لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-08-08, 05:45 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 29212
المشاركات: 47
الجنس أنثى
معدل التقييم: ماري-أنطوانيت عضو له عدد لاباس به من النقاطماري-أنطوانيت عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 102

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ماري-أنطوانيت غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ماري-أنطوانيت المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

...:::~ الفصل السابع ~:::...

جلست كاتيا تعبث بالطعام, وامامها وجبه مكونه من السمك المشوي والسلطه. لم تكن تحس بالجوع وهي تجلس في ذلك المطعم المشرف على القناه, تتطلع الى الزوارق النخططه بالونين الابيض والازرق بأبراجها الذهبيه والخضراء مربوطه في مرساها.
كانت كاتيا تشعر بالحاجه الى الراحه, واي شيء كان افضل من الرجوع الى القصر لقضاء بقيه النهار في سجنها الرائع ذاك.
لقد مضى يومان ونصف دون اي خبر عن نيكولو...وفكرت باستسلام في انها ما كان لها ان تتوقع منه خبرا, اذ انه لم تتملكه المشاعر المعتاده لدى كل عريس نحو عروسه! وتساءلت الى متى سيبقى متظاهرا بالحب لها, لو لم تسرع هي في محاوله لانقاذ كرامتها والتظاهر بعدم حبها له.
لكن ما للشكوك تساورها وهي تلمس شعوره الجاف نحوها اذ يصمم على العوده لميلانو من دونها, ذلك لان اي عريس يستحق هذا اللقب, كعريس خصوصا في ايطاليا, ما كان ليهجر عروسه لمده ايام بعد ما ظهر من استمتاعهما معا الى هذا الحد؟ ام لعل براءتها هي التي صورت لها خطأ ان زوجها يشاركها نفس مشاعر البهجه اثناء اتصالهما الحميم؟
ساورها شعور هو مزيج من الشعور بالذنب وادراك بإنه كان يجب ان تخبر نيكولو عن معارضتها اجراء زفاف حافل, وذلك قبل سفره الى ميلانو. ربما كان عند ذاك قد خفف من اصراره على حفله للزفاف ازاء نيتها هذه, اما الان فعليها ان تستعد لمواجهته بهذه المعارضه عند عودته متحمله نتيجه رد الفعل عنده بالنسبه لدمه الايطالي المنفعل عند انهيار خططه.
" هل السنيورا كاشياتور هنا؟ "
استيقظت كاتيا من شرودها ليبعث في نفسها الضيق مرأى سيزار برونيللي الذي هبط جالسا على الكرسي امامها بكل راحه. لقد كان هذا المطعم الذي تناولت فيه العشاء مع نيكولو في اليوم الثاني لوصلهما للبندقيه. كتن نصف ممتلئ عند وصولهما انما الان لم يبقى فيه سوى موائد قليله خاليه.
ردت عليه تحيته وسؤاله عن صحتها ببرود, وتعمدت عدم الرد على اسئلته, ثم قررت ان تتخلص منه بأن تكذب عليه فقالت:
" انني بأنتظار زوجي الذي سيحضر الان "
فقال:
" اذا فإنك ستمكثين وقتا طويلا في انتظاره "
اشار الى النادل ليحضر له عشاء لنفسه وزجاجه شراب قبل ان يعاود النظر الى وجه كاتيا المتصلب الملامح, ليتابع قوله:
" اخر مره سمعت فيها عن مكان نيكولو كاشياتور انه كان في ميلانو يتناول العشاء مع جينا كابريني "
والقى نظره الى ساعته وقال:
" طبعا لابد انه عائد بالسياره هذا الصباح. ولكن بما انه اعاد جينا الى شقتها الليله الماضيه فلا بد انه سيتأخر "
صدمت اموجه الألم التي اجتاحت جسمها. وضغطت على يديها في حضنها محاولة الاحتفاظ بهدوئها. ثم قالت بجفاء:
" اظن انني غير مستعده للإهتمام بثرثرتك يا سيد برونيللي "
قال سيزار محتجا:
" يا عزيزتي السيده كاشياتور. لا يمكنك ان تلوميني للاهتمام بك, ليس فقط لزواجك العاطفي المفاجئ من نيكولو كاشياتور, ولكن لأنك امرأه جميله. وانا اكره ان اراك مخدوعه من قبل رجل ليس فقط يكبرك في السن ولكن في الخبره ايضا "
فكرت كاتيا في ان السكوت من ذهب حقا, ولكن كيف بإمكانها ان تترك نيكولو معرضا لمثل هذه الشائعات المؤذيه مهما كان نوع شعورها نحو زوجها؟ كان الشيء الوحيد الحسن في حديث برونللي هو توقفه عن مخاطبتها بلقب ماركيزه, وقالت بحذر:
" ان زوجي في رحله عمل الى ميلانو. وقد ادعيت العكس فقط من باب التهذيب. وبما انك لا تفهم الاشاره فيجب ان اطلب اليك مباشره ان تتحول الى مائده اخرى "
قال ببشاشه:
" هذا غير ممكن, اذ لا يوجد اي مائده شاغره, كما انني طلبت الطعام الى هذه المائده "
قالت وهي تتناول حقيبه يدها من تحت المائده:
" هذا حسن, ارجو لك طعاما شهيا "
همت بترك المطعم برغم انها لم تتناول لقمه واحده من طعامها بعد, وبرغم ان قدماها تؤلمانها لكثره ما طافت في المحال التجاريه هذا الصباح.
سألها: " اتريدين صوره؟ "
اجابت بازدراء متعمده عدم فهم قصده:
" صوره برفقتك الى هذه المائده؟ انه لا يشرفني ان ابدو معك "
ابتسم سيزار متجاهلا اهانتها وقال:
" صوره لزوجك وجينا كابريني يتعشيان معا. او اذا كنت تفضلين صوره لهما معا يدخلان الى شقتها. اخشى ان لا تكون الصوره الثانيه جيده لأن السيده تعمدت اخفاء وجهها. ولكن ساقي جينا كابريني لا يمكن ان يخطئهما من يعرفها "
تصاعدت غصه في حلق كاتيا. ما اشد حماقتها وهي تصدق ادعاء نيكولو عن المخابره الهاتفيه من ميلانو. الا يكفي ان يخونها حتى يعرضها للاذلال امام الناس؟ ومنحها الغضب القوه على الاحتفاظ بهدوءها, فنهضت واقفه دافعه كرسيها الى الخلف قائله:
" ولكنك اخبرتني بنفسك ان زوجي وجينا كابريني هما صديقان قديمان, فأي شيء غير طبيعي في ان يتناولا العشاء معا؟ وبالنسبه لإعادتها الى منزلها, لما لا؟ ان زوجي رجل مهذب "
قال بازدراء:
" بالتأكيد هو رجل, ورجل جذاب للنساء. اظن ان من الممكن ان يكون عاد معها الى المنزل لتناول كوب من الكاكاو قبل النوم, ولكن اذا كان الامر كهذا فقد استغرق شرب الكوب هذا وقتا طويلا. فقد ترك المكلف من قبلي بمراقبه المنزل, المراقبه بعد ساعتين عائدا الى منزله, دون ان يخرج زوجك من منزل جينا "
قالت بكبرياء:
" والمفروض بي ان اصدق ان حضورك الى هنا لتجلس معي وتغرقني بشكوكك, كل هذا كان بمحض المصادفه؟ "
اجاب برقه:
" كلا بالطبع, فقد دأبت منذ الفجر في تمشيط اماكن السياح آملا في ان اراك لأخبرك بما يدور من وراء ظهرك. اعتبري هذا نوعا من الاحسان لك, وذلك قبل ان يشيع الخبر في البندقيه بأجمعها "
ردت عليه ثائره:
" بل سأعتبره نوعا من الافتراء. حاول ان تنشر هذه الصور مصحوبه بأي اتهام بسوء السلوك, ليقاضيك محامي زوجي "
قال معنفا:
" ما هذا؟ الم تسمعي قط بالقول المأثور وهو ان كل ما ينشر هو حسن, وان الحقيقه هي احسن دفاع في تهمة القذف؟ الى جانب انه ستكون هناك صور كثيره لهما معا اثناء حفله الغد, وكلها صور بريئه واضحه, بجانب صورة رائعه الجمال لزوجه نيكولو كاشياتور المخدوعه "
واردف: " يا لزوج كابريني المسكين زوج جينا المخدوع, انه سيصر على اسنانه لشدة شعوره بالغيظ "
" حفله الغد؟ "
وافلتت هذه الكلمات من بين شفتيها قبل ان تتنبه الى امساك لسانها.
بدا على وجه سيزار برونيللي ندم زائف وهو يقول:
" اوه...الم تعرفي؟ "
لعنت كاتيا نفسها لوقوعها في الشرك. وهزت كتفيها وقد ثارت ثائرتها لإهمال نيكولو اطلاعها على كل نشاطاته الاجتماعيه وخاصه تلك التي تتصل بها جزئيا. وقالت:
" لقد تذكرت الان انه ذكر لي شيئا عن حفله عشاء ولكن ذهني كان شاردا فلم انتبه الى التفاصيل "
لمعت عيناه سخريه وهو يلمس محاولتها تغطيه جهلها:
" من الواضح ان مهاره نيكولو كعاشق لا بد انها تنوم مغناطيسيا ما دامت تجعلك تخلطين بين الاحداث الاجتماعيه الحيويه في البندقيه وبين حفله عشاء بسيطه "
عندما سمعت ضحكته الخافته الساخره ادركت انه يجب عليها الذهاب قبل ان تفقد السيطره على ساقيها. ومنعتها كبرياؤها من ان توجه الى هذا الرجل الوقح اي سؤال آخر.
ان على نيكولو وحده ان يقدم إليها تفسير كل هذا. وقبل ان يدرك سيزار غرضها كانت قد التقطت محفظتها وارجعت كرسيها للوراء لتقف مستديره للذهاب.
هب هو واقفا باحترام وبكل بشاشه ولطف الرجل الايطالي اخرج من جيبه بطاقه صغيره وقدمها اليها بهدوء قائلا:
" انتظري, لا بد ان يأتي وقت تحتاجينني فيه, ويمكنك عند ذلك ان تتصلي بي على احد هذه الارقام "
كان عليها ان تتجاهل بطاقته تلك ولكن حاستها السادسه جعلتها تأخذها من يده وتدسها في الجيب الخارجي لحقيبه يدها وهي تدير له ظهرها خارجه.
اقترب منها النادل وهي تسلك طريقها بين الموائد لتخرج الى الرصيف, سألها:
" الم يعجبك الطعام يا سنيورا؟ "
اجابت ببرود:
" بالعكس كان شهيا جدا بل الرفقه هي التي لم تعجبني "
واشارت الى الصحافي الباسم وهي تقول:
" ان السيد برونيللي سيدفع حسابي "
لم يكن هذا انتقاما كافيا بالنسبه لكاتيا التي كانت تود ان تفرغ على رأسه القذر دلو ماء بمثل قذارته. ولكن مثل هذا العمل لم يكن ليعززها عند نيكولو في ما لو قبض عليها بتهمة ايذاء شخص بدنيا. ومع سخطها على الطريقه التي جعلت نيكولو يخدعها لتتزوجه, فغنها لم تستطع انكار الحقيقه وهي ان مستقبلها ومستقبل جدها يعتمدان على عطائه وسخائه.
اذا فإن برونيللي قد اخبرها الحقيقه عن نيكولو وجينا كابريني. وعندما تفجر غضبها دموعا, عند ذلك فقط ادركت كم كانت ترجو ان يكون سيزار برنيللي كاذبا او مخطئا. وامتلأت مراره وهي تستدير مبتعده قدر ما تستطيع عن ذلك الرجل المتوحش. لم يكن لدى هذا الصحفي اي ضمير ليؤنبه وما هو الدليل الذي يمكنه ان يثبت به لها خيانه نيكولو؟ وما هو قصده من ذلك؟ هل ليجعلها تقوم بتصرف ما يفيده في نشره في صحيفته؟ "
بالنسبه للحدث الاجتماعي المقبل ستحضره جينا كابريني, لماذا امتنع نيكولو عن تنبيهها اليه؟ هل كان نيكولو يبدو عديم النزاهه الى هذا الحد لو لم تلفق له هي اسباب وضيعه لقبولها الزواج منه, اذ اوهمته انها تزوجته لثروته؟ كيف استطاعت معايشه هذه الكذبه بعد سماعها ما سمعت من حديث بينه وبين جدها عن السبب الاصلي لزواجهما.
مسحت دموعها المنهالة بيدها غاضبه. جدها! وازدادت تعاستها وهي تفكر في جدها وعمتها بيكي. امس فقط ارسلت إليهما رساله تخبرهما عن جمال البندقيه وسعادتها هي في استمتاعها باكتشاف كنوزها. دون ان تخبرهما بالطبع بأنها تمضي الوقت وحدها. وتسائلت بحسره ما الذي دفعها الى اخفاء ذلك؟ اغرورها ام خيلاؤها؟ ام هدوء وطمأنينه نفس العجوزين؟ ان لدى جدها ما يكفيه من القلق اذ كان قد تعرض للإبتزاز لكي يوالفق على زواج مدبر دون حب. ان اقل ما يجب عليها نحوه هو ان توفر عليه الالم الذي سيعانيه في ما لو علم باكتشافها الحقيقه. انها على الاقل ستحاول التصرف في الكيفيه التي يمكنها ان تنتشل بها تفسها من هذه الورطه.
فكرت بمراره متمنيه لو ان جدها لم يرتفع شأنه الى طبقه نبلاء ايطاليا المندثري الذكر. لو لم يحدث ذلك ويتحدث به الملأ, لما عرف اذا نيكولو شيئا عنها ولبقيت في لندن تقوم بعملها الذي تعشقه بدلا من التجوال في شوارع البندقيه مع الامها.
عندما تحولت في منعطف, توقفت فجأه وقد تملكتها الدهشة والسرور حين وجدت نفسها امام كنيسه رائعه قد رصفت جدرانها بالرخام لتلمع بروعه لا مثيل لها. كما ان ابراجها كانت تتألق في اشعة الشمس.
كانت تسير في الشوارع الضيقه خلف الريالتو مبتعده عن سيزار برونيللي قدر استطاعتها, دون ان تتوقع رؤيه مثل هذا الكنز في مثل هذا المكان البعيد عن منطقه السياح.
بالقرب منها وقعت عيناها على واجهه مصور فوتوغرافي فوقفت امامها تتفرج على مختلف الصور التي تمثل العرائس والعرسان. احقا! يمكن للحظ ان يكون بهذه القسوه؟ ومزق الالم قلبها, نعم في استطاعته ان يكون كذلك. لقد اكتشفت عرضا كنيسه سانتا ماريا التي عرض نيكولو عليها ان يحتفلا فيها بزواجهما الكنسي وذلك ليشدها اليه برباط هو اقوى من اي رباط يعقده انسان. وحدثتها نفسها بغضب, لو انها وافقت على ذلك, ما الذي كان سيحدث؟ لم يكن ما تتطلع اليه عند ذاك سوى حياة ماديه مرفهه خاليه من المشاعر. حسنا فلتترك الكنيسه وشأنها ما دامت لن تراها ابدا من الداخل بصفه عروس. كانت نتيجه هذا القرار حسنة ولكنها لا تتناسب ابدا مع فضولها.فقد كانت الشوارع خاليه حيث ان كل انسان كان يتناول الغداء.
لكنها عادت فغيرت رأيها عندما رأت باب الكنيسه, فدخلت لتطلق آهة سرور وهي ترى ما كان بانتظارها. كان تماما كمن يدخل علبه مجوهرات, ومن هنا اخذت الكنيسه اسمها. كانت اشعه الشمس تتدفق من النوافذ مرسله خيوطها على الاعمده والسقف الذهبيه لتتالق هذه خاطفه الابصار. وكانت لوحات بالحجم الطبيعي تمتد من السقف حتى اسفل الجدران تمثل صور القديسين في مختلف العصور.
