كاتب الموضوع :
المرآة
المنتدى :
الارشيف
* فان اولدين يتلقى برقية*
في الخامس عشر من شهر فبراير...كان الضباب الاصفر الكثيف يغطي لندن وكان روفوس فان اولدين يجلس في جناحه بفندق سافوي يعمل بكل طاقته منتهزا فرصة سؤ الاحوال الجوية وكان نايتون بادي السرور...اذ انه في الفترة الاخيرة كان يلقي صعوبة كبيرة في دفع فان اولدين الى العمل اذ كلما تقدم اليه ببعض الاوراق ...رده عنه بكلمات مقتضبة...ولكن الان...كان يبدو فان اولدين وكانه قد القى بنفسه في اتون العمل...
وانتهز السكرتير الفرصة...وكان لبقا...فلم يشعر فان اولدين انه يدفعه دفعا اليه
ولكن رغم استغراقه في عمله...فان شيئاماكان يقلقه...كانت ملاحظة عابرة قد القاها نايتون بلا وعي...قد اثارت ما بنفسه.. وظلت الهواجس تلح عليه حتى فرضت نفسها فرضا عليه
وانصت الى ما كان يقوله نايتون باهتمام...وان لم تنفذ كلمة واحدة منه الى عقله..الا انه اوما براسه بطريقة آلية...وعاد السكرتير الى اوراقه يفرزها... فقال فان اولدين
-نايتون..هل لك ان تعيد هذا مرة اخرى؟
وامسك نايتون بتقرير احدي الشركات بيده وقال
-تعني هذا يا سيدي
فرد فان اولدين
-كلا..كلا..وانما اعني ما قلته لي عن لقائك بوصيفة روث في باريس الليلة الماضية اذ اني لااستطيع ان افهم ما حدث...
-لابد وانك قد اخطات
-لايمكن ان اكون قد اخطات ياسيدي..لقد تحدثت اليها فعلا
-حسنا..فلتقل لي ما حدث مرة اخرى
وقال نايتون
-كنت قد انهيت الاتفاق مع برثيمز..وعدت الى فندق "ريتز" لاجمع حاجياتي تمهيدا لتناول العشاء قبل ان الحق بقطار الساعة التاسعة من محطة الشمال وفي مكتب الاستقبال رايت امراة كنت واثقا من انها وصيفة مسز كترنج.. فذهبت اليهاوسالتها مااذا كانت مسز كترنج تنزل هنا
فرد فان اولدين
-نعم..نعم..بالطبع..فاخبرتك بان روث قد مضت الى الريفيرا وانها بعثت بها الى الريتز في انتظار اوامر اخرى
-هذا هو بالضبط ما قالته
-انه امر في غاية الغرابة..في غاية الغرابة فعلا..الا اذا كانت وقاحة المراة هي التي دفعت روث الى تركها في باريس
في هذه الحالة من المؤكد ان مسز كترنج تكون قد منحتها بعض النقود وطلبت منها العودة الى انكلترا..لاان تبعث بها لتنزل في الريتز
-نعم..هذا صحيح
كان على وشك ان يقول شيئا آخر..ولكنه سكت..كان يحب نايتون..ويثق به
..ولكنه لم يكن يستطيع مناقشة شؤون ابنته الخاصة مع سكرتيره لقد شعر بالالم لان روث لم تصارحه..ولكن هذه المعلومات التي نمت اليه بالصدفة لم تزد الامر ايضاحا
لماذا تخلصت روث من وصيفتها في باريس؟ما الدافع الذي حدا بها لان تفعل هذا؟
وفكر برهة في الصدفة الغريبة..هل كان يخطر ببال روث ان اول شخص ستلتقي به وصيفتهافي باريس هو سكرتير والدها؟ ولكن..هكذا تسير الامور..وينكشف كل شئ
وازعجته العبارة الاخيرة لقد وردت الى ذهنه بطريقة طبيعية ترى هل كان هناك شئ "يمكن ان يكتشف"؟ كان يكره ان يسال نفسه هذا السؤال فالاجابة التي لاشك فيها هي ان ارماند دي لاروش وراء هذا التصرف
كان هذا شعورا مريرا ذلك الذي احسه فان اولدين ان تقع ابنته فريسة هذا الرجل ورغم ذلك فلم يسعه الا ان يعترف بان ابنته كانت في رفقة طيبة وان غيرها من النساء الذكيات ذوات المكانة الرفيعة وقعن اسيرات سحره كان في استطاعة الرجال ان يفهموه على حقيقته..اما النساء فلم يستطعن
واخذ يبحث الان عن عبارة تزيل اي شك يكون سكرتيره قد شعر به..فقال
-ان روث تغير رايها متى يحلو لها
ثم اضاف في نبرة حاول الا تحمل اي اهتمام
-الم تعطك الوصيفة اي سبب لهذا التغير في خطة سيدتها؟
وكان نايتون حريصاعلى ان يبدو صوته طبيعيا وهو يقول
-لقد قالت يا سيدي ان مسز كترنج قد التقت مصادفة بشخص تربطها به صلة صداقة
-احقا؟
واستطاع السكرتير ان يتبن نبرة القلق التي تبدو مغلفة بالهدؤ اذ قال فان اولدين
-آه...هو رجل ام سيدة؟
-اعتقد انها قالت انه رجل يا سيدي
واوما فان اولدين براسه...لقد تحققت مخاوفه..
