كاتب الموضوع :
Bushra
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
هذا الفصل كتبته العزيزه ((وردة قايين))
6- لقاء الأنهار بالبحر
تجمدت ربيكا في مكانها وتطلع بول نحوها بأستغراب وأجاب :
- اجل .
ثم سأل ربيكا بنبرة رقيقة :
- هل انت بخير يا حبيبتي ؟ يبدو على وجهك الشحوب .
كان يريد ان يهدئ من روع ربيكا .
فأمسك مرفقها بيده التي بعثت الدفء والطمأنينه الى قلبها .
ولأول مره شعرت انها في أمس الحاجة اليه . وأخيرا قالت :
- انا مندهشة لمقابلة خالتك . هذا هو كل ما في الأمر . ان كلا منا تعرف الأخرى من قبل يا أنسة سانت كلاود . اليس كذلك ؟
- هل تعرفينها حقا يا خالتي آديل ؟ هل تعرفين ربيكا ؟
قلبت أديل شفتها السفلى ويبدو انها اخذت بمبادرة ربيكا في الهجوم عليها فأجابت أخيرا :
- اجل هذا صحيح . كانت ربيكا ممرضتي في فيجي .
دهش بول بالمفاجأة وقال :
- يا الهي . يالها من مفاجأة لطيفة .
تطلعت اديل الى ربيكا مليا وقالت :
- اجل اليس كذلك ؟ انك مشرقة يا ربيكا وربما كنت نحيلة قليلا .
اخذت آديل تراقب ربيكا بعينين باردتين ، في الوقت الذي كانت تتمنى فيه
ربيكا الفرار. ولم يكن السبب أن آديل أفزعتها، وإنما لأنها كانت
ببساطة لا ترغب في أن يكون لها شأن بأي فرع من فروع هذه العائلة .
قطع بول الصمت المخيم . وسأل :
-«أين شيللا؟ إنها و ربيكا صديقتان منذ عدة سنوات ".
- احقا ما تقول ؟ شيء جميل ! ستعود حالأ. أظن أنها تقوم الآن بجولة مع الكلاب ".
ثم التفتت إلى ربيكا، وقالت لها:
" تعالى يا ربيكا واجلسي إلى جانبي وأخبريني ماذا كنت تفعلين طوال هذه
السنوات ؟
ترددت ربيكا. فلم تكن تحدوها أدني رغبة في الجلوس إلى جوار آديل أمام
بول ، ولكنه شجعها على أن تتقدم إلى الأمام ، فامتثلت لرغبته وجلست على
طرف مقعد إلى جوار آديل . وفى هذه اللحظة خيل لربيكا أن الزمن قد تراجع
ثلاث سنوات إلى الوراء، فانتابتها رجفة هزت كيانها. وأدركت آديل هذه
الرجفة ، فقالت لها:
- هل تشعرين بالبرد يا ربيكا؟ سأطلب من جيليان أن يشعل النار فى
المدفاة ".ورده قايين
"هذا شيء لا يهم ".
وتطلعت إلى بول الذي كان يشعل سيكاره . وتطلعت أديل بدورها الى نحو ابن اختها وسألته :
- أين أبوك ؟
- لم اره بعد . أخبرني جيليان بأنه موجود في مكتبه . سمعت انه احضر معه بريانت .
- أجل . كانا فى أمستردام سويآ".
وحولت رأسها وسلطت عينيها على وجه ربيكا واستطردت تقول :
- يجب أن تخبر أباك بأن ربيكا هنا. أنا متأكدة أنه يرغب في مقابلتها ثانية . لقد
أصبحا صديقين عندما زارا فيجي . انت تذكرين بيير سانت كلير . اليس كذلك
يا ربيكا؟
جحظت عينا ربيكا غير مصدقة ، ورأت الحقد يبرز في عيني اديل
وتساءلت . إن اسم والد بول هو فيكتور وليس سانت كلير. وشخصت
بعينيها نحو بول ، ولكن لسوء حظها كان يتطلع إلى القادم الذي دخل لتوه إلى
الغرفة . وكانت فتاة جذابة ذات شعر أحمر، وترتدى زيأ أبيض بسيطأ، وعلى رأسها
قبعة ، فحياها بحرارة .
