كاتب الموضوع :
Bushra
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصل الثاني .....
2- أرصفة القلب المشمسة
توجهت ربيكا صباح في اليوم التالي إلى الشاطئ , وكانت الرمال الناعمة باردة تحت قدميها , ولكنها توقفت برهة عندما بلغت مكان التقاء الماء برمال الشاطئ , فمدت ذراعيها تستقبل بهما أشعة شمس الشروق .
وبرز رجل من وراء الأشجار المتناثرة . أخذ يتجه نحو ربيكا التي أحست بوقع خطوات متطفلة تقتحم عليها وحدتها , فاستدارت وهي تلهث يخالجها مزيج من الضيق والدهشة , وعندما تبينت الشخص المتسلل . كان بيير سانت كلير قد أصبح في مواجهتها فبادرها قائلاً :
" صباح الخير يا آنسه . هل أعتدت السباحة في هذه الساعة ؟ "
حاولت ربيكا أن تتمالك إذ فاجأها الرجل وهي ترتدي ثوب البحر . فشعرت بالحرج . وقالت له :
" هذا الوقت يخصني وحدي . الآنسة سانت كلاود لا تستيقظ من نومها قبل التاسعة "
هز بيير رأسه وقال :
" آه ... فهمت "
ترددت ربيكا قليلاً . ثم قالت :
" الذي أعرفه أنك مدعو لتناول العشاء . وليس لتناول طعام الإفطار "
ابتسم بيير قائلاً :
" إن لديك لساناً صغيراً لاذعاً يا آنسه . قد يدهشك أن تعرفي أنني ما جئت لزيارة الفيللا . غرفتي في الفندق حاره لذا قررت التجول بسيارتي وبينما كنت أمر بالفيللا رأيتك تسيرين نحو الشاطئ ... إنني أعتذر لتطفلي عليك "
توردت وجنتا ربيكا وقالت :
" بما انك صديق أو بالاحرى قريب لرئيستي في العمل . فإن وجودك على الشاطئ لا يفسر بأنه اقحام لوحدتي . فأنا لست سوى موظفة عند آديل "
" لا أهتم كثيراً بتعليماتك ياآنسة أنا لم اقصد المجيء إلى هنا "
لطم بيير سرواله براحة يده . ثم أستدار وسار على الشاطئ وعندئذ ضغطت ربيكا شفتيها في حسره . فقد كانت واثقة أنه لن يشير إلى هذا الحادث أمام آديل . وشعرت بالحماقة لأنها سلكت معه هذا المسلك الوقح .
وكان ينتابها إحساس غريب بأن شيئاً يجذبها إليه . وإن لم تكن هي واثقة بانجذابة نحوها . تنهدت والقت بنفسها في أحضان الماء . وامتنعت عن التفكير فيه حتى لا تبدد جمال اللحظة التي تتمتع فيها بالسباحة في البحر .
عادت ربيكا إلى المنزل وبينما كانت تقوم بتنسيق الزهور في القاعة رن جرس التلفون فرفعت آديل السماعة وعندما أعادتها كان وجهها متجهماً وغاضباً واتجهت إلى ربيكا في الحديث قائلة :
" إنه بيير ... طلب تأجيل موعد العشاء ! "
ابتلعت ربيكا ريقها بصعوبة ... وحاولت أن تظل متماسكة فتمتمت تقول بهدوء :
" أوه ... هل أشار إلى سبب التأجيل ؟ "
قالت بحدة تنم عن نوع المعاملة التي سوف تتلقاها ربيكا في هذا اليوم :
" له علاقة بأعماله التي ينجزها هنا . وفي هنا . وفي اية حال . فإنه لن يأتي ... عليه اللعنة ! "
مضت ثلاثة أيام قبل أن تراه ثانية . وكانت آديل خلالها تتحرق شوقاً إلى سماع مكالمة تلفونية منه . ولكنها لم تتلق واحدة كما أن ربيكا بدأت تعتقد أن لن يعود لزيارة الفيللا مره أخرى وعندما انتهت اعماله في سوفا . وتوجه إلى لاتوكا تضاءلت الفرصة كثيراً في رؤيته .
ولذلك كانت مفاجأة يوم ألتقت به ربيكا كانت قد ذهبت إلى سوفا لتشتري بعض الحاجيات التي طلبتها آديل وعندما انتهت من الشراء أخذت تتجول بين الاكشاك المتناثرة في السوق ... وقع بصرها على قنينة تحتوي على زيت الصندل تباع في أحدها , وهي معروضة بطريقة تجذب أنظار السياح وراح البائع يغريها بالشراء وبدا عليها التردد عندما أحست برجل يقف إلى جوارها . فأدارت رأسها وأت بيير سانت كلير .
قال وعلى وجهه علامات الوقار والجدية :
" صباح الخير يا آنسه هل تنوين شراء القنينة "
ابتسمت ربيكا ابتسامة شاحبة . وأجابت :
" لا أظن ذلك , إن منظرها جذب بصري "
" هل تعرفين أن أهالي فيجي اعتادو استعمال هذا الزيت ليطيبوا أغجسامهم به ؟ "
" إنني أفضل عليه العطور "
وتطلع بيير إلى البائع . وسأله بالفرنسية :
" هذا العطر ... كم ثمنه ؟ "
وارتجفت ربيكا ... وقبل ان يتفوه البائع بكلمة . ولت مسرعه . هاربه . فقد ادركت انه ينوي شراء القنينة وهي لا ترغب في شرائها ... وكانت قد تركت سيارتها في شارع جانبي . وبالرغم من حركة المرور في شارع سوفا وازدحام السياح بها الا انها لم تتخلص من اضطرابها لوجود بيير سانت كلير إلى حد ما إلا في ازدحام الناس .
