الفصل الثانى عشر
مصير مؤلم
اشرق وجه غادة واتسعت ابتسامتها وهى تتسلم دعوة الزفاف
من ادهم الذى بدا على وجهه السعادة التى طغت على كلماته:
-يجب ان تحضرى يا غادة
اومأت غادة برأسها بفرحة شديدة وهى تقول:
-بالتأكيد يا ادهم لا تتخيل مدى سعادتى بهذا الخبر
انا فرحة جدا من اجلكم .. واخيرا الامر الذى طال انتظاره تحقق
ضحك ادهم وهو يقول:
-نعم بالفعل انتظرنا طويلا ولكن حتى تأكدنا تماما من مشاعرنا
وحتى استطاعت صديقتك التخلى قليلا عن فكرة العمل
واستسلمت للحب ومنزل الزوجية الذى يناديها كما فعلتى انتى
توقع ادهم ان تبهج الجملة غادة وان تشاركه ضحكاته
وان تعدد له مزايا بيت الزوجية الا انه فوجىء بها والحزن
يغلف وجهها الذى حاولت الا تظهر انفعالاتها الداخلية عليه لكن هيهات
السعادة تتسرب من تحت عقب الباب اما الحزن فيغزو الابواب
المغلقة لذا كان من الطبيعى ان يظهر بوضوح مما جعل ادهم
يصمت قليلا متطلعا الى وجهها بحيرة سائلا اياها بقلق:
-غادة ماذا هناك؟ هل انتى بخير ؟؟
ولما لم يتلقى اجابتها العفوية المرحة التى تريح باله وتنبئه
انها بخير وتلقى بدلا منها الوجوم والصمت التام ازداد قلقه وهو يربت
على كتفها قائلا بحنان:
-غادة اخبرينى هل هناك ما يزعجك؟؟
هل صدر من امجد شىء ضايقك؟؟
ثم اعقب سؤاله القلق بلهجة مرحة اراد معها كسر هذا الحزن
الذى خيم على الاجواء:
-اخبرى اخاكى ادهم ليقلنه درسا ان كان اساء اليك
جملته لفتت انتباهها لكم المعلومات المبهمة التى وصلت اليه
والتى غرزتها لديه ملامح وجهها فاسرعت بتغييرها وهى
تقول بسعادة مصطنعة:
-لا تقلق يا اخى، انا وامجد نحيا فى سعادة شديدة
اتمناها لك انت ودنيا ، لقد شردت قليلا اتذكر ليلة زفافى التى اردتها
على نحو افضل مما سارت عليه لكن على اى حال ليلتكم ستعوضنا جميعا
عن الفرح الذى افتقدناه من مدة
طمئنه كلامها نسبيا لكنه لم يزل كل القلق الذى عربد باعماقه
والذى اندهش له ، فمنذ متى يشعر بمشاعر الاخرين، منذ متى
يكون مهتما هكذا بمن حوله، منذ.......
انتزعته من تساؤلاته الدقات المميزة لكعب حذاء نعمة التى اقتربت
منهم وعلى شفتيها ابتسامة تشفى واستهزاء صاحبت كلماتها الساخرة:
-الن تعرفينا على الشاب الوسيم هذا يا مدام غادة ؟؟
حدق ادهم بوجهها مندهشا الا ان غادة لم تلقى بالا لنعمة واسرعت
تقول جملة لم تتصور انها ستكون يوما سيفا حادا على عنقها:
-لا تقلق يا ادهم سأحضر باذن الله فى الميعاد كما اتفقنا
ابتسم ادهم وهو يصافحها برقة وامتنان قائلا بسعادة :
-سأنتظرك يا غادة
*************
اقترب على من نور الشاردة والتى لم تسمع وقع خطواته
حتى اصبح قاب قوسين او ادنى منها ، وما ان اخذ مجلسه بجوارها
حتى لوح بيديه امام وجهها قائلا:
-نوووووور ؟؟
اشرق وجهها عندما رأته لكن اثار دموعها المنسكبة على وجهها
كانت لا تزال موجودة والحزن الدفين القابع وراء عينيها
العسليتين لم يزل ، فقال بقلق:
-نور ماذا بكى ؟؟
هزت رأسها وهى تقول نافية:
-لا ابدا ماذا بى ؟؟
- دوما شاردة وحزينة فى الاونة الاخيرة ولم يفت علىّ ان
الاحظ محاولتك اخفاء هذا
فماذا بكى حقا؟؟ هل هناك شيئا ما؟؟
نقلت انظارها بعيدا عنه وهى تقول بحزن :
