v~√"^√V'~-√V'^~----- ~ النبضـة الرابـعة ~----~ v~~√"^√V'~-√V
تنبيه :
كل حزمة من الكلمات قد جُمعت بين قوسين ((---))
هو رأيُ خاص بي لعدة امور*
دمجته في باطن الاحداث لأوصل رسالة من قلبي اليكم ..
" إعتــذآآآر غالياتي "
اعذرنني على استخدام شتائم " بهيميه " في الحوآآآر ..
وكم أشعر بالخجل وأنا اضعها ..
لكن للأسف الكثيـر أصبحوا يفعلونها على أرض الحقيقة ..
وضعتها ليس لأني أوافقها .. ولكنها من بطن واقع تعامل كثيرٍ منا ..
أتمنى مع الوقت تلاحظـون حكمـها و تأثيرها على المجتمع .
ومضة :
" المستقبل يُبنى إما على قصور الماضي أو ... على أنقاضها "
~ الجـ 1 ـزء ~
" الى اللقاء أحبابي , سأشتاق اليكم كثيراً "
فأرتفعت أصوات البكاء في ارجاء الغرفة معلنة رفض هذا الوداع
قال احد الاطفال :" شفا لا تذهبي ارجوووكِ "
ابتسمت شفا بأسف و ذهبت لتربت على رأسه بحنان :" حبيبي يجب علي الذهاب فقد اتممت فترة تدريبي في هذا القسم "
لم يعر احد هذا العذر واخذوا يبكون حتى وصلت اصواتهم للرواق ..
أخذت شفا تهدئهم بيأس ولكن لم يسمحوا لها بالذهاب ..
تعلقت فتاة صغيرة بمعطفها تشده اليها و اخذت تنتحب ..
نزلت شفا الى مستواها وبرقة ابعدت خصلة من شعر الصغيرة عن وجهها ..
همست شفا :" شيدوري حبيبتي سأزوركم كلما سنحت لي الفرصة .. اعدكِ"
هزت الفتاة اليابانية رأسها نفياً :" لا نحن نريدك معنا دوماً "
قبلها شفا على وجنتها :" حبيبتي .. لن أذهب بعيداً .. فقط في القسم الشرقي هنا "
اخذ فتى اسمر يتمتم غير راضياً :" ستذهبين لاولئك الاطفال .. ستحبينم وتنسين امرنا "
وقفت شفا متنهدة ..: ياربي الحين اعمل ايش معاهم ؟
نظرت اليهم جميعاً ورفعت يديها عالياً ليصمتوا
:" ايها الاطفاااال هدووء , ماذا قلت لكم عن حب الخير للغير ؟ "
اوطأ الاطفال رؤوسهم و قالوا بصوت منخفض و بنبرة واحدة
:" حب لأخيك كما تحب لنفسك " ..
ابتسمت ورسمت على وجهها ملامح الرضا ..
قالت :" تماماً , وانا سأحبهم مثلكم .. كلكم اعزاء عندي .. صدقوني سأزوركم دوماً"
اخيراً رضخ الاطفال لها واخذوا يقبلونها مودعين ..
و خرجت لتقابل مشرفتها ..
قالت المرأة ذات الشعر الرمادي :" اتمنى لكِ التوفيق في قسم الـ مخ والاعصاب عزيزتي "
شكرتها شفا و اخذت الملفات اللازمة منها ..
ثم ذهبت لتقوم بآخر واجباتها في هذا قسم اطفال باطنية .. لترتحل و تترك اثرها هنا
و تبدأ في رسم صورة لوجودها في قسم المخ والاعصاب ..
تسائلت شفا في سرها :
ما الذي ينتظرها هناك ؟
~~~~~
~ الساعة الـ 1:24 مساءً ~
كانت زينة تجلس في احد اركان غرفة استراحة الممرضات, تقضم طعامها بغضب ..
واخذت تتمتم بأسنانٍ مشدودة :" غبـــي , ابله عسااااه البلى "
غصت بالطعام فأخذت تسعل .. شربت بعض الماء ونظرت بغضب الى طعامها
:" حتى انت يالسندوتش معاااه .. عماااااا "
تذكرت الموقف السابق الذي جرى صباح هذا اليوم ..
و زاد غيظها ... :" يا ربيييي انا خبلة خبلة خبلة بالثلاثة "
ثم لاحظت ظل شخص ما يقع فوقها ..
رفعت عينيها و رأت وجهه الباسم قد ملأه الغرور ..
:" اخت زينة , اعتقد انه الحين وقت شغلك مو البريك "
اعادت انظارها الى علبة فطارها و قالت بصوت غليظ :" بدلت مع ممرضة ثانية "
اشرف عليها بقامته و امسك علبه طعامها يغلقها
و بصوت هاديء خطير :" انا المشرف على كل امور هالقسم , دام التبديل صار من غير موافقتي .."
كانت زينة تنظر اليه مذهولة .. كيف يجرأ على لمس طعامها ..؟
واكمل وهو يرسم بسمة خاطفة وعيناه تنطقان بالتحدي :" فالتبديل مرفووض "
فاااض الحال بزينة فهبت واقفة في سرعة لتصرخ
:" ابيييييي اعرفففف انت مين مسلطك عليااااا .؟؟ ما تقول هااااه ؟؟؟"
كانت تصل الى كتفيه .. بشكل يضعف قوتها امامه ..
وبشكل يدعو الى السخط نظر اليها من رأسها الى اخمص قدميها ..
وقد حملت نظراته معنى التصغير ..
فقال وهو يستدير :" نحن في عمل مو معركة .. ارجعي لشغلك يالله "
و خرج من الغرفة حتى قبل ان يتسنى لها ان ترد عليه ...
شدت زينة قبضتيها و رفعت جزء من طرحتها لتعضها مقهورة ..
:" يا ربــــــــي لو يصير القتل حلال .. افففففف "
و جمعت اغراضها , لتخرج من الغرفة غاضبة ..
وتفاجأت به يقف على مقربة هناك ... يتكلم مع الممرضة الاخرى : نيكول ..
كانا يضحكان على شيء ما ..
ضيقت زينة عيناها .. مؤكد مؤكـــد انهما يسخران منها ..
