دلفت ميرفت الى بهو الفيلا الفسيح وكانت فى طريقها الى الدور العلوى لولا ان استوقفتها صيحة هادرة،
تلفتت برهبة لتعرف مصدرها اذ كان البهو غارقا فى الظلام وتنهدت عندما لمحت دخانا يتصاعد من احدى
الاركان وشعلة صغيرة ملتهبة واضحة وسط الظلام
اتجهت الى ذلك الركن قائلة لصاحب الصيحة:
-حسام لماذا تجلس هنا فى الظلام؟ ولماذا عدت باكرا؟
تجاهلها وهو يأخذ نفسا عميقا من سيجارته قبل ان يطفأها وهو يقول بحدة :
-اين كنتى طيلة هذا الوقت؟
عقدت حاجبيها فى حيرة الا انها قالت فى بساطة:
-لدى المحروس ابنك اليس كذلك
تملك الاستغراب ميرفت من حدة كلماته ومقاطعته الا انها اجابت بهدوء:
-نعم كنت لدى عمرو هل هناك خطب ما ؟؟
ارتفع صوته الذى ملأته الحدة والعصبية وهو يقول:
-طبعا هناك .. الم تكونى هناك امس واول الامس وكل يوم
-حسام يا حبيبى ماذا هناك؟ هذا اخوك الوحيد فى محنة يجب ان اقف بجواره
ام تريدنى ان اتركه حتى لا يغفرها لى انا لا افهم ماذا بك
قال حسام بضيق ومازال صوته العالى يؤلم اذن ميرفت:
-ابنك فى محنة! وماذا عنى انا ! انا فى محنة اكبر منه
كل يوم تحقيقات ونيابة وضباط وشوشرة على سمعة الشركة وانتى لا يهمك اى شىء من هذا
-انا دوما بجوارك يا حسام ومعك هنا كل يوم لكن كان يجب ان اذهب لاطمئن على عمرو
انه وحيد الان يا حسام ليس له غيرنا نحن اهله الوحيدون فكيف نتركه فى محنة كهذه
وانت لماذا لاتذهب لتواسى اخاك
لوح بيديه وهو يقول فى لامبالاة:
-المرة الوحيدة التى ذهبت اليه فى العزاء كالغريب تماما ولم تمكث اكثر من نصف ساعة!!
-ماذا تريدينى ان افعل؟ ان اترك مصالحى وعملى من اجل رجل ميت!
ظهرت الدهشة فى عينى ميرفت وصوتها المنزعج وهى تقول:
-هذا الرجل الميت هو والد اخوك الوحيد
كاد حسام يقتلع اذنيه من فرط الغضب اذ كان لا يطيق سماع هذه الكلمة فقبض على قبضتيه فى قوة كادت معها عظامه
ان تنكسر واغلق عينيه واخذ نفسا عميقا مجبرا نفسه على الهدوء
ومن ثم قال بعد فترة صمت احترمتها ميرفت ولم تنبس فيها ببنت شفة:
-كيف طاوعتك نفسك على الذهاب اليه بعدما عرفتى حقيقته؟
تطلعت فى وجهه للحظات حاولت فيها ان تتذكر تلك الحقيقة التى يقول عنها الا انها اعلنت استسلامها
اتسعت عيناه فى دهشة وهو يقول بغضب مستنكر:
-اى حقيقة! هل استطاع ان يسيطر عليكى الى هذا الحد! حقيقته يا ميرفت هانم
حقيقة هذا الجشع الذى يقترض منى المال ويستغلنى ويستغلك
اخفضت عيناها الى الارض وقالت بتعلثم:
-لكنه لكنه تغير تماما ،حنانه اغرقنى وكان حريصا على رضاى كم انه
اشعلت كلماتها النار فى رأسه فصاح بحدة:
-اشجينى اشجينى وماذا ايضا؟؟ هل سمحتى له بالسيطرةعليكى واستغلالك بهذا الشكل!!
