كاتب الموضوع :
ola_mfs
المنتدى :
الارشيف
"حالة حصار" 2
2
الحياةْ.
الحياةُ بكاملها،
الحياةُ بِنُقْصَانها،
تستضيفُ نجوماً مُجاوِرَةً
لا زمانَ لها..
وغيوماً مهاجرةً
لا مكانَ لها.
والحياةُ هنا
تتسائلُ:
كيف نُعيدُ إليها الحياةْ
..
يقولُ على حافَّة الموتِ:
لم يَبْقَ بي مَوْطِئ للخسارةِ،
حُرٌّ أَنا قُرْبَ حُرّيتي
وغدي في يدي
سوف أَدخُلُ عمَّا قليلٍ، حياتي
وأولَدُ حُرّاً بلا أَبَوَيْنِ،
وأختارُ لاسمي حروفاً من اللازوردْ.
..
هنا، عند مُرْتَفَعات الدُّخان، على دَرَج البيت
لا وَقْتَ للوقتِ،
نفعَلُ ما يفعَلُ الصاعدونَ إلى اللهِ:
نَنْسَى الأَلَمْ.
..
الأَلَمْ
هُوَ: أن لا تُعَلِّق سيِّدةُ البيت حَبْلَ الغسيل
صباحاً، وأَنْ تكتفي بنظافة هذا العَلَمْ.
..
لا صدىً هوميريّ لشيءٍ هنا.
فالأساطيرُ تطرُقُ أبوابنا حين نحتاجُها
لا صدىً هوميريّ لشيءٍ..
هنا جنرالٌ يُنَقِّبُ عن دَوْلَةٍ نائمةْ
تحت أَنقاضِ طُرْوَادَةَ القادمةْ
..
يقيسُ الجنودُ المسافةَ بين الوجود
وبين القَدَمْ
بمنظار دَبَّابةٍ..
..
نقيسُ المسافَةَ ما بينَ أَجسادنا
والقذيفةِ بالحاسَّة السادسةْ.
..
أَيُّها الواقفون على العَتَبات ادخُلُوا،
واشربوا مَعَنا القهوةَ العربيَّةَ
[قَدْ تَشْعرونَ بأنَّكُمْ بَشَرٌ مثلنا]
أَيُّها الواقفون على عَتَباتِ البيوتِ،
اُخرجوا من صباحاتنا،
نطمئنَّ إلى أَنَّنا
بَشَرٌ مثلكُمْ!
..
نَجِدُ الوقتَ للتسليةْ:
نلعبُ النرْدَ، أَو نَتَصَفَّح أَخبارَنا
في جرائدِ أَمسِ الجريحِ،
ونقرأُ زاويةَ الحظِّ: في عامِ
أَلفينِ واثنينِ تبتسمُ الكاميرا
لمواليدِ بُرْجِ الحصارْ.
..
كُلَّما جاءني الأمسُ، قُلْتُ لَهُ:
ليس موعدُنا اليومَ، فلتبتعدْ
وتعالَ غداً!
..
قال لي كاتبٌ ساخرٌ:
لو عرفتُ النهايةَ، منذ البداية،
لم يَبْقَ لي عَمَلٌ في اللُّغَةْ
..
"حالة حصار" 3
3
كُلُّ مَوْتٍ،
وإنْ كان مُنْتَظَراً،
هُوَ أَوَّلُ موتٍ
فكيف أَرى
قمراً
نائماً تحت كُلِّ حَجَرْ؟
..
أُفكِّرُ، من دون جَدْوَى:
بماذا يُفَكِّرُ مَنْ هُوَ مثلي، هُنَاكَ
على قمَّة التلِّ، مُنْذُ ثلاثةِ آلافِ عامٍ،
وفي هذه اللحظة العابرةْ؟
فتوجعني الخاطرةْ
وتنتعشُ الذاكرةْ.
..
عندما تختفي الطائراتُ تطيرُ الحماماتُ،
بيضاءَ، بيضاءَ. تغسِلُ خَدَّ السماء
بأجنحةٍ حُرَّةٍ، تستعيدُ البهاءَ وملكيَّةَ
الجوِّ واللَهْوِ. أَعلى وأَعلى تطيرُ
الحماماتُ، بيضاءَ بيضاءَ. لَيْتَ السماءَ
حقيقيّةٌ [قال لي رجلٌ عابرٌ بين قنبلتيْن]
..
الوميضُ، البصيرةُ، والبرقُ
قَيْدَ التشابُهِ...
عمَّا قليلٍ سأعرف إن كان هذا
هو الوَحْيُ...
أَو يعرفُ الأصدقاءُ الحميمونَ
أَنَّ القصيدة مَرَّتْ،
وأَوْدَتْ بشاعِرِها..
..
[إلى ناقدٍ:] لا تُفَسِّرْ كلامي
بملْعَقَةِ الشايِ أَو بفخِاخِ الطيورِ!
يحاصرُني في المنام كلامي،
كلامي الذي لم أَقُلْهُ،
وَيكْتُبُني ثم يتركني باحثاً
عن بقايا منامي..
..
شَجَرُ السَرْو، خلف الجنود، مآذنُ
تحمي السماءَ من الانحدار.
وخلف سياج الحديد
جنودٌ يبولون تحت حراسة دبَّابةٍ
والنهارُ الخريفيُّ يُكْملُ نُزْهَتَهُ الذهبيَّةَ
في شارعٍ واسعٍ كالكنيسةِ
بعد صلاة الأَحَدْ..
..
بلادٌ على أُهْبَةِ الفجرِ،
لن نختلفْ
على حصَّة الشُّهَداءِ من الأرضِ،
هاهُمْ سَوَاسِيَةٌ
يفرشون لنا العُشْبَ
كي نأتلفْ!
..
|