهذا فسيبدأ حبر قلمي بالانسكاب على الورق متخذا طريقه على شكل حروف وكلمات لتشكل لكم هذه القصة..
مع تمنياتي لكم بوقت ممتع... ولي بردود مشجعة...و... بسم الله أبدأ...
__________________________
صائد الظلام- لعبة ذات قواعد بسيطة...جداً!!!
لا تحتاج سوى غرفة مظلمة .
وقد قررت انا وبعض زميلاتي ان نلعبها، ندخل غرفة من الغرف ونعين واحدة منا لتكون هي الصيادة ، ثم تطفأ النور وتبدا بالبحث عنا في الظلام!!!
" سأبدأ !!" .....
وانطفا النور....و,,
بدات اللعبة!!!
لم اكن انا الصيادة لذا فقد اخذت اسير دون هدى في ظلام محاولة كتم انفاسي الخائفة وخطواتي المضطربة في الظلام.
نعم...كما تفكرون تماما...انا اخاف من الظلام، ولا ادري حقا ما الذي دفعني للعب ؟!
وبينما انا امشي في الظلام فاذا بي اتعثر بشئ كدت ان اشتمه لوقوفه معترضا طريقي بكل سخافة، وجدت الهواء يزيح شعري للوراء بينما انا اهوي ببطء....وصمت..نحو الأسفل.
ولكن فجاة امتدت يد ما لتحميني من السقوط، احسست بملمسها ، ثم اختفت لاستقر انا ارضاً.
خفت ان اهمس بكلمة شكر فتسمعني الصيادة ، لذا لازمت الصمت المطبق على ان اشكر منقذتي عند انتهاء اللعبة.
" أمسكت بشهرزاد".....و....انفتح النور!!!
اخذنا نضحك قليلا على شهرزاد التي اوقعت نفسها في يد الصيادة بكل سذاجة عندما ضحكت تلك الضحكة الخافتة التي لفتت انتباه الصيادة.
وفجاة تذكرت منقذتي المجهولة فقلت متسائلة: من هي تلك التي انقذتني من السقوط في الظلام؟؟؟
عندها قالت رزان وهي تضحك: لماذا؟؟وهل كنت ستقعين ارضا يا عمياء؟؟
تجاهلت ظرفها لأقول بضحكة قصيرة : انني اتكلم بجدية من تلك التي انقذتني؟؟
انطلقت سوسن بانفاعها المعهود في الكلام قائلة : ليست انا؟؟
تبعتها شهرزاد قائلة: ولا انا.
ثم آمال بهدوئها المعتاد: ولا انا كذلك.
عندها سمعت صوت ضحكة رزان وهي تقول : انها انا.
ثم تبعتها بضحكة اعلى من سابقتها قائلة: لا لا انني امزح..لست انا تلك البطلة الخارقة!!
كدت اموت غيظاً منها، ولكن...ان الله مع الصابرين.
قلت في استغراب: اذن من هي صاحبة تلك اليد؟؟
سكتوا جميعا لينظروا لي في حيرة ، فهززت راسي لأقول: لنعاود اللعب.
_ _ _ _ _ _ _ _
وفي هذه المرة قلت انا : "سأبدأ".....وأطفأت النور..و..
بدات اللعبة!!
اخذت ارهف اذني محاولة سماع اي حركة خافتة او ضحكة مكتومة تدلني على مكان واحدة من زميلاتي في الظلام الذي خيم على الغرفة ، والذي تبعه مباشرة ستار التردد والخوف الذي انسدل بهدوء تام وببطء قاتل على قلبي المسكين.
وبينما انا امشي فاذا بيد تسحبني بشدة آلمت يدي وبسرعة هزت كياني واذهلتني، وفي ثوان معدودة كانت يدي قد قبضت لا اراديا على واحدة من زميلاتي ، واظن انني عرفتها ، فقد قلت: سوسن؟؟
جاء جوابها بضحكة ثم بهمسة خافتة : اجل انه انا.
وتبعا لقواعد اللعبة فقد قلت بصوت عال: لقد امسكت بسوسن!!
