كاتب الموضوع :
المرآة
المنتدى :
الارشيف
ابي.....ذعرت مسز كترنج ...وطوال الصباح لم تكن اعصابها على مايرام كانت تسير على الرصيف المزدحم في محطة فيكتوريا وهي مستغرقة في التفكير وقد ارتدت معطفا طويلا من فراء المنك وقبعة صغيرة من اللون الاحمر وفوجئت بظهور ابيها وتحيته الصادرة من القلب لها
- ماذا اصابك يا روث ؟ لكم فزعت ؟
- لم اكن اتوقع رؤيتك يا ابي على ما اعتقد فقد ودعتني الليلة الماضية وقلت ان لديك مؤتمرا هذا الصباح
- نعم ..ولكنك اهم بكثير من كل المؤتمرات وقد حضرت لاراك قبل سفرك الذي يستغرق بعض الوقت
- كم هو لطيف منك يا ابي ان تفعل هذا كنت اتمنى لو انك جئت معي
- مارايك اذا فعلتها؟
كانت مجرد كلمة عابرة وفوجىء بوجتني روث تتضرجان بل لعله راى ومضة اسى تلمع في عينيها وضحكت بعصبية وقالت
- لقد ظننت انك تنوي الذهاب فعلا ؟
- زهل كنت تسرين لهذا ؟
فقالت بتاكيد مبالغ فيه
- طبعا
- جميل منك هذا
واستطردت تقول
- لن اتغيب طويلا يا ابي وكما تعلم لتذهب انت في الشهر القادم
وقال فان اولدين بلا انفعال :
- آه ...اعتقد اني ساذهب احيانا الى احد الاطباء الموجودين في شارع هارلي ليؤكد لي اني بحاجة الى الشمس والهواء
وصاحت روث
- لاتكن كسولا فالجو هناك افضل كثيرا في الشهر القادم ولديك من الاعمال ما لايمكنك ان تتركه الان
وتنهد وقال :
- هذا صحيح ومن الافضل ان تصعدي الى قطارك الان يا روث اين مقعدك ؟
ونظرت روث كترنج بشرود الى القطار وعلى باب احدى عربات البولمان كانت تقف سيدة نحيلة طويلة ترتدي ثوبا اسود كانت هي وصيفة روث كترنج وانتحت جانبا عندما صعدت سيدتها وقالت :
- لقد وضعت حقيبة ملابسك تحت المقعد يا سيدتي اذ ربما تحتاجين اليها هل آخذ البطاطين او تحتاجين اليها؟
- كلا لن احتاجها ومن الافضل ان تذهبي لتجدي مكانك الان يا ميسون
- نعم يا سيدتي
ومضت الوصيفة ودخل فان اولدين عربة البولمان مع روث ووجدت مقعدها ووضع فان اولدين بعض الصحف والمجلات على المنضدة امامها وكان المقعد المقابل لها مشغولا فالقى الامريكي نظرة عابرة على صاحبته وانطبعت الى ذهنه صورة لعينين رماديتين جدابتين وتايير انيق وتبادل مع ابنته الكلمات المعتادة في مثل هذا الموقف وسرعان ما انطلقت صفارات القطار فنظر الى ساعته ثم قال
- من الافضل ان امضي الان وداعا يا عزيزتي لاتشغلي بالك ساتولى انا كل شيء
- اوه يا ابي
واستدار ليذهب ...شيء ما في صوت روث...شيء غريب جعله يفزع ...لعله كان صرخة يأس...لقد بدت كما لو كانت على وشك ات تلقي بنفسها نحوه...ولكنها عادت وتمالكت نفسها مرة ارخى وقالت بمرح
- وداعا حتى نلتقي مرة اخرى
وبعد دقيقتين اخريين تحرك القطار
جلست روث في مكانها ساكنة تماما تعض شفتها السفلى وتحاول جاهدة ان تمنع دموعها وراودها احساس مفاجىء بالوحدة المروعة وودت لو استطاعت ان تقفز من القطار وتعود ادراجها قبل ان يفوت الوقت ولاول مرة في حياتها احست وهي الهادئة والواثقة من نفسها دائما كما لو كانت روقة شجرة جرفتها الرياح لو ان والدها عرف ترى ماذا كان يقول؟
انه جنون ...نعم هو كذلك جنون ......ولاول مرة في حياتها تمتلكها العواطف بدرجة جعلتها على وشك ان تفعل شيئا تعلم تمام العلم انه جنون وطيش ..كانت ابنة فان اولدين وكانت تعلم تماما ما تقوم به ...وكانت من الفطنة بحيث ادانت تصرفها هذا ولكنها كانت ابنته ايضا ...في عزيمتها التي لاتلين وفي رغبتها في الحصول على ما تريد ايضا ...فلا يثنيها عن عزمها شيء ...ومنذ طفولتها كانت قوية الشكيمة ...وقد زادتها ظروف الحياة صلابة على صلابتها فاندفعت في طريقها لقد فات الاوان ولن تستطيع التراجع ورفعت عينيها ...فالتقت بعيني السيدة التي كانت تجلس قبالتها وطرا على فكرها انها قد قرات ما كان يدور بخلدها فقد قرات في هاتين العينين الرماديتين فهما وعطفا
