( 3 )
حقيقه أم سراب
حب الأوطان فطرة في الإنسان....... و الغربة بحرمتلاطم الأمواج
صاخب الرياح
وكأن الغريب سفينة في وسط هذا البحر الهائج يتقاذفها
ويكاد يغرقها،
ولولا ستر الله ما وجدت مرفأها
**********************
جلست ندي تبكي ولد عمها وخطيبها بكل حرقه......تبكي
فراقه.....وتنعي حظها السيئ ....الذي فرق بينهم.....فلولا تلك
الظروف
الغادره لأصبحت الأن زوجته....
وما كان سافر ....مغامرا ...بكل أماله ....كي يعيد لأبيه مجده الغابر
وأحلامه الضائعه.....
تنهدت بعمق ....وهي تقول....ليتني أخبرته قبل سفره أنني أحبه
لربما غير رأيه ....وبقي هنا....
ولكن كيف.......كيف سيبقي....ليتحول ....من صاحب أملاك
وأراضي
الي عامل بالأجره وربما بنفس الأرض التي فقدها والده
وهنا أدركت أن سفره شرا لابد منه
شر يبعده عنها.....ولكنه يقربه .....من كل أحلامهم القادمه
فلتصبر أذا علي فراقه
وتدعو الله أن يصبرها
وييسر له أموره كلها
*******************************
بغرفه صغيره ضيقه ....ذات فرش بسيط غير متناسق ....عباره عن
دولاب وفراش صغير....وأريكه بألوان باهته تتحول الي فراش عند
النوم
جلس عادل ..... بالفراش الصغير ذاهلا.....مثبتا نظراته علي سقف
الغرفه ....وكأنما تدقيقه به سيجعله يكتشف حقيقه ماحدث له.....
وسيعلم ما السبب
الذي يجعل الدنيا تتحول فجأه من أزهي ألوانها....الي لون حالك
السواد
وجعل كل تلك الأثاره التي شعر بها تفارقه ولا يتبقي بجسده سوي
الضيق والألم
أقترب منه صلاح بهدوء وهو يوقظه
:- عادل .....عادل .....أستيقظ.....فلقد أقترب الموعد.....الذي حددته
لك الشركه.....
قام عادل من فراشه بصمت ....وتنهد قائلا....
:- أنا مستيقظ بالفعل .....ولم أستطيع النوم طوال الليل.....وكيف
أنام
وأنا سأواجه المجهول بعد قليل......
قال صلاح بصوت هادئ متزن.....
:- أنا أعرف أن الأمر صعب جدا .....وأنه صدمه قويه لك.....ولكنك
كنت وما زلت أنسان قوي ...وتحملت الكثير من المصاعب من قبل
وأستطعت مواجهتها بصبر وحكمه....
قال عادل بيأس
:- ولكنني لم أواجه أبدامثل هذا الموقف.....ولم يخطر أبدا علي بالي
أن تصل الأمور الي هذا الحد....وأن تبعثر أحلامي هكذا ....بصدمه
غادره
قال صلاح وهو يتحضر للذهاب الي عمله....
:- فلتحمد الله أنه عرض عليك عملا غيره.....والا كانت بالفعل
هي الضربه القاضيه....
قال عادل بسخريه واضحه....
:- أليس هذا أمر مضحك.....أجل ....بالفعل ....لقد عمل الواجب
تماما
وعرض علي أن أعمل بلزق ورق الحائط بالمنازل
تنهد صلاح وهو يشعر بمدي أحباط صديقه.....
:- لا تكن يائسا هكذا يا عادل.....وتوكل علي الله.....فهو حسبك
ومهما حدث فهو رحمه من الله بك......وتخيل ماذا كان سيحدث
لو لم يعطك عملا بديلا له.....فما كان العمل؟؟؟؟؟
هل كنت ستظل مبتئسا ومستسلما لليأس هكذا......
لا يا صديقي ...أعلم أن بداخل كل أمر سيئ يحدث للمرء
رحمه مبطنه.....
أبتسم عادل أخيرا وهو يقول....
