كاتب الموضوع :
{{.... ذم ــــا !!
المنتدى :
القصص المهجورة والغير مكتملة
رد: لاتبكي ، للكاتبة : عيون القمر ..
الجــــزء 54 ..
------------------
في بيت أبو محمد..
بالليل ..أم محمد تناظر بنتها اللي تاكل معها بسكات وهدوء مغيّم عليها .. طول اليوم ما شافتها ، ومتغيبة عن دوامها ومرابطة بغرفتها ساعات وساعات لدرجة شكّت ان فيها بلاء ..!
أم محمد : مريضة ؟
مشاعل رفعت عيونها الهيمانة بشرود : ...همم ؟
أم محمد ملاحظة سجّتها الغريبة .. مو عادتها تسجّ : هاو! .. صاير معك شي ؟
مشاعل باقتضاب : لا ..
أم محمد : مريضة ؟
مشاعل : لا ..
أم محمد : وش صاير اجل بالشغل اللي مخليك ما تروحين .. ؟
رفعت عيونها لعيون أمها والسؤال لا يزال يضرب وتر حساس.. شادن سألتها ذات السؤال يوم شافت وضعها والحين أمها واللي ..لو تدري عن اللي صار وتهورها والحفلة الشنيعة اللي سوتها مع خالد.. بتقلب عليها يمكن !
وتفتح تحقيق ويمكن ينتهي هالحلم اللي تحول لكابوس بلحظة من اللحظات ولمدة خمس ساعات.. انتهى بس تأثيره يلاحقها.......... تنهـدت وهي عارفه انها لازم تبدأ حلقة جديدة من الحلم .. وعارفه انها لازم تداوم .. ممكن خالد يفهم غيابها استسلام وتخلّي عن هالخطوة بكل مافيها وهي تدري انها لا زالت متمسكه فيها ولو طلعت بخدوش مؤلمة.. كل هذا كانت تفكر فيه وأمها تنتظر جواب على سؤالها .. لكن سجّة مشاعل مرة ثانية حيّرتها.. وهي ترفع صوتها : انتي فيك بلاء ؟ وش هالسجة من الصبح ؟ أختك قالت انك تعبانة ومنتي مداومة .. وش انك تهوجسين به يا مشاعل ؟
مشاعل استجمعت صوتها باعتقادها لازم تكون طبيعية وما يحسون بشي ... لكن خالد !
ليش تحس طول الساعات انه مارح يسكت ... ممكن يقول لأهلها ، مو هو قال بلسانه إنه مارح يسمح لها تكمل بنفس عالمه !!؟
قالت بثبات : ما اهوجس في شي !.. بس افكر ببكرة ... أكيد ينتظرني شغل كثير .. عشان كذا بروح أنام بدري..
أم محمد : انتي فيك شي الظاهر ؟ مشاعل تكلمي صاير شي بالشغل؟ احد متعرض لك ؟ احد غالط عليك؟ ترا .........
مشاعل قاطعتها وهي تخفي توترها : محد تعرض لي .. وش هالكلام هالاشياء مارح تصير.. ماله داعي هالكلام يمه والله..
امها بجدية مربكة وتّرتها وهي مو ناقصة : أنبّهك بس واذكرك .. تدرين ابوك ممكن يكلم خالد ويتأكد لو حصل وشكّ انك مو مرتاحه...
إلا هالنقطة ما تبيها تصير ..( يكلم خالد!) .. يمكن يستغل الفرصة وينفيني وأنا حتى أسبوع واحد ما كّملت! : والله العظيييييم محد تعرض لي... آرتحتي الحين ؟
أم محمد : ما قلت احلفي وراك مطيورة انتي كذا ... قلت هالكلام أذكرك.. فإن الذكرى تنفع المؤمنين ..
ابتسمت بعبااااطة عشان تجبرها تقتنع: أنا مبسوطة ومرتاحة ومافي شي بيخرب علي.. ريّحي قلبك ..
