كاتب الموضوع :
jen
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الفصل السادس
حقائق مفزعة
استغرقت دنيا فى متابعة اخر الاخبار المتعلقة بحركة السوق على الانترنيت بمكتبها فى مقر الشركة وفجأة انتفضت من مكانها مع كلمات ادهم:
-كيف حالك يا دندن؟
والتى اعقبها بابتسامته العريضة -التى تذكرها دوما انه يصلح ان يكون (موديل) فى اعلانات معجون الاسنان-تنهدت دنيا بارتياح وقالت بضيق:
-ادهم! لماذا تصر دوما على افزاعى ؟ الم ترى اننى مستغرقة فى العمل
يوما ما ستسبب لى ازمة قلبية بهذه الحركات الصبيانية
ضحك ادهم وقال وهو يجلس امامها :
-يجب ان يكون لوجودى رونقا خاص به
عقدت ذراعيها امام صدرها وهى تتساءل:
-اذن الن تجرب مرة واحدة حتى ان تطرق الباب او تجعل نانسى تخبرنى بوجودك
هز ادهم رأسه يمينا ويسارا دلالة على النفى وهو يقول بصوت واثق:
-مطلقا
قالت دنيا بضيق:
-بين الحين والاخر على سبيل المفاجأة مثلا
قام من مجلسه وجلس على سطح المكتب وهو يقول:
-دعكى من هذا صدقينى لن تفلح محاولاتك
وفجأة امسك يديها وهو يقول بحنان بالغ:
-هل انتى بخير الان
نظرت اليه بحيرة واجبرت نفسها على ابعاد عينيها عن عينيه اللتان تسبحان فى دوامة كادت تأخذها معها ثم جذبت يديها من يديه وهى تبتعد عنه متجولة فى انحاء الغرفة قائلة بتساؤل:
-نعم بخير ماذا تقصد
قام هو الاخر من مجلسه واقترب منها وهو يقول:
- بعد جلستنا الصريحة التى فتحتى لى فيها قلبك الا تظنين انه يجب بعدها ان اطمئن عليكى
شعرت دنيا بالتوتر وهى تلعب فى خصلات شعرها المتناثرة وتقول:
-اه نعم انا بخير اطمئن لا داعى حقا لتقلق الحمد لله لقد تعديت هذه المرحلة البغيضة من حياتى
قال ادهم فى ارتياح:
-حمدا لله انكى تعافيتى من هذه المرحلة لكن اعتقد ان هناك بعض الشوائب تركتها هذه التجربة
قالت دنيا بعناد:
-الشائبة الوحيدة التى تركتها هذه التجربة هى اننى اقسمت الا انخدع مرة ثانية
حملق ادهم فى وجهها للحظة ثم اخفض نظره وهو يتوعد لذلك الحيوان المسمى بوائل الذى ايقظ انتباهها وجعل خطته معرضة للفشل
حاول ادهم اخفاء انفعالاته الا انه لم يستطع منع نفسه من الزفر بحنق فاندهشت دنيا وهى تقول بقلق:
-ادهم ماذا هناك؟ هل انت بخير
اشرق وجه ادهم عندما لاحظ قلقها عليه فتصنع الضيق وهو يقول:
-ذلك الحيوان وائل اتمنى ان اقتله لما فعله بكىاى رجل يراكى يرى هذا الملاك امامه ويفكر ان يفعل به هذا! هذا الوائل كان يجب ان يقبل يديك كل يوم ويصلى ليلا نهارا لانكى منحتيه اغلى ما عندك
قالت دنيا بتعجب:
-نعم!!!!!
-اقصد حبك قلبك الغالى يا دنيا
شعرت دنيا بالامتنان لكلماته فقالت وهى تبتسم:
-اشكرك يا ادهم على هذه المجاملة
نظر الى عينيها بعينان تملؤها الحب وقال بحنان وهو يربت على يديها:
-ليست مجاملة يا دنيا انتى تعرفين هذا انا اتمنى ان اكون فى مكان هذا الحيوان
ليس فى السجن بالطبع ولكن فى قلبك
ابتعدت عنه قليلا وهى تبتسم قائلة:
-يجب ان تسحب امنيتك هذه على الفور لان ما احمله فى قلبى تجاه وائل الان هو الكراهية والاحتقار و
اشار ادهم بيده فى سرعة:
-لالا انا اريد مكانتى على الاقل بها بعض الاحترام
-والشكر والامتنان والاعجاب ايضا يا ادهم
ظهرت الفرحة على وجهه وهو يقول بلهفة:
-الاعجاب! حقا!!
اسرعت دنيا تقول:
-الاعجاب بشهامتك ورجولتك ودفاعك عنى
قال ادهم بخيبة امل:
-اه تقصدين هذا
لكن عادت اللهفة تغلف كلماته الراجية:
-لكن هذه الخطوة الاولى اليس كذلك؟
تهربت دنيا من عيناه وكلماته وهى تقول:
-ويا ترى كيف حال وائل فى السجن؟
قال ادهم بشماتة:
-انه يواجه تهمتى اقتحام ممتلكات خاصة والتحرش بانثى
غمغت دنيا بكلمات غير مفهومة فمال ادهم عليها وهو يقول بتهكم:
-ما رأيك ان نزوره فى السجن ونبتاع له فى طريقنا خبز وحلاوة
لم تستطع دنيا تمالك نفسها وارتفعت ضحكاتها تعلو حتى ان نانسى سمعتها من وراء الباب المغلق فقالت فى تعجب:
-سبحان مغير الاحوال!