ستقتلهماااا .. تقطعهما ارباً اربا..
في تلك اللحظة التفت " فارس" لتحرقه نظرات عيناها ..
فرسم ابتسامة جانبية ... يهزء بها ..
و دنا منها ليعطيها مدونة عملها اليومي .. اخذت منه المدونة بشدة
و نظرت اليها .. كانوا يتبعون خطة عمل جديدة تحت اشرافه , حيث ان كل ممرضة لها اسبوع لعمل ما
لجميع مرضى القسم ..
و ياللهوول كان عملها في اول اسبوع لهذة الخطة ان تحمم المرضى ..
صاحت :" انت حاااااط لي هالعمل متعـمــــد "
رد فارس بصوت جاد :" اخت زينة , اول تقصير شفته منك هنا هو تحميم المرضى "
وكالطفلة ضربت بقدم واحدة على الارض :" لكـــن انا كنت بطلب مساعدة اظن انـ .."
قاطعها ويده تلوح امام وجهها :" ما ابي كلام .. طبقي و اثبتي جدارتك "
ثم صمتا لتبدأ معركة من نوع آخر ,, زوج من العيون تقدح شرراً
والاخرى تتحدى الجليد في برودته ...
فارس بجدية :" باينك مطولة كذا .. لا يكون عاجبتك الوقفة !! "
افاقت زينة على نفسها .. و احمر وجهها من تعليقه ..
ثم اعطته ظهرها وقالت بجرأة :" مغــرور واحد "
ولم تبتعد حتى سمعت ضحكته الساخرة .. و كلمة اوصلتها الى قمه القهر
:" والله اكون مغرور احسن من اكون اخبل "
استدارت لكي ترد عليه و تنتف شعر حاجبه ولكنه كان قد اختفى في احد الاروقة ..
:" اااااااااااااااااااااه حماااار "
~~~~
غابت الشمس و طارت العصافير الى اعشاشها ...
اصبحت السماء لوحة تمتزج بها الوان الغروب من لون البرتقالة الى لون وردة البنفسج الجميلة
طرقات المسكن كانت خالية الا من بعض الكلاب المنزلية تجري هنا وهناك خلف قطة مذعورة ..
مرت رياح خفيفة لتطير في حضنها اوراق الشجر الجافة , و تسبح في الاجواء ...
وتمر بتلك المنازل ذات الطابع الامريكي بطابقيها و حدائقها الصغيرة ..
و في ذلك المنزل الصغير ذا اللون السكري , تعالت الاصوات الضاحكة ..
في الداخل تجمعت الصديقتان و التوأم في الغرفة الدافئة حول مدفأة المنزل المطفأة ...
تامر كان يمسك بيد البلايستيشن و يحرك رأسه يميناً ويساراً مع حركة السيارة التي يقودها بسرعة جنونية بداخل شاشة التلفاز
و تالا كانت تجلس ارضاً ممسكة بلبتعها الـ ( باربي ) تسرح شعرها ومن فوقها على الكنبة كانت شفا تظفر لها شعرها وتضحك على كلام زينة و شكاويها ...
زينة كانت تقف بوسط المكان ممسكة بين يديها بإحدى وسائد المجلس ...
كانت ترتدي برمودة حمراء و قميصاً ابيض ملتصق بها .. و شعرها مربوطاً كـ ذيل حصان ..
نظرت الى شفا و صرخت بغيض وهي تشد الوسادة بين يديها متخيلة انها شخص ما ..
:" شفووي .. راااافع لي ضغطيييييي .. نفسي انتفه و اقتله واقطعه كدا كدا كدا "
واخذت تتنزع الحبال الجانبية للوسااادة بكل غضب .
شفا وهي تضحك :" هههههههههههه يالخبلة ايش فيك خربتي المخدة "
ألقت زينة الوسادة بعيداً ورمت بنفسها على الكنبة الطويلة وهي تتنهد بتعب ..
:" ااااااه شفوووي انا راح اموووت قهر من هالانسان "
تامر الذي كان منسجماً مع لعبته :" هههههـ أخيراً احد ياخذ ثارنا منك "
نطت عليه شفا تدغدغه :" هييييي تموووور ترى انتفك بداله "
اخذ الصغير يضحك وهو يتلوى بين يديها محاولاً الافلات ...
شفا :" يالدبه تركي اخوي لا يموت بين يدك "
ولكن زينة زادت جرعة الدغدغة اكثر فأخذ تامر يصرخ بالنجدة
قامت تالا في سرعة و اخذت تسحب زينة :" قوومي اتركي اخووويا يا شريرة يا مجرمة "
وباشرت بضربها على رأسها بعروستها وهي توشك على البكاء لمنظر تامر ..
شفا قاامت من مكانها واختفت في المطبخ ضاحكة لتخرج جالبة معها بخاخ الماء وتقوم برش زينة ..
انتفضت زينة من المياة و ابتعدت وهي تضحك ..
قام تامر وهو يتنفس بصعوبة من كثرة الضحك :" يا فضائية انا اوريكي "
وركض الى السلالم ليصعد الى غرفته .. تالا جلست مادة بوزها وعينيها ترسل السهام الى زينة ..
بعدما مسحت الاخيرة وجهها بالمحارم نظرت الى تالا :" بسم الله .. شفا طالعي اختك "
شفا كانت تعيد ترتيب الوسائد فرأت نظرات تالا وضحكت :" من فعااايلك يالخبلة "
حبت زينة على قدميها الى مواجهة تالا الـ ( مبرطمة ) و اخذت تقوم بحركات غبية بملامح وجهها
تمط شفتيها و تشحط عينيها و تنفخ وجنتاهاا حتى انطلقت الضحكة من شفاة تالا ..
حينها اتى تامر راكضاً وعلى غفلة منها ناداها :" زيـــنة طالعي "
نظرت زينة ولم تعي نفسها الا وهي غارقة في غيمة من الثلج الصناعي ...
صرخت :" لاااااااااااااااااااااا يالدبـــــــــ "
واخذت تالا وشفا تضحكان و زينة تحاول امساك تامر الذي اخذ يقفز هنا وهناك كالقطة و يبخ عليها الثلج
في كل مرة تقترب منه ...