:- أنك تذكرني بأمي هكذا......بنفس أسلوبها الرائع بتهدئتي
وأرشادي الي الطريق الصحيح ....بربتتات رقيقه ....هادئه
وهي توضح لي أن بداخل كل أبتلاء رحمه من الله
لسبب لا يعلمه الا هو
ضحك صلاح بصوت مرتفع....وهو يتحسس ذقنه الملتحيه
المنسقه بعنايه وأهتمام شديدين....
:- لا أعتقد أنني أنفع أن أكون امك بهذه الذقن..... وعلي العموم...
وقال وهو يقلد صوت والده عادل الحنون
:- قوم من النوم .....يا ولدي العزيز....وتجهز لتبدأ يومك ....بعد أن
تصلي الفجر.....وألا أحضرت العصا لك.....وضربتك بها....
ضحك عادل علي حركته....وهو يدعي الخوف ...
:- حسنا ...يا أمي ..حسنا......سأقوم من الفراش...حالا.....
ولدهشه عادل قام من مكانه فجأه بكل نشاط وهمه.....وقد ملأ نفسه
شعاع من الأمل....
وكاد يذهب ليتوضأ ....حين خطر بباله خاطر أدهشه.....وهو يتمتم
كيف لم أفكر أو أتسائل عن هذا الأمر....وقال لصلاح....
:- صلاح...... كيف ستقوم هذه الشركه بجعلي أعمل بلزق
الورق....وأقامتي
مكتوب بها أنني أعمل محاسب لها....أليس بهذا الأمر خطوره
أذا طلبت أي جهه رسميه رؤيه أوراقي....
قال صلاح بضيق وبدا علي عيونه الغضب .....وقال...
:- للأسف يا عادل...فلقد راجعت أوراقك جيدا ....وتبين لي أنك تم
التغرير بك.....وهذا شيئ مؤسف ....وأصبح معتادا عليه....في الأيام
الماضيه.....
قال عادل بدهشه واضحه....
:- التغرير بي كيف......أخبرني يا صلاح ؟؟؟؟؟
صلاح :- أوراقك مكتوب بها محاسب بشركه ـــــــــــــــــ
اليس كذلك؟؟؟
رد عادل.....
:- أجل ....هذا هو المكتوب بالفعل....
ليكمل صلاح بغيظ وضيق......
:- وما الذي سيحدث برأيك ...بعد ما تأتي لأستلام عملك...ولتكتشف
مثلا
أنه لم يعد لها وجود....وأن الوظيفه قد شغلها شخصا غيرك...بل...
ويقومون بكل بروده وتعمد بأهانتك وعرض وظيفه أقل ما يقال
عنها
أنها لا تتناسب معك .....ولا مع مؤهلاتك العلميه....
فماذا سيكون رد فعلك حينها ؟؟؟؟؟؟
نظر له عادل بدهشه وقد بدأت تتجمع برأسه خيوط الهدف الذي يريد
صديقه الوصول اليه......
عادل :- سأترك كل شيئ طبعا .....وأعود الي القاهره وأنا بقمه
الغضب
وأخسر عقدي وكل الأموال التي دفعتها ثمنا له....
صلاح :- وهذا الذي يتوقعونه دائما....فأذا رفضت.....خسرت عقدك
وعدت للقاهره.....وخسرت أيضا كل الأموال التي دفعتها للشركه
التي أشتريت العقد منها....والتي هي بالتأكيد متواطئه معهم
بملعوبهم...
ويقومون ببيع نفس العقد عده مرات .....حتي يكسبوا المزيد
من الأموال
عادل :- وأذا وافقت كما حدث معي......ما ذا سيحدث؟؟؟؟
صلاح :- شيئا من الأثنين....أما يكونوا .....كسبوا موظف يستطيع
العمل بأي وظيفه يطلبونها منه....وبأجر ذهيد......كما حدث معك
أو يقوموا بالضغط عليك لتطفيشك.....وجعلك ترغب بالرحيل بأي
طريقه ممكنه....وحينها تخسر أنت أي راتب أومكافأه هي حق لك
سقط عادل علي الكرسي أمامه.....يذهول شديد ....وقد أستوعب
أخيرا الحقيقه كامله.......
بينما أكمل صلاح....