*************
خلعت غادة فستانها الاحمر والقته على ارض الغرفة باهمال وهى ترتمى على الفراش وتتساقط دموعها بغزارة ويعلو بكاءها الحارق
طرقت مى باب الغرفة بالحاح دون جدوى ودون اى استجابة من غادة التى اغلقت الباب بالمفتاح
اصبحت عينان غادة حمراوتان كالدم من كثرة البكاء وكادت رأسها ان تنفجر وشعرت بنغزات الم تغزو قلبها الا انها لم تتوقف وتتراجع عن حالتها لتطمئن على نفسها فما مر بها لم يكن من السهل ابدا معه ان تكون عقلانية وتهدأ
ارتفعت برأسها التى دفنتها فى الفراش لتتطلع الى صورتها التى تعلو الحائط المواجه لها
نظرت بقسوة الى صورتها التى يظهر الاشراق على وجهها والابتسامة التى تعلو شفتيها
التقطت المنبه الذى يقبع ساكنا على الكومود المجاور لفراشها وقذفته بقوة على صورتها ليتهشم زجاجها ويتناثر بينما تصيح هى فى ثورة:
-لماذا تضحكين ايتها البلهاء؟ لماذا؟لماذا؟ لماذا؟
انخفضت نغمة صوتها ليصبح التساؤل هو السمة المسيطرة على وجهها وهى تعود بذاكرتها الى ساعة مضت الى اسوأ ساعة فى تاريخ عمرها الى لقائها مع على
الذى حطم قلبها
اقتربت غادة من على وعلى وجهها ابتسامة رائعة وعينيها تشعان حبا وهياما وقالت بصوت ناعم ما ان اصبحت امامه:
-على لقد وصلت
تطلع الى وجهها الجميل وقال بهمس وهو يحتضن يدها التى سرت فيها قشعريرة ساخنة شديدة الحرارة :
-غادة لقد اوحشتينى كثيرا
اسرعت بجذب يديها من بين يديه الدافئتان وهى تقول بعتاب:
-لوكنت اوحشتك يا على لكنت اطمئننت عليا وحرص على رؤيتى لا ان تختفى هكذا دون سابق انذار اين كنت يا على ؟ هل انا السبب؟
قال على بسرعة:
-مطلقا السبب يكمن فىّ انا يا غادة
ظهر الضيق فى صوتها ممتزجا بالعتاب:
-اذن لماذا يا على ؟ لماذا اختفيت؟ لماذا تغيبت كل هذه المدة عنى؟
عاد برأسه الى الوراء يستند على مسند المقعد وهو يقول بأسف:
-كلمة اسف لن تكفى ان تعوضك عن ليالى القلق والخوف والضيق التى مررتى بها
انا اعلم هذا الاحساس لانى مررت به طوال فترة غيابى عنكى لكن ما يشفع لى عندك اننى فعلت هذا من اجلك
-من اجلى!!!
قال على بمرارة:
-نعم يا غادة من اجلك لم تطاوعنى نفسى ان اجعلك تتعذبين معى وان تريننى وانا فى هذه الحالة ، لقد كنت يائسا من الدنيا محبطا كارها حياتى ونفسى، لم يكن عدلا ابدا ان اجعلك تمرين معى بهذا، لقد وصلت الى حالة جعلتنى ارى ان الانتحار هو الحل الوحيد امامى
قالت غادة فى جذع:
-على ! ماذا تقول؟؟
-الحمد لله ، لقد تراجعت عن هذا فى اخر لحظة
قالت غادة فى حدة لم تخلو من الجذع:
-ولم كل هذا؟ لم!!!
-لقد بحثت عن عمل يا غادة مطولا ولم اجد ، لقد فكرت حتى ان اعمل بائعا فى محل او عامل مبانى من شدة يأسى بعد احلامى ان اكون مخرجا ناجحا لكن حتى هذا لم افلح فيه
لقد تورمت قدماى وكاد رأسى ان ينفجر ودفعت الكثير فى مواصلات من شرق القاهرة لغربها وملابس انيقة لمقابلات العمل وغيرها وغيرها دون جدوى
لا وجود للعمل فى هذه البلد يا غادة ليس لامثالنا على اى حال
قالت غادة فى توجس:
-اذن ماذا حدث؟
قال على باستغراب:
-ماذا تعنين؟
قالت بتوتر :
-مقابلتك لى الان تحمل شيئل بالتأكيد هل وجدت عملا اخيرا؟
-لا
فوجئت غادة بقوله ورددت بدهشة:
-لا!! ماذا تعنى؟
عقد كفيه فاخفى ورائهم نصف وجهه كمحاولة ان يتجنب نظرات غادة المندهشة وقال بصوت خفيض متوتر:
-قلت لكى لم اجد عملا،لهذا اردت ان اقابلك اليوم، اردت ان اقول لكى انه انه
يجب
نظرت اليه بتعجب وهى ترى حيرته فقالت بنفاذ صبر:
-ماذا؟؟؟
سيطر على اعصابه واخذ نفسا عميقا وقال وهو ينظر الى يديه:
-يجب ان ننهى علاقتنا
اتسعت عينا غادة بغير تصديق وعجزت عن الحديث فاكمل بسرعة خوفا ان يفقد رباطة جأشه:
-انا امامى الكثير يا غادة الكثير جدا، لا استطيع ان اكون مسئولا عن أسرة وان انفق عليها لا استطيع،وانتى بالتأكيد سيتقدم لكى الكثيرين ولا يمكن ان تنتظرى حتى اكون نفسى
