كاتب الموضوع :
ماري-أنطوانيت
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
هذا الفصل كتبته العزيزه ((east roze ))
الفصل الحادي عشر والاخير
مشى نيكول يذرع ارض الغرفة وقد وضع يديه في جيبيه وحنى كتفيه العريضتين وهو يقول:
"هذا حسن.ومرت الأيام .وكافح والدي طويلا وكان رجلا ذكيا فترك موطنه ليتخذ عملا كنادل في مطعم ومن ثم بذل جهدا شاقا في توفير ماكان يكسبه الى ان استطاع ان يتخذ لنفسه مقهى خاصا به. وعندما اصبح في الخامسة والعشرين تزوج وكان سعيدا في زواجه.ولكن زوجته الاولى توفيت بعد عشرين عاما من زواجهما دون ان تنجب اولادا.
بعد انتهاء فترة الحداد قابل زوجته الثانيه وتزوج منها ، انها روزا وهي تصغره بتسعة عشر عاما وهي والدتى."
قالت كاتيا:"وماذا عن جدي انطونيو؟"
أجاب:" لقد تزوج سارة التى توفيت وهي تلد اباك ألسندرو."
قالت:"لقد كان ابي في السابعه والثلاثين عند موته وكانت امى اصغر منه بسنتين فقط" ولم تستطع ايقاف العبرات التي سالت على وجنتيها وهي تقول: "انني لا استطيع تذكرهما"
توقف نيكول عن المسير وهو يقول غاضبا: " لقد كنت في الثانية من عمرك. ولكنني اقسم على ان موتهما كان قضاء وقدرا. كانت ارادة الله اذا شئت هذا التفسير. لقد كانت أسرتي بريئة ولكن كما سبق وأخبرتك لم يستطع احد ان يقنعه بهذه الحقيقة في ذلك الوقت.كان كل همه ان يحميك من الثأر.لقد كانت امك يتيمة الوالدين ولكن جدك كان قد قابل عمتها بيكي عندما خطبها ابوك (ألسندرو). وبمعاونة عمتك بيكي احضرك الى انكلترا وغير اسمك الى اللفظ الانكليزى من لورنز الى لورنس. وهنا كان الامر ان ينتهى لولم يرث لقب((ماركيز دى كاستيلون)) وكان الماركيز الكبير الذي كان ضربه قد مات منذ وقت طويل وتنقل اللقب أبعد فأبعد بين الاقرباء حتى استقر عند جدك انطونيو."
هزت كاتيا رأسها ببطء قائلة: " اننى اتذكر انه مر بفترة اكتئاب في بداية السنة ولكننى ظننت ذلك نتيجة لمرض او حاجة الى نقود."
قال نيكولو: " كلا. ذلك انه تلقى رساله من المحامين في ايطاليا كما انه سبق سبق وعلم ان التفتيش عن صاحب اللقب قد شغل بال المجتمع. وهكذا رأى ان ملجأه قد انكشف حيث حيث انه لم يكن باقيا من سلالة الاسره الا هو وانت. وكان هو رجلا مسننا ربما ادركه الموت قبل ان يدركه الثأر ولكنك انت. انت ياكاتيا كنت صغيرة وجميلة ومحبوبة جدا كما انك كنت غافلة تماما عن الخطر الذي يترصدك وراء كل زاوية. "
قالت: " ولكنك قلت ان الثأر مات وانتهى؟"
قال: " آه ياعزيزتى نعمكما تقولين. " واقترب منها آخذ بيديها الباردتين بين يديه حانيا رأسه يقبل أطراف اصابعها . ثم يتابع: " ولكن جدك كان يعيش في الماضي. فالماضي بالنسبة اليه كان مايزال حيا يهدد أولئك الذين يحبهم. عند ذاك صمم على المطالبة بالدين الذي كان بارلو كاشياتور والدي قد اعترف به. وكان والدي قد اصبح صاحبا لسلسلة من المقاهي الحسنة الإيراد ومع انه لم يكن يديرها بنفسه مباشرة إلا انه كان من السهل على جدك ان يحصل على عنوانه. في الحقيقة أعتقد انه سألعن ذالك نفس المحاميين الذين كانوا قد توصلوا الى عنوانه في انكلترا."
قالت كاتيا بصوت منخفض: " لم أفهم تماما." مع انها كانت قد ابتدأت تعرف نوعية تفكير جدها.
