كاتب الموضوع :
{{.... ذم ــــا !!
المنتدى :
القصص المهجورة والغير مكتملة
,
الجــــزء 42 ..
(1)
---------------------
في جـــدة... وفي الفنــدق اللي يضم معسكر المنتخب..
كان الوقت بساعات الليل الأولى .. وبندر في غرفته بالأوتيل يستعد للنوم يوم دق تلفونه الموجود على الطاولة .. راح له..وابتســم يوم شاف اسم محمد يتصل عليـه ..
رد برواق : هلا محمـد ..
صوت محمد كان متوتـر : .. هلا ..بندر..
بندر وهو يجلس : توني بنام ..لو متأخر عشر دقايق ما لقيتني..
محمد بتوتر غريب : تقدر .. ترجع الرياض؟
بندر لاحظ صوته المربك : وشفييك؟؟.. صاير شي عندكم؟؟
محمد بهدوء : .. أبــوي... بالمستشفى ..
فزز بندر واااقف بدون شعور ..وبفجعة : أبوووي؟؟؟..شفيــــــه؟؟؟
محمد يحاول يرتّب الكلام : طاح علينا اليوم... لو تقدر ترجع لا تطوّل..
بندر وقلبه قااام يددددق والدم وصل راسه : وش صاير محمد وش صاير أبوي وش حاله؟؟؟؟
محمد يحاول يطمّنه : ان شاء الله وعكـة وتعدّي ..بس محتاجـك ترجع..أنا مو قادر أداري الكل هنا..مدري اداري ابوي..ولا أمي...ولا حتى إختك شادن..
بندر انفجــع أكثر وأكثر وهو يحس إن الدنيا مقلوووبة هناك وحال أهله مو طبيعي ..
قال : وش فيها أمي؟؟؟
محمد بـ تــعب واضــح : مافيها شي بس بسبب أبوي محتاجه اللي يسندها وأنا بالي مع أبوي ألحين...تعال وأنا أخوك مافيني أداريهم بنفسي..أعصابي مو قادره..
بندر تحرك لباب الغرفة بسرعة : خلاص بعطيهم خبر وان شاء الله عالصبح اكون عندكم...بس طمّني على ابوي الله يخليك..
محمد : لا تطوّل وأنا أخوك..
طلع بندر بسرعة من الغرفة واتجه للغرفة اللي فيها مدير المنتخب وبعدها مدرّبه المسؤول عنه حتى يعطيهم خبر وياخذ الإذن ..وأعصابه ذابت من القلق والخوف ..ما توقع الخبر والحين في راسه ألف فكرة وفكرة وماهو عارف وش اللي صاير هناك..
في الـرياض ..
وفي المستشفى اللي استقبــل أبو محمد من ساعات .. محمد واقف مع خالد عند غرفة العناية المركزة..واثنينهم عايشين بخوف وقلق كبير من الوعكـة المفاجئة اللي صابته ..
خالد بارتياب لأنه للحين مو فاهم شي : عمي صحته زينة وش اللي صار له فجأة عشان ينهار كذا؟
محمد اللي تصفّق صدمات من كل جهة اليوم بسبب خبر عمر ..والحين أبوه اللي تلاه ..قال وأفكاره مشوشة فااقد التركيز : خلّها على ربك يا خالد..اهم شي أبوي يطلع منها ألحين !
خالد وعيونه تطيح على مرة عمه من بعيد وواضح إن حالها مو زين بسبب حالة زوجها... وشادن ما كانت طبيعية رغم هدوءها المـريب.. الوحيدة اللي كانت قوية فيهم مشاعل تحاول تهدّي امها رغم صوتها المرتعش بدموع...
قال بحسرة : ليتك ما جبتهم يا محمد... شف وضعهم ..
محمد حط راسه على الجدار من جنب : ما كان بكيفي يا خالد أمي كانت تتصل كل شوي وحالة أبوي المفاجئة خضّتني وحاستني ..
خالد بقلق : عمي ما يعاني من مشاكل صحية واللي صار له هذا غريب..الله يعديها على خير..