كان انطباعا طارئا...سرعان مازال ليحل محله طابع الجمود والتقطت مسز كترنج مجلة ونظرت كاترين جراي من خلال النافدة واخذت ترقب المناظر التي تتابعت امام ناظريها ...الشوارع والمنازل في الضواحي
ووجدت روث صعوبة كبيرة في تركيز تفكيرها فيما امامها ...ورغما عنها ازدحم عقلها بالمخاوف ...يا الها من حمقاء انها مثل اي شخص بارد الاعصاب واثق من نفسه عندما يفقد سيطرته على نفسه يفقدها تماما لقد تاخر الوقت احقا تاخر الوقت ؟ لو انها تجد شخصا تتحدث معه لو انها تجد انسانا ينصحها لم تراودها ابدا هذه الامنية من قبل ولم تكن لتطمئن الى اي تقدير غير تقديرها هي ولكن الان ماذا حدث لها الرعب نعم...هذا هو احسن وصف لما تعانيه الرعب هي روث كترنج كانت واثقة تماما تحت سيطرة هذا الاحساس بالرعب
ونظرت نظرة متلصصة الى السيدة الجالسة امامها لو انها كانت تعرف شخصا مثلها شخصا لطيفا هادئا وعطوفا فان مثل هذا الشخص هو من تستطيع ان تتحدث معه ولكنك بالطبع لايمكن ان تفضي بما في نفسك الى شخص غريب وابتسمت روث لنفسها قليلا لهذه الفكرة وعادت فالتقطت المجلة مرة اخرى حقا يجب ان تسيطر على نفسها ثم انها قد فكرت في هذا الامر طويلا واتخذت قرارها بمحض اختيارها ثم اية سعادة نعمت بها في حياتها حتى الان وقالت لنفسها (اليس من حقي ان اسعد قليلا ؟ ولن يعلم احد شيئا)
وسرعان ما وصلوا الى دوفر ولم تسبب لها الرحلة البحرية اية متاعب كانت تكره البرد فاسعدها ان تجد الماوى في كابينيه خاصة ابرقت بحجزها لقد كانت روث تؤمن بالخرافات وان لم تعترف هي بذلك كانت من النوع من الناس الذي تتهويه الصدفة وعندما وصلت الى كاليه واستقرت في مقصورتها المزدوجة مع وصيفتها في القطار الازرق ذهبت الى عربة الاكل ولدهشتها البالغة وجدت نفسها تجلس وجها لوجه امام نفس السيدة التي كانت مواجهتها في البولمان وابتسمت السيدتان ابتسامة خفيفة وقالت مسز كترنج
- يا لها من مصادفة
فردت كاترين
- ان الامور تسير بطريقة غريبة احيانا
وحضر الجرسون بسرعة مذهلة اشتهر بها كل من يعملون في شركة عربات النوم الدولية ووضع امامهما الحساء وعندما كانتا تتناولان الاومليت كانتا تتحدثان معا كصديقتين وتنهدت روث وقالت
- انت لشي رائع ان نستمتع بالشمس الساطعة
- حقا سيكون احساس ممتعا
- هل تعرفين الريفيرا جيدا ؟
- كلا فهذه هي زيارتي الاولى لها
- حقا؟
- اتذهبين الى هناك كل عام؟
- تقريبا فشهرا يناير وفبراير في لندن لايطاقان
- لقد قضيت عمري كله في الريف وحتى هناك فهذان الشهران كئيبان ففي معظم الاوقات يغطي الوحل كل شيء
- وما الذي جعلك تفكرين في السفر فجاة؟
- فردت كاترين
- المال لمدة عشر سنوات كاملة كنت اعمل مرافقة ليس عندي من المال الا مايكفي لشراء زوج من الاحذية القوية يصلح للريف اما الان فقد ورثت ما يخيل لي انه ثروة وان لم يكن كذلك بالنسبة لك
- بدهشني قولك هذا _ان لم يكن بالنسبة لي..._
وضحكت كاترين قائلة
- لا ادري ولكن الانسان يكون انطباعاته احيانا دون تفكير وفكرتي عنك انك واحدة من اعنى اغنياء العالم انه مجرد انطباع اعتقد اني كنت مخطئة فيه
وقالت روث
- كلا لم تخطئي الظن
وفجاة اصبحت جادة تماما وقالت
- اود لو انك اخبرتني عن انطباعاتك الاخرى عني
- انا...