" أهلا شيللا. انظري يا ربيكا من التي أتت ".
ولكن ربيكا كانت تشعر بأن ساقيها لا تقويان على حملها، وإغماءة
تغشاها، عندما فكرت في أن بيير سانت كلير هنا، فى هذا المبنى. عليها أن تفر
هاربة . قبل أن تبدو حمقاء في أعين الآخرين .
ولم تدرك شيللا التوتر الذي كان يعتري ربيكا فى هذه اللحظة ،
فاجتازت الغرفة إلى حيث تجلس هي و آديل . وقالت مبتسمة :
: مرحبأ ربيكا. كم هو مفرح أن نلتقي ثانية بعد كل هذه السنوات !
تحاملت ربيكا للوقوف . وابتست ابتسامة واهنة فى وجه شيللا ستيفننز:
" أوه شيللا! عندما أخبرني بول بأنك ممرضة خالته ، لم أصدق ذلك . كيف حالك ؟
قالت ببساطة :
" أنا بخير. إن الآنسة سانت كلاود ليست مريضة متعبة . كما تعرفين بنفسك.
تجهمت ربيكا وقالت :
- أوه . أجل . أنت تعرفين أنني كنت ممرضتها فى فيجي" .
ورده
- أجل .. . أعرف.
ثم انحنت شيللا على مريضتها وراحت تسوي المساند التي تسند عليها
ظهرها. وتسألها إن كانت تشعر بالراحة . ثم انتصبت بقامتها، وأردفت تقول :
- إنني أنا والآنسة سانت كلاود صديقتان . أليس كذلك ؟
ردت آديل :
- أجل ... تمامأ.
تشبثت ربيكا بحزام حقيبتها. وسألت :
- منذ متى وأنت تعملين هنا يا شيللا؟
- منذ ثمانية عشر شهرأ.
وأضاف بول قائلأ:
- عندما ماتت أمي، عادت خالتي آديل إلى انكلترا لتقضي فترة من الوقت
كان ذلك قبل أن تلحق شيللا بالعمل هنا. أليس كذلك يا خالتي؟
ابتلعت ربيكا ريقها بصعوبة ، وبالطبع شاع الاضطراب في تفكيرها. إن
أم بول ماتت ، وإذا كان بيير هو أبوه . وعندئذ ترنحت ربيكا وحاولت أن
تمسك بيدها ظهر المقعد حتى لا تفقد توازنها، ولاحظت شيللا محنتها . فسألتها:
- هل حدث شىء يا ربيكا؟
وفى الحال بدا الاهتمام على بول الذي صاح بدوره قائلأ:
- هل حدث شئ ، يا ربيكا؟
ووضع ذراعه حول كتفيها لمساندتها، واستطرد يقول :
- هيا بنا نخرج لنتنشق الهواء. جو هذه الغرفة اصبح فاسدأ.
هزت ربيكا رأسها موافقة . ولكن آديل تدخلت قائلة:
- ألا تظن أنه من الأفضل يا بول أن تصحب شيللا صديقتها. أنا متأكدة
أن لديهما الشيء الكثير الذي يتجاذبان فيه الحديث . ولا تنسى أن ربيكا قد
أتت لرؤية صديقتها.
تردد بول قليلأ. وتمنت ربيكا أن تجد عذرأ تستطيع به الخروج مع
بول بدلأ من البقاء مع صديقتها شيللا. ولكن تفكيرها لم يهدها إلى هذا
العذر.
سألها بول :
- هل هذا ما ترغبين فيه يا حيبتي؟
- أنا ... أنا أعتقد ذلك.
ثم أرخى ذراعه من حول كتفيها. وتركها وهو يقول :
- أمرك يا خالة آديل . سأذهب لرؤية أبي. ثم نلتقي جميعأ لتناول الشاي سويأ.