-لا يا على لا تقلق لا يوجد ما يستحق ان تقلق بشأنه
امسك بذقنها واداره اليه لتعاود النظر اليه فأسرعت بابعاد
يده عنها قائلة بحدة:
-ارجوك يا على لا تفعل
قال على بحيرة :
-لا افعل ماذا ؟؟
قامت من مجلسها واقتربت من احدى الاشجار التى تملأ
حديقة فيلتها وهى تقول بضيق:
-لا تفعل ما تفعله لا تعطينى هذا الاحساس الزائف
ثم تأخذه منى بلا هوادة ارحمنى ارجوك
اقترب منها وامسك كتفيها وادارهما ليواجهها وهو يتساءل
بقلق وحيرة:
-نور ماذا هناك؟؟ ما الذى تتحدثين عنه؟؟
اقسم لكى اننى لا افهم اى شىء مما تقولين
اندفعت الدموع تهرب من عينيها فمسحتها سريعا وهى تبتعد عنه قائلة:
-هذا بالضبط ما اتحدث عنه.. لحظات تتعامل معى بطريقة
اشعر من خلالها انك تبادلنى شعورى ولحظات اخرى تكون ابعد ما يكون عنى وتظل شاردا وكأن هناك ما يشغل بالك ولا تفهمنى ابدا
لا تفهم ابدا
قالت جملتها هذه واجهش صوتها بالبكاء وهى تحاول الركض
بعيدا عنه الا انه امسك بذراعها وهو يهتف:
-نور انتظرى ما هذا الذى تقولينه؟؟ هل تشعرين
بشىء تجاهى ؟؟
ظلت نور على صمتها ودموعها المتساقطة من عينيها الواسعتان
وكان صمتها ابلغ من اى كلمات تقال
فقال على باستغراب:
-حقا!! اذن لماذا لم اشعر بهذا ؟؟
نظرت الى عينيه قائلة بعتاب:
-لان هناك ما يشغل بالك عنى يا على
لم تستطع مواجهة نظراته والموقف المحرج الذى وضعت نفسها به فاسرعت
بالركض نحو الفيلا فحاول على اللحاق بخطواتها السريعة وصعد
الدرج ورائها محاولا ان يستوقفها الا انها دلفت الى غرفة والدها
واغلقت الباب بوجهه
هبط على الدرج فى تمهل وهو يفكر بما قالته الا ان صرختها
اعادته الى الواقع فاسرع بالصعود ثانية وطرق الباب
لتفتحه نور سريعا ليفاجىء بمعالم القلق والانهيار التى ارتسمت على
وجهها وهى تصيح مستنجدة به:
-انجدنى يا على ابى وقع بغيبوبة سكر انجدنى
****************
نظرت مى حولها برهبة ، فها هى تجلس بمكتب سكرتيرة حسام
الشريف الذى حطم املهم بحياة رغدة كريمة وكان السبب فى مرض
ابيها ووفاته بعد تلفيق التهمة الحقيرة التى ادخلت شقيقها السجن
ودمرت سمعته وجعلته ينتظر حكم المحكمة الذى قد يدمر مستقبله
ويؤدى لقضاؤه سنوات طويلة بالسجن ويتم طرده من كلية
الشرطة حلم حياته
انقلب شعور مى الى الضيق والغضب والاشمئزاز من حسام الشريف
الذى فرق شمل اسرتها الصغيرة ودمر سعادتهم
وها هى اليوم تحاول ان تخطو خطوة فى سبيل اثبات براءة اخيها
و تضع مكانه ذلك الشخص القاسى الكريه الذى فعل بهم كل هذا
وقلب حياتهم الهادئة رأسها على عقب
جاءت هنا اليوم لشغل وظيفة لديه . لقد دبرت بشق الانفس مبلغا لا بأس
به ابتاعت به فستانا جميلا يبدو جذابا عليها ووضعت زينة رقيقة على وجهها
زادت من جمالها ونضارة بشرتها التى تخطف الانظار ، فهذا هو الشىء الوحيد الذى يجعله يقبلها فى وظيفة لديه بعدما علمت انه صاحب
مغامرات نسائية متعددة
عليها ان توقعه بشباكها وتجعله يتعلق بها وتحاول ان تعلم عنه
الكثير والكثير كى تثبت مخالفته للقانون وتثبت براءة اخيها و
-تفضلى يا انسة مى
اشارت اليها نيرمين لتدخل مكتبه وهى تقول بتهذيب:
-حسام بيه ينتظرك ليجرى معك مقابلة العمل