بعد فترة قام الجميع ليصلوا صلاة المغرب حسب توقيتهم المحلي ..
تامر في المقدمة يأمهم والثلاثة الفتيات خلفه ..
كان ترتيل تامر رائعاً وصوته الصغير يصدح بأيات من الكتاب الكريم ..
كانت وجوههم منيرة و اعينهم تتلألأ فرحة ..
لانهم بين يدا العزيز العظيم ..
حمدوا ربهم على هذة النعمة .. نعمة الاسلام ونعمة الصلاة ..
(( فـ كثير من المسلمين لا يفقهون معنى الصلاة ..
ولا يتفكرون فيها بتأمل عميق ..
حسبوا انها مجرد حركات و تناسوا السكنات
اعتادوا عليها فأصبحت عادة وليس عبادة ..
اصبحت روتيناً يومي يؤدونها برتابة و بلا روحانية ..
ربما تأخذ منهم 5 دقائق وربما أقل ..
و مع ذلك تكون على صدورهم ثقيل الوطأة ..و فقط لانها واجب .. قاموا بها
لم يعرفوا انها لقاء عظيم .. تتلاقى فيه الارواح قبل الاجساد بخالقها ..
لقاء تسكنه ِحواراتِ من كتاب الله عز وجل ..
لقاء لا يٌنعم بها الا القليل ..
هدانا الله واياكم وجعل الصلاة نوراً تنار به وجوهنا وصدورنا ..
اللهم اجعل صلواتنا لك حجة لنا لا علينا ..
وتقبلها منا بقبولٍ حسن ..))
سلم تامر على جنبيه ..
:" السلام عليكم ورحمه الله ... السلام عليكم ورحمه الله "
رفعت شفا يديها تدعوا وتحمد الله ..
:" اللهم انت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام "
شدت تالا القابعة بين شفا و زينة وخلف تامر شرشف صلاة اختها الكبرى
:" شفاا .. ايش اول دعوة من ادعية الصباح والمساء "
ضمتها شفا :" حبيبتي قولي ورايا ... امسينا وامسى الملك لله والحمد لله , لا اله الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير , ولا حول ولا قوة الا بالله ..
اللهم اني اسألك خير مافي هذا الليلة وخير ما بعدها واعوذ بك من شر ما فيها وش ما بعدها ,
رب اعوذ بك من الكسل و سوء الكبر , رب اعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر "
واخذت شفا تقول الاذكار و البقية يرددوا ورائها ..
قال الجميع :" آميــــــن يارب العالميـــن "
ثم بعدها صعد الطفلان ليستذكرا دروسهما ... و دخلت الفتاتان الى المطبخ لتجهيز العشاء ..
ارتدت زينة مريلة الطبخ .. واخذت تجمع الخضار وتقوم بتقطيعها ..
اما شفا كانت تسخن شرابها ثم تصبه في الكأس ... نظرت اليها زينة وهي تتأمل شكل الشراب
نادت على شفا وهي تشير بالسكين ناحية الكأس :" ايش هـ الخليط بالضبط والله شكله ما يأهل ينشرب "
كان لونه و مزيجه غريباً ولكن رائحته صحية .. رفعت شفا الكأس الى انفها واستنشقت الرائحة بتلذذ
:" شراب الكرفس البري بالعسل و قطع الثوم المطحون مغلاه في الماء "
اوقعت زينة السكين على قطاعه الخضار وفتحت فمها مصدومة :" انتِ من جدك تشربينه ؟! "
تجرعت شفا جرعة مبسلمة :" ايي لذيـــذ .." و قربت الكأس الى زينة :" تبين ؟"
حملت زينة السكين مرة اخرى واخذت تلوح به امام شفا :" اذا بايعة عمرك قربي انتِ وعصيرك هذا "
شفا وهي تبتعد :" هههههههه يـ ماما مجرمة "
رجعت زينة تقطع الخضار :" الله يعينك شفووي , والله اكلك غريب جداً "
فتحت الثلاجة لتخرج علبة الجبنة :" الحمدلله بفضل الله , ثم اكلي هذا .. حالتي في تحسن "
تركت زينة الاغراض من يديها و ذهبت لتضم شفا من خلفها
:" يا قلبووو ربي يكتب لك الشفاااااء العاجل يا شفا يا بنت راشد "
شفا مبتسمة :" آمين يارب , من بؤك لباب السماء ان شاء الله "
و اضافت :" يالله نجهز العشا بس لا نحصل لنا هجوم بعدين "
وهما يعملان اخذا يتحدثان عن التجهيز للحفلة , كانت زينة متحمسة كثيراً للأمر واخذت تعطي خياراتٍ لموقع احياء الحفلة ..
زينة بحماس بعدما انتهت من وضع حساء الخضار على النار :" شرايك نسويه بالحديقة العامة القريبة من .."
قاطعتها شفا تهز رأسها نفياً : امم نوو "
وضعا الاطباق معاً على المائدة و اقترحت زينة :" طيب ايش رايك هنا ؟ .. اممم لا لالا نبي تجديد "
قالت شفا بهدوء :" افكر اخذهم للملاهي "
نظرت اليها زينة نظرة جانبية و تمتمت :" ووين تلاقين ملاهي قريب من هنا ؟"
انتهت من ترتيب المائدة وذهبت تجلب بقية الاطباق :" بأخذهم لمدينة العاب ميكي ماوس "
دهشت زينة ولكنها اعترضت :" بس هذي تبعد عالاقل 11 ميل عن هنا !! "
شفا تهز رأسها :" ادري "
زينة :" شفوووي انتِ بعقلك ولا كيف ؟ "
جلست شفا على الكرسي و زينة بمقابلها :" زيون , الدكتور احمد قال ان حالتي احسن و يوم واحد اطلع فيه
ما راح يأثر ان شاء الله , داك اليوم وانا مارة من غرفة تالا وتامر سمعتهم يتكلموا .. نفسهم يروحوا الملاهي
بس ساكتين عشاني ... ما قد اخذتهم لمكان و مشيتهم مثل كل العالم ما تسوي مع اطفالها .. "
وطأت برأسها لتنظر الى يديها وبصوت منخفض اكملت ...
