كاتب الموضوع :
ضياع نبضة
المنتدى :
الارشيف
v~√”^√V’~-√V~'^~----- ~ النبضـة الثـامنـة عشـر ~----~ v~~√”^√V’~-√V
ومضة :
" عجبٌ لـ قلبٍ جمع تناقضيـن !!! "
تنبيه :
" إعتذآآر غالياتي .. احتوت النبضة على شتآئم لا تليق ..
فعفواً لكن .. اللهــم اني صائمة >" للـتي تقرأه في الصبح او المسآء "
~ الجـ 1 ـزء ~
ظهرت شفا مرتديةً ملابس الرياضية تضم خصل شعرها على شكل ذيل حصان ..
:" جود انا كشفت على حالتك مافيكِ شيء الحمدلله .. مولازم تجي وتتعبي نفسك "
جربت قميصها الزهري امام المرآة :" الا رايحة .. التمارين مفيدة وانا حبيتها "
ببسمة :" طيب .. اجل عبل ما تجهزي نفسك أنا نازلة اجهز الغدا لتالا وتامر "
صاحت جود :" شفااا .. اقدر استحم بسرعة قبل لا نروح "
رفعت شفا معصمها تنظر للساعة :" عادي دبوه .. اصلا بروح الساعة 3 "
اومأت جود :" كويس .. انا بستحم وبعدين نازلة اتغدى "
لوحت لها شفا :" اوكي " ثم خرجت من الغرفة حافية الى حجرة اخويها ..
طرقت الباب ثم دخلت باسمة :" سلام عليكم ورحمه الله وبركاته حبايبي .. كيف المذاكرة معاكم ؟"
رفع التوأم رأسيهما من على صفحة كتبيهما ..
ابتسمت تالا :" شفااا اليوم اخذت 10 / 10 في النشااط "
جلست بمحاذاتها :" ما شاء الله .. شطووورة يا قمري .. يارب دايماً تفرحيني كذا "
وقف تامر شاداً ذراعيه ليظهر عضلاته :" وانا بعد شفا .. الاستاذ اختارني كابتن الفريق لاحترافي "
ضحكت على حركاته :" طبعاً مو انت بطلي .. الله يسعدكم ليا يارب "
سألت تالا عندما رأت اختها مرتدية لباس الرياضة :" شفاا رايحة النادي ؟"
اومأت :" يس حبيبتي .. بروح وساعتين ان شاء الله راجعة "
تامر :" طيب مين يجلس معانا ؟"
وقفت شفا :" اتصلت بـ كلاريتا تجي .. بعد ما اغديكم يمكن توصل "
عاد تامر الى مقعده :" وجود جالسة ولا رايحة ؟"
شفا :" رايحة معايا .. يالله خلصوا واجباتكم وبعدها انزلوا عشان الغدا .. اوكي ؟"
تالا وتامر :" اوووووووكي "
تركتهم و نزلت لتجهـزّ المائدة وتسخن الطعام ..
مـرّ الوقت سريعاً .. و تناولوا طعامهم ..
بعد ان انهت التنظيف مع جود .. اتصلت بـ المربية كلاريتا لتستفسرها عن تأخرها ..
ارخت سماعة الهاتف عابسة ..
جود :" ايشبك ؟"
شفا بتنهيدة :" تقول ما تقدر تجي زوجها سخّن وقاعدة تداريه "
ابتسمت جود :" اهاا .. طيب خلاص انتي روحي وانا بلاشي .. اجلس مع الصغار وننتبه على بعضنا "
شفا :" بس انتي حابة تروحي "
قامت جود :" مو تقولي حالتي الحمدلله متحسنة .. مافي داعي اروح .. انتي اهم "
شفا بإمتنان :" شكراً جوود .. مو عارفة كيف اردها لك "
جود :" عادي .. بنقربع البيت فوق تحت .. لما ترجعي حتقتليني ههههـ "
ضحكت :" اووكي .. بس خذي بالك احتمال اتأخر للساعة 6 او7 المساء "
سارت جود لتجلب لها معطفها و شال رأسها :" خذي راحتك .. تعالي وقت ما تخلصي "
تلقفت منها اغراضها وصاحت لأخويها :" تااامر تااالا انا رااايحة وجود قاااعدة معاكم لاااا تجننوووها "
أتاها صوتيهما من الاعلى :" طيييييييب "
ارتدت معطفها واخذت توصي جود :" لا تنسي تصلوا في وقت الصلاة .. ولا تخليهم يدخلوا المطبخ لوحدهم ..
وكمان لو احد دق الباب لا تفـ ..."
دفعتها جود ضاحكة بإتجاة باب المنزل :" ادري ادري .. يالله روحي "
زمت شفا شفتاها :" بللل ما تصدقي بتطرديني و يحلالك البيت هههههههـ "
جود :" ايووه عليكِ نوور .. واتصلي بنا كل شوية "
ارتدت شالها بإحكام :" حااضر .. " ثم شرعّت الباب خارجة :" انتبهي على نفسكم "
جود :" وانتي كمان .. بحفظ الله "
شفا :" مع السلامة " ..
و سارت بخطواتٍ واسعة الى الطريق الحجري لتلحق بمناوبة تدريبها اليومي ..
~~~~
تحت الشمس الساطعة وعند احدى الشواطيء الرملية المأهولة بالسياح
توزعت طاولات غطتها مظلات ملونة .. على احداها جلست عائلة صغيرة ...
:" هذا وبعده الصيف ماجا المكان كذا مليان .. اجل كيف لو صيّفنا !! "
قفز ابنه حاملاً بيده قنينه كولا :" ابووي فاتك الجزيرة اللي رحناهااا فقعاااااانة "
زيد بعد تذكر :" اي صح .. كيف كانت الرحلة ؟؟ "
دلال ببسمة :" الحمدلله انبسطنا هناك "
تدخّل بسام للمرة الثانية :" بس ما شفت الاكشششن .. خالي و عمتوو صار لهم اكـ .."
قاطعته دلال مسرعة بنبرة حادة قليلاً :" بسبس انت ليش ما تروح تلعب بالرمل ؟!! "
مدّ ابنها شفتاه :" امييي ما احب العب لوحدي .. لو جبتوا تموري كنت فليتها "
وخزته بنظرتها الجانبية :" بلا بربرة يالله روح وخذ توتو معاك " و انزلت ابنتها من الكرسي المقابل
اخذ بسام بيد اخته التي تلعق الايس كريم وانطلقا يرفسان حبيبات الرمل في كثبانٍ صغيرة ..