و....انفتح النور!!
كانت اصابع رزان الرفيعة هي التي فتحت زر النور ، وقد قالت فور اختفاء خيوط الظلام المتشابكة من الغرفة: ما شاء الله ..امسكتي بسوسن بهذه السرعة؟؟
عندها التفتت سوسن هذه المرة لتقول بنفس لهجة رزان المستغربة: كلامها صحيح !! كيف امسكتني بهذه السرعة وانا لم اصدر اي صوت.
لم استطع منع لساني الذي اندفاع اندفاع الثور الاسباني تجاه المنديل الاحمر: لقد ارشدني احد ما الى مكانها.
سكت الجميع عقب ما قلت ، وكانت آمال هي التي شقت ذلك الصمت بخنجر لسانها الذي قال باستنكار واضح: هناك غشاشة بيننا اذن؟!
نظرت شهرزاد لهم قائلة : انها ليست انا .
نظرت آمال الى رزان واسهم الشك تنطلق من عينيها، وكأنما اصابت هذه السهام رزان فقد قالت مدافعة عن نفسها وبقوة: والله ليست انا،.
ثم تابعت بهجوم واضح على آمال: ولم لا تكون انت؟؟
هزت آمال راسها نافية وهي تقول : والله ليست انا.
اطبق الصمت بعد جملة آمال لينظر الجميع لي في حيرة واضحة على وجوههم، ثم سالتني سوسن مشككة في صحة كلامي: هل انت متأكدة من ان هناك من سحبك نحوي؟؟؟
هززت رأسي بقوة وثقة تامة : نعم..انني متاكدة...متاكدة تماما!!
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
جاء صوتي مرة اخرى قائلا: " سأبدأ".....وانطفأ النور ..و,,,
بدات اللعبة ...مرة اخرى!!
فقد قرروا بان اعيد دوري حتى لا تكون اللعبة هذه المرة بها اي احتمالية للغش.
وبهذا تركت يدي الحائط الذي كنت مستندة عليه في الظلام بقوة وكانني خائفة من ان تبتلعه الظلمة لابدا بالسير المضطرب مرة اخرى ، وتبدا كذلك حاسة سمعي بالعمل و التركيز......
ولكن فجاة وحتى قبل ان استوعب ما يحدث وجدت نفس اليد التي سحبتني في المرة السابقة تسحبني هذه المرة ايضاً، ولكن في هذه المرة كانت بقوة اكبر وبسرعة اكبر بكثير، حتى ان الهواء البارد نتيجة تحركي قد ازاح شعري الاسود الطويل ليتطاير خلفي ، ثم.....
" من انت؟؟"
اجابت تلك الفتاة التي كانت يدي قد قبضت عليها مرة اخرى بنفس الطريقة السابقة: انه انا...رزان!!
فتحت آما ل النور هذه المرة لتقول بدهشة: كيف ذلك؟؟
اكملت شهرزاد : لقد استغرقت خمس ثوان فقط لتمسكي برزان..كيف هذا؟؟
قالت سوسن عندئذ معترضة : مستحيل!!
عندها جاء صوت آمال: ولم لا؟؟ لقد كانت مي تقف هنا بجانب الباب ، فربما رزان كانت قريبة وقد اصدرت اي صوت دل على مكانها القريب ذاك فاستطاعت مي امساكها.
اوما الجميع لهذا التفسير المقنع ولكن كان صوت رزان الضعيف خلفي قد انطلق قائلا بتوتر: ولكن هناك مشكلة؟؟
نظر لها الجميع متسائلين، فتابعت: انا لم اكن بجانبها اطلاقاً!! بل كنت في الجهة الثانية من الغرفة!!!!!!!
_______________________
قبل ان ارحل الى بيتي – فقد كنت في بيت رزان- كررنا المحاولة نفسها ثلاث مرات، وكانت النتيجة واحدة!!
فانني امسك بالفتاة في خمس ثوان او اقل، وفي كل مرة نعيد فيها المحاولة يتناقص عدد الثواني بشكل مخيف حقاً.
