كاتب الموضوع :
ضياع نبضة
المنتدى :
الارشيف
~ الجـ 2 ـزء ~
~ غرفة علي ~
:" هذا الملف خاص بتمويل شركة دلتا .. وقِّع لفضّ التمويـ .."
حينها انتصب رأسيهما عندما سمعا ترددات صراخٍ بالخارج ..
سأل عبدالعزيز بتوجس :" ايش هذا ؟؟ "
حاول علي الوقوف والاستطلاع الا ان الالم شبّ في صدره :" آآخ .. ما ادري "
منعه عبدالعزيز من الوقوف :" علي لا تتحرك بسرعة الدكتور قال الحركة العنيفة تضرّ بك "
طأطأ علي وهو يريح ظهره على مقدمة سريره :" بشوف ايش قاعد يصير بره "
رمقه عبدالعزيز وهو ينصتّ :" صراخ بنات "
همس علي بإمتعاض :" فاتن "
سمعه عبدالعزيز .. وتذكر تلك الفتاة صاحبة العطر النفاث ..
افزعتهما الطرقة المفاجأة .. وصوتٌ يقول :" علييي الحق فاتن طلعت لوحدها "
وقف عبدالعزيز مستعداً للحاق بها لكنه توقف ونظر الى علي ..
القى بالملفات بجانبه وهو يصرخ :" هدى روحي بنطلع "
هدى :" طيب " ثم ركضت لتعود غرفتها وترتدي عبائتها ..
مدّ علي يده :" عبدالعزيز ساعدني بقوم "
لم يفعل وقال بتوتر :" خليك هنا انا بلحقها قبل لا تطلع من الفلة "
ثم باشر بالرحيل .. الا ان نداء علي جعله يرتدّ ..
وقف علي ضاغطاً على صدره :" عزيز .. امنعها تروح عبل ما الحقك "
ايماءة سريعة و ركض للخارج ..
~ داخل اسوار الفلة ~
وقفت حائرة و غاضبة ..
أين ادريس الأحمق ؟؟ الى اين اخذ السيارة ؟؟ ألم اقل له ان يجهزها .!!
ضربت الارض بكعبها ..:" يالزفت يا ادريسوو وينك ؟"
:" فاااتن "
ارتدتّ للوراء لترى خيال هدى الاسود يغادر الفلة ..
فصاحت :" انقلعي عني " ثم سابقت خطوااتها لتهرب خارج اسوار البوابة ..
حاولت هدى اللحاق بها لكنها نسيت ارتداء خفيها ما جعل الارض المغطاة بالحصى تؤلمها...
نادت بيأس :" فاااتن ارجعــي "
سمعت صوت خطواتٍ سريعه خلفها فأستدرات لترى شاباً بثوبه الابيض يقترب ..
وقف على مقربه منها و نظراته للجهة الاخرى :" انتي فاتن ؟؟ "
هزت رأسها وكأنه يراها ..
وأشارت بإصبعها للخارج تصيح بهدوء :" لا اخوي .. فاتن طلعت تجري لبره الفلة الحقها الله يخليك"
اومأ و ركض للخارج ..
تلفت يميناً ويساراً ثم لمح خيالاً اسود يبتعد على قارعة الطريق ..
تعدى سيارته الواقفة و زاد من تباعد خطواته ليبلغها قبل ان تختفي عن ناظريه في هذا الظلام ..
أخذت فاتن تهرول مسرعة بين ممرات الفلل المجاورة لفلتهم ..
و رغم ان الخوف بدأ يتملك قلبها الا انها تابعت سيرها .. حتى سمعت صوت خطواتٍ تتبعها ..
لفّت رأسها لترى شاباً على بعد امتارٍ قليلة منها ..
فهلعت و هي تزيد من ركضها .. و الغطاء الشفاف ينسّل ليكشف عن وجهها ..
ناداها عبدالعزيز لاهثاً :" وقّفــــي "
صرخت ظناً منها انه شخصاً يريد خطفها :" آآآآآآه ساعدوووني "
وفي ثانيتين بلغها وتوقف امامها ليمنعها من المضي أكثر ..
رفعت يديها بشكل دفاعي خائفة :" الله يخليك لا تأذيني "
تنفس بشدة :" مو مأذيك ارجعي بيتك "
تراجعت بخطوات سريعة .. وهو من ورائها .. فسكن الرعب قلبها مرة أخرى ..
صاحت وهي تنهار على قدميها :" الله يخليك لا تضرني .. خاف الله في عرضك "
بصدر يعلو ويهبط من أثر الركض .. قطب جبينه :" ما بالها هذة .؟؟ "
همس ناظراً اليها بإستياء :" انا صاحب اخوكِ .. برّجعك وبس "
رفعت رأسها اليه .. لترى ملامحه الممتعضة تحت ضوء انارة الشارع الخافته ..
ثم تذكرته .. نعم انه عبدالعزيز ..!!
عندما لمح سيارة تحوي شابين قادمة من رأس الشارع همس :" قومي وغطي وجهك "
دفعت نفسها بيد مرتجفة .. لكن قدميها خانتاها ووقعت مرة اخرى ..
تأفف عبدالعزيز ..ووقف امامها :" قومي يا فاتن "
همست خائفة وهي ترى السيارة تتهادى وهي تمرّ بجانبهم :" طيب اصبر "
صاح عبدالعزيز عندما توقفت السيارة واخذ من فيها ينظر الى فاتن :" حركّوا ايش عندكم واقفين ؟"
تحدث الشاب الذي يقود :" اقول يالحبيب ايش هالحورية اللي طاحت عليك "
وقفت فاتن بترنح ضامّة يدها الى صدرها مرتعبة ..
صرخ عبدالعزيز :" توكل على الله .. لا تشوف شيء ما يسرّك "
ضحك الشاب ومن معه ..
:" سمعت يا مجدي .. يقولك بيكفخنا هههههه"
مجدى :" طلال والله البنت ما تتفوت .. امش " ثم شرعا بابيهما ليخرجا ..
تحدث الآخر وكان مظهره ينمُّ عن شخصٍ لا هدف له في الحياة ..
فقد حوّل شعره الى اشواكِ متطايرة جُمدت بالجل ومثبت الشعر .. و ارتدى ملابسه بغير انتظام ..
بنطاله كان على وشكِ السقوط مظهرةً تحتها ملابسه الداخلية ..
