كاتب الموضوع :
ضياع نبضة
المنتدى :
الارشيف
v~√”^√V’~-√V~'^~----- ~ النبضـة الخـامسـة عشـر ~----~ v~~√”^√V’~-√V
ومضة :
" العطاء ينمو وينتكس كـ كل شيء .. و لكنه في النهاية يظل عطـاء "
~ الجـ 1 ـزء ~
جلست القرفصاء أمام المدفأة تتأمل سُحباً غير مرئية , وتحلق في أعالي الخيال ..
عكفت وهي تحتضن القلم في سجنٍ صنعته أناملها .. حائرة كيف تبتكُر أول حرفٍ يقود نسيج الكلام
دوماً ما تُنهكُها البداية .. تنتظر مطولاً لتستلهم فكرتها ثم ان أتت .. تبدأ بعجنها و فردها ..
لتلدّ في النهاية كعكتها الخاصة من مقادير حبرية .. ووصفة حرفية ..
أفلتت ضحكتها الرقيقة .. يضحكُها تفكيرها هذا ..!!
:" يا باااسط .. ضحكينا معاكِ ... اتفضلي"
رفعت أبصارها لترى يد شفا ممتدة اليها تحمل كوباً من الشوكلا الساخنة ..
تلقفتها باسمة :" زاد فضلك .. مافي شيء بس ابي اكتب و مخي مقفل .. أول كلمة مو قادرة تجيني "
جلست شفا على غرارها .. فوق بساط الفرو الناعم و بمواجهة المدفأة المطفأة ..
شفا :" اهاا .. ليش صعبة يعني ؟"
اومأت :" اصعب شيء الكلمة الأولى والأخيرة "
وافقتها شفا :" صح .. كنت دايم اشوف ماما تعاني مع بداية الفكرة ونهايتها .."
ارتكزت جود بظهرها على الاريكة خلفها :" عندك كتاباتها ؟؟ "
اجالت بصرها على السقف :" اي .. كان نفسي اقدر اكتب مثلها .. بس ما اعرف "
جود :" حاولي .." ارتشفت جرعة حارة ولسعت لسانها :" آآح .. سوري اتلسعت .. "
ضحكت شفا :" هههههـ سمي بالله و اصبري تبرد شوي "
لعقت لسانها على سقف فمها لتقلل من الحرقة عليها :" يالله اخذت أجر الحمدلله .."
ابتسمت شفا :" الحمدلله .. سبحان الله مغرقنا نِعم .. و للأسف بعدنا نعصيه "
أطرقت جود رأسها :" الله يغفر ذنوبنا .. " اغلقت دفترها ووضعته جانباً و اردفت :" شفا يالله نلعب ؟"
ببسمة ودودة :" يالله .. بس ايش نلعب ؟"
جود بحماسة :" لعبة الـ صراحــــة .. نسأل بعض اسألة و كل وحدة تجاوب بصراحة "
شفا بحاجب مرفوع :" هاللعبة فيها مخاطر .. بس شكلها مثيرة .. أوكي .. يالله الضوء الأخضر عندك "
أخذت تنقر بسبابتها على شفتيها مفكرة :" امممم بصراحة ايش الامنية اللي تتمني تتحقق لك ؟"
ابتسمت شفا:" ادخل الجنة "
جود :" هذي امنيتنا كلنا شفااا .. ابغى امنتيك الخاصة .. الدنيوية "
مالت برأسها جانباً:" طبعاً ما عليها كلام .. اتطمن على اخواني "
تكتفت وبغرابة :" يعني ما تتمني تشفي وتلاقي لك قلب جديد ؟؟ "
لوحت بإصبعها و بمرح :" خلّص دورك .. سؤال واحد لكل دور بلا غشش .. يالله دوري "
ضحكت جود ومدّت قدميها على طول البساط لتأخذ راحتها أكثر .:"اوكي .. احم القي سؤالك "
وزعت شفا نظرتها على جود وسألت :" بصراحة تحفظي الأسرار ؟"
جود :" جداااا .. انا حافظة أسرار من الدرجة الأولى .."
شفا :" خمسة نجوم على قولة زينة هههههـ الله يحفظها هي والجميع "
برقت فكرة برأس جود ثم حملقت بشفا :" آميــن .. دوري .. اممم عمرك .. حبيتي ؟؟"
شفا ببساطة :" شيء طبيعي .. اكيد "
حينئذٍ ظهرت الدهشة على سمات جود :" جدددد ... حبيتي !!! .. "
فدنت منها أكثر تجلس على ركبتيها ضامة يديها وقد أطلّت نظرة خيبة من عينها :" شفا ..مين ؟"
رفعت اصابعها واخذت تعدد بها :" ربي ورسولي ..ماما وبابا الله يرحمهم . اخوانـي وزيـو.."
