كاتب الموضوع :
ضياع نبضة
المنتدى :
الارشيف
v~√”^√V’~-√V~'^~----- ~ النبضـة السـابعـة عـشـر ~----~ v~~√”^√V’~-√V
ومضة :
" ما كُلُ ما يتمنى المرءُ يدركه .. تجري الرياحُ بما لا تشتهي السُفنُ "
~ الجـ 1 ـزء ~
افاقت من جمودها لتلحق بـ وسن قبل ان تستقل المصعد ..
:" وسن .. لحظة شوي .."
التفتت اليها وسن وبنظرة متعالية :" نعم !! .. ايش تبغي يا شينة ؟"
أقتربت منها زينة بـ مزاج متعكر ..
ثم وقفت على بعد اقدامٍ لتسأل بحدة :" انتي ايش عرفك بـ الدكتور فارس ؟"
ارتفعت حاجب وسن :" عفواً !! وانتي من تكوني عشان تسأليني هالسؤال ؟"
ضربت الارض بقدمها .. :" مو شغلك انا مين .. قولي من هذي رومي ؟؟؟؟؟ "
ضحكت وسن بهزء :" اذا قد كذا مهتمة .. أسألي فارس .."
ثم أعطتها ظهرها وهي تقول :" اذا اصلاً راح يقولك ههههاي "
وابتعدت بخطواتها المختالة داخل المصعد بعيداً عن زينة .. حيث وقفت تتجرع القهر والالم يقبض على قلبها ..
بعد دقائــــق ..
دخلت القسم وهي تجّر خطواتها الثقيلة بإستماتة .. لم يسبق لها قط أن شعرت بهكذا نار تتآكلها !!
بهكذا ألم يمتد من نخاع العظم و ينتشر الى اطراف كيانها ..!!
تتمنى لو تعرف من هذة الـ " رومي " لتنهش لحمها أو تجعل منها وجبة شهية لنمور السيرك ..
لكن كيف تعرف الا ان سألت فارس نفسه ..!!
تأففت ويداها تدفعان باب استراحة الممرضات .. ودلفت للداخل ..
لمحتها نيكول ثم صاحت :" زينــة ها قد عدتي .. كيف كانت رحلتك ؟؟"
تمتمت وهي تتوجه الى خزانتها :" لا بأس بها "
تدخلت ممرضة اخرى كانت متواجدة معهما :" لقد سمعت انكِ ذهبتي مع الدكتور فارس .. هل قضيتما وقتاً ممتعاً؟"
توسعت عينا زينة .. و قفزت نيكول لتتعلق بذراعيها والدهشة بادية على ملامحها ..
نيكول :" هل .. هل ما تقوله فاليري صحيح ؟!!! "
حملقت زينة الى فاليري بحدة :" من قال لكِ ؟؟ "
وقفت فاليري موشكة على المغادرة :" رفيقي ديفيد هو من يملك اليخت .. انه يعرف الدكتور فارس ..
اخبرني انه رآكِ تذهبين معهم "
صاحت نيكول :" اووه يا الهي ما الذي أصاب يديكِ ؟؟"
تجاهلتها زينة لتجيب عن فاليري قبل ذهابها والغضب يتلبسها :" حسناً ألم يخبرك هذا الاحمق ديفيد اننا كنا مع عائلة ..
وان الدكتور فارس يكون أخ زوجة أخي .. واننـ ..."
نيكول بدهشة أكبر :" قريبكِ ؟!!!!! "
رفعت فاليري يديها بوضع دفاعي :" اوهووه هوني عليكِ يا فتاة .. لم أقل شيئاً .. ثم ما دخلي أنا بالأمر ..
لا يهمني ان كان قريباً لكِ أم رفيقاً ..."
صرخت زينة وقد أخذ الغضب يستبد بها :" فاااااااال ... اصمتي حاااالاً "
فتمسكت نيكول بها حتى لا تنقض على فاليري قائلة :" فااال انفذي بجلدكِ هيااااا "
زينة :" نيكي اتركيــــــــــــــــني "
ضحكت فاليري هازة رأسها .. ثم غادرت الغرفــة مسرعة ..
نيكول :" هدئي من روعك يا زينة .. واخبريني ما الذي حدث بالضبط ؟ "
رمقتها زينة بغيظ .. :" الامر كله بدأ بسببك "
فغرت فمها :" أنا !!!!! وما دخلي أنا ؟؟؟"
تنهدت زينة وهي تعطيها ظهرها .. لولا تطّرقك لمشاعري منذ البداية لما كنت الآن أعرف اني ..!!
هزت نيكول كتفها :" زينة هيا حدّثيني .. كيف ان الدكتور فارس يكون قريباً لكِ ولم تخبريني ؟؟
و ما الذي حدث في الرحلة ؟؟ ولماذا يداكِ ملتفتان بالضمادات هكذا ؟؟ وايضاً .."
اقفلت خزانتها بعصبية :" امففف نيكي توقفي عن طرح الاسئلة .. لديّ عملٌ أقوم به "
تبعتها نيكول الى الخارج :" ولكن زينة .. اين الدكتور فارس ؟"
عبرت الممر الى مكتب الاعمال واخذت تبحث عن مهمتها في جدول الورديات المعلق ..
:" انه في قسم الاشعة يكشف على اضلاعه ... "
دونت نيكول ورديتها :" ماذا !!! لماذا ما الذي اصابه ؟؟ "
تأففت زينة واعطتها ظهرها :" نيكول اغربي عن وجهي "
ثم فرّت بعيداً تتجنبها بقدر المستطاع .
اخذت تقوم بأعمالها .. بوجهِ متجهم أكثر من العادة ..
وكلما رأت نيكول ابتعدت عن طريقها ..
لم تكن يوماً بهذا المزاج الأسود ..أو هذة الضيقة التي تكبت صدرها ..
دخلت احدى الغرف لتشرف على مريضتها ووجدت هناك فاليري تغير اغطية الاسرّة
ابتسمت عندما رأتها فعبست زينة ..
فال :" مرحباً مرة أخرى .. هل هدأتِ الآن ؟؟ "
اجابتها بإستهجان :" فال ارجوكِ لا تبدأي .."
ودنت من سرير المريضة تحييها تحية خلت من المرح ..
سألتها فال وظهريهما متقابلان :" ولماذا انتِ غاضبة ؟ لا افهمكِ يا زينة .. ان الدكتور فارس رجلُ جيد "
زمّت زينة شفتيها ولم تجب .. فنظرت اليها المريضة الطاعنة في السن ..
بصوتها المبحوح:" الدكتور فارس !!.. انه رجلٌ راائع حقاً يا ابنتي .. "
عبست زينة متمتة بصوتٍ منخفض :" يا حبيبي .. تكلمت العجيزة "
سألتها المريضة :" ماذا تقولين ؟؟"
هزت زينة رأسها و قامت بـ لفها الى الجهة الآخرى ...
تابعت فاليري تضيف :" اتدري يا زينة .. لقد اشتبهت انا ونيكي منذ زمن بالحب المتبادل بينكمـ .."
قاطعتها زينة بحده :" هييييي من قال اننا ..!! هل جننتما ؟؟؟؟"
بلعت فال ريقها :" حسناً لا تخرجي عن طوركِ .. نحنُ فقط نريد لكما السعادة "
شاركت العجوز :" يا ابنتي افرحي .. ارى انكما مناسبين لبعضكما البعض "
مسحت زينة وجهها تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم :" يا الهي هذا ما كان ينقصني ..!! "
ثم اردفت وهي تشير اليهما :" اسمعا كليكما ... انا والدكتور فارس مجرد .. لسنا كما تعتقدان ..
نحنُ .. هو يكون قريباً لي .. "
ببساطة قالت العجوز :" وماذا في ذلك أنا و زوجي ابناء عم "
تنهدت زينة :" آآه .. انتما لا تفهمان .. لا يمكننا أن نكون رفيقين ... تقاليدنا وعادات مجتمعنا لا تسمح "
قطبت فال :" لماذا ؟؟ ما هذا التعقيد لديكم "
دافعت زينة بضراوة :" بالعكس .. انه يحمينا من بهيمية العلاقات والاختلاط بالانساب .. ان ديننا ارتكز
على مصالحنا كـ بشر .. لا كـ كائنات تعيش على هواها كالبهائم !! "
تكتفت فاليري و بوجهٍ مستاء :" اتراكِ تصفين مجتمعي بالبهائم ؟؟ "
شتمت زينة نفسها ..
وقالت بصوتِ متردد :" لست اخصصكم .. ولكن انظري هذا الانفتاح الذي تعيشونه والعلاقات المتعددة !!
ان هذا الاختلاط الفاضح في غرامياتكم يثير الاشمئزاز .. "
فال :" انظروا من يتحدث !!! .. اذا كان اختلاطنا لا يتماشى مع مبادئك يا آنسة لما انتِ هنا ؟؟"
صاحت زينة :" لو كان الأمر بيدي لما بقيت لـ ثانية ولكني هاربة من .. " ثم صمتت بأعصاب ثائرة ..
تحدثت العجوز :" انتِ هاربة من بلدكِ ومجتمعكِ .. وارى انك اعتدتِ على تحررنا .."
فال :" نعم لو لم تكوني متكيفة مع مجتمعنا لما استمريتِ لهذا الوقت .. ثم انكِ تتعاملين بحرية مع طاقم العمل "
صرخت زينة :" انا مجبرة على ذلك .."
سألتها فال :" دعيني أسألكِ شيئاً .. هل يؤيد دينك مكوثكِ هنا وحيدة وبشكل عام كل تصرفاتك ؟؟"
قبضت يديها بعنف و ملئت رئتيها بالهواء .. تشعر بالإختناق من هذة الحقيقة ..
تحت نظراتهما المنتظرة ستتجردد اخطائها عارية من كل مبدأ دافعت عنه ..
زفرت بشــدة لتقول :" لا .. لا يؤيد افعالي "
قالت العجوز :" يا ابنتي ... لا تقسي على نفسكِ .. انكِ ممزقة بين موجين يجبُ ان تجدي اين ذاتكِ والا ضعتي"
ضحكت فاليري بهزء وهي تعطيها ظهرها :" كم انتِ مثيرة للشفقة "
أحست زينة وكأنها تنسلخ عن روحها .. فأنهت عملها بسرعة لتخرج من تلك الغرفة الخانقة ..
ترقرقت الدموع منها ..
وهي تتذكر قول شفا :" طول ما انتي واثقة من ان اللي تقوليه حق .. مافي داعي تصرخي "
لكم كانت غبية .. وحجتها ضعيفة هناك ..
كل ما فعلته هو خوض جدالِ عقيم .. ظهرت منه مهزوزة ..
ولم تبين لهما مقدار ترفّع قيمها عن تفكيرهما ..
تأففت من نفسها .. وندمت على ما حدث ..
تعرف أن قناعاتها راسخة بداخلها بكل الامور الصحيحة .. ورغبتها بالدفاع عنها حاضرة ...
ولكن ضعف ايمانها هو ما يجعلها تعاند و تتصرف عكس غرائزها ..
كل ما تفعله بنفسها يعود على نفسيتها وحياتها .. فعنادها مع أسرتها أفقدها الآمان ..
و عيشتها المتحررة دون محرم .. جعلها تتهاون اكثر واكثر حتى اصبحت تعامل الغرباء كـ اصدقاء
وذلك كله ابعدها عن الطريق السّوي المستقيم ..
مسحت عينها وهي تمشي منكسة الرأس في ممر قسمها الطويل ..
بإلقاء نظرة على ما مضى من حياتها .. الشيء الوحيد الذي سرّها هو معرفتها بـ شفا
ما عدا ذلك كانت حياتها مفعمة بالمرارة و الأخطاء ..
رفعت بصرها متنهدة لتقع على منظر فارس ..
يقف في آخر الممر ممسكاً بـ عكازة يستند عليها
كان يتحدث مع احد الاطباء ..
تراجعت الى الخلف مخفية نفسها في ممرٍ فرعي لكي لا يراها ..
ضمت يدها الى قلبها .. وهي تتسائل ..:
:" فارس هل أنت خطأ آخر .. أم سرور سيغير حياتي ؟؟"
~~~
جلبت لهما حقيبتا الافطار بكل رحابة :" اتفضلوووا يا حلويـــن "
تلقفت تالا خاصتها :" ثااانكـس جوجو "
جود :" الله !! يا حلوو الدلع منك توتو "
اخذ تامر حقيبة افطاره :" جوود شكراً .. بااااي "
أتت شفا لتقف بقربهم عند باب المطبخ :" هاه تموري كم مرة اقولك لا تقول باي ؟! "
تامر :" اووه سوري نسيت .. سلااام " لوّح لهما وهو يركض الى خارج المنزل
اخذت تالا تلحقه وهي ترسل قبلة هوائية للفتاتان ..
ودعتهما جود بسعادة :" الله يحفظكـم حبايبي " ثم التفتت لـ شفا وهي تردف :" آآه شفا اخوانك وناسة "
ابتسمت لها وهي تطأطأ :" الله يسعدك .. يالله انا بس اجيب معطفي و جاية "
صعدت شفا الى الطابق العلوي .. واخذت جود تغلق الانارة ..
خرجت تنتظرها بالحديقة .. حيث كان الجوّ صحواً و مشمساً ..
أطلّت شفا وهي تغلق الباب :" يالله بسم الله توكلنا على الله ولا حول ولا قوة الا بالله "
أكملت عنها جود بفرحة لحفظ الدعاء :" اللهم انا نعوذ بك ان نضلَّ او نُضل أو نزِّلَّ او نُزلّ
أو نظلِمَّ أو نُظلم أو نجهلّ أو يُجهلّ علينا "
ببسمة قالت شفا :" بارك الله فيكِ .. ربي يثبتك ان شاء الله "
رفعت جود يديها للسماء :" آميـــن .."
واخذتا تسيران في الطريق المؤدي الى خارج السكن ومنه الى المستشفى ..
سألت جود :" شفووي ليش قلتي لتموري لا يقول باي ؟؟"
تنشقت شفا الهواء :" وليش يقول باي وعندنا الافضل .. في احلى من سلامنا ؟"
هزت جود رأسها نافية :" لا .. بس انا حسبته ما يجوز لاني سمعت من زمان وحدة من صحباتي تقول انه يعني في حفظ البابا "
ابتسمت شفا :" آآه .. شوفي يا جود .. بعض الناس من حبهم لدينهم يجتهدوا في البحث عن المصادر ..
وهذا شيء مرررة طيب ومبشر بالخير ..
بس في بعضهم يبالغوا لدرجة انهم يربطوا معلومات صغيرة في بعضها ..حتى انها تكون غير منطقية
عشان يطلعوا احكام لكل شيء "
رفعت جود حاجبها :" يعني كلمة :باي: تجوز ولا ما تجوز ؟"
تمهلت شفا في سيرها لعبورهما تقاطع مواقف المستشفى و بإبتسامة ودودة اجابتها ..
:" انا مو بيدي افتي بحكم اختلف فيه العلماء .. لكن مو اكيد ان باي تعني بحفظ البابا ..
لانه الدارج بمفهوم الانجليز انها تعني : الى اللقاء : والشيء يؤخذ بما درج عنه ..
في النهاية كلها الفاظ ثقافات .. الأوّلى بكل واحد يتوادع باللي ينص عليه شرعه و يعرف معناه صح ولا لا ؟"
زمت جود شفتها :" صح .. لكن ليش انتي ما تخلي اخوانك يقولوه ؟"
ضحكت شفا وامسكت بيد جود لتعبران آخر سكة الى بوابة المستشفى ..
شفا :" لاني ابغاهم يتعودوا على كلام ديننا ...احاول قد ما اقدر اعلمهم عربي مانعتهم بالمرة في البيت يتكلموا انجليزي "
جود :" أهااا .. عشان كذا ما يهرجوا انجليزي "
دخلتا الى حرم المستشفى ... ثم دلفتا الى باطنها هرباً من اشعة الشمس الساطعة..
جود :" ايش راح نسوي ؟؟ "
سارتا الى حيث وقف ثلة من الاشخاص عند المصعد ..
شفا :" اول شيء رآآح نسوي لك كشف و نشوف حالتك .. بعدها نروح متجر الادوية ..
وممم بآخذك تقابلي زيوون "
توسع ثغرها :" وااااو اخيراً بقابل زينة .. ياحظي ههههـ "
قضتا ساعتان في ادوار المستشفى ... تنتقلان من حجرة الى اخرى بغية الاطمئنان على حالتيهما ..
وبعد انتهائهما أتصلت شفا بهاتف زينة والتي لم تجب عليها ..
اعادت هاتفها الى جيب المعطف ونظرت الى جود :" ايش رايك نروح نفاجأها ؟"
تحمست جود :" ياااي يالله ههههـ "
ضحكت شفا على حركاتها :" ايش بك كذا متحمسة ؟؟"
اخفت فمها بيديها والضحكة تتغلغل بدنها :" ما ادري من الحماسة اضحك ههههههـ "
هزت شفا رأسها بعجب ثم توجهت الى حيث تعمل زينة ..
تأملت جود منظر السماء من خلال نوافذ الممر المكشوفة ..
فأبتسمت لهذة النظرة الجديدة التي اكتسبتها نحو الحياة .. ترى الآن الدنيا بمنظور آخر
ليس بنفس التشاؤم الذي احتواها من قبل .. بل بتفاؤل أكبر و أملٍ أقوى ..
بالأمس أو بالأحرى هذا الصباح شعرت بتجدد روحها
وهي تصلي قيام الليل مع شفا و اخويها ..
تجدد لم ينقي اغوارها من قبل ..
عاشت ستة عشر عامٍ تذوي في طرقات الحياة .. متناسية مهمة خلقها ..
مثلها مثل كثيرٍ غيرها .. حيث تراكمت الايام متشابهة تارةً و مختلفة تارةً أخرى ..
تتداخلها الصلوات اليومية في دقائق معدودة .. ثم تضييع في متاهات الساعات
لا يدري العبد هل قُبلت منه أم لا .. ولا يهتم اذا ادّاها على أكمل وجه أم ابخس في اركانها
و كـ كل لحظة ترحل من يومها .. ترحلُ هيَّ .!!
كانت هكذا طوال عمرها .. بين تجرع ضحكة مخطوفة و آههٍ مسموعة ..
الى أن رست خطواتها على مشارف حدود شفا ..
واخذت تنهل في فترة بسيطة .. آفاقً أخرى لتفكيرها .. لم تتوقف على هوامش الحياة
بل تعمقت في أبسط الاشياء في نفسها ..
أكتشفت ان الدنيا بمكنوناتها الهائلة احتوت على خفايا إلهية تخشع لها النفوس ..
كل ما يجب على المرء لمعرفتها .. ان :[ يتفكّر ]: فقط .
نظرت الى شفا بطرف عينها ..
وقالت في قرار نفسها ..:" اتمنى ان يكتبك الله نصيباً لـ جاسر .. لا يهمني ان كان آخر شيء اقوم به
لكني سأعمل على تحقيق هذة الامنية .. بإذن الله "
رمقتها شفا :" جود ايش بك تطالعيني كذا ؟؟ "
ضحكت جود :" لا بس .. قاعدة أفكر ايش رايك في اخوي جاسر ؟"
تغضنت ملامح شفا :" ليش هالسؤال ؟"
جود ببراءة :" ممم بس كذا طرى على بالي "
اشاحت شفا انظارها و مازالت تتابع سيرها .. :" الله لا يحرمك منه "
مدت شفتها للأمام :" آمين .. بس هذا مو جواب يا شفا "
ارادت شفا ان تغير الموضوع فسألت :" ايش رايك بعد ما نشوف زينة نروح نجلس في كافي المستشفى ؟"
تنهدت جود عالمة بتهربها .. فهزت رأسها ايجاباً لكن بـ نية سؤالها لاحقاً ..
استمرتا في السير حتى توقفت شفا امام بابٍ واسع يؤدي الى قسمٍ متفرع امتلأ بالاشخاص ..
شفا :" هنا تشتغل زيووون .. يالله نشوفها "
دلفتا تبحثان عن زينة .. فألتقيتا بـ نيكول ..التي رأت شفا وحيّتها ..
نيكول :" مرحباً شفا كيف حالكِ ؟"
صافحتها شفا باسمة :" مرحباً أنا بخير حمداً لله .. ماذا عنكِ ؟"
رفعت ابهامها وسبابتها في علامة الجودة :" ممتازة ... هل تبحثين عن زينة ؟"
طأطأت شفا .. فأشارت نيكول الى احدى الحجرات .. ثم انتبهت الى جود الواقفة بمحاذاة شفا
ابتسمت لها :" مرحباً .. هل انتي اخت شفا ؟؟"
ردت لها تحيتها :" بإمكانكِ قولُ ذلك .. لكني مريضتها "
نيكول :" سعيدة للقائكِ .." التفتت تقترب من شفا مردفة :" شفا اسمعي زينة ليست على ما يرام "
شفا بقلق :" لماذا ما بها ؟؟"
تطّلعت نيكول حولها لترى ان كانت زينة على مرمى المسامع ام لا ...
ثم همست لـ شفا :" أظن انها واقعة في الحب !! "
لم تفقه شفا ما سمعته و وقفت بمكانها لا تُحرّك الا رمشها مراراً..
هل سمعت للتو أن زينة تُحبّ .!!!!!!!!!!
ضحكت نيكول لـ رفرفة عينا شفا .. وهزت رأسها موافقة :" نعم أمرٌ لا يصدقُ أليس كذلك ؟"
سألتها شفا :" عفواً نيكول .. لكن .. ما الذي اوحى لكِ بهذا الأمر ؟؟؟ "
ابتسمت نيكول مفتخرة وكأنها أكتشفت الذّرة :" لقد وضعت عيني عليها لفترة .. واكتشفت ذلك مؤخراً "
لم ترتح شفا لما قالته نيكول .. فقررت ان تذهب للقاء زينة ..
نظرت الى جود التي كانت تتابع حوارهم بإهتمام ثم اشارت لها بالتقدم ..
شفا :" حسناً نيـ .."
قاطعتها :" انتظري حتى تعرفي من هو سعيد الحظ ... انه الدكتور ... "
:" شفا !!!! "
ألتفت ثلاثتهم الى مصدر الصوت و لمحوا رجلاً يقف مرتكزاً على عكازة و عُلقت ذراعه اليمنى بأربطة لتثبيت كتفه ..