ووقع نظر ربيكا على ملابس ثمينة عما اعتادت أن ترتديه شيللا منذ
خمس سنوات خلت ، وتساءلت عما إذا كانت شيللا قد تأثرت بجو الرفاهية
المحيط بها.
جلست ربيكا وقد أحست بأنها استطاعت أن تخفف من عبء جسمها على
ساقيها. بينا راحت شيللا تعد القهوة . وتقول لها:
- أظن أن فنجانأ من القهوة سوف يبعث الانتعاش إلى نفسك . هل صدمت لرؤية
آديل مرة ثانية ؟
مدت ربيكا أصابعها وراحت تتحسس مسند المقعد. وكأنها تبحث عن
. شئ تقوله ، ثم قالت أخيرأ:
- أعتقد أنها كانت صدمة لى.
قالت شيلا:
- كانت فكرة آديل أن تحتفظ بشخصيتها سرأ عليك . وعندما اكتشفت أنني
أعرفك ازداد اهتمامها بالأمر!
ضغطت ربيكا على شفتيها. وفكرت فى أن اديل لابد شعرت بالسعادة
منتديات ليلاس
عندما سنحت لها الفرصة لترى ضحيتها مرة أخرى. يا للمفاجأة ! بول ابن
بيير ! برزت هذه الحقيقة أمام عينيها، فحطمت كل الآمال التي تمنت أن تتحقق في المستقبل .
سألتها شيللا:
- ألا تسألين . هل أحب التمريض الخصوصي.
هزت ربيكا رأسها بالايجاب ، فقالت شيلا بحماسة :
- أحبه كثيرأ. كل شخص هنا. حنون . وصديق !
قالت ربيكا وهي تضغط على مخارج الكلمات :
- هل تعرفين والد بول ؟
- بيير؟ طبعأ!
تضرج وجه ربيكا بلون الدم فأن
شيللا قد نطقت اسمه عن عمد
وكأنها واثقة بمعرفتها به ، وكانت شيللا تقود بدراسة كل ما يطرأ على وجه
ربيكا.
قالت ربيكا:
- ظننت أنك متزوجة الآن من بيتر!
- بيترفيلدمان ؟ هل تتصورين أنني يمكن أن أتزوج منه بعد إيماءتك التي أدارت
رأسه إليك . أليس كذلك ؟
- ماذا تقصدين ؟ كنت أظنك تحبين بيتر.
استدارت شيللا لتصب القهوة ، وقالت :
- على الأقل كنت أظن أنني أحبه . لم يدر بخلدك أنك تسخرين من شخصي
أليس كذلك ؟ يا إلهي. إن بيتر ليس من النوع الذي يحب التورط في
العلاقات السرية إذا أبديت له ذلك . كان وجهه دائما يعبر عما يكابده.
و ر د ة ق ا ي ي ن
سيطرت شيللا على ملامح وجهها، و ناولتها فنجانا من القهوة الساخنه .
وسألتها بأدب :
-هل تحتاجين إلى سكر؟
- صدقيني. إنني لا أعرف ماذا أقول . ظننت . كل واحدة منا ظنت.
- أعرف . أعرف . دعينا نترك هذا الموضوع نهائيأ. وسأقبل تصرفك البطولي الذي
أقدمت عليه.
ضغطت ربيكا على شفتيها، وقالت :
- إني اسفة .
- لا داعي للأسف . أنت قدمت لى خدمة ، فقد عرفت بعد ذلك أنني لن أنعم
بالسعادة مع رجل مثل بيتر فيلدمان . إنه رجل سهل القياد. وأنا أفضل رجلأ
يكون سيدأ لبيته.
مالت ربيكا ورشفت قدرأ من القهوة ، وحذت شيللا حذوها.
وعندما سمعتا طرقأ على الباب ، استدارت كل منهما تلقائيأ نحوه في وقت
واحد، ولوهلة خشيت ربيكا أن يكون بيير هو الطارق ، ولكنها وجدت
بول الذي قال لها ببرا،ة :
هل هواجتماع مغلق . أم أنني أستطيع الانضمام إليكما؟
بدا تعبير دافىء على وجه شيللا وهي تقول له :
- هل تحب أن تشرب قليلأ من القهوة يا بول ؟
«لا. إنما كنت أمزح . في الواقع إن الشاي معد في غرفة خالتي آديل . وطلبت مني
ان أحيطكما علمأ بذلك.
