كاتب الموضوع :
ضياع نبضة
المنتدى :
الارشيف
v~√”^√V’~-√V'^~----- ~ النبضـة الخامســة ~----~ v~~√”^√V’~-√V
ومضة :
" الصحة نعمة ... لا يقدرها الا من لا يملكها .. "
~ الجـ 1 ـزء ~
انها الساعة السابعة , أفطرت شفا واخويها ثم ودعتهما ليذهبا الى المدرسة ..
بعدها صعدت الى غرفتها لتستحم و ترتدي لبساً رياضياً كحلي اللون و معه غطاءً للرأس بلون القشدة
حملت اغراضها الضرورية في حقيبه ظهر صغيرة و خرجت من المنزل .
كان الجو صحواً و منعش , تنشقت الهواء بعمق وهي تسير متهادية للمستشفى من الجهة الخلفية
حيث تكمن مواقف السيارات و مراكز العلاجات الطبيعية والفزيائية و ايضاً صالات الرياضة ..
ابتسمت شفا وهي تعبر ممر المشاة المحاط بالشجيرات القصيرة الخضراء ..
و المرمرم بحجيرات رمادية و بيضاوية الشكل , والتي حفظت عددها حجرة حجرة بسبب كثرة مرورها بهذا المكان ...
اخذت شفا تنشد و تدمدم لحن انشودة كانت تحبها منذ صغرها ..
:" اممممم لاااا لا لا قلبي دليلي و يعرف افكاري ...
ينبض بشعوري بـ ليلي و نهاري
يبحث عن معنى حياة الانسان .. ان لم يعشها بمحبة وامان ...
بالحب تعيش الحيااااة ترارا
بالحب نرى كل الجمااااال ..
جمال النفوس وجمال السماء وجمال لا يوصف قطرات الماء .."
كانت شفا تغني بصوت ناعم و مريح للأعصاب وتمشي بتناغم مع اللحن ..
تؤرجح حقيبتها للخلف وللأمام ..
و كأنها تخلو من هموم الدنيا ولا مخاوف لها ..
كأنها طفلة لا تحمل من المسؤوليات شيئاً وتعيش خالية البال ..
عبرت طريق المواقف لتصل الى الحافة الاخرى من المستشفى حيث صالات الرياضة ..
و عندما بلغت بوابة الجيم انفتح الباب على غفلة وفي سرعة جعلت الهواء يلطش وجهها ..
فقدت شفا توازنها وكادت تقع خلفاً الا ان الشخص الاخر الذي كان مستعجلاً قد تمكن من امساك معطفها من الامام ومنعها من السقوط على ظهرها ...
شدها الشخص اليه لتقف ثم تركها و اخذ يتأسف بعفوية ... :" أنا آسف , انني على عجلة من .."
ثم عندما لمح وجهها توقفت عروقه و الجمه الصمت ...
بعدما استعادت شفا توازنها و ابتعدت عنه مسافة رسمية نظرت اليه لتتوسع عيناها ..
قال :" آنسة شفا !!! .. امم مم صباح الخير .."
ابتلعت شفا ريقها بصعوبة و بدأ تنفسها يصبح ثقيلاً :" صباح الخير دكتور فارس "
و كأن فارس قد نسى ما كان به من عجلة .:" اكيد خير .. دام شفتك "
ثم صمت متفاجأً من كلماته .. ونفس الحال بـ شفا .. : ما الذي يقوله هذا !!!
اخذ فارس يحك شعره و يعتذر :" آسف , شكلي فاطر باذنجان فاسد .."
لم تكبت شفا ضحكتها الصغيرة و تنهدت براحه :" لا عادي دكتور "
نظر الى الملف بيده و حقيبته :" امم بلاها دكتور .. انا مثل اخوك "
ضمت قدميها متوازيان و رفعت حقيبتها الى حضنها وكأنها طالبة مدرسة :" اتشرف "
صمتا للحظة عندما مرت فتاتان لتدخلان الى مبني الجيم ... فشعرت شفا بغرابة وضعهما ..
فـ بتردد اشارت الى بوابة المبنى :" ااه .. امم .. انا .. بدخل "
ياللغبااء يا شفا ما هذة الكلمات المتشتتة .. ما بك .. اذهبي حالاً ولا تحرجي نفسك اكثر ..
التفت فارس الى الباب برأسه ثم :" ااه عندك مريض تتابعين حالته هنا ؟"
توترت شفا وكادت تقول نعم ولكنها لا تعرف الكذب فهزت رأسها نفياً :" لا .. عندي موعد "
قطب فارس حاجبه .. لماذا لديها موعد ؟؟ مؤكد انها لا تحتاج لعلاج طبيعي او .. انها تحتاج ؟؟
هل هي مريضة !!!
اراد ان يستفسر اكثر عن الموضوع الا ان شفا قد اعتذرت منه
و استأذنت حتى لا تتأخر عن موعدها ...
ابتسم لها :" لا ما ابي ءأخرك .. اشوفك وقت ثاني آنسة شفا "
هزت رأسها بهدوء وابتسمت ثم اخذتها خطواتها للداخل ..
تابعها فارس بعيناه الغامضتان و قد بقي فيه فضول لا منتهي عن هذة الفتاة ...
فجأة رن هاتفه المحمول .. نظر الى المتصل ثم تأوه ..
يا الهي لقد نسيت امركِ يا دلال
تابع سيره وهو يتنهد ... شفا أنتِ متاهة ...
متاهة اشعر برغبة في ان اضيع فيها ..
ثم ركب سيارته و نظرة تلمع في عينيه .
~~~~~
بعدما عادت من المستشفى الى غرفتها بالسكن ..
