كاتب الموضوع :
hot-hot
المنتدى :
القصص المكتمله
الحلقة التاسعة
* * * * * * * *
*[ وداعا أيها العسل]
كنت جالسة أحفر حفرةصغيرة في رمل الشاطىء ، بملعقة كوب الآيس كريم ، اللي أكلته قبل شوي ...
قمر و سلطان ، كانوا قريبين مني ، بس بمسافة ما تسمح لصوتهم أنه يوصلني وانا طبعا ما تعمدت أسمع ...
فجأة ، شفت قمر تمشي بسرعة صوبالسيارة ، و أخوي رايح وراها ، و جيت معهم و أنا متوقعة أن مشاحنة حصلتبينهم ...
قمر كانت كل شوي تمسح دموعها ، و فتحتباب السيارة و سحبت شنطتها و طلعت (خمسة ريال ) و رمتها علىسلطان ، وبعدها مزعت ورقة و رمتها صوبه ... !
تركت باب السيارةمفتوح و راحت تمشي بسرعة ...
كانت ، تبي تروح البيت مشي !
أنا ما أدري وش اللي دار بينهم بالضبط ، بس صرخت بوجه أخوي :
- ( وش سويت ؟؟؟ )
سلطان ، كل علاماتالهلع و الفزع كانت متفجرة على وجهه ، و هو ينادي :
- ( قمره أرجوك ... )
ابتعدت قمر عن موقف السيارات و راحت تمشي بسرعة على الشارع ، وأنا امشي وراها و انادي عليهاو لا ترد ، لين مسكتها ...
- قمر اصبري ! وين رايحة !!؟؟
- تركيني ... بـارد البيت
- جنـّـيتي يا قمر ؟ الله يهديك ، تعالي بس ...
و حاولت اسحبها معي ، لكنها تملـّـصت مني ، و راحت تبيتكمل طريقها ...
- أرجوك قمر اهدئي شوي ...
في ذي اللحظة ، مرت علينا سيارة ( ليموزين ) ، و لاشفت إلا قمر تأشر عليها ...
وقفت سيارة الليموزين جنبنا ، و جت قمربسرعة و فتحت الباب ... تبي تدخل ... و أنا مسكتها ...
أخوي سلطان ، و اللي كان قريب منا جا مسرع و قبل ماتدخل قمر السيارة صك الباب اللي كان مفتوح و هو يصرخعلى ( السواق ) :
-( خلاص روح )
- لا انتظرصرخت قمر و هي تمد إيدها مرة ثانية لباب السيارة تبي تفتحهتحركت يد سلطان ، يمكن لا إراديا ، و مسك إيدها يبعدهاعن الباب بقوة ...
- اتركني
- ما أخليك تروحين ياقمر أبدا
- مو بكيفك ، وش دخلك أنت؟ من تظن نفسك ؟و هي تسحب إيدها و تحاول تمسك ( مقبض ) الباب ، و تفتحهشوي ، و يرد سلطان يصكه بالقوة ، و يصرخ علىالسواق :
- قلت لك روح خلاص يالله...
السواق الهندي ، مسكين شكله تخرّع ، بسرعة فلت ...
- ليه؟صرخت قمر
- مجنونأنا أخليك تروحي معه؟ يالله نرد السيارة
- ما أبي أروح معك ، غصب هي؟ ماأبي أركب سيارتك ، أكرهك يا سلطان ، أكرهك ، أكرهك أكـــرهــــــــــــــــكو التفتت لي ، و ارتمت بحضني و صارت تبكيبكا يقطع القلب ، و انا أحاول أهديها
- قمر ، خلينا نروحالسيارة كذا وقفتنا بالشارع غلط ... الله يخليك قمر...
قالتبشكل متقطع ، بين الكلام و الشهق و البكاء و الدموع :
- ما... أبي ...... أركب ........ معه .....
- أرجوك قمر ، عشان خاطري أناأرجوك ...
بصعوبة أجبرتها ترجع للسيارة ، بعد مدة ،خلها توصل البيت ، و بعدين اللي تبي تسويه تسويه ...
جلست معها على المقاعد الخلفية و هي تبكي بشكل موطبيعي ، خفت يصير لها شي ، و الله ما اسامح نفسي لو صارلها أي شي ...
سلطان في البداية ظل واقف برى السيارة ، بعيد عنا شوي ، لينبدت قمر تهدأ شوي ، و بعدين ركب ...
أول ما جلس على المقعد و صكالباب قال :
- قمر أنا آسف...
و تمر ، ردت بسرعة و بحنق وانفعال :
- ما ابي أسمع صوتك ، اسكت ... اكرهك...
طالعت بعين أخوي من خلال المرايا ، حسيته يبي يقول شي، لكن أنا قطعت أي محاولة نقاش بينهم :
- بعدين سلطان ، ياللهنمشي...
سلطان قاد بسرعة ، و كذا مرة كان يسأل :
- (أنتوا بخير؟ )
لما وصلنا عند بيت بوثامر ، رد قال :
- قمر ... أنا ... أنا آسف ...
قمر فتحت الباب ، دون ما تقول كلمة وحدة ، و نزلت منالسيارة صكته بقوّه هزّت السيارة كلها !
التفت سلطان علي و قال :
- روحي معهانزلت فتحت باب السيارةو نزّلت رجلي على الأرض ، أبي أنزل ، لكن قمر – وهي تطلّع مفاتحيها من الشنطة –
قالت لي بحدة :
- خليك يا شوق ، مع السلامة.
و دخلت البيت ، و صكـّـت الباب ....
نزلت من السيارة و وقفت لحظة ، و رديت ركبت جنب أخوي ...
- وش صار يا سلطان؟
- كان لازم تكرهني ... عشان تعيش حياتها ...
و مشى بالسيارة ، أنا ما رديت سألتهعن شي ...
مشى ببطء ، كان شارذ الذهن ، و متوتر ، و لما وصلناعند الإشارة ، خذ اللفة و رجع نفس الطريق !
طالعت فيه وانا مستغربة ، و لا سألته لين وصل عند بيت بو ثامر مرة ثانية و وقف عند بابهم و قال :
- انزلي شوفيها يا شوق...
- نعم؟
- انزلي شوفيها يا شوق لا تذبحيني...