:- ولن يوجد أي خطر عليهم ....لأن الوظيفه البديله....ليست بمكان
مفتوح ولا يستطيع العمل والعمال بالقيام بأي متابعه لهم....
الا أذا قمت أنت ....بتقديم شكوي ضدهم
وهذا لن يكون بمصلحتك للأسف....لأنهم حينها سيقومون بترحيلك
أنت
نظر له عادل ....بأندهاش ...وقد بدا علي ملامحه ....الصدمه لما
يقوله صديقه.....ألهذه الدرجه وصل ...أستغلال الناس
وطمعهم.....يتلاعبون بأحلام الشباب.....و يرفعونهم عاليا .....ثم
يتركونهم ....بعد ذلك فاقدين أي أمل
أكمل صلاح .....وهو يشجع عادل علي الصبر ...وتحمل المصاعب
مهما جري......ويرغبه بتحدي الصعاب ....وتسلق اعلي القمم
صلاح:- فأي نوع ستكون أنت يا عادل.....هل سترفض ....وتعود
للقاهره خالي الوفاض ......وتعلن للناس هزيمتك وأستسلامك
أم ....ستوافق علي الوظيفه وتجاريهم
حتي تجد الوظيفه الأفضل منها......وتحارب من أجل مستقبلك
نظر له عادل بهدوء ......وقد شع التصميم من عينيه.....
:- بل سأحارب من أجل مستقبلي.......وسأجعلهم يندمون علي اليوم
الذي أرادوا به العبث معي
فهم لا يعرفونني جيدا
هز صلاح رأسه بأعجاب وقال وهو يشجعه....
:- هذا هو صديقي الذي أعرفه.......فلترهم قدراتك
ولتبين لهم معدنك
********************************
تعالي رنين الهاتف ببيت متواضع ولكنه يتسم بالمحبه
والدفء....باالرغم من تواجده بمنطقه شعبيه باديه الفقر.....
وفز ابو علي من مكانه بسرعه.....وهو يجري علي الهاتف ويلتقطه
بلهفه....
وأغلقت ام علي المصحف التي تقرأ فيه .....ونظرت للهاتف بتوجس
وخوف
وقلبها يشعر بالأنقباض .....والجزع علي صغيرها الوحيد وفلذه
كبدها....
ابوعلي :- الو .....السلام عليكم ورحمه الله .....
نعم ....أنا ....والد ...علي ....خيرا يا بني ....
رد الطرف الأخر بصوت مكبوت ...يريد أن ينهي مهمته الثقيله علي
قلبه
فقال دفعه واحده ....وبكلمات جافه .....متوتره و قاسيه....
كلمات
جعلت رأس أبو علي يشتعل شيبا أكثر مما هو .....وجعلت ضغطه
يتعالي بقوه......ونبضات قلبه تتسارع بفزع.....وهو يردد
:- لا .....لا .....أنت كاذب ....أنا لا أصدقك.....ولدي لم يمت
هل تسمعني ....علي لم يغرق ......ولم يمت
لم يمت
همست أم علي بكلماته .....ورددت بيأس وألم....
علي ....ولدي ....مات
غرق
لا ....لا
أنه حي ولم يمت
لم يمت
وسقطت فاقده الوعي أرضا
وتناثرت الألام من حولها ......وفرشت دربها
**********************
رمال ذهبيه رائعه ....وشاطئ تجمعت به كل أمالهم..... بصخور
سوداء مدببه حاده أطرافها..... وأشجار باسقه ....تدلت
ثمارها .....ذات لون أخضر يكتسح العيون....بكل روعه وجمال .....
تجعلهم يحنون رئوسهم
أجلالا واحتراما لقدره الخالق في أبداعه لطبيعه
من اجمل ما خلق
ومباني سوداء غامضه ....تظهر من وسط الضباب كأنها
أشباح مخيفه
تشير لهم بيد من حديد...... مغلفه بقفاز من الحرير......