حينها سيكون قطر الزواج قد فاتك ولا ندرى هل سنظل ساعتها نحب بعضنا ام سيذوى حبنا فى معمعة الظروف الاقتصادية هذه ولا ادرى حتى ان كنت سأستطيع فى يوم من الايام ان اكون مسئولا
كانت غادة تهز رأسها بغير تصديق وتتساقط الدموع من عينيها بصمت شجعه على مواصلة حديثه:
-لقد تربيت على الحرمان يا غادة ولا اريد لاولادى ان يذيقوا مر هذا الحرمان اريدهم ان يجدوا كل ما يرغبون به واريد ان اكفى امرأتى ولا اجعلها تحتاج الى اى شىء
استفزت غادة هذه الكلمات لذا فقد قالت بحنق:
-اذن انت تريد ان تفعل كل هذا لكن لا يهم لمن ، لا يهم من سيكون بجوارك، انت تريد ان يكون لك زوجة لكن لا يشترط ان تكون انا، وتريد ان يكون لك اولاد لكن ايضا غير مهم ان يكونوا اولادى منك ، انت تريد ان تجتهد وتبنى مستقبلك وتتعب لاناس لا تعرفهم ولم ترهم لكن انا انا التى احبتك ومستعدة ان تفعل المستحيل من اجلك لا شىء
غير مهم، تتركها هكذا بتعليلات سخيفة بانك خائف على مستقبلى واننى استحق افضل منك وهذه الكلمات الرخيصة
لقد اعتقدت ان لك رؤية اخراجية لكن يبدو ان ماتعرفه عن الاخراج هو الافلام العربية من الدرجة الثالثة
صمتت للحظات ثم عادت تقول باصرار:
-ويا ترى يا على هل هذا قرار ام انه اختبار لمشاعرى تجاهك؟
لاننى اعتقد انه لو كان اختبار فقد نجحت فيه اليس كذلك
اطفأ لهفتها التى بدت فى عينيها الدامعتان وهو يلوح لها بجواز سفره قائلا بحزن:
-لا يا غادة هذا قرار سأهاجر لهولندا ،سأعمل هناك ولن اعود الا عندما استطيع تحقيق احلامى
قالت غادة بتهكم :
-نعم احلامك فى مستقبل مريح ماديا مع زوجة تكفى طلباتها وابناء تحقق لهم كل شىء
تساقطت الدموع من عينيها وهى تضيف:
-ايها الغبى انا احبك لا تفعل بى هذا سأنتظرك يا على سأنتظرك
فقط اعدل عن قرارك صدقنى عمى لن يعارض ارتباط....
قطع كلماتها وهو يقول بتصميم:
-لا استطيع انا لم اقابلك قبل اليوم حتى لا تضعفنى دموعك لقد استخرجت التأشيرة وتذكرة السفر لا تتصورين كيف جمعت ثمنهما و..و.. وسأسافر الليلة
اتسعت عيناها فى دهشة وهى تقول بذهول:
-الليلة!!
امسك يديها وهو يقول فى اسف:
-هذا فى صالحك يا غادةلا يمكننى ان اعلّقك واعشمك واضيع فرصتك
لا تعتقدى انه كان من السهل على ان افعل هذا لكن هذا من اجلك
انا احبك يا غادة والله
جذبت يديها بحدة وقامت من مجلسها وهى تجفف دموعها بمنديلا القته فى وجهه وهى تقول:
-خذ هذا تذكار منى فى الغربة ليذكرك بما فعلته بى
واقتربت منه ومالت على اذنه وهى تقول:
-ولا تتوارى ابدا خلف الحب انه اشرف من ان تدنسه باكاذيبك وخداعك لى
تركته وهى تردد بانهيار:
مى كانت على حق ...كانت على حق
اندفعت دموع غادة اكثر واكثر حتى اعتقدت للحظات انه مستحيل ان يكون مازال هناك دموع من كثرة ما اذرفت
الا انها اجهشت بالبكاء وكأن عيناها بحرا لا ينفذ
كان سؤال واحد يدور فى اعماقها ورددته بكل خلجة فى خلجاتها :
لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟
" ومن جراح اليوم** قلبك يبات مهزوم
تسأل عن الاسباب **تلقى المعانى سراب
والشرح مش مفهوم"
التقطت غادة هاتفها المحمول وهى تحاول مسح دموعها الغزيرة واسرعت تطلب رقما بعينه ثم قالت بسرعة بمجرد ان بدأ الاتصال وكأنها تخشى ان تتراجع عن قرارها:
-انا موافقة يا امجد
"بتهددنى ببعدك قال**لا دة انا اقدر ابيع فى الحال
واللى يسيبنى ويعذبنى**كدة على بعضه مايلزمنيش"
****************
اقترب عمرو من قبر والده وجلس امامه ورفع كفيه للسماء يدعو له بالمغفرة
واعقب دعاؤه بقراءة الفاتحة التى ما ان انتهى من قراءتها حتى مسح بكفيه على وجهه غير الحليق وانطلق لسانه يتمتم ببعض آيات من سورة يس وقد شعر ببعض الراحة تتسلل الى نفسه التى ارهقتها عدة ليالى بالبكاء والقسوة على نفسه ندما لما ظنه بامه الغالية التى ذاقت ظلما وهوانا مع والده الذى خدعه ليكون بجواره وحتى لا يتركه وح...
