كاتب الموضوع :
jen
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الفصل العاشر
تفرق الشمل
××××××××
كان حسام يراقص نهى على انغام الموسيقى فى ذلك الملهى الليلى الذى اعتاد الذهاب اليه
استغرقا معا فى الرقصة ذات الانغام الهادئة التى دفعتهم الى التعانق ، لكن ان لمح حسام
امام حتى ابتعد عنها بخشونة تفاجأت لها وقال بجفاء :
-عودى لمكانك ، سأعود اليكى بعد قليل
هبط درجات مسرح الملهى الليلى القليلة واتجه على الفور لامام الذى جلس على البار
وما ان اقترب منه حتى كان الفضول قد التهمه التهاما فقال بسرعة وهو يضع يده على كتف امام بعصبية:
-ما الاخبار ؟؟
التفت امام الى حسام الذى اخذ مكانه على المقعد المجاور له وقال وهو يبتسم:
-لقد القى القبض عليه يا حسام بيه
جمدت ملامح حسام للحظة عادت بعدها لتنفرج فى سرور وقال وهو يبتسم ويفرك يديه فى جذل:
-حقا !!! هل فعلت ما امرتك به ؟؟
اومأ برأسه وهو يجيب بحماس:
-بالحرف يا حسام بيه ، لقد دخلت وسط معمعة الزفاف وتسللت لغرفته ووضعت الحقيبة
تحت فراشه وكان عبد الصمد فى المديرية فى هذه اللحظة يدلى باعترافاته
ويرشد الشرطة الى منزل محمد ، ولم يكذب الضباط خبرا وجاؤا واطبقوا على الفرح
وحولوه الى مأتم وتحفظوا على حقيبة المخدرات وساقوه معهم لقسم الشرطة
تمهيدا لعرضه على النيابة غدا
هز حسام رأسه بعصبية وقال بسعادة:
-تمام تمام
ثم اخرج من جيب سترته الكحلية اوراقا مالية عديدة جحظت لها عينى امام
الذى ابتسم فى شدة وازدرد لعابه وهو يلتقط منه المبلغ ويضعه على الفور فى جيب سترته وهو يقول بجذل:
-خيرك سابق يا حسام باشا
ثم اشار الى عنقه وهو يقول:
-اى خدمة ثانية يا باشا رقبتى تحت امرك
هز حسام رأسه وهو يقول:
-لا استغنى يا امام، وتأكد ان احتجتك فسيرن هاتفك برقمى
وتركه متوجها الى نهى التى نظرت له بقلق وشك فقال بتوجس عندما رأى هذا التعبير على وجهها:
-ماذا هناك ؟
هزت قدميها فى توتر وهى تسأل بحذر:
-هل نفذ امام المهمة ؟؟
-نعم
مطت شفتيها بضيق وقالت بحدة:
-لماذا يا حسام فعلت ذلك ؟؟
لم ينتبه للهجة الحادة التى نطقت بها كلمتها والا كان لانبها عليها لكن
ذهنه كان مشغولا بهذا الامر بشدة لم تسمح له للانتباه ، فاجابها باستعلاء:
-لقد هددنى يا نهى ، هددنى ، انا حسام الشريف
واين ؟؟ فى عقر دارى
-تهديد اجوف يا حسام
صاح فيها لكنه اخفض صوته بسرعة عندما اشارت الى المكان حولهما:
-انه طالب فى الشرطة وانا ابعد ما اريده ان يبحث خلفى شابا فى موقعه
لا ادرى ما كان ليكتشفه عنى ان اصر على البحث ورائى
ثم انه هددنى ، سمح لنفسه ان يرفع صوته علىّ ويههدنى
فعليه اذن ان يتحمل نتيجة افعاله
لم تعد تحتمل افعاله تلك وكان ضميرها يؤنبها بشدة لانها تعلم
انه برىء ولابد ان تصمت عن الحق فعبرت عما يجيش بصدرها
بلهجة تستدر العطف بها:
-ليس بهذا الشكل يا حسام، انه مازال فتى صغيرا
صاح حسام فيها بغضب:
-هل انتى فى صفه ام فى صفى ؟؟ كم تشبهين عمرو
واشاح عنها بوجهه وهى تردد بدهشة :
-عمرو اخوك !!!