اخذت ترقص فرحاً لخبر سفر فارس المفاجيء
:" آآآآآآآآه احسن فكهـــــــ منه .. بأعيش في سلام يومين "
غيرت ملابسها و ارتدت بجامتها المفضلة .. بجامة مخططة زرقاء .. تشبه بجامة الرجال ..
لكن زينة لم تهتم .. فهي حريرية ومريحة جداً لها ..
رمت نفسها على السرير خلفها , ثم امسكت بجهاز التفاز ..
و اخذت تتابع القنوات بملل واضح
:" ايش ذااا .. ملــــل مافي شي عدل ينعرض هنا ؟؟؟ "
جلست واخذت تفكر في نوع الهدايا التي ستهديها الى الصغيران ..
فكرت ان تذهب الى السوق هذا المساء ..
ولكن لا تستطيع شفا الذهاب معها فدوامها اليوم مسائي ..
اذا تذهب مع من ؟؟ و هي تفكر دخلت رفيقتها في الغرفة جينيفر و قد انهت للتو دوامها هي الاخرى
فصاحت :" جيني لقد اتيتِ في الوقت المناسب "
القت جيني اغراضها فوق السرير الاخر وتساءلت تعبه :" ماذا هناك ؟"
وقفت زينة بحماس :" ما رأيك ان نذهب الى التسوق ؟"
هزت جيني رأسها :" لا استطيع , فلدي موعد مع فرانك "
تحولت ملامحها بضجر :" يا الهي , كل ليلة تخرجان معاً "
وقبل ان تدخل المغتسل اشارت لها :" لا استطيع الذهاب معك .. Sorry “
:" افففففف مملة .. حسناً سأذهب وحدي "
و جهزت نفسها لتخرج , كانت الساعة تشير الى الخامسة والنصف عندما غادرت محيط السكن الى شوارع المدينة ..
اختارت ان تتمشى في مول قريب و تنتقي ما قد يعجبها من الهدايا ..
تمشت بين المحلات وحدها و ابتاعت اغراض عدة .. كانت مارة بمكان ولفتت انظارها كلمات العرض
" هدايا استثنائية لمن تكــره "
اول ما فكرت زينة فيه ... هو فارس ...:" ههههـ بأشوف عاد ايش وراي "
دخلت المحل ووجدت هدايا غريبة جداً , بعضها كخدع يدوية او مقالب والاخرى تبدو هدايا رائعة
لكن السر فيها انها تهدى لمن يكره هذة الاشياء ... فمثلاً ... هنا كتاب عنوانه " كيف تكون محبوباً حتى و لو كنت غليظاً " ..
ضحكت بجنون .. انه حتماً النوع الذي يحتاجه فارس من الكتب ..
عرض عليها البائع بعض الخدع ..
ابتاعت العديد منها وهي تنوي لفارس الكثير من المقالب ..
:" والله لا اطلع لك قرووونك ... انت اصبر علي بس "
و في طريق عودتها اخذت تفكر في اخيها و عائلته .. بقي يومان و يصلان ..
اين سيستأجر اخيها ليسكنوا ؟؟ ... قررت ان تتصل به و تسأل ..
بعد عدة رنات اجاب :" آلو "
بنبرتها المحبة :" هلااااا بحبيبي زيوود "
لانت نبرته :" هلا زينة .. اخبارك ؟"
وضعت الاكياس على الارض وجلست على مقعد خشبي في ساحة المول الوسيعة ..
:" انا الحمدلله زينة على اسمي "
بطرافة :" وانا نحوول "
ضحكت :" اوووه زيوود صرت تنكت .. حركااات "
:" الفضل لكِ طبعاً "
:" احم والنعم فيني .. هاه كيفك وكيف زوجتك وعيالك ؟"
رد عليها :" ان شاء الله طيبين ووصلوا بالسلامة "
قطبت زينة حاجبيها :" كيف ؟؟ ليش سافرتوا خلاص ؟"
اجاب :" اي هم سافروا البارحة لوحدهم وانا ظليت .. لحظة زينة "
ثم تحدث بصوت مكتوم لشخص ما ... واخذت تتسأل سافروا !!! اذا لماذا لم يصلوا ؟ ولماذا لم يأتي زيد ايضاً؟
بعد ثواني عاد اليها الصوت :" زينة آسف انا مشغول عندي اجتماع ادق عليكِ بعدين و اقولك السالفة "
زينة بسرعة :" لحظة زيد .. كيـ "
ولم تسمع الا انغلاق الخط على وجهها ... :" زييييود خبل تقفل بوجهي "
اتصلت مرة اخرى ولكنها وجدت الخط مغلق .. وعادت ثم طلبت رقم زوجته وكان هو الاخر مغلقاً ..
وقفت وحملت اغراضها وعادت ادراجها الى السكن .. لماذا لم يأتي زيد ؟؟
و كيف ستدبر زوجته امرها مع اطفالها هنا ؟؟ انها لا تعرف كيف تتعامل مع هذة المواقف ..
لما لم تتصل بها .. مؤكد ان هناك خطب مما حصل لهم ..
اذا هم قد سافروا البارحة فبالتأكيد وصلوا الى المطار ... ان المطار في المدينة المجاورة ..
وهيا تبعد 245 كيلومتراً عن هنا ...
سيستغرقها الامر عدة ساعات لتصل هناك و تأخذ طريق المطار ثم تنتظرهم وتستفسر عن رحلتهم التي لا تعرف حتى رقمها ...
ذلك سيأخذ منها يوماً كاملاً .. وفي الغد هناك عمل لديها ..
اقل شيء تستطيع فعله الان هو الاتصال بالمطار والسؤال ..