استغفر عمرو وردد:
-اذكروا محاسن موتاكم
واجبر عقله على التفكير فى ابيه الطيب الحنون الذى عاش معه اياما طويييلة ووجد معه الحب والحنان ، اقنع نفسه ان اباه تغير ولم يعد بالتأكيد ذلك الرجل البغيض الذى كانه
اكتسح الفهم مكان الحزن فى عينى عمرو الذى هز رأسه وهو يغمغم:
-الان فهمت
فهم سر تلك الاعوام الاولى من عمره التى قضاها مع جدته الطيبة المسنة فهم ان ابتعاد ابيه عنه وتركه يتربى مع جدته كان بسبب نزواته فهم ان والده حينما عاد ذات يوم غارقا فى احزانه وهمومه وقرر ان يأخذه ليعيش معه
فهم الحديث الذى دار بين جدته ووالده حول تلك المرأة التى خانته وبددت امواله وتركته بدون اى شىء لتهرب مع عشيقهافهم الان
والان فقط فهم كل شىء
فهم ان هذه المرأة لم تكن امه بل كانت احدى نزواته الغرامية
فهم انه لدغ من سم الثعبان لذلك تاب عن طريقه هذا وقرر الالتفات لولده
فهم لماذا كانت جدته تنهاه عن ذكر والدته بسوء
لكنه لم يفهم لماذا اخفى عليه والده الحقيقة؟ لماذا كذب عليه؟
لماذا ابعده عن امه؟ كان يجب ان يثق انه لن يتركه مهما حدث
كان يجب ان يعلم ان عزة نفسه لن تجعله ابدا يكون فى جبهة حسام ووالده
حاول عمرو ان يهدأ بعدما تصاعدت انفعالاته وشعر بنبذ قبر والده
عاد يقرأ سورة الفاتحة ويتمتم ببعض الدعوات فعادت السكينه الى نفسه لثوانى الا انها عادت تحترق بنيران الندم والاسف للظلم الذى اوقعه على والدته طوال عمره
قام عمرو من مجلسه وسار بخطى هادئه وهو مصمم ان يعوض والدته عن كل مرة فكر فيها بسوء عن كل مرة نظر اليها نظرة لا تحوى الاحترام بين طياتها عن كل مرة لمح لهفتها عليه وحزنه من تجاهلها ولم يهتم
ابتسمت شفتاه وهو يقول:
-امى
حتى الكلمة لها طعم مختلف الان
*****************
ابتسمت هند وهى ترى محمد يقترب منها قائلا من قبل حتى ان يكون امامها:
-اوحشتينى
حملته على الصمت بنظراتها واشارت الى الاوتوبيس الذى كان بين ركابه منذ قليل وقالت بعتاب:
-أهناك ضابط شرطة محترم يستقل اوتوبيس
ضحك محمد وهو يقول:
-استقله مجانا يا هنود هل تريدينى ان اترك فرصة كهذه وانفق الاموال التى ادخرها لزواجنا فى استقلال سيارة اجرة ثم اخبرينى ألم تأتى فى مثله
قالت هند بفخر وهى تترك اصابعه تتخلل اصابعها وتضغط عليها بحنان:
-لا يا حبيبى لقد استقليت سيارة اجرة حتى يظل الفستان مهندما ما رأيك فيه انه جديد
اطلق محمد صفيرا عاليا من شفتيه جعل وجهها يحمر من الخجل فقالت بسعادة:
-افهم من ذلك انه يعجبك
-رااااااائع يا حبيبتى
ابتسمت لكن ابتسامتها زالت عندما مر شاب بجانبهم ونظر اليها نظرة فهمت معناها جيدا وانزعجت اكثر عندما قال هذا الشاب :
-(الله يسهلوا يا عم اللى ادانا يديك يا سيدى)
امسكت هند كتف محمد فى اللحظة الاخيرة اذ ظهر الغضب على وجهه وكاد ان
يتجه لضرب هذا الشاب الا انها قالت فى جذع وهى تحكم مسكه:
-محمد ارجوك لا تتهور هل ستهتم لحديث شاب مثله
-ابن... الم تسمعى ما قاله
امتصت غضبه وهى تقول برقة:
-لقد عودت اذنى الا تسمع من سواك
نظر اليها بحب وهو يقول:
-يوما ما سنترك هذا الكورنيش ونرتاد افخر المطاعم
-انا لن امل من الكورنيش طالما انا معك يا محمد ليس المهم المكان بل المهم مع من
ازداد اعجابه بكلماتها وهو يقول بحرج:
-دوما تخجلينى بحبك ووفائك
-انت تستحقه يا محمد
استكانا الى احد الاركان وتطلعا الى النيل العظيم الذى تلمع مياهه تحت اضواء الشمس المتلاعبة وفجأة قال محمد بلهفة:
- ما رأيك ان تأتى معى لاريكى الشقة انها فى افضل منطقة فى شبرا ستعجبك جدا
قالت هند بلهفة:
-هيا لكن اوعدنى الا نتأخر
-لا بالطبع انا سأريكى موقع البرج فقط لن نصعد الى الشقة
-لماذا؟
-ماذا لو رآنا احدماذا ليقول عنكى اهم شىء لدى سمعتك
ابتسمت هند وهى تقول بحب:
-ماذا سأكتشف عنك اكثر من هذا؟كل يوم حبى لك يزيد
***************
طرقت نانسى السكرتيرة باب مكتب دنيا وقالت بعد ان دلفت اليه:
-الاستاذ ادهم يريد مقابلتك يا دنيا هانم
عقدت دنيا حاجبيها الرفيعان فى استغراب وقالت بتساؤل:
-الاستاذ ادهم من؟؟
-الاستاذ ادهم ابن عمتك يا دنيا هانم
فى هذه اللحظة دلف ادهم مبتسما وهو يشاور لنانسى بالخروج وقال بعد ان اغلق الباب ورائها:
-ما رأيك فى هذه المفاجأة ؟
ابتسمت دنيا وهى تقول:
-أتعرف ان هذه اول مرة يتفاجأ فيها المرء بمجىء شخص ما حتى بعد ان يعلم بمجيئه
ضحك ادهم وهو يقول:
-لقد قررت العمل بنصيحتك
قالت دنيا بحيرة:
-لكن يا ترى ما الغرض من هذه المفاجأة؟
مال عليها وهو يقول بغموض:
-اليوم كم فى الشهر
قالت بتعجب:
-لماذا تغير الموضوع؟ لقد سألتك ما الغر
قاطعها قائلا:
-لو اجبتى عن سؤالى ستعرفين الجواب والان اخبرينى اليوم كم فى الشهر
قالت دنيا بحيرة ويدها تتجه الى هاتفها المحمول لتنظر الى تاريخ اليوم الذى يظهر على خلفية الهاتف وما ان فعلت حتى رفعت اليه رأسها بدهشة وهى تقول بتردد:
-هل حقا تقصد هذا؟!!!