نظر اليها بحدة وهو يقول بتحذير موجها اصبعه نحوها:
-لا تقولى هذا
تضاعفت دهشتها وهى تتساءل:
-ماذا تريدنى ان اقول اذن ؟؟
زفر بضيق قائلا:
-لا اريد شيئا
ثم تناول سترته ومفاتيحه وقام من مجلسه وهو يقول بعصبية:
-ولا اريد المكوث هنا
ابتعد عنها وهى تصوب الى ظهره نظرات حملت التعجب والدهشة
*************
امام عينيها الذاهلتين رأت حبيبها يقتادونه الى عربة الشرطة ، لم تدرى هند الا ودموعها
تسيل على خدها ، لم تكن فى موقف يسمح لها بالتعبير عن مشاعرها ، ارادت ان تفرغ انفعالاتها
بدون خجل او حرج او تساؤل عما تفعله ، ارادت ان تكون محل مى التى سقطت على الارض
وصرخاتها تعلو ودموعها تغرق وجهها وهى تصيح بشدة وذعر:
-محماااااااااااد ، محماااااااااااااااااد
اسرعا امجد وادهم يحملانها عن الارض لكنها قاومتهما بعنف وهى تصرخ:
-انه برىء ، انه لم يفعل شيئا ، انه برىء
عاونتهما غادة ليجلسوها على احدى المقاعد وهى تقول بصوت منتحب ووجه
شاحب بللته الدموع:
-اهدئى يا مى ، اهدئى ، بالتأكيد هناك سوء تفاهم سرعان ما يتضح
وسيخلو سبيله باذن الله ، فلا تقلقى يا حبيبتى
ربتت دنيا على كتفها وهى تقول بصوت حاولت ان تخليه من الاختناق
والضيق الذى اعتراها:
-لا تقلقى يا مى ، الان سيكون معه اكبر محامى فى البلد
لا تقلقى سنقف جميعنا بجواره اهدئى انتى فقط
فرك ادهم يديه وهو يقول بتوتر:
-ان شاء الله كل شىء سيكون على ما يرام ، والان انا ودنيا سنذهب لمحامى الشركة ونصطحبه فورا الى المديرية
قبلت دنيا وجنة مى المحمرة وهى تقول :
-سأذهب الان مع ادهم للمحامى يا مى ونصحبه فورا الى المديرية كما قال
لا تقلقى سنقف بجوار محمد وسأطلعك على التطورات اولا باول
كادت تفترق عنها الا ان مى جذبت يدها وقالت بحدة :
-اخبريهم انه برىء
على الرغم من ان مى شددت قبضتها على يد دنيا مما اصاب الاخيرة بالالم
الا انها كتمت هذا وقالت وهى تبعد قبضة مى عن يدها:
-لا تقلقى
اخذت غادة نفسا عميقا ومسحت دموعها بمنديل امجد الحريرى الذى ناوله
لها عندما اشارت اليه ، وقالت بصوت يغلب عليه الانفعال وهى تشير بيدها للخارج:
-انا اسفة يا جماعة لكن اعتقد ان الفرح هكذا انتهى
شكرا لمجيئكم
خرج المدعوين واحدا تلو الاخر وهم يشعرون بالحيرة ، ايقدمون لهم المباركة
ام يدعوهم على الصبر ، حاولت هند ان تبقى لكن قتلت الفكرة قبل ان تولد
بنظرة حادة من عينى والدتها فساقت رجليها وهى تشعر بان خنجرا
قد طعن قلبها وقبل ان تختفى كليا وراء باب الشقة نظرت الى مى التى جلست بلا حراك ودموعها
تسيل على خدها
ابتعد امجد بضيق عن نعمة التى حاولت ان تستغل الموضوع وتكون له الصدرالحنون الذى يقدم
له السلوى ،الا انه لم يعطها الفرصة وجلس على احدى المقاعد بعيدا عنها وقد ايقن ان زفافه هكذا انتهى
لكن ما كان يشغل ذهنه هو والده الذى فجأة تبخر من المكان
ولم يعد له وجود
نظر الى غادة فوجدها تحاول كتم دموعها بصعوبة حتى لا يتفاقم الامر وتدفع مى الى الانهيار
دلف ممدوح الى المكان والذهول يعتريه وتوجه من فوره الى امجد وهو يسأله بلهجة حملت استغراب شديد:
-هل انتهى الزفاف
ثم القى نظرة سريعة على وجوه الجميع وتوقف عند غادة وهتف بتعجب:
-ماذا بكم ؟؟؟ ماذا حدث ؟؟؟
سأله امجد بضيق :
-اين كنت ؟؟
اقتربت منه نعمة وهى تقول بعصبية:
-نعم اين كنت يا ممدوح ؟؟ كل هذا الوقت لتحضر هاتفك المحمول
لم يلتفت اليها على الاطلاق وهو يتساءل بحدة:
-هل سيخبرنى احد ماذا حدث؟؟
ارتفع حاجباه بدهشة وهو يستمع من شفتى امجد ما حدث
وتوجه سريعا الى مى ، شدد على يدها الرقيقة وهو يقول باسف:
-باذن الله ستظهر براءته يا حبيبتى
نظرت له بامل وهى تومىء برأسها ، فى حين قالت نعمة
بلهجة ارادتها عالية متحسرة:
-اشفق عليك يا امجد ، يحدث كل هذا يوم زفافك
يبدو ان هذه الزيجة نحس يا لحظك العاثر !!