أجاب: " في الحقيقة ان ذلك سهلا تماما . اذ ان بين جميع أسرة كاشياتور كان جدك يعرف ان باولو هو اجدرهم بالثقة فكتب اليه يسأله المعونة وذلك بأن يستعمل ما له من نفوذ على بقية افراد الأسرة للتأكيد على عدم تعريض حياتك للخطر. ولكن كان لأبي فكرة افضل .لقد كان يعلم انه لم يكن ثمة خطر يهدد حياتك ولكنه وجد فرصة يوحد بها بين الاسرتين التي تؤلف عائلة كاشياتور وبين الرجل الذي انقذ حياته لكي ينهي مخاوف انطونيو جدك فيعيش بقية حياته في سلام. "
لم تكن الشجاعة لتعوز كاتيا لتسأله بعد ان تعمدت سماع الحقيقة من بين شفتي نيكولو نفسه مع ان كلماته كانت تمزق قلبها ،تسأله وقد اكتنفتها مشاعر اليأس: " إذن فقد طلب منك والدك سداد دين الوفاء ذاك. اليس كذلك يا نيكولو؟ طلب منك ان تتخذني زوجة لك؟"
قال وهو يترك يديها ويعود الى مجلسه على طرف الطاولة: " نعم لقد طلب منى ان اسدد مايعتبره هو دين الوفاء ذاك. ولكنني رفضت ليس لانه يسرني ان اخالف امره. او لانني اردت ان اختار زوجتي بنفسي ولو ان هذا كان امرا طبيعيا، بل لانه كان يمكن ان يسبب لك إساءة كبرى اعنى ان ادعي مشاعر لا احس بها كما كان يتوجب علي فعله في مالو قبلت أمره هذا مادام جدك مصرا على انك لا يجب ان تعلمى ابدا بالخطر المفروض انه يترصدك."
قالت دون ان تنظر اليه وقد علقت انظارها بين بيديها المتشابكتين في حضنها . قالت" وما الذي غير عقلك اذن ؟ اى رشوة جعلت الامر مقبولا منك؟ هل هددك والدك بحرمانك من الارث في ما لو اعلنت العصيان؟"
قال والكبرياء تطل من عينيه : " ماكان لك ان تقولي هذا ياكاتيا اذ انك تعلمين جيدا اننى لا اعتمد على ثروة والدي."
نضرت الى وجهه الغاضب بإزدراء قائلة:" ولكن ينبغي ان يكون هناك سبب اذلك."
أجاب:" وهو كذلك . لقد وقعت في غرامك."
قالت محتجة:" ولكن ...." وتلاشى اعتراضها حين اشار اليها بالصمت قائلا:" لقد كتب ابي الى جدك يطمئنه الى ان لا يخاف بعد الآن من اعدائه القدماء . ولكن شعر ان ذلك قد لا يكون كافيا فطلب مني ان ازور جدك في ما لو جئت الى انكلترا في رحلة عمل. وبدا ان هذا اقل ماكان يجب علي عمله. ولكن مالم اعلمه ان ابي فاتح جدك في امكانية الزواج بين الاسرتين في رسالته." وتوقف متنهدا ليتابع قوله :" وكان ان كرر جدك طلب والدي في ان اخذك في حمايتي . واصر على ان يريني صورا لك مخبرا اياي بمكان عملك وسكنك متوسلا الي ان اقابلك واتعرف عليك. لقد كان متأكدا من عدم قدرتي على قدرتي على مقاومة تأثير جمالك وسحرك.