كان كل شيء تقع عليه انظارها مكونا من الذهب او الرخام مما لم تستطع استيعابه في لحظات. ومن ثم جلست في هدوء في احد الاماكن الخاليه. اخيرا هنا في مواجهة المذبح الذي اقيمت في صدره ايقونه مشهوره وجدت عندها الهدوء والسكينه والسلام الذي تنشد.
لا يمكن القول الى متى ظلت كاتيا جالسه تنظر الى روعه ما يحيط بها, او كم اهدرت من الوقت فوق ضفاف القناه او فوق الجسور, او متوقفه في كل لحظه متفرجه على واجهات المحال التي تعرض مختلف انواع البضائع والازياء. كانت قد نسيت ان تضع ساعتها في يدها قبل خروجها من البيت, لكنها عرفت الوقت من مكان الشمس في السماء فتنبأت بأقتراب المساء.
ان امامها ليله اخرى تعسه موحشع. وتنهدت وهي تعبر الجسر الجميل الذي يصل بها الى القصر, ومن هناك اجتازت البوابه الى الحديقه لتتوقف انفاسها وهي ترى قامه زوجها المديده وهو ينهض من احد المقاعد ليتقدم اليها محييا...هتفت:
" نيكولو...لم اكن اتوقع رؤيتك قبل الغد "
وادركها الفزع لإحساس السرور والبهجة اللذين احست بهما عند رؤيته. لقد شعرت بالدم الحار يتدفق في وجنتيها. شمل هو بعينينه السوداويين سروالها الفاتح اللون وقميصها القطني الخفيف وهو يقول:
" ان وجنتك تتضرجان يا كاتيا...هل ذلك لأنك سررت برؤيتي؟ ام انك احترت لأن عودتي على غير انتظار قد افسدت خطتك في تمضيه هذا المساء؟ "
قالت:
" انني لم اتوقع قدومك...."
وتوقفت عند هذه الكلمات.
نظر اليها مفكرا وهو يقول:
" هذا واضح...وانني اعتذر عن تدخلي في حياتك مره اخرى بهذه السرعه. اذ من الواضح انك وجدت ظهوري المفاجئ معرقلا...."
قبل ان تجيب خطا نحوها يأخذها بين ذراعيه ويرفع ذقنها ليقبلها برقه ثم يقول:
" هل هو اللوم ما اراه في عينيك الجميلتين يا كاتيا؟ "
ابتسمت بقسوه وهي تتخلص من بين ذراعيه مبتعده عنه كي لا يقرأ التعاسه في عينيها.
قال لها دون ان يؤثر فيه صمتها:
" تعالي "
واخذ بيدها يقودها الى داخل القصر صاعدا واياها السلم الجميل الى شقتهما. كانت قبضته على يدها شديده لدرجه تقرب من الإيلام وهو يقول:
" دعينا نرى ما اذا كانت الهديه التي احضرتها لك من ميلانو ستعيد الابتسامه الى شفتيك "
سمحت له بأن يقودها الى غرفتها بصمت ليناولها علبه مغلفه بورقه مذهبه مطبوع عليها اسم مصمم شهير.
اخفت ما تشعر به من مراره وهي تفك رباط العلبه وتخرج ثوبا رائعا للسهره. كان بسيط التفصيل بفتحة عنق واسعه ومن دون كمين وتنوره واسعه. كان اهم ما فيه هو نوع القماش. كان القسم الاعلى منسوجا من خيوط الذهب مع اللون العسلي اخذ يتألق تحت اشعه الشمس المائله للغروب التي كانت تلقي بخيوطها الباهته من خلال نافذه الشرفه.
قالت ببراءه:
" انه رائع يا نيكولو "
وحاولت ان تخفي غصة الم قد تهدد بتدمير هدوئها الظاهر الذي تجاهد للاحتفاظ به.
اومأ برأسه راضيا وهو بقول:
" هذا حسن. ظننت انك قد تحبين ان تذهبي الى المحلات لتختاري بنفسك. ولكنني لقصر الوقت صممت على مفاجأتك به. لن تكون هناك امرأه في القاعه تماثلك اناقه ليله الغد "
هتفت كاتيا وقلبها يقفز من بين ضلوعها: " غدا! "
اذا فقد اخبرها سيزار برونللي بالحقيقه. وعادت تسأله مدعية البراءه:
" سيكون عندنا حفل اذا؟ "
قال مشيرا بيده:
" كان يجب ان اخبرك قبل الان ولكن شغلتني امور اكثر اهميه. وكنت ذلك الصباح الذي سافرت فيه في عجله من امري انستني ذلك والقصه هي ان جينا كابريني ستقيم حفله عرض ازياء عندنا في القصر مستعمله بعض الموجود في مخازن محلاتها من ازياء. امه معرض سنوي وبما ان ريعه يعود للاعمال الخيريه لم استطع رفضه في اخر لحظه "
مضت لحظات استوعبت فيها كاتيا الموضوع لتقول اخيرا, اذ اظهرته كصوره غير مكتمله لغريق يتعلق بقشه:
" لقد فهمت هل هذا ما دفعك للذهاب الى ميلانو؟ لكي ترى جينا وتنهيا التدابير كافه؟ "
القى برأسه للخلف وهو ينفجر ضاحكا ليقول:
" با الهي, كلا....لقد تم تدبير امر هذا منذ شهور كما اذكر. واذا جرت اي مشكلات في آخر لحظه فهي مسؤوليتها عند ذاك "
وفجأه غادر وجهه الابتسام ليحل محله العبوس وهو يقول:
" ان ذهابي الى ميلانو كان بشأن تسرب سر تصميم جديد للسيارات التي نسوقها فب الولايات المتحده "
قالت وهي تتحول مبتعده عنه:
" لقد فهمت "
لقد فهمت من لهجته انه غير مستعد لمناقشة شؤون عمله معها, ولم تجازف بتعريض نفسها الى زجره في ما لو اتبعت غريزتها واستمرت في سؤاله عن اعماله تلك. ذلك انه لم يكن هنالك دور لاهتماماتها كزوجه ضمن الدور الذي صممت على القيام به تجاه زوجها.
منتديات ليلاس
لِمَ لم تجد على بطاقه الثوب الهديه ذكرا للقياس, سألته:
" كيف عرفت قياسي؟ "
اجاب:
" نظرا لضيق الوقت, اتصلت هاتفيا بك, ولما كنت غائبه طلبت من ماريا الخادمه ان ترى قياسك على ثيابك في خزانه ملابسك "
حملت نفسها على الابتسام قائله:
" انك ماهر "
لكن الوسواس الذي يعذب نفسها لم يكن ليفارقها وقالت:
" انه ثوب رائع. هل هو من محلات جينا؟ "
كان ثمة تردد خفيف وهو ينظر اليها وقد ضاقت عيناه قائلا:
" في الحقيقه, انه كذلك, هل في ذلك اي مشكلة؟ "
هزت كاتيا:
" ولماذا يكون في ذلك مشكله؟ "
اجاب:
" المشكله تكمن فقط في ما لو عرض امام اللجنه مرفقا به الثمن. ولكن يمكنك ان تطمئني الى ان هذا لن يحدث. ذلك لأن طراز الثوب ليس مستحدثا "
قالت:
" ما اشد مهارة جينا اذ عرفت ذوقي تماما بينما هي لم ترني ابدا "
وشملت الثوب بنظره اعجاب ولكن كانت النار تشتعل في داخلها. كيف يجرؤ على ان يطلب من خليلته اختيار ثوب لزوجته؟
رفع نيكولو حاجبه ببطء وادركت من لمعان عينيه خلف اهدابه السوداء انه لم ينخدع بما ابدته من رضى زائف. فقال برقه:
" انني انا الذي اخترت الثوب وليس جينا. الشيء الوحيد الذي فعلته جينا هو انها اتصلت هاتفيا برئيس المستخدمين عندها وطلبت منه ان يعرض امامي عددا من الاثواب لأختار منها "
افلتت من كاتيا كلمات دون اراده منها اذ قالت:
" هل كان ذلك قبل ام بعد الاستمتاع بجلسه حب؟ "
ورفعت يدها الى عنقها فزعا وكأنها تحميه وهي تراه يتقدم نحوها هادرا:
" اياك ان تجعليني اسمع منك مثل هذا السؤال مرة اخرى. لقد علمت بهذا عندما وافقت على ان تكوني زوجتي. لقد قلت ذلك بلسانك ان تصرفاتي الخاصه خارج علاقتنا هي ليست من شأنك وبالنسبه الى جينا, فإنك اذا لم يكن بامكانك التحدث عنها باحترام فإنني لا اريدك ان تتحدثي عنها ابدا. هل هذا مفهوم؟ "
للحظه مرعبه, ظنت انه سيضربها حين انحنى عليها. واعترفت بينها وبين نفسها بأن التعقل هو حقا افضل من التهور. قالت:
" هذا حسن بالنسبه الي, ولكنك لن تستطيع ان توقف ألسنة الناس, لقد سمعت البندقيه بأجمعها تتحدث عنكما انتما لاثنين وعن علاقتكما المستمره "
وتلافيا للخطر الذي بدا في نظرته اليها حملت نفسها على تحويل الموضوع الى حديث عادي اذ عادت تنظر بإعجاب الى الثوب قائله:
" من الواضح ان ثمة حكايات مثيره تدور حول رفيقه طفولتك هذه "
قال:
" اني مسرور اذ اعجبك ذوقي "
كان البرود في لهجته ينم عن الغضب الملتهب الذي زاد عينينه سوادا.
قالت:
" نعم, انه اعجبني "
وحملت الثوب بإحتراس لتعلقه في الخزانه وهي تتابع قولها:
" وانني متأكده من ان صديقتك تستحق مكافأة ان اقوم بالدعايه لمملكة الازياء التي تملكها في الصحف, واثناء الحديث والمشي وكل المناسبات "
قال:
" أنا متأكد من انها تستحق ذلك, اذا اردت ان تنشري الحقيقه, ولكن موضوع الامسيه الرئيسي هو جمع المال للمشروع الخيري وليس نشر الدعايه لسلسلة من دور الازياء منتشره في ايطاليا وفرنسا "
كان نفاد الصبر باديا في جوابه هذا, وفي حركه فكه المنفبض بشده. وتساءلت هي: هل ابتدات تكون مصدر ازعاج له اخيرا؟ وهل هو يظن حقا بأنها شاكره له هذه الفتات التي يلقيها إليها بينما هو يخدعها بذلك الشكل المشين؟
قالت له وهي تمنحه ابتسامه عريضه مستمره في تمثيل دورها الى اقصى حد تستطيع:
" ذلك سبب يستحق الاهتمام حقا, وانه ليسرني المساعده فيه. بالطبع علي ان اشتري حذاء وحقيبه يد للسهره, وكذلك يحسن ان اصفف شعري للمناسبه اذ لا احب ان اتسبب لك بازدراء الناس في ما لو بدوت انا في الحفله بمظهر غير لائق "
كانت منتبهة الى صمته خلفها اثناء تمضيه الوقت في تسوية وتعليق ثوبها في الخزانه. واستدار هو ليواجهها بنظراته مفكرا ثم قال:
" ولا انا احب لك ذلك. ولكن ثمة شيء من الخطر في ذلك. في بدايه تعارفنا, لم يكن يبدو ان لديك الكثير لتقدميه الى رجل في مثل مركزي, ولكن لي نظره خبيره يا عزيزتي كاتيا نبهتني الى ان وراء مظهرك الخامد ذاك, طاقات كامنه "
اختفت لهثة الألم في حلقها وهو يمد يده يمسك ذقنها بأصابعه قائلا:
" على الرغم من ميلك الى بيع نفسك في سبيل المال, فإن فيك صفات النبلاء الحقيقيه يا ماركيزه. انك ستفتنين والديَ بمظهرك الخارجي على الاقل, وسيشعران بالاعجاب وانت تتهادين في كنيسه علبة المجوهرات الذهبيه امام المدعوين المحتشدين في الكنيسه, لتصبحي زوجتي الذهبيه شرعا "
ها قد سنحت لها الفرصه التي طالما انتظرتها, وشجعها شعور عميق بالثورة على مواجهته بينما مازال دمها يغلي في عروقها من جراء الطريقه التسلطيه التي عاملها بها. وصرخت في وجهه:
" عليهم ان ينتظروا غرق البندقيه في البحر قبل ان يأتي ذلك اليوم "
دفعته عنها وهي تتابع:
" ليس لدي رغبه في ان اعرض امام الملأ للدعايه لشركه ( كاشياتور لتصميم السيارات ) لقد سبق واتفقنا على ما يريده كل منا, ولا مجال بعد ذلك لاحتفالات اخرى لا معنى لها "
قال مقطبا جبينه:
" ان هذا ليس من دون معنى يا كاتيا "
وزاد عبوس وجهه في سرعه خفقان قلبها بينما تابع هو قائلا:
" لقد كان عقد زواجنا في انجلترا لطمأنه جدك وتهدئة مخاوفه كي لا اغير عقلي عندما اخرج بك من تحت اشرافه واسلب حفيدته كرامتها...."
وبدت على شفتيه ابتسامه باهتة وهو يتابع:
" مع ان الكرامه هي شيء نسبي, أليس كذلك؟ ربما خاف من ان اكتشف حقيقتك الكامنه وراء مظهرك البرئ الذي تتسترين به. ومهما كانت اسبابه فقد كان ذلك العقد الزوجي مجرد اجراء رسمي وهذا لا يقبل به والداي وخصوصا والدي الذي انتظر طويلا ليرى ولده الوحيد متزوجا, انتظر سنين طويله اذا كنت مازلت تذكرين, فقد بقي دون اولاد الى ان ماتت زوجته الاولى, وهو الان في الثمانينات من عمره. ورجل له مثل ومفاهيم عصره اذا لم يعقد زواجنا في الكنيسه فسيعتبرك خليلتي وليس زوجتي الشرعيه "
فهزت كتفيها غير موافقه وقالت آمله ان تحمله على تغيير فكره من جهة اعتبارها سدادا للدين:
" ان رأيهم لا يهمني وليس ثمة طريقه تجعلني اقبل بأن اعرض نفسي امام الناس في احتفال ديني وذلك برغم ارادتي "
التهبت عيناه بالغضب وهو يقول:
" اتتحدين ارادتي؟ اتفضلين ان تكوني خليلتي امام اسرتي بدلا من ان تكوني زوجتي؟ "
قالت:
" انها مشكلتهم الخاصه وليست مشكلتي انا. انني ارفض ان اعيش في ظلام العصور الماضيه "
قال:
" وماذا عن اولادك؟ هل ترضين بأن يعتبرهم والدي ابناء غير شرعيين؟ "
قال ذلك وصوته يهتز من الغضب.
اتسعت عيناها مصعقوقه بما تسمع وتمتمت:
" اولادي؟ "
اذ انها منذ ان اكتشفت غش نيكولو لها, تحصر تفكيرها في محاوله تخليص نفسها من هذا الزواج الخالي من الحب. اما فكره ان يثمر هذا الزواج فلم تكن تتقبلها. كما انها لم تتخذ اي وسيله لمنع الحمل. لقد اضافت هذه الفكره الى مشكلاتها تعقيدا جديدا لم يكن في اعتبارها.
قال نيكولو برقه:
" بالطبع. لقد كانت رغبتي منذ اللحظه التي رأيتك فيها, ان تمتزج دماء اسره كاشياتور بدماء اسره لورينزو "
وتقدم نحوها وقد بانت الرغبه في ملامح وجهه المتسلط وفي كل حركه من جسده, وهو يقول:
" من المتعه سماعك تدلين بموافقتك في الكنيسه. واذا كنت تظنين ان عدم تمكني من تلقي بركه الكنيسه يمنعني من الاستمتاع بما سبق واشتريته بنقودي فإنك مخطئه جدا "
استبد الذعر بكاتيا, وامسكت بذراعيه تبعدهما في محاوله لإبقائه بعيدا عنها. انها تريد حبه وليس العلاقه الحميمه فقط. ولكن يبدو ان ليس لها الخيار في ذلك. اذ انه اوقف كل مقاومه لها وهو يعانقها, لتدرك ان لا حول لها امامه.
في المخدع لم يعد ثمة مجال لأي منطق.....
عندما تركها دست رأسها بين الوسائد تسكب دموعا صامته لتمتصها الوسائد الحريريه. انها لا تستطيع ان تلوم سوى نفسها. فلقد اصبحت في نظره مجرد خليله, بل واحده من خليلاته. لقد جعلها تتأكد من ذلك اثناء الوقت الذي رضيت فيه بالبقاء في ايطاليا في محاوله لاكتشاف طبيعه الدين المتعلق بالوفاء الذي يدين جدها له به.