ما شفتها عدلة، ترددت ، تفشلت أروح لها الحين ، بعدين وش أقول لها و لأمها ؟ و وش تقول هي عني ؟لما شافني أخوي جالسة بمكاني ما تحركت طالع فيني بنفاذ صبر ...
- زين خلني بس أتصل و اسأل ... جيب جوالك...
- انزلي شوفيها يا شوق لا يكون صابها شي...
خوفتني جملته، قمر كانت منفعلة بالمرة ، و يمكن لا قدر الله يتكرر اللي صار قبل كم يوم ..
و أنا جاية بانزل وفتحت الباب ، شفنا سيارة ( بسـّـام ) ،جاي لبيت بو ثامر ، و أول ما شافها سلطان ، قال لي
( خلاص )
وانطلق بنا ...
تغيبت قمر عن الجامعة اليومالتالي ، لما ما شفتها في الصباح ، فزعت ، خفت يكون صار لها شي ، ما قدرت أتصلعليها بعد اللي صار ... ما تجرأت ...
رحتلسلمى اسألها عن قمر ، و قالت لي أنها كانت تحاول تتصل عليها الليل و لا قدرتتكلمها ...
وجهت لي سلمى سؤال مباشر :
- (صار شيأمس؟ )
و لا عرفت بإيش أجاوبها ...
سلمى يمكن كانتعلى حق ، لما حاولت تمنع لقاء قمر بسلطان ... لكن ...
كانت عيونهاكافية ، ما كانت بحاجة للكلام ...
( لو يصير لقمر أي شي ، يا ويل سلطانمني )
تكرهه ، بمقدار حبها لقمر ... و بديتأشك أنها تكرهني أنا بعد ، و تعتبرني المسؤولة عن اللي صار لقمر ، ذيكالليلة ... مع أني ، ما دبرت أي لقاء بين قمر و منال ، و تفاجأت بها مثلهمبالضبط ...
الكره ، عمى قلبها ... و جردها من انسانيتها ،و خلاها تتصرف بلا رحمة ، مثل وحش ... يشمت بفريسته ... و يتلذذ بعذابها ...
ليلة الخميس ، هي ليلة الخطيب الخاصة ...
و الليلة جاي لي بسـّـام ، للمرة الأخيرة ....
قراري ، كان إني أنفصل عنه ، مو لأنه عندي أي أمل في أن العسليرجع لي ، أو أني أحب بسـّـام ، إنما لأني شفتفي بسـّـام إنسان أفضل منأنه يستحق انسانة مثلي ...
ما عدت فتحت الموضوع قدامسلمى ، قراري الخاص و ما بغيت أي شخص يشاركني فيه ...
الأيامالثلاثة اللي فاتت ، تغيبت عن الجامعة ، مو من تعب ، بس اعتبرتها فترة نقاهة ، وفاصل بين أحداث الأمس واليوم ..
قضيت كثير من الوقت ،أكتب في بحث سلمى على الكمبيوتر ، و لما جهز ، أرسلته مع ثامر لبيتها ... ما كنتأبيالتقيها و أظن هي بعد حست بكذا ، و اكتفت بشكري على الهاتف ، دون أيهأسئلة ....
استقبلت بسـّـام بشكل طبيعي ، و هو كان ( مشتاق ) لأنه ما شافني من يوم السبت ...
يوم الأحد ، يوم لقائي الأخيربالعسل ، كانت أمي طالعة مع أمه السوق سوى ، و هو وصلهم مشوارهم ، مر علىبيتنا بس ما نزل شافني ...
و هذا أفضل ، لأني يومها ، لوكنت شفته بوجهي ، كنت رميت الدبلة عليه بعنف ...
أما الحين ،أعصابي هادئة و أقدر اشرح له بهدوء ... و بطيب خاطر ...
- تصدقي يا قمر ، توحشيني بسرعة ! الأسبوع طويل وما فيه غير ليلة خميس وحدة ! ما تكفي ...
قلت في بالي :
- ( أجل لما تعرف أنها الليلة الأخيرة ! وش رح تسوي ؟؟؟ )
قررت اللحظة ذي إني أدخل في الموضوع ، كرهت نفسي و أنافاتحة له المجال للتعبير عن مشاعره ، فيما أنا أخفي
( السكين ) ورا ظهري ...
- بسـّـام ....
- عيون بسـّـام ؟
- .... تسلم عيونك ...
- غمضي عيونك !
اندهشت ، و طالعته باستغراب ، و رد قال :
- يالله قمر حلوة ، غمضي عيونك !
ما ادريليه ! بس جاريته و غمضت عيني ...
فجأة ، حسيت بشي يتحرك حول رقبتي ،بغيت افتح ، جا صوته يأكد علي :
- لا تفتحي !
و ثواني ، و قال :
- الحين افتحي !
فتحت عيني ، و جت على عينه مباشرة ، كانت مليانة حب و تقدير ...
و نزلت بعيني أبي أشوف الشي اللي علقه على رقبتي ، جيت أبي أحركإيدى أتحسسه ، لقيتها مضومة بين يديه ...
رديت أطالع بعينه ، ابتسم ليابتسامه عذبة و رفع إيدي إلى شفايفه ... و قبلها ....
- إن شاء الله يعجبك !
كانعقد ذهبي جميل جدا ... به حجرة بالمنتصف ، محفور على خلفيتها :
(( حبيبتي قمر حلوة ))
نقلت بصري بين العقد وبسام ... و فاضت عيني بالدموع غصبا علي ....
الإنسان الليشاريني و يبيني ... إللي يحبني و يقدرني ... اللي يتودد لي و يتقرب مني ...
و أنا اللي كنت ، ناوية أغرز سكين بقلبه ....
ماقدرت اتحمل ...
ظهرت صورة سلطان ، و احنا عند البحر ، و هو يقول :
- ( اعتبريني موجه عدت ... و ما بقى إلا الزبد ) ....
تلاشت كل معاني الحب اللي حملتها لسلطان ... تبددت كل مشاعر العشق اللي خزنتها لسلطان .... تبعثرت آخر أطيافالأمل ...وتجمدت آخر قطرات الدموع ... و انطفت آخر ألهبة الشموع ... و انطلقت آخر صرخات القلبالمفجوع ...
... وداعا يا سلطان ....
... وداعا ياالعسل ...
و داعا بلا رجوع ....