نهض من مقعده وشرع يذرع الغرفة..وهي عادة كانت تلازمه عندما يستبد به القلق ...ولما عجز عن كتمان مشاعره اكثر من ذلك انفجر قائلا
-هناك شئ واحد لايستطيع اي رجل ان يفعله..وهو ان يقنع امراة بان تسمع صوت العقل..يبدو انه ليس لديهن اي قدر من الادراك..لنتكلم عن غريزة المراة..ان المعروف في جميع انحاء العالم ان المراة هي"الهدف الذي لايخيب بالنسبة لاي آفاق"فلا تستطيع الواحدة منهن ان تدرك ان من تلتقي به وغد...بل يمكن ان يخدعها اي رجل وسيم بكلامه المعسول..ولو كان الامر بيدي...
وقاطعه ذخول خادم يحمل برقية ففضها وغاض الدم في وجهه واستند الى ظهر مقعد حتى يتمالك نفسه من السقوط ثم اشار الى الخادم ان يغادر غرفته
-ماذا حدث يا سيدي؟
وقال فان اولدين بصوت مبحوح
-روت....
-مسز كترنج؟
-ماتت
-في حادث قطار؟
فهز فان اولدين راسه بالنفي وقال
-كلا يبدو من هذه البرقية انها انشلت ايضا انهم لايقولونها صراحة يا نايتون ولكن ابنتي المسكينة قد قتلت
-يا الهي..يا سيدي
ونفر فان اولدين البرقية بسبباته وقال
-هذه البرقية من البوليس في نيس يجب ان استقل اول قطار الى هناك
وكالعادة كان نايتون الرجل الكفء ينظر الى الساعة ثم قال
-قطار الساعة الخامسة من محطة فيكتوريا يا سيدي
ودق الجرس التلفون بحدة ..ورفع السكرتير السماعة
-نعم من المحدث؟
ثم قال لفان اولدن
-انه مستر جوبي...يا سيدي
-جوبي؟ لااستطيع ان اقابله الان كلا ...انتظر مازال لدينا وقت ليصعد الى هنا
كان فان اولدين رجلا قويا وفي الحال استعاد هدؤه ولم يكن احد ليلحظ شيئا في تحيته لمستر جوبي
-انني متعجل يا جوبي الديك شئ هام تخبرني به؟
وسعل المستر جوبي وقال
-لقد غادرت مستر كترنج لندن يا سيدي صباح امس في طريقه الى الريفيرا
ويبدو ان شيئا ما في صوته قد افزع مستر جوبي فتخلى لاول مرة عن عادة عدم النظر الى محدثه ورمق المليونير بنظرة سريعة
وساله فان اولدين
-وباي قطار سافر؟
-القطار الازرق يا سيدي
وسعل المستر جوبي مرة اخرى وقال موجها حديثه الى الساعة الموضوعة على المدفاة
-وقد كانت معه في نفس القطار الآنسة ميراي الراقصة فيى البارتينون.
|