خبأت كاتيا وجهها بين يديها وقد شعرت بمذلة لا توصف وهي تقول:" يا الهي .... كيف امكنه ان يفعل هذا؟"
أجاب نيكولو برقه:" لانه كان يحبك ياكاتيا وكان طبعا على صواب . وتركت قريتك سادينغهام الى لندن مأخوذا بصورتك التي رأيتها. هل من الممكن ان مثل هذا الجمال الرائع الخارجي يمكن ان يكون مصحوبا بجمال داخلي كما ظهر لي بعد ذلك. هذا الجمال الذي اصر جدك على انك تملكينه؟ حتى اقسم ان الصورة غير عادله في اظهار جمالك. وصممت على خطة. وحيث انه كانت لدي اجازة فقد قمت بزيارة الى المستشفى حيث تعملين دون ان يعلم جدك بذلك." وابتسم اذ رفعت وجهها اليه متسعة العينين وتابع قائلا:" لقد كنت متصورا انني سأقوم باستعلامات عدة عنك ولكن الحظ كان بجانبي اذ لم تمض علي دقائق حتى خرجت بنفسك الى غرفة انتظار المرضى الخارجيين وذراعك حول مريضة طاعنة في السن وعلى الرغم من شعرك المرفوع الى قمة رأسك وكذلك كونك في ملابس العمل فإنني لم اخطئك وكان جدك على حق فإن صورك لم تعطك حقك من الجمال. لم يكن الامر مجرد جمال خارجي مع ان هذا وحده سبب كاف وانما كانت الطريقه التي كنت تنظرين فيها الى مريضتك كانت المشاعر في كل جزء من اجزاء جسمك. كنت تبدين عاطفيه كل خليه في جسمي ادركت ذلك واشتاقت الى امتلاكك .في تلك اللحظة علمت اننى وقعت في حبك وانني يمكن ان افعل أي شيء لجعلك زوجة لي."
ثار في نفس كاتيا امل ضعيف وهي تتطلع في عينيه السوداوين ولكن الآلآم التى عانتها منعتها من ان تصدقه بسهوله مع ان حبها له كان عميقا خالدا في نفسها . وكان مايزال هناك أحداث اخرى عليه ان يوضحها أولها علاقته بجينا كابريني قبل ان تقبل بالعودة اليه لتعيش معه كزوجة.
لا حت على فمه القوي ابتسامة مختصرة وهو يتابع قائلا: " يمكنك ان تتصوري سرور انطونيو وانا اخبره انني عدت الى تصميمي."
قالت:" ولكنه بالتأكيد كان اكثر سعادة عندما عدت الى البيت." قالت ذلك وهي تتذكر الطريقة الجافة التي حياها بها جدها. فهز نيكولو كتفيه وهو يقول:" بالطبع فقد تلاشت كل مخاوفه على سلامتك مهما كانت درجتها من الصحة. كان متأكدا من انك ستقعين في حبي. وذلك يجعل عودته الى ايطاليا ممكنا بعد ذلك المنفى الاختياري الذي دام سنين طويلة وذلك بعد اتحاد الأسرتين المتخاصمتين بهذا الزواج."
قالت:" ثم هربت أنا منك لتنهار كل احلامه." لقد اعترفت كاتيا بذلك وقد استولت على نفسها الآبة وهي تتصور خيبة الامل التي سببه تصرفها لجدها.
ضحك نيكولو باكتئاب قائلا: " لم يدرك أي منا انك سمعتنا نتحدث مما اعطاك فكرة خاطئة عن الامر. ولكن اذا كنت متأذية او غاضبة هل يمكنك تصور مشاعري وأنا أراك تتغيرين في اللحظة التي وضعت فيها قدمك على أرض ايطاليا؟ لماذا لم تفضي إليّ بمخاوفك ياعزيزتى؟"
تصاعد الاحمرار الى وجنتي كاتيا وهي تقول:" شعرت باننى خدعت وغرر بي. لقد كانت هي الطريقة الوحيدة التي امكنني التفكير فيها لاستعادة كرامتي التي انهارت بعد سماعي ذلك الحديث. ولقد كنت خائفة يا نيكولو...."
وتوسلت اليه عيناها ان يكون متفهما ما تعني وهي تتابع قولها:" لم استطع ان اعرف لماذا تظاهرت بحبي . وقد منعني كبريائي من ان اسألك عن ذلك. والشيء الوحيد الذي امكنني التفكير فيه هو الابتعاد عنك بينما كنت احاول العثور على السبب الذي جعلك تتزوجني؟"
قال نيكولو:" لم اكن مدعيا ياحبيبتي لقد كنت احبك كما احبك الآن . اوم لا انكر اننى كنت اغضب واشعر بالالم لتصرفاتك في البندقية. وكذلك مضطرب الذهن ولكنني مازلت احبك .هل يمكنك ان تتصوري مالذي حدث لي عندما استيقظت ذلك الصباح ولم اجدك بجانبي؟"
قالت :" ولكن غضبك كان قليلا عند رجوعي"
ابتسمت كاتيا بينما غمرت السعادة مشاعرها.