كنتأبي استعير كم ورقة من عند أخوي سلطان ، أطبع عليهم بحثي ، و اللي رح يكون الدورعلي أقدمة السبتالجاي .
بحث ( سلمى ) كان حلو ! معد بالكمبيوتر ! قمر ساعدته فيه ... يا ليت أقدر أسوي مثله ! بس مستحيل أطلب منقمر أنهاتساعدني ... !
دقيت الباب ، و ما جاني جواب ، فتحته و دخلت .
ما كان أخوي موجود بالمكتب ، و رحت لعند أوراقه و أخذت رزمة .
على نفس المكتب ، لفتت نظري ورقة نصف مطوية ، كانت ممزقة ،و بشريط لاصق جمعت أجزاءها ...
بفضول أخذت الورقة و فتحتها ... و عرفتعلى الفور ، أنها من قمر ! ...
أشيلك فوق رمشالعين ..... و أعزّك و انت هاملني...
حسبتك لي حبيب ٍ زين ..... و اثاري بستجاملني ...
عشانك باسط الكفين ..... و كل شي أنت حارمني...
ياساكب دمعي عالخدين ..... يا شاغلني و ظالمني...
يا سالبني و ناسي الدين ..... و زي داين تعاملني ...
حبيبي فيك طبع ٍ شين ..... تـواعدني وتماطلني...
تغيب و ما اعرفك وين ..... تفر مني و تغافلني ...
و لامنّي بعدت يومين ..... تصر أنك تقابلني ...
و لا مرة اجتمعنا اثنين ..... تمل منّي و تعاجلني ...
كلامك ينقسم نصّين ..... تذم فيني و تغازلني ...
حبايب حنّا لو ندّين ..... اعــاتبك و تــراددني ...
تبيني و الاحاير بين ..... تهدني و الا تاخذني ؟...
تلاعبني على الحبلين ..... تقرّبنيو تبـاعدني ...
تحمّلتك و طبعك لين ..... كرهتك ، لا تواخذني ...
ظهر أخوي فجأة ، طالع من دورة المياه ، و شافني وشاف رزمة الورق الأبيض تحت ذراعي ، و الورقة الممزقةبإيدي ...
- هلا شوق..
- هلا ، بغيت كم ورقة أطبع عليهابحثي ...
- تفضلي أكيد...
و دنا مني ، ومد إيده ،و أخذ ورقة قمر من يدّي ....
- أنا آسفة !
- ما فيه داعي ...
- ... تامر بشي أخوي؟ بـ أروح أكمل شغلتي ...
- ... ماردت للجامعة؟
- ... لا ...
جلس سلطان عنكرسي المكتب الدوار ... و تنهد بضيقة صدر ... و رفع الورقة قدام عيونه ، فما قدرتأشوف تعابيرهبعدها ...
انسحبت من الغرفة بهدوء ... وتركت سلطان ... يلملم أجزاء قلبه ، مثل ما لملم أجزاء الورقة الممزقة .....
يوم السبت اللي بعده ، رجعت قمر للجامعة ...
لا ، في الواقع ... ما رجعت قمر ...
اللي رجعت وحدة غير ... اكتشفنا انها ما هي قمر اللي نعرف مع مرور الأيام ...
فيها شي تغير ...
صارت أميل للجدية ، و العصبية ، و نفاذ الصبر ... و تشاحنتأكثر من مرة مع زميلاتنا ، و لأسباب ما كانت تعبرهافي الماضي ...
و لاحظت ، أنه و لو بالصدفة جا طاري سلطان أو منال قدامها ،يضيق صدرها و تتأفف و تعابير وجهها تمتلي كره وبغض و تعلق أحيانا تعليقجارح ، أو تغير الموضوع بشكل غير لائق ...
هل ممكنللحب ، أنه يغير الانسان بذا الشكل ...؟؟كان أول خبرتفاجأنا به يوم السبت ذاك ، هو أن موعد زواجها خلاص تحدد بعد كم أسبوع ...
أنا تحاشيتأتكلم معها عن أي شي من اللي صار مع أخوي سلطان ، وهي بدورها بعد ما أشارت للموضوع و لابحرف واحد ...
أنا صارت عندي عقدة الذنب ... حسيت أنني تسببتبتحطيم حب قمر لسلطان ، بحسن نية ...
في نفس اليوم ،بعدين لما سألني أخوي عنها :
- ردت للجامعة ؟
- نعم ...
- و كيفها ؟
- خلاص يا سلطان ، نصف شوال الجاي ... حفلة زواجها .
طالعت بسلطان ، مثل اللي يطالع بمتهم ... وقلت :
- ارتحت الحين ؟و عطيته ظهري وطلعت .
أنا ما عمري سألته عن اللي صار بينهم ذاكاليوم ، بس منها عرفت ... أنها كانت خاتمة القصة ... قصة الحبالمأساوية ،اللي انكتب عليها أنها تنذبح و هي في المهد ...
و بكذا ، كانت نهاية حب قمرحنا لسلطان ...
خلصنا الدوام ، و جتالساعة 5 و نص ، و أنا و سلطان لسا موجودين بمكتبه نملم أوراقنا .
كان يوم أربعاء ، و كنت أبي ألحق أروح ارتاح و اقضي لي كم شغلة، قبل ما اروح عرس بسـّـام .
أنا و بسـّـام معرفة قديمة و الرجال عزيزعلي ، و لازم احضر زواجه .
- يالله سلطان يكفي ! نكمل بكرة .
- بكرة الخميس يا ياسر ، ما فيه دوام . أبي أخلص الشغلةو تكون جاهزة للسبت .
- أجل أنا بـ اطلع ، وراي عزومة الليلة و عندي كمشغلة أنجزها ...
يعني أنا مو قوي الملاحظة لذيك الدرجة ،بس كأنه وجه الرجـّـال انعفس ، و قط القلم من إيده ، و قال :
- يالله ،أنا بعد طالع خلاص ...
و في نفس اللحظة ، جاالعامل و بايده علبة صغيرة ، و عطاها سلطان ...
- إش هذه ؟
- جاية بالبريدبعد ما طلع العامل ، صار سلطانيقلب بذيك علبة ، مستغرب ... و شاف اسمه و بريده الخاص مسجل عليها ...
- افتحها شوف !
قلت و أنا كلي فضول ،لأن العلبة الصغيرة شكلها كان غريب ... !