سكنها القلق وهي ترى حالته :" اهلاً دكتور فارس .. سلامتك !! "
فارس بهدوء :" الله يسلمك "
قالت نيكول بنبرة متوترة :" اوه يا ألهي انت ايضاً مصاب .. اممم انا ذاهبة الى عملي .. عذراً"
ثم تركتهم وابتعدت ... شعرت جود بنفسها وسط أمرٍ لا تفهمه فوقفت خلف كتف شفا
همست :" شفاا .. مين هذا ؟؟"
لم تجبها شفا وحدثّت فارس :" خير دكتور فارس .. ايش صابك ؟"
رفع يده بخفة :" حادث بسيط ... كيفك و كيف الصغار ؟"
هزت رأسها وهي تنظر الى جود :" الحمدلله بخير كلنا .. آسفة دكتور فارس لكن ممكن نقابل زينة شوي ما راح نشغلها .."
اومأ ببسمة خفيفة :" اكيد شفا .. عن اذنكم "
ثم ارتحلت خطواته البطيئة ساحة المكان ...
أحست شفا ان هناك أمراً ما في فارس .. غير اصابته الظاهرة للعيان .. كانت ملامحه تنطقّ بشكوى صامته
رجّت جود ذراعها :" هييي شفاا مين هذا ؟؟؟ "
افاقت شفا من سرحانها :" هاه .. هذا .. هذا الدكتور فارس اخو زوجة اخو زينة بالرضاعة "
مثّلت جود بإصابتها بصداع :" آآآه ايش دا التعقيد .. يبغا لي يومين افكـ هاللغز "
ضحكت عليها شفا .. ثم سحبتها لتذهبان الى حيث قبعت زينة في احدى الحجرات ..
طّرقت الباب ورأتها تقف في ركن الغرفة تدون نشاطات مناوبتها ..
انتصبت رقبتها لترى من يقرع الباب .. ثم ابتسمت بحبور :" هلا شفووي "
دلفت شفا وجود تتبعها كـ ذيلٍ لها :" السلام عليكم ورحمه الله وبركاته .. وين مندسة عني ومصع "
سلمت عليها زينة و ضمتها بقوة :" وعليكم السلام .. وحشتينيييي "
صاحت شفا برقة :" آآه دبووه فغصتيني .. ههههـ زينة ابعدي "
ابتعدت عنها تحمد الله في سرّها بأنه كتب لها عمراً لترى بهجة شفا ..:" وجع اللي يشتاقلك "
ضحكت شفا وهي تقدم جود :" زيوون هذي جود "
ابتسمت جود بخجل :" هلا زينة .. كيفك ؟؟"
وقفت ترمقها بنظرة مدروسة من اعلاها الى اخمص قدميها .. وبتعابير جامدة ..
ثم قالت ببرود :" مو بخير "
لفت ظهرها لهما .. حيث صعقا من تصرفها ..
نظرت جود بحيرة الى شفا والاخرى كذلك .. همست بعدم تصديق :" زينة !! "
استدارت زينة بسرعة وهي تضحك :" صادوووه ... ههههههـ حبيت اغلس عليكِ شوي "
وسحبت جود لتضمها ومازالت تلك تحت تأثير المفاجأة ..
ضحكت شفا :" ياخبلة فجعتي البنت هههههـ "
مطّت زينة وجنتا جود :" سووري .. بس كذا قلت اخلي هاللحظة التاريخية راسخة في مخيخك للأبد خخ "
جود بضحكة رقيقة :" هههههـ اووه خفت والله لا تلطشيني "
ارتفعت ضحكاتهما و طبطبت زينة على جود :" يا حلوك .. بس ترى انا زعلانة منك "
انتفضت جود :" لاه .. ليـــش ؟؟ "
ضربتها زينة بـ خفة :" لانك ما جبتي لي هدية مثل شفووي كخخ "
جود :" ههههـ ولا يهمك اجيب لك اللي تبيه بس رضاكِ علينا .."
شاركتهما شفا :" و رضا الله قبل " عندها انتبهت للضمادات بيدا زينة فشهقت :" زيووون ايش صار لك ؟"
ببسمة متوترة :" مافي شيء .. حادث بسيط "
اراحت شفا يدها على كتف زينة :" حادث بسيط !! .. واعتقد انه فارس بعد صار له هالحادث "
ابتسمت زينة وهي تنظر الى جود :" مو وقته الحين .. نتقابل في وقت الغداء احسن "
شفا بعينان ضيقتان :" زيوون !! "
دفعتهما الى الخارج قائلة :" لا زيوون ولا زيتوون يالله هششش وراي شغل "
جود بـ زعل :" تطرديني ولا ضيفتيني حتى !! "
ضحكت زينة :" شايفة نفسك في مطعم ابو علي ههههـ يالله هشش نتقابل ثاني "
عندما سمعت جود الاسم .. حنّ قلبها الى عمـها .. فأبتسمت ..
شفا :" طيب زيوون .. لما يبدأ وقت استراحتك اتصلي انا وجود بنكون في الكوفي الارضي "
زينة بفروغ صبر :" اوكي .. يالله انتشرووا "
ضحكتا و تركتاها وحدها تتابع عملها ..
وهما تخرجان ..
جود :" ههههـ كأننا برجوون انتشرووا ههههـ .. والله زينة دمها عسسسل مرة .. حبوبة "
شفا بتفكير :" اي .. بس فيها شيء "
تسألت جود :" ايش بها ؟؟"
زفرت الهواء من رئتيها :" راح نعرف ان شاء الله .. يالله عازمتك على وجبة افطار اضافية "
جود :" يالله "
ثم قطعتا المسافة حتى المصاعد ومنها الى الطابق الارضي جناح الأركان الغذائية ..
~~~
أسند رأسه على يديه متنهداً .. وقد آلمته كتفه قليلاً ..
لقد كانت أمله الوحيد لتناقض مشاعره .. عندما رآها أحب أن يكتشف الحيرة في احاسيسه
لكن تلك اللحظات البسيطة لم تغير فيه شيء ..
بل زادته يقيناً بما يعتمل في داخله ..
كبح اعترافه الذاتي و ماطل كثيراً ... و ها قد ظهرت الحقيقة تتجلى امام ناظريه
( شفا ) تظل اعجاباً لا نهائي ..
اكتشف ان هالتها الخلوقة و طيبة قلبها هي ما أثارت الآمان لديه ..
و أيقن انه يريدها بطريقة أخرى ...
يريدها أختاً لا غيــر ..!!!
وهذا ما حوّل مسار تفكيره الى ان زينة تعني له الكثير ..
كان يجب ان يعرف منذ البدء ان الامور ستؤول الى هذة النتيجة ..
فـ لماذا كان يتهرب من زينة خلف ستار شفا .. الا لأنه يخاف من ان يقع في حفرةٍ تدميه بالآلام
تنهـد بعنف وهي يضرب المكتب بيده السليمة ..
مفكراً :" ماكان يجب أن يحدث هذا .. كنتُ مرتاحاً لـ سنوات والآن ..سأبدأ معاناة أخرى !! "
هذة المرة المناسبة أكبر واعظم من تجربته السابقة ..
.." زينة " ..
تمكنت من احتلال عرش قلبه بجنونها و برائتها ..
انها مختلفة كُل الاختلاف عن رومـي ..
زينة بريئة و قلبها طاهر كالأطفال .. متهورة لكن معدنها هش كحبوب القمح ..
زينة .. رقيقة وضعيفة من داخلها ..
وهي قبل كل ذلك تكون قريبة لأخته ..
بالاضافة الى بغضها و مقتها له .. كل ذلك يجعل الامر معقــد ..!!
