كاتب الموضوع :
{{.... ذم ــــا !!
المنتدى :
القصص المهجورة والغير مكتملة
رد: لاتبكي ، للكاتبة : عيون القمر ..
عند عمر ..
كان كلام أبو محمد دليل واضح إنه ماخذ موقف من اختفاءه المفاجيء.. ، ما استغرب عصبيته أبداً .. ومن كلامه تأكّد إن شادن ما قالت لهم عن رغبته السابقة بإلغاء الزواج.. ، جلس على طرف السرير يهدّي أعصابه وجرح ذراعه للحين يسبب له نغزات..
ازداد المطر ..وتلاه رعود وهو يسمع قطراته تطرق نافذته بعزّ الظلام..
كره هالغرفة والفوضى اللي فيها.. كرهها ويبي راحته..
طلع من النافذة والمطر ينهال عليه بغزاارة.. كشّر بألم بسبب الجرح اللي أهمله كثير..
باب البيت قدامه مقفل... وكـ نتيجة..رفع عيونه لـ شرفة غرفتها اللي ما يصعب عليه وصولها!
::
بغرفة شادن ..
المطر ينهمر على زجاج البلكون بغزارة مثل شلااال .. والعواصف تبرق بالخارج معها رعـود وبـروق ..ظلمة داخل الغرفة مافي إنارة وحدة مضاءة الأصوات العنيفة خلت شادن ضامة لحافها لصدرها بعنف كبير من فقدان للأمان.. تحاول تتجاوز اللي صار معها اليوم..تحاول تمحيه.. تحتاج للنوم وللراحة ..لكن صورة راهي وكلامه مو مفارقه خيالها..
"وينه عنك؟"
لقى له وحدة ثانية..هذا الجواب وهذي الحقيقة.. والأربع سنين كانت وهم..
لها ساعة تحاول تنام لكن بدون أدنى فايدة.. كل ما غمضت انتفض جسمها بدون شعور..
ترثي حالها لوين وصل..ترثيه!.. حتى دمعتها صارت ثقيلة للغاية..
ولّعت جدران الغرفة بنور البرق اللي شعّ في السما.. تلاه صوت رعد قوي نفض أوصالها وهي تحاول تهدّي من أعصابها.. ضمت مخدتها وهي تسمّي بالرحمن وآثار الموقف للحين بجسمها..
البرد اللي برا ..ما يوازي البرد اللي تحسه داخلها ينخر بعظامها..
كررت آية الكرسي.. وهدت مع الثواني وأفكارها تهدى عن الثوران ..
ومرت دقايق استرخت كليّا.. لكن هالليلة مارح تكون مثل أيّ ليلة..!
زمجر الرعد مرة ثانية يرعد بكل عنف والبرق يبرق بالغرفة مثل الفلاشات ..
فتحت شادن عيونها مرتاعة وخايفة وهي تحس بوجود أحد... أرعدت السماء بشكل مخيف قاطع حالة الهدوء المؤقتة اللي كانت فيها..
شهقت وهي راقده ، اتّسعـت فتحة عيونها وهي تشووف ظلاال سوداء لانسان بشري.. مرسومة وممتدة على الأرض..وواصل للجدار...
انسان طويل .. براس ويدين ورجلين ... واقف على بلكونها بسكوون ..انكمشت خوف غصب عنها..وعيونها شاخصه على هالظل وبالها يروح لـ راهي المرعب!
شكله حقيقي مو من رسم خيالها المتعب !!
ما استرجت تلف وتشوف مين .. بدا صدرها يطلع وينزل بسرعة وهي تشوف الظل واقف بجمود عالباب مو راضي يتزحزح .. كااابووووس اكيد كااابووووس..
ماتبي تصرخ لأنها أكيد تتخيل...
سمعت نقـرْ عالباب الزجاجي يختلط بصوت الرعد !! لمّت مخدتها وهي تكتم صرختها داخل المخدة مع بكى يترحّم..
النقر قام يتكرر..وكل مرة بشكل أقوووى.. يا رب يكفيها رعب لليلة..
مابقى فيها أعصاب تتحمّل أكثر.. ارحمني يا رب.. ارحمني وهدّي بالي..
أنا أكيد انجنيت..أكيد انجنيت ما عدت احس بعقلي..ما عدت أحس نفسي طبيعية.. وهالشعور لحاله ينهي روحي !