فتح سلطان العلبة، و أنا جنبه ، و اندهشنا لما شفنا اللي فيها ...
أنا كان اندهاشياندهاش تعجب و تساؤل ، لكن هو ...
كانت دهشته دهشة ذهول ... و وجههاعتفس كلـّـش ... و تعابيره صارت مخيفة و مهولة ... مفزعة ، إن صحتعبيري ...
داخل العلبة ، كان فيه سلسلة فضية مقطوعة ... و جنبها ... كان فيه ورقة صغيرة مكتوب عليها :
((( القمريقول لك الوداع ... )))
الحلقة العاشرة
~ فاجعة ~
* * * * * * *مرت سنتين من زواج قمرو بسام ، و تقريبا سنة من زواج شوق و ياسر ، و أربع شهور من خطوبتي أنا و
( يوسف ) .
احنا في بداية العطلة الصيفية و زواجنا رح يكون بعد 25 يوم ...
علاقتنا أنا و قمر و شوق ، استمرت مثل ماهي ، أخوات و صديقات وزميلات دراسة ...
كانت المرة الأخيرة اللي تهاوشت فيها مع شوقهي قبل سنتين ، لما دبرت لقاء بين قمر و سلطانوه ، بعدها ،و لما شفتالنتائج الإيجابية ، و قرار قمر باتمام زواجها من بسام ، و طردها سلطانوه من حياتهانهائيا ،بعدها ، حمدت ربي أن شوق قدرت تدبر بينهم هاللقاء ، و صرت مدينةلها بالشكر !
أكبر دليل على أن سلطانوه انتهى من حياة قمر ، هوتقبلها لمنال بشكل طبيعي ، و خصوصا في حفلة زفافشوق ، حتى أن اللي يشوفهمسوى يفكرهم من الأصحاب ...
... تقريـــــــــبا من الـ (( أصحاب )) ! !
بعد كذا ، التقت قمر بمنال مرة أو مرتين ، في بيت شوق ، والأمور سارت بشكل طبيعي .
... تقريـــــــــبا (( طبيعي )) ! !
آخر الأيام أنا كنت مشغولة بالتحضير لزواجي ، و ما شفتهم أوكلمتهم من أكثر من أسبوعين ، إلا البارحة ،اتصلت علي شوق و سمعتهاتقول انها مخططة تروح رحلة للبحر مع زوجها ...
نجحنا احنا الثلاث ، و كنا مبسوطين ... وقلت لياسر أبي أسافر سفرة حلوة ، بس ما شجعني ..، عنده شغلكثير .... وبالمقابل ، وعدني انه طول الأجازة يوديني رحلات ...
كنا مقرريننروح رحلة بحرية بكرة ... و اليوم ما عندي شي و رحت بيت أهلي ..
كنت في البيت ، ملانة و ودي اغير جو ... اتصلت على سلمى لقيتهامشغولةو اتصلت على قمر أبي أشوف إذا فاضية تطلع السوق معي ؟
- متى ؟
- الحين ! أمرك و نروح ؟
- خليهالبكرة شوق ، عندي شغلة العصرية ذي .
- بكرة باروح البحر مع ياسر ! يمكن مانرد غير آخر الليل ...
- الله ! حلو ! زمان ما رحت البحر ...
- تجوا معنا ؟ و الله فكرة ! إش رايك قمر ؟و على كذا تواعدنانلتقي هناك ...
يوم ثاني ، و أنا أجهز بالأغراض ، قال لي ياسر :
- كثري من كل شي بعد زود ...
- تبالغ ياسر ! كلناأربعة أشخاص ! هذا إذا جا بسام و قمر و شفناهم !
- سلطان و زوجته و ولدهجايين معنا .
اندهشت ، طالعت فيه باساغراب متفاجأة :
- سلطان و منال جايين ؟ من قال ؟
- أنا جبت طاريالرحلة قدام سلطان و عجبته الفكرة و قلت له يجي معنا !
الحين ، صرتبحيرة ...
صحيح ... أن سنتين مروا ... عمر مر ... و ذكريات انست ... بس ... ما ارتحت للفكرة ..
- ياسر .... قمر رح تكون معنا ....
كأني أبي ألفت انتباهه لشي يمكن يكون غفل عنه ؟
- و إذا ؟ أهلا و سهلا ... إحنا أولاد اليوم ....
للحق ، ما ارتحت ، كان ودي أتصل على قمر أقول لها ، سلطان ومنال جايين ، أو حتى أقول لها ، لغيناالرحلة ... ما ادري ، بس حسيت أنهملو التقوا ... رح يصير شي ... و شي ... الله يستر منه ... !
منقبل ، في مرة من المرات ، كنت اسأل أخوي إذا كان يحبها ، و هو جاوبني بأنه يعشقها ...
بعدها بكم شهر ، سألتني منال بشكل مفاجىء :
- ( سلطان كان يحب وحدة قبل ما يتزوجني ؟ )
و اعترفت لي بانهاسمعت كلام بيني و بينه ليلة من الليالي ، و ما كان اسم قمر انذكر ذيك الليلة ، وظلت منالفي داخلها تتساءل الى الآن :
-( من هي ؟ )
هذا السؤال شفته بعيونها بأكثر من مناسبة ، تقريبا ، في كلمرة أشوفها فيها ...
و لا أنا جاوبت ، و لا هي ردت سألت ...
وصلنا عند البحر ، احنا و أخوي سلطان قبل قمرو بسـّـام .
منال أصرت تجيب معها ( نواف ) الصغير ، و ما تركته عندامي بالبيت .
ياسر استأجر قارب آلي ( طرّاد ) ، و ناوي ياخذنا بقلبالبحر فيه ...
لمحنا سيارة بسـّـام و هي تعبر ، و أشر ياسرعليهم ...
سلطان ، و حتى منال ، ما كانوا عارفين ان قمر و بسامجايين معناو حسيت بحرج الموقف ، و انقهرت في ياسر ، كيف يتصرفكذا ؟؟؟بسام و ياسر تصافحوا بكل ترحيب و بساطة ، و ردسلطان تحية بسام من بعيد !
أما قمر ، فأول ما نزلت من السيارةوقفت بمكانها ...
جيت لعندها و سلمت عليها ، و شفت بعينها نظرةالاستنكار و اللوم و الاستياء ...