قال:" لانني في لحظة جنونية ظننت ان كوابيس جدك عن مسألة الثأر لم تكن مجرد اوهام وانه ربما قد اعتدى عليك شخص وضيع من عائلتي." وتنهد بعمق" لو انني كنت اعلم مايدور في راسك لكنت ارحتك من كل مخاوفك ولكنني لم اكن اعلم الى اى مدى غرس برونيللي بذور الشك في مخيلتك. لقد حدثت نفسي انه من الطبيعي ان ترغبي في المجوهرات والثياب الثمينة لتظهري جمالك. كما ان امتناعك عن اظهار الحب لي اثار استغرابي فقد كنت في قريتك لا اشك في حبك .ولقد ولقد اقنعت نفسي انه بعد تحقيق زواجنا عمليا كل شيء سيعود كما رجوت وخططت له . ولكن يظهر اننى كنت مبالغا في تقديري."
وقفت وتقدمت لتقف امامه وتمد يديها تلامس وجهه لتزيل المرارة عن فمه الملتوي وهي تقول:" آه كلا يانيكولو .. لقد اردت ان احبك ولقد احببتك . ولكن...."
وتلاشى صوتها والتزمت الصمت.
قال بهدوء:" انك لم تثقي بي. وكيف استطيع لومك لهذا وقد كنت اعمى عن رؤية آلامك. وهكذا وقعت فريسة تخيلاتي بانني اهملتك."
كانت هذه هى اللحظة التي كانت كاتيا تخاف منها اكثر من اى شيء اخر .لقد ارادت بكل ماتملك من مشاعر ان تصدق ماقاله نيكولو عن حبه لها. ولكن كيف لها ذلك وشبح جينا يقف بينهما؟
لم تستطع منع الرجفة التي اعترت جسدها .وسارت نحو النافذة تتطلع منها الى الساحة تحدق فيها ساهمة.كيف يمكنها احتمال مثل هذه العلاقة بين زوجها وجينا؟
جاءها صوت نيكولو من خلفها قائلا بهدوء:" عندما اكتشفت ليلة السبت انك تركتني للابد كما بدا مادمت قد تركت لي خاتمك تملكنى القلق البالغ وتأكدت من ان برونيللي قد سمم افكارك من ناحيتي وهكذا ذهبت لمقابلته."
وتجلى السرور في صوته وهو يتابع قوله:" لقد بدا متعاونا معي بعد شيء من الاقناع له من جانبي وذلك الى حد انه اراني صورتي مع جينا التي سبق واراك اياها."
تصلب جسم كاتيا في موقفها امام النافذة ولكنها مازالت ترفض ان تواجهه."هكذا اذن؟"
هكذا عدت الى القصر مقتنعا بأنك مادمت لم تذهبي لبرونيللي فانك دون ريب قد اتجهت الى قريتك في انكلترا. واتصلت هاتفيا بجوزيب كابريني لاخبره بانني ساترك ايطاليا لمدة يوم او نحوذلك وردت علي جينا التي اخبرتني انك وهي قد تبادلتما الحديث معا في الحديقة وقد بدا انك تعلمين كل شيء عن حملها وكيف وقفت انا بجانبها."
تنحنحت كاتيا لتجلو صوتها ثم قالت:" لقد قالت هي ذلك عن نفسها ولم اشأ انا ان اسبب الإحراج لنا نحن الإثنين بإيضاح جهلي الكلي بذلك."
"كاتيا.." وامسكها من خلفها وادارها اليه بخشونة لتسقط على جسمه الصلب وهو يقول:" كاتيا كيف امكنك ان تعتقدي ان جينا تحمل ولدي؟" وهزها انما ليس بخشونة مما جعل شعرها يتناثر على كتفيها وهو يتابع قائلا :" ياللحمقاء الصغيرة!"
قالت وهي ترتجف وقد اشتعل في نفسها امل عارم:" هل تعني انها ليست كذلك؟"
تمتم نيكولو شيئا بالايطاليه بلهجة حادة خشنة لم تستطع كاتيا فهمها برغم معرفتها الطيبة بتلك اللغة. وتابع قائلا:" لم تكن جينا سوى صديقة ونحن نعرف بعضنا البعض منذ الطفولة .انني انا الذي قدمتها الى جوزيب كابريني حتى انني كنت أشبينه في حفلة زفافه."
"ولكنها قالت..."
وتلاشى احتجاج كاتيا على شفتيها وهي تعود بفكرها الى تلك الجلسة في الحديقة مع جينا...منتديات ليلاس
ماذا قالت جينا بالضبط؟ ولم تستطع ان تتذكر كلمات تلك المرأة .. وقال نيكولو وقد عاد اليه عبوسه:" اراهن على انها لم تقل انني والد الجنين. انني لم اتعمد رؤيتها عندما ذهبت الى ميلانو ولكنني اردت ان اشتري لك ثوبا جميلا لترتديه في حفلة عرض الأزياء . وكانت هي افضل شخص يمكنه مساعدتي في مثل هذا." وشد بقبضتيه على كتفيها وهو يتطلع في عينيها الممتلئتين بالدموع واستطرد يقول:" لقد دهشت حين قالت إنها تريد رؤيتي.ولكنها كانت صديقة لي ولهذا تدبرت الوقت الذي سمح لي بأخذها الى العشاء. لقد هجرت زوجها منذ ستة اشهر لشدة غيرته عليها ولاعتقاده بانها تتجنب انجاب الاطفال لكي تتفرغ لعملها. ومن المضحك انها اكتشفت انها حامل منه بعد ذلك بأسابيع فقط."
ابتدأ الامل يتفاعل في كل خلية من جسمها وهي تقول:" حامل من جوزيب؟ياالهي ... انني لم ادرك .... يالجينا المسكينة."
قال نيكولو عابسا:" تماما لقد كانت ماتزال غاضبة من الكلمات القاسية التي تبادلاها اثناء شجارهما .ولهذا صممت على اخفاء حملها عنه وذلك بأخذ اجازة من عملها عندما يحين وقت ولادتها وبعد ذلك تستأثر بالطفل لنفسها. ولكنها مع مرور الوقت ابتدأت الشكوك في صواب ماتفعل تراودها. لقد كانت ماتزال تحب جوزيب وتشتاق اليه وادركت ان قلبها لن يطاوعها ابدا على حرمانه من العلم بولده." وتوقف نيكولو عن الكلام وهو يرفع يده يسوي من شعر كاتيا برقة ثم عاد يقول :" ولكنها كانت خائفة مضطربة من ان يرفضها والطفل لانتظارها كل هذا الوقت الطويل دون إخباره بذلك."
تنفس بعمق ثم تابع يقول:" لقد أرجعتها الى بيتها بعد ذلك العشاء في ميلانو ثم تبادل الحديث في افضل مايمكن عمله. واتفقنا أخيرا على ان أكون وسيطا بينهما. لقد كان جوزيب وزوجته صديقين وزميلين لي ولهذا كنت ادرك مبلغ شوقه الى جينا ولو انه كان يخفي ذلك ولم يكن ثمة سواي يمكنه اعادتهما الى سعادتهما الماضية."
همست كاتيا:" بينما كنت اظن انك وهي..." وشعرت بالخجل لسوء تفسيرها لكلمات جينا كما ان السرور أفعم قلبها وهي تنظر الى نيكولو قائلة:" اوه. يانيكول هل يمكنك ان تسامحني ياترى؟"
شدها الى صدره قائلا:" لقد كان الذنب ذنبي منذ البداية اذ كان يجب ان اعمل بنصيحة جينا حين طلبت من ان تشاركك سرها لانك زوجتي ويجب ان لا اخفي عنك اية اسرار. ولكنني كنت غاضبا من عدم اكتراثك لي ولهذا لم اجد في نفسي ميلا الى تبادل مثل هذه الأحاديث معك."
تخلل شعرها بأصابعه ثم أمال رأسها الى الخلف حاملا اياها على رفع وجهها اليه والتطلع في عينيه السوداوين وهو يقول:" نعم. سأسامحك ياحبيبتي على ان تسامحيني انت. ولكن اذا انت هربت منى مرة اخرى فسأعاقبك بالضرب الذي يعتقد جدك انك نلته على يدي."
ونظر اليها بوحشية ولكنها ابتسمت امام تهديده وقد ادركت معنى الألم الذي يعانيه كما انها كانت متأكدة من انه لن يلمسها مهما بلغ غضبه منها.