سارت مى بخطوات بطيئة مرتبكة ، انها ستدخل بقدميها
وقبلها ارادتها عرين الاسد ..انها تقترب من النار بكامل وعيها كأى فراشة هشة تجذبها الالوان
تطلع اليها حسام ، لم يفت عن نظره اقل تفصيلة فيها ، نظر اليها
من رأسها الى اخمص قدميها وعندما اعجبه ما رأى وقف فى استقبالها
وهو يقول بابتسامة مدروسة:
-تفضلى يا انسة مى
تعجبت مى وهى تنظر اليه .. هل يعقل ان يكون هذا الوسيم هو
الداهية الذى دبر هذه المصائب ؟؟
لكن لكن.. نعم عيناه مخيفتان
ينطلق شرار غريب منهما وابتسامته اللزجة هذه لا توحى بالارتياح
الا انها حاولت ان تنفض عن ذهنها هذه الافكار
فقد جاءت لهدف واحد يجب ان تسعى اليه ولو احترقت بالنيران من اجله
اعتدلت فى مقعدها وقالت بدلال صاحبه صوت ناعم راق له:
-فى الحقيقة لقد سمعت كثيرا عن نزاهة شركتكم وسررت كثيرا
عندما طلبتم موظفين جدد بمؤهلى فسارعت باخذ ميعاد وسارعت بملء
الاستمارة وها انا الان لم اتأخر ثانية واحدة
بدا ان حسام لم ينتبه الى حديثها اذ قال وهو يضحك:
-اعذرينى انا لم استمع فعلا لحديثك اذ شغلنى عنه صوتك الناعم
الرقيق
ضحكت بنعومة وهى تقول:
-لقد كنت اقول
اشار اليها بيده قاطعا حديثها بقوله:
-لا حاجة بكى للقول قولى لى فقط هل انتى مهتمة بوظيفة
الحسابات هذه؟؟
اعتدلت بمقعدها وهى تقول بقلق:
-ماذا تعنى ؟؟ الم يتم قبولى ؟؟
-لا انا لم اعنى هذا .. انا اعنى ما رأيك بالعمل لدى كسكرتيرتى
الخاصة ، ففى الحقيقة اننى احب سماع صوتك الناعم هذا ، على الاقل
سيصبرنى على متاعب العمل كما انه سيجذب عملاء كثيرين
عادت مى تضحك بنعومة ورقة وهى تقول:
-وهل يمكننى ان ارفض ؟ انا اتمنى بالطبع ان اكون سكرتيرتك
يا حسام بيه
قال حسام بسعادة:
-حسنا اتفقنا ومرتب هذه الوظيفة اكبر ايضا من الاخرى
-لكن ماذا عن سكرتيرتك التى ادخلتنى ؟؟
اشار بيده فى لامبالاة:
-نيرمين .. لقد سأمت منها على اى حال
ثم عاد يقول فى سرعة وارتباك:
-اعنى لا تقلقى بشأنها وظيفتها محفوظة
اومأت برأسها وهى تقول بلهفة:
-حسنا ومتى ابدأ العمل ؟؟
-من الغد ما رأيك ؟؟
قامت من مجلسها وهى تمد يدها الرقيقة نحوه قائلة :
-حسنا يا حسام بيه سأكون لديك بالميعاد
صافحها حسام بنظرات ذئب ينتظر وقوع فريسته فى الفخ فحاولت التعجيل
بالمغادرة وهى تقول بسرعة:
-لن اتأخر يا حسام بيه لن اتأخر عن اذنك
تطلع الى قوامها وهى مغادرة وقال وهو يبتسم ابتسامة غير مريحة:
-الى اللقاء يا مى
خرجت مى من مكتبه مسرعة الا انها من فرط سرعتها
وارتباكها اصطدمت بعمرو واوقعت ما معه من اوراق فنزلت على ركبتها جمعتها له بوجه احمر خجلا وقلب رق لحاله وذراعه المجبسة
واسرعت تقول باحراج :
-انا اسفة انا اسفة جدا لم اقصد
تناول عمرو الاوراق من بين يديها وهو ينظر الى عينيها والى وجهها
الاحمر وتعلثمها وعينيها اللتان تنطقان بالاسف والاشفاق فقال
فى سرعة :
-لا ابدا .. لا تقلقى
-انا فعلا اسفة
هز رأسه وهو يقول مطمئنا اياها ومزيلا عنها شعورها بالاحراج:
--صدقينى لم يحدث شىءلا عليكى
ابتعدت عنه وهى تردد:
-اكرر اسفى عن اذنك
تابعها عمرو بنظره وهو يغمغم:
-هل الرقة والجمال لا يزالان موجودان بعالمنا ؟؟!!!