عادت الى السكن في سرعة ثم استخدمت الهاتف اللاسلكي للاتصال بالمطار ..
ردت عليها الموظفة :" استقبال مطار ؟؟؟ هل بإمكاني خدمتكِ"
:" نعم , اذا سمحتِ اريد ان أسأل عن اشخاص على متن طائرة قادمة من الـ؟؟؟ "
ردت عليها الموظفة :" بالطبع سيدتي , ما هو رقم الرحلة ؟"
كشرت زينة وحاولت :" امم بصدق لقد نسيت الرقم .. لكن هل بإمكانك ان تطلعي على رحلات اليوم ؟"
اجابتها :" حسناً سيدتي , هل بإمكانك اعطائي اسم الحجز ؟ "
ردت :" بالطبع , ان الحجز بإسم زيد الـ ... على الدرجة الثانية .."
:" حسناً , انتظري دقيقة من فضلك .." عادت بعد لحظة :" لقد بُدل الحجز لشخص آخر سيدتي "
:" حسناً ماذا عن حجز بإسم دلال الـ ... , تولين و بسام زيد .."
عادت الموظفة بعد فترة قصيرة :" نعم , هناك حجز بهذة الاسماء و كما أرى قد وصلت طائرتهم هذا الصباح
عند الساعة الـ 11:24 وقد ختم بقدومهم "
استعجبت زينة .. لقد أتوا ..!! اذاً لماذا لم يخبرنها اويتصلوا بها ؟؟
سألت :" هل انتِ متأكدة ؟ "
اجابتها الموظفة بفروغ صبر :" نعم سيدتي , هل هناك شيئاً آخر اخدمك به ؟"
وبغباء سألت :" اذاً اين تظنين انهم ذهبوا ؟"
صمت قصير ثم :" اخشى انني لا املك ادنى فكرة سيدتي "
شكرتها زينة و اقفلت الخط ... ما هذا ؟؟ دلال و ابنيها اتوا ولكن لم يتصلوا بها ..
لربما ان زيد قد استأجر لهم في فندق ما هناك ..
و سائق يوصلهم لفندق آخر في هذة المدينة .. ولكن مع ذلك دلال لا تعرف كيفية التصرف
انها تعتمد على زوجها في اصغر الامور ..
عادت واتصلت بها ولكن جاءها الرد نفسه ..
نظرت الى الساعة المعلقة على الحائط .. انها السابعة مساءً ..
لا يمكنها الذهاب الآن الى البلدة الاخرى .. ستنتظر الى الصباح وتذهب لأخذ اجازة اضطرارية من قسمها ..
وبعدها ستبحث في أمر زوجة أخيها ...
اتصلت بشفا التي كانت تضع هاتفها على الصامت ...
فقد كانت مشغولة بقياس ضغط مرضاها ..
عندما لم تجبها ارسلت لها رسالة قصيرة ..
و اخذت تفتح الاكياس و تغلف الهدايا آملة ان يُعجب الصغار بها ..
نظرت الى القلم الذهبي ... و ابتسمت .. سأهديك هيا بمناسبة تعينك مشرفاً على قسمنا ..
وعندما ضغطت عليه انتشر السائل الازرق في الهواء ..
ضحكت .. :" تستاهـــل اعظم من كدا .. يا ابو عيون نايمة "
انتظر .. لقد بدأت الحرب لتوها ...!
~~~~
في السماء حلقت تلك الطائرة عالياً .. بداخلها 350 شخص من شتى الاماكن ..
اغراضهم مختلفة و اسباب سفرهم تعددت ... لكن جهتهم كانت واحدة ..
و في الدرجة الاولى .. كانت المظيفات الانيقات يخدمن ركابها بكل وسائل الراحة ..
حملت مظيفة وسادة بيضاء صغيرة الى الكرسي المجاور للنافذة في أخر رواق الجناح ..
نظرت الى الفتاة الشاحبة اللون , ثم ابتسمت للرجل الساكن جانبها ..
:" تفضلي هذة الوسادة آنستي "
شكراها واخذ منها الوسادة ليضعها تحت رأس اخته ...
:" نامي الحين حبيبتي ... باقي لنا ساعات طويلة لين نوصل "
ارتاحت جود و نظرت من النافذة الى السحب :" جاسر , تظن اني بأشفى هناك ؟"
ضم يدها :" بإذن الله جود .. بتشفين ان شاء الله "
همست :" واذا ما شفيت .. و مت "
اسرع يقول وهو يضغط يدها بإصرار :" لا تقولي كذا جود , الله يطول بعمرك ويحفظك لي "
اخفضت عينيها الى حضنها :" جاسر .. اذا كان مالي أمل .. و "
قاطعها اخيها بشدة :" جووود .. لا تتشائمي .. خلي أملك بالله كبير "
جود ترفع عينها اليه وبنظرات رجاء :" أنا سمعت من الدكتور انه احتمال اموت دمـ ..."
:" جوود ارجوكِ ..."
اضطربت جود و توترت :" لا ارجوك انت جاسر ... لو صار .. اتركني اموت "
نظر جاسر اليها بحزن , و لم يرد ان يستمر بهذا النقاش الذي يسبب لها اضطرابات ولربما يؤثر فيها ..
ضمها اليه و مسح على رأسها :" خلاص حبيبتي .. ارتاحي الحين "
اخذت تتنفس بعمق وهي مغمضة عيناها ... :" جاسر احبك اخوي "
قبل رأسها بحنان :" وانا احبك بعد .. " ...
ثم صمتا ... لكن اعماقهما لم تصمت , كلاً منهما يفكر ..