بشكل عام كان مقززاً .. نموذج من نماذج معظم شباب البوب التافهين ..
الذين اخذوا يقلدون الغرب في تفاهة تصرفاتهم ..
مجدي :" هههـ شكلك بتنبسط لوحدك .. عادي ترى ندفع نحن بعد "
ضم عبدالعزيز يده بعنف .. محاولاً ان لا يخرج من طوره :" لمّ لسانك و انقلع انت وهو "
قال طلال وهو ينظر الى فاتن الملتصقة بحائط الشارع :" يا حلوة تجي معانا ؟"
رفعت يدها تغطي فمها .. لكي لا تصرخ ..
صاح عبدالعزيز :" اسكت يا نذل " والتفت اليها :" فااتن غطي وجهك "
قال التافه مجدي :" آآآآآخ يا قلبي .. اسم على مسمى .. تفتن الواحد "
فاض الامر بـ عبدالعزيز فتهجم ليقبض على ياقه قميصه :" انبكم لا ابلّعك لسانك "
استغل طلال انشغال عبدالعزيز .. فأقترب مسرعاً الى فاتن التي صرخت خائفة ..
ارتد عبدالعزيز اليهما .. و حذف بذلك التافة ارضاً ..
عبدالعزيز بغضب :" يالحقير .. اتركهاااااا "
ضحك طلال وهو يجّر فاتن اليه .. وهي بلا حول ولا قوة ..
فأنقضّ عبدالعزيز عليه ليلطمه بقبضة يده ..و صاحت فاتن وهي تقع عند قدميهما ..
دخل الثلاثة في عراكٍ عشوائي .. رغم هزل عبدالعزيز الا انه كان شرساً في ضرباته ..
حتى هلك الاخريّن .. ولكنهما تعاونا عليه ..
بكت فاتن وهي تنظر اليه يتلقى رفساتٍ منهما :" اتركووووووووه .. اتركووه "
تلفتت حولها باحثة عن من يساعد .. ولكن لا احد !!!
هذا من مساؤى الأحياء الراقية ذات الفلل المتباعدة ... أنه لا يتواجد احد في مثل هذة الساعة ..
وتشعر انه لا سُكان في دآخل الفلل .. وكأن الاشبآح تحوم حولها .. >> وحده غيرانة هوهاهاها
صاحت مرة اخرى عندما تلقى عبدالعزيز لكمه اوقعته ارضاً ليصطدم رأسه بالرصيف :" ساعدوووووونا "
بدى ان عبدالعزيز فقد وعيه .. فقد استكان مغمضاً عينيه ..
تحرك الشابان ناحيتها و انتزعاها من مكانها .. صرخت وهي تجاهد للتحرر من قبضتيهما ..
:" اتركووووونيي ... لاااااااا ... الله يخليييييكم اتركوووووني "
فتح طلال الباب بينما امسك بها مجدي لكي لا تهرب ..
صرخت ويداها تبعدان جسدها عن الداخل :" مابغااااااا اتركووووني "
سدّ مجدي فمها :" اسكتييي وادخلي "
حاولت الابتعاد فـ كتّفها مجدي ليجبرها على الدخول ..
الا ان قبضة عبدالعزيز اطاحت به ..واخذ يكيل الضربات للشابين ..
تراجعت فاتن تركض عائدة الى الفلة بكل خوف .. عندما لمحت علي يُقبل تجاههم ..
ركضت فاتن لترتمي في صدر اخيها :" عليييييي الحقنااا "
تأوه متألماً ولكنه مسح رأسها بطمأنه :" ماعليك فاتن .. اوقفي هنا "
مشى الى حيث اخذ الشجار موقعاً و صرخ :" يالحمييير تتفرعنووا على صاحبي .. اوريكم "
تمكن الشاب طلال من الفرار من قبضة عبدالعزيز ..
وركب سيارته :" اووه جا خويّه .. هذا وحده هلكنا .. اركببببب يا مجدييييي "
لم يستطع الآخر الركوب لان عبدالعزيز تمسّك برقبته واخذ يصفعه بقهر ..
فأنطلق ذلك بسيارته مفحطاً اياها واخذ يبتعد بسرعة جنونيـة ..
صاح مجدي :" طلااااااااااال ياكللللب لا تتركنييي ارججججججع ... آآآه خلاص والله توبه ارحمنيييي "
استمر عبدالعزيز بصفعه :" خذذ يالنذل .. يالحقير .. اوريييك "
بدأ مجدي ينهار ووجهه ينزف دماً .. فأمسك علي بـ عبدالعزيز يمنعه من ضربه اكثر
علي :" خلاص عزيز .. خذا كفايته "
عبدالعزيز بحرقه :" مااااا اتركـــه النذل .. بأقتله "
صاح مجدي وبدأ بالبكاء :" توووبة .. توووبة ماعاااد اعيدهااااااا .. اعتقنييي "
امسك علي بذراع عبدالعزيز :" اذكر الله واتركه "
تركه عبدالعزيز بمضض والنار تشتعل في عينه .. :" يالخكري .. لو انك رجال بس كنت قتلتك "
امسك علي بياقه مجدي ليقول بفحيف :" شفت ان وريتني وجهك هنا ثاني .. مايصير لك طيب "
طأطأ مجدي بخوف .. وعندما تركه علي .. فرّ هارباً كالجرذ ..
صاح عبدالعزيز :" ارفع سروالك يالتافة .. يقلعك ان شاء الله "
علي بنظرة قلق :" انت بخير بوسعود ؟؟ "
تنفس و نفث الهواء بعنف :" ليش منعتني .. كان وريته شغله "
علي :" انت بتروح فيها لو اشتكوا بالمغفر .. لا حوول .. رقبتك دم "
رفع عبدالعزيز يده ليلمس مؤخرة رأسه :" انصقعت عالرصيف .. ماعليك انا بخير "
ربت علي كتفه :" امشي نرجع .. و ننظف جرحك "
مشيا ليعودا ... رأى عبدالعزيز فاتن تقف هناك والرعب مرسوماً على ملامحها ..
غضّ بصره مشمئزاً .. مازالت كاشفة وجهها ..
ولن يلوم الشابين .. فتبرجها الصارخ كان دعوة صامته لمن يراها ..
انها تملك ملامح جميلة ... لكنها أحالت جمالها الى نقمة ..