على انها ماكادت تبلغ سيارتها . وتميل بجذعها لتضع المفتاح في الباب حتى وجدت الرجل الذي تهرب منه يقف الى جوارها . فقالت بصوت يتسم بالحزم :
" هل أفهم من هذا أنك تطاردني ؟ "
قال وعقد ذراعيه فوق صدره :
" أجل ! "
وكان شعره الاسود الكثيف مرسلاً ناعماً فوق رأسه , بينما عيناه السوداوان تشعان بكبرياء أخاذه
" أخبرني بالضبط لماذا تقتفي أثري ؟ "
هز كتفيه بإستخفاف وقال :
" لاعطيك هذا ... "
وقدم لها طرد صغير ملفوفاً بورق ملون ولكن ربيكا أبت أن تأخذه وقامت بوضع حقيبة المشتريات في السيارة ثم استدارات وقالت له :
" شكراً ... لا أريد شيئاً منك , والآن هل تسمح لي ؟ "
نظر بيير إليها ببرود وقال :
" ماذا تتوقعين أن يكون في الطرد ؟ "
" من الأفضل أن لا أخمن شيء "
" تظنين أنه زيت الصندل ... أليس كذلك ؟ "
" وماذا يكون غير ذلك ؟ "
انتزع الورقة التي تكسو الطرد , وقال :
" ماذا لو قلت لك إن شيئاً قد سقط منك في السوق . وقد عثرت عليه . فأعدت تغليفة بهذا الورق الملون ! "
وأسرعت ربيكا تتطلع الى حقيبة المشتريات ... وبدون مراجعة محتوياتها راودها الشك في انه من المحتمل ان تكون نسيت شيئاً , فعضت شفتيها وقالت :
" أنا واثقة بأن شيئاً لم يسقط مني ! أظن أنك تتعمد مداعبتي لسبب في نفسك "
رفع حاجبيه . وبحركة هادئة فض الطرد فسقط مسحوق البودرة عل راحة يده فنظرت ربيكا إلى البودرة بعيون غير مصدقة إنها بودرة تالك ذات الرائحة المعطرة التي أشترتها لآديل وشخصت ببصرها اليه ولكن عينيع لم تنما عن شيء وابتلعت ربيكا ريقها بصعوبة , ثم قالت :
" انها لا تخصني ! لايمكن ان تسقط مني وإلا سمعت صوت سقوطها ! "
" لم لا ؟ لا يمكنك سماع سقوطها وسط ضجيج السوق ! "
" لست متأكدة .... ربما أخذتها من حقيبتي "
هز رأسه في يأس . وسألها :
" ماذا فعلت حتى تحكمي علي براي ضعيف ؟ ماذا قالت لك شقيقة زوجتي ؟ "
وفتحت ربيكا باب السيارة . وقالت :
" لم تقل شيئاً ياسيد ... والآن هل تسمح لي ؟ "
" ألا تحبين استرداد علبة البودرة . ياآنسه ؟"
" أوه ... أوه من المفروض أن أخذها ! "
وانتزعت العلبة من قبضة يده , وألقت بها في المقعد الخلفي للسيارة . ثم استطردت قائلة :
" ألان يجب أن أرحل إن أديل أقصد الآنسة سانت كلاود سوف تتسائل عن سبب تأخيري "
" حسناً ... ارحلي ياآنسه . مادمت مصرة على ذلك "
وجلست ربيكا وراء عجلة القيادة . وتطلعت إليه وقالت :
" إنني لا أفهمك ! "
" أحقاً ماتقولين ؟ "
" هل أنت . أقصد هل ستأتي لتناول طعام العشاء ؟ قبل أن ترحل ؟ "
" هل ترغبين في ذلك ؟ "
شعرت ربيكا بتقلص أمعائها . وقالت متلعثة :
" أنا ... أنا ... لا شأن لي بذلك "
" أحقاً لا يعنيك ؟أجل سآتي . سأطلب من آديل تلفونياً وأرتب معها الموعد . وبعدها هل ستصحبينني في نزهة بسيارتي ؟ "
اتسعت عينا ربيكا وانتابتها رجفة . ثم قالت :
" أنا ... أنا ... أنا موضفة عند آديل . لا أستطيع الموافقة على لقاء مثل هذا . وبالاضافة إلى ذلك . فإن آديل لن توافق على هذه النزهه "
والتقت عيناه بعينيها . فقال لها :
" يجب ألا تعرف آديل . هل يجب ان تعرف ؟ "
قالت ربيكا وهي تلهث :
" أعتقد ذلك ... تبدد وقتك هباء . أنا . أنالا أشبه النساء اللواتي تعرفهن ! "
قال بيير :
" أعرف ذلك "
هزت ربيكا رأسها يأساً , وقالت :
" يجب أن أرحل .... الوداع "
فأجاب على الفور :
" إلى الملتقى "
منتديات ليلاس
|