- نهاية الفصل السابع -

 
 

 

عرض البوم صور ماري-أنطوانيت   رد مع اقتباس
قديم 04-08-08, 09:38 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2006
العضوية: 16952
المشاركات: 137
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبتسم رغم أحزاني عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 13

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبتسم رغم أحزاني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ماري-أنطوانيت المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الله يعطيكم العاااااافيه على التكمله


بـ أنتظاااااااااااااااااااااركم بشووووووووووووق

 
 

 

عرض البوم صور أبتسم رغم أحزاني   رد مع اقتباس
قديم 05-08-08, 02:26 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 29212
المشاركات: 47
الجنس أنثى
معدل التقييم: ماري-أنطوانيت عضو له عدد لاباس به من النقاطماري-أنطوانيت عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 102

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ماري-أنطوانيت غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ماري-أنطوانيت المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبتسم رغم أحزاني مشاهدة المشاركة
   الله يعطيكم العاااااافيه على التكمله


بـ أنتظاااااااااااااااااااااركم بشووووووووووووق

الله يعافيك قلبي....

وهالفصلين لعيونك يا عسل

 
 

 

عرض البوم صور ماري-أنطوانيت   رد مع اقتباس
قديم 05-08-08, 02:28 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 29212
المشاركات: 47
الجنس أنثى
معدل التقييم: ماري-أنطوانيت عضو له عدد لاباس به من النقاطماري-أنطوانيت عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 102

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ماري-أنطوانيت غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ماري-أنطوانيت المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

هذا الفصل كتبتاه العزيزتان ((زهر نوار)) و ((الاميره شوق))


