كاتب الموضوع :
نور
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
_ لا أريدها .
وأجهشت بالبكاء .. تساقطت من مآقيها دموع غزيرة لم تستطع السيطرة عليها ..كانت تتدحرج على خديها الشاحبين .
_ دعني بمفردي .. أرجوك .. أوه .. لماذا أجبرتني على المجيء إلى هنا ؟ ليتني مت أولاً !
قال بصوت أجش : و أنا ؟ وماذا تتصورين شعوري ؟ أتظنين أنني لم ألعن اليوم الذي جئت فيه إلى هنا ؟ أتعلمين أ،ني تمنيت لو أن الماضي مات ودفن ألف مرة ؟ لكن المسألة ليست بهذه السهولة هيلاري …
وانخفض صوته حتى الهمس : أنت كالجنون داخلي .. أنت حمى لا أستطيع الشفاء منها .
دس أصابعه في شعره بقسوة حتى كاد يشده .. ثم تحولت نظرته إليها إلى وجهها الجميل.
فأضاف بصوت أجش هامس لا يكاد يسمعه أحد : يا الله ! هيلاري .. أعيدي لي راحة البال !
ومال إلى الأمام يرفعها عن الأريكة يضمها .. حاولت المقاومة ولكنه أثبتها على الوسائد فلم تقدر .. أمسك بوجهها بين يديه برقة فتلاشت تحت سيادة لمسته كل رغبة عندها بالمقاومة .
سمعت هيلاري نفسها تتأوه وانسلت يداها إليه بلهفة فطوقتا عنقه ..
فجأة غابت مرارة السنيتين وعادت مرة أخرى فتاة صغيرة يخفق قلبها بجنون وجنون من قلبها المجنون .
أدركت الآن الحقيقة فقد كانت تقول لنفسها طوال حياتها إنها تكرهه ولكن هذا غير صحيح وهذا ما تعرفه الآن .. آه ! في البداية رفضته كرهت تسلطه لكن أراءه كانت مهمة جداً عندها وكانت تتأثر بأية كلمة إطراء منه ولو عرضية ومع أنها كانت نادرة إلا أنها كانت تعتز بكل واحدة منها وعندما نتبادل المزاح مع لورنا عن فتياته كانت تشعر بذلك الألم الغريب الحاد في أعماقها .
أقنعت نفسها أن تصرفه الغاضب المزدري معها كبت أنوثتها وفرض عليها حملاً لن تستطيع معه أن تستعيد حيويتها .. وكلما كان يقترب منها أي رجل كانت تتشنج .. وها هي الآن تعرف السبب .
حملتها غريزتها كالعمياء نحو الخضوع .. وهذه هي السلطة التي يملكها عليها .. بحيث أنها وهي مجروحة الكرامة إلى أقصى مدى منه تبقى مستعدة للزحف عند قدميه من أجل كلمة حنان أو عناق .
فجأة صاح متأوهاً لا . وابتعد عنها رأت ناراً تحترق في أعماقها وكانت خصلات شعره تتدلى على جبينه .. نظرت هيلاري إليه ليقرأ ما في قلبها من حب له .
همست بشوق : بروس .
هز رأسه وتمتم : يا إلهي هيلاري .. ماذا نفعل ؟ جننا بلا ريب .
نظر حوله مزدرياً نفسه : في غرفة جلوس أبي وهي غرفة ممكن أن يدخلها أي شخص ولكنك تجعلينني أنسى كل شيء حتى الإحساس بالحشمة .
أحنت هيلاري رأسها بانكسار فمد يده يمسح بها على شعرها وكأنها عادت طفلة صغيرة وبعد قليل شعرت به يرفع شعرها البني الأحمر بين يديه ويحمله إلى فمه ويدفن وجهه في أعماقه الكثيفة ارتجفت وتذكرت أنه منذ أيام ارتد بقرف لأن شعرها لامس وجهه .. ولكنه ابتعد متمتماً بشيء من بين أنفاسه وارتمى رأسها إلى الخلف على كتفه .
قال بصوت أجش : ماذا تفعلين بي ؟ أنت تدمرنني ! ثم توقف هنيهة قبل أن يردف : أخرجي قبل أن يأتي أحد .
سمعت أصواتاً تقترب من غرفة الجلوس فهبت مسرعة وخرجت من الأبواب الزجاجية إلى الهواء النقي البارد .. إنها فترة العصر ويكاد الظلام يحل والثلج لا يكاد بل بدأ بالتساقط ولكنها رغم ذلك نزلت درج الشرفة المسقوفة إلى الممر المرصوف بالحصى الذي يدور حول المنزل غير عابئة بالبرد .
لن تستطيع مواجهة أحد أو المشاركة بالحديث ومشاعرها مشتتة .
لقد اتضح لها الآن أن بروس لم يقل كلمة واحدة عن الحب تكلم عن الرغبة وعن الحمى .. وهذا كل شيء .. ارتجفت فجأة تقول لنفسها إن الثلج والريح يؤثران فيها فقررت السير ببطء حول المنزل لتحمي نفسها .
قالت لنفسها : لا تكوني حمقاء ! إنه لا يبحث عن علاقة دائمة بل عن دواء للحمى التي فيه .
وقفت تحدق أمامها بدون أن ترى شيئاً وكانت رقع الثلج على وجهها كالدموع المتحجرة .
عادت إلى المنزل من الباب الجانبي وفي نيتها التسلل إلى غرفتها بهدوء لتغير ملابسها استعداداً للعشاء لكن الردهة بدت مزدحمة على غير العادة و هوود هناك يبدو وسيماً وأنيقاً في إحدى ستراته المخملية و بروس واقف خلفه .
خفق قلبها بشدة .. وفكرت : يا إلهي كم أحبه ! أرادت منه أن ينظر إليها أن يبتسم لكنه لم يبتسم بل بدت عيناه بعيدتين متحفظتين كعيني غريب .
قالت لورنا : آه ! ها أنت يا حبيبتي .. هيلاري هل خرجت من تحت الثلج بدون معطفك ؟ ستصابين بإلتهاب رئوي لهذا لم أستطع أن أجدك !
_ وهل كنت تبحثين عني ؟
سؤال غبي .. لكن ماذا يهم ؟ فلا تريد أن تعرف إلا سبب ظهور بروس فجأة بمظهر غريب .
ضحكت لورنا : في سائر أنحاء المنزل تلقيت مخابرة هاتفية من شخص صوته مثير جداً . اسمه ستانلي ويبدو مشتاقاً إليك .
تسمرت هيلاري في أرضها وقالت : هذا مستحيل لأنني لم أذكر له المكان الذي أقصده .
ضحكت لورنا : لقد عرف عنوانك من فتاة تدعى جوليا وقال أنك ستسامحينه على هذا حسناً حبيبتي أعتقد أن عليك إبداء السرور .. أليس من الرائع وجود شخص مخلص يتشوق لعودتك ؟
لم تنظر هيلاري إلى بروس وقالت بخفة : أمر رائع والآن هل عذرتموني .. سأصعد لأغير ملابسي .
سألت لورنا : لكن ألن تتصلي به ؟
اشتدت أصابع هيلاري على خشب درابزين الدرج وقالت : فيما بعد ربما .
وتابعت الصعود بدون أن تنظر للخلف .
حين أصبحت في غرفتها فكرت في أن ستانلي كما هو واضح شرح للورنا عن تقاربهما والواضح أنه مستاء من اختفائها المفاجئ من حياته ولكنه يا للأسف اختار أسوء لحظة ليثير اهتمامها وأطلقت تنهيدة مسكين ستانلي سيستاء كثيراً حين يعرف أنها لم تفكر فيه بالأيام الأخيرة ليس له أية أهمية ف حياتها ولن يكون له أبداً وهذا أمر يجب أن يعرفه بلطف قدر المستطاع متى التقيا مجدداً .
استحمت وغيرت ملابسها .. مشطت شعرها حتى أصبح براقاً ومشعاً ووضعت قرطاً من اللؤلؤ في أذنيها .
حين نزلت إلى غرفة الجلوس وجدت تشارلي هناك ولكنها رأت أن هناك خطباً ما .. فقد وقف مع لورنا قرب النافذة يتحدث إليها همساً وبدا غاضباً و لورنا متمردة ..
غار قلب هيلاري عندما تناولت كوب عصير من بروس وشكرته بلطف رسمي فارتد صامتاً وراح يتحدث إلى هوود في الناحية الأخرى .. يا إلهي أتمنى ألا يعود إلى بروده فقلبها لا يتحمل منه الجفاء والنبذ ..
دنت من النافذة ووقفت تتطلع إلى الظلام في الخارج .. بدا أن الثلج يتساقط بسرعة فائقة ..
راقبت هيلاري لورنا أثناء العشاء وأقلقها أن ترى أنها و تشارلي لم يتبادلا الحديث إلا قليلاً وأنه يضع على وجهه ملامح الشخص المجروح ولم يكن من المستغرب بعد إدخال السيدة ستارلت للقهوة إلى غرفة الجلوس أن تعلن لورنا فجأة أن لديها صداع و أنها ستذهب لتنام ولم يكن مستغرباً بأن يختلق تشارلي عذراً واهياً بعد دقائق .. أما بروس فانسحب لمكتبه مع القهوة لإنهاء أعمال مكتبية .
حين صعدت إلى غرفة لورنا دقت بلطف على بابها آملة أن تكون مستيقظة لتتحادثا قليلاً ولكنها لم تلق جواب .
دخلت إلى غرفتها متألمة من برودة بروس وراحت تفكر في ما عليها فعله لتبعد عنه تلك البرودة والقسوة وبعد تفكير وجدت أن لا سبيل لمحادثته لتعرف ما يضايقه فآخر ما تريده في هذه المرحلة أن يسيء الظن بها أو يفسر كل ما يتعلق بها على نحو خاطئ .
|