ارتفع صرير بوابة سجن ( طرة )الذى خرج على اعتابه شاب
اسمر متوسط الطول تلوح القسوة والمعاناة على وجهه
الذى يبدو انه رأى الكثير والكثير فى هذا المكان ذى الجدران الاربعة التى ضاق على انفاسه وحطم آدميته
اقترب منه شاب هزيل اشقر الشعر، واحتضنه بلهفة وهو يهتف:
-وائل مبروك على الافراج
حمدا لله انك خرجت سالما
اشار اليه بيده اشارة معينة فهم وليد مغزاها على الفور فاسرع باخراج سيجارة ناولها لوائل الذى وضعها بين شفتيه وسمح لوليد باشعالها
ليلتقط نفسا عميقا قال بعده بصوت اجش:
-اين هى الان ؟؟؟
مط وليد شفتيه فى ضيق وهو يقول:
-لقد عادت منذ يومين من لبنان حيث كانت تقضى شهر العسل مع زوجها
وقريبها هذا
اومأ وائل برأسه وضيق عينيه وهو يغمغم:
-نعم ادهم
نظر اليه وليد بتوجس وقال بتردد:
-وائل ماذا ماذا تنوى ان تفعل
خرجت من بين شفتيه اجابة مقتضبة حملت معنى خطير:
-الكثير
ازداد توجسه وهو يتساءل:
-انس الموضوع يا وا.........
التفت اليه وائل بغضب جعل وليد يبتر كلمته فى حين هتف وائل بحقد:
-انسى !! انسى الجحيم الذى قضيته فى السجن بسببهما !!
لا انت مخطىء
يجب ان يدفعان الثمن
يجب ان يدفعانه غاليا
***************
تطلع ادهم بحنق الى سيارة امجد الرابضة امام فيلا دنيا التى اقترب من بابها المفتوح ودلف خلاله ليجد امجد جالسا على احد مقاعد الصالون
فظهر الغضب فى عينيه واشتعلت الغيرة فى اعماقه وهتف ما ان اقترب منه:
-ماذا تفعل هنا ؟؟
نظر امجد لادهم بلامبالاة وقال بهدوء:
-اعتقد اننى انا من يجب عليه توجيه هذا السؤال لك يا ابن العمة المزيف
جز ادهم على اسنانه وهو يهتف:
-ماذا تفعل هنا فى بيت زوجتى
اطلق امجد ضحة ساخرة وهو يقول:
-الا تشعر بالخجل من لفظ تلك الكلمة (بيت زوجتى )
يبدو انك لست رجلا
صاح ادهم بغضب:
-صن لسانك
مط امجد شفتيه فى سخرية وهو يهتف:
-عن ماذا ؟ عن قول الحقيقة !! انت فعلا لست رجلا
انت مجرد صعلوق اراد الثراء على حساب اشلاء حب مزيف
اوهمت به تلك المسكينة
اشار اليه باصبعه مهددا:
-لا تتدخل فيما لا يعنيك يا صاح ، انت لا تعرف شيئا
هز امجد رأسه وهو يهتف:
-بل اعرف كل شىء اعرف خيانتك وقذارتك وخداعك
اعرف اهانتك للمرأة التى سلمتك نفسها ووضعت نفسها واموالها
امانة بين يديك
اطلق ادهم ضحكة ساخرة وهو يقول:
-لا تحدثنى من فضلك عن حقوق الزوجة واهانتها واحترامها
فلتفعل هذا اولا مع امرأتك يا امجد بيه
ارتفع حاجبا امجد فى استنكار وادهم يواصل:
-اتظن اننا لسنا على علم بما تفعله مع تلك المسكينة التى تتلقى الاهانة وتصمت ، آثار يديك القوية كانت واضحة جداا على وجهها فى جلسة نطق الحكم على محمد ، الجلسة التى خذلت مى فيها ولم تقف بجوارها
امسك امجد بسترة ادهم فى قوة وهو يجز على اسنانه قائلا بغضب:
-انت ايها الحقير انت الذى تطلق علىّ احكاما وتعلمنى كيف اكون مع امرأتى!! هى من اخبرتك بهذا ؟؟
ابعد ادهم يدى امجد عنه بصعوبة وهو يهتف:
-وهل هذا هو كل ما يهمك ؟؟ لا يهم ان كل حرف قلته كان صحيح لكننى سأريحك يا امجد بيه وارحم غادة من مشكلة جديدة لا لم تخبرنى هى
لكن الامر واضح جداا ، السعادة انطفأت من وجهها واختفى بريق
البراءة من عينيها واصبح وجهها نافذة عرض لليأس والحزن
اقترب منه امجد قائلا بشماتة:
-اعتقد ان هذا الوصف ينطبق على دنيا بعد الذى فعلته بها
اما غادة فهى تعيش اجمل ايام حياتها معى وننتظر مولودا
قريبا فلا تحاول ان تشوه صورة سعادتنا الزوجية حتى تظهر انت كالبرىء وكأنك لم تفعل شيئا
