كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
8ـ أريدك حيـــــــــــــــــاً!
أيقظتها لمسة خفيفة كانت تتجول على وجنتيها.. وجعلها النداء الناعم باسمها تصحو بكل تنبه.. كان نور الصباح متدفقاً إلى غرفة وفيلكس جالساً على السرير قربها.. شعره أسود مبلل، ولحيته حليقة تفوح منها رائحة عطر مابعد الحلاقة.
قال بإعجاب ساخر: تستيقظين كقطة.. وأنت حذرة دوماً.. تركتك نائمة ولكن الوقت يمر، ولدينا رحلة.. ألا تذكرين؟ أنا واثق أنك لا ترغبين أن يفوتك رؤية شيء مما امتلكه بزواجك بي..
لم يعجبها بريق السخرية في عينيه.. وتساءلت لحظة عما إذا كانت ليلة أمس مجرد حلم. ثم تذكرت كلماته الشرسة عن مشروع طلاقها. إنها لا تريد منه أن يفكر بهذه الطريقة، مع أنه من الواضح أنه سيسيء الظن إن أنكرت.. ولكن فكرة الطلاق أمر مؤلم لها بشكل غريب.
مدت يدها إليه تلقائياً.. وقالت برقة: لاأظنها ممتلكات يمكن أن تختفي إن لم أشاهدها فوراً فيلكس.
حركت يدها على كتفه تداعبه بدعوة مفتوحة.. فأمسك معصمها وكادت أصابعه تسحق عظامها وأضاءت المشاعر العنيفة عينيه الخضراوين.
ـ لاأحد يدير حياتي هولي.. على الأقل امرأة. أنت الآن شريكتي قانونياً .. وقد تكونين متساوية معي.. كزوجة لي، بإمكانك المجيء معي، أو الذهاب في طريقك.. لكنني سأغادر هذا المكان بعد ساعة، ولاأنوي أن أتأخر.. وماتختارين فعله هو شأنك الخاص.
شريكة.. متساوية.. كلمات حلوة على أذني هولي. إنها تتقدم!
ـ أنت تؤلم معصمي فيلكس.
لكنها سراً كانت مسرورة لأن للمستها هذا التأثير المؤكد فيه. ذكرتها عيناه أن قوة الإثارة ليست من جانب واحد، إذ رفع يدها إليه يقبل مكان النبض في معصمها فتسارعت أنفاسها.. وسألها متهكماً: هكذا أفضل.. الآن؟
ـ يتحسن.
تركها ضاحكاً ووقف فجأة يصرف النظر عن مزيد من التقارب الحميم، وقال من فوق كتفه وهو يتجه إلى غرفة الملابس: الفطور بعد نصف ساعة.
ـ سأكون حاضرة.
ورفعت نفسها من السرير .
توقف بالباب ينظر إليها، ثم أجابها ساخراً : بطريقة ما، عرفت أنك سترغبين بمرافقتي إلى بندنير.. هولي.
لم تكن قادرة على الإحساس اللذيذ بالترقب: هذا يخدم هدفي فيلكس.
التوى فمه: دون شك.. ومن المثير للاهتمام رؤية كم سيظل هذا مناسباً لك.
ـ ربما" حتى يفرقنا الموت".. ألم تفكر في هذا فيلكس؟
أثارت ردة فعله البرد في أوصالها فقد اسود وجهه وتحجرت عيناه.. وقال بازدراء: إذا كنت تريدين كل شيء لنفسك هولي.. فستنتظرين زمناً طويلاً .. لن أموت بسهولة كما مات ايرول.. ولن تنجحي في ارتكاب جريمة قتل أخرى بين عائلتينا.. وجاك سيتأكد من هذا.
صدمها كلامه لذا لم تستطع السيطرة على نفسها بل قالت بخوف وذعر: من قتل من؟
قال بمرارة: أعتقد أن والدك ادعى أن الأمر حادثة.. فالناس قادرون على تحريف الأمور..لا أنكر أنه هوجم أولاً.. لكن والدي هو الذي انتهى ميتاً.. فلاتتغاضي عن التفكير في هذا وأنت تحسبين الغنائم التي تريدين الحصول عليها.. أما أنا فلا أتغاضى عنهـا ولن أتغاضى عنه. هزت هولي رأسها مذهولة مما قاله. وشعرت بطعنة في قلبها لأن فيلكس يفكر أنها قادرة أن تكون على هذه الدرجة من الحقارة بحيث تعتبر موته وسيلة للربح.. سحبت نفساً عميقاً لتهدىء الغثيان الذي يغلي في معدتها.. لقد تزوجت فيلكس ويستون وستسعى للاحتفاظ به مهما واجهت من مصاعب.
