كاتب الموضوع :
ضياع نبضة
المنتدى :
الارشيف
v~√”^√V’~-√V'^~----- ~ النبضـة الحـادية عشـر ~----~ v~~√”^√V’~-√V
ومضة :
" من يرى مصيبه غيره تهون عليه مصيبته "
~ الجـ 1 ـزء ~
دخلت الغرفة و رأت جود هناك لوحدها كانت غارقة في تدوين مذكراتها .. ابتسمت وخطّت ناحيتها ..
شفا :" يالله جود .. اشوفك بكره على خير ان شاء الله "
رفعت جود رأسها :" لاااا .. فين رايحة شفا ؟"
ابتسمت ووقفت على جانب السرير :" خلصت مناوبتي ولازم ارجع الحين "
القت جود بدفترها جانباً :" لااا شفا بليــز قعدي معاي .. جاسر راح و شكله بيتأخر .. الليلة بجلس لوحدي؟"
نفت :" لا جود .. حتكون معاكِ الممرضة المناوبة .. ويلما "
قطبت حاجبها :" ليش يكون عندي ممرضة ثانية .. شفا ليش ما تقعدي معاي صباح ومساء ؟"
مالت برأسها على يمينها وشرحت :" جود .. ما اقدر على مناوبتين .. اولاً عشان اخواني وثانياً عشان صحتي"
جود :" كيف يعني صحتك .؟"
جلست بجانبها وامسكت بالدفتر تنظر الى غلافه :" امم قصة طويلة "
جود :" ايش هيا ..؟ شفا قوولي "
ضحكت شفا .. و فرحت لهذا القرب الذي نما بينهما :" اوعدك اقولك بس الحين وقتي ضيق "
اخذت جود الدفتر منها :" طيب براحتك .."
نظرت شفا اليها .. وعرفت انها تضايقت :" زعلتي مني ؟"
هزت جود نافية .. و عادت تفتح الدفتر لتدونّ ما يختلجها ..
ابتسمت شفا ولم تقوى على الذهاب تاركة جود بإستيائها .. تأملتها و تذكرت والدتها ..
شفا بنبرة هادئة :" تحبي الكتابة .؟"
اومأت الاخرى بصمت ولم ترفع عينيها ..
همست بحنين :" ماما كانت تحب الكتابة بعد "
رمقتها جود ..:" صدق ؟؟"
طأطأت شفا ..:" مثلك .. " ثم تأملتها بغرابة .. كانت تشعر بإحساس غريب بالانتماء
مع كل يومٍ يمر .. ترى في جود شيئاً يذكرها بأمها ..
رغم ملامحها الذابلة .. تستطع التقاط شبهٍ مدفون في حنايا هذا الوجه الصغير ..
شيء مألوف لأنظارها ..
انتشلتها جود من افكارها :" كلميني عنها .. وعن اخوانك"
تنهدت ثم نظرت الى ساعة يدها :" آآه .. الحين لازم اروح جود .. بكره بقولك كللل شي اوكي ؟"
ترددت جود وهي تدير عينيها الغائرتان بين يديها :" امم .. طيب "
وقفت شفا لتباشر بالرحيل :" يالله جود .. اشوفك على خير "
نادتها جود .. فألتفتت اليها ..
بتردد :" امم شفا .. امم عندي شيء اعطيلك هو "
ببسمة فرحة :" جد..؟ ايش ..؟ "
اشارت جود الى احدى الخزائن في ناحية استقبال الزوار ..:" ممكن تفتحي الدولاب ..؟"
قادتها قدماها الى حيث اشارت و بحماس فتحت الدرج لترى صندوقً صغير مزين بشرائط زهرية ..
رفعت الصندوق بيدها ثم توجهت به الى حيث جود ..
بخجل قالت جود :" امم .. حبيت اهديكِ شيء بسيط لانك اهديتيني السجادة "
تأوهت شفا :" جوود .. يا بنتي والله ماله داعي .. انا ما اهديتك عشان ترديها لي "
هزت رأسها :" اعرف .. بس انا حبيت اهديكِ .. الله يخليكِ لا ترفضيها "
فكرت شفا قليلاً .. ان اخذ المنح من المرضى يعدُّ سلوكاً مرفوض من قبل اخلاقيات الممرض
لكن لا تستطيع ان ترفض امام نظرة جود المتوسلة ..
يا الهي ما الذي ستفعله ..؟
عندما لاحظت جود تردد شفا :" شفا .. بليز اقبليها .. شيء بسيط مني ومن جاسر "
اهتزت يدا شفا .. من جاسر !!!!!
لا تظن الآن ان بإمكانها ان تقبل بهذة الهدية ..
شفا بأسف :" امم جود .. انا ما ابغى اردك .. لكن .."
جود ..:" لا ترفضيها شفا .. ترى ازعل منك "
رفعت شفا يدها بعجز ..:" مو بيدي جود .. بس قوانين المستشفى .."
قاطعها صوتٌ من خلفها :" ما اظن هدية مثل هذي تعّد اختراق للقوانين .. "
التفتت شفا وقد بهتت لظهوره المفاجيء .. دخل جاسر بهيبته الى الجناح حاملاً حقيبة دوبلماسية ..
و تعداها ليسلم على اخته ..
جود بـ فرح :" جسوور .. ما عندك اشغال ..؟"
ابتسم :" حبيبتي .. مافي شيء اهم منك .. الاشغال لاحقة "
ردت له الابتسامة :" يا حبيبييي يا اخوووي .. فرحتنييي .."
وقفت شفا هناك متصنمة وهي تنظر اليهما .. ممسكة بالصندوق بيدها ..
رمقتها جود بـ ( زعل ) :" بس شفا تبغى تزعلني .. وترد هديتي "
لم ينظر اليها جاسر ولكنه قال لأخته :" جود .. رسولنا صلى الله عليه وسلم ايش قال عن الهدايا ؟"
نظرت اليه جود وبدى عليها انها لا تملك ادنى فكرة عن الامر ..
وجدت شفا شفتاها تقول بعفوية :" تهادوا تحـ " بترت كلامها عندما توجهت انظاره اليها ..
نظرت الى قدمها وهي تبلع ريقها .. تشعر بنفسها كالبلهاء بوقوفها هكذا ..
اكمل جاسر لاخته :" آنسة شفا قالتها .. وبعدين لا يرد الكريم الا .."
صاحت جوود :" بس شفااا مو لئيـــمة..!! "
ابتسم جاسر بهدوء وقال بصوته العميق :" بالضبط "
هنا .. قد حُسم الامر .. اعترفت شفا لنفسها .. رفعت عينيها الى جود :" اوكي .. شكراً جود"
ظهرت اسنان جود في ابتسامة واسعة :" انا ماسويت شيء .. جاسر هو اللي اشتراها على ذوقه "
زادت وتيرة تنفس شفا و حولت عيناها اليه .. و بهمس :" شكراً سيد جاسر "
رمقها بنظرة لا تحمل اي معنى :" الشكر لك آنسة شفا "
بلعت ريقها :" امم .. طيب استأذنكم الحين " ..
جود وجاسر :" الله معك "
ثم خرجت شبه مهروله ووجهها مشتعل بـ حرارة ...
ضحكت جود عليها و سألت اخيها :" جسوور ايش رايك بشفا .. مررة حبوبة صح .؟"
ابتسم :" هاه .. كيف حالك الحين .؟"
تنهدت وهي تكتف ذراعيها :" تمام .. ولا تتهرب من الموضوع .. ايش رايك في شفا .؟"
وقف جاسر و خلع معطفه ملقياً اياه على الكرسي خلفه ..:" خلوقة "
رفعت حاجبها :" خلوقة وبس ...؟"
هز جاسر رأسه :" يعني ايش تبغيني اقول .؟ "
ابتسمت بطريقة مرحه :" شيء مثل .. حلوة .. و تهبل .."
