رسالة حب متأخرة
لا ذنب للبريد في تأخر رسائلنا إليهم. إنها فقط لعبة عمر.. ووقت
لماذا إلى الآن يا سيدي، أقف أمام حقيقة الفراق..
عاجزة عن استيعابها؟
عاجزة عن فك رموزها، وفهم طلاسمها، والتأقلم مع تفاصيلها؟
على الرغم من أنني أعيش في أعمق أعماق تفاصيلها؟
لماذا أحتاج إلى المزيد من الوقت.. والكثير من العمر.. والكثير من القوة..
والكثير من العقل.. والكثير من النضج، حتى أتمكن من إغلاق أبواب الحكاية،
بقفل الفراق؟
الحكاية التي كنت أنت بطلها الخرافي الذي ظننت ذات لحظة حالمة، وأنك شيء
مختلف..
شيء لا يشبهه إلا هو.. شيء لا ينال الفراق منه.. ولا يقضي الواقع عليه؟
فهل كان لزاماً علي أن أختنق برائحة الحب الميت أعماقي كي أتجرأ على إعلان
نبأ الوفاة؟
فها قد انتهينا.. وها أنذا أعترف بالنهاية رسمياً
وأفسح للفراق في حياتي وأعماقي كل الأمكنة الممكنة
فهل آن الأوان لأن أفتح الدفاتر، وأمسح أطفال دفاتري، وأشطب تواريخ ذكرياتي
وأُمزق الصفحات الحالمة، وأُطعم نيران الواقع تاريخي؟
هل آن الأوان لأن أنسلخ من رومانسيتي، وأكفر بالورد الأحمر
وأسخر من قصائد العشق، وأقذف الحب بأبشع الألفاظ؟
هل آن الأوان لأن أتخلص من ميراث حبك.. بقاياك المؤلمة.. كتاباتك.. مسجاتك..
رسائلك الزرقاء.. وأقدمها إلى عاشقة مازال لديها قدرة الشوق والحب؟
هل آن الأوان لأن اتحول إلى امرأة خائنة
وأجرب النسيان على طريقتهن الغبية
فافتح أبواب أحلامي لرجل آخر
أمنحه حبك ويمنحني نسيانك؟
هل آن الأوان لأن أسير على الطريق وحدي، وأن أفرح وحدي
وأن أحزن وحدي.. أن أشتاق وحدي.. وأن أغني وحدي
وأن أرقص وحدي.. وأن أحلم وحدي.. وألا يكون معي تحت المطر سواي؟
هل آن الأوان لأن أصارحك بأنني أحببتك في النصف الأول من العلاقة
كما لم أحب شيئاً في حياتي
وإني بكيتك في النصف الأخير
كما لم أبك شيئاً في حياتي؟
هل آن الأوان لأن أعترف لك بأن إحساسي الحقيقي.. وحلمي الحقيقي
وإنكساري العظيم.. وفشلي الأكبر.. وهزيمتي الكبرى.. كانت أنت؟
هل آن الأوان لأن ألِدَك وأضع جنين حبك النائم في رحم قلبي؟
فمنذ سنوات وأنا حبلى بحبك.. أما لهذا الحمل من ولادة؟
هل آن الأوان لأن أتصرف بتحضر غبي.. فأترك على عتبة بابك باقة ورد أخيرة
ورسالة تقول: ((شكرا على الخذلان)) ؟
وبعد أن أرعبنا الواقع:
ماعدت أراك في منامي
ترى..
هل استوعب عقلي الباطن واقع فراقك
أسرع من عقلي الظاهر؟