اتسعت عيناه دهشة ثم جز على اسنانه وهو يجذب اباه قائلا بحدة:
-اذهب الى بيتك وخذ امرأتك معك هيا
اما غادة فقد نظرت الى امجد بعينين مذهولتين ،
ثم اخفضت بصرها واندفعت دموعها
باكية على المأساة التى حلت بأسرة عمها والتى يبدو انها السبب فيها
كما قالت تلك المرأة ، فقد كانت تلك الاسرة سعيدة قبل مجيئها ومنذ ان خطت بقدمها منزلهم والمصائب تقع فوق رؤوسهم
انتزعتها مى من دوامة افكارها المهلكة وهى تقول بتماسك:
-امجد خذ عروسك واذهبا لبيتكم
نظر لها بدهشة وهو يقول:
-هل تمزحين يا مى ؟؟
قالت فى حدة واصرار:
-لا لا امزح يا امجد ، من فضلك خذ غادة وانصرفا
اتجهت غادة الى مى وجلست بجوارها وهى تقول بحنان:
-ما هذا الذى تقولينه يا مى ؟؟ اننى سأبقى معكى حتى نرى ماذا سيحدث
ثم رفعت عينيها لامجد وهى تقول برجاء:
-امجد من فضلك اذهب انت وتعالى غدا لتصحبنا الى النيابة
-لا انا سأبقى هنا معكم ، وسأرتاح قليلا فى غرفة محمد
وانتى نامى مع مى
-ارجوكم لا تقلقا بشأنى
قالت غادة بحدة:
-من فضلك انتى لن نتزحزح من هنا
قالت مى بتصميم وهى تقوم من مقعدها متجهة الى غرفة والدها:
-سأدخل اطمئن على ابى وعندما اخرج من حجرته لا اريد ان اراكما
مطت غادة شفتيها وهى تتساءل فى حيرة كيف تقنع تلك العنيدة ببقاءها ؟
تبادلا امجد وغادة نظرات الحيرة ومى تغلق فى وجههما باب الحجرة
التى ما ان دلفتها حتى سمع كلاهما صرخة ملتاعة شقت عنان السماء
*****************
هوى كفه على وجه عمرو الذى نظر له بذهول شديد ، لكن حسام لم يتركه لحيرته او ذهوله
وانما جذب ياقة قميصه وقال بغضب بلا حدود والرذاذ يتطاير من فمه ليتساقط على وجه
عمرو الذى احمر من شدة الضربة:
-انت ايها الصعلوق تتحدث معى بهذه الطريقة وتوجه لى مثل هذا الكلام
من تظن نفسك يا حيوان ؟؟؟
جذب عمرو يدى حسام اللتان تعلقتا فى ياقة قميصه بعيدا عنه
وهو يقول بغضب:
-من تظن نفسك انت لتسمح لها بان تهوى كفا على وجهى؟؟
هل وصل جبروتك وغرورك ان تضربنى يا حسام
وكل هذا لماذا ؟؟؟ لاننى احذرك وانصحك وافعل فيك معروفا وابعدك عن
هذا الطريق الذى تسير فيه بلا هوادة
تضاعف غضب حسام وهو يرى عمرو ثائرا فى وجهه بطريقة لم يعتدها
فصاح بعصبية وحدة:
-اى طريق هذا يا مغفل ؟؟ انا برىء من هذه التهمة الحقيرة التى تنسبها الى
انا رجل شريف نظيف مائة بالمائة
واضاف بغضب وهو يرى ابتسامة عمرو الساخرة تتراقص على شفتيه:
-ولن اسمح لاى كان ان يشكك فى هذا
ثم اشار اليه باستهزاء وهو يضيق المسافة بين اصبعيه الابهام والسبابة
قائلا بسخرية:
-وانت ايها الصعلوق تأتى لتوجه لى مثل هذا الكلام
من انت لتقول هذا ؟؟
عقد عمرو ساعديه امام صدره القوى وهو يهز رأسه بأسف قائلا:
-انا اخوك الكبير الذى اكتشف ان اخوه رجل الاعمال وصاحب الشركات
وصانع الخيرات تاجرا للمخدرات
كاد حسام ان يهوى بكفه ثانية على وجه عمرو الا ان عمرو امسك كفه
بقوة وهو يقول بغضب:
-لم اتوقعها المرة الاولى و لن اسمح لك بتكرارها لكننى لن احرمك من
سماع وقع الكف تهوى على الوجه
وقارن قوله بفعله ، فوجىء حسام بالصفعة تهوى على وجهه فتفجر
جنونه وغضبه ولمعت عيناه بوحشية وهو يقول بشراسة
محاولا التهجم على عمرو:
-ايها.......يا ابن......
حاول باستماتة ان يرجع كبرياؤه الصريعة الا ان عمرو لم يعطه الفرصة وهو
يقف فى طريق كل محاولاته المستميتة التى نجحت فى النهاية ان توجه قبضة
الى وجه عمرو فنزفت انفه فمسحها وقد اشتعل غضبه هو الاخر
حاول ان يسيطر على اعصابه الا انه هز كتفيه قائلا:
-ولم ؟؟؟؟؟
ثم طوق كتفى حسام ووجه ركلة مؤلمة الى معدته فانحنى حسام
وهو يهتف بسبات بذيئة بالم ، وتمدد على الارض وهو يرى قدما عمرو
تقترب منه وصوته يقول بتحذير:
-لن اسمح لك ان تدمر شباب البلد ايها الوغد ولن اكون بعد اليوم
سوى رجلا يجب ان تخشى منه لانى لن ارحمك او اتركك تفعل بحرية
ما تفعله، وشركتك لن اخطها بقدمى واعتبرنى مستقيلا