فتحت عيونها بتردد وخوف وهي تتمنى ان الخيال أو الظل يكون اختفى... بس المفاجأة ان الظل الممدود عالأرض لين الجدار نفس مكانه.. ما غير انها تشوفه يرفع يده ويدق الباب بإلحاح...
سمعت صوت عميق من البعيد.. ينادي اسمها...
" شادن !!"
اسمها ؟؟..
أخيراً ..استجمعت شجاعتها.. ولفّت ببطء وهي منسدحة .. وأكّدت لها عيونها إن فيه شخص واقف على البلكون يدق لها.. قلبها بيوقف نبضات !! بيوقف !
دققت بنظرها وهي تتمنى يختفي وتكون مجرد أوهام خوف نتجت عن تجربة مخيفة عاشتها اليوم لا أكثر ،
بس اللي تشوفه يقول لها إنه حقيقي ..
دققت أكثر وأكثر ..ما عرفت مين يكوون بسبب الظلمة ..بس هيئته هيئة.......................
مستحيل !!!!
تجمّدت بالكامل وعقلها يردد لها .. أصوات داخلها تردد إنه هو اللي ببالك !
بيد مرتجفة وبطيئة فتحت الابجورة جنبها .. وركزت بعيونها عليها..
لكم تتخيّلون الجمود اللي سيطر عليها.. قلبها فزّ بطريقة حياتها كلها ما حست فيها..ولكن مع هذا مافي شي من أطرافها استجاب ،
كانت المياه اللي تنزل على الباب حاجبه رؤية ملامحه..
اللي تشوفه خيال.. خيال تعرفه أكثر من نفسها.. لكن مو سهل التصديق بوجوده!
مرّ دقيقة كاملة قبل تاخذ حيلها وتستعد للحظة قد تكون كاذبة..
رمت اللحاف بعيد .. وبجنون رعب وارتياب قفزت من السرير ما تبي تعيش كذبة جديدة أو وهم جديد..مشت بخطوات مهزوزة للبلكون ولونها مسلوب تبي تتأكّد وترتاح..
فتحت الباب بسرعة وصورة الموية تختفي.. واتضحت لها الرؤية بالكامل ..
كان صعب التصديق بذيك اللحظة...كان صعب وشبه مستحيل ..
تعلقت عيونها فيه ..واللحظة صمممت مطبق !
عيونها الذابلة .. بعيونه اللي تحدّق فيها من بين انهمار المطر النازل من رموشه وراس أنفه!
مرّت عيونها عليه من فوق لتحت .. تحاول تثبت وكأن الأرض تزلزل فيها ..
الموقف كان أكبر منها..وأكبر منه ...
ارتجفت شفاتها بعد لحظة تحاول تنطق.. بس ما طلع صوتها ..
بس عمر قرأ حركة شفاتها..
كانت تنطق باسمه ..!
يا صعوبة اللقاء فيها بعد كل اللي صار..
سكت هو الثاني يعطيها الفرصة تستوعب وجوده مثل ماهو يحتاج يتوازن بالمقابل ،
بس ما طوّل برا .. تحرّك ناحيتها وهو يترنّح بدون مقدمات ، تراجعت خطوة لورا وعيونها شاخصة عليه..
دخل بصمت..وأغلق الباب من ورا ظهره وعيونه العميقة ما ابتعدت عن وجهها الدافي... كان يصب صبّ مو بس يقطر كأنه طالع من البحر .. والأرهاق مبين على كل لمحة فيه..
شادن تراجعت للخلف وهي تتأمله ..وأشياء مريرة تتفجّر داخلها..
معقولة اللي تشوفه؟!
معقولة ما تحلم !؟
عمر للحين ما تكلّم.. نظراته تحكي كلمات صامتة ..يرجيها تهدى..يرجيها ما تنفجر فيه ..يرجيها لأنه جاي يبي يرتاح ما يبي يزيد أوجاعه !
لكن شادن ما كانت بالسهولة انها تنفجر ..لسانها وفقدّته..وعيونها شاخصه عليه بذهول ..منظر عمر المزري كان سالبها قدرتها على الكلام.. ، لاحظت إنه يقاوم البرد رغم إنه حاول يخفي هالشي..!........ لكن عليها استحالة..
رددت بصوت واطي وهي تناظره مو مصدقه حقيقة وقوفه قدامها : بـ ..ـلاك؟؟
تقدم ناحيتها وهو يحاول يفك ازرار قميصه البارد..بصوت مبحوح..والبرد اشتدّ عليه : مو صاير شي لا تخافين...
قالت بذهول هامس : إنتْ...ل..ليش؟
رفع نظره واستقرت بعيونها وهو يفك الزر الأخير : جيت اشوفك... مو صاير شي ،
كلمة (جيت اشوفك) هزّت وجدانها .. ومرت ثانيتين وأربع وعيونها ما نزلت عن عيونه..
ابتسم بوجهها يوم شافها واجمة متفهّم حالتها : تسمحين لي أجلس عندك الليلة ؟
انتفض قلبها بشعور كهربائي.. معقول يكون هو؟.
رجع؟..ويبي يجلس عندها ؟!
قالت بصوت خافت تبيه يأكّد : إنـت... مين؟
عمر بهمس : عُمر ..
شادن بتكرار : إنت.....
قاطعها بهمس وهو يقترب منها : عُمر... جيت عشان أشوفك..
تراجعت على ورا مع اقترابه ، وحطّت مسافة بينها وبينه بحركة لا شعورية ..
وقف عمر مكانه يوم شاف حركتها ..ولانت نظرته ما يلومها .. زين بعد إن بقى قلبها على حاله ناحيته !
شادن تعثّرت أنفاسها .. لاحظت بوضوح حالته الصعبة .. وما قدرت تتخيّل وش اللي مرّ فيه .. أو وش اللي خلّاه بهالشكل .. ورغم ألمها والجرح اللي فيها ومصيرهم اللي صفعها فيه.. رغم إنه مطلّعها خارج حساباته..إلا إنها قوّت قلبها بأعجوبة..وعرفت من وضعه وجيّته هذي.. رجعته هذي..إن فيه شي كبير صاير..!
عمر تقدم ناحيتها : شادن.... أنا....
قاطعته ما فيها حيل كلام .. في قلبها أشدّ من العتب..في قلبها أشياء ما تُترجم بالكلمات ..ولا تدري من وين جتها قوة هاللحظة للابتعاد عنه.. تحركت بسرعة ناحية دولاب ملابسها الموجود بالجهة المقابلة من الغرفة وهي تقول بصوت حاولت قد ما تقدر يكون بااارد ومتماسك : ارتاح .. بجيب لك منشفة..ارتـاح!
على نور الأبجورة الأصفر الخافت مصدر النور الوحيد بهاللحظة... راقبها وهي تفتح دولابها على مصراعيه.. قامت تفتش في وحدة من الأرفف بكل توتر وارتباك ما يخطي فيه ..رغم برودها اللي تحاول تتقمّصه ..لكن صعب تنكر شعورها عليه هو بالذات !
راقبها بعيونه العميقة...حالها.. حركاتها.. وخوفها.. تأمل ملابسها القصيرة اللي حتى هي نست انها لابستها ،
كانت لابسه بجامة برمودا بيضا لحد الركبة.. مع توب سيور لونه زهر كاشف كتوفها ونص ظهرها..
تمعّن بـهيئتها وشعرها المموج بعشوائية واللي طايح على وجهها من الجهتين.. كانت فتنة من غير لا تدري عن نفسها ،
رجعت له وهي شايله منشفة بين يديها بدون ما تناظر بعيونه عشان ما تسمح لأي اهتزاز داخلها.. بعكس عمر اللي كانت نظراته مسلّطه على كل شبر فيها..
قالت بصوت جامد ما أظهرت فيه أي بوادر قلق.. وكأن الأمر ما يعنيها بشي ..ما تبي تنجرف للهاوية : خذ نشّف نفسك أول .. لا تتعب..
قال وعيونه تخترق عيونها رافض أسلوبها ..ببحة : خوفك بعيونك.. خليني أشوفه..
رفعت عيونها بحدّة ومشاعرها تهتزّ من كلمته .. بعيونها غضـب وعتـاب وألم..
قال بهمس وعيونه الحادة بعيونها : خوفك بعيونك..لا تخفينه.. ما جيت عشان ألقاك هالشكل !
عيونها غرقت من كلمته.. قناعها الهشّ ما استمرّ ثواني..حطّمه بسهولة !
كانت تبي تتعامل مع هالمفاجأة ببرود..ما تبي تنهار مثل آخر مرة..ماتبيه يشوفها بذاك الوضع مرتين..كفاها مرة وحدة ..!
قالت بخفوت وصوتها ثابت : خذ نشّف نفسك !
اخذ المنشفة بهدوء.. وأبعد نظره عنها عقب ما كسر حاجز كانت تبي تحطّه..كسره مباشرة قبل تحاول !
مسح وجهه أول شي..ثم رفع المنشفة لراسه ..
بدا يخلع قميصه الرطب بكل اريحيه بسبب البرد اللي اشتدّ عليه ..
أما شادن فكانت بحالة اضطراب عنيفة من اللي يسويه.. الوضع كله صادم..وتطوّر الموقف بهالسرعة ما قدرت تجابهه !
أخيرا بدت تصدّق إنه فعلاً هو .. ماهو حلم.. ماهو وهم !
بدت تتجاوز مرحلة الانكار ..لمرحلة التصديق ..والتعايش معه !
لاحظت جرح غريب وطري بذراعه..واضح جديد !.. تصلّبت عينها عليه بكل رعب وهاللحظة بالذات طلعت من دائرة برودها وهدوءها !!!
وش الشي اللي ممكن يسبب هالجرح الغاير ؟؟؟
عمر وهو يمسح أكتافه العارية لاحظ عيونها المتسمرة على ذراعه... دنّق للجرح يتأمله ورجع يناظرها..
ابتسم يهدّي الجو ..ببحة : هالجرح مو شي ،
بتساؤل رعب من الاحتمالات : يعوورك ؟؟
لاحظ دموعها من خلال الاضاءة الخفيفة اللي تشبه اضاءة الشموع..
وقال بهمس رقيق يهزّ : لا ما يعوّر ..
عرفت إنه يكذب ! ،
هالجرح غاير والدم متطبّع ببلوزته اللي رماها بالأرض.. عرفت إنه يكابر والأهم من نظرته إنه ما يبي يخوّفها !
تجاهلت كلامه..ومسحت خشمها وهي تبتعد عنه : بروح أجيب لك شي تلبسه .. ادخل الحمام وخذ لك شاور يدفّيك وانا بجهّز لك شي تاكله..
مشت من قدامه والرجفة داخلها عنيفة .. متماسكه لآخر حد وداخلها قنابل .. لكن مو قدامه !
ماتبيـه يشوف لأي حد هي وصلت بغيابه .. ما تبيه يشوف وهي عارفه إنها ما رح يكففها!
صار عمر لحاله بالغرفة ..راقب شادن اللي أيقن إنها هربت من الغرفة أكثر من إنها راحت تجيب له شي يلبسه..
ما يلومها .. أبداً ما يلومها.. إذا الموقف صعب عليه..اجل كيف هي !
أصعب اللقاء... اللقاء اللي يصير بعد فراق مؤلم ..اللي بعد جروح ما التئمت!
هالنوع من اللقاء يقيّد الروح ..يصير لقاء ثقيل للغاية.. مُتعب ..وينهك ! ما تقدر تتكلم أو تتصرف بطبيعية لكون تفاصيل آخر لقاء مستقره بالذهن !
اضطراب عنيف يعيشه.. مجرد وجوده بـ غرفتها اللي ما يدري كم له ما دخلها !
للحين ما قدر يتكلّم معها بشكل طبيعي..
يا كيف بتمرّ هالليلة..!؟... كيف بيحكي معها؟
طلعت شادن لغرفة الملابس حقت اخوانها .. ودوّرت بين الملابس النظيفة على شي دافي يدفيه من البرد اللي دخله بسبب المطر.. ورجعت بسرعة لغرفتها وهي متوترة ..
كانت تتمنى يذكرها ..يذكرها ويرجع ..
من زمان عن هاللحظات..
لكن ليش تحسها صارت صعبة ألحين... والخوف معتريها !
دخلت الغرفة بهدوء من غير ما تصدر صوت لأن أهلها كلهم نيام...وبهالظروف مستحيل تقول لهم انه رجع.. بحثت عنه بعيونها لقت الغرفة خالية .. وملابسه المبللة مرمية عالأرض بإهمال... سمعت صوت الدش بالحمام مختلط بألحان المطر برا..
جلست على طرف السرير وحيلها مهدود.. مو مصدّقه سبب وجوده الليلة .. مشاعر مريرة غزتها ..ليته يفهم إنها ما نست جرحه لحظة.. خايفه كثير..
خايفه تكون جيّته عشان يكمل قراره..
حطت الملابس النظيفة عالسرير .. وراحت شالت الرطبة من الأرض ومشاعرها متغلبة عليها بمراحل.. شعور إنها ما عادت قادرة تسيطر على روحها..متمكن منها !! ،
..كيف سمحت للأمور توصل لهالحد !!
طلعت بالملابس الرطبة وحطتها بالنشاف.. كانت تتحرك هنا وهناك بضياع وخوف من اللي يصير .. بس لازم تقوى يمكن هالليلة مو مثل اللي ببالها يمكن تكون النهاية فعلاً.. !
تسنّدت على باب المطبخ وهي حاسه بتعب يهدّ أعصابها ..
لا مارح يسويها ..مارح يذبحها مرتين... ،
لقت نفسها تدخل المطبخ عشان تسوي لـه أي شي ياكله ويدفيه.. هي عارفه ان حالته والجرح اللي فيه سببها مصيبة !
شافت ساعة المطبخ.. كانت 2 بالليل... رهبة نزلت بقلبها عن السبب اللي يخليه يجي لها بهالوقت ..وبذيك الحالة..وبطريقة الحرامية !!
السبب اللي يخليه يرجع..رغم إنه ألغاها من حياته ،
تكّت عالطاولة ثواني تحاول تستعيد قواها اللي تتبخّر بسرعة..تحاول تشيل ثقل هالدقايق اللي فوق احتمالها ..
أخذت انفاس عميقة وهي تحس بيغمى عليها من التعب !
داست على الهواجس..واتجهت للثلاجة .. صلحت له حليب ساخن بالزنجبيل .. مع شوربة كانت باقية من الغداء ،
هدفها كان أيّ شي يدفّي !!
حطتهم بصينية اخيراً وطلعت فوق بهدوء ..كانت حذرة عشان محد من البيت يحسّ..
تتخيل ابوها يصحى ويدري عن وجوده !.. ما رح تتخيل اللي بيصير !
أول ما وقفت قدام باب غرفتها ..رجع قلبها يتبعثر.. ما رحمها
عمر الحين .. متواجـد بغرفتها .. !!
من ثمان سنين ..ما دخلها..!!
بالماضي كان يدخلها.. طفل صديق وأخ متربي معها ..
بس الحين هو داخل..
كـ خطيب.. كـ زوج !!
كـ حبيب !! .. يثير مشاعرها بسهولة ومن غير رحمة ومراعاة !!
غمضت عيونها والصينية ترتعش بيديها... الحرارة مشتعلة بجسمها كأنها انسانة محمومة !!
كأنها مريضة بعزّ البرد !!
مشاعرها بهاللحظة ..كانت لا تطاق !!
ثبتت الصينية على فخذها عشان تقدر تفتح الباب..
دخلت بهدووء وعينها عالصينية ..!
ومن خلال اضاءة الأبجورة الخفيفة ..شافته مخلص شاور ...ومعطيها ظهره العاري ..
واقف عند مكتبها ولابس البنطلون اللي جابته له..
نزلت عيونها عنه وعن وضعه مافيها تخوض هالنوع من الشعور حالياً.. مافيها تطير بمشاعر هي أبعد ما تكون بينهـم..
راحت للطاولة وحطت الصينية عليها بصمت..وقلبها ينتفض آلام وشوق ما يرحم..
لو يحسّ بس...لو يحسّ !
التفت عمر يوم حس بدخولها وبيده صورتهم مع بعض ، كان مسيطر بحضوره على زوايا الغرفة ! وخالق جو مرربك ما تحملته !
شافها واقفه بعيد عنه .. ابتسم يوم شاف الصينية ونزل الصورة مكانها..
اقترب من شادن وعيونه تمرّ عليها من فوق لتحت.. ابتسم بنعومة وهي واقفه بتوتر وقلبها يرقع بطريقة عنييفة!!
حميمية غريبة بدت تلفّ الجوو .. وعمر بهالهيئة وبهالوضع زادها اضطراب...
قرّب منها ..ومن غير شعور تراجعت للخلف بسرعة وهي تحاول تخفي توترها : كل يا عمر.. عشان تدفى..
وقف مكانه يوم حس انها خايفه منه..
وقال : خايفه يا شادن ؟؟
بلعت ريقها كيف ما تخاف وهو صاير غريب.. وعقب كل اللي صار هي ما عادت تهمه ،!
رفعت عينها اللي تلمع مع اضاءة الابجورة الخافتة واللي تشبه الشموع..وبجمود صعب : كل يا عمر ..والبس لا تمرض.. الجو برا بارد ..
قال بحميمية تربكها : جنبك ما احس بالبرد ابد يا شادن..
تدفقت الدموع بسرعة .. حاربت عشان ترجعها مكان ما كانت..
وقالت بنبرة آلية وكأن الموضوع ما يهمّها بشي : عمر إلبس وكل عشان ترتاح.. واضح عليك تعبان..
ولاحظت الجرح اللي ما التئم... كمّلت وهي تتجاهل نظراته الجريئة اللي ما يغيرها : بروح اجيب لك مطهر وشاش ينظف الجرح..
وتركته مرة ثانية وقلبها يرتعش من هالليلة اللي مدري شلون بتمرّ.. وليه أصلاً هو موجود عندها الليلة؟؟؟ ليه ما يتكلّم ليه يخلّي الاحتمالات تتخبّط فيها يمين وشمال !!
راحت تبحث في صيدلية حمام مشاعل.. وحصلت اللي تبيه هناك بالرف.. أخذت المطهر والشاش ورجعت بخطوات متهاوية لغرفتها...
كلامه المميت بآخر مرة مو راضي يفارقها من طاحت عينها عليه !
كلمته اللي بما معناه..اللي بينهم وصل لخط النهاية ومارح يكبر أكثر !
دخلت وهي تداري عيونها الغرقانة بعيد عن عمر اللي لبس القميص.. وترك الأزرار مفتوحة بشكل يذبحها من الوريد للوريد !!.. جاي يعذّبها هو بس جاي يعذّبها ويمشي !!
كان جالس على الصوفا الوحيدة وبيده كاس الحليب يرتشفه بسكووون..نظراته بالفراغ شارد بموجة تفكير غامضة وغير معروفة..
قربت منه وهي ترجي ان دموعها تختفي بسرعة لا يلاحظها..
جلست جنبـه بكل هدووء وصندوق الاسعافات الأولية بين يدينها.. وتركت مسافة فارغة بينهم بحركة واضحة !
التفت عليها من فوق كتفه بهدوء صامت يوم حسّ بجلوسها .. وانتبه للحاجز الجديد اللي حطّته... بعيدة عنه !..بعيدة !
شافها تحوس بالصندوق بشكل غريب وهي منزله راسها عنه.. قال بصوته المبحوح من قلبــه : ما يحتاج شادن اللي تسوينه .. الجرح هذا ما يساوي شي من اللي سببته أنا لك.. خليه ينزف دم .. أقدر أتحمل..
كلامه خلا دموعها تقطر وحدة ورا الثانية بالصندوق اللي في حضنها... لاحظها عمر بسرعة خارقة .. حط الكوب اللي في يده عالطاولة ، ولف لها بكل جسمه..
وبأصابع يده رفع وجهها من تحت..حركة ممكن تقضي عليها.. لكنها..
مسكت معصمه بأصابعها .. ونزلت يده وهي تتمتم : خلني أعالجك ..
تركت معصمه وهي تكتم العبرة القاسية .. وفتحت المطهر بسرعة وهي تتجاهل نظراته القوية اللي خفّت تقييم..
المطر برا لا يزال ينهمر.. وشادن مع كل صوت للرعد الغاضب تغمض عيونها برجفة لا إرادية !
انتبه عمر لنفضاتها الغير طبيعية ..وتمتم بهمس وهو يسترجع اللي سمعه تحت : وش اللي صار لك اليوم؟
تغيّر لون وجهها من سؤاله اللي المفروض ما يسأله حتى !
مو من حقه يسأل دامها ما تهمّه بشي..!
ما ردّت على سؤاله قررت تكمّل الليلة بصمت ..مارح تخوض أي حوار.. رح تكمّل هالواجب بصمت عسى هالليلة تمرّ على خير..
طهّرت الجرح وهو ساكن مثل الطيير بين يدينها.. يستشعر كل لمسة رقيقة وهي تعالجه بكل خفة وهدوء خايفة لا تعوره .. لفّت ذراعه بسرعة وهي حاسه بالضعف من هالقرب الروحي والجسدي !!
أخيراً ..حطت أقراص المسكن عالطاولة ..ولمّت المطهر مع بقايا الشاش والقطن الملوث.. على استعداد للهرب !
الليلة وانتهت ..سوّت اللي عليها ..
لكن عمر كان له راي ثاني ... كان حاس بالحواجز اللي تحطها ..هروبها بعيونها.. اقتضابها بالكلام.. وهو ما جا إلا عشان يفكّ هالتعقيد اللي بينه وبينها !
قامت واقفه بسرعة.. اللي خلاه يمسك يدها قبل لا ترووح..من غير كلمة !!
سحبها وطاحت على رجله ..
انتفضت مشاعرها وهي تلقى نفسها بين يديه.. ماسكها باحكام !
وجهه قريب منها بطريقة غير طبيعية..غمضت عيونها باررتباك وهي تحس بأنفه يلامس خدها برقة..
قال بهمس وهو مغمض عيونه ينعم بقربها المجنون : جيت عشان أشوفك كم مرة لازم أقولها..
ارتجفت شفاتها وهي تحسّ مقاومتها تضعف.. ونظراته تربطها ..ودموعها تخونها..
اذا كان ناوي يتركها ليش ما يرحمها..
قالت برجفة : عـ..مر ..
أسكتها بهمس : اششش .. خلك هنا ..
اضطرابها عنيف وهي تحس عمر ..مو طبيعي !
قالت تقطع الجوو بارتجاف : خذ حبة المسكن ..تريّحك..
وقبل يقدم على حركة ثانية ..حطّت يدها على كتفه وقامت عن رجله بسرعة..
وبصوت رااايح : أتركك تاكل وترتاح .. واذا حاس بتعب قولي..
وتركته بسرعة طالعه من الغرفة كلها !.. يا لوعة الاحساس !
من متى عمر يتفنن بتعذيبها.. وليش اليوم يلجأ لها وهو ناوي على نسيانها..
دنق عمر وهو يدخّل يده بشعره من ردة فعلها .. يا صعوبة اللحظات !
حالتها المبعثرة ..ابتعادها عنه !
غطى وجهه بيديه وقلبه متخبّط ..آه يا شادن.. مين يلومك،
يدري إنه جاي ومناعته منها صفـر...
يكفيه حالياً انه قريب..أروى عيونه بشوفة حالها المنتكس فوق تحت بشكل مرير !
مال عالطاولة ياخذ المسكن لأن ألم ذراعه زاد عليه عقب المطهر والتعقيم..وفوقهم جسمه المنهك من السفر الطويل !
مع إنه فكر يتفاهم معها الليلة...لكن الواضح ان الوضع ما يسمح..
هو تعبان ومنهك..وهي ما تقلّ حالاً عنه ، فيها من التعب الواضح بكل شبر بوجهها وجسدها ..
وجيّته المباغتة هذي مو سهلة عليها.. يدري إنها تتساءل عن سبب رجعته..وتحتاج عالأقل لساعات قليلة تستوعب إنه رجع.. الكلام بهالسرعة قد ما يكون له معنى ..!
الأحسن إنها تهدى نفسيّاً.. ورح ترجع تدوّره عقب ما تستوعب..هو عارف ومتأكد.. رح تجي تسأله بنفسها..
وهو يحتاجها تكون شادن اللي يعرفها.. مو شادن هذي !
ولذلك قرر يترك المواجهة لما الصبح !..تكون أقوى وأهدى..
أكل حبة المسكن مع الحليب .. وقلقه ناحيتها تفاقم!
ردّات أفعالها وهروبها يحكي بوضوح عِظم اللي تعانيـه !
رمى راسه للخلف وهو يناظر السقف ومشاعره المضطربة تتعاظم بشكل لا يُحتمل !
بكرة يصير خير يا شادن !...يصير خير ،
|