:" من توفت امي وعدت نفسي اكون ام و اب وكل حاجة لهم ... ما اخليهم يحتاجوا لـ شيء الا واجيبه لهم
قبل لا يطلبوه ... انا ابى استغل كل لحظة وانا فيه بينهم واعطيهم كل اللي اقدر عليه .. زينة انا .. هم .."
واخذ صوتها يخبو والدموع تبلل عينها ... وضعت زينة يدها على يد شفا مواسية لكنها لم تحاول اصماتها
تريد ان تخرج شفا كل ما في جعبتها فهي عانت الكثير ولم تشتكي ابداً ..
اكملت شفا و هي تقوي نفسها :" زينة راح يجي اليوم اللي ما بكون فيه بينهم , ما ادري متى
الحين اليوم او بكره ..الله اعلم , لكن انا باشتغل و بأعمل كل اللي اقدر عليه عشان ابني مستقبلهم
ما اريد اتركهم تايهين في الدنيا ... انا اخر من لهم و هم اخر من لي "
زينة بزعل :" وانا وين رحت ؟ "
ابتسمت :" انتِ , انتِ الخير كله ... الله لا يحرمني منكِ "
زينة بحبور :" ولا منكِ يا احلى اخت بالعالم "
وقتها سمعا اصوات خطوات تطرق ارضية المطبخ الخشبية , التفتتا لتريا التوأم قادمان
فمسحت شفا دموعها بشكل خاطف حتى لا ينتبه الصغيران ..
تالا :" شفاا im hungry "
تامر بفم مفتوح :" انا جوعااااااااااااااااااااااان "
زينة :" يابسم الله لا تأكلنا هههههـ يالله تعال انت وهي ... بسسسس اولاً "
تامر يتعداها و ياخذ مكانه بالمائدة :" خلاص غسلنا غسلنا ارتاحي يا نقطة تفتيش "
زينة :" احسسسسسن ريحتوا حلقي من الصراخ "
و تجمعوا على المائدة ليتناولوا الطعام في جو عائلي جميل ..
~ الجـ 2 ـزء ~
في جزء آخر من الكرة الارضية , و في باطن مستشفى آخر ..
كانت الغرفة مظلمة , وعلى السرير استلقت هناك نائمة بسلام ..
وجهها شاحب لكنه لا يحمل اشارة للألم
و بعيد عنها بأمتار عند الشرفة المفتوحة .. كان يقف حاملاً هاتفه الخليوي ..
" هلا عمي ... أي بننقلها لمستشفى ثاني .... لا ما اظن .. بكرة الليل ان شاء الله مسافرين
.... اكيد عمي بخبرك بكل شيء ... ولا يهمك ... طيب سلم على الاهل ... في امان الله "
اغلق الهاتف و تنهد وهو ينظر للسماء الصافية , التي تتلألأ النجوم فيها معطية لليل حياة لامعة
وأملاً لمن ينبض قلبه بالأمل ..
مر شهاباً ساقط في بطن السماء , فعادت ذاكرته الى الخلف ست سنوات , عندما كانت جود في العاشرة من عمرها
كانا في رحلة الى البحر مع عائلة عمه ..
عندها لم تكن تفارقه لحظة , تتبعه كظله في كل مكان , حتى انها ترفض ان تنام الا بقربه ...
فلم يكن هناك احد غيره بقربها ... والدهما رجل اعمال كبير نادراً ما يريانه ..
اما والدتهما ...؟؟؟؟؟
عندها كان جاسر في الثالثة والعشرين من عمره و لكنه كان رجلاً ليس ككل شباب هذا الزمن ..
كان متمدداً حينها على الرمال ينظر ويتأملها ..
فجأة قفزت عليه فتاة صغيرة جميلة و مفعمة بالحياة ...
جود بدلع :" جسوور ايش تسووي ؟ "
جاسر مبتسم :" هلا حبيبتي .. تعالي تفرجي .. قاعد اطالع النجوم "
جود وهي تتمدد بجانبه :" البارحة انا و فتوون بنت عمي قعدنا نتفرج ننتظر شهاب يمر "
التفت اليها :" وليش تنتظرينه ؟ "
جود تلعب بشعرها :" المعلمة قالت لنا اذا شفنا شهاب وتمنينا شيء بيتحقق "
ضحك جاسر :" ايش هـ التخاريف .. لا تصدقي هذي الأشياء حبيبتي "
قامت جود بحماس :" بس صحبتي نورة قالت صححح الكلام ,هي كانت تبغى لعبة فلة جديدة بس ابوها
ما رضى يشتري لها , في يوم شافت شهاب وتمنت يكون عندها اللعبة , اليوم الثاني خالتها زارتهم وهي شارية لها الهديــــة .. والله " واخذت ترفع اصبعها كتأكيد ..
هز جاسر رأسه :" ههههههههههـ وربي انكم ... ههههههـ طيب يا ستي ايش حلمك "
نظرت جود الى أفق البحر وبـ عينان تبرقان :" اتمنى اشوف امي "
تصلب جاسر بمكانه و ضخت عروقه الدم الى عقله لتفور أعصابه , ولكنه امسك نفسه بصعوبة حتى لا يخرج عن طوره ..
و بصوت مكتوم :" جود , قلت لك كم مرة نحن ما عندنا ام "
جود بعناد الاطفال :" بس انا عندي ام , عندي ام ... هدى قالت لي انها ما ماتت "
جاسر يمسك بكتفيها وينظر الى عينها :" حبيبتي جود .. انا ما اكفيك ؟ "
جود ببراءة :" الا , بس جسور ابي يصير لي ام ... "
تنهد جاسر و ارخى راسه للرمل .. واخذ يكلم نفسه بحسرة ..
: امك تركتنا يا جود .. تخلت عـنا .. تخلت عـنا ... حسااافة بس "
ثم تلاشت الذكريات ليفيق على صوتها هي تكح ... التفت اليها ليراها تنظر اليه ..
حاولت بصعوبة ان تبتسم .. فأسرعت خطواته تأخذه اليها ...