سكت محمد وهو يتذكر الأحداث اللي صارت بسرعة البرق بقسم المباحث...يتذكر اللحظات ذيك كانت مفجعة لهم اثنينهم...له ..ولأبـــوه... اللي سمعوه هناك... ما يقبله عقل ..محد يصدقه... وللحين وهو يسترجع الحقائق اللي قالها الضابط ..المعلومات.. للحين ما دخلت مخه... مستحيل يا عمر !..مستحيل إنتْ !....انت وينك بس..إنت وين... ليتك تكون بخير ونشوفك !
خالد : بدخل عند الدكتور بشوف الوضع ..
محمد وهو يستند على الجدار : بشّرني الله يخليك..
خالد : كل خير ان شاء الله ..
دخل خالد مع الباب يتابع مع الدكتور اللي ماسك عمه من ساعات ..ومحمد اتّجه لأمه وخواته اللي جالسين بعيد على كراسي ، وبعض الهدوء الخارجي مسيطر عليهم ..
محمد لأمه بهدوء : يمه ما ودك ترتاحين ؟
أمه وصوتها مزكوم شوي من دموع الفجعة اللي عاشتها : إنت للحين ما قلت لي وش صار لأبوك؟؟؟.. وش صار عند الشرطة والمباحث عشان ينهار كذا؟؟؟
محمد سكت وأعفى نفسه عن الجواب ..ورمى نظرة صامتة ناحية شادن الهادية... ورجع لأمه بهدوء ما ودّه يقول شي قدام شادن خصوصاً ولأن صدمتها ممكن تتجاوز صدمتهم كلهم وحتى أبــوه... لكن محمد ما درى عن سبب هدووء شادن واللي تنزف بصـمت لأنها عارفه الحبكة كلها...وعارفه سبب طيحـة أبـوها بهالشكل المفاجئ... ونارها اللي تكويها زادت لظى ... وضياعها زاد ..ما بين عمر الغايب...وما بين أبوها المكتـوي بخيانــــة ربيبــــه اللي رباه من قلب!
وهــذا السر انكشف يا شادن... وما فــاد كتمانك للسر اللي حافظتي عليه لأكثر من سنة ونص...ما فادها حماية عمر من أهلها اللي ما تدري وش بيسوون ألحين...
رفعت شادن عيونها الحمرا بهدوء لـ محمد اللي كان يطالعها وهو ساكت... بلعت ريقها اللي مثل الحصى... أكيد محمد عرف... وش بتسوي يا محمد ألحين..؟.. بتفرقـــوني عنه ؟؟؟؟؟؟
أم محمد قطعت الصمت : اذا كان عمر بخير على قولتك أجل وش اللي خلا أبوك يطيح كذا؟؟... انت تلعب علي يوم قلت لي ان عمر ما فيه شي؟؟؟
محمد تنهّد : صدقيني عمر بخير... وان شاء الله بنشوفه قريب..
ام محمد : أجل بلااااه أبوك؟؟..تكلم
محمد ناظر شادن من جديد اللي كانت تطالعه بصمت مستكين...فهم من نظراتها إنها تسألــه ، بينما هي كانت تترجاه ما يقول شي... ورجع لأمه : يمه الكلام هنا ما يصلح.. إذا رجعنا البيت فهّمتك كل شي..الحين خلينا نفكر بأبــوي.. أنا كلمت بندر ان شاء الله الصبح بيكون هنا..
شاف خالد يطلع..وراح له ..
محمد : وش صار حاله؟..
خالد : والله يا محمد .. حالته للحين مو مستقره.. والضغط منخفض معاه بشكل مقلق.. مابي أخوفك بس خلال أربع وعشرين ساعة إذا ما رجع الضغط لمستواه الطبيعي...فحيــاته بخطر..
فرك محمد عيونه الثنتين بأصابعه من حالة الضيق العظيمة اللي احكمت قيودها عليه... لا حول ولا قوة إلا بالله.... يا رب رحمتــك..
خالد : حاس إنك مخفي شي...تكلم يا محمد..
