المنتدى :
المنتدى الاسلامي
هل أنت مستعد لهذا اليوم
عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ... استيقظت ... انتابني شعور رهيب قادني لأن أفتح غرفة والدي ... دخلت غرفته ، أحسست بأنه شاحب الوجه ، وأنه لا يبدوا بخير ... ناديته : أبي ... أبي ... فلم يسمعني ، ارتجفت يداي ولم أقوى على الحركة ، ولكني في نفس الوقت خفت أن ألمس خده وأهمس له أبي ... فيصحوا مذعورا ، ولكني فعلت ذلك ولم أجد جوابا ... فصرخت أبي ... أبي ... نور عيني ... حبيبي أفق ... ، فأسرعت لغرفة أخوتي فوجدتهم نيام لم يأبهوا لصراخي ولم يحركوا ساكنا ... آه ... آه ... كيف بهم لم يستيقظوا !!! وكيف لم يسمعوا صراخي العالي ؟ !!!
فأسرعت إلى غرفة أختي الكبرى ... لأوقظها ... فوجدتها قد انكبت على وجهها ... وفوق سجادتها ... ماسكة بالمصحف الشريف ... وقد بللت بالدموع آهاتها ... وتنادي بصوت أقرح الفؤاد ... أخي محمد ... أخي محمد ... فقلت لها أنا هنا يا أختاه ... لبيك يا أختاه ... فلم ترفع رأسها ولم تستجب لي ... وبقت قابعة مكانها ... وبعد مدة رفعت رأسها ونظرت إلى جوارها وهي تجهش بالبكاء ... فنظرت أنا إلى حيث تنظر ... تعجبت بأن هناك شخصا قرب خالتي ... آآآه ... إنه أنا ... إنه محمد هناك ... وأنا محمد هنا ... إنها خالتي تهز بدني ... فلا أحرك ساكنا ... وتضرب بكفها على خدي ولا أستجيب لها ... فقلت لها خالتي أسمعيني واذهبي لوالدي لعله أصابه مكروه فهو لا يرد علي ... فنادت خالتي ... حسن ... حسن ... فجاء مهرولا مذعورا ... ومر من أمامي ولم يعرني أي اهتمام وكأنه لم يراني ... ومر من خلالي ولم يشعر بي ... فسعدت بأن أخي الأكبر بخير ... سأل حسن خالتي : ماذا هناك وماذا حصل ؟ ... فقالت : أخاك محمد قد مات ... فصرخت في وجه خالتي وقلت لها إني هنا ... أنا هنا يا أخي ... لماذا لا يسمعونني ؟ لماذا يتجاهلون وجودي بينهم ؟ صرخت بهم مرة أخرى : أنا هنا يا أحبتي ... أنا هنا جنبكم ألا ترون ؟ ... فقالت خالتي لحسن : اذهب وأخبر أعمامك ونادهم ... يا رباه ... ماذا يحصل ؟ ... ولماذا لم تطلبوا مني ... وما حاجتكم لأعمامي ؟ فخرج من البيت ...
قالت زوجتي بعد أن ارتدت ملابسها : اذهب و نادي أعمامك , يا إلهي لماذا و أنا هنا ؟ صحت بهم ... لماذا لا تطلبون مني ... ما حاجتكم لأعمامي ...فخرج والدي من غرفته منحني الظهر ... يهتز يمنة ويسرى ... ويطأطأ برأسه ... فأسرعت نحوه ... لا تبك يا أبي ... أنا بجنبك ... فرفعت يدي لأمسح دموعه التي تنهمر كالشلال ... وحرارتها كالبركان ... آه ... ما هذا !!! .... لا أستطيع مسح دموعه ... وهو لا يحس بي ... إني أرى يدي تغوص في جسد أبي ... فرجعت خطوات إلى الوراء ونظرت إلى ذلك النائم هناك ... إنه أنا ... إذن لماذا أنا هنا أيضا ... ليتني اصحي من هذا الكابوس المرعب المزعج ... إنه أبي يكاد أن يسقط ... لقد أغمي عليه ... فركضت نحوه كي أمسك به قبل أن يهوي على الأرض ... وضعت يداي خلف ظهره ... لقد سقط ولم أقوى على منع وقوعه ... ولا زلت أصرخ ... أنا هنا لم أمت ألا تروني هنا ... وا ويلاه ... إني أسمعكم جميعا ... لماذا تحضرون الكفن ... ؟ يا أرحم الراحمين ... أنا مت حقا ؟ ...