ضحك جاسر و جلس على الكرسي وكرر كلماتها :" حلوة وتهبل "
ضمت جود يديها بفرح :" صددددق .. يعني عاجبتك ..؟؟"
حمل حقيبته بحضنه وفتحها ليفرغ محتوياتها على الطاولة بجانبه .." اهم شي انك مرتاحة معاها "
جود :" مررررة مرتاااحة .. جسوور .. احسها مثل اختي الكبيرة "
ابتسم و نظر الى اوراقه ... انه لا يشعر ناحية شفا بالاتجاة ذاته .. :" شيء حلو "
جود بحماس :" نفسي اعرف عنها كل شيء .. جاسر بليز "
رفع انظاره عن الورقة :" نعم .؟"
جود ببسمة :" ممم سوي بحث عن كل المعلومات عنها "
فغر فاهه لوهلة .. ثم بعدها ضحك .:" جود ..اعقلي "
جود :" جسوور .. ايش فيها ..؟"
هز رأسه و عاد لأوراقه كاد يقول شيئاً لكنه احجم عن ذلك :" اقول عمي واهله يسلموا عليكِ "
صمتت جود .. و قالت بصوت عادي :" الله يسلمهم " .. تركته يعمل على اوراقه
وعادت هي الى دفترها .. تلبستها المراره عندما تذكرته ..
خطت اسمه على هامش الصفحة .. و ضغطت على نفسها لكي تمنع الدموع من التدافع ..
اغلقت دفترها ووضعته تحت الوسادة .. ثم اراحت رأسها وهي تنظر الى اخيها الغارق في عمله ..
لن تفكر في علي .. يجب ان تتحاشى صورته المطبوعة في عقلها ..
هنا اخيها و هو من يجب ان تفكر فيه .. و في حياته ..
تأملته .. انه اخً رائع .. و رجلٌ نبيل ..
دوماً ما كان يغبطها امتلاك اخٍ مثله .. بشخصيته و مظهره الجذاب..
انه في نظرها كامل (( والكمال لله وحده )) ..
ولكن ينقصه شيء ليكمل حياته .. زحفت بسمة خفيفة على شفتاها ..
وفكرت ..: تنقصه شفا ..!!
~~~~
اخذت تسرع في مشيها .. تحمل حقيبة عملها على كتفها , وفي يدها استكان الصندوق الزهري
نظرت اليه باسمة .. رغم خجلها في قبوله .. الا انها فرحت لتلقي هذة الهدية ..
لم تكن متحمسة لماهية محتواها .. لكن يكفيها انها من جـ ..!!!!!!
توسعت عيناها بصدمة .. ما هذا الذي تفكر فيه !!..
يجب ان تزيح هذة الافكار عنها وتسرع الى المنزل
فهناك الكثير من الاشغال التي يجب عملها ..
اخرجت هاتفها من حقيبتها واتصلت بـ زينة ..
بعد عدة رنات وبصوت بان عليه الضيق ..:" نعم ...؟"
شفا :" السلام عليكم ورحمه الله وبركاته .. هلا زينة كيفك .؟"
زينة :" وعليكم السلام .. هاه شفوي ايش تبي .؟"
شفا :" خير يالدبا من مزعلك .؟"
زينة بتأفف :" امففف شفوي لا تذكريني "
مشت عبر الممر المؤدي لبوابة السكن :" طيب المهم اليوم انتظرك لا تتأخري "
زينة :" ما راح اتأخر ان شاء الله .. انا الحين خارجة من الدوام .. و نص ساعة اوصل "
شفا :" اوكي تمااام .. بس اعطيني رقم دلال ابغى اسألها اذا في شيء محدد تحبه ."
زيون :" خذي .. بس شفووي ..قولي لها لا تجيب سيرة لأبو ذقن معوجة"
ضحكت :" انتي للحينك ملقبته كذا .. طيب خلاص المهم هاتي رقمها "
املتها زينة بالرقم :" واسمعي قولي لها تجيب الهدايا "
وصلت شفا قرب منزلها :" اي هدايا ؟؟"
زينة :" امففف انتي قولي لها وخلاص .. يه "
دخلت المنزل و فتحت انوار غرفة المعيشة :" يا بسم الله .. طيب ومصع .. تبي شيء ثاني ؟"
زينة:" لأ .. يالله سلاااام " ثم اغلقت الخط ..
نظرت شفا الى هاتفها ..:" خير ايش فيها زيون ..؟"
صعدت رأساً الى الطابق الثاني و توجهت الى غرفتها ..
خلعت طرحتها و معطفها ..ثم وضعت الهدية على المنضدة مبتسمة ..
~ بعد ثلث ساعة ~
دُق جرس الباب بإلحاح فصرخت وهي ما تزال في الطابق العلوي تنتقي الثياب لهذة الليلة ..
شفا :" مَـــــنْ عند الباب .؟ "
اتاها صوت زينة العالي ..:" انا زيووون افتحييي بسرعة "
القت شفا منشفة شعرها على السرير .. ثم اسرعت خطواتها لتنزل السلالم القليلة ..
و روب الحمام الزهري يرفرف مع حركاتها الرشيقة ..
عبرت الصالة ووصلت الى الباب ثم فتحت السلسلة ..
دخلت زينة وقد تأرجحت الاكياس من يديها.. حتى ما عادت تستطيع الوقوف ..
مشت و القت بنفسها على اول اريكة قابلتها ..
زينة :" آآآه تعبت وانا امشي مع هالاشياء "
اقفلت شفا الباب ورائها ثم دخلت مستعجبة ..:" ايش هذا كله ؟ جايبة السوق معاكي ؟"
تنفست بعمق :" لأ .. بس اوراق تزيين .. وهدايا اخوانك "
اخذت شفا منها بعض الاكياس وباشرت بتفريغ الاغراض منها :" ليش .؟ "
جلست زينة وهي تخلع غطاء رأسها :" فكرت نسوي عيد ميلادهم مرة وحدة الليلة .. لان في الملاهي ما صار لنا فرصة .."
شفا :" يوووه زيوون الا يعني بتدلعيهم .. الله يهديكِ بس "
قامت و فتحت معطفها لترميه بعدم مبالاة على احدى الارائك :" آمين .. انتي مالك شغل انا راح اسوي كل شي .. انتي بس سوي العشاء وانا اعلق الزينة .. بس تعالي هنا .. متى اخوانك راجعين من الرحلة "
رفعت شفا رأسها ونظرت الى الساعة المعلقة على الحائط :" الساعة 5:30 تقريباً "
زينة بتصفيق :" حلوو .. يعني بيكون عندنا ساعتين ونص .. يكَّفي "
نفضت شفا شعرها المبلل :" انا بطلع استشور شعري .. و بعد اختار لي ملابس "
سبقتها زينة الى الاعلى ركضاً :"وانا بآخذ دش سريييع .. خرِّجي لي الكت الأحمر الجديد مع البرمودة السوده مالحقت اجيب معاي ملابس "
تبعتها شفا :" يووه كل ملابسي الحمرا اخذتيها .. "
دخلت زينة الحمام ( اكرمكنّ الله ) و ردت عليها :" ايش اعمل لوني المفضل .. بعدين انتي اللي قلتي الاحمر حلو على سماري... مو صح .؟"
فتحت شفا خزانة ملابسها و اخذت تبحث بين مقتنياتها :" عشاني خبلة "
سمعت صدى ضحكة صديقتها .. :" طالعة علي هوهاهاها "
ضحكت شفا لسماع ضحكة زينة الساخرة .. تعجبها هذة الضحكة ..
ولكنها ايضاً ترفع الضغط .
عندما انهت زينة دشها خرجت لتجد الغرفة فارغة ..
يبدو ان شفا تعمل في المطبخ .. وجدت الملابس معلقة على باب الخزانة وقد كويت مسبقاً ..
فجلست امام التسريحة لتجفف شعرها بالاستشوار ..
راحت عيناها تمسحان ملامحها بتركيز ... رأت انها تملك وجهاً عاديّ لكن معبّر ربما ليست بذلك الجمال لكنها جذابة .... و عيناها الوسعتان احلى مافيها ..