محمد بابتسامة جانبية متألمة : مافيه شي يستاهل إنه ينقال.. اللي بقوله يقطــع الوجه يا خالد خلها مستورة أحسن...
خالد تنهّد واحترم رغبته ولو إنه ما فااات عليه إن فيه شي : مضطر أكلم أبوي واقوله.. ان شاء الله ما يرتاع...بس حالة عمي تخليني أفكر أكلمه أخاف يصير له شي وهو مسافر ..وهو أخوه تدري شلون هم مرتبطين ببعض..
محمد : الله يستر يا خالد ..وعمي بيرتاع اكيد ، ما ودي نقوله ويختبص وهو بعيــد..
خالد : بنتظر هالكم ساعة وان شاء الله يستقر..
مرت الساعـــات..وطلع الصبــح.. وهم نفس مكانهم.. بنفس القلــق والترقــب.. وعلى الساعة 8 الصبــاح..
طاحت عيون محمد وهو جالس جنب أمه على الكرسي..على بندر وهو مقبل في الممر من بعيد بخطوات سريعة ولابس بدلته الرياضية ..التفت لأمه اللي كانت تدعي الله بسكون : هذا بندر وصل..!
التفتوا كلهم .. ومحمد قام له بهدوء ..
ما كان فيه وقت للسلام حتى..بادره بندر يوم وصل : ..وش الأخبار بشر ؟؟؟؟
محمد بهدوء : كل خير ان شاء الله..
التفت بندر ناحية الغرفة بقلق كبير : قابلت خالد وقال بالعناية المركزة ؟.. فهّمني وش فيه أبوي مو عادته يشكي من شي..
محمد : نكسة يا بندر وبتعدّي بحول الله..
تجاوز محمد وراااح بسرعة ناحية أمه اللي ما تقوى وقوف..انحنى وباس راسها ..ودموعها استفاضت : أبووك يا بندر !
جلس بندر بالكرسي جنبها يهدّيها : أبوي صحته زينة من سنين وهالنكسة بتعدّي روّقي بالك..
التفت للكرسي الثاني ولقى شادن جالسه بصمت حتى ما قامت له ..وكأنها ما تشوفه..
ابتسم بهدوء : شادن نحنُ هنا ..!
ناظرته وبهدووء غريب : أهلين بندر.. الحمدلله عالسلامة ..
بندر مستغرب من برودها...بس قال يمكن هالظروف هي السبب... التفت يمين ويسار ..وما شاف مشاعل..
بندر : وينها ؟؟
محمد : مشاعل ؟؟
بندر : ايه.. شخبارها ؟؟
محمد : مشاعل ما عليها خوف ذرفت دمعتين وهدت.. الخوف على أمك وشادن..
بندر: طيب وينها؟
محمد : قالت بتروح تجيب موية لأمي ..
بندر : ممكن تقول وش اللي صار؟؟.. وشلون طاح ؟؟
محمد غمز له بحركة خفيّة وحرّك راسه..بطريقة يفهمونها اثنينهم...بندر فهم إنه ما يبي يتكلم قدام أمه وشادن.. وهالشي اللي زاده حيييرة... والتزم الصمت لمدة ..!
لكن عقب ثواني لمح غيابــــه... والتفت لمحمد : ..وينه عمر ؟؟
التفتوا عليه ..محمد..وشادن .. وملامحهم تتبدل لتوترر... بندر قرأ التغيّر الواضح على وجه محمد..
قام وهو عاقد حواجبه : ..وينه؟؟...لا تقول..إنه من ذاك اليوم اللي اتصلت علي تسألني عنه ما جا للبيت..!؟
محمد تنهّد : .. ما ودّي أخوفك عليه..بس هذا حاله..
بندر : ما اتصل عليكم وقالكم عن مكانه؟؟
محمد : قلنا لك اتصل عليه ذاك اليوم..قلت لنا خلوه براحته ..
بندر : قلت خلوه براحته لأني ظنيت انه ساعات ويرجع... بس كم مرّ ألحين معقولة ما تدرون..
