لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


176 - البحث عن وهم - سالي ونتوورث - عبير القديمة ( كاملة )

~*~*~ البَحث عن وهم ~*~*~ العنوان الاصلي لهذه الرواية بالانكليزية ~*~*~The Judas kiss ~*~*~ - سالي ونتوورث - الملخص: السجن للرجال يقول المثل ...

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-08-08, 06:02 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Flowers 176 - البحث عن وهم - سالي ونتوورث - عبير القديمة ( كاملة )

 

~*~*~ البَحث عن وهم ~*~*~
العنوان الاصلي لهذه الرواية بالانكليزية
~*~*~The Judas kiss ~*~*~
- سالي ونتوورث -





الملخص:

السجن للرجال يقول المثل ... وليس للنساء . فالمرأة اذا دخلت السجن تعطلت حياتها . بات عمرها جحيماً لا يطاق .
وكيف ان كانت بريئة ، وشابة ، وجميلة ، وكيف ان كان الذي أدخلها السجن هو عينه الرجل الذي يحبها والذي اعتقدت ان الحياة بدونه سجن وسراب .
قاست لين الامرّين بسبب بيرت . كان حبها الأول وكانت مستعده لكل شيء في أي لحظة من أجله ولذا باتت مستعدة لكل شيء كي تسحقه كما سحقها ، وكي تعذبه كما رمى بها في قعر سلة المجتمع .
ومن أجل الوصول الى مبتغاها غّيرت وجهها واسمها ونصبت له مكيدة أطاحت بنصف عقله . غير ان الوقت كان لها بالمرصاد وما اكتشفته في نهاية الطريق ليس تماماً كما توقعت في بدايتها .
منتديات ليلاس