بدل ان تجعل من نفسها دُرَّهـ أحالتها الـى لوحـة معروضة لمن هبَّ و دبْ ..
همست فاتن ودمعة تسبح في عينها :" انا آسفة "
اشار اليها علي لتتغطا وتسبقهما ..
علي :" مشكور بوسعود .." اكمل بغيظ :" لو اني قادر كنت فرشتهم "
عبدالعزيز :" ماسويت شيء .. اختك مثل اختي "
عندما وصلوا الى الفلة ..
كانت هدى تقف قلقة بجانب البوابة .. رأتها فاتن ثم ركضت لتبكي في حضنها ..
هدى بحنان :" بس فتون .. هشش خلاص "
شهقت فاتن والدمع اساح الكحل من عينيها :" هـدى .. كا كانوا بيـ يأخذوني "
رأت علي و عبدالعزيز قادمان .. فساعدت اختها على الدخول ..
همست لها تهدئها :" ما صار شيء فيكِ الحمدلله .. هشش "
قادتها الى غرفتها .. وانهارت فاتن على ركبتيها ..
غابت هدى عنها وعادت بعد لحظات .. جثت جانبها و اعطتها كوباً من الماء
هدى :" فاتن .. سمي بالله واشربي "
رفعت فاتن وجهها و ارتشفت بعضاً من الماء .. ثم عادت تخفي وجهها بيديها ..
قالت بحجرشة :" هدى .. كله من عنادي "
طبطبت هدى على ظهرها :" ولا يهمك .. قومي غسلي وجهك وتوضي .. صلي ركعتين تريحك"
هزت رأسها وقامت ترتعش ..
استدرات :" هدى .. امي ؟؟ "
هدى برقة :" ما عليكِ امي بعد ماصلت العشا اخذت حبة ونامت ما حست بشيء "
اومأت مرتاحة وخرجت من غرفتها الى المغاسل المقابلة ..
تبعتها هدى تنظر اليها .. رفعت يديها ممتنة :" يااا رب لك الحمد حفظت اختي "
(( ومضة :
رفع اليدين في الدعاء العام او دعاء الاستسقاء مستحب ..
لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
:" إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ"
رواه الترمذي (3556) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
ولكن رفعهما في الصلاة بعد الرفع من الركوع او في خطبة الجمعة ليس بمشروع ..
لإنكار الصحابة على بشر بن مروان عندما رفع يده في خطبة الجمعة ..
والله اعلم. ))
ذهبت هدى الى المطبخ .. و بحثت في احدى الخزائن عن علبة الاسعافات الاولية ..
وجدتها واعطتها الخادمة :" سنرتي خذي هذي لغرفة علي .."
طأطأت سنرتي وتلقفت العلبة ..ثم غابت .
عادت هدى الى غرفة فاتن تنتظرها .. اخذت تجيل بصرها في انحاء المكان ..
حيث قلبت فاتن الديكور و ملئت مكتبها بصور مختلفة لنجوم الفن ..
وما هم الا شياطين الانس .. تتعالى نجوم الخالق ان تُشَّبه بها .
هزت رأسها بتأسف ..
:" فاتن تايهة وغافلة .. لكن انا مخطئة بالتعامل معها بشدة ..
يجب ان ادعوها باللين والكلمة الحسنة .."
ثم ابتسمت وهي تدعوا :" يارب وفق عبدالعزيز وارزقه الفضل من عندك"
~ غرفة علي ~
:" آآخ اترك يا علي انا امسح بنفسي "
اعطاه القطن المنقع بالميكروكروم :" تفضل .. آآه ياخي مدري ايش اسوي معها "
تلقف عبدالعزيز القطن و رأى ملامح صديقه تذبل :" خير علاوي .. "
تنهد علي مستنداً الى الوراء :" اختي مو متقبلة وضعنا وصارت تعاند.. وانا مابي اقسى عليها .. متلوم فيها "
قطب عبدالعزيز :" ليش ؟"
تمتم علي بحزن :" كافي حرمتهم من ابوي .. مو عارف كيف اتعامل معها "
مسح عبدالعزيز الدم القليل ولحسن الحظ كان الجرح بسيط فتوقف النزف :" الله يعينك "
بعد ان انتهى من علاج جروحه وقف :" انا راح اخلي الملفات عندك .. وعالصبح اجي أخذهم طيب "
علي :" بوسعود اقعد هنا .. ليش التعب واللفة "
هزّ رأسه :" لا مافي داعي .. بأروح ابدل ملابسي وبكره الدوام "
رفع علي حاجبه :" اقول ارتاح بس .. ملابسي تلقاها في الدولاب .. روح استحم و اطلع تلقى العشا جاهز"
كاد عبدالعزيز ان يرفض لكن علي اعترضه .. ووقف ليدفعه لداخل الحمام ( أكرمكن الله ) ..
علي :" خذ وقتك .. وانا بجهز لك غيار نظيف "
عبدالعزيز بعبوس :" علاوي ما ابغى انام هنا !! "
دفعه علي و اقفل الباب :" طيب عالأقل أتعشى .. انا بحط لك الملابس و رايح اشوف اختي .. خذ راحتك"
تنهد عبدالعزيز وهو يوصد الباب بالقفل ..
مسح وجهه .. وهو ينظر حوله الى البلاط الأزرق ..
استسلم وقرر أخذ حماماً سريع .. بعدها يتناول العشاء ويعود الى منزله حيث الوحده ..
الوحدة التي اعتاد عليها مُذ توفيّ والده ..
كان والد عبدالعزيز يعملُ فراشاً في شركة فيصل و حسن علي الـ ..
ودوماً كان يجلب عزيز معه لكي يعلمه كيفية صُنع المشروبات وخدمة الموظفين ..
لكن العم حسن كما كان يناديه الجميع .. تكفل بدراسة عزيز و مصروفاته جميعها ..
حتى نشأ رفيقاً لـ علي الى يوم تخرجهما وافتراقِ كلاً منهما الى تخصصِ مختلف ..
اختار عبدالعزيز مهنة المحاماة و برع فيها ..
فأتخذّه العم حسن محامياً خاص للشركة ولأغراضه القانونية ..
هذا كله كان فضلاً منّه الله على عزيز لذلك هو يحمل جلّ الاحترام والامتنان من بعد الله لـ عمه حسن ..