-انت الذى تتجاهل الحقائق ولا تنظر الا تحت قدميك ، ارفع عينيك وتلفت حولك لترى الحقيقة وتقدر النعمة التى بين يديك
ثم اشار بيده حينما رأى امجد يريد مقاطعته :
-انا اعلم ان هذه النصيحة انا اولى بها لكننى اطبقها الان بمجيئى هنا
واعترافى بخطئى وطلبى الغفران
-الغفران !! لا اعتقد انك ستحصل عليه يوما
نطقتها دنيا بمرارة وسخرية وحزن اتغرز فى كلماتها وانحفرت معالمه على وجهها الذى تطلع اليه ادهم بلهفة وتابع هبوطها على الدرج الداخلى للفيلا الذى وقف فى وسطها قائلا بلهفة:
-دنيا !! حبيبتى كم اوحشتينى
صاحت فيه بحنق:
-توقف لا اريد المزيد من الاكاذيب
اقترب منها فاسرع امجد يقف حائلا بينهما وارتفع حاجبا ادهم فى دهشة
عندما وجدها تتشبث بظهر امجد الذى اولاه لها فهتف بمرارة:
-دنيا !!! اتحتمين فيه من زوجك ؟؟
صاحت بمرارة اشد:
-انت لم تعد زوجى ومنذ هذه اللحظة انت خارج حياتى
****************
اسرعت مى باخراج
جهاز التسجيل وضغطت زر تسجيل وقربته من الهاتف الذى انبعث منه صوت حسام بالانجليزية فى محادثة طويلة وخطيرة محادثة انتظرتها مى منذ زمن
فهذا هو بداية الخيط الذى سيلتف حول عنق حسام فى النهاية
انهى حسام المحادثة مع تلك الاجنبية سوزى التى اتفقت معه ان الشحنة ستصل كالمعتاد فى ميناء الاسكندرية وانها هذه المرة ستأتى بنفسها
لمناقشة امور مهمة تتعلق باعمالهم المريبة تلك
تأكدت مى من لا احد بالجوار وعادت تستمع للمحادثة التى سجلتها
وابتسامة انتصار تتلألأ على شفتيها اللتان اتسعتا لان المحادثة رغم ما بها
من شفرات الا انها تعد دليلا هاما قد يضع حسام قيد الاستجواب
لكن ليس هذا هو ما تريده انها تريد القبض عليه متلبسا بجريمته
لذا ستوافق على طلبه اليها السفر معه الى الاسكندرية حيث
فرع الشركة الاخر وان كانت موقنة انه لن يسافر لمتابعة اعماله كما اخبرها حينما طلب منها مرافقته بل سيسافر من اجل ذلك اللقاء الاسطورى مع الاجنبية وتسلمه للشحنة المشبوهة
ورغم انه تغير كثيرا فى معاملته معها واصبح اكثر احتراما لها
بعد طلبه الاخير منها واستجداءه لها ان تغفر حماقته وتبقى
ورغم انها لم تعد تراه بصحبة اخريات الا انها لم تشعر نحوه
بادنى شىء سوى بالبغض والكراهية والرغبة فى الثأر
بالرغم من اهتمامه بها وحبه الذى يظهره لها بوضوح
فقلبها الان لا يحمل سوى شخصا واحدا فقط
شخصا هو الذى يعينها على الصمود والاستمرار رغم جهله بما تخطط له
ارتسم الجزع فجأة على وجهها وهى تفكر بخاطر مفزع انتابها
ماذا لو عرف عمرو بامر سفرها الى الاسكندرية مع حسام ؟؟
يجب الا يعلم عمرو بشأن سفرها هذا
يجب ان يبقى هذا الامر طى الكتمان حتى لا يشك بوجود علاقة بينها
وبين حسام ، لانه لا داعى حقا لسفرها لكنها ستفعل هذا فقط حتى تتمكن
من تحقيق مأربها
********************
-حسنا سأنصرف الان
قالت غادة جملتها هذه لصديقاتها فى الجامعة اللاتى بدا على وجوههن الامتعاض والضيق الذى ظهر فى صوت احداهن:
-لماذا يا غادة ؟ الوقت مازال مبكرا انتى لا تأتين الى الجامعة كثيرا
مطت شفتيها فى أسف وهى تقول:
-انا اسفة، لكن يجب ان اعود الى المنزل قبل عودة امجد
هززن رؤوسهن فى ضيق واحداهن تقول:
-حسنا يا غادة، الى اللقاء قريبا وتقبلى تهنئتى مرة ثانية
اومات برأسها وهى تبتعد عنهم محتضنة كتبها الا انها سمعت صوتا من خلفها يناديها ، صوتا قريبا الى قلبها ، صوتا جمد الدم فى عروقها وزلزل كيانها واسرعت معه خفقات قلبها المسكين ، صوتا اقترب صاحبه منها ليقف امامها وجها لوجه ، وجه اشتاقت له كثيرا ، وجه ارادت ان تهوى عليه بكفها وارادت ان تتلمسه برقة فى آن واحد