للأهميــــــــــــــة الروايــــــــــــــــة ناقلتهـا من منتـــــــــدى

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس

قديم 20-08-08, 06:52 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

-المصيدة




غاب الشاب والفتاة في هيام طويل واقفين في ظل شجرة نخيل على ذلك الشاطئ الفضي الغارق بنور القمر ، ولم يكف صوت الامواج المتكسرة على اقدام الرمال لايقاظهما ، فالعالم بالنسبة اليهما تقلص ليصبح بحجم الحالة الدافئة التي تجمعهما واللحظة المجنونة التي يعيشان .
وأخيراً افاقا من حلمهما على صيحات ضاحكة لمجموعة من الفتيات جلسن في حلقة على الرمال ينشدن اغنيات صاخبة مصحوبة بالتصفيق والقهقهات .
نظر الشاب الى فتاته المغمضة العينين والتي تحاول التقاط أنفاسها بعد تلك اللحظات العاصفة . وقال مازحاً :
-هل غفوت ؟
ابتسمت ، ثم فتحت عينيها اللامعتين وأجابت بصوت ملؤه السعادة :
-لا ، وليس في نيتي ان أنام الليلة !
-حتى ولو كنت بطل أحلامك ؟
زادت الفتاة قرباً من حبيبها وقالت هامسة :
-وما حاجتي للاحلام وانت هنا الى جانبي يا بيرت ؟
لم يقو الرجل على مقاومة الاغراء فشدها اليه لكنه مالبث ان امسك بكتفيها ودفعها عنه بشيء من العنف قائلاً بصوت تخنقه الرغبة :
-آه لو تدركين ماتفعلينه بي يا لين !
ضحكت عينا لين بخبث وحاولت الاقتراب منه ثانية لكنه صدها ، فسألت باستغراب :
-لماذا تبتعد عني ؟
ابتسم بيرت مدركاً ابعاد لعبتها وداعب شعرها الاسود المتروك على سجيته مرتاحاً من عناء التسريحات المتعبة ، ثم قال :
-انت تثيرين جنوني ، واذا لم تتعقلي لاعتبرت نفسي غير مسؤول عن نتائج اغوائك .
اطرقت لين وعلقت بخجل :
-وما أدراك أني لن أكون مسرورة بهذه النتائج ؟
رفعت عينيها نحوه لترى ردة فعله فما كان منه الا ان ضمها الى صدره من جديد قبل ان يضحك عالياً لطرافة طريقة اعرابها عن مشاعرها ، ثم قال بجدية :
-أمامنا متسع من الوقت لنعمق علاقتنا ، فنحن لم نتعرف الى بعضنا الا منذ اسابيع قليلة . كما انك ما زلت صغيرة ...
قاطعته لين بحدة :
-لا اظن ان فتاة قاربت العشرين تعتبر صغيرة على ...
احمرّت وجنتاها وتابعت بتلعثم :
-الكثيرات غيري في الشركة ...
تولى بيرت مهمة اكمال الجملة :
-يقفزن الى اول فرصة اليس كذلك ؟ أعلم ان بعض مضيفات الطيران لا يحترمن سمو العلاقة بين الرجل والمرأة . ولربما كانت ظروف هذه المهنة المتحررة تملي عليهن ذلك . والامر لا يقتصر على المضيفات فلابدّ انك تلاحظين كيف تحوم الفتيات حول الرجال من افراد طواقم الطائرات في الفنادق حيث ننزل ، وقد يكون السبب في الاقبال النسائي على الطيارين ، البزة الوقورة التي يرتدونها وخبرتهم المفترضة في المغازلة نتيجة تجوالهم في مختلف اصقاع العالم وتعرفهم الى كل انواع نسائه .
هنا سألت لين بقسوة :
-اتلمح الى انك لم تستغلّ الفرص المتاحة أمامك ؟
-لم أقل ذلك ، فأنا رجل يحب الجمال كسائر الرجال . لكني لم آخذ أياً من اولئك الفتيات على محمل الجد ، ولم تكن علاقتي باحداهن اكثر من طريقة ممتعة لتمضية الوقت . كما اني لست مستعداً للخروج على القواعد من اجلهن .
-القواعد ؟
-يالغباء حبيبتي الصغيرة ! القاعدة تقول ان لا تغرم أبداً بمضيفة خاصة وان مامن امرأة تستحق ان يفقد الرجل حريته من اجلها . غير ان هذه القاعدة تستبعد متى وقعت يداي على الفتاة المناسبة . فتاة تملك براءة فائقة في وجهها وحناناً دافقاً في عينيها ، وتعجز كذلك عن اخفاء مشاعرها وكبح جماح عواطفها الجياشة ...
تأملت لين ملامحه الوسيمة بدهشة كبيرة وسألت :
- أتعنيني بكلامك ؟
أجاب بيرت والابتسامة تعلو ثغره :
-بالطبع ياحلوتي .
امسك وجهها الناعم بيديه القويتين وأضاف :
- علينا ان نسيطر على اعصابنا ولا نستجعل الأمور حتى لا نفسد العلاقة الرائعة التي بدأنا ببنائها . والوقت ، كما قلت ، مديد أمامنا لنقطف من حلاوة الحياة .
ازاحت يديه عن وجنتيها ووافقت على مضض :
- ليكن ماتريد مع العلم ان الامر لن يكون سهلاً اذا تابعت معاملتي بهذه الطريقة .
لف بيرت خصرها بذراعه وعلق مازحاً :
- لا تنسي ان دورك في العملية لم يقل أهمية عن دوري !
- لا ادري ، لم اعد اذكر تفاصيل ما حدث ...
ضحك الشاب من جديد مستغلاً الفرصة :
- افهم من ذلك انه من واجبي انعاش ذاكرتك ... لنعد فوراً الى الفندق ، اذ علينا النهوض باكراً في الغد لنستعد لرحلة العودة الى لندن .
اسندت لين رأسها على كتفه تاركة له أمر قيادتها من الشاطئ عبر الحدائق الخضراء الى الفندق .
منتديات ليلاس
كان حوض السباحة مضاء يلهو فيه بعض هواة السباحة في الليل والمقهى الصغير المقام قربه على وشك الاقفال يوزع مابقي لديه من مرطبات على آخر الزبائن . والرواد ليسوا ، في أي حال ، كثراً في هذا الوقت من السنة لأنها نهاية الموسم السياحي في ميامي عاصمة ولاية فلوريدا الامريكية . ولكن هذا لا يعني ان الطقس لم يعد حاراً فالحرارة تبلغ خمساً وعشرين درجة مئوية في الليل ، مما دفع لين الى ارتداء ثوب رقيق وبيرت الى الاكتفاء بقميص قطني أبيض وسروال صيفي مريح .
مشى الثنائي الشاب حول حوض السباحة حيث اصطفت الكراسي العريضة المخصصة لهواة التمدد تحت الشمس المحرقة لاكتساب السمرة الجذابة . واكملا طريقهما الى حوض ثان حيث اقيمت شلالات صناعية توحي للسابح انه مرتمٍ بين احضان الطبيعة العذراء . والى جانب الحوض متجر لبيع المصوغات ومطعم متخصص بأطايب البحر المتنوعة . لكن الاثنين مقفلان في هذه الساعة تاركين الساحة لخرير الماء المصب من الشلالات . اقترب الشابان من الفندق حيث انبعث صوت المغنية الدافئ من النادي الليلي الذي يحتل الطبقة الاولى . بيد ان لين تكره اجواء هذه الامكنة المصطنعة والبعيدة عن الصدق والشاعرية اللذين غلفا ما دار بينهما وبين بيرت منذ قليل على ذلك الشاطئ الفسيح الساحر . لقد حصل كل شيء بسرعة فائقة لم تمكن لين من ادراك ماهية مايربطها بهذا الشاب وما اذا كانت هذه العلاقة ستتوج بالسعادة ، ام ان جل مافي الامر حلم جميل ووجودها مع بيرت على شاطئ ميامي ضرب من الخيال .
وعادت الذاكرة بلين الى الوراء اشهراً قليلة حيث واجهت صعوبة في تليين معارضة ذويها لما فاتحتهم بموضوع تقديمها طلباً للتوظف في الشركة العالمية للملاحة الجوية . وخضعت لامتحان شفوي صعب وآخر خطي قبل ان تتلقى رسالة من الشركة تعلمها بالنجاح وتدعوها لبدء فترة التدريب في معهد خاص امضت فيه بضعة أسابيع مع شابات وشبان اختاروا المهنة نفسها . وهناك تعلمت الكثير ، فوظيفة مضيفة الطيران هامة وصعبة تحتاج الى الجرأة والذكاء والصبر . بعد ذلك قامت بأولى رحلاتها على الخطوط القريبة من لندن والعواصم الاوروبية الاخرى ، لكن قيام الشركة بفتح خطوط جديدة عبر المحيط الاطلسي الى الولايات المتحدة جعل لين تنتقل الى خط لندن-ميامي . واعتبرت الفتاة نفسها محظوظة بذلك لأن جميع المضيفين والمضيفات يتمون العمل على هذا الخط الذي يتيح لهم كل مرة تمضية يومين أو ثلاثة في شمس ميامي الدافئة .