وبعد تلك المحاولت بدانا بلعبة اخرى ، ولم تستغرق وقتا حتى عاد كلا منا الى منزله، ولا ادري لماذا احسست وكانهم قد ملوا من اللعب معي.
ولا استطيع لومهم عاى ذلك ، فما فائدة اللعب مع فتاة – بمعجزة ما- تربح دائماً.
ولا ادري ان كنت الوحيدة التي اصابها الخوف مما حدث، بل الرعب ان صح التعبير، والقلق ايضاً.
عدت الى المنزل واتجهت ببطء نحو غرفتي بعد ان حييت من بالمنزل، واخذت وانا في طريقي للغرفة افكر فيما حدث،فقد كان الامر مرعبا حقاً.
فمن تلك التي تستطيع ارشادي الى مكان زميلاتي في هذه السرعة الرهيبة ، بل السؤال الاصح هو: هل كانت تلك واحدة من زميلاتي التي ارشدتني لمكان الأخريات؟؟
مجرد التفكير في احتكالية تعدد الاجوبة لهذا السؤال تصيبني بالقشعريرة ، لذا حاولت نسيان الموضوع مؤقتاً، فانا في بيتي ولست في بيت رزان، فعلي اذن ان اطمئن.
دخلت غرفتي المظلمة وبينما انا كذلك دخل خلفي اخي الصغير البالغ من العمر ثلاثة سنوات، وحياني بلهجة طفولية غير مفهومة ولكنني فهمت ما رواء كلامه، قفد كان يرحب بعودتي لكن بلغته الخاصة.
ولكنني فوجئت بنظراته المشاغبة والتي تعني انه مقدم على امر ما، وبالفعل فقد امتدت يده الصغيرة لمقبض الباب ليغلقه خلفي وتسبح غرفتي في بحر من الظلام لا قعر ولا نهاية له.
اتجهت نحو زر انور لازيح تلك الظلمة التي ترهبني، وبينما انا كذلك فاذا بي اتعثر بتلك الطاولة التي دائما ما انسى وجودها في الغرفة.
انني ...اسقط...ببطء ..
ولكن ...
امتدت يد قوية لتنتشلني من السقوط وتعيدني الى الارض بهدوء دون ان اقع او اصاب بخدش.
عندهها ارتكزت على الارض واخذت احملق في الاشئ ، بينما عقلي يعمل كالف جهاز حاسب آلي يقوم بحسابات معقدة تاما.
اذن...فظنوني كانت خاطئة...
لم ينتهي الامر بخروجي من منزل رزان...
ليست المشكلة في منزل رزان ...بل المشكلة معي اينما ذهبت!!!
حملقت في الظلام وقد اتسعت عيناي رعبا لما اكتشفته للتو!!
انا لست وحدي في ظلمة هذه الغرفة!!!!!!!
ولا اذكر اي شئ بعدها سوى سقوطي على الأرض مغشياً علي!!!!!
-------------------
داعبت أشعة الشمس المزعجة عيني وكانها تصرخ مع أمي التي قالت: إلى متى الكسل؟؟ الساعة الأن الثانية عشر ظهراً، وانت لا تزالين نائمة؟؟
نهضت بكسل شديد من على عرش النوم الدافئ الجميل لأنظر لأمي بنصف عين.
قالت بحزم: هيا انهضي من السرير وصلي الظهر ثم تناولي افطارك.
لا أدري لماذا استوقفتني كلمة في كلامها هذا، فكررت ورائها: السرير؟!
وما ان استوعبت الموضوع حتى فتحت عيناي بفزع وصرخت: السرير؟! وما الذي احضرني الى السرير؟؟
نظرت لي أمي باستغراب شديد جداً، ولم تلبث نظرة الاستغراب الا ان تحولت الى نظرة ساخرة وهي ترد علي: وأين من المفترض أن تنامي اذن؟؟ في المطبخ؟؟
تجاهلت سخريتها ليبدأ عقلي بالعمل كالمحرك التوربيني، ما الذي أحضرني الى السرير؟؟
فإن آخر ما أتذكره من ليلة أمس على حد ذاكرتي هو انني سقطت على الأرض بعد اكتشافي انني لست وحدي في الغرفة.