معقــد وخاصـة بوجود خيال رومي .. لن يستطع التخلص من رواسبها في حياته
فهي ما زالت تناشده للعـودة ..
وهو حتماً لا يرغــب .. لا يرغب في كلا الأمريـن
لا أن يعود لذكرياته مع رومي .. ولا أن يكـوّن ذكريات مع زينة !!!
يريد أن يعيش بـ سلاااام .
~~~~
ترامت الموائد الصغيرة في اطراف الكوفي ..
فأختارت شفا ان تجلسا على واحدة رُكنت في الخلف بعيداً عن الجموع ..
بعد ان طلبتا وجبة خفيفة ..
جود :" آآآه .. من جد حاسة بنفسي فريي هههـ لو تدري هدى "
ابتسمت شفا :" ليش ؟"
اشارت جود الى نفسها :" طالعة كذا بدون عباية ..ولا غطا "
شفا بأسى :" صح .. الله يغفر لنا .. انا نفسي اعيش عندكم و اشوف كيف حياتكم "
وضعت جود كوعيها على الطاولة :" عادي .. بس الحرية طبعاً مو مثل هنا "
شفا :" امم جود .. انتي مرتاحة كذا ؟"
جود :" اي مرتاااااحة مااارة "
اوطت شفا رأسها :" انا اقصد .. بهالتكشف .. بعد ما كنتِ بمكان صان حقوقك في التحجب "
اجابت جود :" بصرآآحة شفا .. انا ماكنت مأخذة الحجاب بشكل جدي ..
كنت عارفة انه واجب و شرع علينا كمسلمات ..
لكني شفته من عاداتنا وتقاليدنا أكثر .. يمكن نظرتي سطحية للأشياء .. لكن احس كل شيء تغير "
اومأت شفا :" سبحان الله كل يوم نتعلم اشياء جديدة توسع مداركنا "
عندها أتت النادلة لتضع لهم طلباتهما :" هل هناك ما يمكنني أن اخدمكما به ؟"
شفا ببسمة :" لا شكراً "
جود :" يميي لذيــذ هالآيس شوكلت .."
شفا :" صحة وعافية ... الا ماقلتي لي عن هدى .. "
بدأت جود تتناول شطيرتها بلذة :" بسم الله اممم .. هدى اكبر منك بسنة .. تدرس شريعة اسلامية
امم اعتقد هالسنة تخرجت .. ما اتذكر .. هدى قلبها كبيــر .. و ايمانها قوي ما شاء الله عليها
يعني ممم لو اجي اقارن بينكم .. انتي وياها كأنكم توأم "
ابتسمت شفا :" الله .. شوقتيني اقابلها "
بلهجة مبطنة قالت جود :" ان شاء الله .. قريـــب بتقابليها "
شفا :" ان شاء الله "
ثم تذكرت الموضوع الذي حدّثها عنه جاسر فقررت مفاتحت جود الآن ..
سألت بتردد وهي تشرب عصيرها :" جود .. كيف عائلة عمك ؟؟ "
وسط انشغالها بالأكل :" انا اعتبرهم اهلي .. لاني تربيت بينهم .. وبعد .. مم عارفة ايش "
وتلونت وجنتاها خجلاً عند تذكرها علي ..
شفا :" طيب .. انتي عارفة ان الاشخاص اللي تحبيهم لا يمكن انك تملكيهم طول عمرك صح ؟"
رفعت جود عينيها بتساؤل ..؟؟؟
استطردت شفا بهدوء :" حتى نفسك ما انتي ضامنة انك ما تفقديها بأي لحظة "
جود بتوجس :" شفا ايش بتقولي .؟؟"
ببسمة جانبية :" اقولك لازم تتحضري إنك بأي وقت ممكن تخسري احبابك ..
يعني ممكن بكره ما تلاقيني موجودة "
اعادت جود بقايا الشطيرة الى الصحن :" شفااا سديتي نفسي عن الأكل .. ليش الكلام هذا الحين ؟"
شفا :" آسفة دبوه .. لكني ابغاكِ تقوي نفسك و تتوقعي ..."
تأففت جود :" اووه شفا .. خلاص اسكتي ما احب هالهرجة "
تنهدت :" آآه .. سوري .. كملي أكلك "
رفعت جود الشطيرة وأخذت تقضمها بدون شهية .. وهي تتخيل لو انها استيقظت يوماً ما
ووجدتْ فقدانها لـ جاسر او علي او شفا ..
أصابتها هذة الفكرة بالصداع .. فألقت بطعامها و ارتكزت على يديها ..
شفا بقلق :" جود ايشبك ؟؟ "
جوود :" مافي شيء .. بس صدّعت "
وقفت شفا بمحاذاتها :" كله مني .. آسفة جوود .. قومي نروح وترتاحي "
سألت بخفة :" بس زينة راح تجي ؟"
اوقفتها شفا و دفعتها لتخرجان :" بأتصل بها .. بعد الدوام تجي البيت "
ثم سارتا بين حدائق المستشفى الى السكن .
~~~~
أنهت من وضع العشاء على السفرة .. فقامت لتنادي والدتها و فاتن ..
قرعت باب حجرة والدتها ودخلت ..
وجدتها تستكين في صلاتها فتسحبت بخفة وغادرت ..
مرّت من الحجرة التي كانت تتشاركانها هي وفاتن قبل ايامٍ قليلة ثم سمعت اصواتاً تخترق الباب الى الخارج
فـ توسعت عيناها ودون ان تستأذن اقتحمت الغرفة لتوصد الباب خلفها ..
بإستنكار قالت :" فاااتن ..!! قفلي المسجل اشووف "
رفعت فاتن انظارها ببرود .. ولم تعرها اهتمام بل مدّت يدها لتزيد من مستوى الصوت
وتعلو الكلمات الغزلية بألحانٍ متماوجة لتشكّل اغنية أطربتها ..
توسعت عينا هدى ثم خطت الى جانب مكتبة اختها و سحبت قابس الكهرباء ..
فاتن بنظرة احتقار :" يالحيواانة من سمح لك تفصلي الفيش ؟؟ "
صاحت هدى لكن بصوتٍ منخفض :" فاتن احترمي نفسك .. ايش اللي قاعدة تسويه انتي ؟!!! "
وضعت سبابتها على جانب رأسها :" انا حرّة باللي اسويه .. يوم كنتي معي بالغرفة اتحكمي فيا لكن الحين اسوي اللي ابيه "
ترقرقت الدموع في عيني هدى :" فاتن .. حرام عليكِ .. لا تحصدي ذنوبك بيدك "
تنهدت فاتن :" انتي ايش دخلك .. ذنوبي وانا اتعاقب عليها .. فكيني يالله "
هدى بيأس :" فاتن .. يعني متهاونة عقاب سماع الاغاني !!! ..كم مرة قلت لك انه عقابهم .."
قاطعتها فاتن :" اففف اففف اففف ياربي بدأت المعقدة .. اقوول روحي اتطوعي على نفسك "
ومدتّ يدها لتشبك القابس لكن هدى منعتها وحملت المسجل لتخرج الشريط منه و تلوح به ..
هدى :" الاغااااني حراااام .. ايش بتستفيييدي بالله منها ؟؟؟ "
وقد روي أنه لما أسري بالرسول صلى اللّه عليه وسلم:
{ رأى أناساً يعذبون ويصب في آذانهم الرصاص الساخن }
فسأل ما بالهم؟ فقالوا: { هؤلاء سامعي المزمار }
( أي أهل الغناء ) فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، نسأل الله من فضله.
زمتّ فاتن شفتها :" الاغاني حراام .. البناطيل حرام .. التعطر بره حرام .. العباية عالكتف ما تجووز اوووووف
انا فين عايشة في دار الامر بالمعروف والنهي عن المنـ ..."
وللمرة الثانية في حياتها تمتد يدها لتصفع فاتن بكل قهر وحرقه .. سقطت دمعتها حااارة
وهي تتمنى أن تصلح أختها .. كم حاولت ولم تفلح ..!
صدق الله تعالى: { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِى مَنْ يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ باِلْمهتَدِين}
سورة القصص: الآية 56
هدى بحرقه :" فاتن .. ارحمي نفسك .. ابوي توه ما .."
صرخت فاتن و هي تبكي :" اسكتــــي لا تقوليها .. أكــرهك أكـرهك "
اجبرت هدى نفسها على طعن اختها ... يجب ان تصحى من غفلتها ..
يجب ان ترضى بما كتب الله ..
:" يا فاتن .. ابوي مات .. ابوي مات ووصانا عليكِ .. قالي .."
قامت فاتن لتضربها ضربات عشوائية و خائرة :" انتوا اللي اخذتوووه منـي .. انتوا اللي حرمتوني اشووفه ..
أكرهـــكم .. أكرهــــــكم .. رجعوووا لي ابوووي .. ابيييييه آهاهاهااااااا "
دخلت عندها ام علي لتتوسع عينيها مما ترى ..
أقتربت منهما لتجرّ فاتن الى حضنها :" بس يا بنتي بس "
ابعدتها فاتن ببغض :" حتى انتي يا أمي .. حتى انتي اشتركتي معاهم .. حرمتوووني أشوووفه ..
أبي اروووح له .. ابووي ما مات .. ما ماااااات "
هدى بنفس متمزقة :" استغفري ربك .. و اترحمي لأبوكِ .. لا تعذبيييه كذا "
أجبرت ام علي فاتن على الهدوء :" يابنتي ..اذا تحبي ابوكِ اترحمي له ..
وادعي ربي يكتب لنا لقاء معه بالجنة"
بكت فاتن وهي تهوي بيديها على صدر امها :" ليش حرمتوني منه بآخر لحظاته .. ليــه "
انهارت تصيح بتعب .. تحركت هدى الى غرفتها الجديدة وأخذت شريط تلاوة ..
ثم أتلفت شريط الاغاني .. وعادت الى حجرة اختها لتشغّل المسجل على صوتِ القرآن ..
خرجت لتقفل الباب ورائها وهي تتلوى ألماً لحالة أختها ..
ذهبت لتغسل وجهها من آثار الدموع .. فلا تريد أن يراها علي بهذة الحالة ..
طرقت بابه و سمعت رده .. دلفت بصمت وهي تلقي السلام
علي :" وعليكم السلام والرحمه .. هلا هدى "
ابتسمت له :" كيفك الحين اخوي ؟ "
هزّ رأسه :" الحمدلله .. خير سامع حسكم .. في شيء..؟؟ "
جلست على كنبةٍ في ركن غرفته :" لا .. بس فاتن ما تبي تأكل "
اشاح بنظره :" ما تبغى تشوفني .. ادري .. ومعها حق "
هدى :" آآه .. علي اصبر عليها كم يوم .. و بعدها بتجيك "
طأطأ :" ما يهم .. انا عاذرها .. وهي بعدها صغيرة ما تفهم "
بعبوس خفيف :" لا يا علي .. فاتن مو صغيرة .. مو كل مرة تغلط وتتمادى نقول عنها صغيرة وماتفهم
بالعكس فاتن كبرت و لازم تتحمل مسؤولية نفسها ..لازم تترك دلعها .. ونحن بنوقف معاها ..
ابوي وصاني عليها قبل لا .. "
اوقفتها الغصة عن الاكمال .. فتحمحمت وثبّت :" بقوم أحط لكم العشاء انت وولد عمي "
غطى على نفسه كلياً بالفراش :" انا مالي نفس .. وجاسر مو موجود "
همست :" ليش وينه ؟"
علي :" آآه عنده شغل مع عزيز .. هدى سكري معاكِ الباب ابغى انام تعبان "
سارت بخطوات متثاقلة للخارج ..
ولكنها تيبست مكانها وهي تسمعه :" هدى لا توجعي قلبك بـ جاسر كافي انا و جود "
استدرات مصعوقة ..: كيف .. كيف عرَف ؟؟
لم يحرك علي ساكناً .. بقي مدفوناً تحت الغطاء لكي يحجب عنها أي انطباع ارتسم عليه ..
فهمس وكأنه لم يلقي تلك الملاحظة السابقة :" تصبحين على خير "
اضطربت انفاسها .. وعادت بخطواتٍ متعثرة الى غرفتها ..
كانت طوال الوقت مكشوفة أمام علي ؟!!
أكان يعرف بخفايا دواخلها دون أن تعبّر عنها بحرفٍ واحد !!!
تناست أمر العشاء ..
فـ على كل حال لا احد يملك الشهية للطعام في ظل هذا الحزن المخيم على البيت
توضأت و قضت وقتها تصلي وتدعي ربها بالمغفرة والهداية لها ولعائلتها ..
متجاهلة ما قاله علي .. و نافضة الامر برمته عن بالها ..
فلا الوقت مناسب ولا الظروف .
~~~
~ الشركة ~
ضوءً واحد ما زال مشتعلاً بداخل ذلك المكتب ..
اشرف عبدالعزيز لداخله :" جاسر !! قوم رد البيت العمل لاحق "
ابتسم جاسر :" انت ما رحت !! "
دنا عبدالعزيز و شغر احدى المقاعد :" كنت رايح .. بس شفت النور قلت اطل عليك "
القى بالملفات على المكتب متعباً :" جيت والله جابك .. بغيتك في موضوع "
جلس عبدالعزيز منتبهاً :" خير ان شاء الله ؟ "
جاسر :" كل الخير .. انا مسافر بكره وبأخذ كم يوم عشان اجيب اختي "
استند على المقعد :" طيب .. انت لا تشغل بالك .. انا بتكفل بكل اشغال الشركة لوقت ما ترجع "
جاسر :" وانت لها .. واثق فيك يا عزيز "
وقف :" تسلم يالغالي .. وبكون عند حسن ظنكم ان شاء الله "
سأله جاسر بفضول :" عزيز ما تدري ايش تحوي الوصية ؟؟ "
عبدالعزيز :" والله يا جاسر علمي علمك .. عمي الله يرحمه غير الوصية واعطاني هي مختومة ..ما ادري ايش فيها "
هزّ رأسه :" طيب .. يالله اشوفك على خير ان شاء الله "
وقف ليسلما على بعضيهما .. وقال عبدالعزيز :" لا تطوّل .. بكره بآخذك المطار ان شاء الله "
جاسر :" لا تتعب نفسك ..طالع عالفجر .. انت بس خلك مع علي والأهل "
عبدالعزيز :" أفاا عليك هذيلا اهلي .. في وداعة الله "
ثم سابق خطواته الى الخارج ..
اتصل جاسر على المطار ليؤكد حجز ورقم رحلته .. وبعدها رتّب الاوراق والمكتب ..
وقد اشغله فحوى الوصية ..
تنهد و أقفل الانوار مغادراً الطابق و الشركة ..
وصل الى فلة عمه التي تكونت من طابقِ يتيم ولكن بإرتفاعٍ كبير حيث جُزئت من الداخل الى حجراتٍ ارضية
وحجراتِ في ارتفاعٍ اعلى بقليل ..
اتصل بـ علي الذي لم يجبه ..