-ربما نظلمه يا حسام، ربما يحتاج تلك الاموال ولا يستطيع ردها وواجبنا ايضا ان
-واجبنا!! واجبنا ان ندله على الفساد ونعطيه المال لينفقه على اهوائه الشخصية
لم تجب ميرفت لكنها نظرت الى حسام نظرة معبرة،فهم هو من نظراتها اليه انها تقول له انه ايضا يفعل هذا
تملكه الضيق اذ لم يكن موفق فى جملته هذه فقال بحدة وهو يبتعد عنها صاعدا الدرج:
وجز على اسنانه متوعدا لذلك العمرو الذى لعب بعقل والدته ويريد ان يسحب البساط من تحت قدمه
الا انه لن يسمح له بهذا ابدا
تطلع امجد فى ضيق الى زوجة ابيه التى تتمايل فى ميوعة وتنطلق ضحكاتها الرقيعة على اثر
ملامسات ابيه الى جسدها الملفوف، نظر اليهم بذهول وقلب كفيه فى حيرة وهو يجز على اسنانه
ويقوم من مجلسه فهم لا يراعون وجوده
كان فى طريقه الى درج الفيلا الداخلى لولا ان استوقفته كلمات ابيه:
قال والده فى سعادة وهو ينظر الى زوجته صغيرة السن غامزا اليها بعينه اليسرى:
ازداد ضيقه الا انه تماسك نفسه وقال:
-لدى عمل كثير غدا فى الشرقية يجب ان انام فترة كافية حتى استطيع التركيز فيه خصوصا ان حضرتك لا تأتى
قال جملته الاخيرة وهو ينظر باحتقار الى زوجة ابيه التى لم تكن لتحلم ان تحيا بهذا المستوى
لولا لعبها بعقل اباه، كاد ان يكمل طريقه الا انه توقف قائلا:
-على فكرة يجب ان تذهب للحاج سعيد لتزوره فى مرضه يكفى انك لم تأتى معى
-نحن فى شهر العسل يا استاذ امجد ، تريده ان يتركنى ويذهب لذلك الرجل
تجاهلها تماما وكأنه لم يسمع شىء وقال بحدة:
ثم غادر المكان فمصمصت زوجة ابيه شفتيها وهى تقول بضيق:
-اترى ابنك يا ممدوح،لا يطيقنى او يطيق رؤيتى، دوما يتجاهلنى
-اعذريه يا نعمة يا حبيبتى، انتى تعرفين هذا ليس بالسهل عليه فانتى
-دعينا منه الان ولنلتفت الى انفسنا يا حبيبتى
مسح محمد دموعها المتساقطة على وجهها الممتلىء وهو يقول برقة:
-ارجوكى كفى يا هند، انتى تصعبين الامر علىّّ اكثر
حاولت هند التوقف عن النحيب وهى تمسح دموعها قائلة بصوت باكى:
-انا اسفة يا محمد لكن صدمتى كبيرة كبيرة جدا
مرض عمى وضياع شقتنا ماذا ستفعلون فى هذه المصيبة؟؟
ارتسم الحزن على وجه محمد وهو يقول:
-ان شاء الله ربنا سيفرجها ، ربنا لا يترك مظلوما ابدا، وقد
وضعنا كل ما نملك فى هذه الشقة فباذن الله ربنا سيعوضنا بخير منها
-من اين يا محمد؟ اباك ومرضه وانت مازلت طالبا فى الكلية اذن من اين ستعوض هذه الكارثة؟
-ارجوكى يا هنديكفى ما انا فيه
قلت لكى ربنا لاينسى عباده المؤمنين وان شاء الله ربنا سيعوضنا
-يارب ان شاء الله ان شاء الله
فتحت دنيا عينيها فى بطء وتكاسل وابتسمت فى سعادة وهى تتذكر ليلة امس ، ليلة عيد ميلادها الذى
كانت فيه اميرة محمولة على الاعناق، كلما تذكرت الجهد الذى بذله ادهم فى تحضير هذه الحفلة التى خلبت لبها
كلما احست بالامتنان تجاهه، فهو لا يترك شىء فى وسعه الا وفعله ليسعدها
اين كان ادهم منذ زمن؟ لماذا لم يكن موجودا قبل ان تمر بما مرت به مع ذلك الوغد وائل؟
هزت رأسها لتبعد ذكراه السيئة عن ذهنها لتظل ذكرى عيد ميلادها هى المسيطرة عليها
الا انها تذكرت فجأة شىء هام فاسرعت بمغادرة الفراش واتجهت يدها تلتقط هاتفها المحمول من حقيبتها وقالت
-ايتها الندلة مى ، اهكذا لا تأتين او تتصلى بى ل.......