وزّع زيد نظراته بين ابنيه و زوجته ثم سأل بنبرة هادئة :" ايش صار ؟"
بلعت دلال ريقها وهي تشيح عينيها بعيداً ... حتى لو لم تخبره بالأمر فسيقرأ ذلك على محياها!!
كرر زيد سؤاله :" دلال اتكلمي .. ايش صار في الجزيرة ؟ "
تنهدت بقوة وثبتت عينيها عليه :" لو دريّت زيون اني قلت لك راح تقتلني "
ابتسم :" ماراح اسمح لأحد يأذيكِ .. بس قولي "
اغمضت عينيها وقالت بجملٍ متدافعة :" زينة وفارس صار لهم حادث بسيط لكن الحمدلله ربك ستر واصاباتهم جات طفيفة "
خرجت عينا زيد من مقلتيها :" كيـــف ؟؟؟ "
بلعت ريقها واردفت :" صار سوء تفاهم بينهم فطلعت زينة من الكوخ زعلانة وفي الغابة بغت تطيح من هاوية
لكن الله سخّر فارس وقدر يلحقها قبل لا يصير فيها شيء "
رمقها زيد بنظرة ضيق ثم تمتم :" عشان كذا فارس مصاب .. هي ما صار لها شيء ؟"
نفت بحركة من رأسها :" لا الحمدلله .. بس يدها اتجرحت لكن مو شيء خطير "
سألها متنهداً :" الحين هي وينها ؟"
دلال بنية طيبة :" قاعدة عند شفا لأن ادارة السكن امرتها بإخلاء الشقة "
قطب حاجبيه :" كمااان .. من هذي شفا ؟؟ وليش انطردت الاخت ؟؟ "
دلال :" شفا صحبتها .. مدري تقول شكاوي عليها "
تذكر زيد اسم شفا.. طالما رددت امه هذا الاسم على مسامعه .. سأل :" يعني ماعندها سكن الحين ؟"
تنهدت دلال و ارتشفت عصيرها البارد :" لا .. كانت اول امس قاعدة عندنا .. بس امس راحت عند شفا"
زفرّ زيد :" لا حوول .. لله "
(( تنبيــه مهم جداً جداً ))
( كثير من الناس في وقتنا الحالي يختصرون – لاحول ولا قوة الا بالله- بما سبق ..
ربما جهلاً او تناقلاً .. ويقعون في خطأ نفيَّ الحول والقوة عن الله تعالى ..
فـ حبَّذ ان يقولونها كاملة والابتعاد عن مداولتها على الشاكلة التي انتشرت ..
ابعدنا الله واياكم عن جهل القول جهراً )
استطرد وهو ينظر الى ولديه يلعبان بالرمل :" هالمرة لازم ترجع زينة معانا "
رفعت دلال حاجبيها :" لكن زينة ما راح تقبل !! "
زيد بإصرار :" بترجع .. حتى لو غصب عنها .. امي طلبت مني ارجعها وانا وعدتها "
طأطأت دلال برأسها :" الله يهديها وتوافق .. طيب زيود تعرفها زينة عنيدة لا تشد معاها ترى تعاندك "
زيد :" ما عليكِ .. الحين بتصل فيها واقولها اني هنا "
أخرج هاتفه و خابرها .. بعد ثلاثة رنات أتى صوتها الملهوف ولكن المُأنِب ..
همست :" ليش ما قلت لي انك جاي ؟؟"
زيد :" قلت اسويها لكم مفاجأة .. فينك انتي ؟"
بصوتِ منخفض :" بسويلك مفاجأة "
برتابة :" ما احب المفاجأت تعرفيني .. "
تأففت :" امففف منك عادي انت تسوي لنا .. و نحن ما يصير نسويلك !!"
ضحك زيد :" انا كذا الحين قولي وين ارضك ؟"
زينة بهمس :" جاية اشوفك "
قطب :" جاية تشوفيني !! " التفت حوله يرمق الناس علّه يلمحها :" تمزحي معي انتي ؟"
ضحكت بصوتٍ منخفض :" لا والله جاية الحين خمسة دقايق وأوصل الشقة "
ابتسم :" قصدك شقة فارس ..؟؟و ايشبك توشوشي ؟؟"
مازالت تساسره :" ايوه .. عشان لا يسمعوني اللي قدام "
اشار الى دلال بعلامة تعجب :" مين اللي قدام ؟؟ "
تأففت :" انا جاية مع فارس وعمر عالشقة "
زيد :" بعـد !! ومن قالك تركبي معاهم انتي ؟؟"
زينة بتملل :" يووه زيود انجبرت .. المهم دحين واصلين عند اللفة خلاص "
زيد :" .. بس يا خبلة نحن مو بالشقة .. انا ودلال والاولاد طالعين نتغدى عالبحر "
توسعت عيناها :" ايييييش ؟؟؟ يا سلاااام وانا فين اروح الحين ؟؟"
زيد :" محد قالك تسوي لي مفاجأة .. ارجعي عند شفا "
( برطمت ) :" اصلاً وصلنا البناية .. امفف منك يا زيوود ..متى راجعين ؟"
تنهد :" للحين ما تغدينا .. بنتأخر شوي .. قولي لفارس يرجعك لـ شفا "
بحده :" امففف طيب .. سلام "
ثم اغلقت الهاتف ... نظر الى هاتفه هازاً رأسه بأستياء :" هالبنت يبغالها تتأدب "
دلال بصراحة :" اذا انت ما قدرت تمشيها على كلامك من بيقدر ؟"
اعاد هاتفه الى جيبه :" نحن السبب .. انشغلنا عنها في صغرها و دلعناها لين وصلت لهالمواصيل "
دلال :" بس زيد اختك الحمدلله عاقلة وما غلطت بشـ .."
اومأ زيد برأسه :" ادري .. وانا لو ما اثق فيها ما كان رضخت .. لكن صبري خلّص وبرجعها معاي"
صمتت دلال ونظرت الى ابنيها .. آملة الاَّ تحدُث مناوشات وحرب عناد بين الأخوين ..
بعد برهةٍ من الصمت :" سمعتك تقولها نحن مو في الشقة ؟"
طأطأ :" الأخت راحت تفاجأني وجات مع فارس وعمر .. مدري ايش جايبها معاهم "
ضحكت دلال :" اكييد فارس .. هذي عمايله "
زيد :" ايش دخّل اخوكِ في الهرجة ؟"
وقفت دلال باسمة ومدّت يدها له :" قوم نتمشى .. فارس يحب يعاند زينة واكيد هو خلاها تجي "
حاكى خطواتها تاركان بصمات رجليهما تطبعان صفحات الرمل دلالة على مرورهما ..
