كاتب الموضوع :
المرآة
المنتدى :
الارشيف
* الكونت دي لاروش*
قرأ فان اولدين الخطاب في صمت وقد استحال وجهه الى لون قرمزي...واستشاط غضبا..وراى الرجال الذين كانوا ينظرون اليه العروق تنفر من جبهته...ويديه تشنجان بلا وعي وأعاد الخطاب دون ان يتفوه بكلمة واحدة وكان مسيو كاريج ينظر الى مكتبه ...اما عيني مسيو كو فقد ثبتا على السقف بينما كان مسيو بوارو يزيل ذرة من الغبار عن كمه كانوا من اللباقة بحيث لم ينظر اي واحد منهم اليه.
وحسب ما تقتضيه واجبات المهنة كان مسيو كاريج اول من طرق الموضوع اذ قال
- بما استطعت يا سيدي ان تعرف من...من الذي كتب هذا الخطاب؟
فرد فان اولدين بتثاقل
- نعم ...اعرف
وتساءل المحقق
- ومن يكون ؟
- انه وغد يطلق على نفسه اسم الكونت دي لاروش
وتلت ذلك فترة صمت...ثم مال مسيو بوارو الى الأمام...وعدل من وضع مسطرة على حافة المكتب ثم وجه حديثه الى المليونير مباشرة قائلا
- مسيو فان اولدين ...اننا كلنا نشعر بما يسببه طرق هذه الموضوعات
من الم دفين لك..ولكن صدقني..يا سيدي...ليس الوقت وقت اخفاء الحقائق واذا كان للعدالة ان تاخذ مجراها يجب ان نعرف كل شيء ولو انك تدبرت الأمر قليلا لتبينت صحة كلامي هذا بنفسك.
وصمت فان اولدين برهة ثم اوما براسه ايجابا وقال
- انك على صواب يا مسيو بوارو رغم ما يسببه الحديث في هذا الموضوع من الم لي الا انه ليس من حقي ان اكتم شيئا
وتنهد المفتش ارتياحا واستند المحقق الى كرسيه واصلح من وضع نظارته وقال
- هلا اخبرتنا بنفسك يا مسيو فان اولدين بكل ما تلمه عن هذا الرجل؟
- لقد كانت البداية منذ احد عشر او اثني عشر عاما في باريس كانت ابنتي وقتئذ فتاة صغيرة تسيطر عليها الأفكار الطائشة الشاعرية مثل كل الفتيات في سنها ...ودون علمي قامت علاقة بينها وبين الكونت دي لاروش...ربما تكونون قد سمعتم به؟
واوما المفتش ومسيو بوارو ايجابا
واستطرد فان اولدين بقوله
- انه يطلق على نفسه اسم الكونت دي لاروش وان كنت اشك في انه يحمل اي لقب
فقال المحقق موافقااياه على رايه
- انك لن تجد اسمه بين حملة الألقاب
وقال فان اولدين
- لقد تبينت بنفسي هذا...كان الرجل وغدا وسيما له جاذبية خاصة بالنساء وافتتنت به روث.ولكني سرعان ما وضعت حدا للأمر كله..اذ لم يكن الرجل بأكثر من محتال
وقال المفتش
- انك على حق فالكونت دي لاروش معروف لنا جيدا ولو كان بامكاننا ان نقبض عليه لفعلنا ولكن يا الهي ان الأمر ليس سهلا فهة غاية في الدهاء وهو دائما يرمي شباكه حول السيدات الطبقة الراقية فاذا استولى منهن على المال ابتزازا او ادعا فمن الطبيعي انهن لا يقاضينه حتى لايظهرن بمظهر الغفلة امام العالم وتاثيره عليهن لا يقاوم
وقال المليونير بتامل
- هذا صحيح ..وكما اخبرتكم..فقد وضعت حدا لعلاقتهما واخبرت روث بحقيقته فصدقتني ...وبعد حوالي عام التقت بزوجها الحالي...وتزوجا
وعلى قدر معرفتي كان هذا هو نهاية الموضوع..ولكن منذ اسبوع واحد فقط اكتشفت لدهشتي البالغة ان ابنتي قد استانفت علاقتها بهذا الكونت وانها قد التقت به مرارا في لندن وباريس وقد اعترضت على تصرفاتها الطائشة واستطيع ان اخبركم انها امام اصراري كانت على وشك رفع قضية ضد زوجها تطلب فيها الطلاق
وتمتم بوارو بصوت رقيق وهو ينظر الى السقف
- هذا مثير...
