الفصل الثالث....
وتأملت فانسيـا الرجل بدورها, وظهرت الدهشة على وجهها, انه جيروم
هاركورت نفسه, الذي كان يراقص باميلا, والذي سخر من صغر سنها
لحضورها تلك الحفلة لكنه يبدو انه لم يتعرف عليها.
(( فتاة تتنكر بزي صبي, ولكن شعرك ...))
ثم تناول قبعتها واعادها الى رأسها, لاحظت فانسيـا جوادها قد اختفى
فركضت
الى الخلف الاشجار تبحث عنه وتنادية, لكنها لم تجده ورجعت غاضبة.
(( ايها الغبي , انظر ماذا فعلت, لقد هرب حصاني, ومعه حقيبتي التي
تحتوي
على كل ما املكه, لا تبق هكذا, اذهب وابحث عنه الا تسمعني؟)).
(( ابحث عنه؟ لا يمكني ان اخاطر بحصاني على ارض مجهولة مطموره
بالثلوج, ولو كنت مكانك لحافظت على امكانياتي المتاحة لي, فأنا
وسيلتك
الوحيدة فأرجوك, القليل من الأدب لو سمحتِ )).
فدفعته فانسيـا عنها واخذت تركض وتصرخ منادية على حصانها بادن, ثم
سمعت خلفها ضجة وفجاة وجدته يحملها ويضعها امامه على حصانه
الاسود.
(( ايتها الغبية, ماذا سأفعل لو كسرت رجلك هنا؟ لقد اصبح بادن بعيداً
جداً,
وانا اعتقد لنك هاربه,اذن قولي لي الحقيقة لو سمحتِ؟ اريد ان اعيدك
الى الهلك بأسرع وقت ممكن,لابد انهم قلقون عليك, ولا اريد نقاشاً)).
وكان يمسكها بين ذراعيه بحزم, فاحست فجاة بأنها صغيرة جداً, وضعيفة
وتائهة, فسالت دموعها على وجهها بمراره.
(( انا .. انا ليس لدي اهل , اعيش مع خالتي, ولدي وصي علي وهو
عجوز
لئيم بخيل, يدفع لخاتي لكي تهتم بي لانه لا يستطيع تحملي, وافضل
الموت
على ان اعود الى هناك)).
(( يا الهي , ولكن دعي هذا جانباً, الى اين كنتِ ذاهبة؟))
(( الى معمدتي, في لندن , لقد دعتني لقضاء الموسم عندها, ولكن
الوصي
علي منعني, ولهذا السبب هربت)).
(( وما اسم معمدتك؟)).
(( وماذا يعنيك انت من كل هذا ؟ اتريد ترغمني على العودة الى المنزل؟
لن اعود ولن اقول لك شيئاً , انا . . . أنا ...)) واجهشت بالبكاء.
(( كفى, لن ينفع البكاء, سأضعك في عربة المسافرين الى العاصمة ,
وسأدفع
اجرة نقلك, وانا نفسي ذاهب ايضاً الى العاصمة, وسأعيدك الى اهلك
بنفسي,
ولا تفكري انني سأتركك وحدك في المدينة يبدو لي انك نشأت في بيئة
جيدة,
ولا تدركين الاخطار التي قد تواجهك في لندن, هيا اذن
واعطيني اسم وعنوان معمدتك)).
انها الايدي هاريسون, زوجة السير ايفارارد, ويسكنان في شارع جورج)).
(( حسناً وانت؟ ماسمك؟ واعدك ان لا ارغمك على العودة الى اهلك قبل
ان تتغير الظروف جذرياً)).
(( اية . . . انا . . . فيولا توريس )) .
(( وانا جيروم هاركوت , واتساءل ماذا سيكون موقف اللايدي هاريسون
عندما تراك , وبعد كل شي , لقد رفض السماح لك و . . . )) .
(( لا )) صرخت فانيسا وابتسمت لاول مرة اللايدي هاريسون لاتعلم
شيئاً لان الوصي علي يكرهها وهما لا يتكلمان معاً , وهو يعتقد انني
كتبت اليها لكي ارفض )) .
(( آه , يالك من مخادعة , اذن سأرافقك إلى لندن , هيا اني ارى منازل
امامنا ,
آمل ان نجد لنا مكاناً في الفندق , فأنا سأموت من البرد والجوع )) .
وكان الفندق مضاءً والنار مشتعلة في الموقد .
(( آنسة نوريس , الافضل ان نقول انك ابنة عمي , وسأناديك ... اوليفر ...
منتديات ليلاس
ايمكنك الاجابه عندما اناديك اوليفر ؟ )) .
هزت فانيسا رأسها فاستقبلتهما صاحبة الفندق وقادتهما نحو السلم .
(( اتريدان غرفة ؟ بامكاني ان امنحكما افضل غرفة في الفندق , ورغم
اننا بعيدون عن الطريق العام , الا ان الفندق مليء بالنزلاء )) .
(( الا يمكنك تأمين غرفتين لنا ؟ )) سألها جيروم
(( لان ابن عمي يتكلم كثيراً وهو نائم )) .
(( آسفة سيدي , ولكن اذا اردت بامكان ابن عمك ان ينام مع ابني في
غرفته )) .