تنهد زيد :" شكلي قاعد معاها قعدة معتبرة الست زينة ... ومتى انطردت ؟؟"
دلال بنظرات مشتتة على السياح :" ممم لما رجعنا من الجزيرة قبل ثلاثة ايام كذا .. كل اغراضها موجودة بالشقة"
هزّ رأسه :" صح اليوم بروح ادور على شقة قريبة من اخوكِ عشان نقعد فيها "
استنكرت دلال :" وليش .؟؟ ايشبها شقة فارس كبيرة والغرف تكفينا "
زيد :" عشان يا قلبي زينة تجلس معانا .. اصلاً كيف نقعد كلنا عند فارس لا انتي ولا زينة بترتاحوا لان عمر موجود "
دلال بضحكة :" عادي .. عمر ولدعمي وانت عارف اني زي اخته الكبيرة "
اصرّ زيد :" لا حبيبي .. راح ادور على شقة .. زينة اكيد ما حترتاح "
تنهدت دلال وهي تشير لأبنيها كيلا يبتعدا :" اللي يريحك .. بس ما راح تلقى بسرعة .. يأخذ منك وقت ليما تلاقي "
زيد :" مو مشكلة نقعد يومين عند فارس لين ما نحصل .. بعدها ننقل "
عندها ركضا الصغيران الى والديهما .. فتلقف زيد ابنته يرفعها عالياً ويديرها في الهواء ..
فأمتلأت الأجواء بضحكة تولين السعيدة ..
( حيرة تلُفني هنا !!
اجدُ تفكير بعض الناس غريب جداً .. حيث تجتمع التناقضات في شخصٍ واحد ..
لا يرضى على اخته بالكشف او الخلوة مع قريب .. وفي الوقت ذاته لا يقل شيئاً ان تكشفت على غريب!!
كثيراً ما اسمع من البنات حولي هذة المقولات التي تصيبني بصداع الشقيقة ..
هيّ :" عادي يا بنتي خلينا نكشف مافي احد ..
:" يا سلام والهندي اللي يكنس قدامك مو عاجبك ؟؟
هيّ :" ههههـ هذا هندي .. ايش فيها ؟؟
:" يعني مو رجال حاله مثل غيره !!! ويظل اجنبي عنك ما يجوز تتكشفي له ..
هيّ :" اووووه هو يفهم شيء اصلاً ..
دوماً ما يتملكني الذهول عند هذة النقطة :" ليه ربي خالقه بدون عقل !!!!!!!
هيّ : ههههههههههـ ايوا مو هندي ..
:" سبحان الله .. الله يهديكِ انتي بـ تفكيرك بس ..
{ لا فرق بين عربيً او اعجمي الا بالتقوى }
----
هوّ :" اقولك غطي وجهك وما ابغاكِ تتلثمي "
هيّ :" ايش معنى اخواتك ؟؟ ليش ما تمنعهم ؟"
هوّ :" انتي زوجتي .. هما غير وانتي غير "
تدّخُل ثالث :" يا سلام !!! مو كلهم محارمك و انت مسؤول عنهم يوم القيامة .. حتى اخواتك لازم تقولهم هالشيء "
هوّ :" لا يكثر .. غطي وانتي ساكتة ترى اغار "
تدّخُل ثالث :" أي غيرة ؟؟ غيرة المحارم في لله ولا غيرة زوج بدّل غيرة النخوة بـ غيرة الملكية !!"
هيّ :" اووف .. حكم القوي على الضعيف "
تدّخُل ثالث :" زوجك القوي !! .. اجل مو حاسبة مراقبة الله لك بالمرة .. وهو القويّ المنتقم "
هوّ و هيّ :" اقول بلا نصايح زايدة .. عالأقل احسن من غيرنا "
تدّخُل ثالث :" طول ما انتوا تطالعوا في اللي ادنى منكم عمركم ما راح توصلوا للي اعلى منكم مرتبة عند الله "
{ لا تنظر الى من هم دونك .. انظر الى من هم فوقك ونافسهم الى الطاعة }
---
عفواً لتعجبي و تدّخلي في الاحداث ..!!
ولكن غريبٌ أمر تناقضاتهم .. غريبٌ فعلاً )
~~~~
اغلقت هاتفها عابسة وهي تعيده الى الحقيبة بعنف ..
فنظر اليها فارس من المرآة الامامية :" مين كنتِ تكلمي ؟"
رمقته بإستياء وتمتمت :" مو شغلك "
ابتسم عمر .. اما فارس رفع حاجبه :" الا شغلي .. مين اتصل بك ؟؟"
صاحت :" لا يكووون ولي أمري وانا ما ادري "
التفت اليها فارس و بعينان ضيقتان :" زينة .. من كنتِ تكلمي ؟"
عندما رأت نظرته الجدية :" يعني ميين .. زيد امفففف "
أدلى عمر حينها وهو يوقف السيارة :" وصلنا "
فارس:" انزلي .. تلقيهم في الشقة .. انا وعمر طالعين نتغدى "
واعطاها حقيبتها ثم عاد الى وضعه في الجلوس ..
كادت ان تخبره بعدم وجودهم .. لكنها لاذت بالصمت عندما رأت عمر يرمقها بنظرة جانبية ..
لن تطلب منهما ايصالها الى منزل شفا بالتأكيد .. فالمشوار يستغرق وقتاً ..
و ستُحرج أمام عمر لأن من المؤكد سـ يهزئها فارس ..!!
قررت النزول والمكوث لفترة الى عودة اخيها وعائلته .. و في حالة تأخرهم ستعود بسيارة اجرة ..
اجبرت قدميها على الخروج من السيارة .. ثم اغلقت الباب بعنف يخلو من الذوق ..
أطلّ فارس برأسه من النافذة :" هييي كفاية اتكسرت عشانك .. بتكسري سيارتي بعد !! "
عبست بوجهه وبلا كلمة اعطته ظهرها .. ثم توقفت تناديه قبل ان يغادرا ..
أطلّ مرة اخرى :" هلا .. نسيتي شيء ؟"
توقفت على بعد اقدامٍ من السيارة و قالت بعبووس :" هات مفتاح الشقة "
قطب نونته متسائلاً :" ليش ؟؟"
تأففت :" اعطيني هوّ وبس .. امفف "
اللحظة التالية كان قد غادر السيارة متوجهاً اليها .. تراجعت وغصة علقت في حلقها ..