ثم تطلع الى ربيكا بحنان . وسألها:
- هل تشعرين بتحسن الآن ؟
كانت ربيكا فى الحقيقة تشعر بأنها على شفا الانهيار، ولكنها حاولت أن تخفف من هذا التوتر فابتسمت قائلة :
- أشعر بتحسن كبير . شكرا لك .
- حسنا .
وعندئذ جذب بول يد ربيكا. فوقفت على قدميها، وعندما وصلا إلى
الغرفة ، قال بول :
- أخبرت أبي أننا وصلنا ولكنه لم يلاحظ لأنه مشغول مع توم في المشروع
الاسترالي.
ابتسمت آديل وقالت :
- لا عليك يا عزيزي، فهناك وقت كثير يمكنك أن تلتقي به فيه . أظن أنكما
ستمكثان لتناول طعام العشاء معنا.
بدأت ربيكا تقول :
- أ وه . .. . لكن .
حينمأ قأطعهأ بول بحزم قائلا :
- أجل . يمكننا البقاء. وفى الواقع إنني أتساءل عما إذا كان من الممكن أن نمضي
إجازة نهاية الأسبوع هنا. ما رأيك يا ربيكا؟
- لا يمكن يا بول !
تطلعت إليها آديل بعينين فاحصتين . وسألتها:
- لماذا؟ بول أخبرني بأنكما قد حصلتا على إجازة نهاية الأسبوع.
تطلعت ربيكا إليه متوسلة أن يتدخل ، وقالت بتلعثم :
- اننا, أوه ... بول .
ولكن بول كان لا يريد مؤازرتها، فترك الأمر معلقأ، وأحست شيللا
بالتوتر، وأرادت أن تخفف من حدة الموقف ، فقالت :
-أظن أنك وجدت صعوبة فى أن تتلاءمي مع الحياة فى انكلترا من جديد بعد
أن عشت فى فيجي؟
تنهدت ربيكا وقالت :
- أعتقد أنني تلاءمت مع جو انكلترا.
قالت آديل ساخرة :
- إنني لا أستطيع فهم سبب قرارك بالرحيل يا ربيكا. ظننت أنك أحببت الحياة
في فيجي.
حاولت ربيكا ان تبدو غاضبة حتى تخفي اضطرابها. وهي تقول :
- لقد تعبت من العيش في مكان محدود .
والتقطت شيللا خيط الحديث ، وقالت :
- لم تسنح لي الفرصة بزيارة جنوب المحيط الهادي. أظن أن الجو هناك رائع !
قالت ربيكا:
- أجل رائع .
وأدار بول دفة الحديث إلى السؤال عن صحة خالته . ثم تطرق إلى دراسته
في مستشفى بارثولوميو، ثم نهض واقفأ وقال :
- ما رأيك يا ربيكا في أن نقوم بجولة في المنطقة المحيطة بالمنزل ؟ لقد بدأ
الظلام يزحف . وأريد أن أريك جانبأ من المكان.
عضت ربيكا شفتيها. فقد كانت تود الرحيل . ولكن بدا واضحأ أن هذا
المكان ليس من النوع الذي يبدي فيه المرء هذه الرغبة . وخاصة أن بول له
حليف مثل خالته آديل ، تؤازره في رغباته ، ولذلك ابتسمت وقالت :
- أجل . أرغب في القيام بجولة .