تحامل حسام على نفسه وهو يستند على يديه ليقف على قدميه
متابعا انصراف عمرو بعينين تشتعلان غضبا فتوجه
على الفور الى هاتفه المحمول الذى صاح فيه:
-امام ، عمرو خرج من منزلى توا ، اريد تقريرا كاملا
عن تحركاته
ثم اضاف بحنق:
-نعم عمرو اخى ايها الغبى
*************
هزت دنيا قدميها بتوتر وهى تسمع الرنين بدون جواب للمرة الحادية العشر
فرفعت عينيها الى ادهم وقالت بحيرة ممتزجة بالقلق:
-مى لا تجيب على اتصالاتى
هز ادهم كتفيه وقال:
-ربما لا تستيقظ فى هذا الوقت المبكر
قالت بدهشة وهى تهز رأسها نفيا:
-تستيقظ !! وهل ستكون اوت الى النوم اصلا يا ادهم
كان يجب ان تكون هنا الان ، لا ادرى ما الذى اخرها ولماذا لا تجيب على
هاتفها ؟؟
مط ادهم شفتيه فى حيرة لكن فجأة جال بخاطره فكرة فقال على الفور:
-هل معكى رقم تليفون ابنة عمها العروس
قالت بأمل:
-تقصد غادة ، نعم معى حسنا سأتصل بها
×××××××××××××××
اتجه امجد الى حيث تجلس غادة وناولها هاتفها المحمول وهو يقول:
-امسحى دموعك وتلقى هذا الاتصال انها دنيا
تناولت غادة منه الهاتف وهى تمسح دموعها وقالت بعد ان اخذت نفسا عميقا:
-الو الحمد لله .. مى !!!! لا اعتقد انها تستطيع ان تحادثك الان
ثم انتحبت وهى تقول بصعوبة:
-لقد توفى عمى
جاءتها شهقة دنيا فأضافت اجابة على تساؤلها:
-نعم هذا صحيح... حياتك الباقية
ماذا ؟؟
شهقت قائلة:
-اه نعم .. محمد ، لقد نسيناه تماما فى هذه المعمعة
حسنا سأرسل اليكى امجد
ثم اضافت بلهفة ورجاء:
-ولكن ارجوكى يا دنيا لا تخبريه بوفاة ابيه ، يكفى ما يعانيه
وطمئنينى اولا باول شكرا يادنيا
نعم بالتأكيد سأنقل اليها تعازيكى ريثما تأتين
الى اللقاء
واغلقت الخط ورفعت عينيها الى امجد الواقف امامها والذى قال:
-حسنا سأذهب انا اليهم وقفى انتى بجوار مى
كاد ان ينصرف لكنها امسكت بذراعه وقالت بتحذير:
-لا تخبره يا امجد ارجوك
اومأ برأسه وهو يتمتم بحزن:
-حسنا لن اخبره
عاودت غادة الجلوس على المقعد وهى تتنهد بحسرة ، وقد ايقنت بلا شك
انها منذ جاءت الى هذه الاسرة السعيدة وقد فرقت شملهم ، حسدتهم على جوههم
الاسرى فاصبح حالهم اصعب من حالها هى نفسها ، يبدو انها السبب فى
هذا كما كانت السبب فى وفاة والدها
ما ان تذكرت والدها حتى بكت بحرقة مستسلمة لطوفان الحزن
الذى اصابها
********************
اتجهت انتصار الى حيث جلست ناهد تتابع التلفاز فى غرفتها ، وترشف من كوب
الشاى من حين لاخر ، وجذبت انتباها بعيدا عن شاشة التلفاز بقولها:
-ناهد هانم هناك شخص يريد مقابلتك
نظرت اليها بتعجب وهى تقول:
-يريدنى انا ام يريد سيدة المنزل ؟ اعنى هل يريد دنيا ولانها غير موجودة
طلب رؤيتى انا ؟
هزت انتصار رأسها نفيا قائلة:
-لا يا ناهد هانم، لقد طلب رؤيتك انتى بالاسم قال انه يريد رؤية
مدام ناهد شاهين
قامت ناهد من مجلسها وهى تقول بدهشة:
-من هذا ؟ انا لا اعرف احدا هنا ربما يكون احد معارفى القدامى لكن لا احد يعرف اننى عدت
ثم التفتت اليها قائلة بتساؤل:
-هل اخبرك عن اسمه
-لا يا ناهد هانم ، لو كان فعل لكنت اخبرتك ، لقد قال انه يريد رؤية التعبير على وجههك عندما ترينه
مطت ناهد شفتيها فى حيرة وهى تقول:
-ما هذا اللغز ؟؟ من هذا الشخص؟؟
قالت انتصار بنفاذ صبر:
-لن يظل لغزا ولن تنتابك الحيرة يا ناهد هانم لو بدلتى ملابسك وقدمتى لمقابلته
حدقت ناهد فى وجهها بدهشة وصاحت فيها بغضب:
-هل تملين على ما افعله يا بنت ؟؟
قالت انتصار بارتباك:
-لا ابدا يا هانم اننى
-حسنا حسنااذهبى لتقدمى مشروبا له واخبريه اننى قادمة بعد قليل
×××××××××××××××××××××
هبطت ناهد درج الفيلا الداخلى محاولة ان تستشف هوية ذلك الرجل الطويل الذى
اعطاها ظهره واستغرق فى تأمل الفيلا وما ان اصبحت خلفه حتى تنحنحت قائلة:
-لقد بلغنى انك تريد رؤيتى يا سيد
التفتت اليها ذلك الرجل فاصدرت شهقة وتراجعت للخلف حتى كادت تصطدم باحدى
المقاعد وهى تقول بدهشة وانزعاج:
-انت !!!!!!!!!!!