بيرت بدوره كان يعمل على الخط عينه وقد تعرفت لين اليه عندما اصطحبتها المضيفة الاولى الى قسم الطيارين في مطار هيثرو وهو المطار الرئيسي في انكلترا . فقابلت الطيار ومهندس الطيران ومساهد الطيار الذي لم يكن سوى بيرت . وصعقت الفتاة لما شاهدته بقامته الفارعة وعضلاته البارزة ، وبعينيه شديدة الزرقة . صافحها بهدوء مبتسماً فلم تدر لين ماتقول وأبقت يدها في يده مشدوهة لأنها لم تشاهد فتى بوسامته من قبل ، وبخاصة ذلك التناقض الملفت بين سمرته الداكنة وزرقة عينيه . ولم تستطع الفتاة تدارك احمرار وجنتيها الامر الذي أثار دهشة بيرت فسارعت الى سحب يدها وحيت الرجال الثلاثة من جديد ثم انسحبت تحت انظارهم الساخرة .
لم يكن ارتاك لين أمام بيرت غير ذي نفع ا ذ بادلها الاهتمام ودعاها بغد أيام قليلة الى الخروج للعشاء ، فلم تكد تصدق حظها لأن فتيات الشركة كن يحمن حوله بكثافة وهو متعجرف لا يمنحهن نظرة . وخشيت لين الا تفي بالمطلوب نظراً لعدم خبرتها مع الشبان وان يشعر بيرت معها بالملل فيهملها ، لكنه ظهر صبوراً ومتفهماً فاخذ يساعدها على التأقلم معه فارتاحت اليه تدريجياً حتى وجدت شخصيتها من جديد واستعادت ثقتها بنفسها . وعلى الرغم من انسجامها مع بيرت لم تدرك الفتاة سبب
اهتمامه بها فهي ، وان كانت ممشوقة القوام جميلة العينين ، ليست على ذلك القدر من الفتنة والروعة حتى توقع رجلا وسيماً مثله . ولطالما تذمرت لين من انفها الرفيع والطويل نسبياً ، غير ان بيرت كان يحب تمرير اصبعه عليه ويؤكد لها دوماً انه يعطيها مسحة ارستقراطية متعالية .
مضى شهران على اول لقاء لها ببيرت . شهران تعتبرهما لين اجمل ايام حياتها على الاطلاق . فقد ايقظ لشاب في اعماقها جانباً كان مطموساً ، وأثار فيها حب الحياة فاتحاً أمامها درب السعادة والهناء .
غريب كيف يغير الحب مسار عيش الانسان رأساً على عقب ، فبعد ان كانت الحياة في نظر لين مشروعاً باهتاً فاشلاً هاهي الآن تتلذذ بكل لحظة تمضيها مع بيرت وتتشوق في كل لحظة تمضيها بدونه للقائه من جديد . ولم تأبه لين لملاحظات زميلاتها المضيفات اللواتي يدعونها للتروي والتعقل ، بل انغمست في حب مساعد الطيار الذي أدار رأسها وسلب عقلها . أما بيرت فلم ينجرّ أكثر من ذلك مكتفياً بعناقها مقاوماً الاغراءات واستعداد فتاته لمنحه كل مايشاء ، ولا شك انه يجد صعوبة في كل مرة يكون في موقف عاطفي مع لين لضبط اعصابه وعدم الانسياق وراء الغرائز . ولين لا تخبئ خيبتها من ذلك لأنها تريد الوصول بهذا الحب الى القمة ، لكنها مرغمة على الصبر قانعة بما لديها حتى تترسخ العلاقة أكثر .
قبل ان يدخلا الفندق تبادلا نظرة اخيرة . وفي المدخل الفسيح مشيا ببطء يتفرجان على واجهات المتاجر المتنوعة التي تسهل للنزلاء امر الحصول على مبتغاهم من ملابس واحذية وآلات تصوير والعاب ... نظر بيرت الى محل الالعاب فتوقف فجأة وقال :
- انتظري هنا ، سأعود سريعاً .
اطاعت لين امره واخذت تحدق في الالعاب المتنوعة الحديثة التي تعمل كهربائياً والكترونياً ، والتي تضفي بجمالها والوانها الزاهية جواً فرحاً على المكان . بعد قليل خرج بيرت حاملاً دباً أبيض كبيراً ذا اذنين سوداوين وعينين معبرتين كأنه مخلوق حيّ لا مجرد دمية من الفرو . اعجبت لين كثيراً بالدبّ وضمته الى صدرها فقال بيرت ضاحكاً :
- جلبت لك هذه اللعبة حتى تداعبيها في سريرك بغياب الأصيل .
وبما ان الفتاة لا تخلو من الدهاء علقت :
- لربما وجدت مع دبي الوسيم ان لاحاجة لي الى الأصيل .
عندها نزع بيرت الدمية الكبيرة من يدها مهدداً :
- سأعيده اذاً الى حيث اتى !
- لا ارجوك ! انت تعلم ان لابديل عنك ياحبيبي !
- كانت هذه المرة الأولى له فيها " حبيبي " . لم يعلق بيرت عن ذلك بل زادت نظراته حناناً وعذوبة ، فأمسك بيدها واتجها الى المصعد . وعلى باب غرفتها طبع على جبينها قبلة رعائية ونبهها الى وجوب النهوض باكراً . في اليوم التالي لم يلتقيا الا في مطار ميامي في القاعة المخصصة لافراد طواقم الطائرات . وابدى جميع الزملاء والزميلات اعجابهم بالدب الابيض الكبير الذي تأبطته لين بدون ان ينسوا اطلاق التعليقات والنكات الساخرة . فقائد الطائرة نّبهها الى وجوب دفع تعرفة شحن اللعبة الضخمة ، والمضيفة الأولى ابدت تخوفاً من عدم قدرة الطائرة على حمل الحيوان الثقيل . تقبلت لين هذه السهام بروح مرحة ونظرت الى بيرت الذي تقدم منها مبتسماً لكنه تعثر بقدم احدى المضيفات وخلال المعمعة سقطت حقيبة يد لين وتبعثرت اغراضها على الأرض فانهمك بيرت وبعض المتطوعين من الزملاء والزميلات باعادة كل شيء الى الحقيبة : لوازم الزينة ، المحفظة ، جواز السفر ...
اخيراً نهض بيرت وناولها الحقيبة قائلاً بتعجب :
- لم أرَ في حياتي فتاة تحمل كل هذه الاغراض في حقيبة يد! ولكنه مالبث ان ابتسم جاعلاً قلب لين يخفق بشدة من الحب الممزوج بالفاخرة والمباهاة بالحبيب الوسيم أمام الزميلات الحاسدات .
مرت رحلة العودة الى لندن بدون أحداث تذكر ، كالعادة انهمكت لين وزميلاتها بتلبية طلبات المسافرين التي لاتنتهي . ولم يسعها اخذ قسط من الراحة الا حين عرض الفيلم السينمائي الذي استغرق ساعتين . أخيراً توقفت عجلات الطائرة عن الدوران ونزل الركاب ، فعملت مع لين زميلاتها على تفتيش الطائرة للتأكد من ان احداً لم يترك فيها شيئاً . وبعدها توجه افراد الطاقم الى مبنى المطار للمرور على سلطات الجمرك في عملية تفتيشية روتينية . وكادت لين توقع حقيبتها من جديد وهي تحاول اخراج جواز سفرها منها ودميتها الكبيرة تحجب عنها الرؤية ، فتبرع بيرت بالمساعدة قائلا :
- اعطني الحقيبة لأخرج جوازك .
توقف الشاب قليلاً فيما تابعت لين سيرها في رواق المطار الطويل متجهة نحو مكتب الجمرك . وبعد ان وجد بيرت الجواز لحق بها وناولها اياه بينما هي تتثاءب من النعاس والتعب .
- لاشك أنك تلعنين من أوهمك بأن السفر مهنة ممتعة .
- انها مهنة ممتعة لك يابيرت لأنك تسافر جالساً ، بينما أنا أجوب الطائرة مئة مرة .
بيد ان التعب كله يزول بهيمنة حب واحدة مع بيرت الذي يكنّ قلبها له عاطفة لا توصف .
وصل الجميع الى مكتب الجمرك حيث وجدوا ازدحاماً فعلق احد المضيفين:
- يبدو انهم يقومون باحدى غاراتهم التفتيشية ، وهذا يعني انهم سيؤخروننا كثيراً ببحثهم الدقيق .
ولكن مالعمل سوى الخضوع لأوامر السلطة التي لارجوع عنها وبخاصة في القضايا المتعلقة بادخال الممنوعات الى البلاد . اما لين فكانت هذه المرة الاولى التي تخضع فيها لمثل هذا التدبير ، فسلمت حقيبتها ودخلت مع احدى مأمورات الجمرك الى غرفة جانبية للتفتيش الجسدي . وسرت الفتاة كثيراً لما انتهى هذا التفتيش المزعج فارتدت ملابسها لتوافي بيرت معه على برنامج السهرة ، لكنها ابقيت في الغرفة فترة طويلة قبل ان تعود المأمورة ومعها احد الضباط الذي حمل جوازها وقال :