وسارا في الممر حتى بلغا السلم الحلزوني. عندما خرج رجلان من الباب الذي
يقع تحتهما. فتجمدت ربيكا في مكانها وتراجعت بظهرها إلى الحائط ولم يدرك
بول تراجعها. وإنما أسرع يهبط الدرج . وهو يتوقع أن تتبعه . وعندما بلغ البهو،
شد انتباهه وجود والده فقال له :
- هل فرغت من عملك ؟
و ر د ه
كانت ربيكا قد لمحت بيير سانت كلير وهو يدورعلى عقبيه ، و يبتسم
لابنه ، فقفز قلبها فى صدرها. واهتز كيانها... كان بيير يرتدي ثوبأ أسود، وقد
خط الشيب رأسه وبدا لها جذابأ كسابق عهده ، وإن كان أكثر نحافة . وتذكرت
الماضي عندما اختليا فى غرفتها فى فيجي. وشعرت بصلابة صدره تضغط على
صدرها .
يا إلهي لا تدعه يتطلع إلى أعلى ويراني. يا لحماقتها ففي لحظة سوف يتلفت
بول حوله ليقدمها إلى أبيه ، وعندئذ. كتمت زفرة ندت من صدرها. فمن
الواضح أن بول لم يوضح شخصية رفيقته عندما أخبره . بنبأ وصولهما ولكن
ماذا يهم ستلتقى به وجهأ لوجه آجلأ أو عاجلأ.
رأت من الأفضل لها أن تتمسك بالهدوء، وألا تقبع فى هذا المكان ، وتبدأ فى
الهبوط وعندما شرعت تضع قدميها على درجات السلم رأت بول يلتفت حوله
بحثأ عنهأ. وقال مبتسمأ:
- تعالي يا ربيكا. أريد أن تقابلي أبي مرة ثانية ..
وسواء، ذكر بول لأبيه أنه أحضر الفتاة التي يعرفها أم لم يذكر، لأن
ربيكإ تجهل حقيقة الأمر. إلآ أنها أحست وهي واقفة فى البهو أن عيني بيير مسلطتان عليها. ولم تتطلع إليه حتى أصبحت على مقربة منه فرأت البرود يشوب عينيه . والصرامة تعلو فمه . وأخذ يهز رأسه غير مصدق ما يرى!
ولكن بول جذبها إلى الأمام ، ووضع ذراعه على كتفيها، وقال :
- حسنأ يا أبي. أنت تذكر ربيكا ليندسي . أليس كذلك ؟ .
وجدت ربيكا نفسها مضطرة إلى أن تتطلع إلى بيير، وأحست بصدمة
عندما رأت القسوة واضحة على ملامح وجهه . وأخيرأ قال :
- أجل . أتذكر ممرضة آديل !
مدت يدها لمصافحته ، ولكنها سحبتها بسرعة . كانت لمسته تشيع فى أعماقها
حلاوة تشوبها المرارة . وانتابها التوتر عندما حاولت الكلام عن أول شئ تبادر إلى
ذهنها. قالت :
- لكن اسم فيكتور قرين لاسم بول . وليس سانت كلير.
تكلم بيير قائلأ ببرود:
- اسم ابني بول فيكتور سانت كلير. وعندما التحق بهيئة المستشفى، وجدوا
اسمه طويلأ. فاضطروا لاختصاره . ..
ارتجفت ربيكا من نظرات بيير. وقالت :
- أوه ! نعم ... بدأت أفهم . ..
-
ولم يلاحظ بول رجفة ربيكا إذ تحول يتحدث إلى الرجل الآخر قائلأ:
- ربيكا. دعيني أقدم لك توم بريانت . ساعد أبي الأيمن . توم دعني أقدم لك
ربيكا ليندسي. إنها تعمل أيضأ في المستشفى، وكانت سابقأ ممرضة آديل ، وقد
التقت بأبي عندما كان يقوم بزيارة فيجي . ..
صافحها توم بريانت بحرارة ، وقبض براحته على أصابعها النحيلة ، وعلق
على ذلك ضاحكأ، وتجاوبت مع روحه المرحة بشغف . ولجأت الى ذلك حتى
تتجنب تحليلات بيير النافذة ، ووقفا طويلأ يناقشان عملها في سانت
بارثولوميو وأخيرأ قال بيير:
- اقترح الدخول إلى المكتبة . وتناول بعض الشراب ! . .
قال بول :
- كنت أنوي مصاحبة ربيكا لترى المنطقة المحيطة بالقصر . ..