وتغرقه الافكار في متاهاتها ..
بعد فترة نامت جود .. وجهها كان يوحي بالتعب ..
تأملها جاسر بحنين عميق , انها تشبه أمه كثيراً , دوماً ينظر اليها ويرى امه ...
أغمض عينيه بألم ..
أمه الرقيقة , الطيبة .. كانت .. كانت كل شيء في حياته ..
لم يكن والده النموذج المثالي للأبوة يوماً .. لم يكونا هو وامه يرونه الا نادراً ..
و لم يكونا يرغبان حتى برؤيته .. لانه كان دائم القسوة عليه وعلى امه
لقد رآءه كثيراً يضرب امه .. و يشتمها و كأنها جارية لديه ..
اباه .. كان رمزاً للقسوة .. وامه كانت العكس تماماً ..
كانت صغيرة عندما تزوجت رجل الاعمال الكبير فيصل الـ ... وكانت حلوة جداً
و طموحة جداً .. تزوجت و كانت تظن ان زواجها برجل غني سيحقق لها كل احلامها ..
ولكن الواقع أقسى من ان يعطينا ما نريد بقلبِ بارد ..
حرمها والده من اكمال دراستها , وحرمها من والديها الوحيدان اللذان توفيا ولم ترهما ..
كانت مقطوعة من شجرة .. و لم يكن لها الا ابنها ..
هو جاسر الذي عاشت و تحملت الجور لأجله
وبعد سنوات أتت أخته جود .. لتنضم اليهما في المعاناه ..
ولتأخذ من حبهما الكثير ..
ولكن تبخر كل السلام في حياته هو و اخته منذ طلق ابوهما امهما ...
طلقها وبدأت الحرب على حضانة الطفلين ..
ابيهما فيصل كان شخص غني وله نفوذه .. فبسهولة كسب كل القضايا ..
و ابعدها عنهما .. حاربت امهما لكي تستعديهما ولكنها في النهاية استسلمت ..
استسلمت ورحلت بعيداً .. تاركة ولديها في غابة الحياة ..
رحلت و معها رحلت براءة ذلك المراهق الصغير ..
ذو الـ15 سنة .. ليتحول الى رجل .. عليه مسؤوليات عديده ..
تعلم من صغره ان الحياة الاشخاص الذي يحبهم في حياته هم الاهم ..
ومع ذلك وجودهم فيها دوماً ليس مضموناً البته ..
عليه ان يحارب لكي لا يخسرهم .. وان يضحي بأغلى ما لديه ليكسبهم ..
كبِر جاسر الرجل هو واخته في بيت عمه .. لان اباه لم يكن في الجوار ..كان دوماً مسافراً ..
وكانت جود ما زالت في الـ 3 من عمرها , فكيف لولدٍ في سنه يعتني بها ..
عاشا بين عائلة عمه .. حتى وصل الى الـ 22 من عمره وقتها توفي والده ..
و ورث هو واخته كل الاملاك ..
أول أمرٍ تبادر الى ذهن فارس حينها ان يبحث عن امه ..
لكن جل ما صدمه ان وصية والده تقول بوضوح ..
:" كل الاملاك لولدي جاسر و ابنتي جود ...بشرط ان لا يبحثا عن امهما ."
كانت قسوة ابيه قد تشعبت في حياتهما , حتى بعد موته .. أيعقل أن تقسو قلوب البشر بهذا الشكل؟!
لا ينكر ان حياتهما قد تحسنت كثيراً بعد ذلك .. حتى ذلك اليوم ..
====
كان يومها في المكتب و في اجتماع مع رؤوساء فروع شركته ..
عمه كان المدير العام ..اما هو المشرف العام ..
وفي انسجامه ببنود العقد .. اقتحم سكرتيره القاعة و ناداه ..
ثم همس له بتوتر:" اتصال مستعجل من علي ولد عمك "
انقبض قلب جاسر و استأذن من الاجتماع تحت نظرات عمه المتسائلة ..
اخذ الهاتف وسمع ابشع خبر واجهه ..
علي بصوت مبحوح :" جاسر .. جود ... في المستشفى .. بتموووووت "
بعدها بساعات طويلة .. كان يقف بجانب سريرها في المستشفى ..
كانت اول مرة تنام فيها على سرير مشابه ولم تكن الاخيرة ابداً
حمد ربه انه حماها .. وكتب لها عمراً جديداً ..
ولكن مع معاناة جديدة ايضاً ..
ترك الحادث جود في حالة سيئة .. ارتجاج في مخها ..
سبب لها غيبوبة طويلة استمرت لـ 8 شهور ..
ثم بعدما افاقت من الغيبوبة نست كل شيء عن الحادث وعن سببه ..
لم يقل لها احداً شيئاً .. كل ما تعرفه انه حادث عرضي .. وامراً مقدر لها .
بعدها خضعت جود للكثير من العلاجات ..
و لحكمة ارادها الله لا يعلمها الا هو عالم كل شيء .. كُتب ان تصاب جود بمضاعفاتٍ في قشرة المخ
وبعدها بورم خطير .. اُستأُصل بعمليات متتالية في 5 أشهر ..
فكر جاسر بقلب مقهور ... لقد عانت اخته الكثير ..
عانت و سيفعل اي شيء لتشفى ..
او لـ ... ارخى رأسه متألماً .. وتنهد ..
او لـ ترتاح بسلام ..
~~~~
في اليوم التالي مر الصباح بشكل هاديء .. ذهبت زينة لتأخذ اجازة
لكن المشرفة رفضت تبعاً لأوامر فارس .. غضبت من ذلك الامر وتوعدته بالانتقام ..