فأضطر الى ان يستخدم مفتاحه الخاص .. و دخل الى باطنها ..
مشى بخطواتٍ خفيفة الى الجناح الايمن حيث كانت غرفته وغرفة علي تقبعان ..
تسّحب و دلف الى غرفته ..
لم تكن أغراضه قد مُست .. كما تركها منذ 3 سنوات بقيت على نفس الحال ..
حزّم امتعة تكفيه و آخذ دشاً سريعاً ..
بعدها خلد الى فراشه معيراً منبه الساعة لوقتٍ مبكر .. حتى يتسنى له الاستيقاظ
وتوديعهم .. ثم اللحاق بالرحلـة ..
قبل ان تغمض اجفانه دعا الله أن يعين جود و يقويها ..
فهو متخوف من انتكاسة تهوي بها الى بئرٍ من العلاجات المؤلمـة
تنهد و سلّم امره لله ..
~~~
ضغطت باصبعها على الجرس بشكل متواصل ..
حتى أخيراً فُتح الباب .. دلفت وهي تنظر الى الخادمة بإحتقار ..
:" هل انتِ صماء ؟؟ لما لم تفتحي الباب فوراً ؟؟"
اجابت الخادمة :" كنتُ أبدلَ ملابس قصيّ "
تأففت ولوّحت بيدها :" اذهبي حالاً و ايقظي السيدة غرام .. اسرعي هيا "
أختفت الخادمة في لمح البصر ..
جلست على احدى المقاعد الوثيرة في تلك الصالة الفارهة ..
وأمتدت يدها لتحمل إطاراً احتوى صورة غرام مع زوجها عادل في شهر عسلهما على ما تظن ..
اقرفتها الصورة فأعادتها بسرعة ..
:" بئساً لأجلك يا غرام .. كيف تتحملين هذا العجوز القبيح !! "
حولت نظراتها الى الفخامة والرفاهية التي اغرقت كل شِبرٍ من الفلة الهائلة ..
فضحكت ..:" لـ ماله نوعً من الجاذبية بالتأكيد "
ثم بإبتسامة خبيثة :" لن تتمتعي لوحدكِ بهذة الثروة يا رورو .. سأعرف كيف أستفيد انا ايضاً "
نزلت الخادمة وقدمت لها الشراب ...
مرّت دقائق أخرى ولم تنزل غرام .. فـ بتأفف صعدت هي للأعلى ..
طرقت باب حجرة النوم ودخلت دون انتظار الجواب ..
بالداخل وقف عادل يجهز نفسه لرحلة ما أو ما شابة .. كان يحاول لفّ ربطة عنقه ..
رآها فأبتسم بسعة :" وسن !! .. اهلاً .."
تظاهرت بالحرج :" آسفة .. كنت أظن غرام لوحدها "
أشار الى بابٍ خلفه :" هي تستحم وتجهز نفسها .. وانا طالع بس اربط الكرفتة .."
نظرت اليه بعينان تبرقان ثم تقدمت ناحيته .. لتقف في مواجهته ..
وسن :" اذا ما تمانع خليني اربط لك "
لم يمانع البتّة بل أخذ يتأملها وهي تلفّ الربطة ببراعة :" شكلك متعودة !! "
ضحكت بصوت رفيع وهي تنهي ربطها :" و الفضل لـ بابي "
ربتت صدره بأناملها الطويلة والمطلية بـ لونٍ حاد لا يناسب الا الحفلات ..
واستدارت لتعطيه ظهرها عالمة بأنوثتها الطاغية ..
التي من المؤكد تغري ضعاف القلوب من الرجال
حدثت نفسها :" بالطبع أستطيع ان اتسلى مع هذا العجوز .. ولما لا يصرّف عليّ ماله ..!!
غرام ليست بأجمل مني .. ههههاي "
خرجت حينئذٍ غرام من الحمام ( أكرمكن الله ) مرتدية معطف الاستحمام ..:" حبيبـ "
بترت كلامها عندما رأت وجود وسن في مخدعها ..
بعثرت انظارها بينهما .. بريبة و شك ..
وسن :" اووف ساعتين انتظرك .. ما صارت !! "
تحمحم عادل وهو يتلقف حقيبته :" انا رايح غرامي .. لا تشتاقي لي كثير "
ابتسمت غرام ابتسامة مصطنعة وودعته بحرارة أمام وسن .. وكأنها عالمة بما تضمر لها تلك الافعى
القى عليهما نظرة اخيرة وابتسامة مبطنة ثم غادر الغرفة ..
وسن بتملل :" يااع بصراحة اثرتي اشمئزازي "
تجاهلتها وسن و غابت خلف الخزانة لترتدي ملابسها :" ليه ما انتظرتيني تحت ؟"
تمشت وسن في الغرفة بحرية :" طفشت .."
واخذت تلعب بأغراض غرام فوق التسريحة .. :" انا جاية اقولك خبر سيء "
غرام :" what else ? " ( ماذا ايضاً ؟)
اتكأت وسن على المنضدة وقالت :" الحقي نفسك .. فارس راح يطير من يدك "
تصلبت غرام .. ومالبثت ان انهت ارتداء باقي ملابسها بسرعة .. لتظهر وتمسك بـ وسن
بقلـق :" what do you mean ? " ( ما الذي تعنينه بقولكِ ؟)
شخرت وسن وبحقد :" مرض ناوية تسرق مني جاسر .. و شينة بتأخذ فارس منك "
وزعت نظراتها على سمات وسن علّها تجدُ مزحة في الأمر :" لاااا .. فارس is mine" ( ملكي )
ضحكت وسن بإستهزاء :" هه .. رورو this morning I saw them & believe me F forget you"
( هذا الصباح رأيتهما معاَ , صدقيني فارس نسي أمركِ تماماَ )
ظهرت اعصاب صدغيها وبلعت ريقها متخيلة ان تكون هناك فتاة أخرى في حياة فارس ..
غرام بعنف :" مستحيل اسمح له يكون لغيري "
وسن :" ههههاي لكنه صار .. واذا ما تحركتِ ممكن كل فرصك معاه باااح "
جلست غرام لتنظر الى انعكاسها :" لالا سوسو بليـز I don’t want to lose him "
( لا أريد أن أخسره )
وقفت وسن بملل واشارت الى صورة عادل المعلقة بالحائط :" what about him ?"
( ماذا عنه ؟ )
تأففت غرام بحركة لا مبالية :" ما يهمني .. please tell me what I’ve to do ?"
( أرجوكِ أخبريني ما الذي علي فعله ؟؟ )
طُرق الباب حينها .. فأنتفضت غرام خوفاً من أن يكون عادل وقد انصتّ لحوارهما ..
دلفت الخادمة للداخل :" سيدتي .. قصيّ يريد أن يراكِ هل أجلبه "
تأففت غرام :" لا .. لست متفرغة له .. اشغليه بأي شيء "
استأذنت و اغلقت الباب .. نظرت غرام الى وسن ورأتها تبتسم بطريقة ماكرة ..
فسألت بتوجس :" ماذا ؟؟ "
وسن بخبث :" I have a great idea .. ورقة زواجك منه و ذكرياتك مع فارس بعدها عندك ؟"
( لديّ فكرة عظيمة )
غرام بثقة عمياء :" sure ما اتخلى عنها ابداً "
تنهدت وسن بإستمتاع وتكتفت :" حلووو ..بالوقت المناسب راح ننفذ اللي في بالي "
غرام بلهفة :" ايش الخطــة ؟؟؟ "
تخيلت صورة زينة أمامها :" بقولك .. أخيراً جا اليوم اللي احطمك فيه يا شينة "
ثم اطلقت ضحكتها العالية في ارجاء المكان .
~~~
~ عصراً ~
في احدى مواقف الابنية العريقة .. وقفا يتجادلان بقرب السيارة ..
وكل من يمّر يتطلع اليهما بفضول وحشرية ..
:" ترى أكسـر السيارة على رأسك "
تنهد فارس :" زينة .. الناس تطالع فينا .. اطلعي الشقة وهناك قولي اللي بتقوليه "
صاحت وهي تقف عنذ باب سيارته :" اقولك هات المفتاح ماني طالعة "
كان فارس قد خبأ المفتاح في جيب بنطاله الخلفي .. غير راغباً في ذهابها..
حاول فارس بهدوء :" زينة ارجوكِ .. أطلعي وين بتروحي وما عندك سكن حالي ؟"
تأففت زينة وهي تشعر بجسدها يرتجف :" مابغى .. بروح عند شفا "
فارس :" طيب أغراضك كلها هنا .. وفي غرف كثيرة في شـ .."
صرخت بوجهه :" ما ابغى اقعد عندك انت مخك مقفل ما تفهههههم !!!"
فاض الأمر بـ فارس :" زينة أطلعي ولا تجبريني اغصبك "
بالبداية صعقت للجدية البادية عليه ثم ضحكت بصوتٍ ضعيف
:" هههههـ تغصبني !! محسب نفسك جاكي شان على غفلة ؟؟ أصلاً اذا فيك حيل تشيل عمرك"
اظلمت ملامحه .. وهمس :" حالتي هذي جاتني عشانك .. لا تنسي "
بلعت ريقها و لكي تخفي الاضطراب الشديد الذي اصابها من تحوّل مزاجه
اخرجت غضبها :" محححححد طلب مساعدتك .. امففف هاااات المفتاح ولا بأرووح بتاكسي "
أمسك فارس نفسه عن الانفجار فأخرج هاتفه ليتصل بـ دلال ..التي كان خطها مشغولاً ..
اقفل الهاتف عندما لمح زينة تتركه وتخرج من المواقف فلحقها بخطوات غير متوازنة ..
ناداها :" زيــنة لا ترووحي "
لا تدري ما الذي اصابها لكنّ اسم رومي بدأ يحوم حول مخيلتها مثيراً غضبها منه ..
تجاهلته وعبرت السكة الى الجهة الاخرى لتتمكن من ايقاف سيارة اجرة ..
أسقط فارس عكازته وهو يركض .. فخافت أن تصدمه سيارة عابرة .. ولكنها تظاهرت بالقسوة ..
لحق بها وهي تلوح للسيارات بالتوقّف ..:" زينة ليش تتصرفي كذا ؟؟ "
بجمود محاولة اخفاء استيائها :" مو عاجبتك اصقع راسك في السكة "
في قرارة نفسه :" ليتكِ لا تعجبيني .. ليتني اجدُ فيكِ ما ينفرني منك "
و بجهورية :" لا تتصرفي مثل الاطفال يا زينة "
أخيراً توقفت سيارة اجرة بالقرب من الرصيف .. فصاحت :" شكل الست رومي مررة رزينة "
رغماً عنها افلتت تلك الكلمات وقد بانت غيرتها .. فتحت الباب لعدم احتمالها على الصمود جامدة ..
فشعر فارس بالنواقيس تطّرق في رأسه ..
وصوتُ مُلح يقول له ..: أخبرها أخبرها .. لا تقف صامتاً هكذا ..
رغبته في توضيح الامر لها حركتـه ..
أمسك بذراعها قبل ان تدخل :" زينة .. رومي ما تعني لي أي شيء صدقيني "
صاحت وهي تنزع ذراعها :" لا تلمسنــــي "
دفعته عنها بخفة ثم دلفت لتقفل باب السيارة .. وتتمتم للسائق بأن ينطلق ..
اختفت السيارة وغبارها يختلط مع صدى ندائه ..
وقف وقد اعياه الركض .. و همس بألم ..:" زينة "
تنهـد بأسى وقلبه يعتصر .. لماذا لم تعطيني فرصة أشرح لها ؟؟
عاد أدراجه ونفسه تقول له ..
:" ولماذا تريد ان تبين لها تفكيرها الخاطيء ؟؟
لماذا تهتم بأنه لا وجود شخصاً ما في حياتك .؟؟
أنت لا تريدها .. و صمتك أفضل .. بغضها لكَ سيبعدها عن طريقك ..
هذا ما تريده بالطبـــع "
أغمض عينيه و هو يدلف الى البناية ليستقل المصعد ..
اتكأ على جداره :" لا لا انت لا تريدها أن تظن بكَ السوء ...
آآآه يا زينة .. لماذا اقتحمتِ حياتي ؟؟
لماذا تغلغلت الى قلبي ..؟
أتمنى فقــط أن تبعدي عني "
افاقه من شروده انفتاح باب المصعد .. فأزاح افكاره جانباً و خرج ..
دلـف الى شقته .. و بادرته فوراً ضربة على بطنه بالكرة ..
بسام بحرج :" اوووه خالووو ما شفتك متعسف متعسف "
تجاهل ذلك و دخل الى الصالة ليجلس على الاريكة وهو يمسد جفناه بتعب :" ايش متعسف ذي ؟"
جلس بسام خلف رأسه ليمسد له :" انا اكبّسك .. متعسف يعني متأسف بس بلغة الحواري خخخ "
فارس بضيق :" ايش الفايدة من هالقلب في الكلام .. صدق متفرغين "
بسام :" بالعكس خالوو فنتكة هرج .. عشان ماحد يفهمنا "
ضحك فارس بلا نفس ثم سأل :" فين أمك و توتو ؟؟ "
بسام :" توتو اتغدت وانخمدت .. وامي .."
عندها ظهرت دلال من ممر الصالة لتراهم :" فارس انت جيت ! "
ابتسم بسام بشقاوة :" هاه ذكرنا القطّ جا ينطّ "
دلال بإستنكار :" يا دب تقول على امك قط .. لا اقطط جغودك هذي ههههـ "
جلست بجانبهم :" ايش بك فارس ؟؟ مصدع ؟"
اومأ ومازال مغمضاً عينيه :" شوي تعبت اليوم .. ايش به جوالك مشغول ؟؟"
دلال :" آآه .. توني كنت اكلم زيد .. سألني عن بيتك بالضبط "
سأل بسام بحماس :" ابوووي جااااي ؟؟"
ابتسمت دلال :" اي جاي بعد 10 أيام ان شاء الله "
فارس بتعجب :" ايش به طيب يسأل .. كان انتظر ليوم يجي عشان لا ينسى او يخربط "
تنهدت دلال :" ما ادري عنه .. الا فين زينة ؟؟"
آلمه صدغه أكثر عندما انذكر اسمها ... فشهق بخفة ووقف ..
تمتم :" راحت عند شفا .. انا بروح اريّح شوي "
استغربت دلال من حالته :" احط لك الغدا ؟؟؟؟ "
غاب في الممر :" لا مالي نفس " ثم سمعا صوت انغلاق بابه ..
نظرت الى ولدها :" ايش به خالك ؟؟ "
رفع بسام يده ليمسك ذقنه ويفكر :" يمكن عوجان "
دلال بإستغراب :" ايش ذي عوجان "
بسام بهزء :" يعني وجعان كخخ "
ضربته دلال ( قرموعة ) على رأسه :" ومصع لا تستهبل "
مسح على رأسه :" آآح امي انا ما افتكـ من عمتوو تجيني انتي "
ضحكت و اعادت له الضربة ..
~ يتبع ~
|