فنظر اليه فان اولدين بحدة وقال
- لقد اوضحت لها انه من الحماقة ان تستمر في علاقتها بالكونت تحت هذه الظروف وحسبت انها وافقتني رايي
وسعل المحقق سعلة خفيفة وقال
- ولكن...طبقا لهذا الخطاب...
ولم يتم جملته
وقال فان اولدين
- اعلم هذا ليس من الصواب ان نخفي الحقائق فمهما بدت غير مقبولة يجب ان نواجهها من الواضح ان روث قد رتبت امورها لتذهب الى باريس وتلتقي بالكونت ذي لاروش هناك ولكن بعد تحذيري لها لابد وانها كتبت اليه تقترح تغيير مكان اللقاء
وفكر المحقق وقال
- جزر الذهب ...انها تقع في مواجهة ايير وهي بقعة نائية رائعة
واوما فان اولدين براسه وصاح قائلا بمرارة
- يا الهي ...كيف يتسنى لروث ان تبلغ هذه الدرجة من الحماقة وتصدق ادعاءه بانه يضع كتابا عن المجوهرات لابد وانه كان يجري وراء الياقوت منذ البداية
وقال بوارو
- هناك بعض احجار الياقوت الذائعة الصيت وهي في الأصل جزء من مجوهرات التاج الروسي وهى فريدة من نوعها وقيمتها خيالية وقد تردد اخيرا ان شخصا امريكيا ثريا قد اشتراها فهل صحيح انك انت الذي اشتريتها
وقال فن اولدي
- نعم لقد اشتريتها في باريس منذ عشرة ايام
عفوا يا سيدي..ولكن يبدو ان المفاوضات التي تمت من اجل شرائها قد استغرقت بعض الوقت
- اكثر قليلا من شهرين..ولكن لماذا؟
- لقد اصبح الأمر معروفا فهناك الكثيرون يتابعون اخبار مثل تلك المجوهرات
وتقلص وجه فان اولدين وقال بصوت كسير
- اذكر الآن نكتة قلتها لروث حين اهديتها الياقوت فقد اوصيتها بالا تاخذها معها الى الريفيرا لاني لا اتحمل صدمة قتلها من اجل سرقة الجواهر يا الهي....يا للاشياء التي يقولها الانسان دون ان يدري انها قد تصبح حقيقة
وتلت ذلك فترة صمت ثم تكلم بوارو
- لنرتب الحقائق الموجودة لدينا ترتيبا دقيقا منظما تبعا لنظريتنا الحالية سارت الامور كالاتي كان الكونت دي لاروش يعلم بشرائك المجوهرات وبحيلة بارعة حرض مدام كاترنج على ان تحضرها معها وبذلك يكون هو الرجل الذي راته ميسون في القطار في باريس
واوما الثلاثة الآخرون ايجابا واستطرد هو يقول
- لقد دهشت السيدة لرؤيته ولكنه كان مستعدا للموقف ابعد ميسون عن الطريق واحضر العشاء الى المقصورة وقد عرفنا من المحصل انه قد اعد السرير في المقصورة الاولى ولكنه لم يذخل الى الثانية وانه كان من الممكن ان يختفي فيها شخص دون ان يراه احد وحتى ذلك الحين كان الكونت مختفيا عن الانظار تماما ولم يكن احد يعلم بوجوده في القطار الا السيدة وكان حريصا على الا ترى الوصيفة وجهه وكل ما استطاعت ان تقوله انه طويل واسمر وهذا وصف غامض للاسف كانا وحدهما والقطار يندفع في الليل فلا صوت صراخ ولا مقاومة لان الرجل حبيبها كما تعتقد
ثم استدار الى فان اولدين وقال بلطف
- لابد ان الوفاة يا سيدي حدثت في الحال ولن نقف طويلا عند هذه النقطة..اخذ الكونت علبة المجوهرات التي كانت في متناول يده وبعد فترة قصيرة كان القطار يقترب من ليون
واوما مسيو كاريج برايه مؤمنا وقال