سأل بإهتمام :" تحسي بألم حبيبتي ؟ "
هزت رأسها :" لا جاسر انا بخير الحمدلله "
ابتسم وجلس بجانبها :" حبيبة اخوها ايش تتمنى ؟ "
طرفت عينا جود :" نفسي اشوفك سعيد و مرتاح "
للحظة شعر جاسر ان الراحة و السعادة بعيدة عنه كل البعد ... و لكنه كما العادة يتمسك بالامل
فهو يمد القوة الى اخته , هو سندها وهي ترى فيه المنقذ .. ( بعد قدرة الله )
مسح على رأسها بطيبة :" بكون مرتاح يوم اسمع ضحكتك مرة ثانية "
حاولت جود ان تضحك , لكن ضحكتها خرجت باهتة لا حياة فيها .. تماماً كـ الهالة التي حولها ..
سألته :" بنروح مكان ثاني بعد ؟"
لا بد انها سمعته وهو يتحدث مع عمه ... مسكينة انت يا اختي منذ ذلك اليوم المشئوم وانتِ في صراع دائم
مع المرض ... يا رب اكتب لها العافية واشفها انك على كل شيء قدير ..
رفع يدها الرقيقة بين يديه :" أي حبيبتي .. ان شاء الله بيكون علاجك هناك "
اغمضت جود عينيها ... لقد تعبت .. تعبت كثيراً .. تتمنى ان ترتاح , ولكنها لا تريد ان تموت ..
لا تريد ان تموت هكذا وهنا .. منذ صغرها قد بنٌت احلام كثيرة هي واخيها ..
كم حلمت بأن تصبح معلمة ادب , كم تمنت ان تفعل شيئاً يجعل من حياتها ذا معنى ..
تمنت ان تكبر و تمنح اخيها ولو على الاقل نصف ما منحه لها ..
تمنت ان تختار له عروسه كما وعدته في صغرها .. و يزفها هي الى عريسها ..
تمنت الكثير الكثير ... و لكن ذلك الحادث ... ذلك الخبر ... و تلك الصدمة حطمت احلامها على صخرة الواقع.
اغمضت عينيها بشدة و هي تتذكر مصيبتها التي بدأت منذ ثلاث سنوات ...
جود : فتووون روحي عني ما ابي اروح المدرسة
فاتن : جود هبلوووه اليوم حفلة .. قومي ونااااااسة عن كل ايام المدرسة
سحبت جود الفراش لتغطي نفسها تماماً ..: ماااا ابي اتركيني انام ..
صعدت فاتن فوق سريرها واخذت تقفز لتزعجها .. صرخت عليها جود : انقلعييييييييي ما ابي اقوم ما تفهمين.
فاتن : عسى عمرك ما رحتي , بننبسط هناك وانتِ انقعي نفسك هنا .
ثم خرجت مخلفة ورائها مراهقة قد اكتوت اعماقها ... اليوم في المدرسة هو حفل الامهات , وكل الفتيات ستكون أمهاتهن هناك .. وهي ... هي لا تملك اماً ...
كم هي صعبة هذه المواقف على امثالها ... الناس لا يعرفون ما االذي يشعر به اليتيم في اوقات كهذه ..
اوقات يكون فيها بأشد الحاجة الى الأبوين او احدهما ... و لا يجد حتى طيفهما .
(( الحمدلله على نعمة الوالدين .. رب يحفظ لكم أمهاتكم وآباءكم .. و يغفر لهما ويرحمهما ..
و من لم يملك والديه او احدهما ... اعانكم الله و كتب لكم بهما لقاء في الجنة ...
احمدوا الله على كل نعمة عوضكم بها لغيابهما .. فـ الله هو الرحيم الرزاق .. لا يظلم عباده وهم يظلمون ))
بعد دقائق دخلت هدى ابنه عمها الكبرى ... هدى كانت رقيقة و حنونة معها
جلست على السرير :" جود .. عمري قومي روحي المدرسة "
لم ترد عليها وكتمت صوت شهقاتها فهي لا تريد ان يعرف احد بمعاناتها او يشعر بالشفقة .
هدى :" ادري انك صاحية , قومي غسلي دموعك و ابتسمي للدنيا "
قامت جود مشيحة بوجهها للجهة الاخرى :" هدى الله يخليكِ اتركيني مابي اروح "
ابتسمت هدى و امسكت بدقن جود لتدير وجهها :" عشان خاطري "
جود :" تعبانة صدقيني "
جاء صوت شاب من خلف هدى :" ولا عشان خاطري انا ؟؟ "
نظرت كلتيهما الى الباب ... كان هناك شاباً طويل القامة يقف مائلاً ومتكأً على الباب ..
قد شبك ذراعيه و رسم بسمة لطيفة وعيناه تطوفان على جود ..
صاحت هدى :" علي ... انت ايش جايبك هنا ؟ روح ما وراك جامعة انت ؟ "
علي ما زال واقفاً وعيناه على ابنه عمه :" هاه جود ما جاوبتيني ؟ "
ارخت جود وجهها و قد طارت همومها بعيداً ... واخذ قلبها يسابق الوقت في سرعته ..
انه ابن عمها ... و ... زاد احمرار وجهها عندما طرأت تلك الفكرة برأسها ..
انها مراااهقة ساذجة ... ما هذا الذي تفكر به ..
هدى :" عليي .. روح يالله دوامك .. فارق .. "
علي اخيرا حول نظراته الى اخته الاصغر منه بسنة واحدة :" اولاً يا آنسة هدى الحين الساعة 6
و دوامي مثل ما تدرين الساعة 8 , و ثانياً .... "
قاطعته هدى وهي تقف لكي تدفعه خلفاً :" انت اصلاً تطلع 6:30 من البيت , لانك تاخذ وقت توصل البنات و توصلني " ..
ضحك علي وهو يضع يده على الباب لكي لا تغلقه :" ثاااانياً انت قلتيها .. اوصلكم .. فأنا انتظر حضرتك تجهزي انتِ واخواتك .. و .. جود "
نطق اسمها بطريقة موسيقية , جعلت من الاخيرة تتحول الى كتلة من الخجل ...
علي التفت ليذهب ولكنه قال :" انتظر سيارتي تنور بوجودكـ ...ـم "
هدى :" طيب طيب يالله روح افطر ونحن نلحقكم "
كان يقصدها ... تعرف جود انه كان يقصدها هو بالذات .. لكنها لم تتعمق في التفكير
فستطير حينها الى السحاب من السعادة ولا تعود ثانية ..