اتسعت ابتسامته وهو يقول:
-نعم يا دندن كل سنة وانتى طيبة يا احلى دنيا فى الوجود
ابتسمت فى خجل وهى تقول:
-لم اعلم انك تهتم بى الى هذا الحد لقد نسيت تماما ان اليوم عيد ميلادى
لكن يا ترى كيف علمت
-الناس لا تحتاج لمعرفة متى ولد القمر انها تعرف يوم ان تراه لامعا فى السماء
قالت بدلال:
-ادهم مصر انت على كلماتك التى تخجلنى دوما
ابتسم ادهم فى اعماقه فكلماته التى كانت بالامس تزعجها اليوم تخجلها وغدا باذن الله ستسعدها
ظهرت ابتسامته على شفتيه وقال بلهفة:
-يا ترى كم اتممتى اليوم
قالت دنيا بعتاب:
-وهل هذا سؤال؟
ثم اضافت:
-ولكننى سأخبرك فانا مازلت صغيرة لقد بلغت واحد وعشرون عاما
قال ادهم بتعجب:
-واحد وعشرون!! اى اليوم اتممتى سن الرشد اذن كيف تصرفتى فى ميراث والدك رحمه الله من كان الواصى عليكى؟
صمتت قليلا بعد ان قال ادهم جملته هذه وبدا ان ذكرى والدها تزعجها الا انها خرجت من صمتها وقالت بعينان دامعتان:
-لم يكن هناك احد واصيا عليّ لقد باع لى ابى كل شىء قبل وفاته
لم ينتبه ادهم الى حزنها فقد كان يفكر فى ذكاء والدها الذى جعل فرصة وصاية عمتها عليها تضيع من ايديهم الا انه قال وهو يدارى حنقه:
-حقا!! تصرف بليغ منه
تصاعد حزن دنيا فى كلماتها وتساقطت الدموع من عينيها وهى تقول:
-نعم لقد شعر بان أجله قريب
لكنه كان ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر كان ينتظر ان ابلغ سن الرشد واكون فتاة كبيرة
اقترب منها ادهم واخرجها من وراء مكتبها وهو يرفع رأسها ويمسح دموعها قائلا بتعاطف:
-لماذا تبكين الان؟ لقد انتهى هذا الموضوع منذ زمن
قالت بكلمات متقطعة :
-لكنه مازال حيا فى قلبى اننى افتقده كثيرايا ادهم
وتشنجت وهى تبكى بحرقة فمسح ادهم على شعرها ثم احتواها بين ذراعيه وهو يقول بصوت هادىء:
-كفى كفى يا دنيا اهدئى اهدئى اليوم عيد ميلادك لا نريد ان نفسده
ذابت دنيا بين احضانه وهى تشعر بالامان والحنان
الا انها انتبهت لنفسها سريعا وابتعدت عنه بحدة فقال فى قلق:
-ماذا هناك؟
قالت دنيا بحرج:
-انا اسفة يا ادهم لقد نسيت نفسى
حاول ان يزيل حرجها فقال بحنان:
-لا ابدا اننى ابن عمتك يا دنيا ولو لم اجفف دموعك واشعرك بالحنان
من غيرى سيفعل! لا ادرى لماذا لا تفهمين هذا ؟ اننى اشعر بالخوف عليك يا دنيا واريد ان اخفف عنكى عبئك هذا
شعرت دنيا بالامتنان وقالت وهى تجفف دموعها بالمنديل الحريرى الذى ناولها ادهم اياه من جيب بدلته :
-اشكرك يا ادهم واسفة على تصرفاتى السخيفة من قبل
ابتعد ادهم عنها وهو يتجه لاحضار حقيبة من الكرتون الفاخر والتى كانت راقدة بجوار باب المكتب وعاد اليها بارزا ايها وهو يقول :
-دعكى من الاسف لنبدأ صفحة جديدة والان انظرى ماذا احضرت لكى
قالت بدهشة :
-هل احضرت لى هدية بمناسبة عيد ميلادى ! لماذا اجهدت نفسك
-لا ابدا وايضا جهزت لكى اليوم حفلة رائعة للاحتفال بعيد ميلادك
والان خذى افتحى هديتك
تناولت منه الهدية وفضتها بسرعة وفضول لكن ماان وقعت عيناها على العروسة حتى اغروقت عيناها بالدموع وهى تقول بامتنان ودهشة :
-حتى هذه تذكرتها يا ادهم! انت رائع يا ادهم راااائع
-هل اعجبتك يا دنيا
-جدا
قال ادهم بصوت هامس وهو ينظر لعينيها بحب :
-هل تتذكرينها يا دنيا
لم تستطع دنيا النظر الى عينيه وقالت فى خجل:
-بالتأكيد اتذكر طفولتنا ولعبنا سويا
ظهرت خيبة الامل فى صوته وهو يقول :
-فقط !!!!