منسوج من احلامهم...... ليقتربوا...... ويرتموا بأحضان
مستقبل غامض ينتظرونه بلهفه وشوق
وينتظرهم هو
بكل قسوه
وألم
**
**
**
*
أرتميا أخيرا علي الرمال دافئه........بكل فرح الدنيا .....والسعاده
تملأ أرجائهم......وتعالت نبضات قلوبهم .....بدوي جعلهم يعتقدون
أنها علي وشك أن تنفجر ....بعد المجهود الفظيع الذي
بذلوه......للوصول أخيرا
الي
الأرض
الي
شاطيئ أحلامهم
وعلي البعد أرتسمت ملامح قريه صغيره....يحتضنها البحر بهمس
ورقه......وبيوت من الحجاره القديمه ....المتهالكه.....تحتضنها
الشمس الحاره......وتكاد أن تذيب أركانها....
وبهذا المكان الرائع ....والشاطيئ الذي يبدو كالجنه في وسط
الأرض
وقفا الشابان ....محمود وعلي .....بثياب رثه ...متهالكه.......
يصليان جماعه
شكرا لله علي رحمته
ونجاتهما من الغرق.....ووضع أقدامهما علي أول الطريق لتحقيق
أحلامهم
أنهيا الصلاه بكل خشوع ....وجلسا علي
الرمال ....منهكان.....يشعران بالألم يجتاح جسديهما ....ولكنهما
خائفان ....مرتعبان ...لا يعرفان
الي أين يذهبان ....وبأي أتجاه يسيران.....
وما هو مصيرهم
بعد ما فقدوا من كان سيعينهم....ويضعهم علي أول الطريق
ويوجههم ليقابلوا قدرهم
ردد علي بهمس ......وكأنه يخاف أن يسمعه أحد....بالرغم من
الشاطيئ المهجور .....الخالي من البشر......
: الي اين نذهب ؟؟؟؟؟.....وبأي طريق نسير؟؟؟؟.....هل واجهنا
الظلمه والخوف والموت ....كي نرتمي بالنهايه هكذا علي
شاطيئ ....
مجهول .....لا نعرف عنه أي شيئ....
قال محمود بجديه واضحه.....وهو يلتفت حوله متفقدا
المكان.....لعله يجد ما يرشدهم لطريقهم
:- أهداء يا علي ....ولنفكر جيدا سويا ....كي نرحل من هنا بسرعه
وباقرب وقت فلقد أرتبط مصيرنا سويا.....
علي :- ولم نرحل بسرعه .....فلنقضي الليله هنا ....كي نرتاح من
الشقاء الذي واجهناه والألم.....
قال محمود بحده.....
:- ماذا بك يا علي .....يائس ومستسلم هكذا .....لقد هعدتك شديد
الذكاء لماح.....تعي الأمور قبل حدوثها.....
يجب أن نرحل ....قبل أن يكتشف أحد وجودنا .....وقبل أن ينتشر
خبر غرق السفينه.....ويبحثون عن أي ناجين ....لترحيلهم....
ضرب علي جبينه بيده ....وهو يقول بضيق....
:- أخ أخ........كيف لم يخطر علي بالي هذا الامر.....لابد أن نرحل
فعلا من هنا وبأقصي سرعه...
.ولكن المشكله الكبري هي الي أين؟؟؟؟
أين نذهب .....والي أين المصير...
صمتا قليلا.....وهما يفكران بعمق....حتي قال محمود بأسف
وضيق..
:- للأسف ....لقد ضاع مني عنوان قريبي الذي أنتويت الذهاب اليه
كل ما أعرفه أنه يعيش بروما......ولا أعرف أي وسيله للأتصال به
قال علي وقد أهتدي لحل قد يريحهم .....
:- العنوان ليس بمشكله ....فأنا أحفظ عن ظهر غيب عنوان جار
لي ويعيش هنا منذ زمن بعيد.....وهو أنسان خير جدا....ولولا فضل أبي عليه.....ومساعدته .....ما كان أستطاع السفر والوصول الي ما هو عليه الأن.....
ولكن المشكله الفعليه ....هي من أين لنا بالأموال كي نستطيع
الوصول أليه؟؟؟؟
أبتسم محمود ....بسعاده ....لمرئي الحيره علي وجه علي
وقال وهو يرفع قميصه.....ويبحث عن شيئ غامضي مختفي بطيات ملابسه......