بعد رُبع ساعة طُرق الباب عليه ..
علي :" بوسعود .. لا تكون غرقت ؟ "
ابتسم عزيز وفتح الباب يطلٌّ على علي ثم اخذ منه الملابس و غاب مجدداً بالدآخل ..
عندما خرج للغرفة وجد سفرة صغيرة على بساط الارضية وقد فُرشت عليه وجبة دسمة ..
أشار له علي :" تفضل العشاء .."
جلس بجانبه مشمراً عن سواعده :" زاد فضلك .. ماشاء الله زمان عن طبخ عمتي "
ابتسم علي :" هذا مو طبخ امي .. طبخ بلسم الروح "
بدأ عزيز بالأكل متجاهلاً الملعقة ومستخدماً يده اليمنى :" بسم الله .. مين بلسم الروح ؟!! "
اراح علي نفسه متكأً بظهره على طرف سريره .. :" اختي .." ثم صمْت دون ان تمسّ يده السفره ..
فكّر علي .. لا يمكن ان تكون فاتن ..!!
اذاً هي الاخرى .. تلك التي رآها في الخارج ..
او التي رأى سوداها المتشح تحت عباءة لم تُظهر حتى اصبعاً
رغم معرفته لـ علي سنين طويلة .. الا انه لا يعرف اي شيء عن حياته الخاصة مع اهله ..
كان يعلم ان علي يملك اختان لكن من هما .. لم يعرف بعد الا فاتن ..!
ابتلع اللقمة ورفع بصره الى ذاك السارح :" علي ايش فيك ما تأكل ؟"
تنهد وبإنكسار :" مالي نفس ... مالي نفس اي شيء "
نفض عبدالعزيز يده ومسحها قائلاً :" اذا ما اكلت انا مو ماكل بعد .. وانت حُر "
ابتسم علي .. انها الطريقة ذاتها التي نفذّها على عزيز حين تُوفيّ والده قبل سنوات ..
عبدالعزيز :" هاه ايش قلت .. اقوم ؟؟ "
ضحك بخفة :" كمل كمل راح اكل و امري على الله ... بسم الله "
واخذان يأكلان بصمت .. عندما انتهيا ..
علي :" الحمدلله الذي اطعمني هذا وسقاني هذا ورزقني هذا من غير حولٍ لي ولا قوة "
ابتسم عبدالعزيز :" سفرة عامرة وادامها الله عليكم .."
علي :" آمين " ثم أخذ يلعقُ اصابعه تحت نظرات عزيز المتعجبة ..
عبدالعزيز :" علاوي .. دايم نأكل تسوي هالحركة .. انا تعودت عليها بس لو اصحابك شافوك ايش يقولوا؟"
ابتسم علي :" همّ كمان اتعودوا .. الله يخلي بلسم قعدت على رأسي الين ما صرت اسويها "
قطب حاجبه :" طيب ليش ؟؟"
وقف علي متجهاً الى المغاسل :" تقولك ماحد داري وين بركة الاكل .. وطلعت دراسات انه بعد الاكل
الاصباع تفرز مادة مفيدة تساعد على الهضم .. "
هزّ عبدالعزيز رأسه بتعجب .. لم يعرف هذة المعلومات الا وعلي يدلي بها ..
ابتسم .. هذة البلسم .. اسمٌ على مسمى ..!!
( كم احببت وصف آداب الاكل في الاسلام ولكن يطول الكلام والاسهاب رغم معرفتنا جميعاً بها
مع ذلك .. اهديكم موضوعاً قد كفّ و وفّ جامعاً الاحاديث الصحيحة عن آداب تناول الطعام ..
لا تمروا عليه مرور الكرام .. فهو مفيد جداً ..>> نصيحة من اخت ..
دع الحمية.. وابدأ الحياة )
وقف هو الآخر ليغسل يديه و فمه .. ثم ودّع علي الرافض ليعود الى منزله ..
والى وحدته .. حيث الحياة تمُر بلا تضاريس او تغييرات ..
خرج يصاحبه علي الي حيث اوقف سيارته ..:" يالله امُر عليك بكره قبل لا اروح الشركة "
طأطأ علي :" طيب .. وشكراً بوسعود "
شخر عبدالعزيز :" مافي داعي تشكر ... انت بس لا تتعب نفسك عشان تشفى بسرعة "
اومأ علي باسماً .. اي شفا سيزورني .. وبي جرحٌ لا ينزف دماً بل ندماً ..!!
علي :" على خير .. بحفظ الله "
قبل ان يتحرّك :" سلم لي على عمة .. مع السلامة "
لوّح لـ علي ثم انطلق يجوب الشوارع عائداً الى ملجأه ..
~~~~~
وقف متردداً عند الباب الخشبي للمنزل .. وللمرة العاشرة نظر الى الورقة بيده
ثم الى رقم المنزل .. :" مثلما قالت ويلما البيت رقم 22 "
تنهد وهو ينظر حوله .. ليته يجد طفلاً صغيراً يطرق الباب ويسأل عن جود بدلاً منه ..
لقد اتصل بـ الآنسة شفا ثلاث مراتٍ ولم تُجب .. ما اقلقه بشدّة ..
تململ مكانه منتظراً .. لو فتّحت له الباب .. ما عساه يقول لها ؟؟
حسناً يجبُ ان يُقدم على ذلك والا غابت بقايا اضواء الغروب وهو يقفُ عاجزاً هنا ..
تنهدّ و ضرب الجرس مرتان ..
سمع ركضاً من الداخل و صوت صبيٍ صغير ينادي بالانجليزية :" من بالبااااااااب ؟"
تحمحم جاسر و قال :" انا ادور على بيت الممرضة شفا "
جاءه الصوتُ مرة اخرى :" انا تاااامر اخوهاااا .. انت ميــن ؟؟"
جاسر براحة :" يعني هذا بيتها .؟؟ طيب هيا فينها ؟؟"
فتح تامر الباب لكن السلسلة ثبتته لـ سعة بسيطة حتى لا يُشرع تماماً .. نظر اليه بتساؤل ..