دوماً ما ينجذب اليها الرجال بسبب نظرتها الساحرة ....( على حد قولهم )..
بعثرت خصلات شعرها الاسود على كتفيها و تنهدت .. انها جميلة لكن بطريقة اخرى ..
فكرت بـ فارس ..
اذاً ما خطبه ذلك الابله لا يحس ..؟؟؟ .. هل هو مختلفٌ عن بقية الرجال ..؟
ثم تألقت النجوم في عينيها.. واعترفت ..:" نعم انه مختلف "
.. مؤخراً بات فارس يسكن افكارها كل لحظة ..حتى انه الزائر الدائم لأحلامها ..
و هذا ما يسبب أرقها .. و سخطها منه .. :" امففف متعبني حتى في نومي "
لكن ما حدث صباح اليوم .. فوق معدل احتمالها ..
من تكون هذة المدعوة " رومي " ؟؟؟؟؟؟
حذفت المشط على الارض بعصبيه و تأففت :" حسافة يا فارس ما تصورتك حق بناات .. امفففففففففف "
انهت بعجلة ارتداء ملابسها .. و تنفست بعمق وهي تبعده عن تفكيرها ..
ثم نزلت الى الطابق الارضي ..
~~~
قال والدها بصوتٍ مضجر :" بصراحة وسن مو عارف ليش تبغي تصيري ممرضتها "
جلست وسن بجانبه و باشرت بممارسة دلعها الدائم :" بابي .. ماقد مرت حالة مثل حالتها عندي .. ابي اتعلم "
قلبّ الصحيفة بلا مبالاة بها :" وسن .. انسي الموضوع "
وقفت غاضبة و شعرها الاشقر مسترسل على ظهرها البرونزي .. ثم اعطته ظهرها و بدأت بتمثيل ضعفها ..
بصوت كسير :" بابي .. حرام عليك ..انا بنتك الوحيدة .. ليش تحرمني من رغباتي "
رفع الدكتور احمد نظره الى ابنته .. هزّ رأسه بأسف وهو يعلم حيّلها هذة ..
حيَّلاً ورثتها من والدتها .. في الحقيقة اصبحت صورة مصغرة عنها ..
اغمض عينيه بحزن .. ابنته وسن ..كانت وردةً صغيرة بريئة ..
برائتها كانت تسحره .. ولكن الآن بعد نضوجها كم تغيرت ..!!
و الذنب .. ذنبه هو و امها .. حدثّ نفسه :" كارلا .. لقد حطمتِ حياتي .. و ستحطمين حياة ابنتكِ "
بصوت متباكي :" بابييي .. كل اللي طلبته منك تكلم المدير يعيَّني ممرضة لها .. ليش ترفض ؟"
تنهد وهو يطبق صحيفته .. يتمنى ولو لمرة واحدة ان يكون حازماً معها و لكن مع ذلك لا يستطيع ان يرد اي طلبٍ من طلباتها .. للأسف مداومته على تلبيه كل ما تريد افسدها .. و لم يعد هناك ما يفعله الا الرضوخ بواقع كونها هكذا .. فهي في النهاية .. ابنته الوحيدة .
د. احمد :" آآه خلاص بكره راح اكلمهم "
التفتت و بسمة انتصار على شفتها .. ركضت لتطبع قبلة على وجنت والدها :" ثانكس بابي .. انت الافضل"
ثم تركته ..و بمشية عارضات الازياء رقّت السلالم الى غرفتها بالطابق الآخر من تلك الفلة الفخمة ..
استلقت على سريرها الواسع وهي تلف خصله من شعرها المصفف .. واتصلت على صديقتها ..
بـ دلع و دلال :" هاي رورو "
رد عليها صوتٌ مشابهة النبرة :" هاي سوسو .. هاو ار يو هوني ؟"
وسن :" ام فااين ."
رورو :" آآه احسن انك اتصلتي ..طفشانة سوسو .. تعالي عندي "
وسن :" نووب روحي اليوم نطلع السينما .."
رورو :" اكيد عندك اخبار حلوة "
وسن :" ههههاي .. بقولك كل اللي صار الليلة "
رورو :" يعني افهم انه صار اللي تبيه ؟"
وسن :" يس صار اللي ابغاه .."
رورو :" نفسي اشوف هذا اللي ماخذ لك عقلك "
وسن :" آآآه رورو ما شفتيه جنااان .. اسمه جاسر .. اسم عتيق يااي لكن انتظري يصير ملكي .. بحرّكة خاتم بإصبعي ..واغيره واغير اسمه .. يجنن رورو و مرة غني شكله .. لما تشوفيه بتعرفي ايش اقصد .."
رورو :" ههههـ شكلك طايحة على كنز .. خلاص قولي لي كل شيء الليلة "
وسن :" اوكي روحي ..ايش هالصوت المزعج عندك "
رورو :" هذا قصيّ مطفشنيي .. يبغى يطلع .. ايش رايك اخذه وذ مي ؟"
جلست وسن واشمئزت :" لالا بلييز خليه مع المربية ما ابي اصدع .. اووف مدري كيف مستحملة ولدك انتي مررة مدلع و عنيد "
رورو :" لما تصيري ام تنجبري تتحملي اطفالك "
وسن بقرف :" .. ياااي لا تفاولي اكره الاطفال .. اووف منهم "
رورو:" اني وي هوني نتقابل الليلة .. بروح اسَّكت هالمزعج "
وسن :" اوكي نتقابل .. تشااااو حياتي "
انتهت المكالمة ووقفت .. خطت الى غرفة ملابسها الواسعة حيث تراصت الملابس على الرفوف و عُلقت بتنظيم
الفخامة و التبذير تجمعا في كُل رُكنٍ من غرفتها ..
اخذت تجرب شتى الازياء .. واستغرقها ذلك ساعة وما نحو ذلك ..
ثم اخيراً استقرت على تنورة قصيرة بيضاء و كتّ بنقشٍ نمري .. مع حزامِ ذهبي و بوتٍ طويلٍ الى الركبة ..
ابتسمت لانعكاسها على المرآة .. وقالت بصوتٍ مغري :" جاسر .. جهزّ نفسك لـ وسن "
ثم اطلقت ضحكة عالية مستمتعة ..
~~~~
~ في منزل شفا ~
كانت الصالة مزينة بالاوراق الملونة .. و الهدايا مرتبة بجانب المدفأة ..
و في المطبخ اخذت الفتاتان تطبخان اصناف مختلفة من كل مالذ وطاب ..
قضت زينة الوقت تعمل صامتة مشغولة البال .. اما شفا اخذت تحدثها عن جود ..
لاحظت شفا هدوء زينة الغريب فألتفتت لتراها تقف بجانب مغسلة الصحون وعيناها متجهتان الى السماء من نافذة المطبخ ..
نادتها :" زيوون .. "
لم تجبها تلك وقد غاصت في اعماق افكارها .. اشتمَّت شفا حينها رائحة شيء محترق ..
ثم توسعت عينيها بإدراك :" زيوون الكيكة لا تكوون انحرقت .؟؟ "
لم تبدر من زينة اي حركة تدل على سماعها لما تقول ..
فصاحت :" زيوووووون الكيييكة ..!!!"
اجفلت زينة لصياح شفا ثم التقطت انفاسها تلك الرائحة .. وصاحت :" لااااا لالالا "
اسرعت لتفتح الفرن .. وانطلقت الادخنة السوداء منها :" كححح كووح كحووح.. وجــع "
اخرجت الصينية المستديرة .. ووضعتها على منضدة المطبخ ..
بإمتعاااض شديد تكتفت و شفتاها مكورتان .. نظرت الى شفا :" امففف بس كذا انحرقت "
ضحكت شفا على منظرها :" هههههـ مو منك من اللي شاغل بالك .. ايش عندك هاااه ؟؟"
رمقتها زينة بحنق :" ماعندي شيء ايش بيكون عندي يعني !!.. الحين مافي مقادير اعمل كيكة ثانية "
شفا :" مو مشكلة .. اشوف " اخرجت الكعكة من صينيتها و درستها ..