********************
جلست مى متسعة العينين ، راقدة بلا حراك على فراش ابيها الخالى ، شاردة الذهن
فى ذلك الكابوس الذى بدأ الاسبوع الماضى بسقوط البرج وشلل والدها والقبض
على اخيها واخيرا وفاة والدها وصعود روحه الى بارئها
يا ترى ماذا يخفى القدر فى جعبته لها اكثر من هذا ؟؟
لقد فقدت كل شىء فى اسبوع واحد
سبعة ايام غيروا مجرى حياتها الى الابد واحالوها الى جحيم مستعر
دلفت غادة الى الحجرة وقالت بصوت باكى منخفض وهى تجلس بجوارها
على الفراش:
-لقد انتهى الامر ، لقد تم دفنه يا مى البقية فى حياتك
سالت دموع مى الصامتة على وجهها فاخذتها غادة بين احضانها
لكنها احست بها جامدة كاللوح الخشبى فهتفت مستجدية:
-ارجوكى عبرى عن مشاعرك ، انتى ساكنة كالحجر منذ حدث ما حدث
اخرجى نفسك من حالتك هذه ، وقفى على حيلك يا مى
من اجل اخيكى حتى
ابتعدت مى عن حضنها، ونظرت الى وجهها بسرعة عندما قالت غادة كلماتها الاخيرة
وغمغمغت بخفوت بشفاة جافة وعينان تائهتان:
-محمد
هزت غادة رأسها بحدة وهى تهتف بلهفة:
-نعم محمد لقد ذهب امجد ليلتقى بدنيا ومحاميها فى النيابة
وان شاء الله يعود محمد ليأخذ عزاء والده
قالت مى بخفوت بعد فترة صمت طوييييلة:
-بالتأكيد ابى سمع ما حدث ، لقد عرف انه تم القاء القبض على محمد
لذلك لذلك
لم تستطع انهاء جملتها وانفجرت فى البكاء وهى تصرخ:
-ابى ابى انا اريدك يا ابى ابىىىى ، لا يمكن ان تتركنى وحيدة هكذا
انا اريده يا غادة انا بحاجة اليه ابىىىىىىىىى
ارتجفت شفتاها وانهمرت الدموع من عينيها المتورمتين وهى تصيح:
-ومحمد محمد يا غادة ، محمد هو الاخر تركنى
وانتى ايضا ستتركينى
وعددت على اصابعها وهى تبكى بحرقة:
ابى ومحمد وانتى
ثم اشارت الى نفسها وقالت من وسط دموعها:
-وتتبقى مى وحيدة وحيييييييييييدة
وانا لا اريد ان اكون وحيدة لا اريد
سالت دموع غادة انهارا وهى تحتضنها بقوة قائلة بهدوء وهى
تربت على ظهرها بحنان:
-انا معكى يا مى لن اتركك ابدا ، ومحمد سيعود اليكى باذن الله
كلنا معكى يا مى كلنا معكى
قالت كلماتها هذه وهى لا تدرى اهذا سيحدث حقا !!!
هل سيعود محمد فعلا ؟؟؟؟
**********ٍ*
سار عمرو فى الطرقات على غير هدى ، وعقله ملىء بالافكار المشتتة
المحبطة، كان يتمنى ان يسير الامر على نحو افضل من هذا
كان يعتقد ان حسام سيفاجىء ويصعق من معرفته بالامر فيتملكه الصمت
وتكون هذه فرصته فى التأثير عليه وارجاعه الى رشده
او حتى يعترف بفعلته هذه فيتناقشان حتى يتوصلان للحل الافضل
لكنه لم يتوقع ابدا انكار حسام بل وتماديه والتعدى عليه بضربه
لقد خطط للامر ان يكون بشكل اخر شكل مختلف شكل اخوى
كان يتمنى ان تكون مصارحتهما هذه بداية لوصل الاخوة شبه المهترئة والتى انقطعت نهائيا الان
لقد اخرجه عن شعوره وجعله بدلا من ان يحتويه ينهال عليه ضربا
لكنه ثار لكرامته التى اهدرت وفارقه صوابه وتمكن منه الغضب
ماذا هو فاعلا الان وقد دمرت اخر فرصة كانت من الممكن
ان تعيد حسام لصوابه وتدفعه للطريق المستقيم
بعيدا عن طريق السم الابيض الذى ينهار بسببه الالاف
من شباب بلده
عند هذه النقطة تسللت دمعة حبيسة من عيناه المتألمتان
تصنع عمرو عدم الانتباه لها لها وتركها تسيل تغسل الضيق
الذى يشعر به والغضب الذى ينهش صدره
لكنه ادرك بصراحة انه لن يعود ذلك الشخص السلبى الذى يقف فى
وضع المشاهد لصفقات اخيه المشبوهة وتدميره لالاف الاسر والشباب
يجب ان يضع حدا لهذا
حتى ولو كان هذا الامر على حساب شقيقه ووالدته
ثم اشار الى تاكسى مارا بجواره وصاح ليسمعه
سائق التاكسى:
-المديرية !!!