قاطعتها جود :" هيييي شفاااا .. أنا ما اقصد كذا .. اقصد تحبي .. تحبي شخص معين ؟"
شربت شفا رشفة أخرى :" الحمدلله ... قلت لك اللي احبهم تبغيني اكمل ؟ "
تنهدت جود وهي تمسك رأسها بيأس .. يجب أن تكون صريحة :" شفا أقصد عمرك حبيتي رجال ؟"
زمّت شفا شفتيها :" الحين ابي اعرف شيء .. ليش لما يتبادر في ذهن الناس موضوع الحب ..
يجي في فكرهم على طوول هالنوع من الحب ؟؟ .. يعني معقولة شعور الحب ما يندرج تحته الا هالمفهوم؟!!"
عادت جود تتكأ على ظهر الأريكة :" ايش قصدك ما فهمتك شفا ؟"
سحبت شفا احدى الوسائد لتضمها اليها وقد ثارت حفيظتها ورغبتها في النقاش ..
فأردفت :" الحب مشاعر ما تقتصر على الحب بين الزوج والزوجة فقط .. ابداً .. دوم لما نسمع كلمة حب ..
نتخيل شخصين هايمين في الهوى و بقية الناس اختفوا من حولهم ..!! طيب ليش الغينا باقي العلاقات ..
وين المفهوم المتسع .. عندك احلى حب وانقى حب واقواهم بعد .. الحب في لله و لله .."
جاشت مشاعرها وهي تعبّر عن آرائها :" حب الله وحده يغني الانسان عن كل حب في الدنيا ..
يعني .. تصوري الله يحبك ..!! .. الله اللي خلقنا وعصيناه .. رزقنا و جحدناه .. وغفرلنا وماشكرناه
الله .. يحبنا رغم كل تقصيرنا !! .."
لوحت يديها بعجز :" حبه لنا شيء فوق الكافي .. انا بس اتمنى اتمنـــى اوصل لحب الله ..
بعدها ما يهمني اي حب في الدنيا .. حب الله كفيل بحب الناس ليا ..فـ ليش اشغل نفسي بحب غيره
و حبه هو البوابة اللي تكسبني حب الغير "
كانت جود تتأمل شفا ... ترى ان كل كلمة نطقتها بإنفعال كان سيالً حسي يمّدها نشوة للتعبير ..
جود ببسمة :" الله .. كلامك مررة صح !! "
شعرت شفا بالاندفاع يغلي احاسيسها فأكملت :" احياناً اقول لنفسي .. نحن ليش نعصيه ..
رغم اننا عارفين نواهيه و عارفين احكام أمورنا الحياتية ..
بس بعناد شيطاني نتمرد على ضمائرنا و نتمادى في عصياننا وعادي نكمل نعيش نضحك ولا كأننا جحدنا
هاللي معطينا كل هالنعم ..اذا هذا ونحن نحبه ..!!! "
اغرورقت دموع شفا دون تحكم ..:" انا .. خجلانة من نفسي مرة قدام الله .. احس اني منافقة "
و تناثرت دمعتان بشرود على خديها .. تظهران ضعفاً و شعور بالخجل والبؤس ..
جود بإستنكار :" لاااا .. ليش تحسي بنفسك كذا .. شفا لا ابدا لالا .. انتي منافقة !! لا مااتخيل "
تسألت شفا بيأس :" طيب ليش .. ليش دايم احط لنفسي اعذرا تبرر تهاوني عن بعض العبادات اللي صعب اطبقها في محيطي ؟؟
ليش آآه .. ليش دايم اقول انه صعب اتحجب حجاب شرعي لأن هالمجتمع يرفض ..
او او ليش اقول جهد علينا نهاجر لبلد مسلم وفي أرض طاهرة ؟؟ .. رغم انه في صعوبات ما انكرها
لكن .. كلها اعذار .. موجودة ولكني اتعذر بيها ..!!! .. هه غريب أمرنا في هالزمن .."
جود بتفسير :" بس انتي معذورة جد .. بالعكس انا فخورة فيكِ ..
طالعي لنفسك انتي طول عمرك عايشة بره
نصف طفولتك ومراهقتك كلها هنا وبعد من غير والدين ومسؤولة عن طفلين .. ومع ذلك ..
أنتي احسن من كثير في ظرفك .. متمسكة بحجابك و بدينك .. لو وحدة غيرك كان عاشت مثل هالغرب ..
عايشين لدنياهم الفانية وبس .. لا تقللي من نفسك يا شفا "
هزت رأسها :" انا ما اقلل .. لكن دين الاسلام دين صالح بكل زمان ومكان ..
لكني وكثير منا نأخذ اللي يتماشى مع ستايل حياتنا منه .. و نتحايل في الامور الثانية!!! ..
الغلط يا جود مو في المكان والزمان .. الغلط فينا نحن البشر"
فكرت جود قليلاً :" صح .. نحن المسلمين شوهنا صورة الاسلام (لا أُعمم بالكُلية)"
شفا :" نفسي اعيش في عندكم واشوف كيف يومكم .. وكيف عباداتكم ..تعاملاتكم .. ياااه نفسي "
ضحكت جود بهزء :" لا تعلقي آمال شفا .. الطالح صار يناطح الصالح .. فين ما رحتي بتشوفي العجب "
شفا بعدم تصديق :" حتى عندكم ؟!! في أطهر بقعة في الأرض ممكن يكون في .."