- أنت الآنسة لينيت ماكسويل ؟
- نعم .
- هلاّ رافقتني يا آنسة الى مكتبي لبضع لحظات ؟
نهضت الفتاة الحائرة من مقعدها يمسك بذراعيها المأمورة والضابط واصطحابها الى مكتب واسع في وسطه طاولة سوداء كبيرة .
وعلى هذه الطاولة شاهدت محتويات حقيبة يدها مبعثرة ورجال الجمرك يفتشونها بدقة ... حتى احمر الشفاه ومعجون الاسنان لم يسلما من شكوكهم . ولم يسع لين ان تقول شيئاً لأنها لم تفهم شيئاً ، لكنها صعقت ازاء المشهد التالي . فقد تناول احدهم دبها الكبير واخرج من جبينه سكيناً . عندها صاحت الفتاة بشدة محاولة الاندفاع نحوه لايقافه فاشتدت القبضتان على ذراعيها . ولم يعد لديها سوى التوسل :
- ارجوك لا تفعل ذلك !
لم يجدِ ذلك نفعاً اذ تابع الرجل عمله فبقر بطن الدب ممزقاً الفرو من اعلى الى اسفل باحثاً في داخله عما تجهله لين تماماً .
التفتت الفتاة غاضبة الى الضابط الممسك بذراعها وصرخت :
- كيف تجرؤ على ذلك ؟
اجابها الرجل بثقة :
- تأكدي ياآنسة اننا نملك صلاحية تفتيش أي شيء يدخل الى هذه البلاد اذا كان هناك ما يدعو الى ذلك .
- لا شيء يدعو الى تمزيق دميتي فهي هدية تلقيتها البارحة .
اشار الرجل بيده الى الاغراض الموضوعة على الطاولة سائلاً :
- اهذه حقيبتك يا آنسة ماكسويل ؟
- نعم .
- وهذه الاغراض ؟
حدقت لين في الوجوه الجدية القاتمة المحيطة بها و أجابت :
- اذا كانت الاغراض خرجت من حقيبتي فهي لي . لكن هل استطيع ان افهم لماذا فعلتم ذلك ؟
تقدم الضابط من الطاولة وبلمقط صغير التقط علبة مسحوق بودرة افرغ محتواها في علبة ثانية بيضاء ، ثم سأل :
- اهذه لك ؟
- نعم اظن ذلك ، ( امعنت لين النظر في العلبة واستدركت ) لا ، يبدو انها ليست علبتي فالتي ابتعتها في ميامي من نوع آخر على ما اعتقد.
زادت الفتاة حيرة وارتباكاً فحاولت الاستفهام :
- اتسمح ياسيدي بأن تفهمني ماذا يحصل ؟
وضع الضابط العلبة مكانها وقال ببرود :
- لقد وجدنا في علبتك هذه كمية من الهيروين ، لذا يغدو من واجبي الآن تسليمك الى الشرطة التي ستوجه اليك تهمة تهريب المخدرات وادخالها الى البلاد .
وعلى الفور شحب وجه لين من هول الصدمة والخوف فصاحت :
- لا ! لا! لم أفعل شيئاً من هذا !
وزادها الضابط بتهكمه خوفاً وسخطاً ، اذ قال :
- لا حاجة للخوف مادمت بريئة يا آنسة ماكسويل . فالحقيقة ستنجلي بعد ان تقنعي رجال الشرطة بأن علبة بودرة تحتوي على كمية من الهيروين الصافي دخلت حقيبتك بدون علمك .
احست لين انها ستنهار لا محالة ، فجلست على كرسيها صامتة تحدق بعنين غائبتين في الرجال يفتشون بقية الاغراض علهم يجدون مواد جرمية اخرى.
ومكثت سجينة الغرفة مدة طويلة حتى وصل اخيراً مفتش من الشرطة وابلغها انه سيوقفها ويصطحبها الى المخفر . وخلال كل هذا الوقت كانت الفتاة شبه ضائعة كأنها فقدت حواسها وادراكها ، حتى انها لم تسمع
بوضوح ما قاله مفتش الشرطة الى المخفر محاطة بشرطيتين ، ومروا عبر البهو الكبير حيث مكاتب مختلف شركات الطيران .
وكانت قد وصلت للتوّ طائرة للخطوط الجوية السويسرية فمرّ ركابها وطاقمها على الجمرك بدون ان يخضعوا لأي تفتيش . واخذ الركاب ينظرون بفضول الى لين التي اشاحت نظراتها ارتباكاً وخجلا. وفجأة لمحت بيرت المتكئ الى جدار ، السيكارة في فمه والقلق على وجهه .
ولما رآها ورأى من يصطحبها ادرك ما حدث . ولم تتمالك الفتاة نفسها فافلتت من المرأتين وارتمت في احضانه مرتجفة . وعلى الفور اسرع المفتش ليمسك بها لكن بيرت لم يدعها تفلت من يديه .
انفجرت لين عندها باكية :
- زعموا اني نقلت مخدراً في حقيبتي ! قل لهم يا بيرت اني بريئة من هذه الفعلة !
وهنا تدخل المفتش بحدة :
- دعها ياسيد ! الآنسة ماكسويل قيد التوقيف .
لم يذعن بيرت لأمره بل أحكم ذراعيه حول فتاته التي شعرت بشيء من الارتياح لوجود شخص قوي الى جانبها ، شخص يحميها ويشد من ازرها في هذه المحنة الرهيبة .
أخيراً وجد بيرت شيئاً يقوله :
- سأرافق الآنسة الى حيث تأخذونها .
تفحصه المفتش عرضاً وطولاً بنظراته القاسيه سائلاً بحدة هدفها افهام بيرت من صاحب الأمر هنا :
- ومن تكون بالنسبة اليها ؟
- ادعى بيرت داين واعمل في الطائرة التي تسافر فيها الآنسة ماكسويل .
فكر المفتش قليلاً ثم قال :
- حسناً نحن ذاهبون الى مخفر الشرطة ، فأهلاً بك اذا احببت المجيء.
ركب الجميع سيارة الشرطة وسمِحَ للين بالجلوس في المقعد الخلفي الى جانب بيرت . طوقها حبيبها بذراعه في حين انهمك بالاخرى بمسح الدموع المنهمرة غزيرة على وجنتيها . حاولت الفتاة ان تبتسم ولكنها لم تقوَ على ذلك فاغرقت وجهها في صدره ، فقبل رأسها واخذ يداعب شعرها بحنان . وشعرت لين انها ماتزال وحبيبها على شاطئ ميامي يتبادلان الكلام الحلو ولالعناق البريء ... ولكن ياللأسف فها قد وصلت السيارة الى مركز الشرطة حيث خضعت لين لتحقيق جديد بمعزل عن بيرت الذي جلس يعاني قسوة الانتظار والقلق . وجه المحقق الى الفتاة التهمة بصورة رسمية ، وتم اخذ بصماتها ، ثم انهال عليها سيل من الاسئلة : من زودها بالمخدرات ؟ لمن كانت ستسلمها ؟ كم من المال نالت لقاء ذلك ؟ اسئلة ، اسئلة لا تنتهي ولين تكرر أقوالها السابقة بأنها لاتعرف من دس علبة مسحوق البودرة في حقيبتها وان لاعلاقة لها من قريب او بعيد بتهريب الهيروين . أخيراً تم تدوين افادتها وسمح لها برؤية بيرت الذي ضمها اليه وقال مطمئناً :
- لا تقلقي يا عزيزتي . فأنا وانت عالمان انك بريئة . سأوكل محامياً بارعاً يدافع عنك ويخرجك من هذا المأزق بسرعة البرق . ولابد ان تظهر الحقيقة ويلقى القبض على الفاعل الحقيقي .
- اتعتقد ان احداً ما دس المخدر في حقيبتي ليوقعني في هذه الورطة ؟
هز رأسه نافياً :
- لا اعتقد انك كنت المقصودة ، بل اعتقد ان رجال الجمرك تلقوا معلومات ما عن عملية تهريب فاخضعوا الجميع لهذا التفتيش الدقيق . ولابد ان الفاعل شعر بالخطر فتخلص من المخدر بوضعه في حقيبتك .
علقت لين بمرارة :
- وشاء حظي التاعس ان اكون الضحية .
ابتسم بيرت وداعب وجنتها محاولاً التخفيف عنها ، ثم قال :
- لربما وقع اختيار المجرم عليك لأن وجهك هو الاكثر براءة .
خطرت للفتاة فكرة هامة :
- ولكن كيف كان ينوي المهرب استرداد الهيروين من حقيبتي بعد مروري على الجمرك ؟
هز بيرت كتفيه مجيباً :
- باختلاق عذر ما وبخاصة اذا كان المعني فتاة ، كأن تقول انها اخطأت ووضعت علبتها في حقيبتك في فندق ميامي .
- اتعتقد ان الفاعل فتاة ؟
- من يعلم يالين ! فأي انسان قد يقع في التجربة ويرتكب اعمالاً حمقاء سعياً وراء المال . وأنا لا استبعد ان يكون الفاعل احد الركاب لان الجميع عرضه للتفتيش .
عندها نظرت لين الى البعيد بيأس وتساءلت :
- كيف لنا اذاً اكتشاف الفاعل الحقيقي ؟
امسك الشاب بكتفيها وطمأنها :
- مادامت العلبة لا تخصك فبصماتك لن تكون عليها بل بصمات المهرب المجرم وهذه القرينة ستثبت براءتك .