رفعت ذقنها بتحد بارز: المشكلة فيك فيلكس أنك لست معتاداً على نساء لايمكن شرائهن.. لكن يسرني أن أعرف أنني تجربة جديدة لك.
ضاقت عيناه وهي تتقدم إليه بثقة منحتها إياها ليلة أمس. وتوقفت أمامه ويدها تلامس ذقنه باستفزاز متعمد.
قالت:" أرجوك.. لا تضيع وقتك في القلق على روحك بسببي.. فأنا أريدك حياً.. شديد الحيوية".
ثم تجاوزته ودخلت إلى غرفة الملابس وهناك أقفلت الباب خلفها شاعرة بالرضا والنصر فقد أعطته شيئاً إيجابياً ليفكر فيه..وهو يريدها. ألم تر وميض الرغبة في عينيه عندما ابتعدت عنه؟ بينهما تجاذب كبير، لا يستطيع إنكاره.. وما داما يعرفان هذا.. فلديهما المستقبل! نظرت إلى نفسها في المرآة، ولاحظت أنها مازالت تتزيا بالألماس الذي أعطاها إياها.. الألماس لزوجته! ولن تتخلى عن هذه الممتلكات بسرعة! فلندع الماضي وشأنه!.. هذا مااتفقا عليه بالأمس. فليكن مايريد!.. هناك أكثر مما قاله فيلكس عن موت أبيه، وإلا لكانت ردة فعل دونا وجاك بالأمس مختلفة. حتى ولو كان والدها مذنباً لبعض الخطأ، فلقد دفع ثمنه وعاش منبوذاً وحيداً. لكن هذا لم يعد همها الرئيسي.. سعادتها؟ نظرت إلى نفسها في المرآة مجدداً بعينين أصبحتا فجأة أكثر بريقاً من قبل. أُيسمى هذا الجنون مع فيلكس سعادة. مقارعة مستمرة لانهايةلها لقوتها ضد قوته.. ولكن ماهي النهاية التي تريدها؟ إنها تريد أن يشعر فيلكس بأنه بحاجة إليها.. وأن يحبها.. أن يريدها في حياته إلى الأبد.. أنه الرجل المناسب لها! ولايهم لماذا تشعر بهذا! تأخرت هولي على الفطور.. كان فيلكس جالساً على المائدة وأمامه طبق لحم وبيض مقلي. يقرأ صحيفة موضوعة إلى جانبه..
قالت بإشراق: لم أجد الثياب التي كنت أرتديها ليلة أمس.
التفت إليها:" أتصور أن تريسا اعتنت بها".
طافت عيناه على جسمها ينظر إلى القميص القطن والبنطلون الجينز اللذان اختارت أن ترتديهما..كان شعرها الأسود معقوصاً خلف عنقها ووجها خال من التبرج، لكن بشرتها كانت متوهجة وعيناها تترقصان له..
التوى فمه ساخراً: تغيير كامل في الصورة؟ أهي مفاجأة أخرى لي؟
ـ لا.. بل هي ملابسي التي أرتديها عادة وقت السفر. إن لم تكن ملائمة، فقل لي هذا.
كان يرتدي قميصاً رياضياً أخضر يبرز لون عينيه.. فكرت هولي أنه أجمل رجل في العالم.. ثم تابعت تسأل: ومن هي تريسا؟
ـ إنها تريسا جوانو.. تعتني بكل شيء في هذه الشقة.. ولو ذهبت إلى المطبخ وقدمت نفسك لاهتمت بكل حاجاتك، بمافيها الفطور.. قولي لها ماترغبين فيه.
تريسا جوانو.. امرأة متوسطة العمر.. بدت مسرورة فعلاً بالتعرف إلى زوجة فيلكس الجديدة.. كانت ثياب هولي موضوعة جانباً للتنظيف.. وسرعان ما أعدت لها الفطور وقدمته لها.. راقبها فيلكس وهي تأكل بجو يوحي بنفاد الصبر.