أبدى بيير ملاحظته ، قائلأ:
- ولكن الظلام يسود المكان . آقترح تآجيل ذلك حتى الصباح . ..
تطلع بول الى ربيكا، وقال :
- اننا نستطيع أن نفعل ذلك في الصباح . ..
أطبقت قبضة يدها، وقالت :
- لقد نسيت يا بول . إنا لن نكون هنا فى الصباح.
تطلع إليها بيير طويلأ وقال :
- بالتأكيد. دعاك ابني لقضاء إجازة نهاية الأسبوع . بالاضافة إلى أن الضباب
أفذ يسود الجو وأصبح من الجنون قيادة السيارة ليلأ في طريق العودة إلى
لندن.
تجمدت شفتا ربيكا. تطلعت إلى بول الذي قال لها ببراءة ملحوظة :
- لا تلوميني. فلست مسؤولأ عن سوء الأحوال الجوية.
- ولكنني غير مستعدة . ألا تستطيع حقأ العودة إلى المدينة ؟.
- ولماذا نعود؟ يوجد هنا العديد من الغرف ..
قال بيير فجأة بنبرة متبرمة :
- أظن أن المناقشة قد انتهت بصدد هذا الموضوع . لا يمكنك الرحيل الليلة وعليك
بقبول دعوة المبيت هنا. والآن هيا با نتناول الشراب ..
ضغطت ربيكا على شفتيها. وساءها أن تجد بول يتخذ هذا الأسلوب
ليحقق رغبته بدون أن يفطن إلى أن بيير يرى أن ربيكا تسلك مسلك
الأطفال . ولم يكن فى وسعها أن تفعل شيئأ. فسمحت لبول بأن يأخذ بيدها.
ويقودها إلى المكتبة وهي تتلوى من غضبها المكبوت .
فتح بيير سانت كلير الباب . وكان عليها أن تمر به أثناء دخولها الغرفة .
وشعرت أثناء مرورها بأن ساقيها لا تقويان على حملها.
أجلسها بول بجوار المدفأة . وقدم لها كأسأ من الشراب ، بينما أعد قدحين أخرين له و لتوم بريانت . أما بيير فأعد لنفسه كوبأ كبيرأ من الشراب . وقد بدا واضحأ أن تماسكه قد اهتز هذا الأصيل .
كانت ربيكا سعيدة بكأسها لأنها أتاحت لها أن تركز اهتمامها فيه.
وأخيرأ قالت :
- لم أكن أتخيل المكتبة على هذه الصورة ..
ابتسم توم وقال:
- إنني من رأيك . فإن مثل هذه المكتبة أصبح نادرأ..
تقدم بيير ليقف إلى جوار المدفأة . وقد أعطى ظهره لها، ثم قال بخشونة:
- قررت أن أبيع المنزل !.
تطلع توم إليه فى دهشة . قائلأ:
- أحقأ اتخذت قرارك ؟ حسنأ. إنك تكلمت عن ذلك كثيرأ..
هز بيير كتفيه قائلأ:
- إنه مبنى كبير قليل النفع باهظ التكاليف . بالاضافة إلى أنني لم أهتم يومأ
بالمكان ..
تطلع بول إلى ربيكا ثم قال:
- ولكن أمى اختارت سان سوسي ، وفي حياتها كانت تقيم الحفلات هنا. كانت
تحب كل أسباب الترفيه . أليس كذلك يا أبي؟.
ألقت ربيكا نظرة سريعة على بيير. وتساءلت كيف يكون رد فعل كلام
بول عليه ، ولكن يبدو أن بيير كانت له وجهة نظر تختلف عن ابنه ،
ووجدت نفسها تفكر في جنيفر سانت كلير.
والتقط توم خيط الحديث مرة ثانية . وراح يتحدث إلى بول . وكانت
ربيكا تشعر أن بيير يرمقها بين الحين والآخر. وتساءلت عما يدور بتفكيره
الآن ، وأي عالم بناه لوجودها هنا، فشعرت فجأة برجفة . وهي تفكر في أمره . ما
دامت جنيفر قد ماتت . فهل ينوي الزواج ثانية ؟ ومهما تكن صورتها في نظره ،
فإنه يبدو واضحأ أن ما شعر به نحوها في فيجي أصبح أمرأ منسيأ، وكل ما
تجنيه الآن . أن تتجرع كأس آلامها!