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 20-08-08, 07:10 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 81997
المشاركات: 198
الجنس أنثى
معدل التقييم: الماسه نجد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 48

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الماسه نجد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

تسلمين على الروايه وننتظر التكمله 000

 
 

 

عرض البوم صور الماسه نجد   رد مع اقتباس
قديم 21-08-08, 06:02 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

ولأول مرة منذ حصول الحادثة أحست لين بارتياح حقيقي واستطاعت الابتسام اذ رأت يارقة امل تلوح في ديجور هذا النفق الرهيب ، فصاحت :
- آه ! ارجو ان يكون كلامك صحيحاً !
وهنا استدرك بيرت بواقعية :
- لا تتوقعي المعجزات فالأمر سيتطلب بعض الوقت . ولاشك ان المجرم سيحاول الابتعاد عن مسرح الجريمة قدر المستطاع ، والطريقة الفضلى لذلك السفر الى خارج البلاد .
وما ان رأى بيرت الخوف يعود الى عينيها حتى أضاف :
- اجزم لك يالين اننا سنصل الى الحقيقة مهما طال الوقت . اتؤمنين بما اقول ام لا ؟
من عينيه الواثقتين استمدت كل الشجاعة التي تحتاج واكدت :
- اؤمن بكلامك مادمت الى جانبي .
داعبها موجهاً لكمة خفيفة الى وجنتها وقال :
- اني اضع هذه العضلات بتصرفك لنقاتل معاً يا آنستي .
- - هل سأبقى كثيراً هنا ؟ فأنا اخاف هذا المكان يابيرت .
- ستبقين الوقت اللازم حتى اوكل المحامي ونؤمن دفع مبلغ الكفالة ، فهم لن يمنحوك اخلاء سبيل الا مقابل كفالة مالية ، والآن عليك اعطائي عنوان ذويك لاتصل بهم واطلعهم على ما حصل ، اذ لايجوز اخفاء الامر عنهم.
- كتبت لين عنوان منزلها على ورقه صغيرة وسمعت بليرت يقول بهدوء:
- ادرك انك تملكين الشجاعه الكافية لتمضية الليلة هنا ، وغدا تمثلين امام قاضي التحقيق الذي سيعين الكفالة المطلوبه لاطلاقك.
اغرورقت عيناها بالدموع شاكيه:
- لا ! لا اسطتيع البقاء في زنزانه كالمجرمين!
امسك بيرت بيدها مشجعا:
- اين فتاتي المقدامه الجسور؟ الا تستطيعين الصبر ليلة واحده؟
داعب وجهها بيده القويه وقبلها باندفاع وشوق فاحست ببساط الحب يحملها على رياح الاحلام بعيدا عن الواقع القاتم الذي اوقعها فيه حظ عاثر.
- سأذهب الان لاتدبر محاميا واعود بأسرع مايمكن.
بذلت لين قصارى جهدها لتجد شيئا من البسالة والقدرة على مواجهة المواقف ، فقالت:
- حسنا، انا بانتظارك.
افتر ثغر بيرت عن ابتسامه عريضة وشدها اليه بعنف:
- انت فتاتي، ولن اسمح بحصول اي شيء يؤذيك.
بعد ذلك خرج من الغرفه تاركا لين وحدها حتى جاء شرطي واصطحبها الى زنزانه، حيث سمعت صليل المفتاح الثقيل يدور في القفل وراءها.
لم تمس الفتاه شيئا من الطعام الذي احضر لها بل اخذت تجوب الغرفه طولا وعرضا حتى جاء بيرت بعد ساعتين وبرفقته احد المحامين.
واعادت الفتاة المتهمة زورا وبهتانا سرد قصتها على المحامي بدون ان تستطيع اضافة شيء الى ما اخبرته لرجال الشرطة. ولفهمها رجل القانون انه لا يستطيع اخراجها من السجن الان، بل عليها الانتظار حتى الغد عندما تمثل امام قاضي التحقيق الذي يعين الكفالة. تقبلت لين ذلك لان البكاء والصراخ لا يجديان نفعا مع حكم القانون الذي لا يلتفت بصرامته الى رقه المشاعر الانسانيه، وهو في ذلك على حق لانه لا يستطيع الاحاطه بكل متطلبات الافراد التي لا تحصى والتي لا تستطيع قاعدة قانونيه ارضاءها جميعا مهما بدت كاملة.
بعد ذلك شرح بيرت للمحامي وجهة نظره في ما يتعلق بالبصمات على العلبه، وسأل هذا الاخير موكلته عما اذا كانت تشك باحد فأجابت نافيه:
- لا اشك بأحد معين اذ لم ار احد في وضع يمكن اعتباره مشبوها.
نظر المحامي اليها من خلف نظارتيه السميكتين بشيء من التعاطف وقال:
- لا شك في انك تحت تأثير الصدمة الان يا انسة ماكسويل. ومع ذلك اريدك ان تفكري الليلة بهدوء وتعيدي في ذهنك شريط احداث هذه الرحلة، فلعلك تجدين مايفيدنا.
وقف الرجل مودعا فنهضت لين بدورها وقالت:
- شكرا على مجيئك يا استاذ.
- هذا واجبي يا انسة.
في هذه اللحظة دخل مفتش الشرطة الذي اصطحب لين من المطار الى المخفر وقال بسخريه:
- ظننت انكم تودون الاطلاع على نتائج اختبار رفع البصمات الذي اجراه رجال الادلة الجنائية على العلبة. يبدو ان بصمات الانسة
ماكسويل مطابقه لبعض البصمات الموجوده عليها، وهذا يعني انها امسكت حتما بالعلبة قبل مرورها على رجال الجمرك.
لم تصدق لين ما سمعته اذنها واخذت تحدق ببيرت المصعوق بدوره قبل ان تحس بدوار شديد وتسقط على الارض مغميا عليها.
امضت الفتاة المظلومة اسوا ليلة في حياتها ممدة على ذلك السرير الضيق في الزنزانه الموحشه، حيث يتسرب نور خفيف يسمح للحارس بالرؤية عندما يجيء كل ساعه لتفقد الموقوفين. حاولت لين جاهده ان تعمل بنصيحة محاميها واعادة احياء صور ماحصل، غير ان واقع الحاضر المؤلم ابعد عن ذهنها ما حصل وشوش افكارها مانعا اياها من التذكر بدقه. ولم تجد بعد فشلها سوى اغراق وجهها في الوساده والبكاء بصمت لئلا يسمعها احد.
في الصباح وصل والدها ووقع المأساة باد على وجهه واخذ يوجه الاوامر الى مفتش الشرطة مهددا اياه باوخم العواقب اذا لم يوضح له ماحصل. وهذا ليس مستغربا من والد لين لانه ضابط سابق في الجيش ومعتاد على التحدث بهذه النبرة حتى مع افراد عائلته. لكن رجال الشرطة يعرفون كيف يعالجون مثل هذه المواقف فاقنعوه بالذهاب الى المحكمة حيث سبقه بيرت والمحامي.
لم يطل الاستجواب امام قاضي التحقيق اكثر من بضع دقائق، طلب بعدها المحامي اخلاء سبيل موكلته لقاء كفالة فوافق القاضي على طلبه لان سجل لين نظيف. وخرجت لين على الفور من المحكمة ممسكه بذراع بيرت لتتمتع بنور الشمس من جديد. غير ان اخلاء السبيل لايعني الحريه التامة فالمتهم لا يستطيع مغادرة البلاد وتظل تحركاته خاضعة لمراقبه الشرطة. كما ان الشركة علقت عقد الاستخدام القائم بينها وبين الين بانتظار ظهور نتائج التحقيق.
فاضحت الفتاة بلا عمل يشغلها عن التفكير بمشكلتها ، وما ازاد الطين بلة نشر الخبر في الصحف وتوتر الوضع العائلي بين لين وامها التي اضطرت الى اللجوء الى طبيب ليعطيها مسكنات تساعادها على مواجهة الازمة, واقترح الوالد الذهاب الابنة للمكوث عند عمتها ماري في يوركشاير الامر الذي يعني ابتعادها عن لندن وبيرت. وهذا الاخير لم يستطيع اقناع الشركة بنقله من خط ميامي الى الخطوط الاوربية ليتمكن من البقاء الى جانب فتاته اكثر. كما ان المسؤولين في العمل اظهروا له عدم رضاهم عن علاقته بلين التي لوثت برأيهم سمعة المؤسسة ومرغت اسمها في الوحل. وبيرت لم يأبه بالطبع لهذه الاراء الجائرة بل عمل مافي وسعه في الوحل. وبيرت لم يأبه بالطبع لهذه الاراء الجائرة بل عمل مافي وسعه لاخراج لين من ورطتها، فطلب من رجال الشرطة اخذ بصمات جميع الذين الذين كانوا على الطائرة لكنه ووجه بالرفض لان لين ضبطت برأيهم بالجرم المشهود والادلة بحقها كافية فلا حاجة للتوسع في التحقيق. فلم يعد بوسع بيرت سوى دعم لين معنويا وتشجيعها بعد ان اقفلت في وجهه كل السبل.
اقترب موعد المحاكمة فتوجهت الفتاة الى لندن لمقابلة محام جديد نصحها به المحامي الاول، ذلك ان المحامين في انكلترا فئتان/ فئة تستطيع المداعاه امام المحاكم الدنيا وفئة تداعي امام المحاكم العليا.
لذا اضطرت المتهمة الى اعادة اخبار المحامي الثاني بكل التفاصيل بخاصة وان الرجل شدد على معرفة كل ماحدث حتى ماقد يبدو للوهلة الاولى تافها.
جلست لين في مكتبة تجيب على الاسئلة.
- اين وضعت حقيبتك يا انسة عندما صعدت الى الطائرة؟
- هناك فسحة في الطائرة مخصصة لحقائب افراد الطاقم.
- افهم من ذلك ان ايا من زملائك كان يستطيع دس علبة المخدر في حقيبتك اثناء الرحلة؟
اجابت لين:
- بالطبع . ولكن لماذا يقدم المهرب على ذلك خلال الرحلة ما دام لا يعلم بأنه سيتعرض لتفتيش دقيق؟ فنحن لم نشعر بشيء غير اعتيادي الا عند وصولنا الى داخل مطار لندن.
- هذا صحيح . حاولي ان تتذكري ماحدث تماما عند هبوط الطائرة، هل غادر جميع افراد الطاقم الطائرة معا؟
- نعم فقد قطعنا المسافه بين المدرج والمبنى مشيا في مجموعه واحده.
- الى جانب من كنت تسيرين يا انستي؟
- الى جانب بيرت داين.
- لا احد غيره؟
فكرت لين ثم اجابت:
- نزلت سلم الطائرة مع زميلتين وكان بيرت بانتظاري في اسفله فتركت زميلتي ويرت وياه.
- اكانت حقيبتك معك طوال ذلك الوقت؟
- نعم.
- اكنت تحملين شيئا اخر؟
- كنت احمل دمية كبيرة احضرتها من ميامي.
- اتصور ان حقيبتك تعلق بالكتف، اليس كذلك يا انسة؟ فهل كان باستطاعة احد ان يدس فيها العلبة خلال سيرك من الطائرة الى مبنى المطار لانشغالك بحمل الدمية الكبيرة؟
صمتت لين قليلا تفكر واجابت:
-لا اعتقد، لانها كانت مقفلة ولم افتحها الا عندما...
تجمد الدم في عروقها اذ عاودتها ذكرى ماحصل ولم تكمل الكلام فسأل المحامي بالحاح:
- يبدو انك تذكرت شيئا مهما، فما هو؟
لم تنبس الفتاة ببنت شفه بل اخذت تستعرض الصور في مخيلتها بهلع، وتذكرت كيف حاولت اخراج جواز السفر من الحقيبة ولم تفلح فعرض عليها بيرت المساعده. وتخلف عنها للحظات بعد ان اخذ منها الحقيبة قبل ان يلحق بها ويناولها الجواز ثم يعيد تعليق الحقيبة في كتفها... الامر واضح للغاية: بيرت هو من وضع المخدر في الحقيبة، اذ لا احد غيره كان يملك الفرصة لفعل ذلك!