:" انتَ مين ؟؟ وايش تبغى بأختي ؟؟ "
ابتسم و جثا على كعبيه .. :" هلا تامر .. أنا جاسر .. اخو جود اذا تعرفها "
فجأة تحولت اسارير تامر من الجمود الى الدهشة والانبساط :" انتّ جاسر !!.. استنى افتح الباب "
اُغلق الباب لبرهة ثم فُتح ليطل تامر ببسمته المميزة :" هلا .. اتفضل "
صافحه جاسر مبتسماً :" كيفك تامر ؟؟ وكيف جود والآنسة شفا "
تامر :" طيبين تعال " واخذ يسحبه للداخل :" جود راح تفرح لما تشوفك قبل شوية كانت تكلمنا عنك "
دخل جاسر ووقف عند مدخل المنزل بنظرات وقورة منتظراً :" تامر نادي جود "
اشار له تامر للدخول :" طيب ادخل .. واطلع اناديها "
هزّ رافضاً حتى لا يُحرج وجوده الآنسة شفا :" ما عليك .. انت ناديها وانا انتظر هنا "
طأطأ تامر وركض يترقى الدرجات ..
لم تكمل دقيقة واحدة حتى رأى فتاة مفعمة بالحياة تركض والسعادة ملئت وجهها ..
بصيحة فرح :" جسووووووووووووووور انت جييييييييت !! "
ثم القت بنفسها عليه تضمّه بشدة اليها وكأنه سيلوذ هارباً !!
تراجع خطوة للخلف عندما فاجأة الدفع القوي لجسدها :" آه جود هههـ شوي لا تطيحيني "
ابتعدت ضاحكة :" جسوور مو مصدقة انك هناااا .. متىىى وصلت ؟؟ "
مسح على رأسها بحنان :" قبل ساعة .. كيفك الحين ؟؟"
تنهدت وهي تهزّ رأسها بحماس :" بخيييييير ومبسووووطة مررة .. انت كيفك ؟؟؟؟ "
ابتسم سعيداً .. لم تكن مجرد كلمات نطقتها جود ..
فالبريق الذي يلمع في عينيها .. والحياة التي نضحت من ملامحها ..
و الحماسة التي تغلف نبراتها .. كلها قالت انها بأتم خير ..
تعجب لهذا التغيير الطاريء على اخته .. و انشرحت اساريره .. ولكنها حالما خبت ..
هل يجرؤ على اطفاء بسمتها بـ سُمِّ الخبر ؟؟؟
اتى تامر عندها تتبعه فتاة تشبهه والخجل يتلبسها .. صاح تامر :" جاسر هذي اختي تالا "
ابتسم واقترب منهما ثم جثا لتصل عيناه على مستواهما :" هلا تالا .. كيفك ؟"
طأطأت باسمة بهدوء و همست :" الحمدلله "
ضحكت جود :" ههههههههـ توتو لا تستحي هذا اخويا جسوور يعني زي اخوكِ "
رفع يده لمسح على شعرها بـ رقة :" صح كلام جود .. انا اخوكِ جاسر "
قفز تامر مكانه :" احلىىى .. صار عندي اخوو كبيييير ويبيييي "
ضحك جاسر لروح تامر الطفولية .. ثم وقف قائلاً لـ جود :" جود وين الآنسة شفا ؟"
اجابه تامر :" شفا رآآحت النادي .. ما راح ترجع الا بعد المغرب "
ابتسم جاسر :" طيب أنا بآخذ جود نروح مشوآر وارجعها بعد كذا اوكي ؟؟"
صاحت جود :" لا ما نقدر .. بعدين مين يقعد مع توتو وتمور ؟؟ "
قالت تالا :" اجلس هنا "
احسّ بالحرج ان دخل سينتهك مملكتها الصغيرة دون علمها :" اممم طيب ايش رايكم كلنا نطلع نروح الحديقة القريبة ؟"
زمّت جود :" وشفا ما تدري ؟؟ "
قال تامر وهو يدفع تالا الى حيث السلالم :" عاااادي ما راح نتأخر .. الحين نروح نلبس الجاكيت ونازلين"
نظرت جود الى جاسر :" اخاف تجي وما تلاقينا بعدين تقلق "
فكر جاسر قليلاً :" اتصلي بها وخبريها " اخرج هاتفه و لقفها اياه ..
اخذت هاتفه ولوحت له لتذهب هيا الاخرى للأعلى :" طيب .. بروح البس معطفي والطرحة .. "
تنهد ثم تراجع الى باب المنزل .. وخرج منتظراً اياهم عند حصيرة الباب ..
واقفاً ويديه داخل جيبي بنطاله ..
دقيقتان وانضم اليه ثلاثتهم .. ارجعت له هاتفه :" جسوور شفا ما ترد .. ارسلت لها رسالة "
اومأ :" ان شاء الله ما نتأخر بس نص ساعة ونرجع .. طيب يا صغار ؟"
جود و تامر وتالا بصوتٍ واحد :" اووووووكي "
ثم تحركوا عاقدين اياديهم ببعضها الى حيث ركنَ جاسر سيارته المستأجره خارج مواقف السكن ..
~~~~
ضربته على رأسه :" يا غبييي سومي لا اشوتك الحين اشر لي "
ضحك بسام :" عمتووو ايش اسووي اغمزلك ولا تتنبهي "
تأففت :" طيب سوي الحركة الثانية اللي اتفقنا عليها .. لا يكشفونا هالدبين "
اصدر زيد صوت استهزاء :" اقول انتَ وياها حتى لو لعبتوا تمام ما راح تغلبوني انا ودلالي "
زينة بنزق :" هوهاها .. والله حرمتك غشيمة مو عارفة تلعب "
دلال بإستنكار وهي تمُّد بطاقة لها :" هيييي انتي الغشيمة .. غلبناكم مبارتين للحين "
اخذت البطاقة عابسة لعدم تشابهها مع ايٍّ من الاوراق بحوزتها :" بس عشان زيود تفوزوا ولا انتي نامي احسن لك هوهاها "
زيد بإفتخار :" اجل ايش .. انا مُعلم في الباصرة "
تولين المنسجمة مع والدها :" يحيااا بابا يحيااااا "
كان اربعتهم في الصالة .. مواجهين لبعضهم البعض و يلعبون ببطائق الجوكر ..
مدّت زينة لسانها لأخيها .. عندها صرخ بسام وهو يكشف اوراقه على الطاولة وسطهم .. :" غلبنااااااااكم "
قفزت زينة تصيح ملقيه اوراقها :" هوهاهاها ... يا حلوووووك يا سوومي .. هيهيهي غلبناااكم "
ضحك عندها زيد بصوته العالي الضخم .. ثم بعدها شاركته زوجته ..وابنتهما القلاّدة ..