اومأ السائق برأسه فدلف عمرو الى السيارة التى تعقبها امام بسيارته
وهتف فى هاتفه المحمول:
-انه متوجه الى مديرية الامن يا حسام باشا
وصله صوت حسام المنزعج هاتفا بحدة:
-يجب الا يصل اليها يا امام ، يجب الا يصل
وبرقت عينا امام وهو يتلقى الامر الجديد
الذى لن يستطيع معه عمرو ان يصل للمديرية ابدا
*****************
لاحت على شفتيه ابتسامة وهو يقول:
-نعم ، انا يا ناهد ، لقد تغيرتى كثيرا ، لكنك مازلتى تبدين جميلة
وتلفت حوله وهو يشير للفيلا قائلا:
-اما الفيلا فقد تغيرت تماما ، لقد كدت الا اتعرفها رغم اننى لم ادخلها سوى
مرة واحدة وخرجت منها مطرودا كالكلاب ولكن اتعلمين هذا افضل فذكرياتى بها
ليست بالجيدة ابدا
اشار اليها وهو يضحك متسائلا:
-لماذا تبدين مصدومة هكذا برؤيتى
قالت ناهد بصوت مبحوح وهى تحاول التغلب على دهشتها:
-كيف عرفت مكانى ؟؟
هز كتفيه وهو يهتف:
-بالصدفة البحتة يا ناهد ، لقد تتبعتك امس عندما فررتى من الزفاف بمجرد
رؤيتى
صاحت بعد ان اعتادت الموقف الجديد وتغلبت على المشاعر المتضادة
التى انتابتها ما بين قلب يخفق لهذا الرجل وعينان لا تطيقان رؤيته:
-ما الذى اتى بك الى هنا يا ممدوح ؟؟
جلس على المقعد ووضع رجلا فوق الاخرى وهو يقول ببساطة:
-لقد فكرت ان نجلس جلسة لطيفة ندردش فيها ونسترجع فيها الذكريات
الماضية ذكرياتنا السعيدة ونحاول ان نتناسى ذكرياتنا المريرة
وغدرك وخيانتك
اشارت له بيدها ان يتوقف وهى تقول بحزم:
-من فضلك لا داعى لهذا الحديث
قام من مجلسه وهو يهتف بغضب:
-ومتى يكون وقته يا ناهد هانم؟ يا بنت الحسب والنسب والاصل العريق
متى يكون وقته؟ هل تركتى لى فرصة التعبير عما بداخلى ؟ فرصة لاقول لكى
رأيى عما فعلتيه بى ؟
واضاف بمرارة:
لكن رغم ما فعلتيه بى فان القدر لم يرغب حرمانك من حضور زفاف ابنك
قولى لى ما رأيك فيه ؟ لقد كبر واصبح رجلا
دمعت عيناها وهى تعاود اشارتها له بان يتوقف الا انه قال بسخرية:
-ماذا !! هل ازعجك حديثى ؟؟ هل آلمتك الذكريات ؟ ماذا سيحدث اذا عندما تعلمين ان
ابنك يعلم كل شىء عنك ؟ يعلم انكى تخليتى عنه قديما عندما ظهر فى حياتك رياض باشا الذى
اعجب بجمالك وارادك زوجة له ، يعلم انكى تخليتى عنه بسبب فقر ابيه
وتزوجتى الرجل الثرى صاحب المال
ثم صاح باعلى صوته الذى حمل مرارة بلا حدود:
-يعلم كل شىءكل شىء
انهمرت الدموع من عينيها وهى تصرخ:
-كفى كفى
الا ان ممدوح لم يتوقف بل عاد يهاجمها بحدة:
-لقد كرهك ابنك ولفظك من حياته ، ولم يذكر اسمك مطلقا بعد ان علم الحقيقة
لقد ثابر معى وكافح رغم صغر سنه ، وحولنا ارضى الصغيرة فى الشرقية
الى ارض واسعة ممتدة نصدر المحصول الذى تنتجه
نعم لقد اصبحنا من اكبر رجال الاعمال المصدرين للموالح ، وربما وانتى فى لبنان كنتى تأكلين من فاكهتنا الم تلحظى اسم السعدنى هناك ؟؟
اتسعت ضحكة ممدوح وهو يواصل:
-لقد لعب الحظ لعبته معنا واصبحنا بعد عامين فقط من تخليكى عنا من اغنى الاغنياء
بتجارتنا الرابحة هذه
هز رأسه بعدم تصديق قائلا:
-لم اصدق عيناى عندما رأيتك بالامس فى حفل زفاف امجد
قاطعته قائلة:
-انا لم اعلم انه زفافه الا عندما رأيتك وعرفت انك والد العريس
حدق فى وجهها بدهشة وهو يقول:
-ماذا !! هل تحاولين خداعى ؟؟ اتريدين ان توهمينى انكى لم تحاولى البحث عنا
وانكى اتيتى الى حفل زفاف ابنك هكذا !! بالصدفة !!
-اقسم لك اننى لم اعلم شىء ، لقد كنت مدعوة مع دنيا ابنة اخى
انها صديقة ابنة عم العروس
نظر اليها بشك قائلا بضيق:
-وتقسمين ايضا ؟؟ هل تعتقدين ان موقفك افضل هكذا !! ان هذا يظهر مدى جحود
قلبك وانكى لا تستحقين ان تكونى ام اى انكى لم تحاولى حتى البحث عن ابنك
ثم ضيق عينيه محاولا سبر اغوارها وقال بشك:
-ام ان هذه لعبة منك حتى تبعدينى عن طريقك وتستميلى امجد
لحسابك ليغرقك فى نعيمه
اشارت ناهد بيدها الى الخارج قائلة بصرامة:
-اخرج حالا انا لا اريد رؤيتك هنا
اقترب منها وهمس فى اذنها بصرامة:
-انا لا يشرفنى ان اكون فى هذه الفيلا اصلا لكننى احذرك يا ناهد ابتعدى
عن ابنى ، لو اقتربتى منه او حاولتى مجرد الحديث معه سترين ما لا يسرك
ولا تستهينى بكلامى ابدا
ثم صاح وهو يبتعد عنها:
-ابدااااااااااااااا
وتركها مدمرة وهى تتهاوى على مقعدها وتبكى بشدة وتهتف:
-لماذا ايقظت هذه المشاعر فى صدرى يا ممدوح؟ لماذا ذكرتنى بماضى حاولت اتناساه
لماذا؟؟
ثم اتسعت عيناها الحمراوان وهى تهتف:
-لكن ابنى امجد يكرهنى !!!!