محمد مسكه وسحبه بهدوء بعيد..وهمس : حاولنا نتواصل معه..بس مافي فايدة.. واضطرينا في الأخير نبلّغ الشرطة لأننا خفنا يكون صاير له شي ومحد داري ..
بندر وهو يحس ان فيه تكملة لهالكلام : ايوه؟؟...ووش قالوا؟
محمد سكت لحظات.. ولسانه ثقل !
بندر زادت جدّيته يوم حسّ ان كل اللي صاير الحين له علاقة بذاك الإنسان : .. تكلم؟؟..وراك سكت؟؟
محمد بهدوء : لا تسألني عن التفاصيل... بس اللي نعرفه للحين..إن عمر.....متورط في عصابة اجرامية.. ومطلوب قانونيـاً ..
بندر بـ صدمة كاااااااسحة : ..نعم؟؟..
محمد : هدّ اعصابك.. ووطّ صوتك هالخبر لا يوصل لـ شادن وحتى أمي... ما يعرف الحين إلا أنا وإنت..وأبــوي..
بندر كان يناظر في وجه محمد ويتابع كل كلمة وأعصاب مخه تلفظ هالكلمات وترفض إنها تستوعبها وتصدقها..
بندر بضحكة في غير مكانها : هههه أكيد تستهبل .. (حرّك يده عند راسه باستهزاء) ..صاحي إنت؟؟..تصدقهم؟؟.. وش اللي عمر مطلوب وكلام فاضي..
محمد بهدوء : بندر... هذا شغل مباحث.!...ماهوب لعبة ..
بندر : كلام فاضي ماله معنى...انا بروح لهم وأنكر هالكلام... أنا أعرف عمر زين..هذا أخونا..تربية ابونا ..رباه مثل ما رباني ورباك..صاحي إنت تصدق فيه هالكلام ؟!
محمد يوم حسّ إن شادن كانت تناظرهم من بعيد..ومركّزه عليهم مع انها ما تقدر تسمعهم..بس جدية بندر وحركاته لفتت نظرها...سحب بندر وهو يقول : تعال نبعد إختك شادن تناظرنا..
أبعدوا أكثر ..واختفوا عن نظر شادن ..
بندر اللي ما تحمل تصديق خبر سخيف مثل هذا ..سحب يده بقوة : تكلم وشلون صدقت هالكلام فيه؟؟..هذا أكثر من صديق ..وأكثر من أخو.. مستحيل اصدقك..
محمد بهدوء وهو فاهم عصبية بندر..لأنه مرّ بمرحلة الانكار في بداية سماعه للخبر لكن كلام الضابط هشّم كل ايمان كان يملكه ناحية عمر..
قال : اهدى..!
بندر : وشلووون أهدى؟..وش هالخرابيط..لا تقول إن ابوي صدّق فيه هالكلام وعشان كذا طاح بسببه... أنا أعترف إن عمر كان راعي مشاكل أول...بس الحين ما يسوّيها..!!
محمد بهدوء : ما ودي اقولك كل شي هنا لأنه مو المكان المناسب .. انت اهدى وخلنا نشوف وضع الوالد..وبعدين نفكر بهالمشكلة لعلنا نلاقي حل..
بندر : وش باقي بتقوله؟؟..
محمد : بعدين يا بندر بعدين.. شادن وامي حولنا صعبة اقولك كل شي هنا..
بندر بعصبية مافيه عصب يتحمّل انتظار : لا تكلّم...جالس تخبّص بعدين تبيني انتظر !!
محمد تنهّد : بندر!... قلت لك..هذا شغل مباحث... انا مثلك ما أبي اصدق..لكن اللي انقال عنه يجبرنا.. والحين كل همي نعرف وينه عشان نساعده لا يتورّط بهالمصيبة اكثر..(وبنبرة حيرة تايهه) .. إنت ما تعرف وش معتبرين عمر عندهم...معتبرينه واحد من الرؤوس الكبيرة اللي يسعون له بكل طاقاتهم ..
بندر ناظره بصـدمة تزداد : وش هالخرابيط!!؟؟..