وقطع حبل تفكيرها صوت طرقات الباب . وعندما قال بيير ادخل دخل الى الغرفة جيليان , ووجه حديثه الى سيده بينما كان يحدق في بول , وقال :
- الغرفة الخضراء معدة يا سيدي . هل السيدة الشابة ستمكث هنا الليلة ؟
- ورده قايين -
تطلعت ربيكا الى بول غاضبة بينما كان بيير يجيب قائلا :
- اجل يا جيليان . ان الأنسة ليندسي ستمضي الليلة هنا . وربما كان من الأفضل ان تريها غرفتها الآن .
نهضت ربيكا على الفور , وكانت لاترغب في البقاء . وأنما تريد ان تبتعد عن الغرفة , ان لم تكن عن البيت كله ولكن هذا الأمر كان مستحيلا بالأضافة الى انها ستبدأ الفرار من جديد .
اخيرا قالت :
- شكرا يا جيليان . احب ان اتوجه الى غرفتي .
بدا القلق على بول وقال :
- ربيكا !
ولكن ربيكا تطلعت اليه بأزدراء وقالت بأيجاز :
- سأراك فيما بعد يا بول . اسمحوا لي .
غادرت الغرفة وتبعها جيليان ثم طلب منها ان تتبعه .
وبذلت جهدا في ان ترسم ابتسامة على شفتيها تحية للخادم المسن . انه لم يكن خطأه , وما ذنبه لكي تعامله بخشونة؟ اخترقا البهو . ومرا خلال باب مصنوع من خشب البلوط ادى بهما الى ممر خلفي , فأدركت ربيكا على الفور انهما في احد البرجين . ثم بدأ جيليان يرتقي السلم الحلزوني وتبعته ربيكا وهي تتوقف بين حين وآخر لتلقي ببصرها عبر النوافذ الضيقة المتناثرة . حتى بلغا منبسط الدرج ووقف جيليان امام احدى الغرف ودفع الباب . وطلب منه ان تتقدمه في الدخول .
.عندما جالت ببصرها . بدأ السرور عليها . فقد كانت غرفة جذابة ومضاءة بمصابيح أعلى الحائط والسجاجيد
المنتشرة في أرجاء الغرفة من اللون الأخضر،
والستائر من القماش المطرز.
راقب جيليان الانطباعات التي ارتسمت على وجهها. وقال:
- حمامك ملحق بهذه الغرفة ، ولحسن الحظ أن الغرف مستقلة الواحدة عن الأخرى.
ولذلك يمكنك أن تعتبري هذا الجزء جناحأ خاصأ بك.
- الغرفة رائعة ، شكرأ.
هز جيليان رأسه قائلأ:
- إنني سعيد بأنها حازت إعجابك يا آنسة . هل تريدين شيئا آخر؟
- لا أظن . ما موعد العشا؟
- عادة . في السابعة والنصف . السيد سانت كلير يتناول كأسأ في المكتبة قبل
أن يتناول طعامه . يمكنك أن تنضمي إلى الأسرة هناك في السابعة والربع .
- هل أسلك الطريق . الذي أتيت منه ؟
- لا ليس ضروريأ. انظري.
قادها عائدأ إلى منبسط الدرج وأشار إلى بابين . وقال :
- هذا باب حمامك ، والباب الآخر يقودك إلى البهو العام ، وهذا هو الطريق المعتاد
سلوكه إلى المبنى الرئيسي .
- أوه . فهمت . شكرأ لك.
هز جيليان رأسه ، وقال مبتسمأ:
- هناك ماء ساخن إذا رغبت في الاستحمام . والآن أتركك .