ما ان سمعت صوت مى المرتجف الباكى حتى قطعت افكارها وقالت فى لهفة وجذع:
لمدة نصف ساعة ظلت تستمع الى كلمات مى الحزينة وبكاءها ، حاولت بشتى الطرق ان تخفف عنها الا انها قالت اخيرا
-مى اغلقى الخط انا فى الطريق اليكى نصف ساعة لن اتأخر
اسرعت بارتداء ملابسها والتهمت درجات الدرج التهاما الا انها توقفت عندما وجدت ادهم فى مواجهتها
وهو يقول بقلق لرؤية الجذع المرتسم على وجهها:
-دنيا !!ماذا هناك؟ الى اين انتى ذاهبة؟ اليوم الجمعة
قالت فى سرعة وهى تتجه الى الباب وهو يتجه خلفها:
-نعم اعلم يا ادهم لكن صديقتى مى فى محنة يجب ان اكون عندها الان
-والدها مريض وقع فريسة للشلل النفسى
ارتفع حاجبا ادهم فى دهشة وهو يتساءل:
-سأخبرك لاحقا لكننى الان متعجلة
اتجه ادهم نحو الدرج وهو يقول:
-انتظرى اذن سأذهب لتغيير ملابسى وآتى معك
-لا لا داعى لهذا لن اتأخر
-كيف اتركك وحدك وانتى فى هذه الحالة كما يجب ان اطمئن على صديقتك
-لا تقلق عليّ انا بخير، وسأوصل سلاماتك ودعواتك لمى الى اللقاء الان
توقفت لتراه قادما نحوها ممسكا بيدها ورفعهما الى شفتيه وطبع قبلة حارة عليهما وهو يقول بحب:
ابتسمت فى خجل وهى تقول برقة:
ما ان اغلقت دنيا الباب ورائها حتى تسللت ناهد على اطراف قدميها واقتربت من ادهم الشارد
ووضعت يدها على كتفه وهى تقول:
انتفض ادهم فضحكت ناهد وهى تقول:
-يااه! لهذه الدرجة ! اين كان عقلك شاردا يا استاذ؟
-الن تكفى عن فعل هذا؟ انتى تعرفين انا لا احب المفاجآت
تجاهلت اعتراضه وجذبته من يديه متجهة الى الصالون واجلسته على اول مقعد قابلها وجلست امامه وهى تقول
احكم على غلق معطفه جيدا ووضع كفيه فى جيب معطفه الا ان كل هذا لم يقيه من البرد القارص ، لم
يتوقع ان يكون جو هولندا بهذه الدرجة من البرودة التى لم يعتد عليها مطلقا فى جو مصر الدافىء
الا انه حث نفسه على التأقلم لانه سيمكث هنا طويلا حتى يعود الى مصر وهو يستطيع ان يرفع عينيه فى عينى
والد زوجته المستقبلية ويطلبها منه دون ان يتنازل عن شىء من عزة نفسه لا ان يوضع فى الموقف الذى وضع
الذى كان منكس الرأس رفيقاه الخوف والذل وهو يتلقى التقريع من والد حبيبته التى لم تقف بجواره وتزوجت
كان يدرك ان غادة نوع مختلف من البشر وانها مازالت تحيا فى زمن الحب القديم الذى انمحى الان من عالمنا كان يعلم انها تستطيع ان تنتظره لكنه لن يكون انانى ويظلمها معه، فهو امامه الكثير والكثير ليكون نفسه
وهى تستحق ان تعيش فى رخاء يكفى ما عانته مع زوج امها
اغمض عينيه فى الم من شدة حسرته لفراقها، تذكر جراح قلبه الدامية عندما تركته والدموع تغرق وجهها
لكن هذا افضل لها الحب لا يمكن ان يستمر فى الفقر وهو لا يريد ان تندم ان انتظرته لا يريدها ان
تلعن اليوم الذى احبته فيه، غدا ستتزوج من رجل تحبه ويحبها ويوفر لها حياة كريمة وغدا هو ايضا سيتزوج
وينجب ابناء لا يذوقوا الفقر والحرمان الذى ذاقه هو
يجب الان ان يركز قليلا على نفسه وان يبدأ بالبحث عن عمل يا ترى هل سيكون البحث عن عمل هنا بالصعوبة التى واجهها فى