أي ببساطة لقد أغمي علي!! اذن فمن الشخص المجهول الذي وضعني على السرير؟؟
سألت أمي بلهجة لا تزال آثار الصدمة عالقة فيها: امي، هل انت من وضعني على السرير؟؟؟
نظرت لي بدهشة لتجيب: لماذا واين نمت انت أصلاً قبل ذلك؟؟
اتضح لي من اجابتها انها لا تعلم شيئا وليست هي ذلك الشخص المجهول، اذن من؟؟
اهما اخوتي مرام او مروة؟؟
ولكن مرام ومروة أصغر مني بكثير ولن يستطيعوا أبدأ حملي ووضعي على السرير، اذن فلم يبقى سوى...........
"ابي؟!"....
نظر لي أبي اثر ندائي من ورائي جريدته وقال: ماذا هناك؟؟
سألته في شئ من التردد: هل انت من وضعني على السرير؟؟
رفع احدى حاجبيه كما يفعل دائما ما اذا استغرب من امر ما ، وأكاد اجزم انه يظن ان ابنته الكبرى قد جنت؟!
ثم قال بعد ان استفاق من دهشته: لماذا ؟؟ الم تنامي في سريرك ليلة أمس؟؟
هززت رأسي نافية وقلت: لا بل نمت على الارض، ولكنني في الصباح وجدت انني قد نمت على السرير!!
أعاد وجهه للجريدة وقال بلهجة لا مبالية: لا ليس انا، وربما انت قد استيقظت عندما لم تشعري بالراحة وذهبت الى سريرك.
همست بيأس: أجل ، ربما.
ثم اتجهت الى المطبخ لأعد فطوري وقد تركزت فكرتان في رأسي:
الأولى: لم يضعني أحد على السرير ليلة أمس.
الثانية: انا لم انهض كما قال ابي وذهبت للسرير من تلقاء نفسي.
والمصيبة هي انني متأكدة من هاذين الأمرين!!!
اذن فمن وضعني على السرير؟؟
.............................................
اتجهت الى غرفتي لاجلس على حافة السرير وأفكر.........
فقد كنت الى الان غير مصدقة لما حدث.....
كيف نمت على سريري اذا لم يكن هناك من نقلني اليه؟؟
أهو نفس الشئ الذي منعني من السقوط في الظلام ليلة أمس؟؟
أهو ذلك الشئ عينه الذي ساعدني في لعبة صائد الظلام التي لعبناها في بيت رزان؟؟
هدأ عقلي قليلاً وبدأ يصفو!!
فقد قررت أن انفذ فكرة ما ، فكرة مجنونة ولكنني سأنفذها...
فالوقت الأن هو ما بعد العصر ، وهو مناسب جداً!!
وهكذا بدأ التنفيذ.
أطفأت النور وأغلقت الباب ، ثم اتجهت الى النافذة لأغلق آخر منفذ من عالم الضوء وتغرق غرفتي في الظلام.
ظلام دامــــــــــــــــــــــــس!!!
الأن الخطوة التالية.. ولكن ماهي؟؟
لحظة ، لقد كنت أقع او كنت احاول الوصول الى شئ ما عندها يأتي ذلك الشئ، اما الأن فكيف سيأتي؟؟
"وجدتها!!!"
سأحاول التفكير في شئ ما ، شئ أريد الوصول اليه؟؟؟؟؟؟؟
اممممممممممممم.... السرير!
وهكذا بدات السير، وماهي الا ثوان معدودة حتى هبت ريح قوية جداً أزاحت شعري للوراء لاجد نفسي قد اصطدمت بشئ ما.
بدأ قلبي بالنبض السريع وانا اتحسس ذلك الشئ, الذي اصطدمت به...
" يا الاهي"
هكذا همست في رعب عندما تبينت الشئ الذي اصطدمت به، فقد كان سريري؟!