- بعدين أقل لك وش صار ، غصباعلي ...
ما حسيتها مرتاحة ، و لولا الحرج ... يمكن قالت لزوجها :
- ( خلاص رجعنا البيت ) !
ماجد و رائد ،أخوان بسام التوأم بعد كانوا موجودين ... و أول ما نزلوا من السيارة على طول هجمواعلىالقارب و البحر ، بكل براءة الأطفال ...
حاولنا كلنا نتصرف بشكل (( طبيعي )) ، ما كأنه فيه ( شي ) مو في محله !
الطبيعيين كانوا ياسر و بسام و منال ، والأطفال طبعا ...
أما الباقي ، لو يدقق الواحد النظر ، كانلاحظ الشحنات الغير مريحة اللي دارت حوالينهم ... !
كنا متواعدين أنا و شوق ، نطلع رحلة بحرية معبسام و ياسر ، نغير جو و ننبسط شوي ...
رائد و ماجد ما صدقوا خبر ، علىطول جهزوا عدتهم و لباس العوم يبوا يروحوا معنا ، و طبعا ما كسرنابخاطرهم، و أخذناهم ...
الولدين اليتيمين متعلقين بأخوهم بسام ، تعلقهمبالأب ، اللي فقدوه من سنين ...
لما وصلنا المكان اللي اتفقناعليه ، انصدمت ...
كان فيه سيارة ثانية ... أعرفها زين ....
سيارة ما ركبتها من سنتين ...
و صاحبها شخص ... ما شفته من سنتين ... و لا أبي أشوفه أبدا ....
حسيت أنها حفرة و طحت فيها و ماقدرت أطلع ، بسام وقف السيارة جنب سيارتينهم ، و ماجد و رائد قفزواعلى طولللبحر ...
و أنا ... تدبّست ... و ما قدرت أنسحب ...
جت شوق لعندي تسلم علي ، و طالعتها بنظرة غضب و استياء ، ولسان حالي يقول :
- ( وش جابهم هذولا بعد ؟ )
شوقفهمت علي و قالت لي أنه صار غصبا عنها ...
ما كان عندي خيار ،ليتني قدرت أرجع ...
يا ليت ...
بعدين ، لو انسحبت، رح يظن ( صاحب السيارة ) أن وجوده أثر علي ...
رفعت عيني للسماء ، اللهيعدي الوقت بسرعة و بخير ...
و بعدها ناظرت المرأة الثانية ، اللي كانتمع شوق ...
كانت زوجة ( صاحب السيارة ) جالسة على سجادةمفروشة على الرمل ، و بيدها ولدها الصغير نواف ...
و الله يعيني عليها ...
رحنا و جلسنا معها ، و بدينا نسولف و أنا مو طايقة أسمعها ..
من بد كل البشر اللي خلقهم ربي ، هذه الانسانة أنا ما أطيقها بالمرة ... !
غصب هي ؟ ...
ما أقدر أستحملها أبدا !
- الجوحلو كثير ! ليتنا نجي كل اسبوع هنا !
قالت منال ، و ردت شوق :
- ياليت ! بس وين ؟ ! ياسر كله مشغول بعمله ، ما قدر ياخذأجازة نسافر لنا كم يوم، اذا بغيته لازم أحجز قبلاسبوع على الأقل !
- يعني سلطان اللي فاضي ؟ و الله ما ادري كيف صادفت فرصة نجي معكم !
يا حظك يا قمر ، زوجك يقدر يأجز وقت ما يبي !
استثقلتها ، وش قصدها يعني ؟ عشان بسام شغله حر ، و مو صاحبمنصب مثل أزواجهم ؟رديت بلهجة حادة :
- بسام بعدمو فاضي ، و الحين نبني بيت جديد و ماخذ كل وقته ... و بعدين عنده مسؤوليات كثيرةفي البيت والعيلة ، و لا يقدر يأجز أو يسافر بكيفه ...
و على هالحال ، كلما قالت شي وقفت لها برد اعتراض ، يمكن هي ماحست ، أو ما اهتمت ، بس شوق كلشوي تناظرني ( هدّي الجو شوي ) ... !
حتى و أنا أتكلم ، عيوني ما كنت أجيبها بعينها ! أسوي حالي منبهرةبالبحر و السماء ...
ما أبي أشوفها ...
و لأني كنت اناظرالبحر ... كان لابد إن عيني تجي على ... ( صاحب السيارة ) ... تلقائيا ....
و بسرعة ، أبعدها ...
أصرفها أي مكان ...
يا ليتمركبة فوق راسي عشان ما أشوف إلا السماء !
جا الجماعة من جولتهمالأولى بالقارب ، مبسوطين ، و أصروا ياخذونا معهم في الجولة الثانية ، قبل ماتغربالشمس ...
الفكرة كانت فكرة ياسر ، أنا طبعا ماعجبتني ، ما بغيت أركب مع ذاك الشخص في زورق واحد ، و بعد معنازوجته وولده ... ؟؟ هذا اللي ناقص !
ما ابي اقترب منه مسافة أقل منعشرين متر .... ما أبي أحس بوجوده و أكون في الحيز اللي تقدر فيه أنسامالهواء تعبر عليه و تجيني ...
ما أبي صوته يهز طبلتي ...
ياليتني جبت معي ( سدّادة آذان ) !
أو حتى ...
سدادة حناجر أبلعه إياها !
ما كنت أبي أرطب معهم أبدا...
لكن ، لما شفتهم كلهم راكبين ،اضطريت أركب غصبا علي ...
جلسنا احنا الثلاث في مؤخرةالقارب ، و الرجال كانوا قدام ، و رائد و ماجد يتنقلوا من جهة لجهه ومعهمكورة صغيرة ...
انطلق القارب بسرعة معتدلة ،كان ياسر هو اللي يقود ، و جت الأنسام تلفح الوجوه و تداعب الرموش ، وتشرحالصدور ...
كانت الشمس تقرأ خواتيم السورة ، قريب تودع ...
أمواج البحر كانت هائجة نوعا ما ... و كان القارب يتراقص مع رقصتهاالمستمرة ، فوق و تحت ...
يمين و شمال ...
شوق كانتتتأمل الموجات اللي يتركها القارب وراه ، و منال كانت تداعب طفلها الصغير ...
بعد شوي ، وقــّـف ياسر القارب وسط البحر ...