غيرت دنيا دفة الحديث بقولها :
-لقد قلت انك اعددت لى حفلة اين هى ؟
فهم محاولتها الا انه اجبر نفسه على الصبر واجاب على سؤالها بقوله :
-لا هذه مفاجأه
ثم قال وهو يجذبها جهه الباب ويناولها حقيبتها :
-والان اتركى كل شىء واتركى نفسك لى اليوم فقط
اعترضت قائلة :
-والعمل يا ادهم لا استطيع
واصل دفعها جهة الباب قائلا:
- بل تستطيعين يجب ان تستمتعى بحياتك قليلا يا دنيا والان اذهبى لصالون الزينة واشترى فستانا جديدا حتى نحتفل اليوم واتركى لى كل شىءلا تقلقى سأكون مكانك واكثر هيا اذهبى
قالت دنيا بامتنان وهى تخرج من باب المكتب امام انظار نانسى المندهشة:
-اشكرك يا ادهم
-لا تتأخرى عن الساعة الثامنة
-لن اتأخر
**************
قال سعيد وهو يناول امجد كوب الشربات :
-لقد فرحت جدا عندما اخبرتنى غادة انك قادم لطلب يدها لكنى شعرت بالضيق بعض الشيء انها اخبرتنى انك كنت تلاحقها فى الجامعة ولم تأتى لى اولا
شعر امجد بالحرج وهو يقول :
-اعذرنى يا عمى لقد اردت معرفة رأيها اولا كما اردت ان تتعرف على حتى لا تتسرع وترفضنى
ثم اضاف وهو ينظر الى غادة :
-فهى قد ملكت قلبى
ضحك سعيد وهو يقول:
- يارب يجعل ايامكم كلها سعادة انا بالطبع موافق لكن يجب ان نأخذ رأى والدتها
قالت غادة بضيق:
-لقد اخبرتها يا عمى وقد ابدت موافقتها
قاطع امجد حديثهم قائلا فى لهفة:
-المهم يا عمى متى سآخذ غادة لشراء الدبل والشبكةواين ستقام الخطوبة و
قال الحاج سعيد وهو يضحك:
-تمهل يا امجد لماذا كل هذا التسرع؟
قال امجد باستغراب:
-اى تسرع يا عمى! اننى اتحدث عن الخطوبة ماذا كنت ستقول اذن لو تحدثت عن كتب الكتاب والزواج
انزعجت غادة بشدة لكلماته التى ذكرتها بالقيد الذى تلفه حول عنقها بارادتها فاسرعت بالقول:
-لا اننى اريد ان اكمل تعليمى اولا
-ستكملين يا غادة ولكن معى وانتى زوجتى وفى بيتى
اشتعل انزعاج غادة فاخمدته باصرارها بقولها:
-لا يا امجد زواجى منك سيشغلنى عن دراستى
قال امجد وهو يبتسم:
- لاتقلقى يا حبيبتى انا لن اكون متواجدا معكى طوال الوقت لا تنسى ان ارضى فى الشرقية واذهب من حين لاخر لاطمئن عليها واقيم هناك بضعة ايام
قالت غادة بضيق:
-لن تكفى بضعة ايام ان استذكر فيها يا امجد
تدخل الحاج سعيد فى الحديث بصوته الهادىء الحنون:
-يا اولاد اهدئوا نتحدث الان عن الخطوبة ونترك امر الزواج لوقته و
قاطع الحاج سعيد دقات متواصلة على باب المنزل فاسرعت مى بفتح الباب لتفاجىء بمحمد يصيح بلوعة وانزعاج:
-مصيبة كارثة يا ابى
قام سعيد من مجلسه وهو يقول بقلق:
-ماذا هناك يا محمد
تهاوى محمد على اول مقعد قابله قائلا بانهيار:
-لقد سقط البرج
عقد سعيد حاجبيه فى دهشة وهو يقول بتساؤل وهو يخشى سماع الجواب:
-برج! اى برج!!
قال محمد بعينان دامعتان وصوت يملؤه الفزع:
-برج شركة المعماريين الذى اشترينا فيه الشقة لقد تهدم وسقط وضاعت الشقة
ضاعت يا ابى ضاع شقا عمرنا
سقط الحاج سعيد مغشى عليه فى حين لطمت مى على خدها وتحجرت عيناها بينما اتسعت عينا غادة فى ذعر وصرخت:
-عمىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى
*****************
تهاوى حسام على مقعده وهو يسمع نبأ سقوط البرج من بين شفتى سكرتيرته نيرمين فاقترب بمقعده الى الامام وهو يصيح:
-متى حدث هذا؟!!