الفصل الثامن


عزفت الموسيقي لتتمايل عارضات الازياء وهن يخطرن علي انغامها ذهابا وايابا , بينما جلست كاتيا صامته وقد مالت براسها تتطلع بعيدا عن نيكولو الذي كان جالسا بقربها وسيما رائع الرجوله , كانت يداها متشابكتين في حضنها وقد تسمرت عيناها علي حركات العارضات , انما غير ملقيه بالا الي الاثواب التي يعرضنها , كانت تفكر في انها لم تر زوجها كثيرا منذ مساء امس ,فقط, تبادلا كلاما حول واجباتها كمضيفه أثناء الحفله , وقد تجلي سخطه وجفاءه مما كانت تبديه من الازدراء لتعليماته في كل حركه من جسمه , إنه لم يات علي ذكر تناوله العشاء مع جينا, وفكرت كاتيا في أنه لم يكن ثمه ما يمنعه من ذكر ذلك لو كان قصده بريئا ولكنه بقي صامتا بالنسبه للطريقه التي أمضي بها الوقت أثناء بعده عنها ,ربما كانت حمايته لسمعه جينا أهم عنده من اعتبار وضعها هي كسيده منزله .
كانا قد تناولا الغداء في شرفه الحديقه , حيث كان حديثهما المتبادل جافا ومهذبا , ثم عاد نيكولو الي مكتبه ولم تره بعد ذلك الي ان وافاها الي المخدع عند منتصف الليل
وارتاحت هي عندما لم يبد محاوله للمسها , وبقيت مستيقظه مده طويله تستمع الي تنفسه الخفيف المنتظم بجانبها , بينما كانت خفقات قلبها تتسارع وهي تفكر في الفردوس المزعوم الذي سعدت فيه زمنا في قريتها في انكلترا , وفكرت متسائله , لو لم تكن سمعت ما قاله جدها لنيكولو في ذلك اليوم , هل يا تري كان نيكولو قد استمر في اظهار الحب لها ؟ ولكنها ابعدت من ذهنها هذا الاحتمال فكرت كاتيافي أن جينا عندما تتحررمن زوجها ستكون في متناول بيكولو في أي وقت يشاء دون اثارة أي فضيحه تمس حبهما , وفي ذلك الحين تكون حاجتهما الي ستار يتواريان خلفه قد انتفت , ويكون كل ما جنته هي نتيجه ذلك التنصت, مجرد صيانه شيئ من كرامتها لا غير واسترسلت في تفكيرها وهي ساهره الي صباح هذا اليوم الذي فرغا فيه من تناول طعام الافطار , كان الاستعداد للحفله في قاعه الرقص , قائما علي قدم وساق , حيث جهزت خشبه المسرح وممر العارضات بسهوله واحضر جيش من الخدم الكراسي المنجده بالقطيفه من مخازن في أقبيه القصر . ووضعت الطاولات المستطيله في أماكنها , لتوضع عليها الأغطية في ما بعد
كان نيكولو يدلي بارشاداته , وهو يرتدي سروال الجينز وستره قطنيه , ولما لم يكن لها هي مكان بينهم , سرها ان تجد لها عذرا لتخرج من القصر لشراء حذاء وحقيبه يد وتـخذ موعدا لتصفيف شعرها .
ولما لم تكن علي عجله من أمرها , فقد أخذت وجبه خفيفه في مطعم صغير حيث استمتعت بوجبه ايطاليه لذيذه وكأنما امضت حياتها كلها في هذه المدينه .
عندما عادت الي القصر , كانت قد إشترت الحذاء والحقيبه وصففت شعرها بطريقه جميله رفعته فيه الي أعلي وأمسك بما يشبه تاجا ذهبيا فوق راسها الانيق , كل شيئ كان جاهزا . فقد وصلت عارضات الازياء , طويلات القامه نحيفات الاجسام بارزات العظام ووجوههن من النوع المرغوب فيه أمام كاميرات التصوير.
كن متشابهات الي درجه كبيره , ما عدا واحده لتدرك كاتيا بعد لحظه ان هذه المستثناه انما كانت جينا كابريني , واشتدت قبضتها علي الكيس الذي يحتوي مشترياتها , ولعنت المناسبه التي جعلتها تلبس هذا السروال القطني والقميص الخفيف العاري الكمين فوقه , ذلك ان جينا كابريني كانت رائعه , كان ثوبها الليموني البسيط يضيف حجما الي صدرها الناهد بينما يبرز طوله الذي لا يتجاوز الركبتين , ساقيها الممتلئتين .
--------------------------------------------------------------------------------