مصر !! انه مستعد ان يمتهن اى مهنة ..المهم هو ما سيربحه من خلالها
قطع حبل افكاره ان وجد نفسه فى زقاق ضيق يسبح فى الظلام، تأفف وشعر بالحنق ، فهو لا يعرف اى شىء
فى هولندا وها هو قدجعل نفسه يقع فى المتاعب منذ لحظة وصوله ، ها هو قد ضل طريقه ، ولا يوجد صوت لاى مخلوق
هنا ليدله على الطريق الصحيح لكن لكنه يسمع جلبة، هذا الصوت ليس ببعيد ، ربما لو سار قليلا لوجد هؤلاء
الاشخاص الذين يعلو صوتهم ليدلوه على الطريق
حث نفسه على السير لكن ما ان وجد غايته حتى توقف مندهشا وزوى ما بين حاجبيه ، انه لا يفهم الهولندية
لكن المشهد الذى امامه لايحتاج لفهم لغة
فتاة يحيط بها ثلاثة رجال يحاولون اما سرقتها او التحرش بها وهو لن ينتظر ليعرف غرضهم
لقد حان الوقت اخيرا ليطبق ما تعلمه من فنون الكاراتيه
- الحديد بدأ يلين والمرحلة القادمة مرحلة الذوبان
برقت عينا ناهد فى سعادة وهى تقول بلهفة:
-نعم ، صحيح اتعبتنى فى البداية كثيرا لكن الان كل شىء تغير ، يجب ان تثقى فى هذا
انا ادهم رياض لا شىء يقف فى طريقى
تضاعفت سعادة ناهد وهى تقول:
-جيد جدا ، هذا خبر ممتاز، اذن هل اصبح لك موقعا جيدا فى الشركة
عقدت حاجبيها وهى تقول بضيق:
-الصبر جميل، هذه المسألة تحتاج الى صبر وتأنى حتى لا يتهدم كل شىء
يجب ان اكسب قلبها اولا واموالها ثانيا
-احساسى يقول هذا وسأتأكد عما قريب
امسكت يده فى لهفة وهى تقول:
-اذن ساعتها يمكننا ان نأخذ ما نريد من اموالها دون ان تشعر
-هذا هو الجزء الثانى من الخطة اطمئنى قريبا جدا
ثم عادت تنظر اليه وهى تضيف:
-قل لى هل سألتك عن اموالك واعمالك؟
-نعم لكننى اخبرتها ان ابى كان له شركاء واننى لا استطيع ان اخرج من هذه الشراكة وعندما اخبرتها اننى
اريد ان اشترك معها فى مصاريف الفيلا رفضت رفضا تاما وقالت اننى لا يمكن ان ادفع مليما واحدا طالما اننى
فى بيت خالى وانه لو كان حيا ما كان ليسمح بهذا ابدا
-هو بالفعل ما كان ليسمح ابدا، لكن ما كان ليسمح باقامتنا
قال ادهم باستغراب والحيرة تعلو وجهه:
-لماذا؟ ما حجم المشاكل بينك وبينه؟
قالت ناهد بتردد بعد فترة صمت :
-هل هل اقول لك ولا تغير فكرتك عنى؟
-لماذا؟ هل فعلتى شيئا سيئا؟
-عدنى اولا انك لن تغضب منى
قال ادهم وقد تملكته اللهفة:
-حسنا ، لن اغضب منكى قولى
ترددت ناهد لفترة تململ فيها ادهم ثم حسمت امرها وقالت:
-لقد كان اخى مصطفى يحب ابنة سائق ابى، فتاة فقيرة بالطبع، وقد كنت وقتها مراهقة وبينى انا ومصطفى مشاكل
كثيرة مشاكل الاخ والاخت فى هذه الفترة ، فقد كان صارما ومتشددا تجاه كل ما افعله
لذا فقد انتهزت الفرصة وذهبت الى ابى واخبرته وقلت له انه لابد ان يضع حدا لهذا الوضع وعندما علم مصطفى
ان ابى علم توسل اليه ان يزوجه اياها الا ان ابى رفض بشدة وحكم على سائقه ان يزوج ابنته الى ابن عمها والا
يقطع عيشه واضطر السائق ان يفعل ما امر به ابى ومن يومها ومصطفى لا يطيقنى لذا فقد