وهزت رأسها بعنف وهى تصيح:
- لا لا لا لا اصدق هذا ابدا لا
********************
قطع امجد الردهة التى تفضى الى مكتب رئيس النيابة جيئة وذهابا بعصبية مفرطة
حتى صاحت فيه دنيا وهى تجذبه ليجلس على المقعد الذى يجاورها:
-من فضلك يا امجد ، اعصابى لا تحتمل اكثر من هذا ، لقد ادرت رأسى بما
تفعله اهدأ قليلا
هز امجد رأسه وهو يهتف بضيق:
-الامر ليس بيدى الوضع كله يثيرنى
زفرت دنيا محاولة ان يخرج مع الهواء الضيق الذى جثم على انفاسها
وقالت بمرارة:
-نعم انها مأساة فعلا القاء القبض على محمد بتهمة كهذه
ووفاة عمى .. احداث لا يصدقها عقل ولم نكن نتخيل انها قد تحدث لاحدنا
شاركها امجد مرارتها وهو يقول:
-نعم ولا يحلو لها ان تحدث الا يوم زفافى
تجاهلت جملته الحانقة وهى تلفتت اليه وتسأله باهتمام :
-اخبرنى ما اخبار مى وغادة ؟؟
هز كتفيه تعبيرا عن قلة الحيلة وهو يجيب:
-غادة منهارة ، اما مى فساكنة وجامدة كالحجر ، نعم الدموع تسيل من عينيها
بغزارة لكنها لا تتحرك
هزت رأسها بضيق والدموع تتسرب من عينيها وهى تقول بمرارة:
-لقد اثرت الصدمة عليها يا حبيبتى يا مى لو كان جبل لتهدم
لا يحتمل اى انسان ما حدث لها ابدا
قام امجد من مقعده وهو يتأفف قائلا بحدة:
-كل هذا الوقت والمحامى بالداخل ماذا يفعل كل هذا ؟؟
اريد ان اعرف النتيجة ومن فعل هذا بمحمد؟؟
مطت شفتيها فى حيرة وهى تقول باستغراب:
-لا ادرى هل هناك شخص يكرهه الى هذه الدرجة ؟؟
عاد يجلس بجوارها وهو يهمس قائلا:
-هل تعتقدين انه .. ربما يكون..اعنى
اتسعت عيناها فى ذعر عندما ادركت تلميحه فهتفت بغضب:
-لا تفكر حتى فى هذا ، يا الهى !! كيف يمكنك ان تقول هذا
يا الهى !! ماذا لو سمعتك مى او غادة او محمد نفسه.. اطرد
هذه الافكار من رأسك
اشار بيده بلا مبالاة وهو يجيبها:
-حسنا حسنا لكن يجب على الفرد ان يضع امامه كل الاحتمالات
قالت بحزم:
-الا هذا
ثم زفرت بحنق ، وخيمت عليهم فترة طويلة من الصمت والتوتر
استدارت بعدها دنيا الى امجد قائلة باهتمام وهى تتفرس ملامح وجهه بتمعن:
-هل انت واثق يا امجد اننا لم نلتقى قبل امس ؟؟
نظر اليها بحيرة وهو يتساءل:
-ماذا تعنين؟؟
هزت كتفيها فى حيرة وهى تقول:
-لا ادرى انت تبدو مألوفا جدا وكأننى اعرفك منذ زمن
وجهك حديثك كل شىء
نظر اليها باستغراب لوهلة ثم ضحك وهو يشير اليها قائلا:
-اتدرين ان هذا هو نفس الاحساس الذى انتابنى عندما قدمتك
لى غادة امس
رفعت حاجبها بدهشة وهى تقول بتعجب:
-شىء غريب فعلا، رغم اننا لم نلتقى من قبل لكن
قطعت دنيا حديثها وهى تتطلع الى رجال الشرطة يصطحبون محمد
الذى هتف بعينان حمراوتان وصوت مختنق:
-امجدكيف حال ابى ومى ؟؟
اخفى امجد انفعاله وقلبه يرق لحال محمد فقال بسرعة محاولا
الترويح عنه:
-كلهم بخير يا محمد ويدعون لك لا تشغل بالك انت
صاح محمد بتوسل وهو يبتعد:
-لا تخبر ابى بما حدث يا امجد ارجوك
-لا تقلق يا محمد
ثم هتف وهو يراه يبتعد عن ناظره:
-الى اين يصطحبونك يا محمد ؟؟ محمااد
ثم اقترب من المحامى وهو يسأله بسرعة وقد
خيم على وجهه القلق والانفعال:
-الى اين يصطحبون محمد ؟؟
مط المحامى شفتيه بضيق وهو يقول:
-سيتم حبسه على ذمة القضية
شهقت دنيا وهى تقول بفزع:
-قضية !! الا يقتصر الامر على انه سوء فهم ؟؟
مط المحامى شفتيه بسخرية وهو يهتف:
-سوء فهم !! القضية ليست هينة ابدا ، الكمية التى وجدوها فى شقته
كمية كبيرة حولت القضية بجانب شهادة الشهود من مجرد قضية حيازة مخدرات الى الاتجار فيها
اتسعت عينا دنيا فى ذعر فى حين هتف امجد باستنكار:
-ماذا !! قضية ماذا ؟؟ ما هذا الهراء الذى تقوله ؟؟
ماذا تعنى بالله عليك ؟؟
قال المحامى بتعاطف:
-للاسف محمد متهم بالاتجار فى المخدرات وليس فى القضية ادنى
سوء فهم كما اخبرتينى يا انسة دنيا ، وللاسف ايضا التهمة ثابتة عليه
سأله امجد بنفاذ صبر:
-ماذا تعنى يا استاذ ربيع؟؟ لا امل من خروج محمد براءة !!