تطلع مليا الى عينيها الخضراروان اللتان اسرتاه منذ اللحظة الاولى التى وقعت عيناه عليهما ، ادار نظره فى ملامح وجهها باشتياق وهو يقول بهمس:
-كيف حالك يا غادة ؟
لم يتلقى منها جواب سوى الدهشة التى ارتسمت على وجهها والشوق الذى ظهر فى عينيها فاضاف:
-لقد وصلت من هولندا منذ ساعتين فقط واول شىء فعلته ان جئت ابحث عنكى فى الجامعة ، سرنى ان القاكى فالعديدين اخبرونى انكى لا تأتين بانتظام منذ منذ منذ زواجك
قالها بمرارة فتنحنحت غادة وقالت بلهجة حزينة:
-حمدا لله على سلامتك يا على ، هل جئت مصر فى زيارة ؟
هز رأسه وهو يبتسم لسماع صوتها الذى اشتاق اليه واجاب:
-بل جئت لاستقر، لقد كونت مبلغا لا بأس به
يكفى لبدء حياة نحمد الله عليها
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها وهى تقول بتهكم:
-نحمد !! الا تعتقد ان حرف النون هذا قد جاء متأخرا ؟؟
اخفض بصره وهو يتساءل بحسرة:
-هل انتى سعيدة بزواجك يا غادة ؟؟
اجابته بضيق:
-انت الوحيد الذى لا يحق له ان يسألنى هذا السؤال
تطلع الى عينيها بعمق وهو يتساءل بضيق:
-لماذا تزوجتى بهذه السرعة يا غادة
جزت على اسنانها وهى تهتف بغضب:
-ارجوك نحن فى مكان عام ، لا تقل هذا الكلام الذى يثيرنى وقد يجعلنى اتصرف تصرف غير لائق
لا يحق لك هذا السؤال ابداااااااااااااااا
لقد تركتنى دون ان تأخذ رأيى وكأنه قرارك وحدك
قررت ونفذت هل تعود الان لتعاتبنى ؟؟
شعر امام تقريعها بتلميذ خائب خذل مدرسته المفضلة التى
اضافت بمرارة:
لماذا لم تقل لى انتظرينى سأكون نفسى واعود اليكى ؟؟ لماذا لم تضع بيدى دبلة بسيطة انتظرك بها ، لقد عدت بعد شهور يا على
شهوووور !! عدت ومستعد للزواج ، لماذا اذن تركتنى ؟؟
لماذا ؟؟
زفر بمرارة وهو يجيب:
-لم اكن اعلم ان هذا سيحدث بهذه السرعة ، لقد حدث كل شىء بالصدفة البحتة ، لقد اعتقدت ان هذه الشهور سأقضيها فى البحث عن عمل متواضع لن يحقق لى ايا مما حققته
امسك يديها وهو يقول بتوسل:
-من فضلك اجلسى معى اقص عليكى ما حدث لن تصدقى
جذبت يديها من يده وهى تهتف بحدة:
-اسمع يا على انا امرأة متزوجة الان ولا
قال على باندفاع:
-اتركيه
بترت جملتها لتهتف بدهشة:
-ماذا !!
قال على برجاء:
-اتركيه يا غادة انا اعلم انكى مازلتى تحبيننى انا ارى هذا فى عينيكى وانا ايضا مازلت احبك ، وهذا القرار الغبى الذى اخذته قبل سفرى اعتقدت انه فى صالحك لكننى كنت مخطىءاتركيه يا غادة وتزوجينى
اطلقت آنة مرارة مشوبة بالسخرية وهى تهز رأسها قائلة:
-لا يفيد هذا الان يا على مهما كان شعورى نحوك لقد فات الاوان
-لا لم يفت ، انا مستعد لانتظارك فى شهور عدتك بعد انفصالك عنه
وسنبدأ معا يا غادة
قالت غادة بصوت مختنق وهى تلوح بيديها لتوقف حماسه:
-لقد فات الاوان يا على فااااااااات ، انا حامل
صعق على عندما سمع كلمتها الاخيرة وهتف بانهيار:
-ماذا !!
امتلأت عينا غادة بالدموع وهى تقول :
-اننى احمل طفله ولا استطيع تركه ، طفلى يجب ان يحيا بين ابويه
لا يجب ان يحرم من ايهما ، لا يجب ما حدث لى ان يحدث له
انا اسفة يا على لكنك انت من جنيت علينا يوم تخليت عنى وسرت وراء احلامك
لقد فات الاوان يا على
واسرعت تفر من امام عينيه اللتان انسابت منهما خطان من الدموع
بللت شفتاه التى رددت:
-لقد خسرتها خسرتها ايها الاحمق
لقد صدقت
فات الاوان
*************