قال مدمدماً وهي تصب فنجاناً آخر من القهوة: متى كنت حاضرة.
رفعت نظرها إليه بكل براءة: أنا جاهزة.. لم أكن راغبة في الفطور ولكنك أشرت إلي به..
قطع نظرة البراءة المزيفة وقال: بشكل غريب يكفي.. أنا أريدك حية كذلك هولي.
دار حول الطاولة يمسك لها الكرسي: على أي حال، لا يحصل المرء كل يوم على زوجة لها هذا الكم من المميزات الرقيقة.
ضحكت بمرح عندما تركا الشقة كانت روحها المعنوية مرتفعة.. توجها إلى المطار حيث الطائرة النفاثة الخاصة بانتظارهما هناك قدمها فيلكس إلى الطيار والمضيف.. كانت الطائرة مجهزة بكل وسائل الراحة: غرفة جلوس، غرفة نوم، حمام، ومطبخ صغير عصري لتحضير الوجبات.. وكانت هولي فعلاً تتطلع شوقاً لرؤية منجم الألماس وللتعرف إلى حياة فيلكس. جلست على المقعد ثم وضعت الحزام حولها استعداداً للإقلاع، ونظرت إلى فيلكس: لم تخبرني، لماذا نسافر اليوم إلى بندنير؟
ـ لا أحب أن يفوتني الجمع.
ـ ظننت أنكم تستخرجون الألماس من الأرض، ولا أعرف أن بالإمكان جمعه.
التوى فمه: ليس الألماس.. بل الماشية. التنقيب عن الألماس عملي. لكن إدارة أكبر مزرعة للماشية في العالم هي سعادتي.. خاصة في مثل هذا الوقت من السنة.
أخفت هولي ارتباكها قدر المستطاع.. إنهما مسافران إلى المنجم.. لكنه سيجمع الماشية؟
ـ لم تذكر لي هذا من قبل.
تراقصت العينان الخضراوان بمرح ساخر: إذن.. هناك مالا تعرفينه! المنجم يدير نفسه بنفسه هولي. فالكمبيوتر يسيطر على كل شيء، وفي أصعب الحالات بإمكان ستة أشخاص إدارته.. وهذا ليس قمة التحدي المطلوب.. قطع الألماس يجري في بيرت، وجاك يتولى إدارة كل شيء هناك. وأنا بحاجة للقيام بشيء، ولتحقيق شيء.. والواقع أنني أهتم بالجانب العالمي من تسويق الألماس. لكن حياتي الحقيقية هي في بندنير، فهناك أقضي معظم وقتي ولن أتخلى عن هذه الحياة من أجل أي كان أو أي شيء. أحب التحدي، وأحب التجارب وأحب أن أسيطر على مايصعب السيطرة عليه.
أخيرأ فهمت هولي الأمر. فلا علاقة لبندنير داونز بمنجم الألماس! إنها مزرعة مواشي! وهي إحدى أكبر الأملاك المفتوحة في كيمبرلي.. أرض كبيرة، واسعة الأرجاء في أرض معزولة .. وفهمت فجأة ما كانت تقوله دونا بالأمس. إنها بلاد الرجال.. ولا مكان فيها لامرأة..
كان فيلكس يراقبها ردة فعلها على ماأخبرها به.. وقال بثقة مؤكدة: إنها العشيقة التي لايمكن أن تنافسها أية امرأة.. الناس يأتون ويذهبون أما الأرض فتبقى إلى الأبد.. تختبر إلى مالا نهاية، تتطلب، تدفع الرجال إلى حدود التحمل والقدرة .. تعطي المكافآت، توقع العقوبات، ترفع شأناً وتحطم، ولكنني لا أتصور أن لمرأة من بوسطن قادرة على فهم هذا .
ابتسمت: لقد مضى زمن طويل لم أعش فيه في بوسطن.. حتى هناك، تعلمت أن أعيش في محيط مختلف.
تبدلت السخرية إلى فضول: مختلف؟
ـ في يوم ما سأخبرك بالأمر.. أما الآن فليس الوقت المناسب.
التوى فمه:" أنت تفضلين إثارة حيرتي".
فلنقل فقط إن القدرة على التحمل هي أفضل ميزاتي.