أحست كاتيا بنار الغيره تلتهب في اعماقها . وتمنت لو كان ي استطاعتها الزحف متخفيه الي السلم حيث تصعد الي غرفتها فلا تقع عليها انظار غريمتها وهي علي هذه الحال من عدم الاستعداد للحفله, ولكن الحظ كان مجانبا لها , اذ برز نيكولو من بين بعض العمال , لياخذ بذراعها قائلا:"ها قد جئت اخيرا يا كاتيا, لقد خشيت ان تكوني ضللت طريقك ."
لم يكن في لهجته قلق حقيقي وهو يبتسم لها ثم يتابع قوله :"وها انتي ادرك من طراز شعرك الجميل ,اين امضيت معظم وقتك."
قالت وقد تصاعد في نفسها مركب النقص :":" هل أعجبك طراز شعري؟"
قال برقه :"إنني افضله متناثرا علي وسادتي , ولكنه ,بالنسبه الي الناس رائع تماما , أما الان فاريدك ان تقابلي جينا أظنها ابتدأت تعتقد انك احدي بنات خيالي ."
تساءلت كاتيا بحزن وهو يقودها عبر القاعه , اتلااها تعتقد أم ترجو ؟
كانت جينا من قرب , اتزال رائعه , بعينيها الواسعتين البنيتين تحت جفنيها السميكين وأهدابها الكثيفه واندفعت تحييها بطريقه أظهرت ذكاءها وهي تمد اليها يدها بابتسامه من فمها الواسع الممتلئ , وهي تقول :"أظن انني يجب ان اعتذر لإزعاجكما في شهر العسل , ولكن بطاقات الدعوه كانت قد ارسلت قبل ان يفاجئنا نيكولو بما فعل." ووجهت جينا نظره عتب الي نيكولو لم تخف تماما وهي تدعي نوعا من التعنيف .
كان كل ما استطاعت كاتيا التفوه به وهي تضع يدها في يد المرأه الاخري الباردة , هو قولها :"كلا ,ابدا في الحقيقه انني بشوق لرؤيه العرض . أظن انه يجب ان اشكرك للثوب الذي احضره لي نيكولو "ميلانو" عند عودته"
قالت جينا بنعومه :" انه ليس مني شخصيا . انني فقط تدبرت ان يختار نيكولو هديته بنفسه , اذ انني اعرفه منذ وقت طويل . وانا متاكده من ان ذوقه في ملابس النساء ممتاز , أمل ان لاتكوني أصبت بخيبه أمل؟"
تطوع نيكولو بالجواب قائلا:"طبعا لم يكن هذا . وعندما ترينها الليله ستدركين السبب."
هنا .اعتذرت كاتيا منهما لتصعد الي غرفتها تاركه اياهما معا بينما إقرار جينا بقدم علاقتها بنيكولو ما زال يتردد في اذنيها . هل كانت تقصد ان توضح علاقتها بنيكولو ؟ ام انها شعرت بان كاتيا قد يسوؤها ان تختار لها ثيابها امرأه اخري؟
من الغريب انه , في أي ظرف اخر , كانت ترحب بان تتلقي النصيحه من فتاه ايطاليه , ام لعل كلمه امرأه هي الاصح , اذ ان جينا تبدو في سن نيكولو تقريبا , ومع ذلك كانت بشعرها الاسود القصير المجعد , وقوامها اللين الممتلئ , لا تختلف عن أي فتاه مراهقه حتي يري الناظر اليها الخطوط الخفيفه التي تبقي حول عينيها بعد ان تتلاشي ابتسامتها .
الان , وهي في مكانها تراقب العرض الذي لا ينتهي لمختلف انواع الملابس , عادت كاتيا بذاكرتها الي بدايه الامسيه حين وقفت بجانب نيكولو يستقبلان اعضاء اللجنه الضيوف . كان الامر ما يشبه المحنه بالنسبه اليها حين وقفت امام كل هذه الاعين الفاحصه ونيكولو يقدمها اليهم كزوجته وينفرج وجهها عندما تعالت منهم اصوات الاستحسان وهتافات الاعجاب عند اعلانه ذاك , وما لبثت ان احست بالارتياح وهي تتركهم لتاخذ احد المقاعد المخمليه وتجلس بجانب منصه العرض.
وقد اعترفت وهي تلامس قماش ثوبها بان رأي جينا في حسن ذوق نيكولو كان صائبا كان جميلا الي درجه مذهله ويناسب قوامها تماما . وقد ادركت من نظرات النساء الحاسده . ونظرات الرجال المعجبه .ان ذلك انما كان نتيجه لروعه هذا الثوب التي لا تضاهي
تصاعدت همهمات الاعجاب والاستحسان . عند عرض ما يبدو انه الاجمل في ما يعرض , الا وهو ثوب زفاف من الساتان والدانتيل بلون العاج بدا وكأن قلب كاتيا سيتوقف عن الخفقان وهي ترفع يدها تتلمس قرطها الذهبي المتداي من اذنها وذلك في حركه مكشوفه لإخفاء توترها.
تم لنيكولو ما يريد سيكون عليها ان ترتدي مثل هذا الثوب في وقت قريب ولكن كل جزء في داخلها ثار علي هذه الفكره مهما كان نوع الضغط الذي سيزاوله نيكولو عليها ليحملها علي الاذعان في الايام القليله المقبله وهي متاكده من انه سيضاعف الضغط فانها ستبقي علي تحديها له وهو لا يمكن ان يضربها ليحملها علي الاذعان
انتهي العرض , ليمط أعضاء اللجنه سيقانهم وينهضوا مبتهجين الي المقصف بينما ابتدات السيدات يتبادلن الاراء ي ما بينهن بحماس اما الرجال فابتداو يتطلعون الواحد منهم للأخر عابسين وهم يدركون ما الذي ينتظرهم بالنسبه لحساباتهم في المصرف .
بينما كان نيكولو يهنئ جينا اغتنمت كاتيا الفرصه لتنسل من جانبه متجهه نحو الموائد لتاخذ كاس من العصير ثم تبدأ بارتشافه
جاءها صوت لا يمكن ان تخطئه يقول :" تهاني يا سنيورا كاشياتورا انك تبدين الليله اشبه بملكه منك بماركيزه"
حولت كاتيا وجهها الي سيزار برونيللي بنظرة ازدراء وقد أقبل يقف في مواجهتها وسالته :"انت؟ مرة اخري؟" لم تحاول ان تخفي رنة الاشمئزاز في صوتها
قال دون ان يبدو عليه التراجع امام عدم رضاها عن رؤيته :"إنني شخص غير مرغوبفيه , اذان كل هؤلاء الناس راغبون في ان يحصلوا علي الشهره التي أقدمها لهم"
فقالت :" اذن مبروك عليهم الشهره , اما انا وزوجي فيمكننا الاستغناء عنها"
قال :"آه اما زلت تمانعين في أن أنشر صورة زوجك مع جينا التي تمثلهما امام بيتها؟"
هزت كاتيا كتيها بازدراء , ولكن قلبها كان يخق في صدرها وكانما يريد ان يفلت من عقاله ذلك انه بصرف النظر عما قتام به نيكولو نحوها من عمل شائن , ليس من مصلحتهما هما الاثنان ان تنشر مثل هذه الصوره انها لم ترغب في ان تعرض مذلتها علي العموم , كما ان وضعها لن يتحسن في ما لو ازدادت طباع نيكولو سوءا وقالت :" لا اظن ان احدا سيهتم بصوره كهذه حتي ولو كانت صحيحه "
قال وهو يمد يده الي جيبه ليظهر برهانا علي قوله :"انها طبعا صحيحه "
بنظره مذعوره تاكدت من صحه قوله , اذ علي الرغم من حقيبه اليد المرفوعه لستر الوجه , كانت السيده هي جينا حتما , وكانت ذراع نيكولو حول كتفيها , فقالت :"انهما صديقان قديمان "
عجبت كيف حدث ان غلف الجليد قلبها ؟ هل ادركها الشك في حقيقه مقابلتها ؟
قالت :" لقد اخبرني نيكولو انه قابلها لتجهيز مجموعه من الملابس لأجلي "
ارتسمت علي شفتيه ابتسامه ملتويه وهو يقول:" يا لهذا التفسيرانه سيعجب قرائي كما يعجبني ثوبك هذا واخذت نظراته الحاده تتمعنان في تقاطيع جسدها ,ليتابع قوله :" ثوب رائع لسيده رائعه . اذا كان عرض نيكولو كاشياتور هو ان يحسن نسله المنحدر من اسره عاديه لما وجد لأولاده اما افضل منك ربما كنت فقط حفيده لماركيز ولكن دمك الازرق هو واضح يا سنيورا "
فالتهبت عيناها بالثوره وهي تقول :" كيف تجرؤ علي مثل هذه الاهانه؟" لقد اصابتها معرفه الصحافي بدورها هذا في الصميم وتابعت :"اذا انت لم تحفظ لسانك عن مثل هذه التلميحات الدنيئه فسآمر بطردك من هنا سواء كنت مدعوا الي الحفله ام لا"
"ماذا يجري هنا ؟"
جاء صوت نيكولو البارد المتسلط من مكان ما خلفها وعضت كاتيا شفتها قهرا . كان اخر ما تريده هو عراك بين هذين الرجلين في مثل هذا المكان العام
قالت بصوت هادئ :" لا شئ .لاشئ مهما لقد اسات فهم شيء قاله السيد برونيللي فقط "
تجهم وجه نيكولو وهو يمعن النظر في وجه الصحافي ثم قال :" برونيللي , اه نعم الرجل الذي يحصل رزقه بالكتابه عن الشائعات هل كنت تهين زوجتي ؟ " ومد يده حول خصر زوجته يجذبها نحوه وهو يتابع :" لأنك لو كنت ...."
فنفي برونيللي الامر بضحكه خافته قائلا :" طبعا لا انني وزوجتك صديقان . اليس كذلك يا كاتيا ؟"
نظر اليها ساخرا وهو يميل براسه الي جانب , ممعنا النظر الي وجهها الشاحب وتابع يقول :" في الحقيقه عليك ان تشكرني اذا التزمت مرافقتها اثناء غيابك , والا لما عرفت هذه الفتاه المسكينه ماذا تفعل بوقتها , ولحسن الحظ كنت وحدي انا ايضا , فجئت لتسليتها ببعض الشائعات التي تكره انت بذاءتها "
"انك تكذب؟" وشدت يد نيكولو علي خصر كاتيا بقسوة بينما تلاشي كل اثر للمزاح علي ملامح سيزار برونيللي همست " نيكولو ارجوك لقد ابتدا البعض ينظرون الينا "
لقد ارادت ان تصرفه عن أي تحرش يمكن ان يقوم به نحو برونيللي اذ لم يكن لديه اية فكره عن الصوره الفوتغرافيه التي في جيب الصحافي وما دامت هناك فقد لا تنشر ولكن اذا اراد نيكولو ان يضرب الصحافي وهو ما يبدو لها محتملا فقد فكرت ان هذا الاخير قد يستمتع باحراجهم بها امام الناس .
منتديات ليلاس
تراجع برونيللي خطوه الي الوراء وقد ارتدت الابتسامه الي وجهه وهو يقول :" هل تراني اكذب ؟ هنالك مطعم قرب جسر الريالتو الذي يثبت لك النقيض انه لن يؤكد لك فقط انني وزوجتك تناولنا الغداء معا امس وانما طلبت مني ولا اقول انها اصرت علي ان ادفع عنها ثمن غدائها "
وادار وجهه الساخر نحو وجه كاتيا الساخر وهو يقول :"أصحيح ام لا؟ يا ماركيزه؟"
تردد هي لحظه لا تدري كيف تجيب عن هذا السؤال عند ذلك قال نيكولو بهدوء :" حسنا يا كاتيا , هل دفع هذا الرجل ثمن غدائك.."
عضت على شفتيها وقد بان الاحباط في وجهها وهي تقول:" نعم ولكن ليس بهذا الشكل الذي يقوله..."
انغرزت أصابع نيكولو في خصرها بقسوة آلمتها وهو يقول لسيزار برونيللي معتذرا ببرود:" إذن فأنا اعتذر عن نعتك بأنك كاذب. يبدو أن معك الحق في اتهامي بأنني أهمل زوجتي. وسأنتبه إلى أن لا يحصل هذا مرة أخرى."
عندما استدار سيزار برونيللي مبتعدا همست كاتيا وهي تضع يدا مرتعدة على ذراع زوجها وقد أحست بنذير شؤم إزاء ملامح زوجها المتجهمة:" نيكولو... يمكنني أن أشرح لك..."