اعترض على زواجى من زوجى الاول لانه كان متوسط الحال ووقف ابى معه لكن لاننى كنت احبه
وتملكنى العناد فقد هربت معه وتزوجته وانجبت منه وحرم عليّ دخول الفيلا
ولم ارى ابى او اخى الذى تزوج بدوره من فتاة غنية
وبعد ثمانى سنوات من زواجى توسل ابى لاخى وهو على فراش الموت ان يبعث لى ليرانى وعدت
مرة ثانية للفيلا بعد فراق دام ثمانى سنوات، عدت انا وابنى الذى تعلق بدنيا لكن كان مصطفى يحول بينه وبينها
صمتت قليلا لترى الانفعال على وجه ادهم وعندما وجدته مصغيا بدون اى تعبير اضافت فى غل:
-مكثت انا وابنى شهرين فى الفيلا التى يراها يا عينى لاول مرة، لكن بمجرد ان توفى والدى حتى طردنى مصطفى
من الفيلا وعدت مرة اخرى لزوجى الذى حرم عليه دخول الفيلا وعاش هذين الشهرين وحده
عدت اليه لكننى كنت قد ذقت طعم الثراء الذى تركته بسبب الحب والعناد اللذان زويا مع الزمن
فاصبحت ناقمة على عيشتى وانتهى الامر بتركى زوجى وتزوجت من اباك وسافرت معه الى لبنان
-وماذا عن اخاكى ؟ الم يعرف بامر زواجك وسفرك
-لان دنيا تعرف ان اسمى ادهم رياض ولم تتساءل مثلا لماذا يبدو اسم ابى مختلفا عن اسم زوجك الاول الذى الفته
ضحكت ناهد بسخرية وهى تقول بتهكم:
-الفته!انها لم ترى زوجى الاول مطلقا ولا تعرف اسمه، ولم ترى ابنى نفسه سوى شهرين
لقد كانت طفلة فى السادسة من عمرها يا ادهم
-انا اعرف اننى اخطأت فى حق مصطفى قديما لكننى كنت مراهقة وهو لم يغفر لى ابدا ما فعلته بحبيبته
-لذا تحاولين الانتقام من ابنته!!!
-انا لست انتقم، انا آخذ حقى ، مصطفى لم يعطينى ميراثى من ابى واظهر لى مستندات تثبت ان ابى باعه كل شىء
-لكنى لا اصدق هذا ما كان ابى ليفعل هذا والا ما كان قد طلب رؤيتى ومكوثى معه الشهرين الاخيرين
نظرت اليه بغضب للهجة التى نطق بها جملته وقالت بعصبية:
-ذنبها انها ابنة اخى الذى ظلمنى واكل حقى وحتى ان كان ابى قد باعه كل شىء
الا يعطى لاخته الفقيرة شىء! بل ويطردها ايضا ولا يسأل عنها
ثم اضافت وهى تجز على اسنانها:
انهت جملتها الحانقة ونظرت اليه قائلة بتحذير:
-هل تنوى ان تتراجع عن خطتنا
-لا لا ابدا اطمئنى الخطة تسير كما هى
انتزعت غادة نفسها من شرودها عندما خرجت كلا من دنيا ومى من غرفة الاخيرة وقالت
-اخيرا البسمة عادت الى وجهك يا مى
قالت مى وهى تنظر الى دنيا التى افسحت لها غادة مكانا بجوارها على الاريكة:
-الحمد لله ، هذا بفضل دنيا التى حاولت الترويح عنى بشتى الطرق
التفتت غادة الى دنيا وقالت بامتنان:
-الشكر لا يكفيك يا دنيا لانكى اخرجتى مى من الحالة التى كانت بها ، لقد كانت جامدة كالحجر
لا تتحرك ولا تسمح لنفسها باخراج مشاعرها
-اطمئنى ، لقد اخرجت كل مشاعرها بالداخل وبكت حتى انتحبت واستراحت
-لكننى اصر انه لم يكن هناك داعى لحضورك يا دنيا وتعطيل مصالحك
انتى لديكى مشاغل عديدة ، كان يكفى مكالمتك فى الهاتف
نظرت اليها بعتاب وهى تتصنع الغضب:
-مى صدقينى لو اضفتى حرفا واحدا من هذا الكلام السخيف سأغضب منكى
-مى هكذا طوال عمرها لا تريد ان تتعب احدا معها