ثم اكملت :" شوفي بس الاطراف اتحرقت .. انزعيها واستفيدي من اللبّ "
زينة بإستهزاء وهي تخلع قفازات الطبخ :" هوهاهاها .. تبغيهم يقولوا كيكتي معوقة "
ضحكت شفا :" لا معوقة ولا شي .. سويها مفتته واضيفي لها آيس كريم التوفي تطلع يمي لذيذة "
اتكأت زينة بكوعها على المنضدة :" ومن فين اجيب الحين ايسكريم .."
اشارت شفا الى الثلاجة :" لحسن الحظ .. امس تموري مشتري .. تلاقيه في الفريزر "
خطّت زينة لتجلب الايسكريم .. وعندما فتحت باب الفريزر لفحتها البرودة ..
تمتمت بغضب :" كله من فارس الغبي "
تسألت شفا متعجبة :" وي ايش دخله هو الحين .؟؟ "
وضعت الايسكريم بعنف امامها على المنضدة ..:" ممم .. بس هو كذا مسبب لي المشاكل "
رمقتها شفا بنظرة طويلة ... فلاحظت زينة ذلك :" ايش بك تطالعيني كذا ..؟!!"
رفعت حاجبً واحداً :" زيووون .. ايش بك .؟"
بلعت ريقها و اعطتها ظهرها تبحث عن زبدية في احدى الخزائن :" وي مافيا شيء "
اقفلت مفتاح الموقد و اكملت :" زينة .. من متى تخبي عليا .. هاه .؟"
وضعت زينة الزبدية و بدأت تفتت الكعكة بغضب مكبوت .. :" رومي البقرة "
شفا :" متى تبطلي شتايمك هذي .. ومن هذي رومي ؟"
تأففت زينة بضيق و هي تتخيل فتاةً ذات جمال صارخ تقف بجانب فارس :" ما ادري ما ادري شفووي"
استغربت شفا من الامتعاض الظاهر على صديقتها ..
و رغبت في ان تستنطقها .. لكن جرس الباب قد صدح وبعدها آتى نداء تامر :" شفااا .. افتحي نحن وصلنا"
لم تتحرك شفا وهي ترمق زينة .. عندها بدأت طرقات الباب تعلوا ..
وصل صوت تامر العالي :" شفااااااااا .. نحن جيناااا " .. بعده تالا :" شفااا انا تالا افتحي "
ضحكت زينة :" ههههههـ افتحي لهم لا يكسروا الباب .. الجرس ازعجني "
تنهدت وهي تتحرك لخارج المطبخ ..
~~~~
سارت سيارة عائلية متهادية في باطن احدى الطرقات السريعة المطلة على البحر الزمردي ..
في ذلك المنظر الساحر حيث امتزجت الوان السماء بالغروب .. انسحرت دلال وهي تنظر من النافذة الامامية ..
بحالمية :" الله .. رووعة المنظر "
ابتسم فارس وعيناه مصوبتان امامه :" ما شفتي شيء للحين .. جربي تروحي جزيرة مارينا بتعجبك المناظر هناك "
سألته دلال :" احلى من كذا ..!! .. الله وينها هالجزيرة ؟؟"
اجابها وهو يركز على القيادة :" مو بعيدة .. نقدر نستأجر يخت و نروحها .. تبعد مسافة ساعتين من هنا "
تحمس بسام الذي كان يجلس بالخلف :" اررركب .. خالي الله يعلي مراتبك خذنا لها "
ضحك فارس لكلام ابن اخته .. ونظر بتساؤل الى دلال ..
رفعت كتفيها بإستسلام :" اصحابه .. اولاد حواري ..و للحين ما شفت شيء "
بسام :" امييي .. ايشبهم اصحابي .. فقعانين "
ضحك فارس :" هههههههـ ايش هالمصطلح بالله "
اخذ بسام يفسر له و قد مدّ رأسه في الفراغ بين امه وخاله :" يعني خطيرين خالو "
هز رأسه ضاحكاً ..:" والله هـ الجيل غريب جداً "
دلال بإبتسامة :" عقبال ما اشوف اولادك "
تصلبت يدا فارس على المقود .. واختنق صوته :" لا تتأملي "
قطبت :" ليش ما اتأمل .. كم اخ عندي انا .. لالا ابغى اشوف اولادك وبأقرب وقت بعد "
تحدثت تولين :" حالي .. ابى اثوف اولادت انا تمان "
قفز بسام بحماسٍ في مكانه :" اييي خالي .. ياواد لو يصير عندي اولاد خال .. احلى فله "
اضطرب فارس بداخله ...و اجبر نفسه على التماسك لن يُظهر هستيريته امام اخته ..
فلا احد يجب ان يعرف !!!
فغير الموضوع :" انا اقدر آخذ اجازة هالويكند ليومين .. ايش رايكم وقتها تروحوا جزيرة مارينا .؟ "
صرخ الصغيران بفرح .. وتحمست دلال :" و بعد لو ناخذ زينة و شفا واخوانها بتكمل الرحلة "
بسام :" يا سلاااااام .. بتصير رحلة ....رحلة ... " وصمت مفكراً بوصفٍ مناسبٍ لها ..
فقال فارس و عيناه تنظران الى الخلف من المرآة :" .. فقعانة ؟؟"
ضحكت دلال و ضحك معها فارس ..
بسام :" مزبوووووووووووط " .. و مع حركاته الكثيرة .. ركلت قدمه اليمنى شيئاً ما تحت مقعد امه ..
احنى يده ليتلمس هذا الجماد الـ قماشي ..؟ ..ثم سحبه من المقعد ورآه ..
انها ميدالية على شكل دب بقلبٍ احمر ..
مدها باتجاه خاله :" خالووو طاحت ميداليتك تحت المقعدة "
قطب فارس حاجباه ..:" ميداليتي ؟؟"
تلقتها دلال واعجبت بها :" الله .. حلوة .. عجيب فارس ايش هالرومانسية"
القى نظرة حاطفة عليها :" ايش هذي مو حقتي ؟"
امسكتها تولين تلعبُ بها :" حنوة .. دب حنوو " .. فأخذتها امها لتعلقها على المرآة
فارس بإستغراب :" ما اذكر اني اشتريت هالشيء "
تساءل بسام :" امي ايش مكتوب عليها بالعنقريزي ؟"
ابتسمت دلال وهي تنظر الى فارس نظرة جانبيه :" °•.° i loღe you °•.° "
سأل بسام :" يعني يعور لفلفني يوووه منك .. صح ؟"
ارتسمت تعابير بلهاء على دلال .. و تسألت بغرابة :" كيف تترجم انتَ ؟"
قال بسام :" انتي تقولي مكتوب آي لُف يوه .. و (آي ) يعني آي يعور ..
( لُف) أمر للفعل لفلفني ..
و ( يوه ) زي ما تقولي لما اطفشك يوووووه منك يا بسبس .."
مرتّ ثانيتان تبادلت دلال وفارس فيها نظرات الغباء .. ثم بعدها انفجرا ضحكاً .. و قلدتهما تولين ..
فارس :" هههههههههههههههههههـ قسم بالله انك حريف "
ضحكت دلال بجنون :" ههههههههـ ايش تخررف انت ؟؟ هههههـ "
( برطم ) بسام :" اسرووا بس .. تتريقوا عليا .. الله يسامحكم "
فارس :" هههههههههـ دلوول بأي مدرسة مسجلته انتي ؟"
دلال :" بحارة الورعان ههههـ "
بسام :" ما علي منكم .. واثق الخطوة يمشي ملكاً "
دلال :" ايييش دخل الحين ..؟"
فارس :" هههههههههـ دلال ولدك ورع فقعان "
دلال :" طالع عليك في صغرك "
تابعوا نقاشهم و السيارة تقتطع الطريق الى حيث قبع سكن " The hope of life "
عندما توقفوا عند بوابة السكن سأل فارس :" الساعة كم تبغيني اجي آخذكم .؟"
دلال :" ما ادري .. انا بدق عليك واخبرك "
ابتسم وهو يقبل ابن اخته :" اوكي .. انتبهوا على نفسكم "
اجابه بسام الذي قفز خارجاً من السيارة :" ان شاء الله خالي .. سلاااام"
ثم ركض عبر الممر الى داخل السكن ..