قال:" ياالهي هل عندك فكرة عن مقدار العذاب الذي عانيته عندما جلست انتظر اتصالا هاتفيا من جدك ليخبرني عن وصولك الى منزله؟ لم اكن لأستطيع الرقاد وانا افكر في ما اذا كنت على صواب في هذا الانتظار ام انه كان علي ان ابلغ الشرطة ونطلب تمشيط القناة. ولكن الذي ابقى على صحة هو علمي ان الحنان الذي تغمرين به نفسك يمنعك حتما من ان تسببي الحزن لجدك وعمتك بيكي.وذلك الى ان اتصل بي جدك هاتفيا."
تنفست بعمق وقد احست بما يريد أن يسمعه منها بلسانها لكي تزداد سعادته وقالت:" وانت يانيكولو ،إنني لم ارغب قط في ان اسبب لك أي اذى لانني احبك منذ اللحظة الاولى التي رأيتك فيها ، احسست بأنك أدخلت الى حياتي شيئا لا اعرفه ، لقد ادخلت الى نفسي أحاسيس ومشاعر لم أعرفها قط من قبل. ولكن لقد حدث كل شيء بسرعة. لقد كان شيئا مخيفا ومثيرا في الوقت نفسه. وتملكنى الذعر لتورطي بهذه المشاعر نحوك لأنني ظننت ان جدي لن يقبل مطلقا بزواجي منك ولكن بدلا من ذلك......." وابتدأت تضحك وقد زال توترها وهي تتمسك بكتفي نيكولو تمالكا لتوازنها وتابعت:" بدلا من ذلك كان يقوم طيلة الوقت بدور الخاطب...."
أوقف هو ضحكتها بعناق منه . وامتد يداها تتخللان شعره وقد حلقا في اجنحة السعادة.
همس في اذنيها بصوت اجش:" لم أشعر نحو امرأة في حياتي كلها بما شعرت به نحوك. ولم اصب بطعنة في قلبي اقسى من الطعنة التي اصبت بها عندما اخبرتنى انك تزوجت مني فقط لكي تحققي بواسطتي احلامك في الغنى والترف اللذين تستحقينهما . إن اول ماقمت به في ميلانو كان تكبير صورة لك ووضعها في اطار ثم تعليقها في مكتبي لكي تشجعيني أثناء عملي. ولكن ذلك كان بديلا ضعيفا للجمال الحي الذي كنت تركته خلفي في البندقية."
ابتسم وهو يطبع قبلة رقيقة على وجنتها قائلا:" هل تعديني بعدم الهرب مني مرة اخرى؟"
تنهدت وهي تقول:" اعدك بشرط الا تتهمني مرة اخرى بالسطو على مكتبك لسرقة تصميماتك وبيعها للصحافة."
قال:" آه كانت تلك أمنية باطنية مني. كنت اريد ان تبني اية فكرة ماعدا انك فضلت سيزار برونيللي علي."
تألقت ابتسامتها على وجهها وهي تقول:" هذا الذي لن أستطيعه ابدا . ولكن هل اكتشفت من هو الفاعل؟"
أومأ نيكولو برأسه قائلا:" لقد اخبرني برونيللي." وبدا من بريق عينيه انه استعمل طرقا خاصة لتحمل برونيللي على الاعتراف. واستطرد:" إنه أحد رسامي التصميمات الجدد عندنا . وقد شعر بنفسه مغبونا في معاشه. لقد ترك ذلك الرجل المهذب الشركة الآن ليجد مكانا في شركة أخرى . ولن يزعجنا بعد الآن."
سألته:" أن ترفع ضده دعوى؟"
أجاب :" كلا. فقد كنا متساهلين في الاحتياط من جهتنا كما ان مادفعه له برونيللي قد تبرع به الان للاعمال الخيرية.هذا الى ان الخسائر الناتجة عن ذلك لم تكن بالغة .
فقد كانت التصميمات بدائية ولحسن الحظ انها لم تكن هي التصميمات العالمية المعقدة وكما أعتقد فقد انتهت المسألة .ذلك ان عندي أشياء أخرى أكثر اهمية."
سأته بدلال:" مثل ماذا؟"
أجاب:" هل تعدينني بالحب والاخلاص ياحبيبتي كاتيا"
قالت وهي ترتعش:" نعم آه بالتأكيد." وشعرت بالشوق اليه كما لم تشعر نحوه من قبل إذ تأكدت اخيرا من حبه لها.