قال وهو يزيح أصابعها عن ذراعه:" طبعا ستشرحين لي كل شيء ولكن يبدو أنك بحاجة إلى مزيد من التبصر والانتباه ويسرني أن أعلمك هذا ولكن ليس أمام هؤلاء الغرباء."
ابتعد تاركا أياها وحدها يتفاعل في نفسها الغضب واليأس. وتكلفت ابتسامة عدم اكتراث إزاء بعض الأنظار التي كانت تحدق فيها. ثم تهادت برشاقة نحو نادل آخر لتبدل كأس الشراب الفارغ في يدها بآخر ملآن.
إنها على الأقل إذا كان نيكولو سيحاسبها تلك الليلة فإنها ستجعله يخبرها بالحقيقة كل الحقيقة: وشعرت بالدم يجري حارا في عروقها, وتضرج وجهها وهي تستعيد سيزار برونيللي إلى أن نيكولو قد تزوجها فقط لإضافة نوع مختلف من الدم إلى ذريته.
اعتصر الألم قلبها وهي تتذكر حادثة أثناء ليلة حفلة النقابة في قريتها في انكلترا وكان نيكولو يتحدث معها عن خطته لشراء حصان للسباق. وضحكت هي لقلة معلوماته بالنسبة إلى سلالات الدم. مازال يكنها سماع صوته في أذنخا وكأنما كان ذلك أمس فقط. وهو يقول:" بخلاف ذلك لقد علمني ريتشارد أشياء كثيرة أكثر مما تظنين مثلا إنني أعرف جيدا أن تربية المهر هي مسألة حيوية في تقرير نوعية سلالته."
كان ذلك برهانا آخر على أن سيزار برونيللي قد أصاب في فهمه لدورها في خطة نيكولو بزواجه منها النبلاء خصوصا الغافلون منهم عن أصلهم النبيل يمكنهم أن يكونو ألعوبة في يد أي رجل ماهر وذي امكانيات مادية. ولابد لهذا النبيل من أن يكون فقيرا معدما. وشعرت بالمرارة حين وصل بها التفكير إلى هذا الحد وما ليث أن تملكها نوع من الدوار جعلها تتمسك بأقرب عمود. وعضت على شفتها... ماذا لو كانت حاملا؟ إن حدثا كهذا كفيل بأن يقلب خططها للخلاص من ورطتها هذه رأسا على عقب.
في هذه الحال لن يكون أمامها طريق يمكنها أن تسلكه إلا أن تبقى حيث هي محاولة أن تتصرف حسب المفاهيم المعترف بها بينما حياتها حولها تتحول إلى أشلاء.
تنفست بعمق تستجمع بذلك شتات نفسها ثم استطاعت بصعوبة أن تجد طريقها إلى الحديقة حيث لجأت إلى الشرفة الخفيفة غلإضاءة وفكرت في ما بعد عندما يكتفي المدعوون من الطعام والشراب لا بد أن ينتشروا في الحديقة ويحتلوا البقعة التيي استحوذت عليها لنفسها ولكنها في هذه اللحظة كانت تجلس وحدها .
حالما جلست على المقعد الحجري انتبهت إلى أنها كانت مخطئة وإنها لم تكن وحدها. إذ نهض شخص من على الأرجوحة هناك ومن ثم تقدم نحوها.
كانت جينا كابريني وهي آخر شخص باستثناء برونيللي تمنت كاتيا رؤيته ولكن كان هناك شيء ما في وجه جينا كان في عينيها نظرة توتر وإرهاق لا يمكن احتمالها مما مس شفاف قب كاتيا الرقيق.
كانت جينا ترتدي رداء عاري الكتفين من الساتان يذكر طرازه بالمبراطوره جوزفين ولكن جمال جينا لم يحول الألم في قلب كاتيا إلى غيرة.
ووقفت جينا مستندة إلى حاجز الشرفة وهي تنظر إلى الفتاة قائلة:" لا بد أنك مثلي وقد تضايقت من كل تلك الجموع."
تكلمت كاتيا من بين شفتيها الجافتين:" قليلا.. ولكنها كانت أمسية ممتعة."
قالت جينا وهي تترنح قليلا ثم تتمسك بحافة الحاجز:" نعم..."
هبت كاتيا واقفة وهي ترى شحوب وجه المرأة وقالت لها:" تعالي هنا. إجلسي."
قالت جينا:" ليس بي من شيء..." وحاولت الابتسام ولكن شفتيها المتوترتين لم تطاعاها. ومالبثت أن امتثلت إلى طلب كاتيا فجلست على المقعد قائلة:" لا بد أن ذلك نتيجة الإثارة الشديدة..." ولكن صوتها تلاشى وهي تدفن رأسها بين يديها.
في هذه اللحظة أدركت كاتيا الأمر. لقد جاءها , فجأة إلهام خفي قادها إلى استنتاج مفاجئ من خلال الثوب الذي كانت جينا ترتديه. الانتقال من الثوب البسيط هذا الصباح إلى الرداء الملوكي الآن الذي يخفي خصرها.
سألتها كاتيا برقة:" أهو الحمل؟" ورفعت جينا إليها عينيها الواسعتين البنيتين وبدت ملامحها صحة تنبئها.
قالت جينا:" هل أخبرك نيكول بذلك؟"
سألتها كاتيا بصعوبة وقد تجمد دمها:" هل طلبت منه أن لا يخبرني؟" فسارعت هذه قائلة:" كلا , كلا.. كان رأيي هو أن يخبرك." واذ تقبضت أصابع جينا بقوة جعل لون أصبعها الأبيض بعد أن توقف فيها يريان الدم يلمع في الضوء الخفيف الذي ينير الشرفة. وتابعت كلامها:" لقد رأيت شخصا يأخذ لنا صورة بينما كنا أمام منزلي. وأنا أيضا متأكدة من أن ثمة من كان يراقبنا أثناء تناولنا الطعام في المطعم لقد أردت أن تعرفي الحقيقة فيما لو نشرت صحيفة ما شيئا عنا إذ أنني منذ تركت زوجي أصبحت هدفا لمخبري الصحف. لقد أراد نيكولو أن يبقى الأمر سرا إلى أن يتدبر المسألة ولكنني مسرورة لأنه غير رأية وأخبرك."
سألت كاتيا بهدوء:" ماذا عرض أن يفعل بالضبط؟"
تساءلت هل من الممكن أن تكون هي هي نفسها إذ تتحدث إلى عشيقة زوجها بهذا الهدوء وإلى متى يدوم هذا الهدوء غير الطبيعي وماذا ستفعل إذا تلاشى؟
قالت جينا:" كان يريد أن يتحدث إلى زوجي جوزيف ليخبره بكل شيء."
أطلقت ضحكة مرتجفة ثم استطردت:" إنه أمر يدعو إلى السخرية أليس كذلك؟ لقد امضى جوزيف كل تلك الشهور يحاول أن يدفني إلى الاقرار باسم عشيقي وذلك لكي يطلقني بعد أن يشهر به ويحقره أمام الملأ. والآن لن تمضي أسابيع قليلة قبل أن يكتشف الجميع إمارات الحمل عندي."
إنه ابن نيكولو لقد كانت جينا كابريني تحمل ابن نيكولو... هل هذا هو الدم النبيل الذي كان نيكولو يرغب لولده زماذا سيحدث الآن؟ من الواضح أنه لن يعترف بابن جينا ولدا شرعيا له حيث أنه طلب بوضوح في الليلة السابقة تثبيت زواجه منها هي.
ازداد الألم في نفس كاتيا إنه علاقة غير شرعية ولكن وجود الطفل سيجعلها طويلة مستديمة.
قالت كاتيا:" أظن أن طلاقك أصبح الآن أمرا لا مفر منه؟"
لقد جازفت بإلقاء هذا السؤال مستطلعة وهي تتمنى لو كان بإمكانها أن تكره هذه المرأة ولكنها ولاستغربها الشديد وجدت في نفسها استحالة ذلك. لقد أدركت من إمارات اليأس على وجهها أنهما لم يفكرا أبدا في إنجاب طفل.
هزت جينا برأسها قائلة:" لقد كان جوزيف دوما يريد أطفالا. وهوسيرحب بي إذا أنا عدت إليه هذا إذا لم يكن بذراعين مفتوحتين. وإن كان لم يعد يهتم بي مثل قبل فإننا ما زلنا زوجا وزوجة."
لم يكن هذا الجواب الذي كانت كاتيا تنتظره. وفكرت للحظة قبل أن تسألها دون أن تتمكن من إخفاء دهشتها:" إنك تريدين أن تعودي إلى زوجك أليس كذلك؟"
أجابت جينا بجمود:" ألا تفعلين أنت ذلك لو كنت في مكاني؟ ما الذي أستطيع عمله غير هذا ما دمت أريد لولدي أن ينشأ بين والدين؟"
نهضت واقفة باحتراس وهي تستطرد وعلى وجهها إبتسامة واهنة:" أرجو المعذرة للتحدث معك عن مشكلاتي. لقد وقف نيكولو بجانبي عندما أخبرته بأنني حامل . وفي الحقيقة لا أدري ما الذي كنت سأفعله لولا مساعدته لي."
وأخذت تسوي من ثوبها وفي لحظة واحدة تجلى الحمل عندها واضحا في تكور بطنها وفكرت كاتيا مكتئبة في أنها لابد في الشهر السادس من الحمل إنه إذن لم يقع حديثا. ولابد أن نيكولو عرف بأمره قبل قدومه إلى انكلترا بوقت طويل للتفتيش عن الماركيز الغامض وحفيدته. وعجبت من صفاقته الساخرة وعدم إحساسه. وأدركها الخوف يبدو أن لاشيء يمكن أن يردعه عن تحقيق مقاصده.
لكن ماذا عن جوزيف كابريني زوج جينا ؟ وكيف يقبل بابن نيكولو إبنا له؟ كما بدت جينا متأكدة من أنه سيفعل؟ هل ذلك تجنبا للفضيحة؟ لكي يعلن للملأ أنه ليس عنينا؟ من يعلم إلى أي مدى تقود الخيلاء الرجل؟ أم أن الامر ببساطة هو أنه إذا هو فضح الأمر فإنه سيخسر عمله في شركة كاشيارتو لتصميم السيارات؟
إن مجابهة نيكولو بالتحدي لن تنتج سوى هدم فكرته عن عدم امتراثها بأمره. هذه الفكرة التي بذلت جهدا شاقا في سبيل تثبيتها في ذهنه. ولكن وضعها في منزلة يتدنى ساعة بعد ساعة. إلى حد لم يعد يحتمل. وإن ظهور خيانة نيكولو لم تنتج سوى تخدير حبها له على أساس مؤقت تماما كالحقنة التي يعطيها طبيب الأسنان والتي تعطي راحة مؤقتة. والآن من دون علاج قد امحى تأثير المخدر لتظهر الحقيقة المؤلمة. وبرغم كل هذه الأسباب فإنها ما زالت في أعماقها تعشق الرجل الذي تزوجت منه ولو أنه فقط تزوج منها لأسباب تتعلق بأعماله لبقيت معه وحاولت أن تجعل من اتحادهما زواجا ناجحا حتى ولو تضمن مثل هذا الزواج رغبته في مزج دمائه بدماء أسرة لورنزو رغبة في محو أخطاء الماضي لو كان الأمر كذلك لكان في استطاعتها احتماله. لقد كانت حمقاء حقا إذ على الرغم من الوضع الذي كانت قد قررت اتباعه فقد كان يمكن أن تتألم من وجود جينا في حياة نيكولو لبضعة أسابيع أخرى.ولتكون شهورا آملة في أن هذه العلاقة ستنتهي بعد مدة. ولكن جينا هي حامل الآن... كلا إن هذا فوق قدرتها على الاحتمال.
لم يعد أمامها سوى خيار واحد وهو أن تتركه عائدة إلى انكلترا. ولكن قبل ذلم عليها أن تتخذ خطوات سريعة لتزداد معرفة بالظروف الماضية التي جعلت جدها عرضة للتخويف. وعضت شفتها السفلى وهي تمحص المسألة. لقد كان جدها رجلا مسنا بحيث لم يكن في اسطاعته مقاومة طريقة نيكولو في تخويفة.
هكذا جاءها الجواب الذي ينبغي ولم يكن مما يسر. إن كل معلوماتها جاءت من سيزار برونيللي. وبتدخله الخاص استطاع أن يتتبع آثار وارث لقب كاستيلون. وما زالت البطاقة التي تحمل اسمه وأرقام هاتفه موجوة حيث كانت قد دستها في عمرة غضبها في جيب حقيبة يده الخارجي. بعد أن منعها إحساس غامض من أن لا تدوسها بكعب حذائها وهي تخرج من ذلك المطعم.
على الرغم من كراهيتها اما ستقوم به. لم يكن أمامها سوى أن تبتلع كبرياءها لتطلب من ذلك الشخص الذي يضيقها أن يحيطها علما بكل شيئ آملة في أن تجد علاقة بين الماضي ومعضلتها الحالية.
انتهى الفصل الثامن