خرجت دلال ممسكة بإبنتها .. فارس :" دلال سلمي على شفا .."
و اضاف عندما رآى استغراب اخته :" و اخوانها "
ابتسمت :" بس ...؟؟ "
قبل ان يشغل سيارته تنهد ..:" و ... زينة " ثم انطلق مخلفاً اغبره اطارات السيارة خلفه ..
اخذ الطريق الرئيسي .. ثم بعد دقائق علِق في الزحام .. اسند رأسه على مسند مقعده بـ تعب
و جذب الماضي تفكيره .. بعد برهه تنهد .. لا يريد ان يتذكر اي شيء عن ماضيه ..
حركة الميدالية المعلقة امامه جذبته ..رمقه بتساؤل .. لـ من هذة الميدالية ..؟
رفع يده يلمسها ..
رآى الجملة .. و ايضاً الحرف المتدلى منها .. حرف الـ ( Z )
فـ ترآى له صورة زينة فوراً ..
زينة ..!!!!
و لماذا تكون زينة ..؟؟؟
انتزعته ابواق السيارات حوله من شروده .. فلوح متأسفاً لهم وانطلق ..
~~~
~ الجـ 2 ـزء ~
بعد ان انتهى الجميع من الاحتفال و تناول الطعام .. رتبت شفا وزينة ومعهما دلال المكان ..
و جلس الاطفال يلعبون و يفتحون الهدايا .. والحماس طافحٌ من اعينهم ..
جلست دلال على احدى الارائك .. وبمقابلها شفا .. اما زينة فأنضمت الى الاطفال على البساط امام المدفأة ..
دلال :" آآآه .. تسلم ايدك شفا .. طبخك يهبل "
ابتسمت شفا :" لا تبالغي دلال .. بس تسلمي "
شاركتهم زينة الحوار و قد اخذت تنظر الى الصغار بتهديد :" بس مافي اطعم من كيكتي .. صح يا بزران ؟"
نظر الاطفال الى بعضهم البعض ... فصاحت زينة :" صــــــح ولا لا ؟؟"
في سرعة صاحوا :" صحححح " .. تولين ..:" ثح عمتو " وقفزت لتجلس على جعبة عمتها ..
تالا :" بسوم شكراً على هديتك .. حلوة "
انشقت الابتسامة في وجهه :" ولا يهمك .. لجل عين تكرم مدينة "
سحبت زينة شعر بسام الجالس بجانبها :" يا واااد .. تغازلها كماااان "
بسام :" آآآآآآي عمتوو .. والله ما سويت شيء .. ليه انتي ظالمة كذا ؟"
توسعت عيناها :" وكماااان تقول ظالمة .." اجلست تولين بجانبها ..:" توتو قومي عني بفقع وجه اخوكِ "
ضحك تامر :" هههههـ تفقعي ايش فيه ؟؟.. مابقي شي وجهه خلقة مفقع "
شفا بتأنيب :" تموور ايش هالكلام عيب " ..
ضرب بسام تامر على رقبته :" افااا .. يا واد وانا مسويك خويي .. افاا بس افاا "
ايدته زينة :" اي والله ترى وجهك رايح مثل الدونات .. منفّخ .. ايش ذا دلال ولدتي انسان ولا استبنه "
( الاستبنه = اطار بلاستيكي اسود مشابه لاطارات السيارة .. يُستخدم غالباً في البحار )
ضحك الجميع .. ووقف بسام مغتاظاً من تعليقاتهم .. سحب اللعبة التي جلبها لـ تامر ووجهها نحو عمته ..
كانت اللعبة عبارة عن مسدسٍ بذخيرة مطاطية.. اطلق الذخيرة بسرعة ..:" خوووذي جزااتك "
فوقعت زينة على ظهرها وقد استقرت القطعة البلاستيكية على جبهتها ...
ضحكوا لمنظرها الغبي .. وقفت وهي تصرخ :" ياحماااااااار يا سوووومي "
ارتسم الرعب على وجه بسام ..
فركض وتامر يتبعه ضاحكاً الى الاعلى :" يمامييييييي الوحشة هاااجت "
ركضت زينة خلفهما و صوتها العالي يغلي كثورٍ غاضب ..
هزت دلال رأسها ضاحكة :" يا ربيييي مدري هذي زيون متى تعقل ..؟"
شفا :" ههههههههـ بالعكس هذا الخبال اللي محليها "
دلال :" صدقتي والله .. الله يسعدها "
من قلبها دعت شفا :" آميــن "
امسكت تالا بيد تولين ونظرت الى شفا :" شفا ممكن آخذ توتو وافرجها على العابي ؟"
ببسمة :" اكيد قمري "
انذرتهما دلال قبل ذهابهما :" بس انتبهوا من الحرب اللي فوق .. لا تنصابوا "
شفا :" هههههههـ الله يهديها بس زيونة هذي "
دلال :" آميـن .. اشك انها راح تعقل الا اذا زوجناها "
وافقتها شفا :" امم صح .." سكتت ثم اكملت بأسف :" لكنها رافضة فكرة الزواج "
وقفت دلال ومشت الى حيث الصور فوق رف المدفئة :" على قولتك ..للحين امها جايبة لها 8 خطّاب ..
رفضتهم كلهم .. حتى صارت حماتي تشتكي ان زينة ما عادت تتواصل معاها .. متجنبة موضوع الزواج"
شفا :" اي .. الله يعين ويصبر خالة جميلة .. آخر مرة اتصلت فيا تسأل عن زينة .. لانها ما ترد عليها"
هزت دلال برأسها .. :" الله يهديها " .. حملت احدى الصور بيدها .. واخذت تتطلع الى الاشخاص ..
شفا :" آمين .. يارب يقرب اليوم اللي افرح فيه لـ زينة واتطمن عليها "
دلال :" ان شاء الله .. هذولا والدينك شفا ؟"
كانت الصورة ملتقطة في مدينة ديزني لاند .. شفا في العاشرة من عمرها مرتدية فستان سنووايت .. وقد رفعها والدها فوق رأسه .. اما امها كانت تقرب بالقرب منهما مبتسمة
اومأت شفا ببسمة .. فقالت دلال وهي تمسح الصورة بحالمية :" امك حلوة "
تنهدت شفا :" امم .. بابا كان يناديها .. وجه الملاك ..كانت .." لاذت بالصمت و ابتسمت بحنين لها ..
تابعت دلال تفرجها على الصور .. و رأت عدة اطارات لـ شفا مع ابويها .. ثم مع اخويها في مراحل عمرية مختلفة ..:" تدري شفا .. اخوانك فيهم شبة كبير من ابوكِ .. لكن .."
لفت اليها واكملت :" لا تزعلي مني شفا .. بس بصراحة ما كأنك اختهم ابداً "
ضحكت شفا بخفة :" ادري .. انا مررة ما اشبه لا بابا ولا ماما الله يرحمهم .. ولا حتى تالا وتمور"
دلال :" اول ما قابلتك حسبتك لابسة عدسات .. بس الليلة اكتشفت انه عينك رمادية صدق .. امك كانت كذا ؟"
نفت شفا :" لا ماما عيونها سودة .. بس اكيد الوراثة لعبت دور "
عادت دلال تجلس بجانبها :" .. يعني اجدادك فيهم جينات العيون الملونة ؟"
شفا :" ممم والله ما ادري .. ماما كانت مقطوعة من شجرة .. وبابا ما نعرف له معارف "
دلال :" اهاا .. عشان كذا انتوا عايشين هنا وما رجعتوا بلدكم الاصلي ؟"
ابعدت شفا خصلة شعرها عن عينها :" امم عملياً هذا بلدنا .. انولدنا انا واخواني وترعرنا فيه .. وبعدين مثل ما قلتي .. مانعرف احد هناك نروح لمين ؟.. و بعد شغلي هنا .. و علاجي .. هالمستشفى من اكثر مستشفيات العالم تطور .. فكل التسهيلات متوفرة لنا .. صعب نهاجر ونروح هناك مع انه نفسي اعيش في ذيك الارض الطاهرة ."