ضحك ضحكة خافتة فيها السكينة والتفوق: ربما بعد عمر مديد، قد أجد ماهي المزايا الأخرى..أما الآن فأرجو أن تتحملي الطيران مدة خمس ساعات دون أن أسليك.. فلدي أعمال أهتم بها. عندما جئت إلى سيدني لم يكن في نيتي الزواج الذي اقتضى مني وقتاً كان مخصصاً لأمور أخرى.
أقلعت الطائرة النفاثة وهما يتحدثان وفك فيلكس حزام الأمان ورفع حقيبة أوراقه إلى الطاولة أمامه.. وسألت هولي: هل هناك ما يمكنني مساعدتك فيه؟
أخرج رزمة أوراق من الحقيبة، ثم نظر إليها نظرة صاعقة: أشك أن تكوني مدربة لمثل هذا النوع من العمل.. هولي.
ـ ها قد عدت للتخمينات.. أنسيت أنني شريكتك؟
ضحك مجدداً ضحكة لامرح فيها.. وأشارإليها بتهكم أن تنضم إليه على الطاولة : بكل ترحاب.. ألقي نظرة على هذه الاتفاقات. هذا ما نحن ملتزمون بتسليمه إلى سنغافورة، ولن تمنعيني أنت أو أي شيء آخر عن الوفاء بالاتفاقية.. لم تشأ هولي التدخل بالمنجم أو بمزرعة المواشي..لكنها كانت مهتمة بمعرفة المزيد عنهما.. وتجاهلت قلة الاكتراث التي يبديها، واستقامت في جلستها أمام الطاولة وركزت اهتمامها على عمله المكتبي.
وجدت هولي بعض الأرقام في الاتفاقيات مذهلاً.. لاتستغرب الآن أن يعرض عليها خمسة ملايين دولار ثمناً للوحة دون أن يرف له جفن! وقامت ببعض الحسابات الفكرية.. لاشك أن العمل في المنجم مربح جداً وبشكل لا يصدق.
لم يكن لديها فكرة كم هو مخزون الألماس، في بندنير. ربما لا أحد يعرف لكنها كانت واثقة أن والدها هو الذي حدد مكانه، ربما بالشراكة مع جاك ويستبرون. وهذا بالتأكيد مايدل عليه كلام جاك بالأمس. بدأت تلملم المعلومات التي جمعتها من هنا أو هناك.. دونا عاشت في مزرعة المواشي المعزولة مع والد فيلكس.. ثم جاء جاك ويستبرون وايرول ماكنافش.. ولاشك أن الضيافة المفتوحة في المزراع الأسترالية النائية آوتهما، وهما يستكشفان المنطقة.. إذا كان مخزون الألماس قد وجد في بندنير داونز.. وهذا هو الأرجح.. فإن الاكتشاف أثر في الجميع.. وربما هو الذي تسبب بالأحداث الفظيعة التي وقعت.
كانت دونا " مركز" كل شيء، وهذا واضح.. امرأة جميلة تشتاق إلى حياة مختلفة، وإلى الأصحاب و الاهتمام.. امرأة لديها حاجات لا يستطيع زوجها، أو لم يرغب، في تأمينها لها.. و يبدو أنه كان هناك ثلاثة رجال يمثلون ثلاثة خيارات مختلفة.. والد فيلكس، رجل قاس لايلين.. يهتم بأرضه أكثر من اهتمامه بأرضه أكثر من اهنمامه بزوجته. ولا يريد حياة غير التي يعيشها.