_ الحكم القاطع:
منتديات ليلاس
سرعان ما استبعدت لين هذه الفكرة وقالت لمحاميها:
- لا ، لا أهمية لذلك.

لم يقنع وجهها الشاحب فضول رجل القانون الخبير، فأصر على السؤال:
- اواثقه انت مما تقولين يا انسه ماكسويل؟لاتنسى انك مهتمه بجريمة كبيرة تتشدد السلطة في معاقبتها نظرا لانعكاستها الخطيرة على الصعيدين الفردي والاجتماعي . ولا اخفي عليك سرا اذا قلت انك ستدخلين السجن لمدة طويلة اذا وجدتك المحكمة مذنبة. لذا عليك مصارحتي واطلاعي على اي شيء قد يساعدني لاثبات براءتك اتعين ما اقول؟
صمتت لين لبرهة طويلة وظلت تحدق في الفراغ قبل ان تجيب هامسة:
- فهمت.
- هناك شيء تخفينه عني اذا؟
- حستا.
واخذ الرجل يشرح لها ما ستواجهه خلال المحاكمة وماعليها ان تقول ، وهي شاردة تكاد لاتسمعه، فالشكوك والوساس تمزقها وتشعل في نفسها صراعا مستعرا بين نداء القلب وحكم العقل.
بعد مقابلة المحامي عادت الى فندقها حيث تمددت على سرير الغرفة تحدق في السقف الرمادي كلون ايامها. اول ما بدر لها كان رفض فكرة قيام بيرت بوضع الهيروين في الحقيبة، لان هذا يعني انه لم يشعر تجاهها بالحب قط بل اراد استغلال هذه العلاقة الزائفه لتحقيق ماربه. زاخذت تتذكر كيف كان ينتظرها عند نهاية كل رحلة ليمرا على رجال الجمرك سويا، وهي كانت تسر بذلك وتعتبره نوعا من التكريم والاحترام. ولكن الوقت الان ليس وقت الانصراف الى الذكريات الحلوه، بل عليها التركيز للوصول الى الحقيقه.
زضعت يدها على جبينها واعلمت فكرها جيدا. هل سنحت الفرصة في ذلك اليوم المشؤوم لاحد غير بيرت لمس الحقيبة بعد هبوط الطائرة؟ تنهدت يائسة لان الجواب ليس مرضيا ولا يبعد الشك عن مساعد الطيارالذي وقعت في غرامه منذ النظرة الاولى . وفجأة جلست في السرير فرحة اذ خطرت لها فكرة جديدة: اذا كان بيرت هو الذي دس علبة المخدر قبل التفتيش مباشرة لايمكن ان تكون لين قد مست العلبة وتركت بصماتها عليها، ممايعني ان العلبة وضعت قبل ذلك ولكن هذا الاحتمال انها فجأة اذ تذكرت الفتاة انها لما حاولت اعادة جواز السفر الى الحقيبة بعد حاجز الجمرك وقبل التفتيش الجسدي اضطرت الى ازاحة شيء بيدها... شيء ذو شكل دائري كالعلبة المعنية تماما، فدفنت وجهها في الوسادة واخذت تبكي بمرارة كما لم تفعل من قبل.
كيف لها ان تسلم بان بيرت هو الفاعل وحبها له يكاد يقترب من جنون عاشقي الاساطير؟ ايعقل ان يقوم اعز شخص على قلبها بهذه التمثيلة ويخدعها بهذا الشكل المضحك المبكي؟ قبعت الفتاة في غرفة الفندق وحيدة ساعات وساعات تفكر في حل للعقدة ولم تجد سوى مواجهة بيرت بالامر لان الكتمان لا يجدي. والرجل الان في ميامي ولن يعود قبل يومين. ففكرت بمكالمته هاتفيا لكنها عدلت عن ذلك لانها تريد ان ترى وجهه وردة فعله عند مفاتحته بالموضوع.
وهكذا امضت لين اطول واقسى يومين في حياتها متلظية بنار الحيرة والقلق تجوب شوارع لندن على غير هدى، تتفرج على واجهات المحلاتـ تزور المتاحف والمعارض الفنية... تنسى احيانا ان تاكل حتى وهن منها كل مأخذ فغارت عيناها وفقد محياها قسطا كبيرا من حيويته وتوهج شبابه. واخيرا حل يوم موعد عودة بيرت فخفت لين الى المطار لاستقباله. وهناك اعلن عن تأخير في موعد وصول الطائرة، فأمضت لين الساعه الاضافية تمشي في قاعة الاستقبال وتتفرج على وجوه الناس. بعد ذلك شاهدت رأسه يعلو رؤوس سائر افراد الطاقم، ويتلفت يمينا ويسارا باحثا عنها حتى لمحها فابتسم بحرارة. خفق قلب لين لهذه الابتسامه التي ردتها الى العالم البديع الذي كانت تعيشه الى ان انهار بسبب شر احدهم وطمعها بالمال..... وهذا "الاحد" قد يكون بيرت نفسه! اقتربت منه واعصابها مشدودة فايقن ان شيئا مايشغل بالها وسالها على الفور:
- ما الامر؟
لم تستطع لين ان تنظر الى وجهه فاطرقت وقالت:
- أريد ان اتحدث اليك في مكان هادئ .
- لنذهب الى بيتي اذن .
- لا بل الى الفندق .
- كما تريدين .

امسك بذراعها وتجوها الى موقف سيارات العاملين في المطار حيث استقلا سيارة بيرت الايطالية السريعة . وخلال الطريق ظلا صامتين ، لين لانها تحضر ماستقوله لاحقاً وبيرت لانه لايريد زيادة اضطرابها وقلقها .
في غرفة الفندق وقفت الفتاة قرب النافذه تستجمع قواها وشجاعتها لتبدأ الحديث . وبعد وقت طويل التفتت اليه لتجده يحدق فيها باستغراب .
- اجد نفيب مرغمة على استيضاحك بعض المسائل يا بيرت .
- وأنا كذلك لدي سؤال هام .
فوجئت الفتاة بنبرته الجازمة فسكتت بانتظار ماسيقول . اقترب منها واضعاً يديه على كتفيها رامقاً اياها بنظرات حادة ، وأخيراً سألها :
- هل اشتقت الي ؟
- بالطبع .
- ما رأيك اذاً بترحيب خاص ؟
اسقط يديه وضمها اليه فشلت حركتها كمن تعرض لتنويم مغناطيسي . شاءت المقاومة لكن لين اغمضت عينيها دون الخضوع أو الرفض .
وفجأة عاودتها ذكريات ميامي ولحظاتها الحلوة فاجتاحتها عاطفة جارفة حتى كاد الرجل يفقد عقله .
- انت تفعلين ذلك عمداً .
- افعل ماذا ؟
- تنقضين اتفاقنا على الانتظار باثارة جنوني .
حزنت عينا لين وسألته بأسى :
- اتنتظر حتى خروجي من السجن ؟
ثارت ثائرة الرجل فأمرها بقسوة :
- لا تكرري مثل هذا الكلام بعد الآن ، فانت لن تدخلي السجن !
وبعد تردد وجهت اليه سؤالا طالما قض مضجعها :
- هل تحبني ؟
رأت الفتاة يجتاح عينيه اذا اجاب مبتسماً :
- الجواب هو نعم ، احبك كثيراً .
اغمضت عينيها وتابعت :
- اتحبني الى درجة دخول السجن بدلا مني ؟
- كفي عن ذكر هذه الكلمة .
- ارجوك ، أجب على سؤالي .
قال بيرت بحدة :
- أنا مستعد لفعل أي شيء يبعد عنك هذه الكأس المرة .
لملمت لين مابقي لديها من شجاعة وحزم وأضافت :
- لماذا وضعت المخدر في حقيبتي اذاً مادمت عالماً بانهم سيلقون القبض عليّ ؟
بدا بيرت لأول وهلة كأنه لم يستوعب شيئاً مما قالته . فهز رأسه مدهوشاً وتمتم :
- ماذا قلت ؟
- أظن انك سمعتني بوضوح .
نظر اليها بذهول وقال :
- لا أصدق ماسمعته اذناي . الى ماذا ترمين ؟.
أجابت الفتاة متنهدة :
- لقد تذكرت كل شيء فلاحاجة للانكار .
- انكار ماذا ؟
جلست لين فحذا حذوها والتقت نظراتهما لبرهة قبل ان تكون الفتاة البادئة الى الكلام .
- اذكر الآن تماماً كيف مشينا معاً من الطائرة الى مبنى المطار ، وكيف كنت احمل الدب الذي اهديتني اياه فلم استطع العثور على جواز سفري في الحقيبة . عندها توطعت لتجد الجواز فتخلفت لبضع لحظات تبحث عنه حتى لحقت بي وناولتني اياه بعد ان اعدت تعليق الحقيبة في كتفي ( واضافت لين بما يشبه الهذيان ) انت الوحيد الذي كان يستطيع دس المخدر في حقيبتي بعد هبوط الطائرة .
امسك بيرت بيدها وأكد :
- صحيح اني اخذت الحقيبة منك ولكن كيف تشكين اني واضع المخدر فيها؟ أيعقل ان افعل ذلك واوقعك في هذه الورطة ؟ ( احكم قبضته على يدها وعيناه الزرقاوان تقدحان شرراً ، ثم تابع ) الم اعترف لك منذ لحظات بالحب . انت الفتاة الوحيدة التي سمعت مني هذه الكلمة ! فكيف استطيع تسبيب اللم والعذاب للفتاة التي ملكت قلبي ؟ كيف يمكنني ان اكون جلادها ؟
تسمرت عينا لين في عينيه وهي بين اقدام واحجام . تريد تصديقه ومنحه ثقتها الكاملة ، في حين يناديها صوت العقل ويحذرها من الانزلاق وراء العواطف . وبعناد اعادت ماقالته سابقاً :
- درست الاحتمالات كافة ولم اجد سواك فاعلا ( وضعت رأسها بين يديها واردفت ) أودّ ان اعرف ما اذا كان الامر بيننا مجرد لعبة اوقعتني فيها ليتسنى لك تهريب المخدرات ...