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة ماري-أنطوانيت ; 05-08-08 الساعة 02:34 PM
عرض البوم صور ماري-أنطوانيت   رد مع اقتباس
قديم 05-08-08, 02:33 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 29212
المشاركات: 47
الجنس أنثى
معدل التقييم: ماري-أنطوانيت عضو له عدد لاباس به من النقاطماري-أنطوانيت عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 102

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ماري-أنطوانيت غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ماري-أنطوانيت المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

هذا الفصل كتب من قبل العزيزات (( لحن الوفاء )) (( shining tears )) (( الشيخه زوزو ))

**~ الفصل التاسع ~**

لم تعرف كاتيا كيف أمضت الوقت قبل أن تنتهي الحفلة وتتنهد الصعداء وهي ترى آخر زورق يحمل الضيوف يفارق القصر .
عند عودتها الى قاعة الرقص ، شعرت بالارتياح إذ لم تجد أثر لنيكولو ، ربما كان يعطي الإرشادات اللازمة للخدم لإعادة تنظيم القاعة بحيث تنتهي العملية في الساعات الأولى للصباح ، أو ربما كان مع جينا يخططان مستقبلهما بالنسبة إلى قرب إعادة علاقتها مع زوجها .
اعتصرت قلب كاتيا موجة من الغيرة تراؤي الغضب من ردة الفعل عندها إزاء الإذلال الذي تعرضت له من جراء خيانة نيكولو لها .
اجتازت قاعة الرقص الخالية لتصعد السلم الأنيق . وعلى عتبة غرفة الجلوس ، توقفت وقد ارتجفت يدها الممسكة بقبضة الباب . ماذا لو كانت افتراضاتها عن مكان نيكولو حالياً ، خاطئة ، وكان هو موجوداً في انتظار وصولها ؟ ولم تشعر برغبة في العراك أو الجدل ، ناهيك عن القيام بدور الزوجة المطيعة فيما لو طلب ذلك منها .
أطبقت فكيها بعزم ، وفتحت الباب ، وإذ وجدت الغرفة خالية ، تنهدت بارتياح وبسرعة توجهت إلى حيث علقت ثوبها الجميل باحتراس في خزانة ثيابها ، ثم اغتسلت بسرعة وارتدت ثياب منامتها الجميلة التي كانت تؤخذ إلى الغسل كل صباح .
ألقت برأسها فوق وسادتها الحريرية وهي تشعر يالإرهاق الشديد الناتج عن اليأس ، وكان أخر ما راودها من أفكار قبل أن تستسلم للنوم هو أن نيكولو لو كان الآن مع جينا فإنها لن تخشى ازعاجه لها عند عودته ليرقد بجانبها .
أيقظتها خيوط أشعة شمس الصباح على وجهها ، منسوبة من خلال الستائر من صنع البندقية ، لتلاحظ في الحال أن السرير الى جانبها لم يستعمل قط إذن فقد أمضى نيكولو طيلة الليل الى جانب حبيبته أم ولده القادم .
وأنبأتها الساعة الموجودة بجانب السرير بأن الوقت هو الثامنة والنصف صباحاً . ونزلت من السرير شاعرة بالدهشة للنشاط الذي بعثه في جسدها نوم ليلة بطولها ، ثم دخلت الحمام لتغتسل وترتدي بما أمكنها من السرعة ثياباً تناسب الجو ، مؤلفة من تنورة قطنية اختلط فيها اللونان البرتقالي والفيروزي وفوقها قميص فيروزي اللون دون كمين .
لفحت الحرارة ذراعيها العاريتين وهي تخرج الى الشرفة حيث كان فطورها موضوعاً على طاولة هناك كما جرت العادة في غياب نيكولو . كان هناك مقعدان . ولكن ، الى حين انتهائها من طعام الفطور المكون من الخبز الساخن والفاكهة المحفوظة والذي أحضرته اليها ماريا ، الى ذلك الحين ، لم يكن قد ظهر لنيكولو أثر بعد . كانت تتوقع من ماريا أن تسألها عن مكانه ، ولكن لدهشتها لم تنطق ماريا بشيء . وخمنت انها إذ تتبادل الأحاديث مع غيرها من الخدم ، لابد أن عندها فكرة وافية عن المكان الذي يمضي فيه سيد القصر أوقات لهوه دون ان يزعجه واقع الزواج الذي لم يغير من عاداته .
كان الحظ في خدمتها . فلقد ازداد تصميمها على الاتصال بسيزار برونيللي، ذلك انها كانت في حيرة من الطريقة التي تستطيع معها مغادرة القصر دون أن تثير ريبة نيكولو .ولكن ، هاهي ذي المشكلة قد حلت .
عندما أنهت كوب القهوة الثاني ، ابتسمت للخادمة إذ سألتها ان كانت ترغب في اية خدمة أخرى .
شكرت كاتيا الفتاة لتبعد الكرسي وتقف برشاقة طبيعية وهي تقول : "سأذهب لأنفق شيئاً من النقود التي يحصلها زوجي بعرق جبينه . إن خزانة ملابسي بحاجة إلى إضافة بعض الأثواب الحديثة الطراز ، وقد اقترح نيكولو أن أبدأبشراء بعض منها حالياً ."
بعد أن أومأت الفتاة برأسها متفهمة ما سمعت تركت كاتيا الشرفة . ولم تجد في نفسها ميلاً الى ترك ملاحظة لزوجها الشارد . ولكنه ، على الأقل سيتلقى جواباً من الخادمة ماريا في ما لو عاد وسأل عنها ، وإن كان من المحتمل أن لا يعجبه الجواب .
كانت غرفة الجلوس ماتزال خالية حين دخلتها متجهة إلى الهاتف المزخرف بالذهب . وأدارت الرقم لتسمع صوت سيزار برونيللي المألوف قائلاً :" آه ، يا ماركيزة !" كان في صوته رنة فوز وهو يسمعها تذكر له اسمها ، كما ذكر لها اسمه . واستطرد قائلاً :" هل قررت أخيراً ، بأنني قد أستطيع تقديم مساعدة لك ؟"
قالت بجمود :" أحب أن أعرف المزيد عن تاريخ أسرتي ."
لقد كرهت الاذلال الذي اضطرت اليه امامه ، ولكنها لم تكن تستطيع منع ذلك ، واستطردت :" لقد سبق واخبرتني انك تابعت مع المحامي البحث عن جدي ."
فجاءها الجواب :" الآن وقد وجدت الوقت لتسأليني عن ماضي جدك ، يسرني بالتأكيد أن أخبرك عن كل شيء أعرفه ، لقد كنت منذ لحظات متوجهاً إلى موعد ومن صثم لأمضي النهار في الليدو . سأراك في البار في الاكسلسيور الساعة الحادية عشرة . واحضري معك المايوه البكيني حيث ان هناك مسبحاً خاصاً . الى اللقاء ."
قبل ان تجيبه بالموافقة ، أقفل هو الهاتف . لقد طلبت هي منه ذلك . فهل كانت على صواب في عملها هذا ؟ ووضعت المناديل الورقية وكيس النقود ، بينما رفضت اقتراح الصحافي بأن تصحب معها المايوه البكيني ، بالأزدراء الذي يستحق .
على كل حال ، ربما لم يكن الموعد في الليدو بالفكرة السيئة ، فكرت في هذا وهي تشعر بارتفاع معنوياتها إذ تخرج من القصر دون أن يلحظها أحد. ولابد أن يكون ذلك المكان مزدحماً بالسياح والبنادقة مما يمكنها من الاختلاط بهم دون ان يلحظها أحد ودون ان يساورها الخوف من أن يقبض عليها نيكولو من حيث لا تعلم .
عندما وصلت ، كان برونيللي في انتظارها . وحيث انها استقلت عبارة القناة البخارية حال خروجها من القصر ، فقد وصلت مبكرة ، بعد ربع الساعة التي استغرقتها الرحلة ، فأمضت بعض الوقت في التفرج على بعض السياح يلعبون كرة المضرب ، ومن ثم اتخذت طريقها إلى "الاكسلسيور " .
هتف سيزار برونيللي متصنعاً خيبة الأمل وهو يرى حقيبة اليد الصغيرة التي تحملها ، قائلاً :" ألم تحضري المايوه البكيني ؟ لقد كنت متشوقاً الى أن أرى مزيداً من الفتنة التي سلبت لب نيكولو كاشياتور ."
سألته ببرود :" حقاً ؟ ظننت انك قلت مرة أن عيني زوجي سبق وارتبطت في مكان آخر ."
تساءلت . هل تراه يعلم بحمل جينا ؟ واعدت نفسها لتفاصيل أخرى تحمل الإذلال لها . ولكن لاشيء حدث .
قال وهو ينهي طعامه ، ثم يستدعي رجل البار بإشارة من اصابعه :"هل تشعرين بالغيرة ؟ على كل حال ، من ذا الذي يلومك ؟ ماذا تشربين ياماركيزة ؟"
قالت وقد تضرج وجهها :" إن لقاءنا هذا ليس مناسبة اجتماعية ، وأفضل أن تخاطبني بإسم كاتيا ."
قال :" هذا يشرفني يا كاتيا . ولكنني هنا بناءً على طلبك ، واذا اردت ان نبحث في اي عمل ، فليكن على طريقتي الخاصة فنتناول شراباً في البار ثم بعد ذلك الغداء ولقد حجزت مائدة لذلك ."
قالت وقد تمثل لها وجه نيكولو الثائر :"علي ان اعود الى المدينة ."
قال:" اذن نسرع بتناول الطعام ." واخذ بذراعيها يقودها نحو غرفة الطعام وهو يتابع قائلا:" لا ادري لماذا تتمنعين . انها ليست المرة الاولى التي دفعت فيها ثمن طعامك ، اليس كذلك؟"
تركته يقودها الى المائدة دون ان تتفوه بكلمة. وهي تفكر بألم ان هذا الرجل قد يسيء الى نيكولو وشركته، اذا هي عارضته ، وهذا مالم تكن تريده.
لم يوافق برونيللي على الاجابة عن اسئلتها الا بعد ان فرغا من الطعام.
بذهول كلي ، اخذت كاتيا تستمع ال حكايات عن الثار والثأر المضاد حين اخذ الصحافي يروي تاريخ اسرتي لورنزو وكاشياتور، شارحا التفاصيل التي عرفها اثناء التفتيش عن وارث لقب الماركيز . انها حاكايات اعماق الجنوب الايطالي، وعن الصراع على الارض بين اسرة كاشياتور الذين كانوا مزارعين، وليوبولدو دي كاستيلون الذي كان المالك المحلي . كانت قصة هتك الحركات والقسوة والفقر التي افزعتها ، لقد سبق لنيكولو ان حدثها عن قسوة الماركيز الاكبر ، ولكنه لم يحدثها عن فظائعه. ولكن سيزار برونيللي كان يبدو عليه السرور وهو يصور لها بالتفصيل تلك الاعمال الاثمة الشنيعة التي كان يقترفها جدها الماركيز.
كان قد سبق واقتنعت بان تصرفات نيكولو انهما كانت للاخذ بالثأر ، ان لك يكن منها شخصيا فمن ذكرى الشخص الذي اساء معاملة اسرته. وشملتهارجفة وهي تستعيد في ذهنها ، صورة وجه زوجها القاسي المتكبر ، والطريقة التي خدعها بها ، لقد تاكدت الان ان نيكولو يمكن ان يفعل اي شيء في سبيل الانتقام اللذين احبهم.
قال سيزار:" يبدو عليك الشحوب يا كاتيا . هل اضرت الشمس الحامية ببشرتك الانكليزية الرقيقة؟"
هزت هي رأسها بضعف قائلة :" ليس في الاستماع الى هذا السرد عن الاثام والفظائع ، مايبعث على السرور . كما ينبغي ان تعلم."
قال:"خصوصا عندما تعجبين لتصرفات زوجك..."
ولو شفتيه ثم استطرد :" لقد نشرت خبر العثور على مكان جدك بعد اسبوعين من ذلك ليتوجه نيكولو كاشياتور الى انكلترا في رحلة عمل ، ظاهريا، اليس من الغريب ، حينذاك، ان يذهب لزيارة عدوهم القديم؟ والاغرب من ذلك انه بعد اسابيع من مقابلته لحفيدته ادهش المجتمع في البندقية بنبأ خطبته لتلك الحفيدة ."وانخفض صوت سيزار وهو يقول:" كيف استطاع ذلك ياكاتيا؟ اي ضغط زاوله عليك وعلى الرجل العجوز؟ ام لعله اخبرك ببساطة انه وقع في غرامك من اول نظرة؟ فصدقته انت؟"
اتسعت عيناها الزرقاوان في وجهها الشاحب تعترفان بالحقيقة, وللحظة ظنت انها رأت لمحة عطف في نظرات برونيللي.
نظر اليها مفكرا ثم قال:" اذن فالامر كما افترضت ، انه لم يخدع زوجة كابريني فقط ، بل خدعك انت وجدك..." لابد ان تعابير وجهها قد فضحتها مرة اخرى ، ام لعلها غريزة الصحافي؟ وتابع وهو قائلا:" هل علم جدك بما حدث؟"
لم تكن تعاستها لتحملها على التبصر قبل ان تنفجر بالقول بلهجة حوت كل تعاستها تلك:" اعتقد ان زو..."
واختنقت كلمة (زوجي) في حلقها فتجازتها قائلة:" ان نيكولو استعمل بعض الوسائل لاقناع جدي بالموافقة. وقد ظننت انك ربما..." وبترت كلامها لتلوذ بالصمت.
نظر اليها الصحافي مفكرا وهو يقول:" دين يتعلق بالوفاء؟ ربما. اذ كما تعلمين قد ترك جدك ايطاليا بسرعه بعد ذلك الحادث الذي اودى بحياة والديك، وذلك ليستقر في انكلترا. وعلى حد علمي ، لم يكن ابدا بالرجل الغني . ولابد ان الانتقال من وطنه كلفه كثيرا. هناك بعض الشواهد على اتصال كان بينه وبين باولو كاشياتور. والد زوجك، وكان وضع واحوال تلك الاسرة، لورنزو ، قد تغير في ذلك الحين بالطبع، فابتدأوا بالقتراض لينجزوا اعمالهم، وربما اقرض باولو كاشياتور ،جدك انطونيو لورنزو بعض المال ليساعده على السفر، وهو يعلم جيدا ان عنده حفيده قد تكون عندما يحين الوقت ، مناسبة كرد للدين باعتبار اسمها النبيل."
هتفت كاتيا محتجة:" هذا التفسير منطقيا ومتلائما مع الحقائق التي عرفتها . كم كان جدها يشعر باليأس لأجلها، حين اخذها الى كنفه ، الى حد اضطر معه للإقامة مع عمتها بيكي. والاسوأ من ذلك انه كان يعلم انه لن يستطيع ابدا ان يرد الدين الى عدوهم القديم . وهكذا غير اسمه ليتجنب ملاحقة القضاء. وفجأة اتضح امام كاتيا كل شيء...
معارضته في ان تتعلم هي اللغة الايطالية ورفضه العودة الى ايطاليا ، كراهيته الظاهره لابناء شعبه. ثم مالبث قدره ان اوقعه في الفخ... وكان ان دفعت هي دينه، من قلبها وروحها وجسدها.
منتديات ليلاس
نظر سيزار برونيللي اليها بفضول قائلا:" اهذا هو ما كنت تودين سماعه؟."