جاك.. الرقيق اللطيف الحنون.. لكنه يفتقر إلى الجاذبية المطلوبة. والدها هي.. الذي كان شخصاً مميزاً حتى فقدت أمها رشدها معه. فهل فقدت دونا رشدها معه كذلك..؟ وقلبها؟ هل هذا هو السبب الذي قاد إلى اقتتال انتهى بموت والد فيلكس؟ لن تستطيع أن تسأل بسبب ظروف زواجها لكن الواضح أن شعور دونا بالذنب ما زال يعذبها.. فهل حرضت رجلاً على الآخر؟ وفقدتهما معاً؟ هل أبعدت ايرول حين شهدت موت زوجها وأصبحت غير قادرة على تحمل مغبة مناوراتها؟
جرت هولي تفكيرها من الماضي، فلن يساعدها الماضي في إحراز التقدم مع فيلكس الذي يظن أنها لن تبقى طويلاً في بندنير.. إنه يراها امرأة جميلة.. والواضح أن خبرته مع النساء الجميلات تقوده إلى الاعتقاد أنهن راغبات، مستهترات، يردن أن يعجب الناس بهن وبتبرجهن وأنهن لا يمكن أن يكن سعيدات خارج الحياة الاجتماعية البراقة .. إنه لا يدرك أنها لا تحتاج إلى أحد حولها.. والإعجاب المصطنع يعني لها أقل من لا شيء..لكنه سيتعلم في النهاية.. الوقت معها الآن وهي زوجته. فكرة أن تعيش معه في عالم خاص بهما حمل إلى شفتيها ابتسامة رضا.
علق بسخرية: أرى أن أرقام تجارتنا تبهج قلبك.
كانت تمسك أحد العقود الكبيرة.. فسألت بصوت ملؤه الفضول متجاهلة سخريته: كم ينتج المنجم فيلكس؟
قسن عيناه الخضراوان: حوالي ثلاثين مليون من قيراط من الألماس سنوياً .. فهل هذا يرضي جشعك؟
ردت بحدة: لا ترمي هذا في وجهي فيلكس! كان بإمكانك ترك الألماس حيث وجده أبي.. في الأرض.
توتر وجهه: لم يكن قرار التنقيب عنه قراري.. فيومذاك كنت مجرد صبي صغير.
ـ لكنك لم تدر ظهرك للمنجم وهو موجود.. إذن لماذا تنكر علي اهتمامي به الآن؟
ـ أكنت تفضلين تركه في الأرض هولي؟
ـ الألماس لا يهمني.. بأي شكل من الأشكال.
ردت نظرته مباشرة بعينين ثابتتين . وأضافت: وبما أنني زوجتك أعتبر عملك عملي، وشأنك شأني فيلكس.. ولن يثنيني شيء عن هذا حتى الاتهامات الشريرة التي ستختار اتهامي بها.
سألها متهكماً: أتتوقعين مني أن أصدق أنك كنت ستقومين بما قمت به حتى الآن لم لم يكن هناك منجم ألماس؟
ـ لو لم يكن هناك منجم ألماس.. أكنت تتزوجني؟
استرخى وجهه وابتسم ابتسامة ماكرة: ربما.. فأنت أكثر من وجه جميل.. مع أنني كنت سأفعل أشياء أخرى لو لم أشاهد اللوحة أولاً.
ردت بجفاء، لكن قلبها كان يتسارع بانفعال: ربما..
إنها المرة الأولى التي يقر فيها أنها أعجبته منذ الليلة الأولى.. ابتسمت بثقة بالنفس: وربما كان أملك سيخيب. فأنت محق أنني لست مجرد وجه.. لكنني لست جسداً فقط
ـ كوني واثقة أنني الآن أحترم العقل الذي يدير هذا الجسد.
اتسعت ابتسامتها رضا: ليس عليّ الآن إلا جعلك تهتم بشخصيتي.. وسيكون لديك شخص كامل.
أحست بتراجعه أمامها حتى قبل أن يتكلم: الأرض تقوم بهذا نيابة عني.. إنها تخرج أفضل وأسوأ مافي أي شخص كان.
تحدته سائلة: وأنت لا تظنني قادرة على اجتياز هذا الامتحان؟
التوى فمه:" لقد سمعت أمي.. سرعان ماتسأمين إلى درجة الجنون".
ردت :" سنرى".
برقت عيناه بغموض: أجل..سنرى.
ثم عاد للتركيز على عمله متعمداً إبقاءها.بعيدة .
فيلكس ويستون، لا يستسلم بسهولة.. ما إن يصمم رأياً حتى يصبح راسخاً كالصخر، أو كالألماس قسوة، كماهي الحال الآن .. لكنها لا تشعر بأنه أهانها بإبعادها عنه. فهي لم تقاطعه.. بل هو الذي فتح الحديث معها.. ولقد سجلت بعض النقاط لصالحها من هذا الحديث.. بعض الأشياء لا يمكن استعجالها، مثل الاحترام. إنها قانعة بانتظار الفرصة التالية.أخيراً طلب فيلكس الغداء وأبعد أوراقه وهما يتناولان سلطة الكركند.