رمقتهما بنظرة بلهاء :" خيــر .. ايش فارطكم ضحك انت وهيا ؟؟"
اشار زيد ضاحكاً الى اوراقها واوراق ابنه ... عندها ادركت زينة انها لا هيّ ولا بسام قد جمعا اعداداً متشابهة..
عبست و صرخت في وجه بسام :" ياااااااااااااا خبل لييييش اجل كشفففففت !!!!! "
احتمى بسام خلف والده وهو يقول بأسنانٍ متكسرة :" انتي عايبتي مو هذة الحركة اللي اتفقنا عليها ؟!! "
توسعت عيناها ثم رفعت يدها تشُد شعرها :" ياااااا غبيييييييييي انا اعايب على ابوووووووووك آهاهاهاااااا "
هزت دلال رأسها ضاحكة :" والله انكم مخابيييل ههههههههـ "
حينها صدحت اصوات الجرس ..
زيد :" شرّفوا الشباب .."
صرخت زينة وهيّ تركض الى غرفتها :" وااه بروح البس معطفي والطرررحة "
وقفت دلال تلحق بها :" واطلعي بعدين عشان نسوي العشا .."
اشار زيد لأبنه :" بسام افتح الباب لخيلانك "
انطلق يركض :" اوووكي " اما تولين اخذت تساعد والدها في تجميع الباصرة ..
دخل فارس و عمر يبتسمان .. :" السلام عليكم ورحمه الله "
زيد :" هلا وعليكم السلام .. ماشاء الله انبسطووا بره "
جلس عمر على الاريكة بجانبه يجر خد تولين :" اييه .. رحنا اتغدينا بمطعم رهيب .. انتوا ما رحتوا مكان ؟"
تولين :" لحنااا البححححل "
ضحك عمر :" يا عيني عاللي راحت البحر .. تلعبي طيارة تولا ؟ "
قفزت عندها تولين مادّة ذراعيها له .. ليقف ويحملها ثم يديرها في الجو وهيّ تصرخ فرحة ..
تنحنح فارس :" اعذروني انا داخل استحم وابدل .. خذوا راحتكم "
ثم غاب خلف الرواق ..
حدّث زيد ابنه :" بسام .. شيل هالكاسات ودخلها المطبخ عند امك "
بسام بتنفيذ سريع :" ان شاء الله ابووي .."
~~~
بعدما بدّلت ملابسها وارتدت معطفٍ اسود الى تحت ركبتها .. احكمت الشال على رأسها ثم خرجت تتفحص الممر ..
لم تجد احداً فأنطلقت بخطواتٍ سريعة الى المطبخ ..
وجدت دلال هناك تبدأ بتجهيز الأطباق .. وبسام يجلس على احدى الكراسي الثلاث يحدث امه ..
زينة :" هاه دلوول ايش ناوية تسوي ؟؟ "
اجابتها وهي تغسل الأرز :" رز بخاري .. اخوكِ مشتهيهـ يقول اسبوع وما ذآك اكلي "
شمّرت عن سواعدها :" طيب هاتي انا اسوي الرز .. وانتي كشّني الدجاج .. تعرفيني اكره الكُشنة "
دلال :" طيب .. بس قطعي الدجاج عبل ما اخلص اللي بيدي "
زينة بتملل وهي تبحث عن القطاعة في ادراج المطبخ :" امففف ياكرهي لتقطيع الدجاج "
دلال بتهديد :" هاااه لا تخليني احول عـ السمك "
زينة بعين متوسعة :" اوووه يماماااا لالالا خلاص خلينا عالدجااااج .. قشر السمك مسبب لي ازمة "
دلال وبسام :"هههههههـ .."
بسام :" هههههـ تتذكري عمتوو ذيك المرة لما دخلت حرشفة في عينك ههههههههههههههـ "
اخرجت سكينة كبيرة من درجها :" وجع هو انا اكره السمك الا من ذاك الموقف "
ضحكا عليها فرفعت السكين بتهديد :" هااه تريقة عليا ثاني واغُز هالسكين في كرررشكم "
فصمتاا بضحكات مكتومة .. وبدأت زينة بتقطيع الدجاج ..
رفع بسام الملقعة بيده :" امي سوي معاه ططلي احبوووو "
ضحكت دلال :" هيا شوف لك .. من فين اجيب لك ططلي .. تحسبهم يبيعوه هنا !! "
( الـ ططلي = نوع من انواع الحلا .. مشابة للمهلبية )
قطعت زينة فخذ الدجاج واخذت تلوح به :" اقول يالدب لا الطشك بهالفخذة .. روح الصالة تراك مشتتنا "
برطم بسام و زمّ شفتيه :" خلاص بأنبكم "
زينة مبتسمة :" احسسسن بعد .."
ثم راحت تغرز السكين في تلك الدجاجة المسكينة وكأنه بينهما ثأر تنتقم له
ضحكت دلال وهي تراها :" يوه حرام عليكِ الدجاجة انهلكت "
زينة بشدة متخيلة ان الدجاجة وسن :" خليها .. خوووذي خووذي مووتي "
بسام :" هههههههـ عمة اتجننت .. حتى وهيا ميته تلاقيها متعورة وتقول آي "
دلال :" ههههههـ الله يهديكم بس "
وقتها دخل فارس المطبخ حاملاً صحنٌ تجمعت عليه بقايا معكرونة ..:" من هذا دخل مكتبي وترك هالشيء ؟"
انتصبت رقبه زينة عندما سمعت صوته .. فزادت وتيره تنفسها وعينيها تقعان على الصحن ..
يا الهــــي لقد نسيت طعامي في المكتب ..!!!!!
سيكشِفُ أمري .. واماااااام دلاااال .. يا الهـــي انقذنــي !!!
التفتت دلال تنظر الى اخيها :" ما ادري ..!! "
استدار فارس الى زينة التي غضت بصرها بسرعة .. وقبل ان ينطق بحرف ومضت فكرة في رأسها
فرقعت بسام ( قرموعة ) وقالت بحدة :" سوومي ياهبل .. انا ما قلت لك لما تخلص اكلك ترجعه المطبخ "
حكّـ بسام رأسه :" متى ما قـ .."