التفتت هدى بعدما اغلقت الباب وراءها لتحاول اقناع جود بالذهاب :" يالله جوو .."
و انقطعت كلماتها عندما لم ترى جود على السرير ... بل كانت في الحمام ( وانتن بكرامة ) تجهز نفسها ..
بعد نصف ساعة استعدت و نزلت الى الاسفل ...
كانت في منتصف السلالم عندما سمعت اصوات بنات عمها وامهن من الصالة ...
ذلك الحوار الذي اوقفها مكانها بصعقة كهربائية ...
فاتن :" انا مدري ليش تتدلع وما تبي تروح "
هدى :" يعني انتِ ما تحسي , اليوم عيد الامهات .. و هي .. عارفة ايش "
فاتن بصوت تشربه الدلع :" وانا ايش اسوي لها اذا امها تركتها و شردت "
هدى صرخت :" يا زفتتتتة وطي صوتك لا تسمع ... بعدين انتِ ايش عرفك ما تقووولي لي هاه "
ام علي :" يمه البارحة و انا اكلم ام فضل الا ذكرنا سيرتها .. اختك كانت تتسمع "
هدى :" انتِ دووومكِ كدا ما تتوبي ايش سمعتي يا مصيبة "
فاتن :" آآآي تركي شعري ... عماااا .. سمعت كل شيء .. انه ام جود ما ماتت مثل ما نحن نحسب ..
امها تركتها هي و جاسر لما جود كان عمرها 3 سنوات .. تركتهم وشردت بعد طلاقها من عمي لبره
و سمعتوا انها شردت عشان رجال ثاني لـ ... "
شهقت جود وغطت شفتها المرتجفة بيديها غير مصدقة ... ما الذي تسمعه .. مستحيل ..
لا مستحيــــل ... هزت رأسها رافضة ما سمعته ...
صفعة من هدى اسكتت فاتن :" والله ان درت جوود بشيء من هذا لتشوفي ...."
لم تكمل هدى كلامها لان جود ركضت ومرت بجانبهن الى باب الفلة تخرج باكية و هي تصرخ بـ
:" لااااااااااا ... كذب .. كذب ما اصدددددق ... لااااااااااااا "
لحقت بها هدى تناديها, وكان علي جالساً ينتظرهن في سيارته , عندما رآها تنطلق كالعاصفة الى الشارع بتهور و هي تصرخ و تصيح كالمجنونة ...
كانت لحظات تتابعت كأنها صور امام أعينهم جميعاً ... هدى المذعورة .. وعلي التائه في قلب الحدث
و جود الغارقة في صدمتها ...
علي بصرخة هزت المكان :" جوووووووووووووووود ... انتبهييييييي "
لم يستطع ركضه المتأخر اليها ... او صرخت هدى الخائفة ... او حتى فرامل تلك الشاحنة الكبيرة ان توقف المكتوب .. وحدث ما هز قلوبهم وسكن ذاكرتهم الى الابد ..
جاسر عندما رأى جبينها ينكمش ضيقاً " جود .. حبيبتي شيء يعورك ؟؟ تبيني انادي لك الممرضة تشوفك ؟ "
تنبهت جود من ذكرياتها الاليمة .. و تذكرت حاضرها الواقعي ... المـؤلم ..
جود :" لا ما يألمني شيء ... بس جاسر "
جاسر :" هلا ... امري "
جود تضغط على يده :" هذي اخر مرة انقل لمستشفى ثاني ... تعبت .. الله يخليك "
تنهد جاسر لكنه ابتسم وقبل جبينها :" طيب ولا يهمك "
جود بفرحة خفيفة :" يعني اخر مرة اروح لمستشفى ثاني ... وعد "
هز رأسه ايجاباً :" وعد " ... فابتسمت و ضمت يده الى حجرها ..
جود :" الله لا يحرمني منك "
جاسر :" ولا منكِ " ..
فهل سـ يكتب الله لدعوتهما القبول ... لا احد يدري غيره عز وجل
فهو القادر و المقتدر ... يقول كُن فيكون .
~~~~
مر يومان على وجود شفا في قسمها الجديد ... احبت العمل فيه كـ كل مكان قبله ..
وخاصة ان الدكتور احمد جزء من فريق اطباء هذا القسم .. فهي تشعر بالاحترام الكبير له ..
لانه صورة لأبيها الراحل ...
عندما دخلت الى الغرفة وجدت مريضها مستلقياً مغمض العينين ..
اخذت تقيس ضغطه و تتابع تخطيط ترددات دماغه .. عندما دخلت زوجة المريض حاملة كوباً من القهوة
يبدو انها ذهبت تواً لتجلبها من الكوفي الملحق بالمستشفى ..
ابتسمت لها شفا ملاطفة فردت السيدة لها الابتسام ..:" مرحباً "
اجابتها السيدة بلطف :" مرحباً عزيزتي ... هل أزعجك في عملك ؟؟ هل تريدين مني ان اذهب واعود لاحقاً ؟"
شفا بابتسامة وهي تكمل عملها :" لا لا داعٍ لذلك .. ابقي هنا فمؤكد ان زوجك بحاجة اليك اكثر من حاجته لقياس ضغطه .."
مدت السيدة يدها لتصافحها :" انا ليندا فيشر , لم اركِ هنا من قبل ؟ "
صافحتها شفا بود :" اني الممرضة الجديدة هنا , ادعى شفا "
قطبت ليندا جبينها ..:" ما معنى شفا ؟؟ "
كانت تنطق الاسم بشكل غريب وبلكنة انجليزية جيدة .. اجابتها :" معناه في لغتكم " cure"
اصدرت ليندا صوت الاعجاب :" راائع اسمك شفا وانتِ ممرضة بفضلك يُشفى الاخرين "
استغفرت شفا ربها .." لا انا فقط اقوم بعملي والله هو من يشفي "
تضغن وجه ليندا الابيض :" الله !!! ءأنت مسلمة ؟ "
كادت شفا ان تضحك ... الا ترى تحجبها ام انها تتجاهله ..