وانطلقت روث بلا مراعاة لارتباك الاخرى وقالت
- ارجوك ...لاتكوني متحفظة اريد ان اعلم اذ عندما تركنا محطة فيكتوريا نظرت اليك وخطر لي انك تدركي ما يجول بخاطري
وابتسمت كاترين وقالت
- اؤكد لك انني لست قارئة افكار
- كلا ولكن ارجو ان تخبرني عما دار بخلدك
وكانت روث تبدو شديدة الللهفة مخلصة في طلبها حتى ان الاخرى استجابت لها وقالت:
- ساخبرك اذا اردت ولكن لاتظني هذا وقاحة مني لقد ظننت انك لسبب ما تعاني كربا شديدا وكنت اشعر بالاسف من اجلك
- لقد اصبت فعلا فانني اعاني متاعب كثيرة واود لو اني استطعت ان اخبرك عن بعض مابي لو سمحت
وقالت كاترين في نفسها يا الهي يا له من عالم يبدو كل شيء فيه متشابها وان تغير المكان لقد كان الجميع يروون لي ما بهم في سانت ماري ميد وهاندا الان في نفس الموقف ولكني لا اريد ان انصت الى شكاية احد فعلا
وردت بادب:
- ارجو ان تحدثيني عما بك
كانتا على وشك الانتهاء من غذائهما فازدردت روث القهوة ونهضت من مقعدها وقد نسيت تماما كاترين لم ترشف قهوتها بعد فقالت تعالي الى المقصورة معي
كانتا مقصورتين مفردتين يصل بينهاما باب وكانت في المقصورة الاخرى الوصيفة النحيلة التي راتها كاترين في محطة فيكتوريا كانت جالسة مشدودة القامة على وقعد وقد امسكت بعلبة كبيرة قرمزية اللون عليها حروف ر.ف.ك وجدبت مسز كترنج الباب الاوسط وغاصت في مقعدها وجلست كاترين امامها
- انني في مازق ولا ادري ماذا افعل فهناك رجل احبه ...احبه فعلا وقد بدا حبنا منذ كنا صغيرين الا ان الظروف فرقتنا بوحشية وقسوة والان التقينا مرة اخرى
- حسنا ؟
- انا ذاهبة للقائه الان اعتقد انك تظنين ان الامر كله خطا ولكنك لاتعرفين الظروف ان زوجي لا يحتمل وهو يعاملني معاملة مشينة
وقالت كاترين مرة اخرى
- حسنا؟
- ان ما يقلقني للغاية هو اني خدعت ابي الذي حضر لوداعي في محطة فيكتوريا اليوم هو يريدني ان اطلق من زوجي ولكنه بالطبع لايعلم اني ذاهبة للقاء رجل آخر اذ سيعتبر ذلك طيشا لاحد له
- الا تعتقدين ان الامر كذلك؟
- نعم اعتقد انه كذلك
ونظرت روث الى يديها اللتين كانتا ترتجفان بشدة وقالت
- ولكني لا استطيع ان اتراجع الان
- ولم لا؟
- انني ....ان كل شيء قد اعد وسيحطم هذا قلبه...