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 21-08-08, 06:08 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

لم يسع بيرت سماع المزيد فهب واقفاً وارغمها على الوقوف والسخط ينضح من نظراته ، وصاح في وجهها :
- كفى ! قلت لك ان لا علاقة لي الهيروين ! اقسم بالله انها الحقيقة !
خشيت الفتاة النظر الى وجهه لئلا تضعف عزيمتها ويغلب عليها صوت قلبها الدامي . فحررت يديها وقالت ببرود :
- لا اصدقك .
انسحبت آخر قطرة دم من وجه بيرت الساخط وسألها بغضب :
- الا تثقين بي مقدار ذرة ؟ الا تأبهين بمشاعري حتى ولو كنت كاذباً بنظرك ؟
- أنت مخطئ تماماً ، فمشاعرك تهمني كثيراً لأني احبك حباً عميقاً يجعلني اقدم على المستحيل من اجلك .. يجعلني اغفر لك اي اساءة ... حبذا لو جئتني شارحاً الوضع قبل ان تدس المخدر في الحقيبة ، لكنت تفهمتك وقدرت دوافعك وظللت وفية لحبي . اما ان تفعل ذلك خلسة وتزعم انك من الفعلة براء ، ثم تمعن في التمثيل متظاهراً البحث عن الفاعل الآثم .. فهذه طعنة في الصميم لا يسعني تحملها او غفرانها .
منتديات ليلاس
- ازاء ذلك قال بيرت والأسى يعصر قلبه :
- لم اقل لك سوى الحقيقة يالين واثبات ذلك ليس بالأمر العسير . فلو كنت من وضع العلبة اللعينة في حقيبتك لتركت بصماتي عليها ، هيا بنا الى مخفر الشرطة للتثبت من ذلك .
لم يلق هذا الاقتراح صدى طيباً لدى لين فهزت رأسها قائلة :
- اتعتقد ان الفكرة لم تخطر لي ؟ لكن اقتراحك غير مجدٍ لأن اي جاهل يستطيع الامساك بالعلبة بمنديل حتى لا يترك عليها بصماته .
- لا شيء يستطيع اقناعك ببراءتي اذاً ؟
لا تعلم لين من اين جاءتها هذه الوجة العارمة من الغضب فصرخت بأعلى صوتها :
- لماذا لا تستسلم وتخبرني بالحقيقة كاملة ؟ لماذا تمعن في الانكار...
لم يقل بيرت عنها سخطاً فأمسك بها مرغماً اياها على النظر اليه مقاطعاً :
- بدأت اشك في انك تقومين بالتمثيل بدورك .
- ماذا تعني ؟
- كوننا الوحيدين اللذين لمسا الحقيبة بعد ان حطت الطائرة ، وكوني اعلم اني لم اضع الهيروين فيها ، يؤدي بي المنطق الى الاشتباه بك .
كادت لين تصاب بالجنون فصاحت :
- لم افهم !
- يخيل اليّ ان كل التهم التي تحاولين الصاقها بي يجب ان ترتد عليك . لابد انك تحاولين اخفاء شيء اقترفته يداك . بدأت اشعر اني كنت ضحية خدعة محكمة ، لقد خدعتني وخدعت الجميع بوجهك البريء وعفويتك الطاغية . ابتسامة واحدة منك كانت تكفي ليدعك رجال الجمرك تمرين بدون تفتيش . وبالفعل فأنت لم تتعرضي للتفتيش ابداً قبل تلقيهم هذه الاخبارية . لماذا فعلت ذلك يالين ؟ أمن اجل المال ام من أجل تأمين حاجتك من المخدر ؟ ولم لا ، فقد تكونين مدمنة . هاتي ذراعك لأرى اثار حقن المخدرات فيها .
وبقوة امسك بذراعها وبدأ يرفع كم فستانها فاعترضت بصوت عال :
- دعني وشأني !
قاومته بعنف حتى سقطت على السرير لكنه تمكن من رفع كميها وتفحص ذراعيها فوجدهما خاليتين من اي اثر للحقن ، فقال :
- بما انك غير مدمنة فهذا يعني قيامك بالتهريب طمعاً بالمال !
قفزت الفتاة من السرير وصفعته بقوة على وجهه صائحة :
- ايها القذر الحقير !
ظل بيرت جامداً كالصخر بالرغم من قوة الصفعة وعيناه متجمدتان كالجليد ، الامر الذي جعل لين في حيرة من اكمرها فانفجرت :
- انت مجنون اذا كنت تظنني سأدخل السجن من اجلك ! لقد استغليتني كفاية حتى الآن ! اوقعتني في الشرك منذ البداية حتى تستغلني !
أخفضت صوتها قليلاً وتابعت :
- كان قلبي يدعوني الى التضحية من اجلك ، انا الآن وقد كشفت عن انيابك فلن ادعك تنال مني وتفلت من العقاب !
ضحكت بفتور قبل ان تضيف :
- يا الهي كم كنت عمياء ! كم كنت ساذجة عندما وقعت في غرامك المدبر هذا ، وهو جزء من خطتك لتهريب المخدرات ! لابدّ انك ضحكت كثيراً لحماقتي ولسهولة انقيادي .
لم تستطع الفتاة قول المزيد فأشاحت بنظراتها واخذت ترتجف كالورقة في مهب الريح .
وبعد صمت ثقيل سألها بيرت بواقعية :
- وهل ستخبرين الشرطة بالأمر ؟
أجابت دون ان تلتفت اليه :
- نعم .
- لا اعلم حتى الآن ما اذا كنت صادقة في ماتقولينه يالين ، ام ان القضية كلها مجرد تمثيل بتمثيل . وهذا لم يعد مهماً في أي حال ، فاذا كنت صادقة تكونين قد حطمت حباً اقدسه واعتبره اهم شيء في حياتي ، أما اذا كنت كاذبة ... ( هز بيرت كتفيه واكمل ) حماقتك انقذتني لأني كنت قد قررت مع اقتراب موعد المحاكمة وعجزنا عن الحصول على دليل لتبرئتك ان اقدم اعترافاً كاذباً بأني دسست المخدر في حقيبتك . كنت على استعداد لحلفان يمين كاذبة حتى انقذك من القضبان ، ولكنك استقبلتني بهذه الاتهامات الباطلة قبل ان يتسنى لي اطلاعك على نيتي .
بحثت لين بنظراتها الحائرة عن عينيه لتجد فيهما الحقيقة وارادت الكلام لكنه سبقها الى ذلك :
- يالسخرية القدر ! لو انتظرت بضع دقائق لكنت عرضت عليك خطتي لانقاذك من جريمتك ! يالي من عاشق ولهان احمق يضحي بحريته وسمعته من أجل فتاة استغلالية انتهازية ! اشكر الله على اظهاره حقيقتك قبل اقدامي على تلك الخطوة البلهاء التي كانت ستؤدي بي الى السجن في حين تبقين طليقة لتتابعي نشاطك الاجرامي الحقير .
تحول وجه لين الى قناع من الازدراء والحقد فقالت والسم يقطر من كلماتها:
- لم ارَ في حياتي كلها كاذباً بهذه الوقاحة ! أوتجرؤ بعد كل مافعلت على مواصلة اكاذبيك وأباطيلك ؟ اغرب عن وجهي ولاتدعني اراك الا في المحكمة حيث تقتص منك العدالة بعقوبة صارمة تناسب عملك الآثم !
اقترب بيرت منها والشرر يتطاير من عينيه فخشيت ان يضربها .
لكنه مالبث ان ادار ظهره وخرج من الغرفة مقفلاً الباب وراءه بعنف .
بعد ليلة من السهاد توجهت لين الى مرك
ز الشرطة وعيناها متورمتان من البكاء على اطلال حب وسعادة تحطم صرحهما عند اول هزة . وهناك استمع المفتش المكلف بقضيتها الى قصتها بدون ان ينبس ببنت شفة مكتفياً بين الحين والآخر بهز رأسه . تكلمت الفتاة ببطء وتفصيل متمنية لو انها تملك خياراً اخر تبرئ به نفسها وساحة الرجل الذي احبت .
بعد انتهائها طرح عليها المفتش سؤالين قال بعدهما :
- قصتك ليست جديدة ياآنسة ماكسويل ، فقد مر بي السيد بيرت داين بعد ظهر امس وابلغني انك قد تأتين الي لاتهامه بجريمة التهريب . وهو اعترف بانه لمس الحقيبة وان يكن قد نسي ذلك لو لم تذكريه به . كما اصر على انه لم يدس الهيروين في حقيبتك ولم يرَ هذه العلبة فيها ولم يشاهد كذلك الفاعل الحقيقي يقوم بعمله . وبناء على طلبه قمنا بمقارنة بصماته بتلك الموجودة على العلبة فجاءت النتيجة سلبية اذ لم تطابق بصماته أياً من تلك التي على العلبة . ( نظر المفتش اليها واضاف ) بالنسبة الينا لاشيء يشير الى تورط السيد داين في هذه العملية ، لذا لن نقوم بتوجيه اي تهمة اليه .
لم تدم المحاكمة اكثر من يومين . ولم يحضرها والدا لين بل عمتها ماري التي جاءت خصيصاً من يوركشير للوقوف الى جانب الفتاة المسكينة . وجلست المرأة حيث تستطيع لين رؤيتها بقسماتها الهادئة وقبعتها المزينة بالريش . تفحصت المتهمة القاعة فلم تتعرف الى اي من الحاضرين سوى عمتها ومحاميها . وعندما وقفت في قفص الاتهام حسبت نفسها ظاهرة غريبة معروضة في السيرك يتفرج عليها الفضوليون .
استدعت النيابة العامة عدداً من الشهود بمن فيها رجال الضابطة الجمركية ، خبير في المخدرات ، ومفتش الشرطة . بعد ذلك جاء دور الدفاع فرافع محاميها باذلاً اقصى جهوده بالرغم من قلة الحجج والبراهين التي تقنع المحكمة ببراءة موكلته . فاستدعى مديرة المدرسة التي تعلمت فيها لين وبعض الجيران الذين عرفوها منذ الصغر .
وهذا الامر الاخير لم يرق لوالدتها التي اعتبرت ان عليهم مغادرة الحي والسكن في مكان آخر لأن لين لوثت سمعة العائلة وافقدتها احترامها . ولما علمت المتهمة بذلك طلبت من محاميها التوقف عن طلب شهود من محيطها والاستعاظة عن ذلك باستدعاء بعض زميلاتها المضيفات . وهؤلاء الاخيرات لم يفدنها بشيء اذ حاولن الانتهاء من الموضوع والخروج من المحكمة بأسرع مايمكن ، كما انكرن جميعهن رؤية احد يضع المخدر في لحقيبة وأكدن ان تصرف لين خلال الرحلة كان طبيعياً لايثير الشبهات .
والشاهد التالي من شهود الدفاع كان بيرت الذي ما ان دخل قاعة المحكمة حتى احست لين بنبضات قلبها تسرع وبيديها ترتجفان . وجه اليه المحامي اسئلة كثيرة ، ودقيقة محاولاً الايقاع به لاثبات تورطه ، لكنه فشل في ذلك اذ اجاب الشاب على الاسئلة بثقة ووضوح . وقال بيرت انه صرح امام رجال الشرطة بأنه لم يمس الحقيبة بعد هبوط الطائرة وهو الآن يتراجع عن هذا القول بعد ان اعادت لين الى ذاكرته كيف اخذ الحقيبة منها ليخرج
جواز السفر . غير انه اكد عدم احتفاظه بها سوى ثوان قليلة ارجعها بعدها الى صاحبتها . واعاد بيرت انكار اي علاقة له بتهريب المخدرات ونفيه رؤية العلبة في الحقيبة عندما اخرج الجواز . واستمر الاستجواب مدة طويلة ولم يرتبك بيرت اثناءها برغم قصد المحامي احراجه ، وكان لابد لهذا الأخير من لنهاء اسئلته وترك الشاهد يذهب في سبيله .
واخيراً مثل ، كشاهد ، ممثل عن شركة الملاحة الجوية جاء يؤكد ان سلوك لين طيلة مدة عملها كان سلوكاً مثالياً ينم عن النزاهة والاخلاق ، وانه لم يبدر منها يوماً اي تصرف يدل على تورطها في عمليات تهريب او ماشابه.
وقبل انتهاء دور الدفاع ادلت المتهمة بافاة قصيرة اصرت فيها على نفي التهمة جملة وتفصيلاً .
رفعت الجلسة عند الظهر للغداء فتوجهت العمة ماري ولين الى مطعم قريب وقعدت لين صامتة لاتمس طبقها ، في حين انصرفت العمة الشجاعة الى التحدث عن اشياء مختلفة كأعمال الزراعة وتربية الواجن التي تقوم بها في القرية . واذا بلين تبدأ بالارتجاف بعدما خانتها اعصابها فامسكت العمة ماري بيدها وشجعتها على مواجهة المشكلة كما فعلت هي في شبابها فقدت خطيبها في الحرب العالمية الثانية ، ثم خطف الموت منها زوجها وطفلها الوحيد في حادث سيارة .
حاولت لين الابتسام والدموع تتجمع في عينيها ، وقالت شاكرة :
- لا أدري ماذا كنت افعل بدونك في ه9ذه اللحظات ؟
- لاتقولي ذلك يا ابنتي فالشجاعة والقوة ملكتان تنبعان من داخل النفس البشرية . وانا على يقين انك قادرة على مواجهة الموقف بكرامة وبأس مهما كان قرار المحكمة . وتذكري اني دوماً الى جانبك لأنني مؤمنة ببراءتك ، سأطلب لك شراباً منعشاً يساعدك على تخطي امتحان بعد الظهر العسير .
بعد استئناف الجلسة اعيدت تلاوة قرار الاتهام ، وملخص الوقائع ومطالعة النيابة العامة . ثم بدأ القاضي الرئيسي بقراءة حيثيات الحكم مشدداً على اهمية جرائم المخدرات وخطورتها من الناحية الاجتماعية ، ومبرزاً ضرورة المعاقبة عليها بحزم لمنع تفشيها ولردع مرتكبيها عن الامعان في غيهم . وأشار الى جهود لاترتكز الى دليل قاطع اة الى اية قرينة براءة في حين ان كل الوقائع تدعو الى تجريم لين ماكسويل . وفي النهاية دعا القاضي هيئة المحلفين الى الانسحاب للمذاكرة واصدار الحكم بالبراءة او بثبوت التهمة . ولم يفاجأ احد عندما اعاد اعضاء هيئة المحلفين بعد عشرين دقيقة واعلنوا تجريم لين بقرار اجماعي .
وهنا نظر القاضي الى الفتاة وقال بنبرة خطابية :
- لين ماكسويل ، لقد ثبتت ادانتك بجرم حيازة المخدرات ونقلها بغية تهريبها الى البلاد . وبما ان هذا الجرم خطير ونظراً لرفضك التعاون مع قوى السلطة لكشف المحرضين والشركاء قررت هذه المحكمة ان تنزل بك عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات .
طرقت هذه الكلمات اذني لين كأجراس تقرع في داخلها واخذت تجيل نظرها في القاعة علها تجد بيرت لتريه الحقد والاحتقار اللذين تشعر بهما نحوه ، لكنه لم ينتظر نهاية الجلسة لسماع الحكم . وسرعان ما امسكتها شرطية بيدها واقتداتها الى خارج المحكمنة فالسجن .
-لين الجديدة