وقال أخيرا.....وهو يخرج رزمه من المال ....مخبأه بأتقان.....وهو يشعر بالفرح.....وقد أطمن قلبه قليلا.....
:- والأموال أيضا لم تعد مشكله.....فلنقتسمها سويا ....ونتكل علي الله
شعر علي بالخجل يشمله .....ورفض بأيباء وشمم...
:- لا ....لا ....يا محمود.....أنا لا أستطيع أن أتقاسم معك أموالك
فهذا أمر....لا أستطيع أن أقبله.....
قال محمود بتصميم .....
:- لقد أصبح طريقنا واحد منذ اليوم.....ويجب أن يصبح هدفنا واحد أيضا.....ولتعلم أننا بغربه....يجب أن نتساند بها.....ونصبح سويا
كالجسد الواحد.....أذا أصيب منه عضو بالمرض.....تداعي له باقي الجسد بالسهر والحمي.....
ومنذ اليوم...قد أصبحنا أخوه....يجب أن نعين بعضنا....
وليكن الله في عوننا
ولتكن دعوه أهلنا لنا بالستر
هي كل غايتنا
وأمالنا
**************************
وبعيدا ....بالصعيد .....وبمكان مضاء بالأضواء المبهره.....ممتلأ علي أخره بالبشر وقف محمد ......بسرادق العزاء ....وبجواره أبيه ....الذي بدا علي ملامحه الذهول وهو لا يشعر بالدنيا كلها....
وقف يتقبل عزاء أخيه محمود الذي ذهب ولم يعد.....ذهب ....ليحقق سرابا
تبدد في الأفق ....ولم يعد له أثر.....
وغصبا عنه سقطت دمعه من عينيه ....وهو ...ينعي لنفسه ....شباب أخيه
الذي ذهب هدرا ...وبدون سبب....
هل كان الأهمال هو السبب....أم ان الطمع هو من قضي علي حلم جميل
وقضي علي زمره شباب ....كانت هي الأمل بالغد
وردد في نفسه......
مقدر لك الفراق يا أخي ....ومقدر لنا الحزن من بعدك
ويال لوعه خطيبتك وقره عينك علي فراقك
ولكن ما بيد الأنسان شيئ
أنما هو القضاء والقدر
وتعددت الأسباب والموت واحد
فيارب رضينا بقضائك
فألهمنا الصبر
وأفض علينا من رحمتك
**************************
تعب كلها الحياه.....هكذا ردد عادل لنفسه.....وقد بدأ عمله الجديد.....والذي أصابه بالأرها ق والتعب.....
وجلس أرضا قليلا....كي يستريح ....وهو لا يشعر بقدمه......وأوشك أن يتناول
أول لقيمات ....تدخل جوفه منذ الصباح المبكر.....
حين دخلت الي الغرفه التي يعمل بها فجأه ....أمرأه....ذات ملابس فاخره....ووجه ملطخ بالأصباغ ....كي تداري عمرها الحقيقي ...وهي تدعي...الصبا
ونظرت اليه بتعالي ....أنفره منها....وقالت....
:- أنت المكلف بلصق ورق الحائط.......أليس كذلك......
فما الذي تفعله أذا .....وأنت تترك عملك وتجلس هكذا علي الأرض.... وتأكل أيضا هنا......لا بالمطبخ.....صحيح أنها مهزله...
رفع عادل حاجبيه بأستهزاء ....وهو يستمع لكلماتها الفجه ...التي أغاظته...
عادل :- أنا حر ...أفعل ما أريد ...بأي وقت أريد.....وليس لكي أي حق
بالتدخل فيما أفعل ....بساعه راحتي ....
قالت المرأه بغيظ.....
:- كيف ترد علي بهذا الأسلوب الوقح ....الا تعرف مع من تتكلم يا هذا......؟؟؟؟؟
ألم يعلمك أحد الأدب ....والا ترد علي أمرأه وأنت جالس بمكانك هكذا....
رد عادل بضيق ....
:- انا لا أهتم.....ولا أريد أن أعلم حتي من تكونين......حتي ولو كنتي ملكه أنجلترا....فلن تجعليني أقوم من مكاني ....أو أغير من فعل فعلته...
صاحت به المرأه....