ابتسمت ربيكا بدورها شاكرة . وعندما غادرها أغلقت الباب ، والقت بنفسها
على الفراش ، ودفنت وجهها بين راحتي يديها. وبعد قليل نهضت و توجهت إلى
الحمام . واغتسلت بالماء الدافىء واستعادت نشاطها. ولم تحاول أن تفكر فيما قد
يحدث في المساء. إنه موقف يتعين عليها مواجهته واجتيازه ، ولا أهمية لما قد ينجم من مأساة .
ورده قايين..
ومع كل هذا لم تستطع أن تمنع نفسها من الفكير في بيير سانت كلير. كان
عذابأ تكابده ، وذهولأ تعاني منه كلما فكرت فيه ، وكلما حاولت أن تكف عن
التفكير فيه، كانت تشعر أنه يعيش في عقلها الباطن . كان الألم يعتصر أحشاءها
بول قال إن أمه قد ماتت ، ومعنى ذلك أن بيير أرمل . وتذكرت قسوة وجهه
وهو يطلع إليها عندما التقت به بعد الظهر. وأدركت أن هذه الحقيقة لا تعني أي
شئ لديه كما تعنيها هي. بل على العكس، لقد عاملها وكأن وجودها في هذا
البيت يعد مأساة .
وتساءلت عما يكون رأية في العلاقة التي تربط بينها و بين ابنه ، كما تساءلت
عن دور آديل ، وهل خططت لكي تكشف لبول عن علاقتها بأبيه ؟ وفزعت
عدما تخيلت الروح المدمرة الي تعربد في أعماق آديل .
عادت إلى غرفها. وفجأة سمعت طرقأ عل الباب ، فقالت :
- من . من بالباب ؟
- آنا بول !
- ماذا تريد ؟
- افتحي الباب أريد أن أراك.
- لا. لم أفرغ بعد من ارتداء ملابسي. سأراك على مائدة العشاء.
- لكنني أريد أن أشرح لك.
- ليس هناك شئ يحتاج إلى شرح . ارحل يا بول .
- أوه ، أرجوك يا ربيكا . أريد أن أراك !
ترددت ربيكا. ثم وقفت ، وارتدت سروالا ثبتت أزراره ، ووضعت شالأ على
كتفيها. ثم توجهت إلى الباب ، وفتحت ، فرات بول أمامها جذابا فى زي
العشاء الأسود. قالت له :
- أنت تعرف أنه ليس لدي ثوب للعشاء،. صدقنى. هل خططت لكل هذا؟
- لم أخطط شيئأ. كيف أخطط لمجئ، الضباب ؟
تنهدت ربيكا وقالت :
- في أي0حال . كنا نستطيع أن نمكث في القرية .
قال بول بجفاء :
- كنت تثيرين الأقاويل علينا.
- لا يهمني كثيرأ.
- لماذا تكرهين البقا، هنا؟ هل هي خالتي؟ أعرف أنها مثيرة للأعصاب في بعض
الأحيان .
- لا. لا. ليس الأمر كذلك . ولكن هل كان أبوك يعرف بقدومي؟
- كيف يعرف ! كان في أمستردام .
- أوه ... صحيح !
- ما الخطأ يا ربيكا؟ يبدو عليك التوتر والحدة منذ لحظة قدومك إلى هنا. هل
هناك خطأ ارتكبته ؟
- بالطبع لا. الساعة الآن السابعة والربع . حان وقت العشاء .
اقترب منها بول ، وقال :
- أنت جميلة . هل تعرفين ذلك ؟
سارت ربيكا نحو الباب ، وقالت :
- بول ، ليس الآن .
- ما عيبي؟ أنت تتجمدين كلما دنوت منك .
- ظننت أن كل واحد منا يفهم الآخر.
- حقأ! ما تقولين ؟ حسنأ يا ربيكا، إنني آسف لقد أفسدت عليك إجازة
نهاية الأسبوع . أليس كذلك ؟
لانت ربيكا بعض الشئ وقالت :
- لا . لا ز لست انت الذي افسدها انما انا .
وردة قايين.
ومدت يدها لتتعلق بذراعه واستطردت تقول :
- هيا بنا ننضم للأخرين .
- نهايه الفصل السادس -
|