قاطعتها جود :" اووه .. في كل مكان في الطيب والبطّال .. الله يهدي الجميع بس "
تنهدت شفا وهي تتخيل امر هذا الزمن :" آآه اللي يعيش ياما يشوف .. من جد هالزمان القابض على دينه كالقابض على الجمر ..
الله يعين ويثبت قلوبنا على الدين "
رمقتها جود بنظرة عميقة :" آمين .. تدري شفاا تذكريني ببنت عمي هدى "
ظهر التساؤل على سمات شفا ..
ابتسمت واسهبت في الشرح :" هدى بنت عمي حسن أصغر من علي بسنة .. طريقة تفكيرها مشابهة لتفكيرك
فاتن دلوعة البيت تسميها المعقّدة .. لكن دايم تبهرني بمنطقها مثلك الحين تمام .."
تشوقت شفا و فرحت لوجود من يماثلها في فكرها :" صدق ؟؟ الله نفسي اقابلها "
حملت جود كوبها وثبّت لكي تعيدها الى المطبخ :" ان شاء الله "
تبعتها شفا .. ووضعت الاكواب على المجلى و جود تتكأ على منضدة الطعام تكمل حديثها ..
جود :" هدى .. مررة عقلها كبير و عاقلة ..هادية جداً و طيوبة .. عكسها تماماً فاتن اللي تقريباً بعمري
سبحان الله انهم اختين !! .. اشتقت لهم مرررة "
همست بذلك وهي تريّح رأسها على الطاولة .. متذكرة ذلك البيت الذي ترعرعت فيه ..
متذكرة حنان عمها .. و هدوء زوجته .. طيبة هدى .. ولؤم فاتن .. متذكرة حب علي ..
شفا :" هيييي اللي ماخذ عقلك ..."
انتبهت على نفسها :" هاه قلتي شيء ؟؟"
ضحكت شفا وكانت قد انهت عملها واخذت تجفف يديها :" قلت العافية .. تفكري في مين ؟"
ابتسمت ببطء :" بس في عمي واهله "
توقفت يدا شفا عن التمسيح و ابتلعت ريقها .. يجب ان تتجنب اي موضوع عن عائلة عمها ..
لأن الاضطراب سيبدو جلياً على وجهها .. وعندها سـ تشعر جود بوجود خطبٍ ما ..
أشارت لها لتخرجان من المطبخ واغلقت مفتاح النور :" يالله نكمل اللعبة دوري "
جود :" هههههههـ قيدنا خربناها .. قلبناها نقاش "
ابعدت غُرتها عن عينها :" على قولتك .. طيب يالله نطلع فوق الساعة صارت 9 لازم انام بدري بكره الدببه راجعين "
رقّتا السلالم .. وقالت جود :" شفا ..أقدر أقول عنك أي شيء .. لكنك أكيد مؤكد مانتي من المنافقين "
هزت رأسها :" آآه يارب لا تجعلنا من المنافقين ..او عبادك الغافلين .. آمين"
اضافت جود وهما تدلفان الى الغرفة :" و كمان من حب الناس لكي أكيد ربي يحبك "
شفا بنظرة متأملة :" ما تدري .. كيف تكوني متأكدة ..لكن يارب"
جلست على حافة سريرها :" تتذكري أول يوم ايش قلتي لي ؟؟ ربنا اذا حبّ عبده ابتلاه ..
وشوفي كيف ربي ابتلاكِ في صحتك واغترابك و مسؤولياتك ..
كلها امتحانات و الحمدلله انتي متماسكة .. و أملك بالله ماقد انطفا..
بالعكس احييتي امل في قلبي بعد .. هذا كله اكيد دليل على حب الله لكِ "
سحبت لها بجامةً من الخزانة وهي تتنهد :" ان شاء الله "
أستلقت جود على ظهرها :" اتمنى ما نتفارق ابداً يا شفا ونعيش باقي العمر في بيت واحد "
ضحكت شفا قبل ان تذهب لتفريش أسنانها :" ياليت والله "
في قرارة نفسها :" بس لو تتزوجي انتي وجاسر .. بيتحقق هالشيء "
فكرت ماذا يفعل أخيها الآن .. كم اشتاقت له .. لكن يالحظه السعيد انه بينهم ..
يستطيع ان يرى علي .. يحدثه .. آآآه كم تتمنى لو تكون مع جاسر هناك .. كم اشتاقت اليهم !!
اشتاقت لعمها الحنون وعمتها الطيبة .. هدى ونصائحها .. حتى فاتن مع تعاملها الفظّ اشتاقت اليها ..
وفوقهم جميعاً .. تتوق للقاءه .. توق الأرض الجدباء الى المطر ..