أصابني الجنون ، فجريت إلى مكبس النور وفتحته وبدأت بفتح خزانات الملابس كلها ، والنظر تحت الأسرة ، ووراء الباب، وكل مكان يجوز فيه الإختباء، وفتحت كل ما يمكن فتحه...ولكن
لا شئ...
لا أحد...
اذن فأنا وحدي طوال الوقت في هذه الغرفة.
اما في الظلام فلا.
فكيف ذلك؟؟
تهالكت على سريري وانا في قمة الحيرة!!
.....................................
بعد حوالي نصف ساعة كنت أتمشى في حينا الهادئ بينما الهواء يتلاعب بطرف عباءتي!!
فقد فكرت في ان الهواء الطلق قد يساعد ذهني المتعب من كثرة التفكير على الصفاء، والتفكير فيما ينبغي عمله.
وبينما انا كذلك فاذا برجل عجوز يمر بجانبي، لم انتبه له كثيراً في البداية، ولكن ما لفت انتباهي هو انه توقف فجأة ليقول: انت!!!
التفت له بدهشة وانا اقول: عذراً؟
نظر لي ثم ابتسم: يبدو انه يتبعك في كل مكان.
حدقت به مطولا ثم قلت: من هو ذا؟؟
لم يجبني، ولكنه ابتسم بحزن فهتفت: من هو ذاك الذي يتبعني؟؟
قهقه بصوت منخفض قبل ان يدير ظهره لي ويستعد للابتعاد، وهمس وكأنه يكلم نفسه: من المؤسف ان تذهب شابة في عمرك بسرعة هكذا.
كدت أن اسأله عما يقصده بهذا الكلام، ولكن هبت ريح أثارت الغبار من حولي فاضطررت ان أغلق عيني لبرهة وما أن فتحتها ثانيةً حتى كان العجوز قد ابتعد مسافة كبيرة جداً........!
عندما وصلت الى المنزل كان آذان المغرب قد ارتفع صداه في الأرجاء، دخلت الى غرفتي المظلمة لأفتح النور بسرعة، فانا ما عدت أطيق الظلام، فقد كان ينجح في ان يصيب قلبي المسكين برعب وهلع لا مثيل له.
وهكذا بدلت ملابسي سريعا وخرجت من الغرفة لأتجه الى الطابق السفلي.
"أمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي"!!
هكذا ناديت على أمي بصوت عال، ولكنني لم أتلق رداً، فأخذت ابحث عنها في أرجاء المنزل ولكنني لم أجدها، بل لم أجد أي من أفراد أسرتي!!
أين ذهبوا؟؟؟؟؟
مددت يدي لأضغط على أرقام الهاتف بتوتر شديد، أجابني صوت أمي: مرحباً مي!
صرخت: أين انتم؟؟
ردت أمي: لقد خرجنا الى المتجر لشراء بعض الحاجيات!!
سكتت انا ولم أجب فقالت أمي: سنعود بسرعة، لن نتأخر.
-حسناً.
- هل تريدين منا احضار أي شئ لك؟؟
- لا شكراً.
- حسناً، الى اللقاء.
وأغلقت الهاتف، وضعت السماعة بتردد واضح وانا أتأمل الغرفة الفارغة.
لقد أصبحت وحدي...... وحدي تماماً!!
جلست وقد التفت ذراعاي حولي في فزع، اذن فانا أمامي وقت طويل حتى يعود لي الأمن بعودة أبي وأمي.
أخذت أحدق بالفراغ بينما قلبي يكاد يتوقف.
عندها فقط أدركت أن أسوأ انواع الخوف هو الخوف من المجهول.
الخوف من الاشئ........
ان تعلم ان هناك شئ سئ سيحدث.
وانك خائف........
نفسي يضيق........
المكان من حولي يتسع........
بينما انا وحيدة.....
المكان يزداد برودة أكثر من ذي قبل........
أرى البخار الأبيض الناتج عن تنفسي.....
اذن فأنا لا أتخيل......
المكان بالفعل بارد........بارد جداً....