عندها فقهت دلال ظروفها :" طيب انتي واخوانك بس عندكم الجنسية الامريكية .؟"
شفا :" لا اكيد .. عندنا الجنسيتين .. بابا اخذ الجنسية الامريكية لانه عاش هنا فترة طويلة "
قطبت دلال :" غريبة .. انا اعرف انه لازم يتزوج امريكية عشان يأخذ الجنسية !!!"
شفا بتفكير :" ممم ما ادري بس يمكن اول غير "
دلال :" يمكن " .. عندها أتتهم زينة و القت بنفسها على الاريكة متعبة ..
كانت ملابسها مشعثة .. و شعرها انتكش في كل اتجاه .. ووجها مليء بالقطع المطاطية اللاصقة ..
شفا :" هههههـ شكلك تحفة زيوون يبغالك صورة " ووقفت مسرعة لتفتش عن كاميرا التصوير
دلال :" هاه بشري ايش نتائج الحرب ؟؟"
نزعت قطعة من وجنتها :" آآي عمااا تعور .. دلول جهزي قبر ... ولدك انقتل "
دلال :" بسسسم الله على ولدي .. ومصع لا تفاولي عليه "
اتت شفا و التقطت صورة لزينة قبل ان تعارض ..:" هههـ ومصع كلمتي .. لكن فداكِ هيا "
زينة باشمئزاز :" وجع انا ليا سنين معاكِ و تقولي لي لا تسرقيها .. هذي العملاقة ماتعرفيها يومين وفداها هاااه !!"
ضحكا على منظرها .. شفا :" يا ربي بدت الغيرة "
استلقت زينة مرة اخرى على الاريكة :" ترى الاولاد فوق مربطين تربيط عسكري .. ولا بكره ما راح ينفكوا"
شفا :" ههههههههـ حرام عليكِ مجرمة "
نظرت دلال الى الساعة :" يووه مرّ الوقت من غير ما نحس .. لازم اتصل بفارس يجي ياخذنا "
تأففت زينة عندما سمعت اسمه .. الا يكفُّ هذا المغرور من اقتحامِ حياتي..
شفا :" لااا بدري يا دلال "
دلال:" أي بدري ؟؟.. اصلاً عبل ما يوصل يصير 9 وبعدين بكره وراكم دوامات انتوا والاطفال "
زينة :" اممفففف لا تذكريني .. عندكم بدأت الاجازة ونحن نكرف ونشتغل هنا "
دلال :" لا للحينه ما بدأت باقي اسبوعين .. لا تنسي الاختبارات النهائية ..لسه ما خلصوا "
شفا :" ايوه الله يوفقهم .. بس الاجازة الصيفية راح تفرحهم .. اربعة شهور وناسة "
زينة :" ايوه صح دلوول .. متى زيود جاي ؟؟ وكم بتقعدوا هنا ؟"
دلال :" ان شاء الله بعد اسبوعين .. و ماادري قال نقعد شهر وبعدين نسافر ماليزيا "
شفا :" ماشاء الله .. ان شاء الله تنبسطوا "
اخرجت دلال هاتفها من الحقيبة لكي تخابر فارس :" ان شاء الله "
ثم اتصلت ..:" آلو .. هلا فارس .. لا خلصنا ..."
نظرت شفا الى زينة لتراها قد اشاحت بنظرها بعيداً والضيق ارتسم عليها ..
أخذت تتسائل ..:" هل من الممكن ان يكون فارس خلف تغيّر زينة ؟"
انهت دلال المخابرة وابتسمت لهما :" جاي .. يقول مسافة الطريق ويوصل "
بلا تحكم قالت زينة :" عساه ما يجي "
نظرت كلتاهما اليها .. دلال :" الله يقلع لسانك لا يصير في اخوي شي .. زينة لي كذا تكرهيه؟؟ "
تأففت زينة :" امففف هو ما ينطاق "
دلال بشبة عصبية :" والله انتي اللي صرتي ما تنبلعي "
تدخلت شفا :" هوووه هووه اذكروا الله واستعيذوا من الشيطان "
دلال :" اعووذ بالله منك يا ابليس .. زيون هو يقهرك ماقلنا شيء .. بس لا تدعي عليه "
مدت زينة شفتها السفلى و همست :" سوري مو قصدي .. اعوذ بالله من الشيطان "
حبتّ شفا ان تغير الموضوع :" طيب دلال ما قلتي لنا قصة فارس .. مو نحن اتفقنا امس "
دلال :" ايووووووه صح .. ذكرتيني الله يذكرك بالشهادة "
شفا :" آمين " .. باشرت دلال بـ سردُ قصة فارس ..
ادعّت زينة ان الامر لا يهمها و بقيت مستلقية تنظر الى دلال بنظرات لا مبالية ..
لكن في داخلها كان الفضول يشتعل راغباً في كل معلومة عنه كحطبٍ يزيدها بقاء ..
دلال :" اهله كانوا ناس مريشيين ( اغنياء ) ..لان ابوه من هوامير الاسهم ..
كان مدمن على التهور بكل اللي عنده في سوق الاسهم .. وحظه حالفه لوقت مو قصير ..
لكن مو كل مرة تسلم الجرة .. طاحت الاسهم مرة و خسر خسارة كبيرة ..
كل املاكه راحت مثل فص الملح لما يذوب .. و زوجته كانت من الناس الهاي هاي اللي متعودين عالفخفخة
فـ لمن فلّس زوجها طلبت الطلاق وتركته مع ولده .. اللي هو فارس ..
وقتها كان عمره تقريباً 6 اشهر .. وانا توني 5 اشهر مكملة السنة .. ابوه نقل للعمارة اللي ساكنين فيها ..
وكان دايم يطلع بره .. يشتغل يمكن مدري عنه .. بس كان كثير يغيب عن الشقة ..
وكل ما يخرج يحط فارس عندنا .. طبعاً مسكين بعمره يحتاج للرضاعة عشان ينمو .. فبكذا كانت امي ترضعه .. في وقت غاب ابوه فترة طويلة بعدها عرفنا انه في السجن محبوس للمتاجرة في المخدرات "
شهقت شفا عندها .. وقامت زينة فاغرة فمها .. مصعوقات بالذي سمعنه
.. تنهدت دلال واكملت :".. الله يرحمه بس ..
المهم كبر فارس معايا .. عايش عندنا لين ما كمّل الـ 15 سنة .. بعدها ابوه طلع من السجن ..
كان منتف ومو لاقي شغل او احد يساعده .. فدور علينا لين ما حصلنا .. ووصل لـ فارس .."
سكتت دلال وذكرياتها تسحبها للماضي :" كان فارس صبي حبوب ودمه خفيف مررة .. اتذكر خباله اللي مخلي بنات العيلة كلهم طايحين عنده .. " نظرت الى زينة ورمقتها بغرابة :" كان مثلك تمام يا زينة "
ضمت زينة يديها الى حلقها .. محاولة ان تقلل من هذة المشاعر المتفاقمة داخلها ..
لم يخطر ببالها .. ان فارس مرّ بحياةِ قاسية كهذة .. شعرت وكأن قلبها يعتصر في صدرها ..
احست بمراره ماضيه .. الذي هوّن ماضيها عليها ..
(( صدق لي قالوا .. من شاف مصيبة غيره تهون عليه مصيبته .. يارب عونك بس ))
اكملت دلال :" جا و طالب بـ فارس , طبعاً ماقدرنا نمنعه ياخذه ..و فارس كان مشتاق لريحة احد من اهله
فبطيبته ظن ان ابوه تغير .. راح معاه .. لكن ابوه استغله وخلاه وسيلة عشان ينتقم من طليقته ..