صرنا كأننا بجزيرة صغيرة ، الماء يحيط بنا من كل الجهات ، والسماء تعانق البحر عند الأفق ، الساحلبعيد ... قرص الشمي ( يذوب ) داخلالبحر شوي شوي ...
المنظر الجميل ، و وجوده هو على نفس القارب، على بعد كم متر مني ، خلى الذكريات تدور براسي رغماعني ....
تذكرته ، و هو يقول لي :
- ( اعتبريني موجه و عدت، و ما بقى الا الزبد )
انتهزت فرصة انشغال الكل بجمالالمنظر ، و تسللت بنظري ... و القيت نظرة خاطفة عليه ...
كانجالس على يسار ياسر ، و بسـّـام على الطرف اليمين ، كانوا يتكلموا و يضحكوا ...
صوت المحرك اللي غاب – بعد ما وقف ياسر القارب – عطى فرصة لصوتهأنه يوصلني ...
جهور و رنان و واضح ... مثل ما كان ...
يا ليت ياسر يشغل المحرك مرة ثانية ، ما أبي أسمع صوته ، ماابي أشوفه ، ما ابي أكون و هو بمكان واحد ....
شحت بوجهي بعيد ،و على وسع البحر و السماء ، ضاق صدري ... الكل كان مبسوط و أنا كنت أبي بسيمرالوقت بسرعة ، و أرجع لبيتي ....
آه يا بيتي ...
رائد ، و هو يلعب – يسوي حاله يقود – ما ادري اش سوى و ضرببالمحرك و انكسر شي منه بدونقصد ...
جا ياسر يبي يشغلالمحرك ، ما اشتغل ...
كرر المحاولة مرة و ثنتين و عشر ... دون فايدة ....
المحرك تعطل ، و احنا علقنا في وسط البحر ....
تسعة أشخاص ... على قارب صغير يتأرجح على الموجات الغاضبة ، وسطالبحرما كان في القارب أية مجاديف ، و المسافة بيننا و بينالساحل ، مو قصيرة ...
بدا التوتر يسود الأجواء ، بدل الانبساط و المرحاللي كانوا قبل شوي ..
ياسر مازال يحاول و المحرك عنيد ...
إش يصير لو ظلينا كذا ....؟؟؟الشمس ، كانت تنذرنا بالرحيلالموشك ، لازم نرجع الساحل و إلا ...
بعد مدة ، و ياسر والبقية يحاولوا يسووا اي شي بالمحرك ، و بعد ضربات متكررة ، كسر ياسر منه جزء ثاني، ما ادري وش صار له و فجأة اشتغل ....
اشتغل المحرك ،و انطلق القارب فجأة بسرعة مذهلة ، بأقصى سرعة يقدر عليها ...
اهتز و كلنااهتزينا معه ، و الأولاد طاحوا و تعوروا ......
حاول ياسريخفف من السرعة ، لكن المقود المكسور ، و المحرك الخربان عصوا الأوامر ...
بدا كل واحد يصرخ من جهه ، ( وقفوه ... وقفوه ) ، و القارب منطلقبلا مبالاه مصر يكمل مشوارهللآخر ....
أي شي يطلعقدامنا رح نصطدم به ، و تكون العواقب وخيمة ...
و هذا الـ ( أي شي ) ،كان قارب كبير مهجور ، عايم وسط البحر ...
صرنا نقترب من القارب ،و لا نقدر نروح يمين و لا شمال ، و قاربنا ( مفلوت من غير فرامل ) ....
ترافعت الصرخات ، و وقفنا كلنا مرة وحدة ، و اهتز القارب واختل توازنه ، و اللي قدر يمسك بشي مسك ، واللي ما لحق ... طار ...
عرفنا أن حنا رايحين فيها لا محالة ، و الضوء الأحمر توهجقدامنا ... و دقت أجراس الخطر ... و كل ٍ علقيده عند قلبه ...
- اقفزوا كلكم ... بسرعة .......
صرخياسر صرخة النداء الأخير ... و فزعنا الفزعة الأخيرة ...
مااذكر ... إش اللي صار بالضبط ...
الفزع و الذعر اللي عشته ، كان أعظممن انه يسمح لذاكرتي أنها تسجل تفاصيلهأو حتى تلحق تشوف تفاصيله ...
أذكر ، أني كنت أشوف القارب العائم يقترب ... و أن قاربنا كانيتأرجح بعنف ...
ما اذكر ، من اللي قفز ... و إذا كان أحد قفز أو لا ... بس أذكر ... أن سلطان كان بعده واقف ....
- سلطان اقفز ....
قلت له بفزع ، و التفت سلطان لي ، و جت عيني بعينه ...
- اقفز يا سلطان بسرعة ...
ما اذكر ،كيف كانت تعابير وجهه ، اظن كان مذعور ؟ لا ... كان يبتسم ؟ تهيأ لي أنه ابتسم ... أو يمكناختلطت علي الأمور ...
ما عاد بيننا و بينالقارب إلا ثواني ...
كأني سمعت صوت بسـّـام يناديني ؟؟؟
- قمر ... يا قمر ... انزلي ...
خلاص ... القارب الثاني قدّام عيوني على طول ...
خلاص رح نصطدم به ...
خلاص هذه النهاية ...
صرخت ... بكل قوةالصراخ اللي سمح بها الكون تطلع من حنجرة بشر ...
صرخة زلزلت الأرض ، و هزتالبحر ، صدعت السماء و دوت الكون ...
- اقفز ياســـــــــــلــــــــــــطـــــــــااااااااانفجأةشفت روحي وسط الماء ، داخل في عمق البحر ... شوي و أختنق ...
بلعت ماء كثير ... و انكتمت انفاسي ...
سبحت لفوق لين وصلت سطح الماء ،هجمت الأنفاس على صدري بقوة ...
طالعت صوب القارب ، شفته ونصه غارق و نصه طافي ، و بعده يمشي صوب القارب الثاني ، و سلطانواقف فوقه ....
- سـلـطـان ... سـلـطـااااان ... ســـلـــطــــــــااااااااااااان ....
سلطان قفز للماء في اللحظة الأخيرة ...
شفته و هو يبتلعه البحر ... ، و شفته و هو يطلع مرة ثانية على سطحه ، بعدما ارتطم القاربين و جلجلواالأجواء بضجة قوية ....