-لو كانت مى اخبرتك عنى يا غادة لعرفتى اننى لست اى احد
مى صديقتى واعز صديقاتى واختى التى لم تنجبها امى ثم من غيرى كان سيقف
بجوارها فى هذه المحنة؟ انتى ! انتى الاخرى تحتاجين الى من يقف بجوارك
فى هذه اللحظة خرج محمد من غرفته مشاورا لمى وهو يقول:
-مى ، اريدك لحظات من فضلك
وضعت دنيا كوب العصير الذى ناولته غادة اياه على الطاولة وقامت من مجلسها وهى
تمد يديها لمحمد وتنظر الى زيه الرسمى باعجاب قائلة:
-كيف حالك يا محمد؟ هل التحقت بكلية الشرطة؟
ثم التفت الى مى مشيرا الى غرفته قائلا بصرامة:
ثم التفتت الى دنيا قائلة:
-عن اذنك يا دنيا ، سأعود سريعا ، اكملى مشروبك
تناولت دنيا كوب العصير وهى تلتفت الى غادة قائلة:
-حان دورك يا عزيزتى للتخفيف عنكى
تقدم على نحو مجموعة الشباب والفتاة المذعورة بينهم ولفت انتباههم بحديثه بالانجليزية
-الذى يبدو انهم فهموه- اذ قال بصوت عالى واثق :
-يا شباب ماذا تفعلون لهذه الفتاة
التفتوا اليه ونظروا الى بعضهم البعض قبل ان يقول ما يبدو انه كبيرهم:
-لا تتدخل ايها الاجنبى وابقى بعيدا حتى لا نلحق بك الضرر
-انا ارى ان تدعوها لشأنها افضل
-افضل لمن يا ترى؟ لنا ام لها!!
فى حين ضحك كبيرهم وقال بتهكم:
-لا ادرى لماذا اسمع دبورا يزن على خراب عشه
-ابتعد حتى لا تنولك المتاعب ايها الاجنبى
واصل على تقدمه نحوههم وقال وهو يشمر عن ساعديه القويان وسط دهشتهم:
-اذن انت ستضطرنى ان الجأ لاستخدام الطريقة الصعبة لقد حاولت
معكم لكنكم لم تتركوا لى الخيار
منذ دخول على فى الاحداث وقد تغيرت نظرات عينى الفتاة العسليتين فبعدما كانت عيناها تنطقان بالتوسل
تحولت الى اللهفة والامل خصوصا بعدما دخل على فى عراك مع هؤلاء الشباب وبدا ان الانتصار فى كفته
هو حيث سحقهم سحقا والقنهم درسا من فرعونى صغير
[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.jpg[/IMG]
وعندما نظر اخيرا على الى عينى الفتاة بعد فرار هؤلاء الشباب وجد عيناها تشع بالامتنان والشكر والثناء
قال على بالعربية وهو يتجه اليها حيث كانت راقدة على الارض:
ثم اضاف بالانجليزية وهو يوجه حديثه اليها الذى غلفه القلق:
اجبرت شفتيها على الابتسام وهى تقول :
ارتفع حاجبا على فى دهشة وهو يسمع كلماتها بالعربية وقال فى تعجب:
-انتى تتحدثين العربية! كيف هذا؟ لا تقولى انكى عربية
قالت بصوت خافت ارجعه على الى الصدمة التى مرت بها للتو:
- انا هولندية من الام فقط لكن والدى تونسى وملامح المغرب العربى مقاربة لملامح الغرب
ثم اضاف وهو ينظر اليها بتمعن:
ثم اضافت فى ذعر وهى تنظر الى جبينه بعينان يملؤهما الجذع:
- انت مصاب جبينك ينزف دما
مسح على رأسه فشعر بسخونة الدم التى وجدها بين يديه الا انه قال بلامبالاة:
ازداد امتنانها له وقالت بكلمات يقطر منها الثناء:
توقفت منتظرة ان يبوح باسمه فقال فى سرعة:
صافح يدها الممدوة نحوه وقال:
اسرعت نور تقول وهو يساعدها على النهوض من الارض:
-بل انا التى تشرفت بلقاؤك ، فلولاك لا اعلم ماذا كان سيكون مصيرى بين هؤلاء الشباب