في فترة استراحة الغداء تلاقت هي وشفا في حديقة المستشفى ..
وجلسا على طاولة في المطعم الملحق به ...
:" ما ادري والله , ايش رأيك أروح ؟"
اخذت شفا تنظر اليها بتفكير .. :" والله ما ادري زينة .. طيب حاولي تتصلي عليهم "
اخذت زينة تلعب بالمعكرونة في طبقها :" والله حاولت , بس كل شوي يعطيني مغلق "
شفا التي كانت تتلذ بشطيرتها :" شوفي انا انصحك تنتظري شوي بعد .. يمكن تتصل زوجة اخوكِ ولا اخوكِ "
كشرت زينة :" زيووود هذا الدب .. لاطعني للحين وما دق .. بأنتظر اتصاله او اتصال مرت اخوي .. واذا ما اتصلوا بأتصرف "
شفا :" انزين اليوم المساء بروح اشتري هدايا للصغار .. ايش رايكِ؟"
زينة :" هاهااي بدري عليكِ .. انا رحت امس و اشتريت "
شفا ( تبرطم ) :" خيااانة والله ... كان انتظرتيني مالت عليكِ "
زينة تضحك :" خلاص لا تبرطمي .. بروح معاكِ .. عالساعة 5 العصر نحرك اوكي ؟"
ابتسمت شفا راضية :" اوكــي "
~ الجـ 2 ـزء ~
أنهت شفا دوامها اليومي , بعد أن ألقت النظرة الاخيرة على مرضاها وسلمت ملفاتهم لصاحبة الشفت التالي
و ذهبت لتوقع عند المشرفة .. طرقت الباب مرتان قبل ان تدخل ..
رأت مشرفتها على مكتبها و هناك بمقابلها جلس شخصاً ما ..
لا ترى الا ظهره و شعره الفاحم ..
ابتسمت لها المشرفة واعتذرت شفا :" أنا آسفة لازعاجكم .. ولكني أنهيت للتو فترتي "
المشرفة :" حسناً آنسة , تفضلي هنا وقعي "
أقتربت شفا .. ولكن هناك شيئاً ما لا تعلمه جعل حواسها تتيقض ..
لم تنظر تجاهه و هو ايضاً لم يفعل .. لكنها بشكل ما وفي المتر الفاصل بينهما شعرت بضيق غريب
اكملت المشرفة كلامها مع الشخص الآخر :" حسناً سيدي , اليوم سنجهز لها الجناح الخاص "
قال بصوت رخيم و هاديء :" جيد "
اخذت شفا تبحث عن قلمها في جيبها متوترة وبخجل :" لا ادري اين قلمي ..!! "
مدت لها المشرفة بالقلم فأخذته بيد مرتعشة ..
فسقط وتدحرج ثم توقف عند قدم ذلك الشخص ..
انحنت شفا لتلتقطه و بنفس الوقت انحنى الرجل لامساكه ..
التقت ايديهما .. فكأنه ضربها تياراً كهربائياً ابعدت يدها بسرعة ..
نظرت اليه .. كان يمد لها يده بالقلم .. ولكن عيناه كانت مركزتان على المشرفة ..
اُحرجت شفا ... اخذت القلم بتمتمة شكر ..
اجابها ولم يتطلع اليها حتى :" شكراً .. حسناً هل هناك شيء آخر ؟" سأل المشرفة ..
أجابته المشرفة بأنهم سيعتنوا بالمريضة كل الاعتناء ..
وقعت شفا وارجعت القلم .. عندها هب الرجل واقفاً .. استرعى ذلك انتباه شفا الكلي ..
فنظرت مدهوشة اليه .. الى طوله .. وعرضه .. هناك شيئاً ما حوله ..
هيبة ما .. تشعرها مألوفة .. او ... لا تدري كيف ..!!
تحركت مسرعة وهي تستأذنهم ..
سمعته من خلفها يحدث المشرفة :" شكراً للطفك سيدتي "
خرجت وخطواتها تتوسع أكثر , نظرت الى الساعة ..
.. انها الساعة 4:45 .. ستتأخر على زينة ان لم تجهز نفسها وتترك اخويها في عهدة المربية ..
مشت مهرولة للمصعد قبل ان يغلق .. ولكنها لم تلحق به ..
ضغطت على الزر .. وانتظرت .. تجمع معها شخصين ينتظران ..
فُتح المصعد ودخلت ..
وقبل ان يُغلق .. آتى ذلك الرجل و دخل ..
تراجعت شفا الى الخلف .. ووقفت شبه ملتصقة بالجدار ..
كان الرجل يشعرها بأن المصعد اضيق مما كان قبلاً ..
نظرت اليه .. كان ظهره صلباً ووقفته توحي بالثقة الشديدة بالنفس ..
يرتدى معطفاً أسود ..وشعره أسود
و يبدو وكأنه بطلاً من ابطال افلام العنف والأكشن ..
استغفر ربها .. وحدثت نفسها :" استغفر الله .. شيلي عينك يا شفاا لا تنغزي فيها الحين "
غضت بصرها و استغربت من نفسها .. لا تدري ما الذي هناك بهذا الرجل ..؟
ولكنها تشعر ان شيئاً ما سيأتي منه ... انها تشعر بالتيقظ كما لم تشعر من قبل .
وقف المصعد و خرج الجميع في الطابق الارضي ..
ابتعد الرجل .. وتنهدت شفا .. لا بد انها تتهيأ الاشياء فقط ..
غادرت المستشفى و اخذت الطريق الفرعي لتدخل بوابة السكن الواسعة ..
في هذا الوقت يكون الجميع في بيوتهم .. يبحثوا عن الراحة والهدوء
بالعكس من زينة ..