اجابتها شفا :" نعم .. انا كذلك "
(( الحجاب ليس رمزاً للإسلام في عصرنا هذا للأسف ,,,
فـ" بعض" فتياتنا قد اوصلن رسالة خاطئة للحجاب للغير ..
ظناً منهن ان وضع الغطاء على شعورهن فقط قد حقق لهم لقب " محجبة "
او لبس عباءة مخصرة ومزينة بألوان القوس قد ارسلت للغير تمسكهن بالحجاب ..
فتياتٍ اخذن يمارسن حياتهن كما تهوى انفسهن ..
و تصرفن كـ تصرفات فتاة لا تهمها اوامر الله عز وجل
ولا صلة بالحلال والحرام بهذا وذاك ... انهن يخترن اقل الاوامر متماشية مع اذواقهن ..
ويتجاهلن ما لا يرغبن به من اوامر الشرع .. كما الامر في الشباب و الجميع ..
لم يدرين هولاء ان الحجاب ...
ينبع اولاً من داخل الروح .. ليخترق الجسد و يكون هالة العفاف والحشمة حول الفتاة ...
لتشع فعلاً و تظهر لؤلؤة غالية ... لا يحق لاي كان ان ينظر اليها
الا من قدرها حق قدرها .. و اقسم امام الله عز وجل والناس بأن يصونها ..
للأسف أحوال بعض وليس كل المسلمين الحالية ... في هذا الزمن ..
قد جعلت من الغير ينظر للإسلام ... نظرة خاطئة ..
الله يهدي فتيات وشباب المسلمين جميعاً ... آمين ))
عندما انتهت شفا من عملها استأذنت المرأة بلطف ... و ذهبت الى مريض آخر
لتؤدي عملها بإخلاص .. موجهة اياه لوجه الله وراغبة في الأجر والثواب .
سلمت ملفات المرضى لمشرفة القسم واعطتها كل المعلومات اللازمة عن حالاتهم ..
و انهت فترة دوامها لهذا اليوم ..
ذهبت لتقف بجانب المصعد بنية رجوعها الى المنزل , فمؤكد ان تالا و تامر قد عادا الى المنزل ..
و المربية تنتظر قدومها .. عندما فُتح المصعد انتظرت خروج من فيه من ممرضات و اطباء وبعض الزوار ..
دخلت ومعها عائلة وطبيب ضغط الطبيب رقم الطابق السابع ثم نظر اليها ..
فنظرت اليه وقالت بهدوء وبسمة :" الطابق الارضي اذا سمحت "
ابتسم لها وضغط عليه قائلاً :" للأسف " ... واخذ ينظر جانبياً اليها ..
همس اب الاسرة للطبيب:" انها جميلة جداً ... اليس كذلك ؟" ..
ولم يجب الطبيب الذي يبدو عليه ملامح ارستقراطية يونانية ... ولكن الرجل الاخر صرخ متألماً
عندما ضربته زوجته على جنبه عقاباً على كلامه ...
فجأة رن هاتف شفا ... فـ كانت " صديقة في كل دقيقة "
ردت :" هلا "
زينة :" شفوووي سلام .. فينك ؟"
شفا تتجنب نظرات الطبيب و تبتعد اكبر مسافة عنه في هذا المصعد :" وعليكم السلام ورحمه الله .. راجعة البيت "
زينة :" لااااا لا تروحين تعالي عندي "
شفا بإنزعاج من نظرات الطبيب :" وين اجي زينة بروح تالا وتـ "
زينة :" يووه شفا بس دقايق اطلعي بسرعة .. انا شاردة من الشغل تعالي قبل ما يجي ابو ذقن منعوجة "
واغلقت الخط , لم تعطها حتى فرصة ان تقبل ام ترفض ...
ابو ذقن منعوجة !! لابد انها تقصد مشرفها المغرور ..
اعادت شفا هاتفها الى حقيبتها الصغيرة و قررت ان تصعد الى زينة لدقائق قليلة ..
نظرت الى لوحة الاعداد وتذكرت ... زينة تعمل في الدور السابع ..
اخذت تحدث نفسها :" اوووه يا ربي الحين هذا يحسب عشان وجهه "
وقف المصعد في الطابق الارضي وخرج الرجل مع زوجته وابنهما ..
نظر الطبيب اليها :" ألن تخرجي ؟ "
لم تنظر اليه :" بل عندي عملاً ما في الطابق السابع "
ابتسم :" لحسن الحظ "
تمنت ان يدخل احداً الى المصعد .. ولكن الباب اغلق وبقيا وحديهما ...
لم يتجاوز المصعد الطابق الثاني حتى التفت اليها الطبيب ماداً يده ليصافحها ..
بصوت قوي :" انا الطبيب غريغ .. اني طبيب امراض باطنية وانتِ ؟"
ترددت شفا وهي تنظر الى يده الممدودة ... فضحك الرجل ليقول وهو يبسط يديه
:" لا تخافي لقد عقمت يداي , لست واحداً من اولئك الاطباء المهملين "
بصوت منخفض اجابت :" لم اظن ذلك "
غريغ :" لم اركِ من قبل هنا .. هل تقبلين بأن نخرج للعشاء .. "
وهو يتحدث اخذت شفا تدعوا الله ان يتوقف المصعد ...
وكأنه استجاب دعوتها توقف في الطابق الرابع ..
وفتح ليدخل اليه بضع من الاشخاص بينهم دكتور منغمساً في قراءة الملف التي بين يديه..
حمدت ربها لذلك ..
ولكن عندما اغلق الباب لم يصمت المدعو غريغ .. بل اخذ يكمل طلبه ..
تجنبت نظراته المتسائلة :" انا اسفة .. لا يمكنني ذلك "
تسائل مرة اخرى :" لا يمكنك ايعني انك لا تريدين ام لا تستطيعين ؟؟ "
جاء صوت من خلفه :" اعتقد انها عبرت بوضوح عن رأيها "
التفت الاثنان اليه .. وكاان شخصاً لم تنسى شفا عينيه ...
تلك النظرة التي سكنت عينيها ذلك اليوم ..
تلك النظرة التي دارت فيها معاني غامضة لم تفهمها شفا !!!