وقامت واقفه على استعداد تصعد لغرفتها .. إلا بدخول أبوها مع الباب اللي اول ما شافته سكتت وهي تتمعّن بملامحه بدقة.. تحاول تستشفي شي غريب .. عصبية.. ضيق.. أو كلام ممكن وصله لكن كانت ملامحه طبيعية.. تنهـدت براااحة الله يأخذ إبليس.. صايرة تترقب خطوة خالد وما تدري ترقّبها في محله أو كله مجرد وهم بوهم ..!
أبو محمد لاحظها : وش فيه وجهك ؟
مشاعل : ها ؟ ... مافيه شي مثل القمر ... بروح أنام تصبح على خير ..
وصعدت بسرعة تحت نظراته اللي تتابعها .. اختفت والتفت لزوجته : هذي هي مثل الحصان؟ مافيها إلا العافية ..
أم محمد : توها نازلة علي قبل شوي.. لو بقت زيادة فوق كان قلت بنتك فيها بلاء.. مو عادتها تسج لحالها بالساعات..
ابتسم وهو يجلس: وما قالت لك وش متعبها ؟
أم محمد : تقول كل شي زين معها..
أبو محمد : الحمدلله.. ان شاء الله مهنا خوف .. الخوف على بنتك الثانية !
ناظرته باهتمام من طاري بنته الثانية اللي ما صدقت على الله نفسيتها تمشي للأحسن خلال الفترة الأخيرة..
أم محمد : وش فيها شادن ؟
أبو محمد وعيونه ترتفع للدرج البعيد بحركة حذرة من نزولها المفاجيء عليهم..دليل انه ما يبيها تسمع اللي بيقوله : هي وينها ؟
أم محمد حسّت بجديته : بغرفتها من ساعة؟ أظنها نامت ...(بقلق) وش فيها شادن.. وش صاير بعد؟؟
أبو محمد بهدوء جاد : هالموضوع بغيته بيني وبينها بالبداية .. بس الظاهر يكون أحسن لو حاولتي معها .. انتي أمها ويمكن تفهمك أكثر مني ..
أم محمد تحركت بمكانها وهي تسلط انتباهها واحساسها ان فيه خبر ما تعرفه : وش عندك؟ أنا حاسه ان فيه شي بينك وبينها ماعرفه..!
أبو محمد : بقولك السالفة لعلك تشورين علي .. أنا تجيني ساعات مدري اللي افكر فيه صح ولا غلط .. عطيني العلم ...
أم محمد بقلق : تكلم وش صاير ...؟
::
في الصباح .. راكبه السيارة تاخذها للمستشفى وهي تستعد ليومها الجديد.. يومها اللي لازم تمحي فيه عثراتها الأخيرة .. هي تغيّبت بدون عذر وما تدري وش بيواجهها من شيري أو حتى الدكتور نايف اللي أكيد وصله التقرير اللي يقطّع فيها !!
سحببببت نفس عميق وباعتقادها كل هذا رح تقدر تواجهه بطريقتها .. لكن اللي موتّر لها اعصابها جد ولازم تواجهه برضاها أو بدون هو ، وجـــه خالد !
هي انسحبت يوم واحد بس عشان عالأقل تسترجع توازنها وتقدر تقابله من اول وجديد.. مع انها ما تتمنى هالمقابلة..رح تتجنبه اليوم بكل الوسائل الممكنة وتركز على شغلها ولا شي غيره.... لأنه هو بعد نسى اللي صار.. اللي صار انتهى بالنسبة لــه من يوم خطى برا المصعد بذيك الصورة المتجاهلة لوجودها .. انتهى بخيره وشره يا مشاعل.. انتي بكيتي ساعات عقبها وهالأثر لازم ينتهي.. واليوم .. ضروري يكون غير ..
وصلت سيارتها وعبرت باركنات المستشفى قبل تستقر قدام البوابة.. طاحت عينها على سيارة عرفتها زين وهي واقفه .. سيااارته!!
ناظرت ساعتها اللي تشير لثمان إلا عشر دقائق بالضبط... دايم وصوله مبكر وهي اللي قررت تجي بدري عشان تتجه لمكانها المعتاد بنشاط بظل الهدوء بس الظاهر .. رح يسبقها دوم ..
نزلت بهدوء كاسيها وهي تحاول تلقى نفس البداية اللي بدتها قبل أيام .. نفس البداية اللي كانت مزيج من نشاط وحماس ورغبة واندفاع ..
بس وينها هذي البداية الحين؟.. قلبها يرقع خايفه لا تشوفه قدامها باللوبي..!
طاحت عينها على الريسبشن وهي تتخيّل بيكون واقف هناك يسولف..!!
بس..ماكان هناك ..!
شي مريييح للأعصاب ..! ...... يا الله يا خالد ..!
ماني مصدقه وشلون تشدّ أعصابي لهالحد ..
ماني متحمله هالووضضضضع..
مشت بعصبية سريعة ناحية المصاعد اللي كانت تخفيها زاوية بممر مايل وشجيرات طبيعية.. عبرتها لكن تيبّست خطوتها يوم شافت الجسم اللي واقف ينتظر وهي تحبس شههههقة داخل ضلوعها.. رجعت خطوة للخلف في نفس اللحظة اللي استدار فيها على ورا يوم تهيّأ له الصوت ...! ..لزقت بالزاوية وهي تسب نفسها بدرررري علي..
مو الحين يا خالد مو الحين .... مو هالصبح ..
مارح أبكي والله..حتى لو طاحت عيني بعينك !
ما إنتبــهْ ! .. تحركت مثل الحرامية نص خطوة وهي تطل بنص وجهها بس بحذر بالغ.. كان واقف على نفس هيئة الانتظار ويبدو انه ما استنكر شي..ماسك قهوته وباليد الثانية يطقطق بجواله .. بعالم آخر ..
بقلقها وفضولها المتوتر مرّت عليه بنظرة سريعة من فوق لتحت ..وما كانت تقدر تشوف وجهه زين .. تراجعت بسرعة واختارت طريق الدرج .. ركضت الدور الأول ، والثاني ، والثالث وهي تفرغ الشحنات السيئة بالركض.... طلعت للممر وهي تلهث .. واتخذت قرار حاسم.. اليوم ... مارح تعتّب مكانها .. ومارح تشوفه.. كفاية اللي صار..!
جلست بمكانها وهي تشوف كووومة الملفات متجمعة فوق بعض وكأنها تحتريها .. شالت العباية ولبست بالطو التمريض فوق ملابسها ..وجلست وبخاطرها تجيب كوب قهوة ينعش مخها .. لكن غيّرت رايها.. الموضوع فيه نزول لتحت وهي ما عادت تضمنه..
طلعت عليها وحدة من الممرضات اللي اول ما شافتها : يو آر هيير !
ابتسمت وهي تحس إنهم فقدوها : وين شيري !
الثانية : مافي يجي لييساا
تنهـدت وهي عارفه انها لازم تدهن سيرها بأي شكل.. تكسبها ولو بطرق ملتوية..ماهي ناقصه توقف ضدها.. لازالت تتذكر كلامها يوم قالت انها بترفع تقرير فيها للدكتور نايف لاهمالها..! مارح تسمح لذي الثانية تكون ضدها..
هي كسبت خالد كـ طرف معادي ..
وتقريبا شيري نفس الشي..واللي فهمته بفترة قصيرة ان شيري موتها ولا الإهمال .. مُخخخلصة لحد مبالغ فيه بنظرها ..
وهالشي يكفيها ما في بالها تكسب خصوم أكثر..!
هالاثنين يكفون ينرفزونهاا..
وصلت شيري واللي يوم شافتها مشاعل ابتسمت بعباطة انعكست على عيونها ناويه تنفذ خطتها : قود مورنينق !
شيري مرت من ورآها متجهه للغرفة بدون لا توقف : قود مورنينق..
عضت شفتها السفلية وهي تحاول تفهم موقفها الغير واضح .. يللــه .. صح ما ناظرتها لكن عالأقل ردت عليها ..
طلعت شيري وهي لابسه ملابس العمل وعاقدة حواجبها .. مشاعل وهي تدوور بعبث عفووي بالكرسي اللي له عجلات تواجهها بمرح تحاول تخلقه بينهم لأن هالجدية ما تقدر تتحملها : شيري يا حلوة ..
ناظرتها الثانية وعيونها طايرة من الكلمة..
مشاعل ترد : إيه ايه انتي حلوة .. أنا حوبي انتي ..
شيري وكأنها فهمت لعبتها : هوبي أنا !!
ضحكت : ههههههه ايه.. انتي ماي فريند هنا .. معلوم صديقة !؟
شيري : هذا كلام مافي فايدة .. دوكطور نايف معلوم كول شي أباوت يو (عنك) ..
الله يلعن إبليس .. !
مصرره توتّرها التبن .. طيب بوريك وشلون أجيب دوكطور نايف بصفي ..
وبضحكة لعوبة هي جزء منها : ههههه أوكي مافي مشكلة خلي معلوم .. بس أنا حوبي انتي ..
طالعتها بنص عيوون مو مصدقتها : لاير .. ! (كاذبة)
ضحكت ما تدري ليش : ههههههههههههههههه .. انتي هيلواااااه والله ..
عصبت شيري عليها يوم حست انها تتريق .. شالت ملف وهي بتمشي معصبة إلا مشاعل تتعلق بيدها وهي تحاول تمسك ضحكتها مو قادره وكأنها لقت شخص تفرّغ فيه توترها بالضحك ..
مشاعل : لحظظة شيري مافي زعلان .. أنا بصير كويس خلاص ..
شيري مكتفيه بالنظرات ..
مشاعل : خلاص أنا كل شي تبيني أسويه بسويه .. أنا بجلس هنا مافي روح ولا مكان ..
شيري : انتي سيم سيم بيبـي ما يسمع كلام..
مشاعل سبّلت عيونها ببراءة (ترمش بسرعة) : أنا والله كويس.. شيري شوف عيون أنا..!
شيري ماعرفت تتعامل معها بهاللحظة او كيف ترد ، من يوم جت هادية لكنها ما تلبث تغيب والحين جايه بوضع غريب.. سحبت يدها وراحت : اوفف انتي قرقر ..
نطت مشاعل ورآها ودخلت عقبها غرفة الأشعة اللي بتستقبل مريض : عشان انتي قلب كبير أنا بجيب لك قهوة..
ناظرتها بأمر : خلاص روهي .. (وبالانجليزية) .. اكملي الملفات المتكدسة منذ البارحة بسببك..
بلعت العافية وراحت بعد ما عطتها ابتسامات لعلها تلّين راسها.. جلست وهي حابسه ابتسامة الظاهر مالها إلا شيري تفرّغ فيها ..
::
مرت الساعات ..
وطلع خالد من عيادته بعد ما انتهى من الضغط الصباحي.. ناوي يطلع فوق يستلم صور الأشعة اللي ما امداه يشوفها للحين واللي عطوه القسم موعد يجي يستلمها بهالساعة .. وهو يمشي طلعت ياسمين من عيادتها..وطاحت عينه بعينها..
ابتسمت بنعومة : مساء الخير ..
خالد ابتسم بكسل : مساء الورد ... شلونك دكتورة ؟
تورّد خدها لتحيته العذبةالكلمة منه دايماً غير.. وهي تحاول تجاريه : تمام .. وانت ؟
خالد : مثل ما تشوفين .. طيبين ..
ياسمين وعيونها لمكان الجرح : اللي أشوفه غير دكتور .. سلامات ؟
ابتسم وهو يجاوب على نفس السؤال للمرة المليون : حادث بسيط ..
ياسمين وهي تنتبه ليده الملفوفة : ويدك ؟ ..
خالد : يدي برضو حادث بسيط ..
ياسمين باستغراب : واضح متعورة كثيير ..شلون قدرت تشتغل فيها..؟
رفعها شوي وهو يكشر بوجع يداهمه مع أدنى حركة.، سؤالها في محله لأنه كان يعاني وهو مــا يستخدمها شلون عاد لو حط فيها أدنى جهد .. وبخفوت : ما استعملها ..
ياسمين لاحظت الألم وحست انه متعور جد .. وبسؤال : دكتور نايف يدري بإصابتك ؟
رفع عينه لعيونها القلقة عليه : لا .. ماشفته..وماله داعي يعرف..
ياسمين : واضح انك متعور وانت تدري يد الطبيب مهمة بالنسبة له.. خصوصا انها اليسرى وانت تستعملها كثير وتعتمد عليها..
ابتسم يوم أدرك ملاحظتها : ملاحظة هالشي ؟؟
انقلب وجهها للوردي يوم صادها : يعني .. اقصد ..انتبهت.. لهالشي من فترة ..
خالد : دقيقة ملاحظة ما شاء الله عليك ..
ياسمين رمشت بارتباك عفوي : وش بتسوي.. مو المفروض تأخذ إجازة ولو يومين ترّيحها فيها .. دكتور خالد واضح انها متعوّرة كأنها متورمة شوي..؟!
تنهد لأن هالكلمة بالضبط قالها له جمال لكنه رافض الاقتراح : ما يحتاج..
ياسمين : ترا ما أتوقع تسلم من تحقيق دكتور نايف لو شافك..
خالد : لا تشغلين بالك .. أنا رايح الحين أشوف نتيجة الاشعة .. ودك تجين ؟
ابتسمت بموافقة وهي تستشعر انه يتمنــى رفقتها : إذا تبي .. أنا ما وراي شي الحين ..
خالد : أجل مشينا ..
:
/
للتو انتهت من ثالث مريض خضع لأشعة خلال 4 ساعات.. وهالمرة بالرنين المغناطيسي كانت الجلسة متعبة بعض الشي وخذت فوق الساعة وهذي أطول جلسة من يوم جت هنا.. راحت للكاونتر بتلتقط أنفاس بس ما امداها تحط رجولها وتجلس براحة إلا بأمرْ جديد من شيري !، ولو تعدّ أوامرها خلال هالساعات يمكن توصل 20 أمر وكلهم يبون جهد... النذلـــة! ..هي من الصبح ما جلست وريقها ناااشف وكأن شيري مشتغله عقاب فيها..
شيري : هُناك صور اشعة تركتها بغرفة الاشعة المقطعية .. اذهبي واحضريها ريثما يأتي صاحبها لاستلامها ..
مشاعل : لحظة أبغى ووترر..
شيري بحزم : اذهبي فسيأتي صاحبها لاستلامها الآن..
مشاعل بتساؤل : الآن ؟؟
شيري : اجل هيا..
مشاعل: كيف تعرفين أنه سيأتي الآن ؟
أشارت لجهاز الكومبيوتر اللي قدامها : ألا ترين المعلومات المسجلة أمامك ؟ كل شيء هنا ..
مشاعل لفت للشاشة وبدون ما تنتبه للاسـم قامت باستسلام عشان تجيبها ..
شيري : أنا سأذهب لأعطي هذه الصور للدكتور وائل وأنتي اهتمي بالبقية كما علمتك ..
راحت مشاعل بهدوء تنفّذ وتمشي عالألفْ لا تذمّر ولا تشكّي حتى لو كان بينها وبين نفسها ..
طاحت عيونها على الصور المقصودة بوسط حافظة صور خاصة على طاولة.. وطرف الصور باين .، شالتها وهي تفتحها تلقي نظرة عابرة وهي تمشي لبرا .. كانت صورة يد واضحة والأشعة تعطي تصوير واضح للعظام..
قامت تتأمل فيها وهي ترجع للكاونتر بخطوات بطيئة يوم سمعت صوت أنثوي هناك : مافي احد هنا .... وينهم ؟
رفعت راسها مكشرة وهي تميّز صاحبة الصوت وخطواتها لازالت تاخذها.......... حبيبة خالد !
الشخص الثاني واللي ما ركزت عليه لأن عيونها كانت على ياسمين ..كان معطيها ظهره وهو مستند عالكاونتر بكوعه... وياسمين معه واقفه على أطراف أصابعها تحاول تلمح إذا فيه احد بالغرفة الخلفية !
قبل تترجم الموقف كله التفتت ياسمين وشافتها.. واشارت عليها وكلامها لـ خالد : لا اشوى هذي موجودة... (ناظرتها بابتسامة) : لو سمحتي ..
التفت خالد على باله وحدة من الفلبينيات وطاحت عينه بعيونها بتلقائية محد فيهم مستعد لها... حست بموية ساخنة جاوزت حرارتها المئة تلهبها وتنزل على راسها وكل خلية حية بجسمها ومعه رجفـة لا شعورية وبطنها فجأة عوورها..!
أما هو...تغيّـر وجهه كليّا وبوضوح وكأنها صفعة لخبطت ملامحه !... هي ؟... هــي ؟
ما نزّل عيونه عنها يوم شافها تقرب بخطوات بطيئة وقفت تماماً يوم تشابكت نظراتهم ..بـ معاني كثيرة .. ، تغيّرت كثير ملامح في وجهه ..وهي نفس الحال تبادله النظرات المتخبّطة ولحظات المصعد المشؤوم تعبر خيالها ببطء يعذب!
كانت ثواني صامتة وغريبة.. سيطرت عالجوو اللي صار فجأة مكهرب ..
وعند خالد كان السكوت مسيطر عليه تماماً.. ما قدر بهاللحظة ينزع اللحظات ذيك من باله بكل مافيها..لازال يعيشها أو هي أحكمت قيودها عليه بظهورها المفاجيء هذا !!.. لقى نفسه مأخوذ في الذكرى طالما إنها واقفه قدامه! .. الموقف بـ خمس ساعاته كان يمر بين عيونه مثل الشريط.. والغريب ان التفاصيل الأكثر "إرباك" لها وله بالذات واللي المفروض يكون محاها حسب تخطيطه.. حضرت بقوة مُخيفـة بذهنه لدرجة ان وجهه انقلبت ملامحه وهو مو قادر يداري الفكرة.. أبعد عيونه عنها لأبعد نقطــة والتفت لـ ياسمين اللي كان النظر بوجهها أسهل بالنسبة له ..!
شافت ردّة فعله اللي عنوانها "الصدود" بكل وضوح وفهمتها تحاشي أو عصبية أو غضب...أو كُره !
ايه كُره ..خالد يكرهها ألحين !!
إن كان ما يكرهها من قبل رغم صدّه عنها .. فهو أكيد يكرهها ألحين !
كسرت لحظة التوتر العنيف اللي اجتااح الجوْ مثل الطوفان .. ونهرت نفسها وهي تجبرها على التقدم ناحيتهم بالغصب.. لازم يرجع كل شي طبيييعي.. ان كان يظن اللي صار بيأثر عليها .. لازم يراجع حساباته لأن هالتأثير بيظل بينها وبين نفسها ومارح تخليه يحس فيه .. هو ما درى وش قد بكت يوم رجعت البيت بسببه!!
اقتربت وهي تدور حول الكاونتر وتواجههم برسمية وأنفاسها تتذبذب.. سحببت نفس قبل تتكلم..ووجّهت كلامها لياسمين اللي ظنت انها تبي شي: أي خدمة ؟
ياسمين ابتسمت : مالي حاجة هنا بس جينا ناخذ صور الدكتور خالد..
دارت عيونها بكل ثبات ناحية وجه خالد واللي نطق اول ما طاحت عينها بعينـه .. بهدوء رسمي : جيت استلم صورة الاشعة ..
مشاعل بتلقائية نزلت بنظرها للملف اللي بيدها يوم فهمت... اجل الاشعة له ؟ .. ليه !!
ما تبي تصدق انها بسبب الإصابة اللي تسببت بها عليه.. ، رفعت عيونها له ومرة ثانية تصادمت مع عيونه اللي كانت تحمل تناقضات ..
فيه اتهاماااات مباشرة يرسلها لها ..لكنها مثّلت دور الغببة.. وببرود : سلامتك ما تشوف شر .. تفضل !
خالد علّق يوم حس انها استوعبت علاقتها بالسالفة : ما ودك تسألين عن علّتها ؟
مشاعل باقتضاب : الفضول مو من اهتماماتي ..
انشحن غيض مكبووت وهو يستشعر انها غير مبالية بنتائج اللي تسبّبت فيه !..كان يتخيّل انها بتجي نادمة لكن لا .. الندم مو من تركيبتها.. ما تحس باللي سوته! ما تحس بالآثار النفسية والجسمانية اللي لا زال يعاني تبعاتها !! .. كتم غيضه بالعافية .. وتابع يرسل لها رسائل مبطنة لعلها تحسس على دمها.. بهدوء غريب ومربك وكأنه يحكي قصة : يدي متعطلة فايدتها بسبب آدمي مافي مخه ذرة عقل.. تدرين ..هو يدري انه غلطان لكنه حالف ما يعتذر .. والمصيبة.. انه ما يدري لحد الحين لوين وصلت نتايج مغامراته...ولو يدري باللي صاير من وراه.. ما اعتقد أشوفه بأي مكان..
قاطعته قبل يسترسل وهي فاهمه هالهجووم بس جاهلة معانيه الخفية.. وبهدوء موازي وكأنها تخمّن باقي القصة : أكيد هذا الواحد مو تاركينه بحاله الناس ..عشان كذا يتعورون..
فهم انه هو "الناس"..
وقبل يقول شي ... التفتت ياسمين مو فاهمة شي .. وحاسة نفسها فجأة مثل الاطرش بالزفة....
قالت تحاول تفهم : دكتور خالد مو قلت قبل شوي ان جروحك بسبب حادث بسيط؟
ابتسم خالد وهو يلتفت لها يوضّح: بالضبط ..
ياسمين : مين مأذيك ؟
خالد : اللي سمعتيني أتكلم عنه ..
مشاعل قاطعتهم قبل لا يبدون حوار بحضورها : أي خدمة ثانية ؟
مارد خالد وتحرّك ماشي وهو يجذب الصور بحركة عنيفة نوعا ما بالنسبة ليد مصابة..لكن ما كمّل خطوتين لأن الصور طاحت بسبب الألم وهو يمسك كفّه بيده الثانية ووجهه متقلّص بآلام..!
ياسمين قرّبت منه بسررعة : دكتور خالد؟..سلامات !!
خالد مكشّر من تشنّج يده اللي مو قادر يحركها...ياسمين حسّت بالتشنّج هذا ومن عيون خالد المغلقة عرفت إن الألم هايج...بعفوية أمسكت يده بنعومة تحاول ترخي أصابعه عشان ما يشدّ عليها : تعورك كثير ؟
خالد والنفس مشدود : ..شـ.وي.. ألحين..تخف..
ياسمين وهي تمسك أصابعه برقة تحاول تمددها : لا تشدّ ..خفف أعصابك..كذا تعورك.. إرخيها..
رفعت مشاعل عيونها تراقب الوضع من بعيد ووضع خالد موجعها... ما كانت تظن ان الألم بيوصل لهالمرحلة واضح انه مرة متعور..! ويدري انها ما كانت تبي تعوره.. ما كانت تقصد ومع كذا حست باللوم ينبع بكلامه..
هو ما يدري ان رغبة الاعتذار داهمتها مرات ومرات طول يومين لكن دحرت هالرغبة بالآخر..بالذات إنت يا خالد الاعتذار بينفهم ضعف وانت تدري اني مابي اضعف قدامك.. بامكاني أعتذر لكن...الاعتذار صعب مع بعض الناس وإنت...من بعض هالناس ..!
راقبت حركات ياسمين وخوفها عليه...مسكت يد خالد بكفوفها الثنتين وهي تحاول تخفف عليه..وبلحظة طارت كلمة "دكتور" من لسانها : خالد وين يعورك بالضبط؟..تعال معي العيادة ادهنه بمسكن لما نعرف وش فيها بالتحديد..
فتح عيونه بعد نوبة الألم وطاحت بعيونها القريبة والقلق النابع فيه ،.. ابتسم بوجع متحشرج : يا ليت تعيدين ربطها واضح انها ارتخت..ماني قادر اربطها ..انا ما خذت بالي كنت متهور شوي.. هي ما تتحمل أدنى حركة..
بدون نقاش استجابت.. مسكت ظهر كفه المبسوطة بباطن يدها الأنثوية ، وبيدها الثانية قامت تلف الرباط من أول وجديد بإحكام بدون أدنى حركة من خالد..تركها تقلّب يديه بـ حرية وهو يتابع وعقدة ألم باقية بين حواجبه... رفع عيونه بالصدفة ناحية مشاعل اللي كانت تطالعهم ، ومباشرة هربت بعيونها للي بيدها وكأنها ما تشوف..
لو اعتذار واحد... ممكن يشفع لك..!
لكنك معتزّة باللي سويتيه ومو نادمة على شي.. مو واعيه اني ماني قادر أطلع من اللي صار للحين ..!
كشّر غصب وهو يدنّق بسرعة قرييب راس ياسمين بتلقائية : آح...
كشّت ياسمين وهي عاضه شفتها بوهقة وأصابعها بالهوا : عووورتك ! ...آسفة..
ابتسم بتعب وهو يرفع رِمشه لعيونها اللي كانت بمستوى نظره لأنه مو طّي راسه : بسيطة.. خففي ضغط شوي..وتكون تمام..
ياسمين رمشت بارتباك سيطر عليها ..من ابتسامته أولاً..وثانياً هالقُرب اللي هو الأول من نوعه بينهم ..حركت اصابعها النحيلة وهي تلامس اطراف كفه وهي تشدّ : والحين ؟
هزّ راسه ايجاب : كذا أحسن !
رفعت راسها له باقتراح : تعال معي عيادتي.. بساعدك.. تحتاج مسكن.. واضح إنك أنهكتها..
والثانية تناظرهم من بعيد... وأنواع الاحتدامات بداخل صدرها..
تتأمل عيون ياسمين اللي كانت تعبّر عن قلقها بوضوح وكأنها ما تخاف من شي ، كأنها ما تخاف من صدّ خالد اللي جالس يتعامل معها بشكل طبيعي وحتى ردوده عفوية وطبيعية...للحظة حسّت ان الوضع بينهم تعدّى الرسمية واللي اسمها ياسمين حاضنه يدّه بين كفوفها تداريها برقة وخوف فضحته عيونها..!
بينهم ودّ ما تقدر تنكره...ما تقدر تنكره عيونها مهما حاولت..
قُربها الحميم هذا منه...! ، وقبول خـالد بالمقابل..!
وشعورها انها هي سبب اللي يصير ألحين بينهم..
شعور كريه ..كرييييه غير قابل للتفسير ..ما تقدر توصفه سوى انها كرهت حالها يوم لقت نفسها فجأة تجرح...وياسمين تداوي..
ماهي ناقصة مثل هالشعور باللحظة.. ماهي ناقصة قوة تتبخّر وهي اللي أستجمعتها بعد ما فقدتها بزوايا المصعد المهجور ...أصرّت تبدا اليوم من جديد مع انها عارفه إن اللي صار معهم لازال بيخيّم بأجواءه عليهم...لكن خالد..الظاهر فعلاً نسى...
نسى إنه...لمسهـا !...لمسها بأكثر مكان حساس بالنسبة لها...
عطتهم ظهرها يوم حست نفسها بتفقد السيطرة.. وتوجّهت لغرفة الممرضات اللي كانت خالية...جلست على كرسي هناك تاخذ أنفاس من منظرهم الحميم ولازالت تسمع همهمات ياسمين وتطمينات خالد الكذابة..!
غمضت عيونها وهي تسد اذنها ما تبي تسمع اصوااااتهم !! , والله ماهي ناقصة عشان يجي خالد لطابقها لا ويجيب معه ياسمين ..وكأنه يعيد درس المقارنة من جديد !
الدرس اللي شرحه بالكلام ولاهي قادره تنساه..الحين يعيده بس بالتصرفات وبدون كلام وكأنه يرسل لها رسالة..!!
ياسمين بتكرار : تعال معي..
رفع عينه بتلقائية ناحية الكاونتر اللي اقفه فيه.. ولقاه خالي .. ما حاول يسأل نفسه وين اختفت فجأة بظل تخبّطه وشعور ثار بـ شوفتها ..واثنينهم ما يبي يحسّ فيهم....ورجع لـ ياسمين بنظراته : مابي أزعجك هالوقت..أنا بروح أتصرف..
ياسمين عارضت : لا !.. انت تعبان الحين وبما انك تعبان..من واجبي اخذ دوري.. تعال معي..
خالد : بروح للدكتور وائل مرة وحدة ..عشان يكون التشخيص اكيد..
ياسمين باصرار : عشر دقايق بتفيد يدك صدقني..يلله تعال..وبعدها روح للدكتور وائل..
ما جادل واستسلم لطلبها... وتحرّك معها ..
::
|