سألت:" هل تتناول دائماً مثل هذا الطعام الفاخر؟ حتى في بندنير داونز؟".
ـ أستمتع! لدينا كل مانريد هناك، ويحتوى منزل المزرعة على كل وسائل الراحة التي تعرفها المدينة كما ذكر جاك بالأمس.. وما تفعلينه فيها هو شأنك الآن.ولكن ثمة غرفتان لاتمسهما أية أنثى.. لكن، إذا رغبت، يمكنك تغيير المنزل كله حسب ذوقك.. اشترى ما شئت..سأكون مشاهداً فقط، لأرى ماالذي يدفعك.. ماالذي يثيرك؟
أصبحت التسلية سخرية عميقة الجذور وهو يضيف: هذا قبل أن تدفعك العزلة إلى الهرب.. أو تسأمين اللعبة التي تعلبينها.
تجاهلت ملاحظته: ماهي مساحة بندنير داونز؟
ـ هي أشبه بالمستطيل الذي يبلغ طوله مئة وخمسين ميلاً وعرضه مئة.. خمسة عشر ألف ميل مربع.. وستكونين وسط الأرض.. لاشيء سوى السكون و الأرض التي لا عمر لها حولك.. ممتدة منذ آلاف السنين.. وشيئاً فشيئاً ويوماً ستطبق على قلبك.
ـ لكنها لم تفعل هذا بك.
ـ إنها أرض الرجل.
مدت يدها تمسك يده: إن ما تحتاج إليه.. هو امرأة مناسبة لتسيطر عليها.
سمعت هسيس أنفاسه، وكان في عينيه شيء خطير.. وأطبقت يده على يدها، تأسرها وتعبر عن سيطرته.
ـ منذ البداية.. الشيء الوحيد الذي أعجبني فيك، هو برودك..
استفزته قائلة:" في كل الأوقات؟".
كانت ابتسامة شيطانية بالتأكيد وهو يستخدم يده الأخرى ليضعها على خدها:أعتقد.. هولي رايدال..
ـ هولي ويستون.
إنه يريدها الآن..
ـ أعتقد هولي ويستون.. أنك بحاجة لتعلم بعض قواعد الاحترام.
تحرك عن الطاولة، وجذبها عن كرسيها. ثم جرها معه إلى غرفة النوم، وأغلق الباب وراءهما: لن يمنعني شيء عن تعليمك حتى لوكنا على ارتفاع خمسة وثلاثين ألف قدم.
ولم تحاول هولي بكل تأكيد أن تمنعه.. بل شجعته أن يعلمها كل الاحترام الذي يستطيعه.. لكن لم يكن هناك شيء من الاحترام في تفكيرهما.. ولم يقل فيلكس شيئاً عن الاحترام كذلك.. أخيراً أبعد نفسه، وخرج من السرير ليقف.. نظر إليها يهزأ رأسه: أنا لا أفهمك.. و لا أفهم ماتريدين.. أو لماذا تتصرفين هكذا.. ولاأثق بك.. ولن أثق بك أبداً.. لكنني سأقول لك هذا.. التورط معك مسألة فظيعة.
زاد اعترافه هذا من رضا هولي، لكنها كبتت تهورها واندفاعها لئلا تترك مشاعرها عادية أمام سخريته.. ابتسمت له ابتسامة بطيئة غامضة: لابأس بك فيلكس.. لست سيئاً.. تعرفت إلى من هو أسوأ منك.
تصاعد من حلقة صوت يشبه الهدير. ولكن بدا أنه لا يريد أن يتركها.. توقف بالباب ينظر إليها وعلى وجهه تعبير متجهم غامض، جعل قلب هولي يقفز أملاً.
قال:" أمامك ساعة قبل أن تحط الطائرة.. ولدي عمل أنهيه.. افعلي ما شئت".
ثم خرج إلى المقصورة الأخرى يغلق باب مقصورة النوم خلفه. لكنها لن تسمح له بإبقاء الأبواب موصدة بينهما.. أقسمت هولي على فتح الأبواب واحداً إثر الآخر.. ولو لزمها ما تبقى من حياتها!
يتبــــــــــــــــــــــــــع
|