نظرت اليه فانيسا وقد عقدت حاجبيها .
(( لا . لا بأس سأضع القطن في اذني )) ونظر بمكر الى فانيسا .
رافقتهما السيدة الى غرفتهما فطلب جيروم ان تؤمن له الماء الساخن
بسرعة , وبعد خروجها تأملت فانيسا الغرفة .
(( ياإلهي , سرير كبير واحد , يجب عليك ان تنام على الارض , بامكاني
ان اتابع رحلتي , اذا اعارتني صاحبة الفندق حصاناً ولكن . . . )) .
قاطعها جيروم وفتح حقيبته وناولها فرشاة شعر .
(( هيا سرحي شعرك , واغسلي وجهك قبل ان ننزل لتناول العشاء )) .
فأذخت فانيسا تسرح شعرها بهدوء , فغضب جيروم وتناول الفرشاة من
يدها , ووقف خلفها يسرح شعرها بعنف وبدون رحمة .
(( كفى , آي , بامكاني ان اسرحه بنفسي )) .
(( لايمكنني ان اترك العشاء يبرد , بينما انت ستقضين ثلاثة ساعات في
تسريح
شعرك , هيا لاتتحركي , والا سأستعمل هذه الفرشاة على مكان آخر
من جسدك
وسأجعلك تشتكين حقاً )) .
وبعد قليل دخلت الخادمه ووضعت الماء الساخن على الطاولة , واخبرتهم
ا ان العشاء سيكون جاهزاً بعد ربع ساعة .
(( كان يجب ان نقفل الباب )) قال لها جيروم , ثم تأملها قليلاً .
(( حسناً هيا بنا الآن لنتناول العشاء )) .
كان العشاء لذيذاً , وكان يجلس قربهما طبيب من الريف , ومزارعان
مسنان ,
وبعد تناول العشاء طلب جيروم كأسين من البانش , فشرب كأسه وكأس
فانيسا
, واصبح بمزاج مرح , ولم يصعدا الى غرفتهما الا بعد ان نام الجميع .
(( يا الهي , هذه الغرفة باردة جداً واخذ يخلع ملابسه .
(( هيا اخلعي حذاءك ومعطفك ونامي )) .
(( ماذا تفعل ؟ اتريدني ان انام على هذه الكنبة ؟ )) .
تمدد جيروم على السرير ووضع شرشفاً بالطول في وسط السرير .
(( طبعاً لا , سننام معاً على هذا السرير لاتخافي سأحترم هذا الحاجز ,
ولن اتخطاه )) .
تأملت فانيسا الكنبة الصغيرة , ولم تشعر بالرغبة في النوم عليها, خلعت
معطفها
وبوطها, وصعدت الى لسرير, وسحبت الغطاء حتى ذقتها , وعندما فك
جيروم ازرار قميصة وظهر صدره العاري , نظرت اليه فانسيـا بذهول.
(( لا تخافي)) قال لها بسخرية
(( لن اطلب منك ان تفعلي مثلي, فهذا القميص الوحيد , ولا اريده ان
يتجعد)).
(( يبدو لي أنك لست بحاجة لقميص مع كل هذا ...))
(( هذا الشعر على صدري ؟)) ثم تمدد على السرير وانحنى فوق الحاجز
الذي وضعه (( والآن قولي لي انك آسفة وقبليني )).
(( لن أعتذر ولن اقبلك واذا تجرأت ...))
(( آه , اهذا تحدى ؟ )) ثم ضمها اليه بيديه القويتين , واطبق شفتيه على
شفتيها.
حاولت فانسيـا ان تتخلص منه, لكنه كان قوياً جداً, وعندما احست
بشفتيه, شعرت
برغبة غريبة وتمنت لو تبادله القبلة لكن هذا جنون فأخذت تقاومه الى ان
تركها.
(( انا آسف, لقد شربت الكثير من البانش , هيا , نامي الىن, لادعي
للقلق, فأنا
انفر من ذوات الشعر الاحمر تصبحين على خير, ايتها القطة الصغيرة)).
ثم ادار ظهره وغط بسرعة بنوم عميق, وظلت فانسيـا تنتظر النعاس,
ولكنها
لم تتمكن من النوم, واخذت تفكر بهذا الوضع, الغريب ؟ وكيف ستكون
ردة
فعل رودا ؟ اما الوصي عليها وزوجتة, فسيقولان انهما كانا يتوقعان ذلك,
وسيرغمان جيروم على الزواج منها لانقاذ سمعتها, انتفضت فانسيـا لهذه
الفكرة, وجيروم المسكين, سيعاقب على طيبته.
واذا ارغمت على الزواج, من سيهتم اذا كانت سعيدة ام لا ؟
لقد مضت اربعة سنوات على وفاة ولديها, وقضت سنة كامله عند آل
تالبوت, وكانت
تكرههم, وتأسف على الحياة في باسكومب هال وعلى ولديها, واخيراً
قرر
السيد تالبوت ان تقيم العمة نانسي بذالك واعتقدت ان عمتها تهتم بها
بدافع
المحبة, لكنها غضبت كثيراً عندما علمت ان السيد فريدريك تالبوت يدفع
لها
المال لكي تربي فانسيا. _