و يرد يختفي ...
الشمس تخلت عني في أحوج ألأوقات لها ... النور كانتخافت ... دورت على سلطان ما لقيته ...
سبحت تجاه المكاناللي شفته به قبل شوي ، أدور عليه و انادي ... و أصرخ ....
طلعسلطان من قلب البحر ، يصارع الموج ، يصارع الموت ، سلطان ما يعرف يسبح ....
سبحت بكل قوتي ، بأكثر من كل قوتي ، ما خليت فيني غضلة وحدةالا و حركتها بالقوة ... بالجبروت ...
بالغصب ...
أطالعبسلطان ، و هو مرة يطفو و مرة يغرق ... عيونه مفتوحة لحدها ، شهقاته قوية و مقطوعة، و إيده تحاولتمسك الماء ... و روحه تهدد بالنزع ......
- تماسك سلطان تماسك ... تماسك أرجــــــــــــــــــــوك ....
أمواج البحر كانت تعاندني ، اخترقتها غصبا عنها ... سبحت وسبحت ... استرجعت كل دروسي و خبرتيبالسباحة ، و أخيرا ... وصلت لسلطان ....
مسكت سلطان ، و رفعته فوق ... فوق ... و هو تشبثبي مثل ما يتشبث أي غريق بأي طوق نجاه ....
- تنفس سلطان تنفس ... تنفس ...
تنفس سلطان بنهم ... بشراهه ... و هو يضغط بيدهعلي ، خايف ينفلت و يبلعه البحر مرة ثانية....
رفعت ذراعه علىكتفي ، و صرت أدوّر ... وين الساحل ...
آخر بصيص للشمس كان منناحية ، يعني الساحل من الناحية الثانية ... و سبحت بسلطان ، بكل قوتي و بأسرعما سمحت لي به الأمواج ....
فجأة ، فلت سلطان منإيدي و سحبه عمق البحر ...
لاااااااااااغطست وراه و مسكته ، كنت أشوف بقايا فقاعات الهواءاللي كان بصده ، تتخلى عنه و تطلع من صدره ، منفمه و أنفه بكل غدر ...
شديته لي و رفعته فوق ، صرخت ...
- سلطان تنفس ... تماسك سلطان ...أجوك تماسك ... تماسك الحين نوصل ...
تعبت، خارت قواي كلها ، و احنا بعد ما وصلنا ... ما ادري كم من الزمن مر ... يمكن شهر ؟يمكن سنة ؟؟؟البحر كان متعطش للفتك ، للغدر ... أمواجه تلاعبتبنا ... فوق و تحت ... يمين و شمال ... قدام و ورا ...
ما بدا لي أن البرموجود ....
ما لازم استسلم ، لازم أوصل ... تمسك يا سلطان ... باقي قليل ...
سحبته معي ، و أنا أسمع أنفاسه مرة ، و مرة لا ... وأشوف عينه مفتوحة مرة ، و مرة لا ... و أحس بإيدهتمسكني مرة ، و مرة لا ...
أخيرا قربنا من البر ... شوي ... و حسيت رجلي تلامسالقاع ... وصلنا بر الأمان يا سلطان ... تمسك ...
ارتميت على الرمل، بين البر و البحر ، عند مضرب الأمواج ... التقط أنفاسي ... ارخي عضلاتي المنهكة ...
و أحس بالألم في كل جسمي ...
التفت لسلطان اللي جنبي .... كان ملقى على بطنه ، و راسه على الرمل المبلل ، و أمواج البحر توصل طرفأنفه ...
قمت و سحبته ، ابعدته عن الماء ... و قلبته علىظهره ... و رفعته على رجلي و ذراعي ...
كان مغمض ... و فاقد الوعي ...
صرخت ،
- سلطان ... سلطان تسمعني ؟سلطان ردعلي ؟؟؟و صرت أضرب بوجهه و صدره ، و اهز أكتافه بعنف ....
- رد علي يا سلطان ... رد علي ... تكلم ... أرجوك ...
قلبته بسرعة على بطنه مرة ثانية ، و ضربته على ظهره ..
طلع ماء كثير ... كثير ... من صدره .... يا بعد عمري يا سلطان ...
صار يكح ... و يطلع ماء من صدره ... من أنفه و من فمه ... و تاليتوقف ...
- سلطان لا تموت ... سلطان حبيبي لا تموت أرجوك لا ... لا ... لا ...
رديت عدلته على ظهره ، و صرت أنعشه بأنفاسي ، ما توقعت أنيرح استخدم الانعاش اللي تعلمناه بالجامعةيوم من الأيام ، و استخدمه ،لسلطان ...
صار يكح ، رفعته على رجلي و سويته جالس ، و أحنيتهلقدام شوي .... و أنا أضرب ظهره .... و هو يكح ،بين الواعي و المغمى عليه ...
- سلطان لا تموت ...
أرجوك لا تموت حبيبي لا ...إلا أنت أرجوك لا ... أرجوك ...
فتح سلطان عينه ، و أخذتراسه بين يديني ...
الماء يقطر من شعره الناعم مثل ما تقطر الدموع منعيوني الحمراء ...
عيونه هو بعد كانت حمراء من ملوحة الماء ...
- سلطان حبيبي أنت حي ؟ رد علي أرجوك ؟؟كان يتنفس، و عينه كانت تطالعني ...
- رد علي يا سلطان ؟ أنت حي ؟؟ كلمنيجاوبني سلطاااان ...
- آه ...
طلعت آهة من حنجرته ... سلطان بعده حي ... ما مات ....
سلطان حي ... حي ... حي ...
أخذته بحضني ، و لفيته بذاعيني ، و ضميته بقوة ، بقوة ، بقوة ....
ما أدري من وين جبت ها القوة بعد ذاك التعب ...
ضغطتعليه ضغطة ، يمكن بغت تكتم نفسه من جديد ...
قولوا عني اللي تبون ...
سلطان بيموت بين يدي ...
لا احد يلومني ...
-لا تموت حبيبي أرجوك ... لا تموت ... يا بعد عمري ...
لا تمو ت و تتركني ، لا ... لا سلطان ... لا ... لا ... لا ...
يا رب لا ... خذني و لا تاخذه يا رب لا ....
رفعت راسي شوي، و بعدته عني ، أبي أشوف وجهه و أتاكد أنه حي ...