فجأة أظلمت الدنيا من حولي!!!!!
لم أصرخ، بل لم انبس بنبت شفة........
فهناك انواع من الرعب لا تستطيع حتى الصراخ عندها.......
وهو اقصى انواع الرعب!!!
نظرت بهلع وقلبي يكاد يتوقف الى الشباك الذي تسلل منه ضوء القمر، المنفذ الوحيد في هذه الغرفة.
وما ان كدت أنهض لأتجه هاربة من خلاله حتى فوجئت بيد تدفعني بقوة لأرتد مصطدمة بالحائط.
بدايةً لم أستوعب الأمر، ولكنني سرعان ما أفقت عندما وجدت الشباك يغلق!!
صرخت بقوة:لا!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ثم جريت الى الشباك محاولة فتحه، تشبثت به بقوة، بينما تلك القوة الهائلة تود غلقه.
وبينما انا كذلك فاذا بقبضة هائلة اندفعت نحو بطني، سقطت أرضاً وانا أتأوه بشدة ولا ادر ماذا أفعل.
أخذت بالصراخ الهستيري.....
عندها سمعت صوت بسيط ........بسيط جداً........
أخذت اراقب وأراقب.....الشباك وهو يغلق ببطء.........
يغلق علي دون أدنى رحمة......
ثم.......ظلام دامس.......و
لا شئ
..........................................
"مسكينة تلك الفتاة....لابد من انه وقت عصيب"
هكذا قالها العجوز المستقر على سطح احدى المنازل المقابل لمنزل الفتاة.
ثم التفت لذلك الظل الذي بجانبه ليسأل: أليس ذلك قاسياً؟؟
خرج من الظل صوت بارد كالثلج وهو يقول: تلك هي غلطتها....
تلك الحمقاء....هؤلاء الحمقى الذين كانوا قبلها... هؤلاء البشر...لا يعلمون ان هناك حواجز يجب عليهم الا يتخطوها...يظنون ان العالم ملكهم ...وانهم وحدهم....وأنه لا توجد خطوط حمراء لا يجب تخطيها..
صمت ذلك الشئ قليلاً، ثم قال بهدوء: هناك أشياء عدة لا تجوز التجربة فيها، كاللعبة التي لعبتها تلك الفتاة،فلكل لعبة قواعد، وخصوصا ألعاب الظلام، وأول قاعدة هي ان لا تلعب لعبة في الظلام وانت تخشاه....فانك بذلك تكون قد أزعجت صائد الظلام، وتكون قد تخطيت حدودك لتدخل في عالمه المقدس........وعندها فأنت في نظره دخيل غريب مزعج يستحق العقوبة!!
نظر العجوز لمنزل الفتاة التي بدأ شباكه المغلق بأن يفتح بشكل مسرحي وكأنه فتح ليعرض المشهد الأخير.
نطق العجوز ساهماً: ولكن أليست عقوبة صارمة؟؟
نطقها وأخذ ينظر لمنظر الفتاة الملقى على الأرض بهدوء بينما الشباك يفتح شيئاً فشيئاً سامحاً لضوء القمر بالدخول فتتضح الصورة أكثر فأكثر.
الفتاة ملقاة على الارض بلا حراك وملامح وجهها تعكس الفزع والرعب الذي واجهته خلال الدقائق الماضية قبل مقتلها.
رد ذلك الظل بصوت رخيم وهادئ تاماً: هناك قاعدة يبدو ان البشر لم يتعلموها بعد ، وهي ان لا تلعب لعبة دون ان تضع في حسبانك العواقب، وخصوصا ان لم تكن على علم ودراية تامة بها، فانك ان اخطأت ، لاتتوقع ان يسامح الجميع خطأك هذا وينسوه، فليست كل الألعاب هي التي تستطيع اعادتها مرة أخرى بعد فشلك، فهناك اشياء ان فشلت بها مرة بسبب رعونة زائدة أو مغامرة غبية فانك لن تحظى بفرصة أخرى لتحاول ان تمحو فشلك!!
تمت بحمد الله وتوفيقه.
|