محمد بابتسامة ألـم وهو يكرر نفس الكلمات اللي قالوها له بالقسم : عمر متورط له فوق الثلاث سنين... واحد من المدبّرين ..لا تسألني شلون لأني مثلك منصدم وللحين تفكيري مشلول..!
سكت محمد وبـــاقي كلام للحين ما قاله... ما قاله لأن هالجزئية بالذات شلّت تفكيره بالكااامل ..مو عارف يصدق ولا ما يصدق !.. شكوك كبيرة بمسألــة ارتبـاطه بعصابة مخدرات خطيرة !! وهالنقطـة بالذات هي اللي زادت الطين بلة ..وهوت بأبو محمد لباطن القاع..فاقد وعيـه !!
تحرك بندر وجلس على الكرسي وابتسامة استهزاء وعدم تصديق على فمه....وش يصدق!!..وش هالخرابيط!!
محمد بهدوء : امي وشادن لا يدرون... أنا للحين مدري عن ردة فعل أبوي... وش بتكون عقب ما يصحى!!..وان شاء الله يصحى وتعدي أزمته سليمة..وعقبها لكل حادث حديث..
::
رجعت مشاعل للمصعد وهي شايله بيديها الثنتين علبتين موية توها شرتها عشان أمها.. كانت شاردة تفكر بهالحال الغريب ..طيحة أبوها المفاجئة ، بس قبل تتعمق بالأفكار..انفتح باب المصعد..تحركت داخله وعيونها تطيح عليه واقف لحاله وهو مستند بـ ميلان على طرف كتفه جنب الأزرار الإلكترونية ونظراته متسمّره بالأرض بشرود..
وقفت على حدود الباب قبل تخطو لداخل وذكريات المؤتمر المرعبببة تمر على خيالها بكل تفصيل..وكل لقاء صار...
انتبه خالد لحركة شخص ..ورفع عينه من الأرض للباب وتركيزه يرجع له..وطاحت عليها..مرّت نظراته عليها من فوق لتحت بنفس الطريقة الهادية اللي عاملها فيها بالمؤتمر وهنا تلخبطت دقات قلبها .. بس تماسكت..وقررت تتراجع...مو وقته تتصادم معه ألحين....خذت خطوة وحدة لورا عشان تنسحب وتخليه يصعد لحاله وهي تاخذ المصعد اللي عقبه..
لكن خالد قال بهدوء لأنه عرفها من شطنتها البنية اللي شافها قبل شوي : .. ادخلي..!
مشاعل لقت عذر..وبهدوء بارد يوازيـه : اطلع لحالك..مابي أكون مصدر ازعاج !
خالد على وقفته المايله نفسها..وبنفس هدوء النبرة النايمة : اذا كنتي عاقله..مارح تكونين مصدر ازعاج !
ما تحرّكت وكلامه حرّك الرماد الساكن... انا مو عاقله وجنوني في بدايتـه والله أخليك تعيشه مثل ما عشته !!!..
انتظرتـه يسكر الباب ويختفي...لكنه ما اختفى والباب ظل مفتوح بضغطة اصبعه ..
خالد بهدوء وعيونه ترمش على خفيف : لا تسوين كذا... أنا ولد عمك !
مشاعل ما حكت كلمة ..مع انها لمحت نبرة ألم ..يشبه تأنيب الضمير بصوته وهو يقولها..
خالد بأمر يتكرر : ادخلي ..!
مشاعل بهدوء : ما أبي..!
خالد : لا تبنين هالحاجز ادخلي..!
بعيونه اصرار ...وكسرت العناد ..ودخلت بهدوء ووقفت بالزاوية الثانية وبرودة الموية تبخرت من أصابعها..
كان متقدم عنها شوي وجسمه مايل على الجدار.. رفعت عيونها ناحيته وطاحت على جانب وجهه وهو يناظر قدام بصمت مهيب.. وقامت تسترجع أحداث المؤتمر المربكة بكل مافيها من شدّ أعصاب وهروب من مراقبتـه..! ...يكون نسى هذيك البنت؟؟...أو للحين بباله ؟!.. أو.....يكون..صديقه قاله عن كل شي!!
تمعّنت فيه من جديد.. وواضح من هدوءه وسكونه إنه ما عنده خبر...لو عنده أكيد مارح يفوّت الفرصة وبيسألها وش كانت تسوي هناك ؟!
التقت عيونها بعيونه وهي تنعكس على مراية الباب من غير لا يلتفت... بعيونه كلام كثير ما عرفت تترجمه..!.. نزّلت عيونها عنه وهي تمثّل الهدووء الكامل وعدم المبالاة رغم إن حدود هالمصعد تضيق عليها بشكل خاانق..!
خالد رفع راسه لفوق وهو يبعد عيونه عن انعكاسها ..وهو يهزّ راسه بشكل خفيف استياء وحسرة على نفسه لأنه مو قادر يقاوم تأنيب الضمير اللي لاعب فيه من فترة... ومو مخلي أفكاره تصفى !... ووجودها حوله وبهاللحظة بالذات .. يفقده التركيـز ويستجلب التأنيب والألم أضعاف لعلمه إنها تمثّل الهدوء وانكار الجرح ! وهالشي اللي يعوره زود..،
الصمت بينهم لكن حوارات خفية كانت تدوور من أعماق كل واحد..بس اختاروا الصمت وخصوصا مشاعل اللي ضغطت على نفسها ومثّلت الدور الناسي لكل شي صار وكأنها وحدة خالية من أي جرح ، وهالشي اللي يعذب خالد أكثر من أي شي ثاني..لأنه أكثر واحد يدري عن حـجم كلماته الجارحة اللي أطلقها ذاك اليوم... وعجز ينسى سواته !
وقف المصعد..وبنفس الصمت ..تحركت مشاعل عشان تطلع..بس صوت خالد المغلّف بشي جديـد ما كان موجود بالعادة.. رنّ بإذنها : ... مشاعل !
التفتت عليه بعد ما طلعت... بدون ما تتكلم !..
خالد بهدوء : ممكن نتكلم؟
ما توقعت طلبـه الغريب بهالوقت...بس ما عرفت وش السبب اللي بيخليه يتكلم معها سوى سالفة المؤتمر وهالشي وتّر لها أعصابها من جديد... وقالت بهدوء : ..وليش؟؟
خالد اللي ما عرف شلون يقولها ..سكت لحظات.. ورغبـة اعتذار تلحّ داااخله بقوة... يمكن لو اعتذر يرتاح ويطيّح شوي من الحمل المستريح فوق أكتافه..!
ومشاعل بحالة تماسك : .. من اليوم وطالع...مابيني وبينك كلام !
رمى نظرة جادة عليها عقب كلمتها..والمعنى أزعجــه وبسببــها كبح كلمة الاعتذار اللي كانت بتطلع.. وخنقها هاللحظة !
مشاعل وهو مو فاهمه معنى سكوته ..بس قالت : ما أتوقع فيه شي يستاهل ينقال ..وما أبي اسمع منك شي !
خالد رفع حاجب واحد بوضوح : .. يمكن اللي بقوله يريّحك !
مشاعل : وش بتقول؟؟.... تعتذر ؟!!!
رفع حواجبه فوق بدهشة لأنها قرأت أفكاره... ومشاعل ابتسمت يوم صاب ظنها ابتسامة وضحت على صوتها يوم قالت : وفّــره !.. ما أبيـه !
واستدارت عشان تتحرك.. بس خالد نادى : ..مشاعل !
مشاعل وقفت مرة ثانية : وش عندك؟؟
خالد بهدوء لعله يهدّي الجو اللي يزيد توتر بينهم كل ما مرّت الأيام : الاعتذار هو الشي الوحيد اللي أقدر أقدمه..
مشاعل : وانا ما أبي اعتذارك ولا رح انتظره بيوم.. اللي قلته أكبـر من ان اعتذارك يقدر يمحيه أو يلغي كلامك من راسي..
خالد تحرك هو الثاني من المصعد ..وطلع ناحيتها.. ووقف قدامها وهي متماسكه : .. لا تعقدين المشكلة...وتكبرينها.. انا من قلبي أبي أعتذر..
مشاعل رغم نبرته الصاادقة..إلا إنها ذكّرت نفسها مستحيل تتنازل.. وقالت : بنظرك مو مشكلة لأن الكلام ما لمسك وقلل منك... واعتذارك لعاشر مرة اقولك وفّره ما أبي أسمع، ومن اليوم وطالع مابي أحتك فيك ..!
ما حسّوا باقتراب انسان منهم يوم شاف خالد واقف عند المصاعد..وقاطعهم على آخر كلمة من مشاعل..
- خالـــد ..!
التفتت مشاعل للصوت المألوف..وتغيّر وجههــا للارتباك وهي تردّ بنظرها لخالد اللي التفت ناحية رفيقه..
خالد بكسل لأن جمال جا بوقت غلط وهو ناوي يمحي شعور التأنيب بأي طريقة : .. هلا..!
جمال طاحت عينه عالبنت اللي واقفه معه...شكّ إنها هي بس ما أمّل نفسه خصوصاً إن هيئتها متغيره بعض الشيء..
جمال بهدوء : .. شكلي جيت بوقت غلط ..!
قبل يرد خالد ..اختارت مشاعل إنها تختفي ..لأن صديق خالد الحين مصدر توتر دامه عارف بجيّتها للمؤتمر : انا رايحه...!
عرفها جمال مباشرة من صوتها...وخالد تابعها بعيونه وهي تروح وتختفي بالممر ..
جمال بتساؤل مع انه عارف : ..مين هذي؟
خالد وهو يتحرك : ..بنت عمي !
جمال تطمّن إنها هي : .. إلا ما قلت لي...شخبار عمك ألحين؟؟
خالد تنهّد : .. حالته مضطربة .. ما لنا إلا ننتظر هالكم ساعة..
ورجع نفس السؤال لذهن جمال عن مشاعل ..الملقّبة بـ سارة عند خالد ..!. بس وشلون يسأله ..وشلون يستفسر ؟!.. والفضوول بيذبحــه وحااارق دمّــه !!
جمال بهدوء وهو يمشي جنب خالد : .. أقول خالد ؟
خالد يطالع قدام ومشاعل مستقره بين عيونه : همممم ؟
جمال : بسألك سؤال...
خالد بشرود : اسأل..
جمال : بنت عمك؟...وش تدرس ؟!
خالد وقف بصمت..والتفت على جمال..وعيونه تنضح استغراب من هالسؤال اللي ماله غاية ولا مناسبة ..
جمال بهدوء : طاقني فضول بس!!
خالد : هالفضول وراه سبب!
جمال ابتسم : .. مدري أحس إنها ذكية وهالشي خلاني أتساءل عن نوع دراستها..
خالد بابتسامة جانبية ونظرة ساخرة من كلامه..تحرك من غير تعليق..
جمال : جاوبني..!
خالد التفت عليه .. ونبرته تشتدّ لأنه يبي يقفل موضوعها كفاااية إنه فاقد الراحة من أيااام : قفّل موضوعها..
جمال باستغرراب : وليش؟؟
خالد باقتضاب : لأني داري ما ورا سؤالك إلا دجّتك المعتادة .. وأحــــذّرك ..بـــعّد بنت عمي عن خيالاتك الداجة مثلك !
جمال بدهشة : هاه !.. خيالاتي الداجة؟!
التفت خالد عليه بسخرية : إيه...ولّا تحسبني مدري عن الخيال اللي تعيشه مع البنات إنتْ...تراني رجال مثلك وأعرف أفكارك الخربانة..
ضحك جمال وطقه من كتفه ..وخالد يكمل مشيه : ههههههههههه... نذل قسماً بالله..
خالد ببرود : هالنذل فاهم طبعك !
جمال : قصدي كان شريف قسماً بربي..!
ناظره خالد من على جنب..نظرة تقول ..ايه هيّن ..
جمال : والله خويلد ..!
خالد : عارفك وخابزك لا تحاول..
جمال ضحك وما بيده غير كذا ..وهو يحك راسه.. ما عرف من وين يبدا ..أو وشلون يسأل عنها..فعلاً اهتمامه فيها يزيد وشوفتها قبل شوي..زااادت الفضول عنده يبي يعرف !!