انه من امسكها في ذلك اليوم ... يا الهي انه مشرف زينة ... ما اسمه ؟؟
نعم ... فارس !!!!
اخذ غريغ يتسائل بتحقير :" و من تحدث اليك اصلا ؟ "
اجابه فارس بغرور :" عندما تكلمها , يعني انك تكلمني انا "
كان الرجلان يتنافسان في طولهما و قوتهما , صوتيهما يدل على قوة و رجولة ..
نظراتهما لبعضهما البعض تنبأ عن مشكلة على وشك الحدوث ..
نظرت شفا بقلق الى الاعلى انه الطابق السادس ... طابق اخر وينتهي الامر ..
ارجووك يا مصعد اسرع ..
ضحك غريغ ووقف في مواجهته :" حقاً .. ومن تكون انت ؟ "
فارس بصوت واثق :" انا خطيبها "
تصلبت شفا مكانها وعينيها تجولان في وجهه !!!!!!
تراجع غريغ الى الخلف ... و نظر الى شفا .. ثم اليه بشك ؟!
لم ينبس احد بكلمة عندما فُتح الباب و خرج غريغ متأسفاً بإشارة عشوائية من يده في الهواء ..
نظر اليها فارس :" ااام .. هذا دوري .. " وخرج ..
افاقت شفا لنفسها ثم بسرعة وقبل ان يُغلق باب المصعد خرجت على اثره ..
نظر اليها فارس وابتسم :" انا آسف اختي , كنت اقصد اخلصك منه ..لانـ "
قاطعته شفا بخجل :" لا عادي , حصل خير "
وقف فارس مرتبكاً قليلاً :" ادري تماديت شوي لكن .."
شفا وهي تتمنى ان تنشق الارض وتبلعها بدلاً من هذا الموقف المحرج :" لا عادي "
اشار فارس الى المصعد :" تبيني اقفه لك , عطلتك عن .."
قاطعته واخذت تمسح باطن يديها :" لا ابي اروح لوحدة بهالدور "
فارس بإبتسامة :" ااه .. اوكي "
في حينها كانت زينة تنتظر شفا امام قسمها وعندما تأخرت عنها قررت ان تذهب الى اقرب وقفة مصاعد اليها
فأخذت تهرول في الرواق الى الجناح الغربي ... وعندما اقتربت رأت شفا من على بعد امتار تقف هناك , وبمقابلها رجلاً ما ... كان ظهر الرجل الى زينة فلم تعرفه ..
تساءلت زينة من هذا ؟؟ وماذا يريد من شفا ؟؟ هل يتحرش بها ؟؟؟
يا الهي ... ربما يتحرش بها ؟؟
فأسرعت في هرولتها تركض اليهما ... :" شفاااااا لا تخافي جايتك احمييييكِ "
و بثواني وقفت بجانب شفا وتنظر الى الرجل بغضب :" What do u .."
ثم انقطعت انفاسها لترى فارس قد تبدلت ملامحه من اللطف الى الجدية المرعبة ..
زينة بدهشة وهي تبلع ريقها :" انت !! "
شفا كانت مفزوعة من ظهور زينة الفجائي و الفريـــد كما العادة ..
فارس بنظرة سريعة لساعته :" آنسة زينة , ممكن اعرف ليش مو في شغلك ؟"
فتحت زينة فمها .. لتفسر ..ثم اغلقته .. لتفتحه مرة اخرى ولكن لا عذر مقنع يسعفها الان ..
نظرت الى شفا تلتمس منها عذراً , لكن الاخرى اخذت تنظر بتوتر الى صديقتها ..
فارس بصوت جدي :" انتظر تفسيرك .. و الافضل يكون مقنع "
تورطت زينة , سيقرعها الان امام شفا ... يا الهييي ساعدها ..
فنظرت الى شفا وومضت فكرة في رأسها فقالت في سرعة :" صحبتي شفا عندها موضوع مستعجل جداً
ما ياخذ دقايق , و اتصلت فيا اقابلها هنا ... مشكلتها مستعجلة مرة مرررة "
نظرت لرفيقتها بنظراتٍ رجاء :" موو شفا ؟؟ "
فغرت شفا فاهها :" ااا اا " اليوم الجميع يصفعها بالكلام المفاجيء .. ما الذي ستقوله ؟
نظر اليها فارس ثم ابتسم .. ثم عاد بنظرة باردة الى زينة :" مدام الآنسة شفا تحتاجك , خذوا راحتكم .."
و اكمل وهو ينظر الى شفا مرة اخرى :" واذا تحتاجوا أي مساعدة , اعتبروني اخ ولا تخجلوا تطلبوا مني "
ثم استأذن منهم والتفت مبتعداً ..
وقفت زينة تنظر الى ظهره فاتحاً فمها ... أهكذا .. بكل بساطة؟؟
لا تقريع ولا تصغير ولا استهزاء ... حتى ولا (( تفشيل ))
نظرت وهي تطرف بعينيها الى شفا :" انتِ شفتي اللي انتِ شفتيه ؟؟ "
>> ههههههـ هذه الجملة تضحكني من فيلم " غبي منو فيه " على ما اذكر ..
شفا :" أي ... يالخبلة فشلتيينييي "
زينة :" والله مو مصدقة هذا هو نفسه فارس مشرفي ؟؟ "
شفا :" مدري عنك ... خبلـة زيووون ليش ألفتي عليه يا ..."
قاطعتها زينة :" والله انه وراااااه إنُ ... هاللطافة مو لله ... انا اوريه "
تأففت شفا و اخذت تخنق صديقتها :" انتِ تنادينييي ., الحين ايش تبييي يا مفشلتني "
زينة :" ههههههـ خلاص طيب طيب تعالي معي "
و ذهبتا معاً ..الى داخل القسم .
~~~
و هنا تسكن ريشتي عن الرسم ...
آمله أن ما رسمته الى الان قد أثبت وجوده في دنيا الادب ..
و منتظرة بفارغ الصبر ردودكن و تشجيعكن .. او حتى انتقاداتكن لي و للوحتي ...
لكنُ كل الود .. و المحبة ..
ان احببتن ان اكمل لوحتي ... فيسعدني ذلك
والى اللقاء في النبضة القادمة ..
دمتن بخير ..