الله يرحمه .. كان يكرّه فارس بأمه كل لحظة .. وفي نفس الوقت يحاول يقربه منها ..
في ذاك اليوم .. وصّل فارس لبيت امه اللي ما شافته من هو صغير ..و قاله يقعد عندها مع عائلتها الثانية
طبعاً هيا كانت الزوجة الثانية لواحد من التجار المعروفين .. فمن شافت الفقارة اللي ظاهرة على ولدها
خافت الفضيحة .. فـ طردته .. وقالت له اذا شافت وجهه ثاني لا تتبلى عليه وتدخله السجن "
زينة بقهر انفجرت وهي تضرب قبضتيها على الطاولة :" الحقيــــــــــرة "
دُهشتا لردة فعلها المبالغة .. ونظرتا الى بعضيهما ثم اليها ..
تفاجئت زينة هي الاخرى من ردة فعلها فوقفت بضيق متجهة الى المطبخ لتجلب كوباً من الماء تهدء فيه نفسها
سألت دلال شفا بغرابة :" ايش بها ؟"
شفا بإنسجام لقصة فارس :" مدري ... ايوا كملي "
اكلمت دلال بحزن :" بعد ماطردته امه .. انقهر ابوه .. فتهجم على فلتهم وانحبس في السجن ..
فارس انقلبت حياته من وقتها .. وصار اصحابه في المدرسة والكل يعايره بـ ولد السجين و النذلة ..
نحن كنّا ملجأه الدائم .. فعشان يثبت نفسه قدامنا ويرد جميلنا .. تابع دراسته بجد ..
لين ما الله وفقه واخذ البعثة للخارج .. ليلة سفرته هي نفسها ليلة ملكتي على زيد .. فـ
كانت ليلة فرحة وحزن لي .. لكنه ما قصر جا سلم علي و بارك لي و لـ زيد .. و بعدها سافر
ولا عاد رجع .. الا زيارة من وقت لوقت .. يسلم فيها على اهلي "
سألت شفا :" طيب ايش صار بوالدينه .؟"
دلال :" سمعنا انه اتشابك مع السجناء وواحد طعنه .. مات الله يرحمه "
افلتت من شفا آهه حزينة ..
ودلال :" امه اتطلقت للمرة الثانية وتزوجت واتطلقت .. الحين مانعرف اي شيء عنها "
شفا بحزن :" مسكين .. الله يعوضه خير "
دلال :" آمين "
هناك خلف باب المطبخ .. وقفت و الألم طفح قلبها .. لماذا فارس بالذات .؟
ضغطت اناملها بشدة على حواف الكأس حتى ابيضت .. وهمست بحزن :" فارس !!"
كانت تراه علامة استفهامٍ كبيرة .. والآن تفهم سرّ غموضه ..
لقد مرّ بتجربة قاسية في الحياة هو الآخر ..
فشعرت برغبة طاغية في ان تنسيه تلك الآلام ..
ثم سمعت اصوات خطى الاطفال وهم يركضون الى الصالة ..
فمسحت غيمة الحزن عن وجهها و زفرت لتخرج وتنضم اليهم ..
رآها بسام :" خخخخ عمتوو فكينا اسرنا اررر اررر "
تامر :" اررر اررر يا جراار انتَ يا خطير "
تالا :" انا وتوتو فكينا الحبال يا كذابين .. بلا اررر اررر "
ضحكت شفا :" ههههـ ما ادري ايش يقولوا هدول !!"
زينة بتملل :" اصبر علي انت وهوَّ ان ما وكلتكم هيا سخنة .. ما اكون زينة شيخة المزايين "
دلال :" و احلى شيخة .."
قاطعتها شفا :" رهيبة .."
قفز بسام ليكمل :" عربجية .."
وانهى تامر الجملة :" في الحاااااااارة .."
ثم ضحكوا جميعاً ..
رفعت زينة يدها الى فمها بطريقة ساخرة واخذت تضحك وتحرك كتفيها :" هوهاهاها ضحكتوني وانا مالي نفس اضحك "
لوح تامر يده :" ما يقولوها كذا .. يقولوا حلووووووة بس لا تعيدها ثاني هع "
بسام وهو يراقص حاجباه :" لالالالالا يا واد .. يقولوا حلوووووة بس مخطوبة خخخ"
لم تتحمل زينة غبائهم .. فرقعت رأسيهما .. وسط ضحك الاخرين ..
بسام :" آآآح .. عمتو ترى ما نأخذك معانا للـ مارينا "
زينة :" مارينا ولا كارولينا مررة هددتني "
تحدثت دلال وابنتها تجلس فوقها :" صحح .. بنات ترى هالاسبوع في الويكند فارس مخطط ياخذنا جزيرة المارينا كللللللنا "
تامر وتالا بفرح :" واااااااااااااااو ... وااااو .. وناااااسة .. شفاا بنرووح بنروووح "
شفا بأسف :" اممم .. لا والله ما نقدر "
زينة :" وهذا الخبل لازم يفرد عضلاته قدامنا يعني .. جزيرة المارينا مرة وحدة "
دلال :" امم يقول مرة حلوة .. فقال بآخذكم يومين .. وبيستأجر لنا يخت عشان نروحلها "
قفز الصغار فرحين .. وبحماس اخذ بسام و تامر يخططان :" يا واد جايب صنارة صيد .. بنصيد بيها حوت"
تامر :" انا عندي معدات غوص ما قد استعملتها .. هذي فرصة ذهبية "
زينة :" هششش بلا ازعاج .. شفوي ما تقدر تروح "
تالا :" لالالا شفااا بنرووح " ووقفت امام اختها بعينان تناشدانها .. وانضم اليها تامر وفارس ..
نظرت شفا اليهم بيأس :" يووه لا تطالعوا كذا .. يا الله "
دلال :" شفا يالله عاااد .. بنتونس سوا .. وبعدين بتكونوا في اجازة .. ما وراكم شيء "
تأففت زينة لفهمهم البطيء :" دلال .. شفا ما تقدر تبعد عن المستشفى هالمسافة وهالمدة .. في حالة جا متبرع .. فهمتي "
وضعت دلال يدها على فمها وقد تذكرت حالة شفا ..:"أهاااااا.. آسفة شفا "
ابتسمت لها :" لا عادي .. بس شوفي هـ الاعين تعذبني "
قامت زينة لتجرهم من ياقات ملابسهم .. :" هييي مافي روووحة افهمووا "
تالا و تامر :" بليــــز نبغى نروووح .."
بسام :" والله انا مو رايـــــــح الا معاي خويي تامر .. ولا خلاص بطلت " وجلس متكتفاً
زينة :" احلى ..الولد كبر وصار جحش خخ"
دلال :" ههههههـ مالت "
زينة :" عليكِ .. " ومدت لسانها بصبيانية لها ..
بسام :" طيب خلي تامر وتالا يجوا معانا .. عمتو بتنتبه لهم "
قفز تامر :" اييييييييوه صح .. جبتها يالحبيب "
بسام بأسلوب رجولي :" افااا عليك اعجبك يالطيب "
شفا :" هههههههـ دلال ولدك .. بيعلم تامر الرجولية "
دلال :" ههههـ ولد حواري عاد .. بس اقتراحه حلوو .. خلاص خلي تامر وتالا يجوا معانا .."
شفا بتردد :" ممم .. ما ادري ..ممم "
تامر :" شفاا نوعدك ما نتعبهم " .. وتالا :" يب يب يب .. بصير عاقلة واسمع الكلام "
نظرت شفا الى زينة ..:" زينة تروحي معاهم .؟"
فكرت زينة قليلاً ... :" والله مرررة طفشانة بغير جو .. و عااد المارينا من زمان نفسي اروحها "
دلال :" خلااص اجل مافي كلام .. رايحين اوكي ؟؟"
نظر الجميع الى شفا منتظرين اجابتها .. فأستسلمت :" اووكي "
فقفز الصغار بفرح :" يسسسسسس وااااااو "
~~~~
بعد ساعتان من ذلك .. سكن المنزل وعمه الهدوء التام ..