****************
وقفت غادة امام المرآة تهندم ثيابها وتصفف شعرها الكستنائى الذى افسده
امجد بجذبها من اياه وسط دخوله المفاجىء الشبيه بالعاصفة التى تناثرت
فى كل اتجاه مع صرخاته الغاضبة وكفه الذى هوى على وجهها اكثر من مرة:
-الى اين انتى ذاهبة يا غادة هانم؟ لملاقاة رجلك الوسيم ادهم باشا !!
هل وصلت بكى الجرأة ان تدخليه منزلى وانا غير موجود وتتفقى
معه على مواعيد غرامية ؟؟ هل تحسبيننى مغفلا ايتها الحقيرة
اندفعت شلالات دموعها المقهورة فى كل صوب وهى تحاول الابتعاد عنه
هاتفة بكل ما اوتيت من قوة:
-اهدأ يا امجد اهدأ حرام عليك لم افعل شيئا مما تقوله
ما هذا التخريف الذى تتحدث عنه ؟؟
لم يتوقف عن ضربها وهو يصيح بها :
-هل تنعتينى بالمخرف ايتها الحشرة الحقيرة الخائنة ؟؟
كل جنسكن منحط يزهد النعمة التى بين يديه ويبحث عن الحرام بالخارج
صرخت غادة :
-كفىىىى كفى ارحمنى ، حرام عليك حرام عليك
لماذا تفعل بى هذا ؟؟ اى حرام الذى تتحدث عنه ؟؟ اقسم بالله اننى بريئة
من كل تهمة حقيرة تطلقها على ، حرام عليك ،لا ترموا الناس بالباطل
(يا ايها الذين امنوا اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)
واى نعمة تلك؟؟ انت النعمة !! بل انت نقمة حياتى ، انت كل شىء
جاءنى بابشع كوابيسى ، انت رجل سادى تعاملنى كعبدة وانا
زوجتك يجب ان تكرمنى وتحمينى وتحنو علىّ لا ان تشك
بىّ لوساوس زرعها بقلبك وعقلك افعى تحيا بهذا المنزل
انا اعلم ما تتحدث عنه واعلم ما اسرت اليك تلك العقربة
بالتأكيد اخبرتك ان ادهم كان هنا وا.....
جذبها من شعرها وهو يصيح:
-نعم ايتها الخائنة ، كان هنا فى منزلى واتفقتما على الخروج بموعد وكنتما
كالعاشقان تتهامسان وتظهران لهفتكما على اللقاء بل واعطاكى خطابا
يبثك فيه حبه وغرامه لماذا اذن تزوجتينى ولم تتزوجى حبيبك هذا
يا غادة هانم؟؟؟
نظرت اليه بغضب حانق وكبرياء مجروحة وكرامة تحطمت وتحولت الى فتات
لكنها قامت فجأة من مرقدها بالارض والتقطت يدها دعوة الزفاف
ناولته اياها وهى تحدق بوجهه فى تحدى وعتاب:
-ها هو الخطاب الغرامى الذى اعطاه لى يا زوجى العزيز
خطفه منها بحدة وكاد ان يصيح بها الا انه توقف مشدوها امام
الكلمات الذهبية التى رصت بالدعوة والتى تدعو لحفل زفاف ادهم ودنيا
نظرت اليه بعتاب منتظرة رد فعله الذى يعيد اليها كرامتها المذبوحة
الا انه لم يحرك ساكنا لفترة طويلة واخيرا اتجه نحو باب غرفة
نومهما وهو يقول بلهجة آمرة:
-اجمعى كل ملابسك وحاجياتك سنغادر هذا المنزل
وننتقل لمنزل اخر
هتفت بغضب:
-قلت لك انا لست عبدتك وليس كل ما تأمرنى به سأنصاع له
لقد تحملتك كثيرا ويكفى هذا لن انتقل معك الى اى مكان لكننى سأجمع
ملابسى وارحل
اتجه نحوها وهو يقول بضيق:
-ترحلين الى اين ؟ تعودين لمنزل عمك ؟ الا تعلمين اننى من ينفق
على هذا المنزل
نظرت اليه بذهول ودموع القهر والذل تسقط من عينيها الخضراوين