التي حالما فتحت شفا الباب انقضت عليها ..:" هيييي انتِ وينكِ ؟ يالله لا نتأخر "
شفا تدخل المنزل :" اصبري طيب بأبدل ملابسي واشوف تامر وتالا "
تبعتها زينة التي كانت ترتدي معطفاً بنفسجي اللون وبنطالاً وشالاً على رأسها بلون الخشب ..
:" روحي بدلي بسرعة .. اخوانكِ غديتهم و راحوا يأخذوا غفوة .. و المربية كلاريتا موجودة هنا لا تتأخريييي "
صعدت شفا الدرجات القليلة الى الطابق الاضافي :" يه طيب لا تدفييي "
دخلت غرفتها و اخذت تسرع وتبدل ملابسها ارتدت بنطالاً من الجنز و معطفاً اسود اللون ..
واخذت حقيبتها .. وبعضاً من حاجياتها الضرورية ..
ذهبت لغرفة تالا وتامر و كانا نائمين .. قبلتهما ووصت المربية بالاعتناء بهما جيداً لحين عودتها ..
ثم نزلت لتلاقي زينة .. خرجا و انطلقا الى الاسواق القريبة من المستشفى ..
~~~~
في احدى الفنادق الفخمة ... قبعت في ذلك الجناح تنتظر وهي تنظر الى منظر الشوارع
كانت الاطلالة رائعة من هذة الشرفة .. تأملت كل حركة تحدث هناك ..
كان كل شيء ينبض بالحياة .. و بالنشاط ..
لم تكن يوماً تتخيل انها ستجد السكون .. كـ الموت ..
كـ الرصاصة التي تقتلها ببطء و بلا رحمه ..
ضمت يديها الى صدرها .. واغمضت عينيها بتعب ..
:" آآآآه يا ربي .. تعبت ".
جلست على احدى الكراسي الساكنة في الشرفة .. واراحت نفسها ..
هناك في داخلها ... يكمن فراغً مؤلم ..
حياة مقتولة ..
لا تدري جود لماذا حدث كل هذا لها..؟
لها من بين كل الناس ..
انها الآن في الـ 16 من عمرها .. ولكنها تشعر بأنها أكبر بـ خمسين سنة ..
لم يكن المرض وحده من فتك بها وبمستقبلها ..
بل هناك في قلبها .. ظلمة و فراغ قد سرقا أحلامها ..
لم تعد تذكر حتى كيف كانت قبلاً ..
كل ما تراه الآن صورة سوداء ... لفتاة كانت الالوان تغزو عالمها
مدت يدها الى دفتر وضعته فوق الطاولة ..
فتحته .. واخذت تخط ما يخالجها .. كـ كل الاوقات ..
آمنت جود انها سترحل يوماً ولن يبقى لها الا آثار خطوات ..
فـ قررت أن تترك حروفها لتعيش زماناً لم يُكتب لها هي ..
" نبضاتـ على المحكـ "
تنبض , تنبض , تنبض وتنبض ..
× نبضات شتى ×
تتلاشى ... تضمحل .. و
...[:تنقرض :]...
ثم تُعلن الحياة رحيلها ..
فـ كيف لحياة تبقى بلا قلب !!!!
و كيف لـ قلبٍ يعيش بـ لا
(( نبض ))
و كيف لـ نبضٍ يغدو بـ لا
:: حـ×××ـب ::
توقف قلمها عند مر طيفه على بالها ... دمعت و تأوهت ..
انه معها دوماً .. ليش تجسيداً انما كـ احساس ..
كم مرة حلمت باليوم الذي تكبر فيه لأجله ..
الآن .. أصبحا الاثنان يعيشا بـ انتظار لحظة النهاية ..
نهاية معاناتها وبداية سعادتهما ..
او نهاية حياتها وبداية تعاسته ..
قامت وذهبت الى الداخل .. فتشت بين حقيبتها عن تلك الرسالة ..
وجدتها .. شمت رائحتها التي ما تزال تحارب للبقاء ..
تأملتها .. رائعــة زهرية كما كانت هي ..
فتحتها و اخذت تعيد قراءة تلك الكلمات المحفورة بـ قلبها ..
---
:[ زهرية الوجنتين ]:
حياتي البيضاء أزهرت حينما أتيتِ لتنيريها ..
" زهرية الوجنتين "
سرقتِ من عيوني نومها ..
قتلتِ احزاني و سهامها ..
اشرقتِ دنياي وأيامها ..
" زهرية الوجنتين "
أتقبلين جذوري لتمد في بقائك و بقائي ؟؟
أتأخذين بيدي لتزيلين شقائي ..؟
فـ أعلمي انكِ لجروحي دوائي ..
" زهرية الوجنتين "
لو غابت بتلاتكِ عن ندى عيني ..
فأين يتوه الندى ..؟
لو انسلت بسماتكِ عن سما نظري ..
فلماذا يكون النظر ..؟
" زهرية الوجنتين "
كلمـــة تبوح بها دواخلي ..
و تخجل شفاهي من قولهــا ..
سأرسم لك الطلاسم لتفهميها .." زهرية الوجنتين "
( أ ) نا ... (حـ) ياتي .. (بـ) قائي .. (كـ) ياني
جمعتها لكِ .. فأجمعيها بـ قلبكِ ..
زهرية .. أزهري دوماً
فـ مشاعري لزهرك
لم تخبت يوماً ..
بهمس " غريب النظرات "
---
ضحكت أو ربما بكت ..
زهرية الوجنتين قد ذبلت .. و غريب النظرات قد غاد .. الـ غ ر ي ب ..
و القصة قبل ان تبدأ قد ... انتهت ...
همست بحزن :" علي ... أعذرني قتلت حبنا و بعتك "
اخفت الرسالة في حقيبتها ..
وذهبت لتغسل وجهها , سيأتي جاسر في اي لحظة ..
لا تريده ان يرى دموعها .. فهو يتعذب لعذابها أكثر مما تتعذب هي ..
نظرت الى نفسها بالمرآة ..
عينان مظلمتان .. وجهه شاحب
وبقايا ملامح مجهولة ..
أشاحت عن انعكاسهاا .. الذي كرهته .. لقد باتت نظرتها مغلفة بالشؤم ..
كل شيء في عينها مظلم .. مظلم ..
حتى ان طعم المرارة اصبح نكهتها اليومية ..
هكذا كانت جود .. وهكذا هو عالمها .
ثم سمعت صوت جاسر في الغرفة يناديها ..
خرجت له .. :" انا هنا جاسر "
ابتسم و اقترب منها :" انتِ بخير حبيبتي ؟"
هزت رأسها :" اي "
رافقها الى احدى الكنبات المركونة في تلك الغرفة الكبيرة ..
:" تعالي اجلسي .. اليوم رحت المستشفى و الليلة ان شاء الله تروحيها "
نظرت بعيداً :" اامم .. طيب "
لف وجهها اليه :" جود .. لا تخافي ان شاء الله تشفي هنا "
تبسمت :" ان شاء الله "
قبل رأسها ووقف :" الحين بقوم اجهز اغراضك "
وقفت هي الاخرى :" لا .. انا بأجهزها "
كاد يعترض ولكن رنة هاتفه تعالت .. اخرجه ونظر الى المتصل ..
رد :" هلا علي ... وعليكم السلام "
زاد نبض جود فجأة و تغيرت ملامحها ..
فأعطت جاسر ظهرها و ذهبت للداخل متمته له بشيء عن الاغراض.
اقفلت الباب واتكأت عليه ...
كبحت شهقة كادت ان تخرج منها .. و كتمت انفاسها بيديها
واخذت تنوح بلا صوت ..
و في الخارج .. قطب جاسر حاجباه ..
:" انت متأكد يا علي ؟"
رد عليه :" اي يا جاسر , الحالة مرة سيئة .. السنتين اللي راحوا بدأت احوال الشركة تتدهور
والحين صرنا عالمحك .. لازم تجي بنفسك وتصلح الامور ."
جاسر :" اففف يا علي يعني ما انت عارف حالي هنا "
صمت علي .. واخذ يحدث نفسه ..: كلنا نتعذب مو بس انت يا جاسر .. عالأقل انت معها .. قريب منها
و تعرف انها تحبك وتبيك قربها .. اما انا ... انا ضايع هنا بروحي ..
اكمل جاسر :" ما اقدر اترك جود هنا لوحدها .. علي تصرف .. عمي وينه ؟"
علي بصوت مكتوم :" انا بحاول .. ابوي مسافر دبي بيفض شراكتنا مع شركة مقاولات بو محمد .. جاسر .."
صمت قليلاً .. و تابع بخفوت :" كيف الحين حال جود ؟"
تنهدت جاسر :" والله ما ادري يا علي .. ادعي لها ربي يعافيها "
... من قلبي وكل لحظة بدعي لها ... هذي دنيتي اللي لو راحت انا اروح معها ..
لكنه قال :" الله يشفيها عن قريب "
جاسر :" الله يسمع منك .. خلاص علي كل مستجد خبرني فيه .. انا اثق فيك يا ولد عمي "
علي :" تسلم .. ان شاء الله الامور تتحسن "
جاسر :" ان شاء الله ... تامرني شي ؟"
علي بلع ريقه :" سلامتك .. و ..سلم لي على جود "
جاسر ببساطة :" يوصل .. وانت سلم عالأهل .. في امان الله "
اغلق الخط .. وذهب ليطرق الباب على اخته ..
:" جود ... ناقصك شيء حبيبتي ؟؟ "
لم يأته الجواب .. فعاد وطرق :" جود .. تبيني أساعدك بشيء ؟ "
لم يسمع اي صوت .. فتلبسه القلق .. طرق و ناداها :" جود .. جووود "
فتح الباب ولكنه علق بسبب شيئاً ما يعيقه .. دفع الباب قليلاً و رآها ملقية على الارض و مغشياً عليها ..
صرخ بخوف :" جوووووود .. جووووووود "
حملها بسرعة و خرج ..
~~~
في احدى الاسواق .. و تحديداً في مطعمِ مكشوف ذي طاولاتٍ منتشرة على منظر بحري رائع
جلست فتاتان تأكلان بجوع .. وبجانب طاولتهما تراكمت اكياس المشتريات ..
زينة :" اممممم يالذيـــذ والله هالستيك مرة خطير "
نظرت شفا الى طبقها الخفيف .. الخالي من الدهون والسعرات :" زيون كلي وانتِ ساكتة لا تحريني "
زينة انتبهت :" اووه .. سوري دبه والله من اللذة نسيت "
شفا تأكل بشهية :" عادي عادي كلي .. واتمتعي ..هناء وعافية "
زينة :" تسلمي قلبوو .. بس تدري انا زدت خمس كيلو زيادة والله شكلي بصير كورة "
ضحكت :" حرام عليكِ مو للدرجة انتِ دبدوبه "
زينة تقضم اللحم بشهية :" والله دبه وزني الحين 59 على طولي هذا رايحة فيها "
شفا:" احمدي ربك يا بت .. غيرك مو لاقي النعمة .بعدين طولك حلو .. انا اقصر منك ."