قالت:" نعم . انه يكفي." وادارت وجهها عنه كي لايرى دموعها المتجمعة في عينيها ، وقد خنقتها الغصة . لقد غدر بها الرجلان اللذان احبتهما في حياتها اكثر من اي شيء اخر . ولكن مع كل هذا دفعتها بقايا من حب لنيكولو الى ان تحاول حمايته من التطخ بالاقذار ، لتقول للصحافي :" ولكن كل هذا مجرد افتراضات وظنون ، واذا انت حاولت ان تنشر شيئا من ذلك فسأنكر انا كل كلمة."
قال:" انني معجب بولائك هذا لوجك . كذلك من الصعب ان تستطيع امرأة متزوجة حديثا، معاملة منافسة مثل جينا كابريني بمثل رباطة جأشك هذه . واذا اردت الثأر الان ، فهذا هو الوقت المناسب لذلك."
وقفت بكبرياء وهي تحاول اخفاء دموعها بقولها :" ثمة الكثير مثل هذه الاشياء . واذا شئت ان تعلم ، ليس ثمة شيء بين زوجي وبين جيتا كابريني. وانا اعلم ، حقيقة انها وزوجها يتفاوضان للمصالحة في مابينهما.
قال وعيناه تتألقان :" سانقل عنك هذا الكلام."
قالت :"ولماذا لا تحقق منه اولا من جينا كابريني نفسها؟ اليس هذا ماتدعونه (سبقا صحافيا؟) اليس هذا افضل نتيجة لك من ان تنشر صورتها الفاضحة مع زوجي امام بيتها؟"
استدارت مبتعدة وقد تاكدت من انها اتقذت شركة زوجها من الاحراج، ساخره من نفسها لعدم قدرتها على استئصال اخر جدورها حبها لينكولو من قلبها . ذلك الحب الذي غرست بذوره ونمت اثناء الايام الهادئة المطمئنة في انكلترا.
امضت كاتيا رحلة العودة القصيرة في العبارة البخارية للفتاة الكبيرة ، مستمتعه بجمال الفتاه الرائع . وحدثت نفسها في انه لو صحت استنتاجاتها عليها ان تحترم هي دين جدها ايضا مهما كان قدره. وعلى كل حال، فقد كان مال جدها هو الذي انشاها وامكنها من ان تتعلم مهنة العلاج الطبيعي . ان كل امكانياتها يمكن ان تاتي بنتيجه طيبه يمكنها معها سداد دين جدها عليها هي من حب ورعاية. وعضت على شفتها مفكرة . ربما كان الحل لكل هذا هو ان تجد وظيفة في مستشفى قريب من قريتها سادينغهام في انكلترا مما يمكنها من ان تعيش مع جدها وعمتها بيكي وبهذا تتمكن من عدم صرف نقودها من اجراء الحياة في لندن . وتساعد جدها في تجميع المال اللازم لوفاء الدين لاسرة كاشياتور وذلك يوما فيوما ولو امضت حياتها كلها في ذلك .
لم يكن من السهل عليها مواجهة جدها , ولكن عندما تحدثه عن كل الحقائق والاحداث ، سيقتنع حتما بان وضعها هذا من غير الممكن احتماله .
اخدت اثناء اختراقها الشوارع الضيقه في طريقها الى القصر , تفكر في كل هذه الامور . وبرغم هذه التصورات التي حاولت فيها تجاهل دور نيكولو في الامر، فانها كانت واثقه من انه لن يدعها تذهب ، بملء ارادته . انها "حصته" وقد اظهر بجلاء مبلغ عزمه على مداومة الاستمتاع "بحصته " تلك . ولهذا يجب ان تخطط بحذر كافٍ ، لهجره. وهذا يعني ان عليها تحين الفرص الى ان يغيب ذات يوم كما غاب هذا الصباح .
كان القصر هادئا في عصر هذا النهار بينما هي تسلك طريقها عبر الحديقة وهي تتنهد بارتياح لدى رؤيتها له خاليا . ان ماهي بحاجة اليه الان هو ان تجلس في غرفة الاستقبال المكيفة الهواء في شقتها ، ثم تبدا بوضع تفاصيل خطتها .
كانت الستائر مسدله على نوافذ غرفة الاستقبال حين وقفت كاتيا تتنفس بغبطة امام الهواء البارد الذي كان يلفح جلدها الحار.
جاءها صوت من خلفها قائلا :" هل كانت جولتك في التسوق ناجحه ياكاترينا؟"
اطلقت شهقه دهشه ازاء سؤال نيكولو المهذب بينما كان ينهض بقامته المديدة ، من اعلى احد المقاعد الريحة . ونظرت اليه وقد جمد ظهورة المفاجئ ، الدم في عروقها ، قالت له غاضبه :" لماذا تواري نفسك هكذا في الظلمه ؟"
قال :" انك تعتبرينها ظلمه لكونك دخلت حديثا الى الغرفة من الخارج ياعزيزتي . وعندما تعتادينها سترتاحين اليها . ولكنك لم تجيبي عن سؤالي. ماهي الازياء الرائعه التي اشتريتها لتخلبي بها لب المعجبين بك ، وتعززي بها مركزك كرائدة للازياء العصرية .... هم م م م ....؟"
كان السؤال بالغ الرقة وصوته بالغ الهدوء . لقد اصبح في امكانها الان ، بعد ان اعتادت عيناها ظلام الغرفة ، ان ترى في الخطوط المتوترة حول فمه الجميل ، وفي لمعان عينيه خطرا صامتا .
قالت وهي تتطلع بهلع الى حقيبه اليد الصغيرة المعلقة باصابعها :" لاشيء . لم اشتر شيئا . لم اجد ما يعجبني ."
قال :" اذن كان يجب ان تقومي بالتسوق في قلب البندقيه وليس في الليدو ."
لكن لهجة نيكولو المتسائلة التي تفقد حلاوتها ، لم تفلح سوى في ان جعلت كاتيا ترفع ذراعها مجفله وفد بدا عليها الخوف ، ليتحول هذا الخوف الى غضب . ذلك انها لم ترتكب ما يشين .
قالت بهذوء :" لقد غيرت رايي . اليس هذا عادة النساء ؟ الى جانب ان ..."
وتوقفت عن الكلام فجاة لتساله :" كيف علمت بمكاني ؟ هل بلغت بك الوقاحة الى حد وضع من يتتبع خطواتي ؟"
قال وهو يتقدم نحوها :" كلا ياعزيزتي ... ليس انت . لقد صدقت كذبتك على ماريا . اذ انني مع علمي بانك تبيعين نفسك اشك في سبيل المال ، وليس عندك شعور بالمسؤليه، مع ذلك ، لم اشك في امرك ولم اتوقع منك الخيانه . لقد كان صديقك سيزار برونيللي هو موضع اهتمامي . لقد عنيت من يتتبع خطواته منذ عودتي من ميلانو لكي اكتشف اعوانه في جرائمه "
فغرت كاتيا فاها ماخوذة وقد تسارعت ضربات قلبها وشعرت بالم في صدرها احدثه التوتر المؤلم الذي تملكها لتقول ببلادة :" اعوانه ؟"
تملكها الذعر اذ كانت تعلم جيدا ان وراء هدوء نيكولو الظاهر كان يمكن غضب اسود عميق.
تقدم مرة اخرى ليقف بينها وبين الباب قائلا :" يالهذه البراءة . ان جمال وجهك لاينم عن الظلام الذي يكتنف روحك . اليس كذلك ؟ ماذا يدفع لك سيزار ياكاتيا ؟ اي شيء قدمه لك مما لم استطع انا تقديمه ؟"
بخطوة سريعه ، تقدم يمسك كتفها بيديه القويتين قائلا :" ام لعلك قررت عدم مواجهة مسؤولية كونك زوجة لي ؟ وانه ليس في استطاعتك اعطائي اولادا سواء بمباركة الكنيسة ام بعدها ، اهذه هي المسألة ياكاتيا، هل قدم برونيللي اليك النقود دون اي ارتباط به ؟ هل كان االاغراء بان تكوني امرأه ثرية. اقوى من ان يمكنك مقاومته؟ اخبريني . ماذا كان ثمن محاولتك تدمير اعمالي؟"
كان السؤال الاخير مصحوبا بهزة عنيفة لكتفيها حين نظرت الى وجهه الغاضب بعينين متبلدتين ، لتقول وقد امتلأت عيناها الزرقاوان بالضراعة ازاء نظرته المسيطره :
"نيكولو... صدقني . ليس لدي اية فكرة عما تتحدث عنه كيف يمكنني تدمير اعمالك حتى لو اردت ذلك؟ انني لا اعرف عنها شيئا؟"
قال بمرارة :" انه اثناء تلك الليلة الاولى من اتصالنا ... حين ائتمنتك على اسرار عملي بحماقة . لقد تقاضيت مني ثمنا باهظا لما هو حق شرعي لي . لقد صعدت الى مكتبي في الطابق الاعلى بينما كنت غائبا لتصوري تصاميم السيارات التي تصنها."
ارتفع صوته يتهمها دون هوادة :" التصاميم التي اظهرت هذا الصباح في المجلة التي يقوم فيها برونيللي بتحرير هذه الزاوية."
تركت احدى يديه ذراعها لتمسك بشعرها محولا رأسها بعيدا عنه ليحدق في وجها المذعور ، وقد سادت القسوة ملامحه وهو يتابع :" الى اي حد تبلغ كراهيتك لي، والى اي حد كان سرورك حين استدعيت الى ميلانو لاواجه الكارثة؟"
قالت وهي تشهق :" لم اصعد قط الى الطابق الاعلى ولم اكن اعرف اي مكان لهذه الاشياء. وبرغم كل ما حدث بيننا فإنني ماكنت لافكر في الغدر بك بهذا الشكل."
قال وهو يمسك بذقنها باصابعه :" اتعلمين؟ انني اوشك ان اصدقك ، انني اوشك ، انما ليس تماما . ربما لو لم اكن اعرف كم انت ممثلة بارعة ، لصدقتك."
ارتسمت على شفتيه ابتسامة لم تظهر في عينيه اللتين تابعتا التحديق فيها بنظراتهما الغاضبة واستطرد :" ولكن ، اذا انت اخبرتني بالحقيقة ، وان الغرض من ذهابك اليوم الى ذلك الرجل لم يكن سوى للعبث، عند ذلك فقط يمكنك ان تطمئني . اسمعي يا كاتيا ، عندما نشرت بعض تصميماتنا الاولية دون ترخيص ، في المرة الاولى ، لجأت انا الى طريقة هي ان تعمدت تزييف بعض التصميمات في مكتبي هنا . فإذا باعها برونيللي او نشرها الى المنافسين لنا فسيخسر كل مصداقتيه وثقتهم به، وانت ياعزيزتي عليك عند ذاك ان تواجهي النتائج."
قالت بصوت متحشرج لشدة المعاناة :" انه لن ... انه لا يستطيع ... على الاقل لم يحصل عليها عن طريقي يا نيكولو .. يجب ان تصدقني ."فارتسمت على شفتيه ببطء ابتسامة قاسية وهو يقول :" يجب ان اصدقك؟ ما هي الاسباب الاخرى التي جعلتك تمضي كل ذلك الوقت بصحبة برونيللي ؟ اخبريني ... هل هو عشيقك يا كاتيا؟"
قالت:" كلا ، طبعا." وحاولت ان تتخلص منه هاربه ، ولكنه كان اسرع منها اذ رفع يده يمسك بشعرها ، مقيدا بذلك راسها مجبرا اياها على ان ترفع وجهها وتتطلع الى وجهه الغاضب ، فقالت لاهثة:"لقد طلب مني لقاءهخارجا . كان يريد ان يعرف كيف ورث جدي اللقب، جذبها اليه بشدة وهو يقول :"هل فعل ذلك بامتلاكه جسدك الجميل؟"
لم تستطع ان تتخلص من ذراعيه القويتين وهو يسحق صدرها بصدره وقد بدت الرغبة في عينيه . ان انكارها تامرها مع برونيللي لم يخلصها من الخطر الذي يهددها . الطريقة لصب غضبه عليها هي التي تغيرت . لقد كان يلتهب غضبا عليها ، فلو كانت رجلا لضربها حتى تستسلم ، ولكن تركيبها الانثوي الرقيق غير اسلوبه في عقابها . ذلك ان الغضب والرغبة معا يتغذيان من نفس لهرمون وافزعها معرفتها بذلك ، وفتحت فمها احتجاجا تعلن براءتها ولكن نيكولو اطبق عليها بقبلة بلغت من الوحشية حدا تركها تلهث وتكاد تختنق.
قال بصوت متحشرج :" يجب ان تحمل جزءا من اللوم لكوني اهملتك."وعندما راى ارتعاشها ، تركها وهو يقول :" ان خسارة برونيللي هي ربح لي . واي وقت لفض نزاعنا هو افضل من هذه اللحظة؟"
لكن كان تصميما منه وليس سؤالا.
قالت كاتيا وهي تحاول تخليص نفسها منه:" كلا، يا نيكولو." ولكنه كان اقوى منها ، وقال ساخرا:" نعم ، يا كاتيا. ربما كان قلبك الصغير البارد يكرهني ، ولكن جسدك الصغير الحار يخبرني شيئا اخر . سواء كنت ماركيزة، وانا فلاحا ، فإننا يجب ان نشترك في امر واحد وهو العلاقة الحميمة..."
كان نيكولو هو الذي اخترق الصمت ، اذ جر نفسه مرتكزا على موفقه ، محدقا في وجهها بملامح جامدة وكانه مصور يسجل في ذهنه تفاصيل جسدها .
قال:" هل استطعت الاثبات على ما قلته عن الماركيزة والفلاح؟"
المتها لهجته الجامدة ، واشاحت بوججها تخفي الدموع التي تفجرت فجأة من مآقيها.
قال :" هذا حسن! اذ عندما كنت تتغذين وتستمتعين باشعة الشمس مع برونيللي تحت ستار ملء خزانة ثيابك ، قمت انا بزيارة الكاهن لاخذ موعد لحلفة الزفاف في الكنيسة وسيقام العرس خلال اسبوعين."
حل الفزع محل اليأس في نفس كاتيا وهي تستقيم جالسة في فراشها لتقول :" وكيف تجرؤ على تدمير امر مثل هذا دون استشارتي؟ لقد سبق واخبرتك..."
صرخ فيها بصوت يماثل ملامحه الغاضبة " اسكتي ... مهما كانت ذنوبك من غدر وخيانة وغير ذلك ، فهذا لا يهمني ، لقد اخترتك زوجة لي ولايمكن لاي شيء اخر ان يغير من هذا الامر . انني لن اهين والدي بإدارة ظهري الى ما يتوقعانه مني . ولا اريد لاولادي ان يشعروا بالخجل منا . لقد كنت امل ان توافقي على رغبتي هذه, ولكن بما ان هذا الامل قد خاب ، فإن الزفاف سيتحقق دون موافقتك ومهما كانت خلافاتنا ، فسنعرف دائما اين نسويها . امامك اسبوعان ياكاتيا لكي تتقبلي فيهما الوضع ، هذا اذا كنت تريدين انقاذ كرامتك ومستقبلك."


- نهايه الفصل التاسع
-

 
 

 

عرض البوم صور ماري-أنطوانيت   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
angela wells, العشيقة الذهبية, انجيلا ويلز, golden mistress, دار النحاس, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير المكتوبة, عبير, قلوب عبير, قلوب عبير دار النحاس
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t86490.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
500 - ط§ظ„ط¹ط´ظٹظ‚ط© ط§ظ„ط°ظ‡ط¨ظٹط© - ط§ظ†ط¬ظٹظ„ط§ ظˆظٹظ„ط³ - ظ‚ظ„ظˆط¨ ط¹ط¨ظٹط± … - ط؛ظ†ظٹ ظ„ظ„ط­ط¸ط© This thread Refback 19-03-16 10:46 AM
Untitled document This thread Refback 23-03-10 07:18 AM


الساعة الآن 01:19 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية