وخرجا سويا من المطار....بعد ما حدث والدته وطمئنها علي وصوله .ليجد أمامه......عالم أخر لم يحلم برؤيته....... مر أمامه مسرعا.....والعربه تتجه بهم الي بيت صديقه....
عالم .....من ناطحات السحاب.....والأبراج ....والفنادق الفخمه.....
وطرق كالحرير.....تمشي عليها وكأنك تطير.....
عالم ....كما تخيله هو.....من أمال وأحلام......كان ينتظرها منذ الأبد
نظر اليه صلاح ثانيا وهو يري دهشته
وأبتسم ....فلقد كان بنفس موضع صديق هذا....حين وصل لأول مره بنفس الفرحه
والدهشه التي تملأ ن عينيه
وبنفس الأمال والأحلام المبهره

وغامت عيناه قليلا.....وقد رغب بتنبيه صديق ...بأن الدنيا ليست دائما
مفروشه بالأحلام الورديه
و بالورود الزاهره
ولكنها مفروشه بالأشواك للأسف
ونظر لعادل ثانيا وقال
:- حمدا لله علي سلامه وصولك يا عادل





************************





وقفت أم عادل أمام نافذه غرفه أبنها .....تبكي بحده.....ودموعها
لا تريد أن تجف......وهي تواسي نفسها بأنها أخيرا ....أطمئنت علي وصوله ...ونظرت للغرفه المرتبه ثانيا
والفراش الصغير الذي شهد الكثير من عمرها وأحلامها.....هنا
أنامته صغيرا علي ذراعها وهي تهدهده وتغني له....
وعلي هذا المكتب ...ذاكرت له حتي تفوق ونجح بالأبتدائيه....وفي هذا الركن....أصطفت كل هواياته والحزام الأسود بالكارتيه موضوع بالمكتبه بجوار.....كتبه المبعثره.....
وهنا........ونزلت منها دمعه أخيره.....وهي تنظر من الشباك....الي شباك الغرفه المقابله.......حيث بيت حبيبه قلبه...
هنا ......وبهذا المكان ...أشار لها ...بيده علي المرأه الوحيده التي أراد الأرتباط بها.....
نهي
وتنهدت بحزن وهي تلحظ أن حلمه للأرتباط بها لن يتحقق للأسف
فها قد أنتشرت أمامها الزينه ....التي تدل علي خطوبتها لشخص غيره
وأخلاف أبيها للوعد الذي قطعه مع ولدها عادل
بأن ينتظره لمده سنه واحده.....
وبعدها سيعود غانما كي يرتبط بها
ومسحت دموعها أخيرا وهي تهم للخروج من الغرفه......وتقول في نفسها
قدر الله وما شاء فعل
فكل شيئ بهذه الدنيا بقدر وحساب
فليوفقها الله بطريقها
ويسعد ولدها
ويبدله خيرا منها




***************************




ركود وهدوء مميت ......غلبا البحر العاصف.....وقضيا علي كل عنفوانه
وسماء صافيه تلمع بنجومها.....والبدر ....عريس .... ينير السماء ....ويشع ببهائه....
وطوف من بقايا......بقايا كل شيئ..... علي سطح الماء
يتراقص بحمله الثمين......
و جسدان مستلقيان بضعف....هما كل ..... أمال و أحلام
الأهل
متجسده بكل ضعف ويأس
نظر محمود حوله بيأس .....وهو مازال لايصدق ما حدث.....فأينما ذهبت عيناه لا يري أمامه سوي الماءالمالح بكل أتجاه......ولم يعد هناك حتي
أي أثر ....متبقي
للسفينه الغارقه وكأنها كانت حلم عابر بخيالهم......وأذابته الأمواج
وجعلته يختفي......
كان علي بجواره متقوقع علي نفسه.....منهزم......وقد رأي أمام عينيه
غرق رفاقه....صحيح أنهم كانوا عشره أيام قليله....ولكن يكفيه...أنه رأهم
أمام عيونه...ولمس بيديه كل طموحهم وكل أحلامهم الطاغيه....
بلحظه واحده ....
رحلوا
ماتوا
وتركوا ورائهم أهل لو علموا بما حدث لهم لماتوا حسره وكمدا....
علي حلم عمر بأكمله.......
افنوا لأجله
زهره شبابهم
قال محمود لعلي وهو يكسر الصمت المحيط بهم......
محمود :- لا أله الا الله ولا حول ولا قوه الا بالله......
اين السفينه الضخمه العامره..... بالشباب وبضحكاتهم الضائعه؟؟؟؟؟؟؟؟
اين اللهفه والترقب بعيونهم .....حين أقتربت أمنياتهم واحلامهم
أن تصبح حقيقه واقعه....؟؟؟؟؟؟؟
وكادوا أن يلمسوها بأيدي مرتجفه متضرعه... لله أن يسترها معهم بطريقهم....ويتمها علي خير بفضله....
اين من طمع بالعوده بالمال الوفير..... ليشيد دورا تعمر.....وتتطاول بالبنيان...حتي تكاد تصل ....للسماء؟؟؟؟؟؟

أين كل من شقي وكد وتعب......حتي ....يستطيع .....فقط وضع قدميه
علي طريق أعتقد أنه .....النجاه .....له ...من البطاله.....والاهانه
والكسل......؟؟؟؟؟؟؟
أين كل حالم يبحث عن حلم رقيق ......ليستطيع ...أن يكمل نصف دينه
ويعيش مثل باقي البشر.......؟؟؟؟؟؟
ووقف بعصبيه وقد أرتج الطوف من تحت قدمه وهو يصيح
اين ذهبوا جميعا.
......أين هم......أين هم.....
......أين هم......
وبكل قوه ....لم يدري من أين أستمدها......صاح به علي.....
وهو يجذبه لأسفل ويجلسه كي يستقر الطوف.....ويستمر بطريقه
المرسوم له....
علي :- أذكر الله يا محمود ....فكل شيئ بهذه الدنيا بقضاء وقدر.....ولايحدث شيئ بدون سبب....
وضع محمود رأسه بين كفيه وهو يردد......



:- لا اله الا الله
لا اله الا الله......لا اله الا الله......
ربي أني ظلمت نفسي فأغفر لي وأرحمني
وتوب علي أنك أنت التواب الرحيم


وتماسك علي وهو يعدل من وضع نظارته......وأبتسم بسخريه
فهي الشيئ الوحيد الذي تبقي له.....من عده شنط حملته أمه بها......
ممتلئه مما طابت نفسه وأشتهته عينه......
ونظر الي محمود السارح بالفضاء حوله.......بدهشه عارمه مازالت تملئه
وقال له.....
علي :- فليرحم الله الجميع برحمته ويغفر لهم......يعلم الله....أنهم ما سعوا الا ......وراء الرزق.....ووراء أحلامهم......
وأكمل كأنه يكلم نفسه....أكثر مما يتحدث مع محمود.....
:- ولقد خرجت انا ايضا وراء .....سراب وحلم بلا أمل......بعد أن ظلمت ظلما ....جعلني أكره الدنيا كلها..... بعد ما سلب مني حقي
أمام عيني.....ولم أجد أحدا يعينني.....لاسترداده.....
فلقد كنت دائما من المتفوقين.....والأول علي دفعتي....ولا تدري كم تعب
وكد أبي وأمي الأعزاء، لتوفير المناخ المناسب لمذاكرتي ومتطلبات دراستي الصعبه .....وهم ينتظرون يوم تخرجي ليفرحوا بولدهم.....وحيدهم
وثمره كفاحهم ....التي سيجنونها .....بتعييني معيدا بالكليه التي
أدرس بها......
ولكن للأسف ....لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن........
وصمت بضيق.......وهو لا يستطيع التعبير ....عن المشاعر المتنافره داخله....
قال محمود....وقد لفتتت كلمات علي أنتباهه عن مأساتهم .....
:- ماذا ......مالذي حدث.......هل سقطت بالأختبارات.....ولم تحقق أمالهم؟؟؟؟؟؟
لدهشته ضحك علي بسخريه.......وهو يقول....
:- يا ليتني سقطت ......كان أهون لي من العذاب الذي أنا به......وكنت علي الأقل أستطعت القول أنني أنا السبب ....وحملت الذنب عنهم
ونظر فجأه لمحمود وهو يدقق به.....
:- هل تعرف ماذا كان الذنب الذي حمله أبوي ولم أحمله.......


الفقر


كل ذنبهم أنهم فقراء ......وليس لهم وساطه ..... ولا أحد يدافع عنهم ....ومن أجل ذلك .....تم تجاهل أبنهم ولم يتم تعيينه...
لأنهم ليسوا أساتذه أو دكاتره بنفس الجامعه......تم رفض تعيين أبنهم
لأنهم أناس بسطاء.....تجاهلوا كل حقوقهم.....ومنحوا الوظيفه لمن يستحقها.......
وتعالت ضحكه ساخره من حلقه.....
علي :- أتعرف من الذي أستحقها.......؟؟؟؟؟
لا ....لن أحيرك كثيرا.....وسأخبرك.......أنه فتي ....تافه....طائش
كان ينجح بجهد شديد.....وبأضعف درجات رأيتها بحياتي....
وأتعرف لم تم تعيينه بالمكان الذي كنت انا أ حق به ؟؟؟؟؟؟؟
لأن أبوه دكتور بنفس الكليه وبنفس القسم.....وهو من صمم أن
يقضي تماما علي كل أحلامي وأمال أهلي كلها....
ولذا تركت له مصر كلها ورحلت....لعلي أجد بالغربه.....ما أفتقدته
بوطني الذي جرحني وخذلني.....
صحيح أنني كسرت قلب أبي وأمي برحيلي......فأنا وحيدهم....ولكنني لم أتحمل أن أكون بنفس البلده مع الذي ظلمني....وقررت أن أرحل
لأعود.......منتصرا......وقويا......
ولأثبت أنني أحسن منهم جميعهم......





*********************




وضعت أم علي فنجال القهوه أمام زوجها الذي يتصفح الجريده ويقلبها بيده ....ربما للمره الخمسين اليوم
ونظرت له بأمل كأن هناك شيئا بالجريده قد يطمئنها علي ولدها
الذي ليس له أي أثر
وقالت بصوت متوتر.....
:- أبوعلي .....لم لا تذهب لهذا الرجل ثانيا.....فربما يكون لديه أي
أخبار عن تلك السفينه ويعرف مكان ولدنا...
تنهد بيأس وهو يقاوم .....أن يذهب لهذا ال رجل ثانيا...
وتصنع الهدوء والا مبالاه
:- لقد كنت عنده بالأمس ولم أعد حتي الفجر .....وليس هناك أي جديد بعد......فأهدئي ولا تقلقي ....فولدك بخير......
أنا متأكد أنه بخير...
قالت ودمعتها تجري علي خدها....
:- وكيف تعرف أنه بخير ....ونحن لا ندري أي شيئ عنه منذ زمن
أنزل الجريده وقال بهدوء ....نابع من أيمانه بالله وبرحمته
:- ثقي بالله يا أمرأه.....وتيقني ...أنه ...لم يكن ليصيبنا الا ما كتب الله لنا
ولو تجمعت الدنيا كلها لأيذائه ....لم يؤذوه الا بشيئ قد كتبه الله عليه
ولن يفيدوه أيضا بشيئ الا وقد كتبه الله له
لذا فهدئي ....وتيقني أن الله معه.....
وأن رحمته ....وسعت كل شيئ...وصلي وأدعي له ..
.بأن ينجبه من كل كرب




*************************




كان صلاح بالفعل ونعم الصديق .....بالنسبه لعادل ....فلقد أراحه
من هم البحث عن مكان يأوي أليه......بعد أن جعله يشاركه غرفته
الصغيره بمجمع سكني يأوي العديد من المغتربين بجنسيات مختلفه
أبتسم عادل وهو يحصي الجنسيات التي مرت عليه منذ خروجه من المطار وحتي وصوله....الي غرفه صديقه......
بدأ من الأجانب الأوربييون... ممن يعملون بوظائف مميزه .......والسياح ....القادمين لحضور مهرجان السياحه والتسوق ..... ووصولا الي باقي الجنسيات
السيرلانكيه , البنانيه , الفلبينيه , السوريه , الخليجيه .وطبعا
المصريه.....
ولكن الجنسيه التي أكتسحت بالفعل كل شيئ هي ,الهنديه ,
فأينما ألتفت وجد الهنود بكل مكان ويحاوطونك من كل أتجاه برائحتهم المميزه .....البارزه.....وشعورهم السوداء اللامعه والمصففه بأتقان
بعد دهنها بأطنان من الزيوت ,,,,,والعطور الغامضه
كان عادل في طريقه هو وصديقه صلاح متجهين الي المكتب الذي أستقدمه وكانت تأشيرته عليه.......
أشار صلاح الي عنوان أمامه ......قائلا...
:- هذا هو العنوان ..( وأشار الي يافطه أمامه وهو يقرأها)
.....المكتب الـــــــ لأستقدام العماله........



عادل :- أجل بالفعل هذا هو......هيا بنا لندخل.....

تم الترحيب بهم بشده ....وأدخالهم الي شخص ...يرتدي ملابس فاخره

ويمسك بيده سيجار ضخم......وقد بدا عليه الثراء الفاحش...