زينة :" بس انتِ جسمك مرة ماشي على طولك .. جسمك ولا جينفر آنستون "
شفا :" الله يخليكِ لا تلوعيني .. ولا ابغا اكون مثلها .. الحمدلله على نعمة الاسلام بس "
شربت الماء :" اي الحمدلله والله ... الا خليني ادق على اخوي اشوف ايش الاخبار "
اتصلت زينة على هاتف اخيها وتلقت الرد ...
القت بالشوكة في الصحن واخذت تتحدث :" هاه زيوود انت فينك من امس ؟؟
... لا والله ما اتصلت ... طيب ما قالت شيء .. ترى انا خايفة عليهم .. كيف يعني ؟
لا تحاول انا ادق عليها ومغلق ... هاه غيرته .. متى غيرته ؟؟ ..
طيب هات الجديد .. كم؟ ... لحظة ... " نظرت الى شفا :" شفا سجلي هالرقم عندك "
وعادت الى اخيها :" هاه زيود كم .؟ ... "
زيد من الجهة الآخرى :" صفر .. صفر .."
زينة وهي تملي الرقم على شفا ..:" اي وبعدين ؟ "
زيد بطرافة :" والباقي ما تغير ..هههـ "
زينة عصبت :" زيووووود هذا وقت مزحك الحين ... طيب هات .. كم ؟ "
اخذت الرقم من اخيها و ودعته ..
:" هاه شفووي هاتي الرقم خليني أدق على دلوول هالدبه "
شفا :" خذي 00 والباقي ما تغير ههههههـ"
زينة بصدمة :" هههـ وجع توه زيود قالي نفس الكلام "
شفا :" صدق!! .. مو منا .. الا من معاشرتكِ والله "
زينة بغرور :" تحمدووون الله علي .. والله شفووي لو اخوي ما كان متزوج كان ما خليته ياخذ غيرك "
شفا كحت ثم شربت القليل من الماء :" اسكتي بس لا تسمعكِ مرت اخوكِ "
زينة وقد سكنت الفكرة رأسها :" اووه شفوي تخيلي تصيري زوجة اخووي .. فلللله "
اخذت تلف المعكرونة ببطء :" ومن قالكِ اني بتزوج بيوم "
زينة تنظر اليها ...!!
رأت شفا نظرات صديقتها المتسائلة :" يعني ما تعرفين حالتي .. ما تسمح .. وبعدين انا بعيش لأخواني "
زينة بحنان :" شفوي بتشفين .. ياربي يكتب لك متبرع .. "
نظرت شفا الى البحيرة .. رغم انها تنتظر ذلك اليوم الذي تجد فيه فرصتها للعيش ثانية ..
الا انها لا تريد ان تحيا من جديد .. على انقاض حياة شخص آخر ..
لا تريد ان تكسب لحظات .. مسروقة من لحظات الآخر ..
لكنها مع ذلك تتمنى .. ان تجد متبرع .. وتبدأ للعيش كباقي الناس ..
ليس من اجلها .. انما من اجل اخويها ..
زينة تصرخ :" يووووه .. هذا وقتك الحين انت ؟؟ "
نظرت اليها :" خير ؟؟ ايش فيكِ ؟"
زينة وهي تضرب هاتفها على الطاولة :" البطارية خلصت وقفل الجوال .. ما انتبهت له "
مدت شفا هاتفها :" طيب خذي جوالي , اتصلي بيه "
زينة وهي تنهي شرابها :" الحمدلله .. لا خلاص قومي نروح تأخر الوقت .. في البيت بدق عليها "
شفا :" اوكي يالله "
قامتا و حملتا الاكياس ... وقفت شفا عند نهاية المطعم لكي تدفع الحساب
واخذت زينة تنتظرها وهي تنظر حولها حتى وقعت عيناها عليه ...
فارس ....!
لم يكن وحده بل كانت معه امرأة محجبة ... تضحك سعيدة ..
توسعت عيناها وفغرت فاها ..
نادتها شفا لتخرجا ولكن زينة تحولت الى تنين يخرج النار من انفه .. احمرت عيناها و اخذت تطرق الارض بقدمها ذاهبة اليهما ...
تابعت شفا نظراتها وهي مفزوعة من حالة صديقتها .. ثم رأته ..
لحقت بها تمسك بذراعها :" زينـــة تعالي وين رايحة ؟؟؟ "
زينة بغضب الدنيا :" اتركيني شفااااا .. بأكسر رأسهمممم "
جرتها شفا بقوة :" زيوون .. انتِ ايش دخلك ؟؟ الرجال و وحدة .. لا تحشري رأسك بينهم "
زينة معصبة :" شفووووووووي اتركينيييي "
لم تتركها شفا ... :" زينة يا بت .. يمكنها زوجته "
زينة تلتفت اليها بنظرات حارقة :" مستحيــــل "
شفا بخوف واستغراب :" وليش ان شاء الله مستحيل "
حررت زينة ذراعها من يد شفا وانطلقت اليهم وهيا تعوي :" لانها زوووجة اخووووي "
فغرت شفا فاهها ... زوجة اخوكِ !!!!!
مو فاهمة شي ؟؟؟؟؟؟
و رأت زينة تنطلق كالأسد الجائع اليهما ..
همست بخوف :" الله يستر .. الليلة احد بيموت "
ما الذي سيحدث يا ترى ؟
~~~~~
هنا تتوقف النبضة الخامسة .. أتمنى أن تعجبكم الاحداث
انتظروني مع النبضة المقبلة ..
تحيتي و مودتي للجميع ..
ضياع نبضة ..
|