قاطعته مرة اخرى وهي تلوح السكين في وجهه :" هشش هشش لا اغُز عينك الحين .."
واكملت وهي ترى وقوف فارس بطرف عينيها :" مرة ثانية لا تسويها ..بلا وساخة امفففف "
ظهرت نظرة غباء على بسام واحتار في امره .. متى حدّث و اخبرته بذلك ؟؟!!
شاركت دلال وقد اكلت المقلب :" بسبس مرة ثانية تخلص اكلك شيله مو تحطه اي مكان "
بسام :" امييي ترى لا اكـ .."
اصمتته ضربه اخرى من زينة :" هشش كمان ترادد .. قول حااضر وابلع لسانك "
عبس بسام وهو يغادر المطبخ :" حااضر .. ايشبهم دولا "
منذ البداية كان فارس يبتسم وقد ادرك ما حدث .. لكن رؤيته لـ بسام يغادر متحرطماً جعله يضحك
رمقته زينة بحده :" ايش اللي يضحكك ؟؟ "
ابتسم فارس هازاً رأسه .. وهمس في داخله :" كم انتِ مضحكة .. و محببة الى قلبي "
ارتابت لتحديقه بها .. فرفعت السكين مرة اخرى :" هييي شل عينك مررة خوفتني "
ضحك فارس ثم اعطاها ظهره ليتوجه الى دلال :" ايش مسوية لنا ؟؟"
دلال ببسمة :" رز بخاري .. راح تأكل اصابعك وراها .. انت ليش ما غيرت ؟"
فارس بنظرة جانبية الى زينة :" كنت رايح ابدل بس قلت اتطقس على الايميلات .. ولقيت انه حد تارك فضلاته"
اثارت نبرته وكلماته زينة .. فضغطت على صدر الدجاجة تقطعها بعنف ..
دلال :" عبال ما تستحم و تغير .. تلقانا مخلصين على العشاء "
ابتسم و حوّل خطواته ليغادر المطبخ
وقبل ان يخرج :" حلوو .. و زينة خفّي على الدجاجة تراها ميتة مو محتاجة اغتيال هههـ"
ضغطت على اسنانها بغيظ :" سخييف "
استدارت دلال لتنظر الى طريقة زينة في التقطيع :" ههههههههههههـ مسكينة الدجاجة امها داعية عليها"
~~~
عبّر الرواق مبتسماً ..
واخذ يحدّث نفسه :" المجنونة تسللت الى مكتبي ولم تستطع طمس الادلة على اقتحامها "
هزّ رأسه بطرافة .. ثم وصل الى غرفة نومه ..
دخل ووقف عند الباب ومازالت يده ممسكة بالمقبض :" يا ترى هل اقتحمت غرفتي ايضاً ؟"
دلف للداخل و عيناه تمسحان المكان بحثاً عن دليل على وجودها .. ولم يجد ..
تنهد وسار الى تسريحته .. ثم رأى الصورة المقلوبة ..
همس :" الحمدلله ما دخلت ولا شافت هالصورة .. كان قطعتني بأسنانها ههههـ "
رفع الصورة يتأملها بمحبة .. طبع قبلة عليها و ادخلها في درج التسريحة ..
بعدها اخرج غياراً من خزانته و ذهب ليستحم ..
~~~~
وصلت الى منزلها .. وطرقت الجرس ..
انتظرت لحظات ولم يأتها جواب .. فطرقته مرة أخرى .. ونفس الشيء لم يجبها احد ..
استغربت وقطبت جبينها :" فين راحوا ..؟ معقولة ناموا !! "
اخذت تبحث في حقيبتها علّها تجد مفتاحاً اضافياً .. وبالفعل ربضت في قاع الحقيبة قطعة حديدية ..
اخرجتها باسمة ثم فتحت الباب ودخلت ..
:" السلاااام عليكم ورحمه الله وبركاته ... انا جييييت "
اختفت ابتسامتها وهي تلمح الظلمة الخفيفة التي غلفت غرفة الجلوس .. و السكون التام في المنزل ..
نادت :" جووود ... تالااااا .. تامررر .. فينكم ؟؟؟ "
دخلت بخطوات سريعة ملقية حقيبتها .. وركضت الى الاعلى تُشرع الابواب و تناديهم ..
لم تجدهم .. لم تجد احد !!!!!
اين اختفوووا ؟؟؟
بلعت شفا ريقها وبخوف هوت الدرجات مرة اخرى وخرجت من المنزل لتطرق باب الجيران بشدة ..
فتح عجوزاً منتكس الظهر الباب لها ..
بادرته بإضطراب :" سيد دوغلاس أنا آسفة لإزعاجك .. لكن هل رأيت اخوتي ؟؟"
بتعجب :" من ؟؟ "
تنهدت :" اخوتي تالا و تامر .. سيدي ألم ترهم ذهبا الى مكان ومعهم فتاة تقريباً بطولي ؟؟؟ "
هزّ العجوز رأسه نافياً :" آسف يا ابنتي .. لكني كنت نائماً طيلة المساء "
شكرته بقلق .. ثم عادت الى بيتها ..
درات في كل بقعة بلا هدف .. وشعرت ان ساقيها وهنتا .. فجلست تُهدء نفسها ..
تنفست بعمق وبعثرت محتويات حقيبتها بحثاً عن دوائها ..
فـ حملت علبة الاقراص برجفة .. و فرغت ما بها في يدها ثم ركضت الى المطبخ تصُب كوباً من الماء
عادت ترتكز على الحائط الى الصالة .. و جلست تتنفس بصعوبة على الاريكة ..
الجهد الذي بذلته في التمرين اصبح يؤثر فيها و ظهرت علاماته على الارهاق الذي امتد في حبلها الشوكي ..
بدأت عينيها تدمعان :" تالا .. تامر .."
ثم وقعت نظراتها على الهاتف .. فسحبته ترتعش و رأت 8 مسج كول ورسالة واحدة ..
ضغطت على الاتصالات وجدت اتصالين من زينة والباقي من جاسر ..
فتحت الرسالة ثم رأت ..
:: سلام شفا .. انا والصغار رحنا مع جسور الحديقة .. ما راح نتأخر امواح ::
ارتجفت يدها وتصببت الدموع .. حمدت ربها ..