فاسرع يقول:
-لم اقصد ما فهمتيه اقصد ان مى لن تستطيع تحمل اقامتك معها
ليس لكى الا منزل زوجك
قالت غادة بكبرياء:
-عندما يصير زوجى انما انت سيدى وانا عبدتك
انا راحلة يا امجد
امسك يدها وقال بلهجة نادمة:
-انا اسف يا غادة
نظرت الى عيناه المحملتان بالاسف والندم بتعجب وعقدت
ذراعيها امام صدرها وهى تقول بتحدى:
-وماذا بعد ؟؟ هل تتصور ان اسفك هذا يكفينى؟ هل تتصور ان اسفك
قد يمحى ما فعلته بى وشكك وغيرتك وظنونك التى لا تنتهى
لا يا امجد اسفك هذا لا يفيد بشىء
قال برجاء:
-اذن اعطينى فرصة اخيرة انا اعلم اننى اخطأت بحقك
لكننى اعدك انها ستكون المرة الاخيرة
نظرت اليه بعدم تصديق وهى تدير الامر برأسها
اتبقى ام ترحل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
******************
انطلقت زغرودة ناهد تصم اذنى دنيا التى قالت فى سرعة:
-عمتى عمتى يكفى هذا
هتفت ناهد فى سعادة:
-ماذا ؟؟ الا ينبغى ان افرح بابنة اخى وعروس ابنى ؟؟
ضحكت دنيا برقة وهى تقول:
-نعم لكن زغاريدك عالية النبرات جدا يا عمتى
- انا فقط سعيدة من اجلكم
ثم اقبلت عليها وقبلتها وربتت على رأس ادهم الذى يجلس
بجوارها قائلة:
-الف مبروك لكم الفرحة لا تسعنى
ثم استطردت بعتاب وهى تنظر حولها:
-لا ادرى يا دنيا لما لم تقيمى زفاف كبير يليق بكى
عقد القران هكذا ودعوة اقرب الاقارب لا تصح
كان ينبغى ان يكون حفل زفافك اسطورى تتحدث عنه مصر كلها
ابتسمت دنيا وهى تقول:
-انا لا احب الحفلات الكبيرة يا عمتى هكذا افضل
نظر ادهم لدنيا التى احاط وسطها بذراعه وقال متعجبا:
-اتعجب لامرك يا دنيا كل فتاة تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر
وتتمنى ان ترى نفسها فى الفستان الابيض
اجابت دنيا:
-لاااا انا تطلعاتى اقل من هذا بكثير انا احب البساطة
حتى بيوم زفافى ثم يكفى ان يكون زوجى وحبيب عمرى بجوارى
ثم ضحكت وهى تقول بسعادة:
-يا الهى !! الكلمة لها وقع مختلف على اذنى
طبع ادهم قبلة على خدها وهو يقول بحنان:
-وهل يعجبك وقعه ؟؟
اطالت النظر فى عينيه العسليتين وهى تهمس بحب:
-يعجبنى جدا يا حبيبى
قالت ناهد التى كانت تسترق السمع اليهما:
-اذن لا داعى لوجودى الان بينكما استأذنكم انا
هتفت دنيا وناهد تبتعد عنهم لتندمج بين باقى المدعوين بالفيلا التى ازدانت
بالانوار والورود :
-لا ابدا يا عمتى
اقتربت منها مى وقالت وهى تحتضن دنيا وتقبلها:
-الف مبروك مرة ثانية يا دنيا
ابتسمت دنيا وهى تقول بامتنان:
-اشكرك يا مى على قدومك لم يكن هناك داعى لحضورك
فى ظل ما تعانيه
قالت مى بعتاب:
-كيف تقولين هذا يا دنيا ؟؟ لقد وقفتى جانبى بحزنى افلا اقف بجانبك
بفرحك!! هذا يوم زفافك ولطالما اردت ان اكون بجوارك فى هذا اليوم
عادت دنيا تحتضنها وهى تقول بحب:
-شكرا لكى يا مى
ثم شددت على ذراعيها وهى تقول بحماس:
-ميعادنا غدا يا مى وباذن الله محمد يخرج براءة