ثلاث سنوات مدة طويلة تتغير فيها شخصية المرء جذرياً ، وبخاصة اذا دخل عالماً غريباً اكره فيه على اتباع نظام معين ومعاشرة اشخاص ماكان يحلم بلقائهم .
امضت لين اسابيعها الاولى في سجن النساء وهي شبه ضائعة وفي حالة من اللامبالاة ، تنفذ ماتؤمر به ، تنام ، تغتسل ، بالكاد تأكل حتى تسد رمقها ، لاتكترث لزميلاتها وكأنهن غير موجودات . حضر والدها مرة لزيارتها وجلس لايجد موضوعاً للتحدث ناظراً الى ساعته مرات عدة حتى يمضي الوقت ويرحل الى بيته بعد ايفاء قسطه للعلى ... اما والدتها فلم تتحمل فكرة المجيء الى السجن كما قال الوالد . وطلبت لين من ابيها عدم المجيء اليها مرة ثانية فحاول ادعاء الاعتراض أولاً لكنه اذعن ازاء اصرارها . ولاحظت الفتاة السجينة علامات الارتياح على وجهه لتخلصه من واجب الحظور الى هذا المكان المشين . وودعها واعداً بالكتابة . وبالفعل تلقت منه رسائل كثيرة خلال الاشهر الاولى ، ثم اخذت تشح حتى كادت تنضب . والفتاة لم تعد تهتم لذويها فهي تعتبر نفسها بدون عائلة ، اذ لايمكن ان تعود للعيش في بيتها بعد خروجها من السجن لئلا تعكر صفو حياة والديها وطيف جريمتها يحوم في المنزل ، سواء آمنا ببراءتها ام لم يؤمنا .
اما العمة ماري فكانت تأتي من يوركشير لرؤية لين مرة كل شهر حاملة معها نفحة من الشجاعة وباذلة المستحيل لشد ازر الفتاة المعذبة . كانت تجلس واياها لتحدثها عن مجريات حياتها اليومية في الريف .
ومر شهر لم تأت فيه العمة ماري فقلقت لين عليها . وكان قلقها في محله اذ وصلتها رسالة من محامي العمة يبلغها فيها ان المرأة مصابة بمرض خطير وان حالتها ساءت بسبب عدم التزامها أوامر الاطباء بالخلود الى الراحة واصرارها على السفر من يوركشير الى لندن لرؤية لين . وبعد أسبوع من ذلك وصلتها رسالة ثانية تنبئها بوفاة العمة ماري .
قدمت لين طلباً الى آمرة السجن بالسماح لها بحضور مراسم الدفن لكنها رفضت ذلك ، الامر الذي زاد من حزن الفتاة التي فقدت بموت عمتها نصيراً ومرشداً ، ووسعت دائرة كرهها للاشخاص المحيطين بها . وزادها اسى شعورها بالذنب اذ لولا اضطرارها للتنقل بين يوركشير ولندن لكانت العمة ماري على قيد الحياة في هذه اللحظات . ومازاد الطين بلة ان الفقيدة اورثت لين كل أموالها فاحست هذه الأخيرة انها لم تكتفِ بتعجيل موت عمتها بل وكأنها فعلت ذلك عمداً لترث أموالها .
ومع مرور الوقت اصبحت صورة بيت في ذهنها هاجساً يلاحقها مهما فعلت ، يوقظها كابوسه من نومها ، تبتلعه مع طعامها وترتديه مع ملابسها ... وصار هدفها محدداً بوضوح : الانتقام من بيرت الذي كان السبب في تعاستها ووجودها في هذا المكان المقيت . واخذت تعمل على بلورة خطة ناجحة للنيل منه وزجه في السجن . وخشيت ان يكون نال درساً من سجنها وابتعد عن التهريب ، لكنها استبعدت هذه الفكرة اذ لابد ان يستبد به الطمع من جديد ويعود الى تهريب المخدرات ، وعندما ستخرج من السجن ستكون له بالمرصاد للايقاع به ولربما لدس مخدر في شيء يخصه والابلاغ عنه للشرطة فيقع في الورطة نفسها التي اوقع لين فيها ! تلذذت الفتاة بهذه الفكرة كثيراً واخذت تعمل عقلها جاهدة للوصول الى وسيلة ناجعة تحقق هدفها .
خطر لها ان تستخدم شخصاً تكلفه بالتقرب من بيرت لمراقبة تحركاته واقتناص الفرصة السانحة للابلاغ عنه عند قيامه بالتهريب او بعد دس المخدر له . بيد ان هذه الفكرة لم ترق لها لسببين :
الاول هو صعوبة ثقتها بالشخص المأجور الذي سيقوم بالمهمة الدقيقة لانه قد يتسبب بافتضاح امرها ، والسبب الثاني هو ان الانتقام لن يكون شافياً وكاملاً اذا نفذه غيرها وهي داخل السجن لاترى وجه بيرت يتعذب . ويبقى الشيء الاهم وهو ضرورة علم بيرت بأن المكيدة من اخراج لين والا فقد الثأر نكهته . لكن كيف تقترب اففتاة من حبيبها السابق بدون ان تثير شكوكه ومخاوفه اذ لابد له ان يرى الحقد والكراهية في عينيها ويعلم بالتالي انها تضمر له شراً فيأخذ حذره . ولن ينفع لازالة مخاوفه ادعاؤها الغفران والسماح واستعدادها لاحياء الماضي البديع . وهكذا يغدو استخدام شخص ما امراً حتمياً .
بعد رسوخ فكرة الانتقام بدأت الفتاة السجينة تتعرف الى مجتمعها الجديد شيئاً فشيئاً . وخرجت من تقوقعها لتخالط بقية السجينات لعلها تجد بينهن واحدة تناسب لتنفيذ المهمة ، او واحدة تساعدها على ايجاد من هو مؤهل لذلك رجلا كان ام امرأة . وقامت كذلك بتحريات دقيقة لتتصل بأخطر المجرمات اللواتي يستطعن تأمين كمية من الهيروين في حال احتاجت اليها لتوريط بيرت . وبالطبعكان على لين التصرف بحذر وعدم اظهار فضول او الحاح كبيرين لكسب ثقة "زميلاتها" السجينات المتصلات بعصابات كبيرة وخطيرة .


تمكنت من التقرب من سجينة باهرة الجمال تدعى ناديا كليرمونت . كانت ناديا تعمل فتاة غلاف الى ان ضبطت تبيع مجوهرات سرقها حبيبها فدخلت السجن . ورأت لين ان ناديا هذه قد تكون ملائمة لتأخذ المهمة على عاتقها بخاصة وانها على اتصال بمعظم ارباب عالم الجريمة في لندن . ومع الوقت اكتشفت لين ان صديقتها تتمتع الى جانب جمالها بقدر لا بأس به من الغباء مما يجعلها لا تصلح لتحقيق اهدافها .
في أحد الأيام جلست السجينتان تتبادلان اطراف الحديث ، واخرجت ناديا صوراً فوتوغرافية تظهر فيها وهي تعرض الازياء وفي بعضها تعرض مفاتنها بما تيسر من ملابس لاتستر الشيء الكثير .
ابدت لين اعجابها بمواهب زميلتها وهي تتفرج على الصور ، فاذا بها تلمح صورة سقطت على الارض فالتقطتها ونظرت الى صاحبتها لترى صبية ذات شعر متجعد وانف طويل تعلوه نظارتان سميكتان في حين ان ملابسها العادية لاتمت بصلة الى تلك الانيقة والفخمة التي تعرضها ناديا.
اعادت لين الصورة الى صديقتها سائلة :
- أهي نسيبة لك ؟
ضحكت ناديا وأجابت :
-نوعاً ما . هذه الفتاة كانت تدعى مورين هيغبنز .
-كانت ؟ أهي متوفاة ؟
كادت ناديا تختنق من الضحك اذ قالت :
-باستطاعتنا اعتبارها كذلك ( نظرت الى الصورة من جديد وكأنها تستعيد ذكريات غابرة وتابعت ) الفتاة التي في الصورة هي انا : ناديا كليرمونت .
تفرست لين بالصورة جيداً قبل ان تقول :
-لاشك انك تهذين ! كيف يعقل ان تكوني هذه الفتاة البشعة ؟
-بمقدور أي كان ان يجعل من نفسه جميلاً بفضل العلم المتطور ...
اسندت ناديا ظهرها الى الجدار وبدأت بسرد القصة :
-عندما كنت في الثامنة عشرة تعرفت الى رجل حاول اقناعي بانه سيجعل مني نجمة سنمائية . ظننته يسخر مني أول الامر لينال مأربه فقط ، اذ كيف يحول فتاة قبيحة مثلي الى بريجيت باردو! غير انه اصر على موقفه واصطحبني الى جراح في التجميل كان يملك عيادة في شارع هارلي اقفلتها السلطة بعد افتضاح امره ، اذ انه اجرى عدة عمليات لتغيير وجوه اشقياء شهيرين كي يفلتوا من قبضة العدالة .
المهم ان هذا الطبيب الماهر قصر انفي واجرى عملاً دقيقاً جداً لتغيير فتحة العينين واصلاح شكل الذقن . ثم اصطحبني رجلي الى طبيب اسنان اصلح اسناني البشعة وجعلها كصف من حبيبات الؤلؤ . اما المرحلة الأخيرة من عملية اعادة التأهيل فكانت تمضية أسابيع في مصح خاص حيث اتبعت حمية لانقاص وزني بضعة كيلوغرامات وحيث وضعت لي عدستان لاصقتان بدل نظارتي المرعبتين . وها انذا ناديا كليرمونت بعدما دفنت المسكينة مورين هيغينز .
علقت لين وهي لا تكاد تصدق :
-عمل رائع ! لااحد يشك ان مورين هذه هي نفسها انت !
وخطرت لها فكرة جهنمية جعلت وجهها يشرق وعيناها تشعان ،فاستفهمت:
-كم تبلغ كلفة هذا التبديل الكبير ؟
-لااعلم بالضبط كم دفع رجلي غير انني اعتقد ان المسألة تتطلب بضعة آلاف ، مع العلم انني سددت كل ماعلي بطريقتي الخاصة .
-وهل انت على علم اذا كان هذا الجراح مازال يجري عمليات تغيير الوجوه ؟
نظرت ناديا اليها باستغراب واجابت :
-نعم ، اظن ذلك . ولكن لماذا تسألين ؟
-اريد اجراء عملية لوجهي حتى يصبح جميلاً .
-لا ارى ان وجهك بحاجة لعملية يا لين ، فانت جميلة لا قبيحة كمورين .
-اريد ان ابدأ حياة جديدة عند خروجي من السجن بدون ان يتعرف الي احد.
وافقت ناديا قائلة :
-افهم ذلك ياعزيزتي (ترددت قبل ان تضيف ) عليك ان تدركي ان الجمال ليس مصدراً للسعادة . صحيح انه يؤمن المال والعمل واهتمام الرجال ، لكنه مايلبث ان ينقلب مصدر شقاء عندما تنكشف نوايا الرجال الحقيقة وعندما تصادفين رجلاً تعميه الغيرة اذا داعب النسيم شعرك ، ولاننسى كره النساء للمرأة الجميلة لأنها تنافسهن على اقتسام الغنيمة . خذي العبرة مني وانظري اين انتهى بي المطاف لأني منحت ثقتي لرجل احببته ( هزت ناديا كتفيهلا وأردفت ) لربما توجهت الى ذلك الطبيب بعد خروجي من هنا ليغير وجهي من جديد .
-اتزمعين على ان تعودي مورين هيغينز ؟
تناولت ناديا الصورة ورفعت حاجبيها قائلة بمرح :

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
البحث عن وهم, السراب, دار النحاس, روايات, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, سالي ونتووث, sally wentworth, the judas kiss, عبير, عبير القديمة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:11 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية