كاتب الموضوع :
*melody-82*
المنتدى :
الارشيف
( الحلقة الأولى )
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. كل عام وأنتم بخير، تقبل الله منا الصيام والقيام، ويرضى عنا ويعتقنا هذا العام، ويكون رمضان خيرًا على الأمة بأكملها. أشعر بعاطفة حب في الله شديدة جدًّا تجاهكم، حيث يجمعنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن حول العرش منابر من نور عليها قوم لباسهم نور ووجوههم نور ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء)، قالوا: "صفهم لنا يا رسول الله"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هم قومٌ اجتمعوا على محبة الله وطاعة الله على غير أنساب بينهم).
استقبال رمضان:
سيجمعنا سويًّا هذا العام في رمضان برنامج قصص القرآن، حيث ستتحدث كل حلقة عن قصة من قصص القرآن. وحلقة المقدمة هذه للتعريف بالبرنامج وما سنفعله فيه، ولكي نأخذ نية جميعًا ونشدُّ الهمّة حيث سنبدأ بالتحدث عن ثواب رمضان.
يقول سلمان الفارسي: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر ليلة من شعبان، فقال: (أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر جعل الله صيام نهاره فريضة وقيام ليله تطوعًا، من تقرب إلى الله فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة، وهو شهر المواساة وهو شهر يُزاد فيه رزق المؤمن، من فَطََّر فيه صائمًا، كان مغفرة لذنوبه وعتقًا لرقبته من النار، وكان له من أجر الصائم من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئًا)، فقالوا: "يا رسول الله ليس كلنا يجد من يُفََّطِر عليه الصائم"، فقال النبي: (يُعطي الله هذا الأجر لمن فَطََّر صائمًا ولو على شربة ماء، أو مُسقة لبن). فإذا أخذنا فريضة صلاة الظهر، والحسنة بعشرة أمثالها، إذن هي في رمضان بسبعين، فماذا إذا صليت في جماعة! إذن صلاة الظهر وحدها تقريبًا في رمضان بـ4 ملايين حسنة، فماذا إذا قمت بهذا في الخمس صلوات في الثلاثين يومًا؟! مَنْ - بعد هذا الكلام- ينوي شدّ الهمة ووضع كنوز من الحسنات؟ الجزء الجميل أيضًا أنه شهر يزداد فيه رزق المؤمن، والرزق ليس مالا فقط، بل يمكن أن يكون دمعة عين من خشية الله أو الإحساس بالقرب الشديد من الله.
لنرى حديثًا آخر معًا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاء رمضان، فُتِحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب النار، وسُلسِلت الشياطين)، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاء رمضان جاء منادٍ: يا بادي الخير أقبل، يا بادي الشر أقصر) فمَنْ يرد على المنادي بأنه فاتح ذراعيه بالخير الثلاثين يومًا؟ ومثل ظاهرة المد والجزر في البحر يحدث في رمضان مدٌّ في الطاعات وجزر في المعاصي، جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (أن الله تبارك وتعالى إذا جاء رمضان فصام العبد كما يُحب ربنا ويرضى، يقول للملائكة: انظروا يا ملائكتي، ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، أُشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لعبدي) تخيل اسمك وهو يقال في السماء! وحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الجنة لتتزين من السنة إلى السنة لشهر رمضان، فإذا جاء رمضان نادت الجنة تقول: اللهم اجعل لي في هذا الشهر من عبادك سكانًا)، تُرى من سيُبنَى له قصر جديد هذا العام؟ يقول النبي: (فمن صان نفسه في رمضان جعل الله له قصرا من ذهب وفضة في الجنة، لو أن الدنيا جُمِعَت ووضعت في هذا القصر، لم تكن إلا كمربط عنزٍ في الدنيا)، إنه مثل باب الريان المكتوب للصائمين فقط الدخول منه يوم القيامة، فمن سيحافظ على نفسه؟ من سيُقلع عن السجائر؟ من سينهي علاقة حرام؟
ثواب رمضان:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه) بحيث تخرج لصلاة العيد وصفحتك بيضاء. حديث ثان للنبي: (من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه)، وحديث آخر للنبي يقول فيه: (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه)، فإذا ضاعت منك أيام لنسيان أو مرض، تجد في هذا الحديث فرصة أخرى في العشرة الأواخر. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولله عتقاء من النار في رمضان وذلك كل ليلة)؛ وكأن هناك رقاب ممسوكة بسلسلة فيأتي رمضان فتقطع هذه السلسلة، فهنيئًا لك أُعتقت من النار! تُرى من سيُعتق في اليوم الأول؟ ومن في اليوم الثاني؟ ومن في اليوم العاشر؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ينظر الله إلى عباده فمن كان مخلصًا صادقًا كتبه الله من عتقائه، فأروا الله من أنفسكم خيرًا فإن الشقيّ من حُرِمَ رحمة الله في رمضان.
حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (وللصائم عند فطره دعوة لا ترد)، ولذلك الآية: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ...} (البقرة:186)، نزلت في رمضان وفي وسط آيات الصيام، ولهذا كان الصحابة يُعِدّون في رمضان خمس أو ست دعوات يدعون بها طوال الشهر وينقضي رمضان ولا يأتي رمضان القادم إلا وقد أجاب الله لهم ما قد دعوه، فهل نويتم وعزمتم بشدة ؟ سنصوم كما يريد الله؟ سنصون أنفسنا في رمضان؟ ولكن ما سر كل هذا الثواب في رمضان؟! وما سر تشريف رمضان؟ القرآن هو الذي شَرَّف رمضان، ولذلك الآية: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ...} (البقرة:185).
شعار رمضان:
وشعار برنامجنا هذا العام هو: سأحيا بالقرآن، فلنكتبه ونضعه أمامنا ونُجمله، ونحبه ونتخلق به، وننجح به ونجمع أُسرنا عليه، وننزله على المنتديات. هناك أشياء يجب أن نفعلها لكي نشعر بالقرآن ونحيا به؛ وهي أن نترك القرآن يدخل قلوبنا، فالصحابة حين كانوا يسمعون: (يا أيها الذين آمنوا) كانوا يستمعون كأنها موجهة إليهم ويقولون: "نعم يا رب"، القرآن الذي أسماه الله تعالى هدىً وشفاء ونورًا وهداية وحقًّا، ولذلك الآية: { إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا } (الإسراء:9)، وفي آية أخرى: { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ... } (الإسراء:82)، وفي الآية: {... وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا} (النساء:174)، فكان الصحابة يعرفون قارئ القرآن من النور الذي بوجهه ولسانه.
القرآن مثل الروح التي تدخل على روحك لذلك في الآية: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ...} (الشورى:52)، فإذا أردت تقوية روحك وأردت إرادة جديدة وقوة فوق قوتك وروحًا فوق روحك فاقرأ القرآن، خاصة إذا كنت مُقدمًا على أمر مهم مثل الزواج. أتريد معرفة القرآن؟ اسألوا قارئي القرآن، فقد حوّل القرآن أُمة ترعى الغنم إلى أُمة ترعى الأمم! ولذلك الآية: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى ...} (الرعد:31) تعني أنه إذا كان القرآن يصلح لتحريك الجبال لتحركت، وإذا كان يصلح لتقطيع الأرض لقُطِعت، وإذا كان يصلح لتكليم الموتى لكانوا قد فهموا، {... بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا ...} (الرعد:31)، ولهذا كانت كل انتصارات الأُمة في رمضان بينما يقرأون القرآن، حِطين وبدر وفتح مكة ودخول الأندلس وحرب 6 أكتوبر.
المصحف قادر على أن يُصلح حياتك في رمضان هذا العام، تقول الآية: {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ...} (الأنبياء:10) وذكركم هو مستقبلكم ونهضتكم وعزتكم. كان أحد الصحابة وهو أحمد بن قيس يفتح كل يوم المصحف ويقول: "لأنظر ما يقول في ربي اليوم"، فيجد الآية: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ ...} (التوبة:111)، فيقول: "لستُ من هؤلاء"، ثم يفتح اليوم الثاني فيجد الآية: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ...} (النساء:145) فيقول: " لستُ من هؤلاء"، ثم يفتح في اليوم الثالث فيجد الآية: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ...} (التوبة:102)، فيقول: "أنا من هؤلاء". أرأيت كيف كانوا يتعاملون مع القرآن؟ فهو لتحيا به وتُصلح به، ولتنجح في زواجك به ولتنجح مع أصحابك به.
فكلما تكلم الله تعالى عن الكون تكلم عن القرآن بالطريقة نفسها ليخبرنا أنهما متشابهان، ولذلك الآية: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (الملك:1)، والآية: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (الفرقان:1)، والآية: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ...} (الأنعام:1)، والآية: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} (الكهف:1)، ثم يُقسم ويقول: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} (الواقعة: 75-76)، ثم يقول: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} (الواقعة:77)، وكأنه يقول لك أنك ترى النجوم والبحر والجبال والسماء موعظة، فهل ترى القرآن موعظة؟ فالقرآن يدخل على عينيك ولسانك وروحك ليصلح ويطور ويُحسّن من حياتك.
وكل يوم يزداد فيه تركيزك مع القرآن تجد نورا جديدا في الوجه، وتجد إرادة جديدة وإصلاحا جديدا، هكذا سنقرأ القرآن في رمضان هذا العام. قم بختمتين في رمضان؛ ختمة قراءة وختمة صلاة، أو ختمة قراءة وختمة تراويح، وختمة في العشر الأواخر، أو ختمة قراءة وختمة مع العائلة. كانت السيدة عائشة تقرأ القرآن في رمضان من الفجر للشروق ثم من العصر للمغرب ثم تصلي التراويح ثم تقرأ من الليل حتى الفجر. يقول أحد الأئمة: "في رمضان، ليس عندي أي علم إلا القرآن"، ويقول الإمام أحمد بن حنبل: "كان رسول الله خُلقُه القرآن"، فيظل الإمام أحمد بن حنبل يبحث يوميًّا عن الأخلاق الموجودة في القرآن ويقول: "أريد في رمضان أن تكون أخلاقي على أخلاق القرآن". وهنا، لمن يقول أنا ختمت 3 ختمات دون تصليح نفسه، أقول له: أصلح أخلاقك كما سمعت، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفًا من كتاب الله فله فيه حسنة والحسنة بعشرة أمثالها، لا أقل "الم" حرف ولكن ألفٌ حرف، ولامٌ حرف، وميمٌ حرف)، فبسم الله الرحمن الرحيم تسعة عشر حرفا × 10= مائة وتسعون حسنة! هذا مضروب في السبعين الخاصين برمضان، يقال لقارئ القرآن يوم القيامة: اقرأ وارتق ورتل فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)، ستكون في الجنة وترى عرش الله عز وجل وسيكون سقف قصرك، هذا لمن سيحيا ويتخلق ويصلح الأرض بالقرآن، مَنْ سيخرج الآن ورقة وقلما ويكتب: سأحيا بالقرآن وتحتها عدد الختمات وأنواعها؟
قصص القرآن:
سنتفق الآن كيف سنتعامل مع القرآن، وننجح به ونُصلح به، ونُصلح علاقاتنا مع أُسرنا به؟ وكيف ندخل الجنة به؟ هذا كله سيكون عن طريق قصص القرآن التي تُعلمنا 4 أشياء:
1. كيف تُحب وتفهم القرآن؟
2. كيف تُصلح حياتك وأخلاقك وتنجح في حياتك أنت وأسرتك؟
3. كيف تتعلق بأسماء الله الحسنى؟
4. كيف تنهض وتحيي الأرض؟
كثير من الناس لديهم حاجز عن فهم القرآن، ربما يكون حاجز الثقافة، ولهذا تأتي القصص؛ فالنفس البشرية مثلما تربينا كلنا على حكاية قبل النوم، فأنت حينما تفهم القصة يمكنك أن تُكمل مع القرآن بالطريقة نفسها، تمامًا، مثل حفظ القرآن حيث نبدأ بالجزء الثلاثين الذي به قصار السور، فتستطيع بعدها أن تحفظ الأكبر. تمامًا، مثل راكب السفينة الذي يضعون له معبرا ليمر عليه، وكذلك القصص سهلة على النفس لتمر منها إلى سفينة القرآن.
لدينا ثلاثون قصة - آخذين مساحة كبيرة من القرآن- سنظل طوال الحلقات نشرح القصص، حتى تعلم ما يقصده الله من الآيات، آيات ربما تقرأها منذ عشرين عامًا ولا تفهمها! وهكذا ستعرف طريقة القرآن، بل وسنقرأ الآيات الخاصة بالقصة في نهاية الحلقة، وأيضًا سنأخذ واجبًا عمليًّا لكل عائلة؛ وهي أن تقرأوا القصة سويًّا، ولتعلموا أهمية القصص، فإنه لا يوجد جزء في القرآن إلا وبه قصة، فأول سورة البقرة قصة آدم، وآخر صفحة قصة أصحاب الفيل، بل وهناك أسماء كثيرة للسور بأسماء قصص: سورة الكهف، وسورة مريم، وسورة آل عمران وأيضًا سورة القصص عبارة عن قصص! ونحن سنساعدك أن تحيي القرآن من خلال القصة.
وستصلح حياتك بالقصص.. كيف؟ فالقصص التي سنحكيها هذا العام ليست قصص الأنبياء بل قصص لأناس عاديين من الذين ذكروا في القرآن مثل: أهل الكهف - وهم شباب عادي ليسوا أنبياء ولا صحابة، فحياة البشر بها ملايين القصص، فكم قصة للشخص الواحد في حياته؟ مئات!
لقد اختار الله تعالى هذه القصص التي ذُكرت في القرآن، فما السر؟ لأنها مثل المرايا والصور التي ترى فيها نفسك، فأبطال القصص ليسوا جميعًا طيبين فهناك قارون وقابيل وهابيل...إلخ، وهي قصص قديمة لكنها قصص الماضي المستمر، وتصلح لمن يعيشون في القدس والسودان وأوروبا كما تصلح أيضًا لغير المسلمين، فالله القادر العظيم في كتابه المعجزة يجمع ثلاثين قصة يرى فيها البشر أنفسهم ليوم القيامة! وبعد الحلقة تقول: هذا أنا، أو لا أريد أن أصبح مثل هذا، أو أريد أن أصبح مثل هذا.
قصص القرآن مثل القطار الذي تركبه ويمر بجانبه قطار آخر، فلا تدري أيهما يسير وأيهما يقف؟! فتبحث عن شيء آخر ثابت لتقارن به، وهكذا قصص القرآن، فحين تصبح غير قادر على تمييز الخير من الشر والحق من الباطل في الدنيا، هنا تنظر لقصص القرآن كالنوع الثالث الثابت الذي تقارن به حالتك، فلا تتعثر بين الحق والباطل برؤيتك لهذا البُعد الثالث. مثال على ذلك، قصة تتحدث عن نوع النفس البشرية، وكما تتمنى أن تعالج جسدك ولبسك، فهناك النفس الذي مرضها أخطر من المرض الجسدي، فهل أنت نفس مطمئنة أم لوامة أم أمارة بالسوء؟ هل لديك حقد وحسد وبخل وطمع؟
قصة أخرى، لأولاد خانوا بعضهم وضيعوا تركة أبيهم، وقصة ثالثة تسألك: هل لديك قيم؟ هل لديك رصيد من الأخلاق؟ قصة مؤمن(يس) {وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى ...} (يس:20) وعلاقتها بأن تعمل وتصلح في بلدك مهما كان حولك من يأس فلا تحبط، و قصة كعب بن مالك والتي تعلمنا ألا نحيا لأنفسنا وإلا نعيش ونموت صغار، وقصة كيف تواجه الظلم والظالم؟ قصة غلام وقف أمام ملك ظالم وانتصر عليه دون نقطة دماء واحدة، وقصة أصحاب الحوت، وقصة جد وجدة قررا أن يُنشئا عائلة متماسكة (عمران وزوجته أم مريم)، والابنة مريم والحفيد عيسى، وعائلة أخرى تفرقت وحدثت لها مأساة وقُتل العريس على يد أخيه، قصة أهل الكهف وكيف أن 10 شباب في عُمر الـ16 عامًا غيّر الله بهم نواميس الكون؟ وكيف تعبد الله وتحبه وتتعلم من مريم: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} (آل عمران:43)، وقصة قدرة الله أن يحيي من مات وهي قصة عزير: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ...} (البقرة:259)، القرية هي القدس! القصة تعلمك الأمل وأن القدس ستقوم مرة أخرى، وقصة ذو القرنين الذي طاف الأرض بأكملها ولديه قوة عالمية فأصلح بها من شرقها إلى غربها {... مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ ...} (الكهف:84).
نريد أن تُخرج من القصة روحًا تحييك كل يوم، ونريد منها أن تُصلح وتعبد الله. لم أُقدم برنامجًا في حياتي جمع كل التاريخ لكل الأُمم إلا قصص القرآن، حتى إنه أثناء التحضير وجدت كل برامجي من "صناع الحياة" و"باسمك نحيا" و"الجنة في بيوتنا"، كلها موجودة في القصص، حتى إنه موجود كيف تتعامل مع ابنك؟ وكيف تربيه؟ وترتيب ما يجب أن تقوله له وكيف تجعله يسمعك؟ وهذا هو الأب الصديق، لُقمان.
ملخص الحلقة، أننا سنساعدك على قراءة القرآن والتعلق به، ونريد أن نختم أكثر من ختمة، ونريد العتق هذا العام، وفي حديث النبي: (ولله عتقاء من النار في رمضان وذلك كل ليلة)، ينظر الله إلى عباده فمن كان مخلصًا صادقًا أعتقه من النار، وإذا أعتقك مستحيل أن يأسرك، لماذا؟ لأن الكريم إذا أعتق مستحيل أن يأسرك، فالعربي الأصيل إذا حرر عبده يستحيل أن يستعبده مرة أخرى، ولله المثل الأعلى، ومن عتقِه لك أن خيرَك بعد رمضان يغلب شرك حتى وإن أخطأت، وطاعتك تغلب معصيتك.
خاتمة:
قصص القرآن ستساعدنا على أربعة أشياء هي:
1. كيف تُحب وتفهم القرآن؟
2. كيف تُصلح حياتك وأخلاقك وتنجح في حياتك أنت وأسرتك؟
3. كيف تتعلق بأسماء الله الحسنى؟
4. كيف تنهض وتحيي الأمة؟
|