كانت عينه مفتوحة ، والهواء أحس به يطلع من أنفه ...
- أنت حي سلطان مو صح ؟
- ... قمره ...
- يا بعدي ...
رديت ضميته لصدري ، بلا شعور ، بلاوعي ، بلا إرادة ، بلا إدراك ...
و أنا أبكي بشدة ، مفزوعة مفجوعة ... ماسكتنه بقوة ... بقوة ... بقوة ... ، خايفة البحر يسحبه مني ...
لا ... لا ... لا ...
إلا سلطان ...
مرة ثانية باعدته عني شوي ،أتاكد أنه صحيح حي ...
- سلطان ... أنت حي مو صح ؟ أنت حي ؟حرك سلطان راسه و صار يدور بعينه ، طالع صوب البحر و قال :
- نواف ... منال ... شوق ...
عند ذياللحظة ، انهارت عضلاتي ...
فقد ت كل احساس ... فقدت كل وجود ...
تركت سلطان من بين يديني ...
رفعت روحي ، لين وقفت ، كأنيمعلقة بخيوط نازله من السماء ....
طالعت البحر ...
أسود ... غضبان ... خسر فريستهلفيت ببصري حوالي ....
شفت ناس تجي و ناس تروح ...
شفت نور كشاف يتولع فجأة ، من ناحية البر ...
سمعت أصوات ... ماقدرت أميزها ...
البحر كان يرقص ، و أمواجه بعدها تتأرجح ...
حتىالأرض كانت تتأرجح ....
و السماء كانت تدور ...
وين اختفى النور ؟من طفى الكشاف ؟ليه الأرض تهتز ؟ أنا بعدني في البحر ...؟ما عادأشوفما عاد أحسما عاد ادري بنفسي ....
سلطان حي ...
الحلم كذاب ....
فتحت عيونها شوي شوي، كانت نصف واعية في البداية ، بعدها ، بدا و كأنها استردت وعيها الكامل فجأة ، وطالعت حوالينها ، و فجأة صرخت بفزع :
- وين سلطان ؟كنت أنا جالسة جنبها و مسكت إيدها ، و أنا أشوف علامات الذعر والفزع المهوله على وجهها الشاحب ...
ردت صرخت ، و هي تحاول تقوم منالسرير :
- وين سلطان ؟؟؟؟
- اهدئي قمر خليك منسدحةشدّت على إيدي لين بغت أظافرها تنغرس فيني ، و ردت صرخت :
- وين سلطان ؟؟؟
- بالغرفة الثانية ، اهدأي قمر ...
ما كأنها صدقتني ، هزت راسها ( لا ) ، و ردت تسأل :
- وين سلطان ؟
-أقول لك بالغرفةالثانية ، بخير
- لا تضحكي علي ... سلطان مات ؟
- لا يا قمر ، بالغرفة اللي جنبناو قامت ... ، وهي بعدها في ملابسها المبللة اللي ما جفت ...
- وين قمر ....؟!
- أبي أشوفه
- خليك قمر أنت ِتعبانة ارتاحي شوي ...
- لا تكذبي علي شوق ، وينه ؟ مات ؟ خليني أشوفه ؟وينه ؟؟؟حالتها كانت هيستيرية ، جنونية ، ما هي طبيعية أبدا ...
قمت و رحت معها حسب رغبتها الملحة الجارفة ، و طلعنا للغرفة الليكانت جنبنا في طوارىء المستشفى ...
كان أخوي سلطان متمدد علىالسرير ، و عليه قناع الأوكسجين ، و نايم ...
و جنبه ، كانت منالجالسة تبكي ، و ولدها نايم بحضنها ... توني تركتهم قبل دقايق و رحت لعند قمر ، والليما استردت وعيها من طاحت عند الساحل ...
أول ما دخلنا، قمر وقفت تطالع ، كأنها تبي تتأكد هذا اللي ممدد على السرير هو سلطان و الا غيره؟و شافت منال جنبه و معاها الولد ، و مع ذلك ، لفت علي و سألتني بتوجس :
- سلطان ؟هزيت راسي ، أأكد لها أنه هو ... و ردت سألت :
- حي ؟رديت هزيت راسي ، ايه حي ...
- أبيأشوفه ...
طالعتني ، ما ادري هي ( تستأذن ) و الا تعلن ، و الا تنذر؟؟؟أنا ما قدرت أتحمل ، انهرت و جلست أبكي ... ، فهمت هي أنصابه شي ، و ذعرت و وقف قلبها و هي تنقلبصرها بيني و بينه ... بفزع ... بذعر ... بهلع ... بحال ... ما عندي كلمة وافية أقدر بها اوصف التعابير الليكانت على وجه قمر و بقلبها ...
- سلطان ...
نادت فجأة و بصوت عالي ، و مرة ثانية بصوت أعلى :
- ســلــطــان ...
انتبه أخوي من النوم ، و فتحعينه و دار بها بيننا ، و استقرت عند قمر
- ... سلطان ...
نادت هالمرة بصوت مكبوت ، مسحوب ، منخفض ، ممزوج بصيحة ، ممزوجبراحة ، و أسى ...
جت تبي تتقدم خطوة ، ما شالتها رجلها ... حسيتهابتطيح و بسرعة مسكتها و اسندتها علي ، و جلستها علىكرسي قريب منا ...
حضنتها بقوة ، بقوة مرارة ... بقوة الصدمة اللي راحت ، و الصدمةاللي جاية ...
و أنا أشوفها ، مجرد هيكل ... مجرد بقايا قماشمتمزق ... بقايا روح و بقايا جسد ... بقايا حب و بقاياعذاب ... و بدايةفجيعة أكبر ...
وصلتنا أصوات و حركة عند الباب ، و شفنا بو ثامر وأم ثامر داخلين الغرفة ، و جت أم قمر مثل المجنونةتحضن بنتها ... و تبكي وتنوح ...
و شوي ، و وصلتنا صرخة من الممر ... عند الباب ...
- و لـــيـــدي ...
كانت صرخة أممثكولة ، فقدت ضناها ... غرقان وسط البحر ...
أم بسـّـام ....
بسام ، كان الشخص الوحيد اللي ... ما رجع من ذيك الرحلة .
التعديل الأخير تم بواسطة hot-hot ; 17-08-08 الساعة 11:44 PM
|