وخالد ما أعطى سؤاله اهتمام...وحسبها نــزوة جديدة من نزواتـه..وما عطاه الفرصة !
رجعت مشاعل للمكان اللي ينتظرون فيه اخوانها مع أمها... جلست جنب امها اللي هدت نوعا ما..وأخيرا التفتت لـ شادن اللي كانت تتأمل بجوالها وأفكار تاخذها وتوديها..
مشاعل : تبين موية؟؟
شادن خذت العلبة وشربت جرعة بصمت... والخوف من القادم مسيطر عليها كلياً... خوفها على أبوها اللي طاح لسبب هي تدركه تماماً..وهالشي اللي يعصرها أكثر من أي وقت مضى ..! ، ماهي عارفه ألحين.. بأي جانب رح توقف !!.. ماهي عارفه..وش اللي بتحمله الأيام الجاية..!
حسّت إن رجولها مافيها تشيلها... ومافيها تجلس وتستقبل خبر مو زين بأي لحظة..تبي تهرب من الواقع ..لشي أبعد من الواقع!!..أبوها ما تدري وش حالته ...وعمر اللي أكيد رح يكبر موضوعه ومارح يقتصر عليه وعليها !!
قامت واقفه ومشت بروح متهاوية ناحية البقعة اللي واقفين فيها محمد..وبندر يتهامسون ..والجدية لازالت موجودة..
شادن : محمد..!
التفت عليها محمد بصمت..
شادن بتعب : أبي أرجع البيت ..
محمد : ألحين؟؟
شادن : إيه..تعبانة ما أقدر اجلس..وأبوي ان شاء الله بيكون بخير..طمنوني عليه..
محمد : ما أقدر لازم ابقى هنا..
بندر اللي لاحظ التعب على صوتها : خلاص أنا برجعك..واضح التعب عليك..وأبوي ماعليه شر..روحي نومي وبعد العصر اذا تبين رجعت آخذك..
شادن ما جادلت : اللي تبي..
التفت بندر لـ مشاعل يسألها اذا تبي ترجع وتنام لأنهم من الليل وهم هنا وقضوا أكثر من 10 ساعات .. مشاعل يوم شافت امها بتجلس قررت تجلس معها مع إن أعصابها بدت تنهار من التعب..
ركبت شادن مع بندر... وهي ملتزمه الصمت حتى ما سألت سؤال واحد عن اللي صار بالقسم.. وهالشي اللي أثار استغراب بندر بالبداية..
بندر وهم بالطريق : ..ليش أحسك متغيّره ؟؟؟
شادن انكمشت : وشلون..متغيّره؟؟
بندر : انتي أعرف بنفسك... هالكه وحالك مو طبيعي... ومن جيت وانتي ساكته ..
شادن : مافيني احكي...قلبي مع أبوي .. مرتاعه عليه..
بندر استغفر ربه ..وهو يتذكر كلام محمد عن عمر...مو داخل مزاجه ولا حررف...وشلون هالضعيفة البريئة اللي جنبه..بتصدق فيه !!!؟
بندر بهدوء : ... متى..كلمك عمر آخر مرة؟؟
هالسؤال كان سيف قطع قلبها لمليون قطعة .. وهي تستشعر رميـه لها بذيك الطريقة وقطعه لكل وسيلة اتصال .. سكتت ..
بندر : متى؟؟؟
شادن اعترفت : ... ما كلمني..من يوم اختفى !
بندر : وما قالك قبل يروح على وين رايح !
شادن : ..لا !
وصلوا للبيت ..وما قدر بندر ياخذ جواب منها يفيدهم او يدلّهم عن مكان عمر ..! ،
طلعت شادن على غرفتها مباشرة عشان ترتاح وقلقها اللي كان ناحية عمر ..تحوّل بالكامل ناحية أبوها اللي طيحته كمّلت الباقي ..!
بندر وقف بالصالة ..ولقى نفسه يحاول يتصل على عمر ..لكن كان مغلق !!
::
|