قال :" اخبرينى ياحبيبتي .دعينى اسمع هذه الكلمات من فمك.انها كلمات الكاهن أثناء عقد الزواج في الكنيسة . قولي:" سأقدم لك جسدي وأخدمك" فكررت هذه العبارة ولتدخل السرور الى نفسه اضافت:" حتى يفرق بيننا الموت."
أخذ يدها بيده وهو يدس يده في جيبه ليخرج خاتمي الزواج اللذين سبق وتركتهما له على الوسادة قبل تركها لبيته وباحتراس اعاد الخاتمين الى اصابعها.
قال:" والآن وقد عدت أكثر سعادة بعودتك زوجة لي. أظن انه يجب ان نحتفل بإعادة اقتراننا." وابتسم وهو يكول:" ولكن ليس هنا فهذا المكان يناسب الفلاحين أكثر مما يناسب ماركيزة .أليس كذلك؟"
قالت تغيظه:" هل في ذلك فرق عندما تكون عاشقا؟ ولكن لا يوجد قفل في الباب وأظن أننا استغللنا ضيافة ريتشارد أكثر من اللازم.هل تظن انه من الافضل ان نسلك الطريق الطويل عائدين الى جدي؟"
فابتسم نيكولو قائلا:" كلا. ولكن من حسن الحظ أنه لا يتوجب علي ذلك اذ انه منذ اخبرني جدك عن الذي سمعته من حديثنا ذلك اليوم قبل السفر وعما استنتجته وأكده هو لي بأنك مازلت تحبينني جئت الى هنا بسيارة اجرة .واذا كان ثمة ضرورة فسأختطفك بنفسي وأجعلك سجينة في منزل جدك الى ان تستسلمي إليّ بجسدك وقلبك وروحك."
قالت وهو يقودها عبر ساحة الاسطبل:" ألا يجب أن نودع ريتشارد؟"
قال بجفاء:" أظن اننا يجب ان نجنبه لحظة الاحراج هذه ويكفينا اضطرارنا لرؤية جدك وعمتك بينما رغباتنا مكتوبة بوضوح على وجهينا."
لكن البت كان هادئا حين دخولهما .وصعد بهدوء السلم نحو غرفة نوم كاتيا التي عاشت فيها منذ اللحظة التي احظرها فيها انطونيو لورنزو اليها كملجأ يحميها. وثقة منه بأن ابن باولو كاشياتور سيتابع طريقه هو في العناية بحفيدته اقنع العمه بيكي بأن يتناولا القهوة والكعك في الحديقة خلف البيت دون ان يكون في نيتهما العودة الى داخل البيت قبل ان يستدعيهما هو بنفسه.
مستلقية بين ذراعيه الدافئتين اخذت كاتيا تتخلل شعر نيكولو بأصابعها الناعمة وهي تقول:" لم يبق امامنا سوى اسبوع او اكثر قبل ان اقف معك امام المذبح في كنيسة علبة المجوهرات سانتا ماريا. وما أجمل ان يكون جوزيب وجينا كابريني معنا هناك."
قال نيكولو :" وكذلك سيزار برونيللي."
جلست وهي تهتف:" ماذا؟"
ابتسم قائلا:" كنت افكر في الدعوات الى حفلة الزفاف. واننا يجب ان لا ننسى سيزار .انه يمكن ان يخصص لنا صفحة كاملة يضع فيها صور الزفاف وحفلة الاستقبال.على الاقل هذا مايتوجب عليه نحونا."
ضحت كاتيا وهي تقول لاغاظته:" انك اكثر الشبان الذين عشقوني مكرا."
اجابها بمثل قولها:" وانت اكثر الفتيات اللاتي عشقتهن جمالا." قال ذلك برقة وحنان وهو يرفع خصلة من شعرها الذهبي الى شفتيه يقبلها وهو يقول:" يامعشوقتي الذهبية ويا زوجتي الذهبية التي كافحت لأجلها ببالغ الجهد ووصلت اليها ببالغ الجهد وهي لي الى الأبد."
تمـــــــــــــــت
التعديل الأخير تم بواسطة ماري-أنطوانيت ; 24-08-08 الساعة 06:02 PM
|