لكنها لم تقو على الوقوف .. سمعت أصوات ضحكاتٍ تصِلها وباب المنزل يُفتح ..
رفعت نظارتها الغائمة الى اربعتهم .. هامسة :" تالا تامر ! "
رأى جاسر ملامحها متعبة .. و عيناها الغارقتان ...
فأحس بالقلق .. وحالما رأها تهوي ارضاً ..
صرخ جميعهم وركضوا نحوها ... بكت تالا :" شفااا .. شفااا قومي "
وقف جاسر ينظر اليهم ببلادة .. فصاحت جود :" جاااسر .. شيلها ناخذها المستشفى "
حملق بأخته بلا فهم !!
حاول تامر حمل اخته ولم يستطع :" جاسر .. شيلها انا ما اقدر "
عندما رأى وجوههم مفجوعة .. حرك وجثا بجانب شفا .. وضع يده على معصمها :" خلينا نطلعها غرفتـ "
قاطعته جود بهلع :" لالالا عالمستشفىىىىى "
فزع هو الآخر وشعر ان الامر اكبر من مجرد اغماءه ..
فحملها بسهولة وكأنها ريشة بين يديه .. ثم توجه الى المخرج ..
التفت الى الثلاثة وراءه و قال بصوته القوي :" خليكم هنا .. اناا بتصل واطمنكم "
بكت تالا :" ابغاا اروووح "
بعجلة قال جاسر :" تالا شاطرة اقعدي .. جوود اقفلي الباب وراي .. وعد اطمنكم "
هزّت جود رأسها ودمعتها تهدد بالسقوط ..:" طيب جاسر الله يخليك لا تتأخر "
طأطأ و خرج يسابق خطواته .. وذراع شفا تتدلان بلا حياة من خلفه ..
همست جود بعدما اغلقت الباب :" يارب احفظها لنا "
ثم ضمت تالا تهدئها ..:" بس حبيبتي .. شفا بخير ان شاء الله "
وقف تامر :" قوموا نصلي وندعي لها بدال البكا "
قام ثلاثتهم وتوجهوا الى الاعلى ..
~~~~
على طاولة الطعام الرباعية جلس الرجال ومعهم بسام ..
وبداخل غرفة زينة .. فرش بقيتهم ليتناولون وجبة العشاء ..
بالخارج ..
:" ايش تنصحني يا فارس ؟"
بلع فارس لقمته :" انصحك تقعد هنا .. بلا فندق بلا فندق "
عمر :" ياخي ما ابغى اثقل عليكم "
فارس :" هاه عمر ترى ازعل منك .. الشقة وصاحب الشقة تحت امرك "
تفاخر عمر :" تسلم ما يامر عليك ظالم .. لكن .."
قاطعه زيد يمضغ الطعام :" بو سراج .. اجلس احسن لك ببلاش ..بعدين انا واهلي بنروح شقة "
ضحك عمر :" ههههههـ عرض مغري لكن .."
فارس بعينان ضيقتان :" زيد ليش .؟؟ اقعدوا هنا "
تدّخل بسام المنغمس في اكله :" ايون ابوي ليش نرووح ؟"
بملامحه الجامدة :" انا كلمت مقاول يدور لي شقة قريبة من هنا .. و قالي لقى شقتين بكره نروحها"
تنهد فارس وفقد فجأة شهيته :" مافي داعي تروحوا .. الشقة زي ما شايفين كبيرة و غرفها فاضية "
عمر :" يا زيد اقعد انت واهلك انا اللي بـ "
زيد بصوته القاطع :" خلاص انت وهو .. انت " اشار الى عمر :" اقعد مع صاحبك احسن .. وانا بأخذ اهلي نروح"
زمّ فارس وجهه .. لأن زيد عنيد جداً اذا قرر شيء طبقّه بلا نقاش ..
تمتم عمر :" والله ما ادري عنكم "
قال فارس بإستسلام .. وهو يفكر انه لربما من الجيد ان تبتعد عنه .. والا زاد تعلقه بها وهي امامه ليل نهار..
:" اقعد معي عمر .. عالأقل ما اصير لوحدي .. "
ثم اضاف بدون وعي :" زيد الشقة اللي تحتي ساكنيها عزّلوا قبل اسبوع .. وللحين معروضة للإيجار .. "
ابتسم زيد :" جد ؟؟ ايش هالصدف "
صاح بسام بحماس :" فلللله .. ايه ايه ابووووي الله يعلي مراتبك نروحها "
رفع زيد حاجبه .. ثم تنهد :" اشوف اول .. وبعدين اقرر "
تمتم فارس وهو يشعر براحة و في نفس الآن بالضيق :" بكره اكلم لك صاحب البناية وتشوفها "
طأطأ زيد :" على خير "
~~~
:" قلت لك قريب .. انتي جهزي نفسك و قصّي دربيه "
اخذت اللفة التالية وشعرها الاشقر يتطاير مع النسمات المسائية .. التي اخذت تلامسها بجنون ..
و تتغلل سيارتها الحمراء المكشوفة .. وليست وحدها بل اخذت الانظار تسترق جمالها الباهر ..!!
غرام :" سوسو .. طيب كيف حنطبق الخطة ؟؟ "
ابعدت الهاتف بضيق عن وجهها ووضعته على السبيكر :" يووه رورو انت ما عليكِ الا تنفذي اللي اقوله "
تأففت غرام :" اووكي .. where R u now ? " ( أين انتِ الآن ؟ )
وسن بتملل :" رايحة المستشفى .. عندي دوام مسائي "
غرام :" اها .. اوكي tomorrow come to my place "
( غداً تعالي الى منزلي )
وسن :" deal … tshaao now "
( اتفقنا .. تشااو الآن )
غرام :" تشاو " ..
وصلت أخيراً الى المستشفى .. فركنت سيارتها عند المواقف ..
ثم صعدت الدرجات المؤدية الى باطن المبنى الضخم ..
استقلت المصعد .. و توقفت عند الطابق الثالث ..
خرجت تختال بخطواتها تلقي بسمة لذآآك .. وغمزة للآخر ..
بعدها تحولت ملامحها الى انبساط مختلط بالخبث
وهمست :" look whos here"
( انظروا الى من هنا ..!! )
ثم ضحكت مستمتعة و سارت الى حيث ثُبتت عيناها ..
|