قالت نيرمين بأسف:
-منذ اقل من الساعة يا حسام بيه
قال فى قلق:
- وما مدى سوء حالته؟
اسرعت نيرمين تقول:
-لقد تهدم كله يا حسام بيه..والدنيا مقلوبة من حينها والحاج سلامة اجرى حوالى مائة اتصال بك حتى الان لكنك لم تأتى الا الان
اشار اليها بالخروج وهو يقول بصرامة:
-اتصلى لى به على الفور
اقتحم عمرو كالعاصفة الغاضبة مكتب حسام وعيناه تحملان غضب والم وقال وهو يدفع الباب بقوة:
-هل رأيت ما حدث بطيشك؟؟
زوى حسام ما بين حاجبيه فى غضب وهو يقول لنيرمين:
-اخرجى الان يا نيرمين وارجأى الاتصال بالحاج سلامة قليلا
انتظر حسام حتى خرجت ثم حول نظره تجاه عمرو الذى كان يدور فى الغرفة كالذئب المسعور لكنه توقف عندما نطق حسام كلماته بنبرة عالية وبتهديد واضح وغضب بلا حدود:
-هل جننت لتقتحم المكتب هكذا؟ وتخاطبنى بهذه النبرة! وامام من؟ امام سكرتيرتى
صاح عمرو بغضب:
-انت الذى جننت لتقدم على فعلتك الحمقاء هذه رغم تحذيراتى لك
قال حسام بتهكم:
-تحذيراتك لى!! ومن انت لتحذرنى
تجاهل عمرو جرحه وداس على كرامته وهو يقول بضيق:
-انا اخوك الكبير يا حسام والذى اخاف على صالحك وصالح هؤلاء الناس الغلابة الذين وثقوا فيك وفى شركتك وائتمنوك على شقا عمرهم وهكذا يضيع فى لحظة حتى تكسب انت مالا لا تحتاجه
تصاعدت نبرة صوت حسام الغاضبة وهو يقول بقسوة:
-صن لسانك يا عمرو ولا تنسى اننى صاحب الشركة
حملق عمرو فى وجهه بدهشة للحظة وعاد يضغط على اعصابه ويقول بصوت هادىء:
-انا لا احدثك بصفتى موظف فى شركتك يا حسام بيه انا احدثك بصفتى اخيك الكبير والمسئول عنك
قال حسام بسخرية:
-مسئول عنى! انت مسئول عنى! لماذا ؟ هل تنفق على؟
قال عمرو بتعجب:
-هل المسئولية اصبحت مادية فقط!
صاح فيه قائلا:
-اسمعدعك من الافلام الدرامية هذه وقل لى ماذا تريد
قال عمرو باصرار:
-اريد ان اصحح لك حياتك وان اجعلك تشعر بهؤلاء الناس الذين هدمت احلامهم وآمالهم وأضعت شقا عمرهم وذلك من اجل ماذا؟ من اجل بضعة آلاف لا تحتاج اليها اصلا
ثم اضاف بمرارة:
-انت لا تشعر بالغلابة لانك لم تذق مرارة الفقر والحاجة بل انت لم تذق مرارة اى شىء على الاطلاق ترعرعت فى حضن امك ووجدت اباك يلاعبك ولديك كل شىء.. ولدت وفى فمك ملعقة ذهب عمرك ما شعرت بالحاجة الى شىء فكل ما تريده مجاب
قال حسام بمقت:
-نعم اظهر على حقيقتك ايها الحاقد لكن يا ترى هل تحقد عليّ لاننى تربيت فى حضن امى الذى حرمت منه ام لما عندى من اموال؟!!
شعر عمرو بجرح بالغ فى قلبه يدمى لكنه امسك اعصابه واجبر نفسه على التحمل من اجل صالح هؤلاء الغلابة ومن اجل ان ينفذ وصية اباه لذا فقد قال بمرارة:
-انا لن اجيبك .. اشعر بالناس الغلابة
اجابه حسام بسخرية:
-هل انتهى وعظك ونصائحك ام عليّ ان اتحمل اكثر من هذا!