استلقت شفا على سريرها لتأخذ الدواء ..
تنهدت زينة النائمة في السرير المجاور :" آآه يوم متعب "
وافقتها شفا بهزة من رأسها :" امم .. الحمدلله "
اعادت الكأس الى المنضدة فلمست الصندوق الزهري .. تذكرته وابتسمت ثم تناولته ..
رآتها زينة :" عجيب ايش هالهدية الناايس .. من معطيكِ هيا ؟"
شفا :" جود "
فتحت الصندوق و رأت بداخله ورقة معطرة .. ثم وردة بيضاء ..
جلست زينة امامها تنظر الى الهدية :" يووه شـ هالرقة اللي عليها "
ابتسمت شفا بـ سرها .. يملكُ ذوقاً فريد ..
فتحتَّ الورقة لتقرأ ما فيها ..:
( يا ذات الخيال الابيض .. كم تُهت بحثاً عن شبيهكِ
فـ وجدت ثلج الزهر قد نادى كهمسكِ ..
ودنت بتلاته تضاهي روعة طيبكِ ..
و بجوفه سكن الزمرد .. مثل ما سكن الحنان فؤادكِ ..
J )
تأثرت بما خُطَّ عنها ؟؟ كم هي رقيقةٌ كلمات جود ..
صاحت زينة باعجاب :" شفوووي طالعييي .. "
نظرت اليها ورأتها تحمل الوردة البيضاء .. عندما قطفت زينة احدى البتلات ..
صرخت شفا :" زيووون .. لا تقطعيها ومصع "
زينة :" مو مقطعتها .. بس بخرج السلسلة من قلبها "
شفا :" اي سلسلة ..؟؟؟"
ابعدت زينة البتلات بحذر .. ثم سحبت قلادة زمردية من باطنها ..
زينة :" وااااااو شفووي تجنن .. طالعي "
امسكت بالقلادة الرقيقة .. و احبتها .. انها جميلة جداً ..
اخذت زينة البطاقة لتقرأها :" والله هذي جود عليها هدايا تخقق .. يبغالي اتعرف عليها هوهاها"
فكرت شفا .. انها ليست جود .. انه هو ..
زينة :" احلىىى .. الكلااام مرررة نايس ومطابق على الهدية .. عجيييب عجييب شفوي ايش هالحركات"
ضحكت شفا وقد زحف الاحمرار الى وجنتيها ..:" احم .. استاهل ولا مو "
زينة بضحك :" موو هوهاهاها "
ثم عادت الى سريرها قائلة :" آآه انا نعست مرررة .. يالله تصبحي على خير "
همست ومازالت القلادة بيديها :" تلاقي الخير "
اعادت كل الاشياء الى الصندوق ووضعته في درج المنضدة ..
ثم استلقت وهي تشعر بروحها خفيفة .. كـ خفة الريش بين نسمات الهواء ..
اغمضت عينيها .. ولم تغب الابتسامة عن شفتها ..
~~~
اتصلت به لكي تعرف المستجد .. :" هلوو .. هاي بابي .. ايش عملت ؟"
د. احمد :" خلاص حبيبتي الليلة بتبتدي دوامك المسائي عليها "
وسن بفرح :" واااو ثااانكس بابي .. يو ار ذا بست "
د. احمد :" المهم كلمي الآنسة شفا وهي بتساعدك في حالة المريضة "
خبت بسمة وسن :" وليش شفا ..؟؟؟؟؟ "
د. احمد :" لانها الممرضة الرئيسية لحالة المريضة .. يالله انا مشغول باي "
وسن :" تشاو بابي "
اقفلت الخط ونظرت الى هاتفها بغضب .. :" اووف .. شفا اقين.. متى تموت ونرتااح منها "
رمت بالهاتف على السرير .. و اخذت تذرع الغرفة ذهاباً واياباً ..
هذة الفتاة ... دوماً ما تأتي في طريقي .. اكرهها .. اكرهها ..اكرههاااااااا
لقد مضيت اسمع مديح ابي الدائم عنها ..
خطفت مني تميزي في الدراسة .. وماذا بعد ..؟
انها ... انها جميلة بشكل يثير الحنق .. فـ هل من الممكن ان تخربّ خطتي مع جاسر ...؟
لا استبعد ذلك .. آآآآآآآه يا الهي كم اكرهها ..
اتمنى فقط ان تمووووووووووووووت ويكف قلبها المهترء عن الخفقان ..
ارتفعت ضحكتها الشريرة :" ههههههههاااي .. شفااا .. لو قلبك ما توقف لوحده .. انا بعرف كيف اوقفه "
~~~
قال جاسر :" لا تظني اني بسمح لكِ "
جود :" لييييييش جاسر بليـــز والله تعبت من القعدة هنا "
رفض جاسر طلبها مرة اخرى :" جوود .. مافي طلعة .. ممكن يكون خطير عليكِ "
دخلت عندها شفا للمرة الثانية .. فسألتها جود :" شفاا جاسر يقولي ممنوع اطلع واتمشى .. بليييز اقنعيه"
ابتسمت شفا و بخجل :" سيد جاسر .. ما بيصير عليها شيء .. بالعكس احسن لها "
لاذ بالصمت وهو ينظر الى شاشة حاسوبه :" طيب اللي يريحكم "
جود بفرح :" شكراااااا شكرا شكرا جسووور شكراااا "
ثم تركت سريرها لتتوجه الى خزانة الملابس .. جاسر :" ايش بك مستعجلة المكان ما بيطير "
ضحكت جود :" ما ابغا اخاف تغير رأيك .. شفااا ساعدينيي بسرعة البس "
تحركت شفا مبتسمة و اخرجت لها الملابس ثم تركتها تذهب لتبدل روب المستشفى ..
عندما اصبحا وحديهما .. قالا بصوت واحد :" شكراً "
رمقا بعضهما ثم اشاحا .. جاسر :" الشكر لك آنسة شفا.. و على ايش تشكريني"
اضطربت قليلاً :" شكراً على .." هل تقول الهدية .. اوه لا ستنهار من الخجل :" على انك جبت جود هنا"
ابتسم ويداه تقرعان على مفاتيح الكيبورد :" و شكراً على انك هنا معها "
هزت برأسها .. و ضاعت منها الكلمات .. لا تدري لما يلفها الخجل والاضطراب عند وجوده ..
جاسر :" آنسة شفا .. ممكن اكلمك بوقت تكوني متفرغة .. بدون وجوها "
توسعت عيناها و نطقت :" ليش ؟؟"
جاسر :" ابغى اعرف حالة اختي منك بالضبط .. لاني واثق انك تقدري تحددي الخطب فيها "
عندها خرجت جود و قد ارتدت بنطالها الابيض و قميصاً اصفر فوقه ..
جود بحماس :" يالله شفوووي .."
امسكتها من ذراعها واخذت تسحبها .. لكن جاسر قال قبل خروجهما :" اشوفك مرة ثانية آنسة شفا "
باضطراب :" ااا .. ان .. ان شاء الله "
في الممر ابتسمت جود لشفا :" هاااه .. ايش مخططين انتي واخوي من ورايا ؟؟"
انكرت شفا بشدة :" مو مخططين شي جووود "
ضحكت جود :" هههههـ امزح شفااا .. ياااه ابغى اشممم هوا معاكِ .. "
شفا :" الحين بالحديقة بيعجبك الجوو .. "
بدأت خطوات جود تسرع :" يااالله مافيا انتظرررر "
شفا :" ههههـ طيب لا تطيري "
واستقلتا المصعد الى الطابق الارضي ومنه الى الحديقة ..
عندما وصلتا الى الارض المخضرة والسماء الصافيه .. مدت جود يديها وهي تستنشق الهواء
:" آآآآآآآآآآآآآآآآآه يا ربي "
ابتسمت شفا لهذا الاشراق الذي بدى على جود ..
انها في طريقها للشفاء ..
يا رب لك الحمد .
~~~~
|