وقالت كاترين
- لا تصدقي هذا ...فالقلوب تحتمل الكثير
- سيظن انه ليست لدي الشجاعة او قوة العزيمة
فقالت كاترين
- ان ما تقدمين عليه لفي غاية الطيش واظن انك تدركين هذا بنفسك؟
ودفنت روث وجهها في راحتيها وقالت:
- لاادري...ادري... ومنذ غادرنا محطة فيكتوريا وانااحس احساسا رهيبا بان شيئا ما شيئا ما سيحدث لي قريبا ولا مفر منه وامسكت بيد كاترين بشدة وقالت
- قد تظنين انه جنون ان اتحدث اليك هكذا ولكني اقول لك اني احس بان شيئا رهيبا سيحدث
- لاتفكري بهذه الطريقة حاولي ان تتمالكي اعصابك ويمكنك ان تبرقي الى والدك من باريس لو اردت وسيحضر اليك في الحال
وتهلل وجه الاخرى وقالت
- نعم...سافعل...يا ابي العجوز العزيز انه لشيء غريب ولكني لم اشعر اطلاقا كم انا مغرمة به الا هذا الصباح
واعتدلت في جلستها وجففت عينيها بمنديلها وقالت
- لقد كنت حمقاء للغاية..شكرا جزيلا على ان اتحت لي الفرصة للتحدث اليك لست ادري ما الذي دفعني الى هذه الحالة الهستيرية الغريبة ؟
ثم نهضت وقالت :
- انني على ما يرام الان اعتقد انني كنت بحاجة الى شخص افضي اليه بما في مكنون نفسي لااجد الان سببا يدعوني الى هذا التصرف الطائش
ونهضت كاترين وقالت وهي تحاول ان تتحدث بصوت عادي
- انني سعيدة انك تشعرين بتحسن
وكانت تدرك تماما ان هناك فترة من الارتباك تتلو مرحلة الاعتراف بكوامن النفس فاضافت بلباقة
- اعتقد انه يجب ان اعود الى مقصورتي الان؟
ودلفت الى الممر في نفس الوقت الذي خرجت فيه الوصيفة من الباب الآخر ونظرت الاخيرة الى كاترين من فوق كتفيها وجدت الدهشة البالغة على وجهها واستدارت كاترين لترى سبب دهشة الوصيفة ولكن ايا كان الشخص الذي تسبب في ذلك فانه قد ذخل او ذخلت الى مقصورتها واصبح الممر خاليا وسارت كاترين لتعود الى مكانها في العربة التالية وعندما مرت امام مقصورة الاخيرة فتح الباب واطل وجه امراة ثم اغلق مرة اخرى بشدة لم يكن وجها ينسى بسهولة وقد ادركت كاترين ذلك عندما راته مرة اخرى كان وجهها جميلا بيضاويا تغطيه المساحيق وراود كاترين احساس بانها قد رات هذا الوجه من قبل في مكان ما
ووصلت الى مقصورتها دون مخاطرات وجلست فترة تفكر فيما افضي اليها من اسرار وتعجبت من تكون المراة ذات المعطف الفراء وكيف ستنتهي قصتها؟
ومضت تفكر لنفسها وتقول (اذا كنت قد منعت شخصا من ان يتصرف بطيش فاعتقد ان هذا عمل طيب ولكن من يدري انها من ذلك النوع من النساء اللاتي عشن طوال حياتهن انانيات صعبات المراس وقد يفيدها ان تتصرف بهذه الطريقة من قبيل التغيير حسنا لا اظن اني ساراها بعد ذلك مرة اخرى وهي بالتاكيد لن ترغب في رؤيتي وهذا هو اسوا ما في الامر حين يفضي اليك الناس باسرارهم انهم لا يريدون ان يروك بعد ذلك ابدا
وتمنت كاترين لوانهم لم يعطوها نفس المكان على مائدة العشاء واخذت تفكر في ان الموقف سيكون محرجا لكليهما ورجعت الى الوراء قليلا وقد اسندت راسها الى الوسادة واحست بالتعب والاكتئاب لقد وصلوا باريس وكانت الرحلة البطيئة بما فيها من توقف بالمحطات وانتظار منهكة ومتعبة للغاية وعندما وصلوا الى محطة ليون اسعدها ان تتمشى قليلا على الرصيف وانعشتها نسمة الهواء البارد بعد حرارة القطار ولاحظت وهي تبتسم ان صديقتها ذات المعطف الفراء من خلال النافذة
عندما عاود القطار سيره واعلنت الاجراس الصاخبة موعد العشاء مضت اليه كاترين وقد هدات كان يجلس قبالتها الى المائدة شخص مختلف تماما كان رجلا قصيرا من الواضح انه غريب له شارب ضخم ينم عن صلابة وراسه بيضاوي الشكل مائل قليلا وكانت كاترين قد اخذت معها كتابا ولاحظت ان عيني الرجل القصير مثبثتان عليه وهما تومضان وقال
