ألهذا السبب سيطر على نفسه في هذا الصباح ؟ ألهذا السبب اعتبها بريئة ؟ ألا
يعرف أنها لم تكن على علم بأمر زواجه ؟ أو أنه يظن أنها واحدة من ذلك النوع
من الفتيات اللواتى يرغبن في الإنغماس في العلاقات ؟ ما رأيه ؟ إذ كانت آديل
قد تجنبت عن عمد أن تخبرها بأمر زواجه ، فإنه كان من الأجدر بها أن تحمل
بيير على أن يفضي بالأمر لها. ولكن ترى ماذا رأت هذا الصباح ؟ وماذا كانت
تصوراتها عندما شاهدتها بين ذراعي بيير؟ هل تعتقد آديل أن علاقتها به
تجاوزت الحد؟
دفنت ربيكا وجهها في راحتيها. وأقبلت روزا ولمست ذراعها برفق .
وسالتها:
" ما بك ؟ هل أستطيع مساعدتك ؟
" لا أحد يستطيع مساعدتي!.
ثم وقفت على قدميها...واستطردت تقول :
"سأخرج يا روزا. وفي وسعك أن تخبري الآنسة سانت كلاود بانني ساعود
بعد فترة لأحمل متاعي..
"هل أنت راحلة ...يا آنسة ؟.
عضت ربيكا شفتيها وقالت .
"أجل أنا راحلة . حدث شي، ولا أستطيع البقاء هنا..
عقدت روزا ذراعيها فوق صدرها، وقالت :
"هل أنت واثقة مما أنت مقدمة عليه ؟ إن الأمر يبدو غريبأ بالنسبة إلي . ألا يمكنك
الانتظار قليلأ. يومين مثلأ...حتى تتدبري شأنك ؟.
" لا أستطيع البقاء في هذا المنزل . عن إذنك . يجب أن أذهب لأبدل ثيابي..
وقبل أن تبدل ثيابها. طلبت دكتور مانسون هاتفيأ، وأخبرته بقرارها، الذي
كان مفاجأة له ، لأنها لم تقدم له تعليلأ لرحيلها المفاجىء. وطلبت منه أن يرسل
ممرضة أخرى تحل محلها. ثم طلبت بالتليفون سيارة أجرة . وسارعت بارتداء ثوب
من القطن . أبرز رشاقة قوامها، وقامت بتسوية شعرها، وحزمت حقائبها. وعندما
أصبحت مستعدة للرحيل ، وقفت تنتظر وصول السيارة بفارغ الصبر. وأخيرأ
أقبلت و توقفت أمامها، فسارعت إلى الارتماء على المقعد،وطلبت من السائق أن
يتوجه بها إلى أحد الفنادق فى سوفا. و لم تدهش كثيرأ عندما وجدت نفسها
تجهش بالبكاء، فأخرجت منديلأ، جففت به دموعها. ولكن ليس أمامها الآن وقت
للدموع ويجب عليها أن تتخذ قرارها قبل أن تفقد الشجاعة على تنفيذه .
وكان فندق افينيدا يقع فى شارع هادىء. وقد حجزت فيه غرفة لليلة واحدة . ثم طلبت المطار هاتفيأ وسألت عن إجراءات الحجز إلى لندن . وتناولت
طعامها فى مطعم الفندق . وراحت تفكر فى الطريقة التي يمكنها من الاتصال
ببيير . فهي لم تكن تعرف الفندق الذي يقيم فيه . وهناك عشرات الفنادق
المتناثرة فى أنحاء سوفا. ولمحها موظف الاستعلامات فسألها بأدب :
"هل يضايقك شئ يا آنسة ليندسي ؟.
"لا شئ البتة . شكرأ..
"ولكنني سمعتك تسألين عن ضيف لدى القس. هل حاولت الاتصال بفندق سوفا الجديدة ؟ إن ضيوف القس يقيمون عادة هناك..
بحثت في الدليل حتى استطاعت أن تعرف رقم تليفون فندق سوفا الجديد، وأدارت القرص ، فأجابت عليها العاملة قائلة :
"هل أستطيع أن أحمل إليه رسالة عند عودته ؟
ترددت ربيكا فى الرد. فقد عرفت الآن أين يقيم بيير. وأخيرأ قالت .