ارتفع حاجبا المحامى فى دهشة وهو يردد جملته فى مزيج من
السخرية والاشفاق:
-براءة !!!!!!
ادعو الله الا يذهب الى ربه بحكم المحكمة او يقضى بقية عمره فى السجن
هتفت دنيا بانهيار تام سيطر عليها فعجزت عن الوقوف واسرع امجد
بتلقيها بين يديه ليساعدها على الجلوس على احدى المقاعد:
-ماذااااااااااا !!!!!!!!
قال المحامى محاولا تخفيف وقع الصدمة عليها:
-انا سأحاول ان اخفف العقوبة وان انبش فى القضية لعلنى اجد ثغرة
لكننى لا اعدك باكثر من هذا عليكم بالدعوات والصلوات
ازدردت دنيا لعابها الجاف وهى تقول بخفوت:
-لكنه برىء يا استاذ ربيع
هز كتفيه بقلة حيلة قائلا:
-القرائن كلها ضده يا انسة دنيا تقبلى اسفى
********************
سعل حسام بقوة اكثر من مرة ، وهو يقطع الردهة التى تفيض الى حجرات
النوم فى الدور العلوى من الفيلا، وتناول سيجارة جديدة اشعلها واخذ منها عدة انفاس
ثم القاها على الارض واطفأها بقدمه غير مباليا بالحروق الصغيرة التى
احدثتها فى السجادة
ثم زفر بضيق وهو يضرب بعنف مسند المقعد الذى جلس عليه وغادره بعدها
بثانيتين واطلق هتافا قويا معبرا عما يجيش بصدره من انفعالات مدمرة:
-آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه
نظر فى ساعة يده اكثر من مرة لدرجة جعلته يشك انها معطلة وان
عقاربها لا تتحرك،
انطلق فى الردهة كالمحموم وهو يبحث عن شيئا ما
وسرعان ما وجده ..توجه الى تلك المزهرية الثمينة وقذف بها بقوة
تجاه ذلك الزجاج الذى يحتل جدارا كاملا ويحيطه سوار ذهبى
فتحطم الزجاج بدوى هائل وتناثرت اجزاؤه الصغيرة فى كل مكان
الا انه لم يبالى بهذا كله
لقد كان فى انتظار محادثة هاتفية هامة للغاية
محادثة تحدد مصيره ومصير عمله ومصير حياته نفسها
عاد يتطلع الى ساعة يده وهو يغمغم بحنق:
-لماذا تأخرت الى هذا الحد ايها الغبى امام ؟؟
لقد اعطى لامام امرا واجبا التنفيذ عمرو لا يجب ان يخط بقدمه
مديرية الامن يجب ان يمنعه باى شكل
لذا فان سيارة مسرعة تحمل شابا طائشا تلتقفه بعد ارتجاله من التاكسى
وتطيح به هو امثل حل لتنتهى جميع مشاكله
وليس فقط الاخطار التى تحوم حوله بذهاب عمرو لقسم الشرطة
ولكنه سيرتاح الى الابد من عمرو وستكون والدته له وحده
والدته الانسان الوحيد على وجه البسيطه الذى يحبه فعلا
ولا يسعى لماله او جاهه
والدته الانسان الوحيد الذى يشعر معه بالحنان والامان يغمرانه
لا يستطيع ان يخاطر بان تتحول الى صف عمرو فى يوم من
الايام
وقد جاءت له الفرصة على طبق من ذهب
فعمرو يهدد كيانه ووجوده وهذا سبب قوى
ليتخلص منه ، انه يدافع عن وجوده
انها مسألة حياة او موت
وعمرو هو من فعل ذلك بنفسه عندما هدده
بل وتحداه وتوجه ليضع القيود حول معصميه ويدخله السجن
وتكون امه له وحده
اتسعت عيناه بوحشية وهتف بشراسة:
-لن اسمح لك ابدااااااااا
فوجىء بصوت مدوى يأتى من غرفة والدته
فتوجه بلهفة اليها وهتف بذعر عندما رأها ممدة على الارض
وصدرها يعلو ويهبط بعنف وهى تقول بصوت مخنوق
وعيناها متسعتان برعب:
-عمرو عمرو يا حسام
عمرو بخطر انا اريد ابنى
ابنىىىىىىىىىى
وسقطت فاقدة الوعى
صاح فى ارتيااااااع:
-امىىىىىىىىىىىى
ثم اسرع بالضغط على ازرار هاتفه المحمول وهو يهتف:
-امام الغى العمليةالغى العملية
لكن............
سقط الهاتف من يده وتطلع برعب الى والدته فاقدة الوعى
شاحبة الوجه وهو يستمع لهتاف امام:
-لقد فات الاوان يا حسام باشا
****************
|