قالت مى بحسرة:
-براءة !! يبدو انكى لا تجلسين مع محاميكى يا دنيا
فقط ادعى الله ان يقف بجواره ويخفف عنه ما هو فيه
تدخل ادهم فى الحديث قائلا:
-يارب آمييييييييييييين
نظرت له مى بامتنان وربتت على كتف دنيا قائلة:
-كنت اتمنى الا ازعجك غدا خصوصا ان اليوم يوم زفافك لكنكى
انتى من تصرين على حضور المحاكمة
اومأت دنيا برأسها وهى تقول:
-طبعا يا مى انا سأكون اول الحاضرين باذن الله
وسيكون معى ادهم فانتى بحاجة الينا بجوارك غدا يا عزيزتى
احتضنتها مى بقوة وهى تحاول كتم دموعها قائلة بسعادة:
-شكرا لكى يا اغلى الاصدقاء والف مبرووووووووك
****************
-ماذا تفعل هنا ؟؟؟
اطلقت نعمة هتافها لامجد الذى كان يبعثر محتويات مكتب فيلا السعدنى
جامعا بعض الاوراق التى وضعها بحقيبة جلدية سوداء
استعد للرحيل من غرفة المكتب
دون ان يهتم بنعمة التى وقفت حانقة تبدو
معالم الغضب على ملامح وجهها ويشع الضيق من كلماتها المستهزءة:
-أأنت رجل انت ؟؟ تنقل السنيورة بمنزل اخر حتى تتيح لها
الحرية تمارس افعالها المشينة من وراء ظهورها
اتجه نحوها بغضب ولوى ذراعها خلف ظهرها وهو يقول بتحذير:
-اسمعى ايتها العقربة لولا انكى للاسف زوجة ابى لما كنت حييت
يوما اخرا على سطح البسيطة ، وستدفعين ثمن تلاعبك بى هذا
يوما ما انا اعلم هدفك من كل تلك الافلام التى تؤلفيها
انتى تريدين تعاستى وان كنت قد اعطيتك الفرصة لذلك مرة او مرتان
فاعلمى ان هذا الزمن انتهى واننى اخذت زوجتى الشريفة الطاهرة لمكان اخر بعيدا عن هذا المكان الموبوء الملىء بحشرات من امثالك
جذبت يدها من يده وهى تصيح :
-هل تمثل دور الرجل علىّ؟؟ لماذا اذن لا تحكم امرأتك؟؟
كاد ان يهوى على وجهها بكفه الا انه تمالك نفسه باللحظة الاخيرة
وهو يصرخ بها:
- خير لكى اتقاء شرى انتى لا تعلمين من هو امجد السعدنى
صدقينى لن تنالى مما تفعلينه سوى الهلاك والدمار وخراب بيتك
نظرت اليه بغل قائلة بغضب:
-اتهددنى ايها الوقح !!
اذهب بهلاكك ودمارك هذا لامك التى هجرتك صغيرا
لها كل الحق فيما فعلته فانت بالفعل انسان وقح
اتسعت عيناه مع حديثها عن امه وامسك ذراعيها بقوة تأوهت لها
صارخا فيها:
-ماذا تعرفين انتى عن امى ايتها الحقيرة
ابعدت ذراعيه عن كتفيها وهى تهتف بتشفى:
-امك هى ناهد هانم التى جاءت هنا لزيارتك يا امجد بيه
******************
تعلقت عينا مى بباب قاعة المحكمة الذى دلفت منه غادة التى ما ان اقتربت منها حتى هالها تلك العلامات الزرقاء التى بدت بوجهها والتى حاولت اخفاؤها بذلك الوشاح فاشارت مى بجذع الى وجهها هاتفة:
-غادة !! ما هذا الذى بوجهك ؟؟
تعلثمت غادة وهى تجيب:
-ماذا ؟ ماذا يوجد؟؟ لا يوجد شىء
استمر قلق مى وهى تشير الى خدها الايسر قائلة:
- هذه العلامات التى بوجهك ؟؟
-اه نعم انها انها ..لقد سقطت .. نعم سقطت عن الدرج
تساءلت مى بدهشة :
-اى درج !!