ظهرت شفا من خلف الباب :" يالله جود ..ادخلي .. انا بأتصل شوي بـ زينة اوكي "
وقفت جود لـ تدلف الى الحمام ( أكرمكنّ الله ) ..
أما شفا اتصلت بـ هاتف زينة و هي ترتدي شرشف صلاتها لتصلي ركعتان قبل النوم ..
لم يجبها أحد على الطرف الآخر .. فأستغربت .. لا يمكن ان تكون زينة نائمة في هذة الساعة !!
لـ ربما قد تركت هاتفها بعيداً عن متناولها ومرامي سمعها ..
أعادت الكرّة .. آملة بأيجاد جواب ولكن لم يأتها .. قررت أن تصلي بعدها ستجري مخابرة أخرى ..
ولكنها تذكرت حوزتها على رقم دلال .. فأتصلت بها فوراً ..
ردت دلال من أول رنة وبلهفة :" هاه فارس لقيتها ؟؟ "
شفا بتعجب :" أنا شفا يا دلال .. السلام عليكم ورحمه الله وبركاته "
اضطربت دلال وجاهدت لتخفي اضطرابها :" وعليكم السلام .. كيفك شفا ؟"
شفا :" الحمدلله بخير .. انتوا كيفكم ؟؟ وكيف البزورة لا يكونوا متعبينكم "
دلال :" لا ولو .. بخير الحمدلله "
ابتسمت شفا :" الحمدلله .. الا فينها زيون الدبه هذي اتصل بيها ما ترد "
دلال بتوتر :" زيـ زينة .. آآه مم مادري عنها .. اا تاركة جوالها بالغرفة "
انمحت ابتسامة شفا :" طيب ممكن دلوول تعطيني هيا شوية بكلمها "
صمتت دلال قليلاً ثم بصوتٍ مخنوق :" هيا .. تستحم الحين .. تبغيني اقولها شيء ؟؟"
شعرت شفا بـ شيءً ما في صوت دلال :" طيب .. في تامر ولا تالا ؟"
دلال :" لحظة بس ..."
ثم نادت تامر وغطت سماعة الهاتف لتقول له :" تموري حبيبي لا تبين لـ شفا ان في شيء خلك طبيعي "
طأطأ تامر و اخذ الهاتف ليقول بصوتٍ مرح :" اهلا شفا .. كيفك ؟"
بحنان :" هلا تموووري وحشتني حبيبي .. انا الحمدلله بخير انت وتالا كيفكم ؟؟"
تامر :" تمام .. عاقلين ما نتعبهم معانا "
خرجت حينها جود .. ونظرت اليها تشير بيدها .. هل هم الصغار ؟؟
اومأت شفا ايجاباً :" شطوور حبيبي .. كيف ناقصكم شيء ؟"
تامر :" لا شفا .. بس مشتاقين لك "
شفا :" ياقلبي عليكم .. تموري فين توتو .؟؟"
تامر :" تالا هناك جالسة مع تولين ..يلعبوا "
اشارت شفا لـ جود لتصلي لان الآخرى اخذت تنتظرها ..:" أها .. طيب سلم لي عليها .. وتموري "
تامر :" نعم ..؟"
شفا :" لما تطلع زيون .. قولها تتصل بيا .. ياليوم يا بكره قبل لا توصلوا هنا .. اوكي حبيبي ؟"
تامر :" اوكي شفا .. احبك .. مع السلامة "
شفا :" وانا بعد .. سلم عليهم ولا تنسي .. مع السلامة "
اغلقت هاتفها .. وهي تحملق فيه بنفسٍ قلقة .. تعوذت بالله من الشيطان ثم صلّت ..
بعد ربع ساعة ..
استلقت والقلق متلبسها .. فسألتها جود :" شفا ايش بك ؟؟ وجهك متغير "
شفا بصوت منخفض :" ما ادري جود .. متضايقة "
جود :" ليش .. لا يكون قلبك ؟؟ "
شفا :" لا لا .. مع ان نبضاته مضطربة .. بس هذا لما اتضايق كذا .. "
تنهدت جود :" لا تحطي في بالك .. و زي ما تقولي لي اذكري الله واتوكلي عليه "
همست :" ونعم بالله .. يالله تصبحي على خير "
جود :" وانتي من اهل الخير "
مرّ الوقت كسلحفاةٍ بطيئة غمرها الكسل ... غطّت جود في النوم بينما شفا مازالت مستيقظة ..
تشعر بالقلق .. لا تدري لماذا .. لكن هناك ما أصاب احداً ما بـ مكروه ..
مسحت وجهها وهي تهمس في الظلام :" يارب لطفك "
ثم اغمضت عينيها آملة بيوم جديد و مشرق بالأفراح .