فشعرت بأن قلبها سيخرج من صدرها ..
توقف مسافة مترين عنها وبنبرة هادئة :" ممكن تطلبي المفتاح بأدب ؟"
بلعت ريقها :" هات المفتاح .."
اخرج المفتاح من جيبه ومدّه لها .. رفعت يدها لتتلقفه ولكنه ابعده عنها ..
تململت :" فاااارس انا ما امزح معاااك .. هاات المفتاح "
فارس :" ايش كلمة السـرّ ؟"
سمعا ضحكة عمر تأتي من داخل السيارة :" فارس اعطيها المفتاح ياخي "
لم يحوّل نظراته عنها :" بعدني ما سمعت الكلمة "
تأففت وهي تضغط على قبضتيها :" اممممففف please "
عندها وضع المفتاح على راحة يدها وشبح ابتسامة ترتسم على شفتيه لكن حالما غطت ملامحه البرود
اعطاها ظهره ومشى دون اي كلمة أخرى ..
ركب السيارة وانتظراها تختفي داخل المبنى .. ثم انطلقا ..
استقلت المصعد .. شاعرة وكأن الانفاس اختنقت داخلها..
فكرت :"ما بال ذلك المعتوه ؟؟!!
أيحسبني دمية بيديه ليتلاعب بي هكذا ؟؟
لن أكون لطيفة معه .. وليرمي نفسه في الهلاك مع وسن و تلك الـ رومي ..
تلك الغريبة ذات الاسم غريب .. وكأنها تنحدر من سلالة الديك الرومي "
ضحكت رغم غصتها :" ما أستبعد هالشيء .. كل معارف فارس دجاجات .. الا هذي الغولة "
وعبست تتخيل هيئة وسن المدمرة .. :" اففف الجنية .. وجع خسارة فيها الجمال "
فُتح باب المصعد فغادرته متوجهة الى الشقة ..
..و بالدآآخل ..
عمّ الهدوء .. و أخذ السكون يستّحل المكان بسُلمٍ موسيقي ..
مكونٍ من نوته وحيدة تتكرر مع أزل اللحظات .. ألا وهي الـ ـ صـ مـ ـ ت ..
وما أهدئه من عزفٍ لا روح فيه ..!!
كانت الانوار مطفئة لكن اشعة الشمس المتغللة من الشرفة اضائت المكان واضفت عليه طابع الكلاسيكية
احكمت اغلاق الباب خلفها .. ثم خلعت معطفها وشال رأسها متنهدة ...
توجهت رأساً الى الشرفة و سحبت الباب الزجاجي لتصدم بشرتها ذرات الهواء المنعشة ..
تنشقت اكبر قدرٍ منه ثم زفرته مطلقة معه ما أُسِرَ من النغزات في قلبها ..
عادت الى الداخل ثم اوصلتها خطواتها الى تلك الغرفة التي شغرتها الليلة ماقبل الماضية ..
ما زالت الصناديق على ماهي عليه ولم تُمّس ..
ألقت بأغراضها على السرير .. ثم غابت خلف باب الحمام ( أكرمكنّ الله ) ..
~~~~
:" انت دلني وانا اروح "
فكّر قليلاً بمطعمٍ مناسب :" اممم خلاص خذ هاللفة .. في مطعم مكشوف اكله طيب "
ابتسم عمر :" دام قلت طيب فأكيد بيكون تمااام "
ضحك فارس :" يا شيييخ ايام زمان لما كنت الدب عندكم "
بادله عمر الضحك :" تدري لما شفتك قبل اربعة سنوات ما صدّقت عيني .. الكورة فارس يصير عامود آآخ خيانة"
ضربه فارس بخفة على رقبته :" يعني تبغاني انتظر حضرتك تنحفني .. تذكر لما كنت تقولي بصير مدربك
الخاص و تخسرني 10 كيلو في الاسبوع ؟"
هزّ عمر رأسه مقهقهاً :" ياخي كنت اشجعك بس ولا انت ما شاء الله كنت وقتها جثة استحالة تنحف "
تلاعب بحاجباه :" بس طالع كيف نحفت .. و فزت عليك "
اومأ عمر بتعجب :" وبجدااارة .. اقول خبرني ايش سويت .. عشان انزل الكرش انا كمان "
فارس :" ههههههـ اي كرش انت ووجهك .. وانت مشفوط كذا .. لف يمين "
رفع حاجبه :" هه شف من يتكلم .. هزلت والله ... اروح طولي ؟؟"
ضحك فارس :" ههههـ هو في طريق غيره .. مشي مشي بس "
ابتسم عمر وذاكرته تأخذه للماضي .. عندما كان هو و فارس قريبان جداً ..
شخصيتهما المتقاربة و روح المرح الطفولي كان الشيء المشترك بينهما .. والذي حالما فقداه ..!!
كانت كل اسراره مخبئة في جعبة فارس .. الا سراً او حقيقة واحدة ..
فارس :" هنا بس .. عمر ايش بك .. هنااااااااا "
ضغط على المكابح فزِعاً .. وتوقف على بعدِ انشٍ واحد من السيارة المقابلة لهما ..
تنفس بشدة :" ياخي ايش بك .. جلطتني !! "
ضحك فارس على شكل عمر :" انا داري عنك .. اقولك وقف ولا تسمع .. شوف المطعم قدامك "
حملق عمر حوله ثم رأى مطعماً صغيراً على جانب الطريق ..
اتّسم بالبساطة والهدوء ..:" يا هوو ايش هالذوق اللي عليك .. تفضل يالله "
خرجا يسيران الى حيث قبع هدفهما ..
اخذ فارس يعرج قليلاً .. سأله عمر بقلق :" تعورك رجلك ؟"
فارس :" شوي .. هي تعافت بس هذي زينة .. الله يهديها رفسَتها بالقوة "
ضحك عمر وهو يتذكر المنظر الحيّ الذي عاصره وهو يقّل فارس :" ياخي والله حسبتك سارقها وجاية تقتلك "
قطب فارس عندما آلمه الضغط على قدمه :" آآخ .. ياما اكَلْت منها ضرب لكن تموون "
لم يسأل عمر لماذا .. لكنه ابتسم عندما وصلا الى داخل المطعم ..
دلتّهما النادلة الى طاولة مظللة بمقعدين .. واخذت طلباتهما ثم تركتهما ..
قال عمر :" تصدق ما عرفتها لما شفتها !! .. مررة اتغيرت "
سأل فارس :" مين تقصد ؟"
نطق اسمها بنبرة حالمة :" زينة الشيطونة .."