- كما ارى يا سيدتي ان معك قصة بوليسية فهل انت مغرمة بمثل هذه الاشياء؟
وردت كاترين :
- انني اجد فيها التسلية
واوما الرجل القصير براسه ذليلا على فهمه التام وقال
- لقد قيل لي انها تلقى رواجا لماذا يا آنستي ؟ انني اسالك باعتبارك دارسة للطبيعة البشرية...لماذا؟
وبدت كارتين اكثر استمتاعا بهذا الحديث وقالت
- ربما لانها تعطي الانسان فرصة لكي يحيا حياة مثيرة
فاوما براسه وقال :
- نعم ....عذهناك بعض الحقيقة فيما تقولين
واستطردت كاترين تقول
- ولكن المرء يعلم تماما ان مثل هذه الاشياء لاتحدث في الواقع
ولكنه قاطعها بقوله
- انها تحدث احيانا يا آنستي في بعض الاحيان لقد حدثت لي انا شخصيا
ورمقته بنظرة سريعة فاستطرد يقول
- من يدري ربما تجدين نفسك يوما في خضم الاحداث انها الصدفة
فردت كاترين
- لااعتقد بامكان حدوثه فلم يسبق لي ان تعرضت لمثل هذا
وانحنى الى الامام وسالها
- وهل تحبين ان يحدث لك هذا ؟
وافزعها السؤال فشهقت ولكن الرجل القصير قال وهو يقوم بتلميع احدى الشوك
- لعله مجرد خيال ولكني اعتقد ان في اعماق نفسك شوقا الى احداث مثيرة حسنا يا آنسة لقد لاحظت طول حياتي شيئا واحدا "كل ما يتمناه المرء يدركه" من يدري ربما تحصلين على اكثر مما تودين وسالته كاترين وهي تبتسم اذا هي تغادر المائدة
- اهذه نبوءة؟
فهز الرجل القصير راسه وقال متباهيا
- انني لا اتنبا بشيء اطلاقا ولكن الواقع اني دائما على حق ولكني لااتفاخر بذلك سعدت مساءا يا آنسة واتمنى لك نوما هنيئا
وعادت كاترين عبر القطار وقد امتعها حديث جارها القصير ومرت امام با مقصورة صديقتها المفتوح ورات المحصل يعد السرير اما السيدة ذات الفراء فقد كانت واقفة تنظر من خلال النافذة وكانت المقصورة الاخرى كما لاحت لكاترين عبر الباب المؤدي اليها خالية وقد كومت الحقائب والبطاطين على المقعد ولم تكن الوصيفة بها
ووجدت كاترين سريرها معدا ولما كان التعب يغلب عليها فقد دخلت لتنام واطفات النور حوالي الساعة التاسعة والنصف
واستيقظت فزعة لم تكن تدري كم من الوقت مضى فنظرت الى ساعتها لتجد انها توقفت واجتاحها شعور هائل بالقلق اخذ يتزايد لحظة بعد الاخرى وفي النهاية نهضت ووضعت رداء حول كتفيها وخطت الى الممر وبدا القطار كله يلفه النعاس وفتحت كاترين النافذة وجلست الى جانبها بضع دقائق تملأ رئتيها من هواء الليل البارد وتحاول جاهدة ان تهدىء من مخاوفها ثم قررت ان تمضي الى نهاية الممر وتسال المحصل عن الوقت لتضبط ساعتها ولكنها وجدت مقعده الصغير خاليا وترددت قليلا ثم عاودت سيرها الى العربة التالية والقت ببصرها عبر الممشى الطويل المعتم ولدهشتها رات رجلا يقف ويده على المقبض الباب مقصورة السيدة ذات الفراء على اي حال ربما تكون قد اخطات وقف هناك لحظة وظهره اليها وبدا مترددا ثم استدار ببطء وانتاب كاترين احساس غريب بالخطر وادركت انه الرجل الذي التقت به مرتين من قبل مرة في ممر فندق سافوي ومرة اخرى في مكتب كوك ثم فتح باب المقصورة ودلف منه واغلقه خلفه
ومر خاطر بعقل كاترين ترى ايمكن ان يكون هذا الرجل هو الذي تحدثت عنه السيدة الأخرى ...الرجل الذي قامت برحلتها هذه لتلتقي به ؟
وعادت كاترين تقول لنفسها ان خيالها قد جمح فلا شك انها اخطات المقصورة
وعادت الى العربة الاخرى حيث مقصورتها هي وبعد خمس دقائق ابطا القطار سيره وسمعت صوت الفرامل الوستنجهاوس وبعد دقائق اخرى توقف القطار تماما في ليون.
* جريمة قتل*
|