~ في الجزيرة ~
أقفل تامر الهاتف و سلّمه لـ دلال :" هاه تمور ايش قلت لها ؟"
تامر :" ما قلتها شيء خالة دلال لا تخافي "
ربتت على كتفه بإستحسان :" تمام حبيبي .. شفا لازم ما تعرف عن اي شيء صار "
تامر :" of course "
سأل بسام وهو يروح ويجيء بالصالة :" امي .. اتصلي بخالي شوفيه ايش سوى ؟"
دلال بتأفف :" قبل 5 دقايق دقيت .. لا نخايل خالك .. هو يدق علينا "
قالت تولين بخوف :" ماما انا حايفة "
ذهبت لتضمها اليها :" ياحبيبة ماما لا تخافي ان شاء الله خالو وعمتو بيرجعوا "
نظرت تالا الى تامر ودمعة انحكرت في عينها :" تامر .. زينة بيصير فيها شيء ؟"
تامر :" ما ادري تلوو .. بسام ليش قاعدين ما نروح ندور "
بسام :" بلا زناوة .. ظلام بره و خالو قالنا نستنى "
تامر بضيق :" يووه الى متى ؟؟ من زمان ونحن نستنى "
دلال بصوتٍ قلق :" لا تخافوا يا أولاد .. ان شاء الله راجعين "
اقترح بسام :" طيب امي ليش ما نبلّغ حفر السواحل "
دلال :" انت خبل !! .. نحن في جزيرة مو بوسط البحر "
جلس بسام بقلة حيلة :" هذا كلوو من خالي فارس .. الله يسامحه "
تولين :" انا زعنانة .. مابتلموا "
دلال تمسح وجنتها :" لا حبيبي .. خالو ما كان قاصد .."
تالا :" خالة دلال .. زينة بترجع ؟؟"
طأطأت دلال :" ايوه حبيبتي بترجع بإذن الله "
تامر :" طيب يا خالة ليش ما نروح سوا ندور عليهم ؟؟"
شخر بسام :" سوا ولا موبايلي خخخ "
صرخت دلال والتوتر قد تفاقم داخلها :" هذا وقت مزززحك انت كمان !!!"
فزع بسام من صراخ والدته فأبتلع لسانه و صمِت .
نظرت دلال الى السماء من خلال النافذة المفتوحة .. تتسائل في قرارة نفسها
:" زينة .. فارس .. وينكم ؟؟ "
~~~~
مرّت ساعة آخرى وهي تتوغل في الغابة تائهة والخوف بدأ يأخذ منها مأخذاً ..
لم تكن تحمل معها هاتفها ما زاد الوضع سوءً ..
آلت الشمس الى المغيب منذ فترة والظلام بدأ يطوقها كـ طوق الألم حول اغشية قلبها ..
ترامت أشجار الأثل و القيقب حولها
وعُلّوها الشاهق يضفي على الأجواء ليلاً لمسة الرعب .. وكأن هذة الاشجار تهدد بألتهامها ..
سارت بخطوات متهادية تضم نفسها و نظراتها الزائغة تمسحان المكان ..
أصوات فحيح الاوراق .. وتصادم الفروع بعضها ببعض .. و تساقط شذرات مياة شلالٍ قريب
كلها أختلطت ببعضها كـ سمفونية شاعرية لـ ليلة ظلماء تواكب اعتمال أحزانها ..
همست :" ليش يصير كل هذا فيني ؟؟ "
في خضم آلآمها الضانية لم تشعر بنفسها وهي تتغلل بداخل غابة تبعد عن الكوخ مسافة طويلة ..
لم تكن تفكر بوجهتها ..
كل ما كان يجول خاطرها هو تضاربٍ فكريّ و فوران مشاعر لحظية .. سببها الأول والأخير .. " فارس"
اغمضت عينيها التي جفتّ الدموع فيها .. لماذا يهمها أصلاً ..؟
لا يجب أن تُعذب نفسها لأجله .. فهو لم ولن ولا يكترث بأمرها حتى ..
لقد تعبت منه .. و أنهكها كل ما يتعلق به ..
تحملت الكثير منه .. تعامُله لها وكأنها طفلة .. و تجاهله البغيض لنفسها ..
باقات زهور من : رومي : و الآن .. اهانتها أمام الأطفال ..!!!
كم كانت كلماته لئيمة .. كالسمُّ على مسامعها .. و كالخناجر تطعنُ أحشائها ..
أخذت صدى الكلمات تتردد بعقلها ..
وكان أكثر ما أثّر فيها عندما رمى بوجهها هذة القنابل :" ماشية على حلّ شعرك وهواك .."
و كأنه داس على جرحها القديم ..
نفس الكلمات تلقتها من والدتها قبل سنوات ..
تطابُق رأي ... و فتحَ جروحٍ دفنتها بعنف خلف ستار الماضي ..
وجدت أن انفجار خطيئاتها أعلن انكشافه مذ وطأت قدما فارس حياتها ..
ترددت الكلمات مرة أخرى تأبى الصمت ..
ونظراته هي ما تحرقُ ذرات كيانها .. نظراته التي تشبعت ريبة وشكّ
اختلطت بالغضب و اليأس .. أشعرتها بأنها اقترفت جُرماً فظيعاً ..
نظرات تمقُتها ..