-ما الذى جاء بكى اصلا الى هذا المكان؟
اشارت الى مبنى خلفه قائلة:
-هذا هو الباب الخلفى لمكتب المحاماة الخاص بابى ، كنت هنا اجلب له بعض الملفات وقد خرجت
من هذا الباب لانه طريق مختصر الى حيث ساحة انتظار السيارت التى تقبع بها سيارتى
لكننى بعد ذلك سأخرج من الباب الامامى وسأسير تلك المسافة الطويلة
ضحك الاثنان وقد خرجا اخيرا من الزقاق المظلم فتلفت على حوله قائلا:
-بالطبع قل لى متى اتيت الى هولندا؟
-الان!! هل حطت طائرتك توا
-لا لقد حجزت فى فندق متواضع حتى اجد عملا
قالت وهى تشير الى سيارتها ليتجها اليها:
-ها قد وصلنا انسى موضوع الفندق ، سنتجه اليه الان لتسدد حسابك وتجلب حقائبك وتأتى معى
تساءل بكلمات ملأها الاستغراب:
اخذت مكانها خلف مقود السيارة ونظرت اليه حيث جلس فى المقعد الامامى المجاور لها:
-الى حيث ستقيم معنا فى منزلنا
هز رأسه بقوة وهو يقول رافضا:
-منزلكم!! لا لا يصح، لا يصح
-على ، انت انقذتنى ، انت لا تعلم اى معروف اسديت لى، انتظر حتى يراك ابى
سيطير بك من شدة السعادة خصوصا لانك عربى مثله
دلفت مى الى حجرة محمد التى اغلق بابها خلفهم باحكام وهو يقول:
-اسمعى يا مى ، انا امامى حوالى اربع ساعات على ميعاد عودتى الى الكلية،
هزت كتفيها فى حيرة الا انها خمنت قائلة:
-لا يا مى ، انا ذاهب الى حسام الشريف
-صاحب شركة المعماريين صاحب البرج
-لماذا!! لاطلب منه تفسير عما حدث ولاطلب حقنا
-لا لم يضع ، يجب ان يكون هناك تعويض لقد دفعنا مالا لشىء لانملكه
-لكننا ملكناه وضاع منا يا محمد
-قلت لكى لم يضع يجب ان نحصل على حقنا
هل تعلمين بحالنا اليوم! اننا على وشك الافلاس يا مى ، لا يوجد معنا سوى معاش ابيكى الذى سنصرفه على
العلاج الان ، وبعدما باع ابى الارض التى كنا نأخذ ايجارها وضع ثمنها فى الشقة كان ينفق
من مبلغ حتى يتم انتهاء العمل فى الشقة وتأجيرها هذا المبلغ يتناقص سريعا ولا توجد شقة
اتفهمين معنى هذا؟؟ لذا يجب ان اسعى للحصول على حقنا
ظهرت الصدمة على وجه مى وقد عجزت عن الكلام فى حين تابع محمد:
-وانا لا استطيع حتى العمل لاساهم بأى شىء لاننى فى الكلية ولا آخذ اجازة سوى خميس وجمعة
ومن هذا الذى قد يلحقنى بعمل ليومين فى الاسبوع
انا حتى لا ادرى كيف سأسدد مصاريف السنة القادمة
تهاوت مى على المقعد كاللوح الجامد ثم انخرطت فجأة فى بكاء عنيف
فجلس محمد على حافة المقعد وهو يربت على ظهرها قائلا:
-مى انا لا اقول لكى هذا الحديث لتفعلى هذا بل لتشجعينى على الحصول على حقنا
رفعت مى رأسها اليه وقالت بتصميم:
-اذهب يا محمد وحاول ان تحصل على حقنا الضائع
هم محمد بالخروج من الغرفة فاسرعت غادة التى كانت تستند الى الباب بالابتعاد وهى تضع يدها على
فمها لتكتم لوعتها ، فقد كانت فى طريقها لطرق الباب لتستعجل مى لانه لا يصح ان تترك صديقتها كل هذا الوقت
الا انها صدمت بهذا الحديث الذى سمعته من وراء الباب المغلق
لذا دارت فى رأسها فكرة واحدة فكرة مخيفة ومقبضة لكن لا مفر منها