عادت اليه ريبته فـ بفضول :" انت تعرفها من زمان ؟؟ "
طأطأ عمر :" اوهووه .. تقريباً قبل 11 سنة .. من اتزوجت دلال بـزيد "
بلع ريقه :" يعني من سافرت لـ هنا ؟؟ "
عمر :" اي .. ههههههـ ياخي من رحت انت وانا طفشان بس دخلت زينة حياتي و طار الطفش "
لم تعجبه النبرة التي اخذ عمر يتحدث بها لكن الفضول اشتعل فيه ..
انّ عمر يملك ذكريات طفولة زينة .. بإمكانه معرفة ماهية حياتها منه ..
فارس :" اتحفني بالحكاوي .. كيف كانت زينة ؟"
ابحر عمر في ذكرياته .. ايام مراهقته و شقاوته .. واخذ يسرد له كل المناظر التي تمرّ امام عينيه
:" أول مرة قابلتها كانت في عزيمة كبيرة عمي حامد مسويها ... طبعاً زيد ودلال جوا ومعاهم زينة ..
وقتها اعتقد عمرها 11 او 12 سنة .. شكلها اوحالي انها مررة مدلعة .. وانت تعرفني كيف اكره الدلع ..
و قاصة شعرها زي الاولاد كمان اللي بطّ كبدي منها .. ما بغت تجلس عند الحريم وسنترت جنب زيد في مجلس الرجال ..
عاد انا اشتغلت فيها حشّ و تريقة .. حسبتها راح تبكي لكنها فاجأتني .."
ثم غرق في ضحكه ما اثار جنون فارس :" اييش صار ؟؟ "
بين ضحكاته خرجت هذة الكلمات :" اقولك قامت تتحداني في مصارعة حررة ..ههههههـ "
توسعت عينا فارس :" اكيد تمزح !! "
نفا عمر وسط قهقهاته :" لا .. من جد وعادي زيد ما قال شيء .. انا وقفت وسط المجلس اضحك عليها
مستهزء ببنت بتصارعني .. هههههههههـ بس والله انها فقعت وجهي تفقيييع "
زادت دهشة فارس :" يا شيييخ قول كلام ثاني "
عمر :" هههههههـ من الطيحة اتكسرت نظارتي وقتها .. ياني اتفشلت قدام الرجال "
لم يستوعب فارس ما يسمعه .. هل حقاً يتحدث عن زينة ؟!!
اشار عمر الى اسفل فكه :" شايف هالندبة .. هي اللي علمتني بها "
هزّ فارس رأسه غير مصدقاً .. وتابع عمر حكاياته مع الطفلة زينة ...
:" تتذكر مزرعة جدي الله يرحمه ؟؟"
طأطأ فارس :" ايه كيف انساها .. يوم الخيول و البقر .. ولاااا التيوس ههههههـ "
ضحك عمر :" زينة من راحت المزرعة .. طاحت في حب تيس منهم سمته صدقه هههههههههـ "
ابتسم فارس متعجباً من هذا الذي يسمعه ..
ولكنه اخذ يحدث نفسه :" يا حبيبي .. منافسي يطلع تيس ولاااا اسمه صدقة بعد .. كمُلت "
اردف عمر واساريره منشرحة :" ما كانت تفارقه ولا لحظة من نروح المزرعة .. عاد في يوم حبيت ءاذيها
وصلت مبكر مع العيال .. ورحت خبيت صدقة بأخر المزرعة في صندقة بنيناها ..
لما جات قعدت تدور عليه لين المغرب ... وكل ما تسأل احد يقولها عمر اخذه .. ولما تجيني اقولها ذبحته
وتبكي علي .. ههههههـ في النهاية كسّرت خاطري و رجعته لها ..
على بالي انها بتشكرني ولا تعلن هدنة بيننا .."
عندما صمت ضاحكاً .. سأل فارس مستمتعاً :" ايش سوت ؟"
عمر :" اول صخرة شافتها جنبها رقعتني بيها ... لحسن حظي ما انكسرت النظارة الجديدة هههههههـ"
ضحك فارس والغرابة تغمره .. رغم ذلك لم تتغير نسبياً :" ايش ذا كانت قردة "
وافقه عمر :" واخص .. آآآه لما غطّت علي اشتقت لها موووت "
انمحت الابتسامة من شفته ..وشعر بوخزة تقرصه لهذا الشوق المرتسم على رفيقه ..:" غطّت ..!! "
عمر :" ايه .. اعتقد لما طلعت ثالث متوسط غطّت علينا .. عشان كذا ما عرفتها لما شفتها"
لم يقل فارس شيئاً .. لكن بشكل أو بآخر احس بضرورة توخي الحذر ..!
اقتربت منهما النادلة حاملة بيدها الاطباق :" تفضلا ايها السيدان "
فارس :" شكراً لكِ "
بعد ان ملئت الطاولة بطلاباتهما .. استأذنت ..
تنهد عمر :" يالله سمي بالله و تفضل "
منعه فارس :" ايش بك لحظة تجيب المناشف المعقمة "
قطب عمر جبينه :" اي مناشف ؟؟"
اجابته نادلة اخرى مقتربه حاملة دلوان انيقان تتصاعد الابخرة منه .. فمدته لهما ..
تلقف فارس احدى المناشف الصغيرة واخذ يمسح بها يده ..
و حذى عمر حذوه :" ليش هذا الشيء ؟"
فارس :" معقم يد .. كأنك تغسلهم بالديتول "
عمر بنظرة تفهم :" أهااا .. ايش هالنظافة ما شاء الله "
ابتسم فارس :" لازم .. ولا كيف تحسب انت ؟؟"
ضحك عمر على نظرة الغرور التي ارتسمت على فارس :" تفضل .. وبعد الأكل قولي ايش سويت بحياتك "
رفع حواجبه :" وانت بعد .. اجل بتفصفصني لوحدي .. اعتَرِف لك وتعترف لي "
عمر :" ههههـ طيب ياسيدي .. يالله بسم الله "
وانهمكا في تناول الغداء ..
~~~~
~ شقة فارس ~
بعد حمامها الدافئ و تحضير وجبة خفيفة .. أرتدت ملابس طويلة تحسباً لوصول احداً ما ..
أخذت تجول وتصول في أنحاء الشقة بحشرية ..
تُقّلِّب في المجلات و تبحث بين مقتنياته متسائلة ايَّ الاشياء يحب و ايُّها يكره ؟؟
كانت الصالة العصرية مفتقرة الى اي اكسسوارات زائدة ..بإستثناء مشاتل من الزروع الصغيرة في كل ركن
لم يوحي لها المحيط العام الا على انه منظم جداً ..
فتركتها و دخلت تتفقد بقية الشقة حاملةً صحن معكرونتها معها ..
فتحت باب الحجرة المجاورة لحجرتها و رأت بعض الملابس مرميه على جانب السرير ..
والفراش مبعثر في غير تنظيم .. فضحكت ..
لا بد انها الغرفة التي تشغرها دلال مع ابنيها .. فهناك دمية تولين على المنضدة ..
اغلقت الباب منتقلة الى الرواق الآخر ..
وفي نهايته يتفرَّع ممرين كلاً منهما يؤدي الى غرفه مستقلة ..
ببسمة شيطانية .. تقدمت الى احداها .. فتحتها ولم ترّ الا مكتبـة راقية التصميم ..
وبعض الرفوف الضامة كتباً طبية فوقها .. :" احلى .. مركز ثقافته "
دخلت تتأمل كل شبرٍ من المكتبة .. فوضعت صحنها على رفٍ منخفض احتوى قنينة ماء ..
و تمشت بين قطع الاثاث .. التي تراوحت الوانها ما بين الأبيض والنيلي ..
استدرات الى مقعده الرئيسي .. ثم جلست عليه مبتسمة ..
واخذت تقلده :" آنسة زينة أرى ان مريضك لا يتحسن .. انتظر استفساراً مقنعاً .. ههههههههـ خبل "
سحبت الادراج الفارغة الا من الاساسيات .. كالأوراق و حاجيات المكاتب ..
اما هامش المكتبة خلا الا من مثبت اوراق و مرتكز للأقلام ..
اعادت كل شيء الى مكانه .. ووقفت تشاهد ذائقته في الاطّلاع ..
بنظرة سريعة رأت ان كتبه لا تتعدى حدود المعلومات الطبية .. فغضت النظر عن التفقد أكثر ..
و تسحبت خارجاً متجهة الى الغرفة الاخرى ..
ادارت قبضة الباب ببطئ ثم دفعته لينفتح ..
انقبض قلبها وعيناها تقعان على غرفة نومـه .. التي تراها لأول مرة ..
كانت خطواتها مترددة للدخول ..
وكأنها تعرف حرمة هذة البقعة لخطواتٍ لا تمت لـ فارس ..
شعرت بفداحة ما هي مقدمةً عليه .. ولكن رغبة اقوى منها قد دفعتها للداخل ..
كما توقعت .. غرفته منبع للترتيب و اللمسات الذكورية ..
لا لوحات ولا الوان زاهية .. فقط مرايا صماء و تنظيم مدروس ..
خيّل اليها انه لو وقعت قطعة معدنيه على فراشه لـ أرتدّت محلقة للأعلى من اشتداد اطراف اللحاف عليها
لم تتجرأ على مسّ مقتنياته .. فـ التفرج عليها وحده كان فوق المسموح ..
على تسريحته تراصت زجاجات عطوره المختلفة .. بعضها مسجلة بماركاتٍ تعرفها وبعضها الآخر جهلت نوعه
على طرف المنضدة القريبة استكانت صورة مقلوبة .. كم رغبت بأن تراها ..
لكنها خشيت ان تشتكي زوايا استكانتها لـ فارس .. وتخبره بإنتهاكها المكان ..
فغضت النظر عن رؤية الصورة ..
كل ملم مترٍ مكعب في الغرفة نطقّ بتوقيع فارس عليه .. نعم كلها دلّت على غرورِ صاحبها ..!!
لم تشبع من التفرّج لكن ترنمها في اعماق مملكته الصغيرة قد يجعلها تدمنُ البقاء ..
فضغطت على نفسها حتى لا تتهور و تغوص بين بصماتِ وجوده .. درءً لآلامٍ تهدد قلبها الأعمى ..
فتراجعت تجاهد كيانها و اوصدت الباب متنهدة ...
تركت ذلك الرواق مرتجفة .. وكأن وجودها في محيطه وحده كافياً لجعلها منهمكة في مشاعر غريبة ..
عادت الى غرفتها لترمي نفسها على السرير ..
اغمضت عينيها بشدة من فكرةٍ انبثقت متمردة في خيالها ..
هي و فارس ... وهذة الشقة عشّ زواجهما ..!!!!
صرخت تشدُّ شعرها :" آآآآآآآآآآآآه عماااا عمااااا ايييش هالأفكااااااار "
ياللعجب ..!!
مضت سنواتٍ تُعدُّ على اصابع اليد الواحدة وهي تهرب من واقعٍ يدعى :: الزواج ::
والآن .. ثنايا عقلها الخائن .. يطالبها بهذة الاحلام ..
بالتقبل دون مقاومة .. بكُل بساطة !!
ومع من ..!!
مع فارس .. الذي تضجُّ حياتهـ اطياف فتاةٍ مجهولة تدعى رومي ..
وهناك وســن .. وربمـا ما خفيَّ كان اعظم ..
خنقت الوسادة بين يديها :" ليش فارس ..؟ ليــش هو ؟"
ربما لأنه الوحيد الذي ترتاح معه .. و تشعر بالأمان والثقة تجاهه ..
ربما لأنها تعرف انها وجدت فيه توأم روحها ..
تأففت و أخذت تتسائل .. ان كانت مخاوفها في بناء أسرة قابلة لإعادة النظر ؟؟
نعم لقد عاشت تجربة مريرة في صغرها ..
لكنها حين تنظر لحياة اخيها مع عائلته .. تتوق لحياة مماثلة خاصة بها وملكاً لها ..
تتوق لخوض التجربة .. ولكن تخاف فشلها ..!!
همست :" آآه يا أمي .. نفسي افرحّك فيا .. لكن اخاف امُّر باللي مريتي بيه مع ابوي "
~~~~
مسحت جبهتها من قطرات العرق التي نضحت بغزارة تتصببُّ على جانبي وجهها ..
و ارتشفت بعضاً من قنينة الماء ..
سمعت المدربة تُعلن :" استراحة لمدة خمسُ دقائق "
فتنهدت لتشغر مقعدها تلتمسُ الراحة ..
لهث لسانها بالأذكار ككل وقت فراغٍ تجده لتسُد ثغراته بأسماء العزيز العليّ ..
لأنها تؤمن ان اللحظة التي تذهب لا تعودُ ابداً ..
بل تطويها الصحفُ لتذهب بفائدتها او ضياعها الى يوم الحساب ..
لذلك هي تستغلُ كل ثانية من يومها .. فحالتها على وجه الخصوص تنبهها دوماً بـأنه لا شيء مضمون
سمِعت صوت هاتفها يصيح .. فأبتسمت باحثة عنه بداخل الحقيبة ..
لا بُدّ انها جود .. او ربما زينة ..
انمحت بسمتها عندما رأت مفتاح دولة السعودية على شاشة هاتفها ..
شهقت هامسة :" جاسر !!! "
يا الهي ما هذا الوقت الغير مناسب ..!!
أين تجدُّ له جود الآن ؟؟
مؤكد انهـ يريد التحدُّث مع اختهـ .. وان لم تُجب عليه سـ يقلق ..
ولكنها لا تريد محادثته .. فـ صوته العميق يُرهبها ..
اعادت الهاتف لباطن الحقيبة وقد احالت وضعه الى الـ صامت ..
شاعرة بتأنيبٍ خفيف ولكن براحة أكبـر ..!!
لن يحدث اي مكروه ان انتظر لبضع ساعات فقط ..
على كُل حال ستعود في خلال ساعتين على الاكثر وعندها فـ ليطمئن على جود كما يشاء ..
صاحت المدربة :" هيا يا فتيات الى التمرين "
سارعت الى مكانها بين بقية المتدربات .. و بدأت تؤدي انعكاساً لحركات المدربة ..
حركاتٍ مخصصة لمن هم في حالتها ..
~~~
:" والله منظر الغروب جنآآآن .. سبحان الله "
ابتسم له وهو يتأمل السمآء :" لو كنت عجلت بجيتك اسبوع قبل كنت رحت جزيرة ولا بالأحلام"
سأله عمر :" قصدك الـ مارينا ؟"
تعجب :" ايه .. ايش عرفك ؟؟"
عمر :" في الطيارة قالي زيد انكم رحتوا الجزيرة .. هاه عسى انبسطتوا ؟"
تنهد وهمس :" اكثر مما تتصور "
اجال فارس نظراته الى الغروب المشابه لذآك الآخر على الجزيرة ..
فسبحت احاسيسه لذلك المكآن .. حيث انكشف الغطاء ليُظهر نبضآت قلبهـ تنشد اسمها ..
مع كُل لحظة تمُرّ يتقبل تلك الاحاسيس الساكنة اعماقه ..
ومع كُل لقاءٍ بها يتيقنُّ بأنها هيّ .. المنتظرة ..
ربما حطمته تجاربه السابقة .. لكن الحال مختلف و هيّ مختلفة عن سابقتها ..
يعرف في اعماق اعماقه ان من المستحيل ان تؤذيه .. او تطعنه بخناجر النبذِ او الخيانة ..
لا يمكن لـ زينة أن تؤذي نملة ..
فـ هل ستتعمد أن تدوس قلبه ان قدمه لها ؟؟
انها مجازفة كبيرة .. يجب ان يفكر آلاف المرات قبل أن يُقدم عليها ..
والا سـ يغدو بعدها قلباً مدملاً بالجراح ..
وقد شبِعَ من كل انواعها ..
باح عمر :" كانت تحب هالغروب "
افاقه من شروده نبره عمر الحزينة .. فحملق فيه :" ايش قلت ؟؟"
ركزّ عمر عينيه على الشمس الغاربة وهمس ..:
خذاها الموت و كتب ربك علينا فراق .. وانتهى غروب الشمس بلايا بسمةٍ تضوي
سهيت مجنون ادورها بصفحة الاوراق .. لقيـت حتى انّ الـورق بمـوتهـا يـذوي
وشبت ناااار فيني تحرقني من الاعماق .. بِعِطِرْها حاولت اطّفيها لكنـ وينها تِروي !!
احاول استمر و ابني في عيني الآفاق .. لجل الوعد وياااه من الوعد بِحرّها تكوي ..
رفعت الكفّ للمولى معطي الأرزاق .. نصيبي اكتوي بغيابها وعلّ الصبر يدري .!
( من شخابيطي :) )
===
تنهــد من كل جوانب قلبه .. وانكس رأسه بدمعة تهوي لـ تُخلِد قصة كانت و لا نهاية تنهيها ..
مـدَّ فارس يده الى كتف عمر و بتوجس :" عمر !! "
مسح عينهـ و زفر :" آآه هههـ صاحبك احيانا يصير حسَّاس "
زاد فارس من قبضته :" عمر .. انا قصرت كثير معاك .. ولا صرت اسأل عن اخبارك او اخبار الكل ..
انشغلت بالدنيا .. لكن صدقني ما نسيتك .. تذكر اني حافظ اسرارك .. ومازلت للحين "
اومأ عمر و همس :" يمكن ما تدري .. او يمكن دريت .. اللي صار مرّ عليه خمس سنوات .. "
تذكّر فارس حاالة عمر عندما زارهم قبل 4 سنوات .. كان هادئاً .. منطوياً على ذاته ..
وفي خضم انشغال الكل به .. نسي أن يحتوي احزان صديقه ..
كان قد سأل دلال وقتها ما الامر الذي حلّ بـ عمر ؟؟
فأجابته ان زواجه كان سيأخذ محلاً في نفس السنة لكن لم يكتب الله تحقق حلمه ..
و الآن بدأ يفهم .. هل .. هل ماتت من كان يريد الزواج بها !!!!!!!!
همس فارس :" ايش صار ؟"
أكمل عمر بهدوء تتغلل الغصات كلماته :" كانت اخت صاحبي .. شفتها صدفة ..
قلت لأمي تخطبها لي .. وفعلاً ربي كتبها نصيبي .. تملكنا ..
ومرّ شهرين من احلى ايامي .. حبيتها وبنيت معها احلامي و مستقبلي ..
تحدد زواجنا .. اللي كنت بعزمك عليه ..
لكن جدّها مرض .. فتكنسل كل شيء وقررنا نتزوج بدون عرس ..
قبل الزواج بـ يومين .. ودعتها .. لجل تسافر هي واهلها للشرقية يزورون الجدّ
ما كنت ادري اني مودعها للأبد .. ما كنت ادري انها آخر مرة عيوني تتكحل بشوفتها ..
رآآحت هي وصاحبي واهله كلـهم .. " انقطع صوته فجأة ..