هزت رأسها بعنف وهي تصرخ :" انا مااااا سويت شييييء .. ليييش تعاملنييي كذا "
ركضت تغطي عينيها .. و الحرقة تسري كالدم في عروقها ..
لم تكن ترى .. و لم تعّي اللوحة التي مرت بجانبها .. لوحة كُتب عليها ..
:[ انتباااه خطر الانزلاق منحدر صخري ]:
علت أصوات مياة الشلال على مسامعها ولم تهتم .. تريد فقط الابتعاد ..
خفّت خطواتها عندما هاجمتها شجيراتٌ قصيرة تتمسك فروعها بملابسها ..
كأنها تمنعها من المضّي قُدماً في طريقها ..
صاحت زينة وهي تتقدم بيدان تبعدان الأشجار بعنف :" بعدووووا عنييي "
ماضيها .. طلاق والديها .. موت أبيها .. اغترابها .. الوحدة التي عانتها .. عذاب حبها لـ فارس ..
كلها آلالام أفاقت في آن واحد لتذيقها المرارة والصدمة ..
لحظة ... لحظـــة .. أقالت ..:..
حـ حبـ حبها لـ فارس ..!!!!!
تجمدت عروقها مصعوقة من هذا الاكتشاف الذي باحت به اختلاجاتها النفسية
همست برفض مدهوش :" احبه !!! لا لا لالالالا لااا "
وابعدت فروع الشجيرات بقوة غير آبهة ليديها وهيّ تتجرحان ..
ثم في لمحة بصر .. في جزء من الثانية .. ارتفعت صرختها وهي تهوي على منحدر صخري
ونهاية الشلال يصُب في البحيرة السفلى ..
صرخة مدوية افلتتها شفتيها .. فأنطلقت الطيور من اعشاشها مذعورة ..
و حملت الرياح بقايا صرختها ..
التي ما لبثت أن تلاشت في باطن صمتٍ مخيف .
~~~~
فتح عينيه ببطء .. وشعر بالألم يهاجم صدره بضراوة ..
أحس أن النيران تشتعل في جوفه .. ومع كل شهيق تُضرمُ النارُ بشدة ..
كبح آهاته .. محاولاً أخذ انفاسه بروّية ..
ثم نفثها بنفس الهدوء ..
راودته حينئذ ذكريات الحادث بكل تفاصيله ..
===
:" أفففف ياخي حرّك قدامك الطريق مفتوووح "
وأخذ يضغط بشكل متواصل على مزمار السيارة .. صوتها يصدح مع باقي السيارات
ليثيروا حنق و عصبية الجميع ..
ابو علي :" ياولدي ايش فيك مستعجل كذا .. اصبر مافي شيء طاير "
علي بحنق :" ابوي طالع ذا مسكر الخط في وجهنا .. والسيارات وراي تزمرّ .. ضغطي أرتفع "
ابو علي :" اصبر طيب .. يمكن طفى عليه المحرك "
هز علي رأسه بضيق :" لا حول ولا قوة الا بالله .. انتظره و آمري لله "
كان الخط ضيقاً حيث أخذت التصليحات والحفريات معظم مساحته .. لذلك ضاق الطريق
واقتصر مسار السير على جهة واحدة وصفِّ واحد ..
على مقدمة الطريق وقفت سيارة سوداء تمنع بقية السيارات من العبور بسهولة ..
بعدها تماماً كان يقف علي .. ومن خلفه بضع سيارات صدحت اصوات سائقيها بغضب ..
فاض الأمر بـ علي .. فخرج من السيارة ليرى ما أمر ذلك الرجل لا يتزحزح قيد أنمله ..
وقف عند نافذة السائق المظللة وطرقها ..
فُتحت النافذة و ظهر ولدٌ صغير ..لم يتجاوز السادسة من عمره ..
أستغرب علي وسأله :" وين اللي يسوق .؟"
تحدث الولد :" ابوي طلع يشتري شي من ذيك المحطة .. الحين جاي "
ضرب علي قبضته على سقف السيارة :" من متى ونحن واقفين بالله .. ابوك هذا متى راح "
الولد بنظرة زائغة لعصبية علي :" ما ادري .. الحين يجي "
تأفف علي وعاد ليركب سيارته ..وهو يتحرطم :" ايش هذي الناس مخها مقفل "
ابوعلي :" خير ياعلي ايش فيه ؟"
علي بعصبية :" هالزففت صاحب السيارة موقفها و تارك ولده فيها .. على باله شارع ابوه "
ابوعلي :" الله يهديك ياولدي .. اصبر "
اخذ علي يشير لمن خلفه بالتراجع قليلاً :" انقهر من هالنوع من الناس المستهترة .. طرق خلق الله ويستحلوها
بس والله لو ما وراي شغل كنت روايته شغله .. هذا بعد ما يرجع ريوس .. "
ابوعلي بوقار :" ياعلي الله يهديك .. ايش بتكسب من هالصراخ .. "
تمكن علي من ان يحول مقود السيارة و يخرج من الحيز الذي ربضت فيه سيارته ..