- بالضبط وينزل المحصل من القطار فيصبح من السهل على الرجل ان يغادر دون ان يراه احد ويصبح من السهل عليه ايضا ان يركب قطارا ليعود الى باريس او ليذهب الى اي مكان يريده وعنذئذ تعتبر الجريمة جريمة سرقة عادية في القطار ولولا الخطاب الذي وجد في حقيبة السيدة لما ورد اسم الكونت اطلاقا
وقال المفتش
- لقد كان اهمالا منه الا يفتش الحقيبة
- مما لا شك فيه انه اعتقد انها قد اعدمت هذا الخطاب فقد كانت _عفوا يا سيدي_ حماقة منها ان تحتفظ بالخطاب
وقال المحقق بشيء من الشك
- نعم..نعم..هناك بعض الصحة فيما تقول ولكن في مثل هذه الاوقات لا يكون المرء مالكا زمام نفسه فهو لايتصرف بروية يا الهي لو ان كل المجرمين احتفظوا بهدوئهم وتصرفوا بذكاء فكيف يتاتي لنا ان نقبض عليهم؟
وابتسم بوارو لنفسه وقال الآخر
- ان الاتهام يبدو واضحا ولكن من الصعب اثباته فالكونت يجيد المراوغة وما لم تستطع الوصيفة التعرف عليه...
وقال بوارو
- وهو شيء بعيد الاحتمال
وحك المحقق ذقنه وهو يقول
- هذا الامر صعب
وقال بوارو
- اذا كان قد ارتكب الجريمة فعلا...
وقاطعه مسيو كو
- اذا..؟اتقول ...اذا؟
- نعم يا سيدي المفتش اقول اذا...
فنظر اليه الآخر بحدة ثم قال
- انك على صواب ...لقد تعجلنا ومن الممكن ان يستطيع الكونت اثبات وجوده في مكان آخر وقت ارتكابه الجريمة وبذلك نظهر بمظهر المغفلين
ورد بوارو
- آه...هذا لايهم اطلاقا...فمن الطبيعي اذا كان قد ارتكب الجريمة ان يحاول اثبات وجوده في مكان آخر وقت وقوعها فان رجلا في مثل خبرة الكونت لن يعجز عن اتخاذ احتياطات ...كلا لقد قلت اذا...لسبب محدد تماما
- وماهو؟
وقال بوارو وهو يشير بسبابته مؤكدا كلامه
- انه علم النفس
وقال المفتش
- ماذا؟
- علم النفس ..اما ان الكونت وغد فهذا صحيح واما انه محتال فهذا ايضا صحيح واما انه ينصب الشباك حول النساء فهذا صحيح ثم احتياله ليسرق المجوهرات للسيدة ...هذا ايضا صحيح ولكن هل هو من النوع الذي يرتكب جريمة قتل؟ ردي على هذا هو كلا فان شخصا من النوع الكونت يكون دائما جبانا فهو لا يخاطر ابدا ويفضل اسلم الطرق وربما اوضعها ولكن القتل ...كلا والف كلا ولم يبد على المحقق انه يتفق معه في هذا الراي فقال بتعقل
- ولكن ياتي يوم يفقد فيه مثل هؤلاء الناس عقولهم ويندفعون الى ابعد مدى ومما لا شك فيه ان هذا ما حدث في الحادثة ودون ان اعارضك الراي يا مسيو بوارو
واسرع بوارو يوضح الموقف
- لقد كان مجرد راي والقضية بالطبع بين ايديكم وستفعلون ما ترونه مناسبا
وقال مسيو كاريج
- انني مقتنع بان الكونت دي لاروش هو الرجل الذي يجب ان نقبض عليه هل توافقني على هذا يا سيدي المفتش
- تماما
وقال المليونير
- الرجل شرير تماما لاشك في هذا
فابتسم الرجل القصير ابتسامة مضيئة وقال
- ان مهمتي ان اعرف الاشياء والكونت رجل ذكي وهو الآن يقيم في فيللا استاجرها هي فيللا مارينا في انتيب.
*بوارو يناقش القضية*
سامحوني ولكن وقتي اصبح ضيقا ليس كما في السابق "اما آسفة"
|