" لا...لا...ليس هذا ضروريأ.
"هل أخبره من تكون المتحدثة ؟.
"ليس الأمر هامأ..
ووضعت السماعة . وعندما عادت إلى البهو، أعطت موظف الاستقبال مبلغأ
من المال ، قائلة له :
"أشكرك ...إنني ممتنة لك .
" إنا نحاول تقديم كل مساعدة ممكنة يا آنسة ليندسي.
غادرت ربيكا الفندق في الساعة الثانية بعد الظهر. كانت الشمس محرقة
والشوارع أكثر هدوءأ، فأغلب الناس تهجع في هذه الساعة . أما ربيكا فلم
تستطع أن تتذوق طعم الراحة ، لذلك قررت أن تتجه نحو فندق سوفا الجديد
الذي يقدم أعظم خدمة لعملائه من رجال الأعمال . وصعدت درجاته الرخامية .
واخترقت البهو حتى بلغت موظف الاستقبال . الذي سألها:
" هل من مساعدة اقدمها لك يا
سيدتي ؟
" أجل ...سألت منذ قليل هاتفيأ عن السيد سانت كلير فأخبروني أنه مدعو في
الخارج لتناول طعام الغداء. هل عاد الآن ؟
" ما اسمك يا آنستي. سأعرف ما إذا كان السيد سانت كلير موجودأ، أم لا.
"اسمى ليندسي.
" حسنأ يا آنسة ليندسي. استريحي على مقعد. وسأرى إذا كان من الممكن
الاتصال بالسيد سانت كلير.
هزت ربيكا كتفيها. وسارت حتى جلست على مقعد. وبدا لها ان بيير
موجود وإلا لاخبرها الموظف انه ما زال في الخارج . وبعد لحظات قليلة اقبل
الموظف وقال لها.
" السيد سانت كلير سيراك الآن يا آنسة ليندسي، إذا جئت معي؟
نهضت ربيكا وسألته .
"..ألن يأتي السيد سانت كلير إلى هنا؟
" سانت كلير سيراك في جناحه بالطبع !
" بالطبع !!
كانت ربيكا تدرك أن رجالأ أمثال بيير لا يقيمون في غرفة ، وإنما
يشغلون جناحأ، واستقلت المصعد يصحبها الموظف حتى بلغت أحد الطوابق
وغادرته لتسير فى ممر . حتى توقف الموظف أمام باب الغرفة . ثم انحنى و تركها. نظرت إليه حتى رحل عنها، وبإصرار طرقت الباب . وسرعان ما انفتح . ووجدت
بيير أمامها. كان من الواضح أنه وصل لتوه ، إذ بدت ربطة عنقه مفكوكة
وقميصه مفتوحا . تطلع إلى ربيكا في دهشة تراجع إلى الوراء كأنه يدعوها إلى
الدخول . فامتثلت لرغبته . وعندما جالت ببصرها فى الجناح أخذت بجمال وروعة
الأثاث . بينا راح بيير يلف حولها ليملأ عينيه منها بإمعان ، فتوردت وجنتاها.
وعندما قارنت اضطرابها بفرط هدوئه وثقته الزائدة ، أدركت حدود طاقتها على مواجهته ، فأسرعت تقول بحزم :
" أنا...أنا آسفة لحضوري إلى هنا على هذه الصوره . ولكن . بما أني سأرحل عن
فيجي غدأ فقد رأيت ...
ولم تستطع مواصلة كلامها...إذ قاطعها بيير فجأة ، وهو يحدق فيها بعينين
ضيقتين ، متسائلأ:
" تغادرين فيجي غدأ؟
" أجل ...وبالرغم من كل شيء!
" لحظة يا ربيكا. ابدأي الموضوع من البداية . أعني، لماذا ترحلين عن فيجي؟
من الطبيعي أنني أدركت السبب ! لقد رأتنا أديل هذا الصباح . هل انا على صواب ؟ .
" اجل . لقد رأتنا .
" هل فصلتك ؟
" لا. إنني راحلة برغبتي أنا!
" ربي. ماذا حدث إذأ؟
" بيير...أريد أن أعرف ...هل أنت متزوج ؟
" أنت تعرفين أنني متزوج .