:- انا التي تدفع لك راتبك أيها الغبي .....وهذا هو منزلي الذي تعمل به
فمن الأفضل أن تجمع أشيائك الغثه .....وتختفي من أمامي الأن ....والا
قضيت تماما علي مستقبلك....
.وأنهيت بكلمه واحده ....كل أحلامك
نظر لها عادل بعناد واضح ....وقد بدا عليه بأنه لم يخف من تهديداتها
وقال وهو يتجاهلها....
:- أفعلي ما تشائين......لا يهمني,,,,,,,
وواصل تناول طعامه البسيط......وقد ضاق خلقه .....وشعر بطوفان الأهانه يجتاحه
وخاصا بعد ما وصل به الحال الي هذا الدرك
ومهما حدث له
وحتي لو قضت علي أحلامه
فسيحافظ دائما علي
كرامته
********************
دخل علي الي تلك الغرفه المظلمه.....ذات الأسره الصغيره الضيقه.....وهو يتمطع .....وتعالي صوته بالتثائوب........وهو يضغط علي زر النور....
ليقوم أحد الأشخاص الأربعه النائمين.....بالغرفه.....ويصيح به بضيق....
:- أنت ...أيها الشخص المسمي علي ....فليكن عندك بعض الرحمه ......حرام عليك....يا أخي....
كل يوم ... تعود من عملك عند الفجر .....وتوقظ الجميع من النوم.....
أريد بعض الهدوء من فضلك ....بعض الهدوء....فأمامي عملا بالصباح الباكر...
تنهد علي بضيق ....وهو يجمع أشيائه.....ويخرج من الغرفه الضيقه ...
كي يرتدي ملابسه بالصاله ذات الجو المثلج.....
وتمتم بضيق .....وقرف.....
:- الصبر .....الصبر ....يا علي .....فليعنني الله ....ويلهمني الصبر
ليتني كنت مكانك يا محمود....وأنام بمكان عملي كان أرحم لي من هذه
الوجوه التعسه ....الغاضبه دائما ....
التي لا تشعر بالرحمه أبدا علي البشر
واستلقي في فراشه أخيرا....وهو يكتب خطابا لأهله ....بينما تأمل صوره مهترئه كانت بجيبه لهم.....
وبدأ يحكي لهم كل ما لاقاه .....منذ سفره علي ظهر السفينه.....حتي عمله البسيط
ببيع الكتب القديمه......بورديه الليل .....بأحدي المكتبات ....
وبدا ينهي الخطاب وهو يقول......
هانت .....هانت يا أبي ....فقريبا جدا ساجمع ثمن المكالمه التي أطمئنكما علي بها.......
انا أعرف أنني تأخرت بطمئنتكم ...ولكن ما باليد حيله .....فنقود محمود
بالكاد أوصلتنا ...الي أطراف البلده التي يعيش بها جارنا.....
ولولا معرفتي باللغه الأيطاليه .....ورحمه الله بنا ....بعد أن هيئ لنا بعض المصريين المغتربين والذين دلونا ....علي مكان نقيم به....ووظائف
تكاد تكفي أحتياجاتنا.....لكنا نبيت اليوم بالشارع....
وخاصا بعد تنكر .... جار السوء ذلك لي ....ونسي كل أفضالك عليه
وأدعي عدم معرفته لي ....
:- لا ....لا تغضب ...يا أبي .....فلم أعد أصدم بأي شيئ ....فلقد عرفت الناس علي حقيقتهم هنا.....
وأذا لم يكن للمرء أي مصلحه له بمعرفته بك.....فلا داعي لها أذا
أتمني أن أكون قد طمئنتكم علي .....
ولتخبر أمي أنني بخير......وقبلها علي جبينها بالنيابه عني
تحيه قلب ملهوف مرتجف يشعر بالشوق لكم
ابنكم البار دائما
علي
وأغلق الخطاب أخيرا
وقد شعر بالراحه تنتابه .....وبجسده ...يهدأ ....وينسي قليلا الألم
وتمني ...لو أن روحه تنال الراحه
كما نالها جسده
واغلق عينيه
وهو متيقن أن رحمه الله أقرب اليه
من كل البشر
**********************