ثم اضاف بغضب:
-اسمع.. لقد تحملتك بما فيه الكفاية ولولا وصيات امى لما كنت تعمل هنا من الاساس
ظهرت الصدمة على وجه عمرو وهو يقول بآسى:
-لهذه الدرجة لا تتحملنى هل تكرهنى يا حسام؟
تجاهل حسام سؤاله وهو يقول:
-لماذا جئت الان ؟ هل جئت للبكاء على اللبن المسكوب
قال عمرو بتصميم:
-لا لقد جئت لنحاول تصحيح الوضع
-ماذا تعنى؟
-جئت لاعرف منك ما هو المبلغ الذى تنوى ان تعوض به هؤلاء الغلابة ويجب الا يكون قليل يجب ان
قاطعه قائلا باستغراب:
-اى تعويض! ما الذى تتحدث عنه؟
-التعويض الذى ستعطيه لاصحاب الشقق
ضحك حسام بسخرية وهو يقول:
-ماذا بك واثق هكذا؟ من قال اننى سأعطى لاى احد تعويض
ظهرت الدهشة فى كلمات عمرو:
-ماذا تعنى؟ الن تعوضهم عن خسارة انت السبب فيها
-انا لست السبب فى اى شىءالموضوع اصلا لايخصنى انا لا املك شىء فى هذا البرج
قال عمرو بذهول:
-لكن شركتك هى المسئولة عن بناء هذا البرج
-نعم لكنى فى السليم اوراقى صحيحة مائة فى المائة
-وماذا سيحدث عندما يتم معاينة البرج ويتضح ان السبب فى سقوطه هو نقص فى الاساسات وطوابق مخالفة
-يا حبيبى لا توجد طوابق مخالفة ولا نقص فى الاساساتلقد اخذت تصاريح ببناء اربعة عشر طابقا واذا وجدوا نقص فى الاساسات فالامر لا يتعلق بى بل يتعلق بذمة المقاول الذى اخذ المال منى واختلس منها
قال عمرو بدهشة لا تخلو من قلة الاحترام لاخيه:
-هل ستلبس التهمة فى الحاج سلامة
-سيأخذ حقه
-ستدفع له ليعترف على شىء لم يفعله
قال حسام فى ثقة:
-وسيرضى بذلك
هز رأسه يمينا ويسارا فى عدم تصديق وهو يقول بخيبةامل:
-لا استطيع ان اصدق هذا لماذا تفعل هذا؟
قال حسام بقسوة:
-لان هذه هى اموالى وشركتى وانا حر فيها ما رأيك فى هذا الجواب
وان اردت ان تذهب لتبلغ عنى اذهب واحتمل ساعتها بغض والدتك لانك ادخلت ابنها الحبيب الى السجن
صدم عمرو لكلماته واكتشف انه حقا لا يستطيع فعل هذا خصوصا الان وهو يسعى لينال رضا والدته
لمح حسام التعبير الذى ارتسم على وجه عمرو فقال فى ثقة:
-اذهب على مكتبك يا استاذ لا تعطل سير العمل ولا تظن انك افضل من غيرك انت هنا كسواك ولو اقتحمت مكتبى بهذه الطريقة مرة اخرى اعتبر نفسك مفصولا من العمل هل تفهم؟؟
*****************
-انه بخير الان
قالها الطبيب لتظهر علامات الارتياح على وجوه الجميع فى حين سألت مى بجمود:
-ماذا حدث له يا دكتور؟
-يبدو انه تعرض لصدمة نفسية حادة جعلته لا يقوى على الصمود
ثم مال الطبيب على اذن محمح قائلا فى همس:
-اريد مناقشتك فى امر هام يا محمد
اشار محمد الى باب الغرفة وهو يقول بتوتر:
-تفضل يا دكتورتفضل بالخارج
خرج الطبيب ومحمد من غرفة نوم سعيد الذى استلقى على سريره غائبا عن الوعى ومن حوله مى وغادة وامجد يحيطون به ومى ساهمة شاردة فى حين تذرف غادة دموعا ساخنة وهى تربت على رأسه بحنان
وخارج الغرفة ربت الطبيب على كتف محمد وهو يقول بتعاطف:
-محمد يجب ان تكون اقوى من هذا انه سيكون بخير بزوال تلك الصدمة
قال محمد بحسرة:
-وكيف ستزول تلك الصدمة لقد زلزلت كياننا جميعا وغيرت مجرى حياتنا للابد يا دكتور,انها صدمة لن تزول ابدا
واضاف محمد بانهيار:
-اهذا يعنى انه لن يعود الى سابق عهده!
-تماسك يا محمد تماسك
ثم اضاف بتردد:
-فى الحقيقة هذا شلل نفسى وليس عضوى اى ان علاجه هو زوال ما سببه وانا لا ادرى ما الذى تتحدث عنه؟ ما هى نوع الصدمة التى تعرض لها الحاج سعيد يا محمد؟
قال محمد بمرارة:
-خسارة كل شىء
قال الطبيب بدهشة:
-ماذا تعنى؟
-لقد خسرشقا عمره يا دكتور
-كيف؟؟؟؟
-لقد وضع كل ما يملك فى شقة لكن للاسف البرج الذى يحمل هذه الشقة تهدم وسقط
ظهر الانزعاج على وجه الطبيب وهو يقول:
-يا الهى! انها صدمة قوية فعلا
تساءل محمد بتوجس:
-اذن الن يتحسن يا دكتور؟
-العلاج الطبيعى سيكون له دور بالاضافة للمهدئات التى كتبتها له لكن الدور الاقوى هو دوركم انتم مهمتكم انتم هى ان تشعروه بالتحسن اما انا فلا استطيع فعل اكثر من هذا فكما قلت لك هذا شلل نفسى اباك سليم عضويا
قال محمد بامل ولهفة:
-هل هناك امل ان يشفى منه؟
-هذا فى علم الله وحده يا محمد
ظهرت الصدمة وخيبة الامل على وجه محمد وهو يقول بانهيار:
-اذن لا امل لا امل
-ارجوك يا محمد تماسك على الاقل من اجل ابيك قفوا معه فى ازمته واشعروه ان الصدمة تأثيرها قليل عليكم وانكم تستطيعون الوقوف على ارجلكم من جديد والله معكم يا محمد عن اذنك
-انتظر يا دكتور تفضل
حاول محمد ان يعطى الطبيب نقود الكشف الا انه رفض قائلا باستماته:
-لا يا محمد ليس فى هذه الظروف اننا جيران ولبعضنا
تشجع انت وواصل دراستك حتى تصبح ضابط شرطة كبير ولا تجعل والدك او اختك فى حاجة الى اى شىء ودعواتى للحاج سعيد بالشفاء العاجل ان شاء الله
تهاوى محمد على مقعده بعد مغادرة الطبيب ولم يتمالك نفسه وانخرط فى بكاء عنييييييف
***************
التعديل الأخير تم بواسطة jen ; 21-08-08 الساعة 06:08 PM
|