ثم ألتفًّ يميناً حول السيارة السوداء :" يا ابوي هالناس تتمادى وتكثر .. بسببها تصير حوادث ومهاوشات "
نظر ابو علي الى الاشارة التي اخضّرت :" انتبه يا ولدي من اللفة هذي ما تظهر للمارين "
علي وهو ينطلق عندما تمكّن من الخروج :" ماعليك يا ابوي.. هذا خط واحد رايح ماحد يقدر يـجي منه علـ "
لم يكمل علي كلامه وهو يرى شاحنة مسرعة تقتحم سيارته من جهة والده ..
أنقلبت السيارة مراتٍ عديدة حول نفسها .. و صوت احتكاكها بالإسفلت يطّنُ على مسامع كل من كان بذاك الشارع ..
تحولت السيارة الى علبة معدن منكمشة .. ومن يراها يعرف أن لا احد بداخلها سـ ينجو
عاش علي كل لحظة من ذلك الحادث .. وأحس بحواد الحديد تغرس نصلها في صدره ..
رأي بأُم عينه الدنيا تدور من واجهة زجاج السيارة ..
ثم بعد كُل تلك الضجة .. عمّ السكون ..
كانا يتدلان و رأسيهما تلامس السقف والدمَ يقطر من الاعماق ..
صبّ نظراته حينها على والده .. نظرة أخيرة مدركة ..
نظرة مودّعة ألقاها على الوجه السموح المغطا بالدم
همس علي ويده ترتفع مرتعشة الى ناحية ابيه .. :" ابوي "
ثم تشوشت الرؤيا لديه و هوت يده بجانب رأسه بإستسلام ..
====
انبثقت التجربة بذات الألم في دهاليز نفسه .. وأخذت تُدميه بضربات سيوفٍ خفية ..
تُرجِفُ جسده .. و تجردها من كل احساسٍ بالأمان ..
حتى اغرورقت عيناه بدموع الحرمان ..
صاح بـ بؤس :" ابووي .. انا السبب !! "
أفاق جاسر على نحيب ابن عمه .. ورآءه الدمع يجري على مقلتيه بصمت ..
فـ وقف يسانده .. تحرك وجلس بجانبه :" علي .. شد حيلك "
صبت انظاره الى خيال جاسر ولم يصدق وجوده :" جاسر .. جاسر .. ابوي ماات "
تنهد :" الله يرحمه .. ادعي له يا علي .. لا تضعف "
علي :" متى .. خذني له جاسر .. ابغى اشوفه "
اشاح جاسر بنظره بعيداً :" انا ما لحقت اشوفه .. اليوم هو السادس على دفنه "
هز علي رأسه رافضاً :" لا لالا جاسر لالا انا اللي بشيله على كتفي .. انا اللي .." وتدهور صوته ..
جاسر بتصبّر :" هذا يومه يا علي .. أسأل الله يرحمه ويغفر له .."
همس :" يآآآ رب خذنــي أنا بس رد لي أبوي "
جاسر :" علي استغفر ربك .. ايش ذا الكلام .. علي أذكر الله .. الله يرحمنا برحمته "
اغمض عينه بألم .. وصور الماضي تتراكم واحدة تلو الآخرى ..
يشعر بالإختناق الشديد .. وهو يراجع كُل ذلك ..
بالأمس فقط كان والده بقربه ... واليوم يفصل بينهما التراب ..
علي :" آآه يا جاااسر .. ليتني متّ أنا .. أنا السبب أنآآآآآ "
هزّ جاسر له كتفه بخفة :" مو انت يا علي .. هذا المكتوب .. و سايق الشاحنة كان مخالف ..انت مالك ذنب"
تدفقت الدموع من عينه :" الكللللب وينه وينه الكللللب بـأقتله "
جاسر :" آآه .. علي اهدي .. الله أخذ امانته .. الرجال توفى "
علي :" ههههه هههه هه لا اله الا الله .. لا اله الا الله " ثم غطى عيناه و هو يبكي بصمت ..
(( من قال الرجال لا يبكون ؟؟!!!
أيظنون البكاء ضعفاً .. أيظنون الرجل صخراً ؟؟
عجباً لمن يفكرُ هكذا ..
الرجالُ يبكون .. فهم بشر .. كان خير الأنام تدمع عيناه ..
أفنحنُ نقرر ان الرجل لا يبكي !!!
من يكونوا الرجالُ دون رسول الله صلي الله عليه وسلم ..
فخراً بدمعٍ ساقطٍ سقط من عين الرجل ... من خشية الرب العظيم في خلوةٍ من الأجل
خير الدموع .. تلك التي تنهمر من خشية الله ..وكفى بالدمع سبباً لظلِ يوم الحساب ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله..."، وذكر منهم "ورجلا ذكر الله خاليا ففاضت عيناه"
(متفق عليه).