أدركت بأني مت حقا ... صرخت بهم ... يا قوم لا تصرخوا فصرخاتكم تؤلمني ... فلم يستجب أحد ... إنها أمي ... أمي ... أماااااه ... لا تقلقي ... لا تحزني إني هاهنا ... لا تبكي فدموعك أغلى من دمائي ... سأبقى قربك يا أماه ... لن أتركك ... أشعر بآلام شديدة عند صراخكم ...
أخرجوني أهلي وتوجهوا بي إلى المغتسل ... ألبسوني كفني الأبيض ... جاءت أمي وأخوتي وأهلي ... كشفوا عن وجهي ... قبلوني جميعهم ... ابتلت جبهتي بالدموع ... إنني أشعر بهم وأخاطبهم ولكن لا يسمعون ... ولا يستجيبون ... فأعادوا تغطية وجهي ... وأتى أصدقائي وأهل قريتي ... وحملوني على أكتافهم ووضعوني هناك حيث كانوا يضعون أمواتهم في مقدمة المسجد وصلوا علي ... فذهبت لأصلي معهم ... فصاح المنادي ... قف ماذا تفعل ... لا تصل فقد أوقف عملك .. فلا أعمال لك منذ اليوم ... وا مصيبتاه ... توقف عملي !!!!
سجود لها ... دخلت معهم لأصلي ... صاح منادٍ لا تصل اليوم قد أوقف عملك ... لا عمل لك من اليوم ... وآه مصيبتاه توقف عملي ... ماذا عملت قبل ذلك , لا شيء ... كم من صلاة ضاعت ... و كم من الخير ضاع ... صرخت لا أتركوني أريد أن أصلي و أصوم و أعبد الله ... اتركوني ... اتركوني ... لا أريد الموت الآن ... لست مستعدا ... سأصوم النهار و أقوم الليل و أعمل الخير ... ثم بعد ذلك
ليأتي الموت ...
سمعت صوتا ... هذا يوم قد فات و لن يعود ... قد كان لديك الكثير من الوقت لتفعل ذلك و لكن غرتك الحياة الدنيا حتى ظننت بأنك لن تموت أبدا ... تسابق الجميع لإخراجي من المسجد ... أمسكت بباب المسجد لكن لم أفلح ... تمنيت أن أبقى هناك عسى أن يشفع لي بقائي في المسجد ... أخرجوني وساروا جميعا إلى حيث سرت سابقا و كنا نحمل غيري ... لم أتصور يوما أني سأكون أنا محمولاً ... أعرف هذا المكان ... مقبرتنا... صاح أحد الموجودين : هنا القبر ... أسرعوا بي هناك حيث الرجل و أنزلوني ... فليقم بوضعه أخوه و أقرب الناس إليه ... هذا ما قاله الشيخ ... نزل قبلي إلى القبر ... تناول أخي جسدي من أصدقائي ... وضعني في اتجاه القبلة ... ودعني و هم بالخروج ... يا أخي أتتركني هنا وحدي ... أنا أخوك كيف هُنّت عليك ... لم يّستجب ... تركني و خرج ... تسابق أصدقائي لوضع التراب فوق قبري ... أقربهم مني في الدنيا كان أكثرهم حرصاً على وضع الكثير من التراب فوقي ... لقد أقفل قبري ...
قال الشيخ : كلاما لم يعد ينفعني ... لطالما سمعت مثله و لم ألقِ له بالا ... سكت الجميع ... و سكت الشيخ ... و بدأت أسمع قرع النعال ... لقد تركوني جميعاً ... لم يبقى معي سوى عملي ... لن ينفعني أحد من الخلق ... رأيت الملائكة ... قلت ما هذا ؟ كيف أستطيع ذلك ؟ جاءني الجواب :
(فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد ) ... أجل رأيت النار ... و رأيت الجنة ... لكن أين سأكون ...تساءلت هل عملت خيراً حتى يكون معي في قبري ملك جميل رحيم بي؟ ... أم هل عملت شراً فيكون معي ملك قبيح جبار علىّ ؟ فيقول لي أنا عملك و سأبقى معك إلى أن يشاء الله .
واخيراً لا يسعنا سوى تمنياتنا لكم بالتوفيق[/CENTER][/CENTER]
التعديل الأخير تم بواسطة المبدع(2) ; 27-08-08 الساعة 05:25 PM
|