تنهدت غادة وهى تقول بلهجة حاولت ان تبدو عادية:
-لقد انتقلنا انا وامجد امس الى منزل اخر فسقطت عن درجه
تضاعفت دهشة مى وهى تهتف:
-انتقلتوا !! ولما !!
حاولت غادة تغيير دفة الحديث باشارتها الى دنيا التى دلفت الى قاعة المحكمة
وهى تتأبط ذراع زوجها ادهم اذ قالت:
-انظرى ها هى دنيا قد جاءت
التفتت مى الى حيث تشير غادة فوجدت دنيا قد اقتربت منهم وعلامات القلق تبدو على وجهها وهى تقول:
-انا اسفة للتأخير لكن زحام الطريق هو السبب
اشارت مى بيدها قائلة:
-لا عليكى الجلسة لم تبدأ بعد على اى حال
اتخذت دنيا مجلسها بجوار مى وقالت وهى تتطلع لوجهها بدقة:
-وكيف حالك الان يا مى ؟؟
هزت مى كتفيها وهى تجيب بتوتر:
-اعصابى مشدودة قليلا ولم اذق طعم النوم اذ قضيت الليل كله بين
يدى ربى
ربتت دنيا على ظهر مى وهى تقول:
-ان شاء الله ربنا سيقف الى جواره الليلة ويظهر براءته
قالت غادة من اعمق اعماق قلبها:
-يااااااااااااااارب
تلفتت دنيا حولها وهى تقول:
-اين زوجك يا غادة؟ الن يأتى امجد؟؟
قالت غادة باحراج:
-فى الحقيقة هو مشغول جدا، لقد حاول ان يأتى لكن
حاولت مى اعفاءها من حرجها فاسرعت تقول:
-لا عليكى يا غادة لا عليكى يكفى وقوفه بجوارنا فى الجلسات
الماضية
-محكمة !!!!!!!!!!
اندفعت الكلمة الهادرة من فم حاجب المحكمة لتلفت انتباه الجميع لبدء الجلسة
واندفع محمد يتعلق باسوار القفص فاسرعت مى نحوه وامسكت يديه وهى تقول والدموع تملأ عينيها:
-محمد يا حبيبى كيف حالك؟؟ ان شاء الله ربنا سيفرج كربك وتظهر براءتك
هتفت غادة وهى تقترب منهما:
-نحن جميعنا معك يا محمد تسبقنا صلواتنا ودعواتنا
اومأ محمد برأسه وهو يقول بابتسامة حزينة:
-شكرا يا غادة شكرا يا انسة دنيا لمجيئك
قالت دنيا وهى تبادله ابتسامته الحزينة:
-مدام يا محمد لقد تزوجت بالامس
تهلل وجهه وهو يقول بسعادة :
-حقا الف مبروك لم يكن اذن هناك داعى لحضورك
هتف ادهم:
-لا تقل هذا يا محمد نحن معك بشدتك
طرق القاضى على الطاولة امامه وهو يقول:
-من فضلكم جلوووس، لقد بدأت الجلسة ، نادى يا بنى على المتهمين
بعد كلمةالنائب العام ودفاع المحامى الذى استغرق اكثر من ساعة شعرت بها مى كالدهر وهى تنظر لاخيها من حين لاخر ، قال القاضى:
-الحكم بعد المداولة
تقدمت مى بسرعة من المحامى وهى تقول بلهفة وقلق:
-ما الاخبار يا استاذ ربيع؟ لقد كانت مرافعتك رائعة لكن هل يا ترى
ستجدى نفعا ؟؟
طأطأ المحامى رأسه وهو يقول:
-كله بيد الله يا ابنتى ، للاسف لقد وجدوا الحقيبة فى عقر دار اخيكى وهناك شهود عيان
هتفت مى بحنق:
-شهادة زور يا استاذ رييع
هز كتفيه وهو يقول بقلة حيلة:
-لكننا لا نستطيع اثبات هذا يا مى
-محكمة !!!!!!!