والحديثُ جامعٌ للمؤمنين جميعاً مؤمن ومؤمنة ..مسلمٌ ومسلمة .. ))
صبّ جاسر له كوباً من الماء :" علي .. سمي بالله واشرب "
همس ببحه :" مابغى ماي .. ابغى اختي هدى .. يا جاسر خلها تجيني "
جاسر :" ان شاء الله الصبح اهلك جايين .. الحين أشرب "
علي :" لا ياجاسر .. ابغى هدى .. مابغى اشوف احد ثاني "
تنهد جاسر :" ان شاء الله الضحى بتجيك "
نفثّ الهواء من صدره متألماً :" ابغاها الحين .. جاسر جيبها الحين "
نظر جاسر الى ساعة يده .. حيث اشارت الى الخامسة صباحاً .. كيف يجلبها الآن ؟؟!!
جاسر :" خلاص علي .. أنت حاول تنام وتصحى ان شاء الله بتلاقيها "
أحس علي بحاجته الى وقفتها معه ..:" جود "
لم يفقه جاسر لما همس بأسمها .. ولكنه أجاب :" جود ما جبتها معي تركتها بالمستشفى "
همس علي :" جوود .." ثم اغمض جفنيه بتعب ..
تنهد جاسر وعاد هو الآخر الى فراشه .. يفكر في الحياة .. وغرابتها ..
جافاه النوم .. وهو يتسائل .. ما مصير جود ؟؟
و ماذا سـ يفعل غداً ..
~~~
أشجار خرساء و وحشة ظلام تلفه ..
كالضائع أخذ يتيه وفي نفسه بوصلة تشير الى هدفٍ واحد
>> أن يجدها ويعيدها <<
تفجرت محنجرتهـ وهو يصيح بإسمها ... ولا يسمع الا صفير الرياح تمدّه بأجوبة خاوية
لم يعد يجدي النداء .. فهي لا تسمعه ..!!!
تخبط رأسه والافكار تراوده .. و الكوابيس تصّور له أخطاراً ابتلعت زينة في جوفها ..
ارتعب وهو يتخيل أشخاصاً يهجموا عليها ليبيدوا وجودها ..
فتسارعت خطواته الحائرة .. والخوف يلبسه كجلده ..
صاح فارس :" زيــــنة ... زينــــة .. زينـــة ويــــنك ؟؟ زيـــنة تسمعيـــني ؟"
بلا وجهه تلاطم بين اغصان الشجر .. تاركاً غريزته تقوده الى اللا مكان ..
أخذ يتحاور مع أطيافه ..:" يا ألهي احفظها لي .. أتمنى ان لا يصيبها مكروه ..
ان حدث لها أي شيء .. لن اسامح نفسي أبداً .."
صاح مرة أخرى بإسمها .. ولا مجيب .. :" كله غلطتك يا فارس ..
انك أحمق ..!! كم أنت قاسي بتصرفك الأرعن ذاك ..
حتى لو غضبت منها ما ذنبها هيّ ؟؟ ..
ليش من شأنك أصلاً ان كانت تحدث أحداً ما ..ثمّ ان بعض الظن اثم "
أجابه صوتٌ آخر :" بلى من شأني .. بل لي كل الشأن ..
اني مسؤولاً عنها .. هي أخت زيد .. ما يعني انني في غيابه أكون مسؤولاً عنها "
وقف مكانه بيأس .. يتنفس بصعوبة ..
تنصب انظاره في كل بقعة .. علّه يلمح شيئاً يدلّه عليها ..
دبّ الخوف في اطرافه لامكانية خسارتها ..
فتنهد :" زينة وينك ؟؟ الله يخليكِ دليني عليكِ .. "
لم يرتعب يوماً مثل ما هو الآن في هذا الموقف الصعب عليه .. كان دوماً رمزاً للبرود والصقيع
كانت اعصابه حديديه .. فلذلك نجح في أخطر العمليات تعقيداً ..
وذلك لأنهـ لا يملك أي مخاوف ..
اما الآن فـ أكبر مخاوفه هو فقدانها .. ليس لأنها تعني له شيئاً
انها مهمة بالنسبة اليه .. لا ينكر .. ولكن ...
أرخى رأسه برضوخ وقد نفذت منه الأعذار ..
عاتبته نفسه الضاحكة :" لا تماطل يا فارس .. أنت تعرف مابك ..
و تخشى أن تعترف .. تخشى أن تواجه نفسك بالحقيقة !!
لانك حالما تكشفها .. سـ تنقلب حياتك رأساً على عقب "
حينئذ انطلق صوتُ صريخٍ هادر من بين الاشجار .. فـ طارت الطيور هاربة من خطرها
فتيقظت حواسه .. انه صراخ فتاااة ..!!!
لا بد انها زينة .. انها زينة ..
تحركت قدماه سريعاً .. و صاح :" زينااااااااااااااة ... زيناااااااااااة فيـــنك ؟؟"
ثم تغلل بين الشجيرات محارباً اياها ..لن يستطيع اي شيء أن يحيله عنها ..
حتى ولو كانت هي نفسها ..!!
~ يتبع ~
|