ثم ثبَّ و استدار معطياً اياه ظهره قائلاً بصوتٍ غريب لكل الاصداء :" يالله نرد تأخرنا "
بشفقة و حزن ناداه فارس :" يا عمر !! "
لكن الآخر سابق خطواته ليغيب دآخل السيارة مرتدياً نظارة سوداء تخفي احتضارات محاجره .
همس فارس وهو يتبعه :" الله يعينك يا عمر .. ويعوضك خير "
عرجت دعوة فارس الصآدقة الى السمآء ..
فـ هل ستتحقق ..؟
~~~~
~ الساعة 08: 10 مساءً ~
أوقف السيارة بجانب الطريق .. و بمحاذاة أسوار الفلة ..
خرج منها و رفع هاتفه ليتصل بـ علي ..
:" آلو السلام عليكم .. أنا بره .. ادري والله آسف انشغلت بإجتماع .. كيف ادخل ؟
يعني مافي احد .. الطريق سالك .. من يفتح لي الباب ؟؟ آآه طيب .. سلام "
دلف الى داخل الحديقة و ساار حتى بلغ البوابة ...
و ضرب الجرس ..
بالدآآخل كانت هدى تنظف المكان في الصالة ..
سمعت صووت الجرس ..
فرفعت الانترفون لتسأل من الطارق .. :" مين ؟"
تحمحم عبدالعزيز وبصوته الجهوري :" السلام عليكم .. انا عبدالعزيز ابغى علي "
هدى بنبرة هادئة :" لحظة "
ثم ضغطت زر فتح الباب و غادرت المكان حتى يتسنى لـ عبدالعزيز المرور لحجرة اخيها
انتظر لدقيقة قبل أن يشّرع الباب ويفتحه صائحاً :" السلام عليكم .. طريق يا أهل البيت "
لم يسمع اي اجابة فـ دلف مسرعاً موطيّ الرأس الى غرفة علي ..
طرق مرتان ثم دخل ..
الآخر كان يدّون في مذكراته ..
===
:[ يآ فرآقها ]:
يا فراقها ..!!
توني شعرت بقسوتك في داخلي
يا فراقها ...!!
توني احس اني بديت احن لايام ٍ مضت واشتاقها
بديت احن لشوفها ، واشراقها ، واشواقها
رغم انها اللي روّحت
وبكل عمري طوحت
حتى بكف فراقها ما ودعتني ولوحت
يا فراقها ...!!
:: قصيدة منقولة ::
===
عندما سمع الطرق رفع رأسه ..
ابتسم وهو مستلقي على سريره :" هلا بوسعود .. اعذرني ما قمت لك "
اقترب منه :" لا عادي .. كيفك الحين ؟"
علي :" آآه احسن .. لكن صدري واجعني شوي "
جلس عنده :" سلامتك .. اجر ان شاء الله .."
مدّ له الملفات التي يحملها ..:" اطّلع عليها ووقعها"
تنهد علي .. ثم فتح اول ملف ..
~ في غرفة فاتن ~
تجَهزت فاتن و ارتدت افضل ما لديها .. تزينت بشكل مبالغ فيه .. و اختارت عباءة مزخرفة ..
رشت العطر عليها .. و وضعت آخر اللمسات .. ثم حملت حقيبتها وخرجت ..
هبطت الدرجات القليلة المؤدية الصالة .. و توجهت الى باب الفلة ..
كانت هدى تعمل في المطبخ و تشرف على شغل الخادمات عندما لمحت خيال فاتن يمر ..
اطلّت من المطبخ لتراها ..:" فاتن!! "
نادتها مرة اخرى ولكن لا مجيب.. فلحقت بها قبل ان تخرج من الفلة ..
امسكت بذراعها :" فاتن ويــن رايحة ؟؟؟ "
رمقتها بنظرة رتيبة :" افف انتِ ايش دخلك ؟"
نظرت اليها و تضايقت :" انتِ فين طالعة بهالشكل وهالوقت ؟؟"
جرّت فاتن ذراعها من قبضة هدى :" رايحة عند هند بنروح عند سارة صحبتنا "
عادت هدى تمسكها وبحده :" انتِ من سمح لك تروحي .. و على كيفك .."
قاطعتها فاتن بقوة :" قلت لأمي اليوم بروح عند بنت خالتي .. ووافقت "
هدى :" شكلك ماقلتي لها بروحتك عند صحبتك "
تمللت وحاولت الذهاب لكن هدى لم تتركها في حالها...
:" افففف انتِ ايش دخلك ..صحبتي مسوية عيد ميلادها ولازم نكون معاها "
توسعت عينا هدى :" وعيد ميلاد كمان !! .. انتي كيف تروحي تحتفلي بشيء ما يجووووز ؟؟
هذااا بدعة محدثة .. نحن ما عندنا الا عيدين ... تعرفي انه احتفالك بيه ممكن يخليكِ مرتدة عن الاسـلام "
لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح
: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق عليه …
(من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد))
أخرجه مسلم في صحيحه وعلقه البخاري جازما به.
و ليس في الإسلام عيد لأي مناسبة سوى عيد الأضحي، وعيد الفطر بعد رمضان ..
وفي سنن النسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما..
فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال
: (( كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد بدلكم الله بهما خيرًا منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى)).
ولأن هذا يفتح بابًا إلى البدع مثل أن يقول قائل :
: إذا جاز العيد لمولد المولود فجوازه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أولى..
وكل ما فتح بابًا للممنوع كان ممنوعًا. والله الموفق.
===
صرخت فاتن وقد فاض بها الأمر :" بدأت المعقدة ... انتِ في شيء اصلاً يجوز عندك ؟؟ كله محرم .."
اشتطت هدى رغم انها هادئة معظم الوقت :" استحي على دمّك .. سكتّ لك هالايام اللي راحت كثير
بس مو كل مرة بأسكت لك يا فاتن .. لا تصيري عاصية كذا .. ارجعي غرفتـ .."
سحبت فاتن يدها صارخة :" والله لما تكوني ولية أمري اتشرطي .. لكن انا عندي ابووو وهو يحكمني"
ارتجفت هدى وهمست :" ربي اللي يحكمك .. ابوي الله يرحمه "
دفعتها فاتن بعنف وغادرت الفلة .. أخذت هدى تناديها دون جدوى ...
لم تلحق بها لتجردها من الحجاب .. فركضت الى غرفة علي مسرعة ..
ولكن تذكرت وهي تضع يديها على مقبض الباب وجود صديقه عبد العزيز ..
فطرقت الباب قائلة بصوتٍ مبحوح :" علييي ألحق فاتن طلعت لوحدها "
~ يتبع ~
|