وعرفهم علي نفسه بأنه مدير المكتب متحدثا بلكنه غريبه....أوضحت أنه
من أصول عده مختلطه.....وقال بلغه عربيه ركيكه....
:- أهلا ,,,,أهلا بكم ......أنا ....نجيب.....وأنا المدير ......فماذا ترغبون؟؟؟
قال عادل وهو يظهر له عقد العمل الصادر من شركته.....بوظيفه محاسب
هز نجيب رأسه بأهتمام شديد وهو .....يرحب بعادل قائلا...
:- أجل ....أستاذ عادل ....أن عقدك بالفعل علي شركتنا....وكفالتك بأسمنا
ولكن للأسف هناك مشكله واحده......
أرتعب عادل وهو يستمع كلمات نجيب التي أفزعته.......وقال بحده...
:- ماهي المشكله ؟؟؟؟؟ أرجوك تكلم.....
قال نجيب وما زالت تلك الأبتسامه السخيفه لا تفارق شفتيه....
:_ المشكله أنه....لم يعد هناك .....وظيفه .....ولا عمل !!!!!!!
دوت الكلمات الأخيره كالقنبله ......
التي أنفجرت
وجثمت علي صدورهم كما
الهم




***************************




قال محمود ....أما أنا ....فلقد ....تركت كل شيئ لسبب مختلف.....فلقد
كنت من عائله غنيه ومعروفه جدا.....
وكان أبي ....صاحب أطيان وأراضي....وفدادين لا تعد ولا تحصي من كثرها.....وكان عنده بدلا من الزوجه أثنين و......ثلاثه......ومن الأولاد .....عددا
لا يستطيع أحصائه ....ولكنه بالرغم من ذلك لم يخطيئ أو ينسي أبدا أسمائهم .....وكنت أنا كبيرهم ......والذراع الأيمن لأبي بكل شئونه
وعلي وشك الأرتباط بأبنه عمي.....وتحديد موعد القران....
وفي وسط كل هذه المعمه.....والخير الوفير...... الزائد عن الحد
غامر أبي مغامره سيئه.....بنصيحه من صديق له ...وجازف بكل الأموال . التي لديه.....وقام برهن الأرض..... كي يشتري...عدد لا يحصي من الأسهم بالبورصه......كان المتوقع لها الأرتفاع......الساحق.....
وتربح مثل قدرها عشر مرات علي الأقل.....
ولكن للأسف....تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.....وبدلا من أن ترتفع الأسهم تنخفض .......ويخسر أبي كل ما ورائه.....
كل الأموال التي بالبورصه ضاعت بعدما بيعت الأسهم بسعر بخس لأنقاذ ما يمكن أنقاذه.....و الأرض المرهونه أستولي عليها البنك ....
كل هذا حدث بأيام معدوده.... وأثر قرار متهور.....من أبي ....
قضي علي كل أمالنا.....ودمر أسره كامله....فقدت ثروتها ....وكل عزها
وتنهد قائلا لعلي.....
:- ويا ليتها يا علي ....توقفت عند خساره الأموال والأرض....أنما
كدت أيضا أن أخسر أبي.....
بعدما أصيب بنوبه قلبيه شديده من تأثير الصدمه عليه.....والتي أثرت علي حالته النفسيه ...وجعلته ما زال يشعر بالأنكسار حتي اليوم
صحيح أنه أصبح بخير....وترك المستشفي .....ليعيش في وسط أبنائه ...لعلهم ينسونه كل همومه.....
ولكنه لم ينسي ....,وأزدادت حالته سوءا ....وشرودا.....ونسي البسمه والفرح......وكلما مر بجوار الأرض التي كانت أرضه.....
أزدادت حالته سوءا وأنقهر.....
وما من شيئ يداوي القلب الجريح ....سوي الذي جرحه.....ويداوي جرحه ويطببه....
لذا قررت الرحيل......والعمل بجهد وكل طاقه....لتعويضه ....وأسترداد ولو جزء يسير من أرضه .....كي تقر عينه
ولأمشي وحدي مشوار.....قد يكون به راحته
مشوار طويل أرجو الله أن يوفقني به
وأعود
كي أحقق حلم أبي
بعوده الأرض
وهذه هي المأساه فكيف أحقق حلمه .... وأنا يحاوطني الماء من كل أتجاه
ولا أمل لنا بالنجاه
وكيف أشري له الأرض.... ولم أضع قدمي حتي علي البر

البر......لا .....لا مستحيل .......هل هذا

سراب

وأعتدل فجأه في مكانه جاذبا معه علي وهو يشير بيده

الأرض

الأرض .....علي مرمي البصر....يا علي


يارب رحمتك


هل ما أراه حقيقه.... أم هو سراب.... وخداع بصر




أم هو الأمل بدا بالأفق





*******************************






اتمني ان ينال البارت اعجابكم






وشكرا