عادت مى مسرعة الى مقعدها والخوف والقلق يلتهماها، وكادت ان تعض اناملها من التوتر اما قلبها فلم يكف عن الخفقان وهى تنظر لاخيها الذى لم يكن بخير حال منها ، عضت شفتيها وهى تعاود النظر للقاضى الذى قال:
-حكمت المحكمة حضوريا فى القضية رقم.......جنايات على المتهم محمد سعيد الصادق بالسجن المؤبد مع الشغل والنفاذ
انطلقت الشهقات من افواه الجميع واندفعت دموع غادة بينما صرخت دنيا وهى تقول بغير تصديق:
-حرااااااااااام حراااااااااااااام
اما مى فقد فغرت فاهها بدهشة واتسعت عيناها باستنكار وما لبثت ان سقطت
مغشىا عليها ، وصرخ محمد وهم يجذبونه وراء القضبان :
-انا برىءءءء والله العظيييييم برىءانا لم افعل شيئا يا باشا
يا سيادة القاضى ارجوكم استحلفكم بالله والله العظييم برىء والله العظيم لم افعل شيئا
وما ان رأى مى فاقدة الوعى حتى صاح بدموعه التى اغرقت وجهه:
مااااااااااى ماااااااااااى
حسبى الله ونعم الوكيل حسبى الله ونعم الوكيل
ترددت دعواته وهم يسحبونه الى الداخل فى حين اسرع ادهم يحمل مى منطلقا بها الى السيارة وتتبعته دنيا التى جلست بالمقعد الامامى الى جواره بينما جلست غادة بالمقعد الخلفى ووضعت رأس مى على حجرها
واخذت تردد وهى تبكى:
-لا اله الا الله الا اله الا الله الا اله الا الله
قالت دنيا بصوت باكى مختنق وهى تمسح دموعها:
-انطلق بنا يا ادهم على المستشفى
هتفت غادة:
-لا يا دنيا مى لا تحب المستشفيات ، انطلق بنا الى منزلها من فضلك يا ادهم
***************
دفنت دنيا وجهها فى كفيها وتصاعد نحيبها وبكاءها المرير الذى مزق نياط
قلب ادهم وجعله يقترب منها ويبعد كفيها عن وجهها الذى اسنده بكفيه لتطالع
وجهه الممتقع الذى دلت كل خلجة من خلجاته على مدى القلق الذى يشعر به عليها ومدى الحزن الذى ينهش قلبه لرؤيتها على هذا النحو وقد وضح هذا فى كلماته اليها:
-دنيا ارجوكى اتوسل اليكى لا تفعلى هذا بنفسك
انا اتألم وانا اراك هكذا
اشارت الى غرفة مى التى ترقد بداخلها وبجوارها غادة وقالت بالم:
-وانا اتألم لرؤيتها هى على هذا النحو
لماذا يحدث كل هذا لها؟ لماذا تحيط بها المصائب من كل جانب
لا يوجد انسان يتحمل ما تتحمله هى
اشعر بالالم الشديد اننى احيا بتلك الرفاهية وان الله اعطاك لى خير هدية
وهى المسكينة حرمت من كل شىء من اب من اخ من زوج
عادت دموعها تنهمر على وجهها من جديد رغم توسلات ادهم لها ان
تتوقف الا ان عيونها الحمراوان لم يتوقفا عن افراز دموعها التى
قالت من بينها:
-وانت ما ذنبك فى كل ما يحدث ؟؟
انت رجل مثالى تستحق زوجة مثالية تكون بخدمتك ولك وحدك
لا ان تجترك الى الحزن والهم بيدها
تستحق ان يقام حفل اسطورى لزفافك لا مجرد احتفال بسيط
يجمع افراد يعدون على اصابع اليد ، تستحق ان تقضى شهر عسلك باجمل مكان بالعالم لا ان تقضيها ما بين المحاكم وبكاء النساء
انا اكره نفسى يا ادهم
من جانب صديقتى وشقيقتى تحلم بربع ما املكه
ومن الجانب الاخر ما املكه انا لا احافظ عليه بل اسوقه فى
حزن وهم على طول الخط ، منذ ان عرفتنى يا ادهم لم تجد معى
الا الكرب و
وضع اصبعه على شفتيها ليمنعها من اكمال حديثها وقال بلهجة تحمل كل الحب والهيام والفخر:
-اولا انتى اجمل ما حدث لى بحياتى ولم اكن لاكون سعيدا الا معكى
ثانيا انتى تزدادين بنظرى قيمة لما اراكى تفعلينه مع صديقتك فكفاكى ايتها الطفلة الحانقة تلك الكلمات الفارغة والافكار السخيفة وتأكدى اننى احبك ومى بحاجة اليكى
*******************