كانت قبلته لطيفه محتشمه كالتي اعتادت علي تبادلها مع أصدقائها 0وعندما ابتعد لوحت له تودعه 000ثم دخلت الي المطبخ فلاحظت ابريقا من القهوه الطازجه علي طاوله المطبخ, ومعه قطعه حلوى لم تمس بعد 0 أقفلت الباب وأسندت نفسها أليه, تحاول استجماع قواها للمواجهه المرتقبه 0 لكن لما تظن أن هناك مواجهه وشيكه00ربما كايد نائم , أو ربما هو لا يهتم أبدا بما تفعله 0أن غيرتها المجنونه من نورما لا تعني أن كايد قد يشعر بشئ تجاه جون0
فتحت عينيها فأذا بكايد واقف في أسفل الدرج يقول لها ببرود:
- أذن عدت الي مقابله جون من جديد0
- وهل هناك مانع ؟ لقد أقنعني بأن ما أرتكبه كان غلطه , دفعته أنا أليها0
ثم فكرت في ما يبعد موضوع جون00فسألته:
-أكنت تعلم أن والدي من كان يدفع أقساط دراستي ودراسه فنسنت كذلك؟
وتحركت بحذر من أمامه الي غرفه الجلوس 00فلحق بها :
- كنت أشك في هذا , فهو يعرف كل شئ عن دروسك ودرجاتك0
- ولماذا لم تخبرني ؟
- كان مجرد شك0
- أسمع , علينا أن نتجاوز الأسابيع الأربع بطريقه ما وهي فتره
ستكون عسيره0 فهل لنا أن ندعي أن الأمور ما زالت كما كانت بيننا في السابق ؟
- لا0
فاستدارت لتخفي دموعها , وأمسكتببعض الأوراق تعبث بها , فقال بصوت حاد:
- لا تلمسي هذه0
نظرت أليه دهشه والأوراق ما تزال في يدها لكنها لم تلبث أن رأت الأوراق تنسل من الملف الي الأرض حيث تيعثرت هناك0
- أنها كتابك 00
- أعرف ما هي 000ولا أريد أن تلمسيها ثانيه00مفهوم؟
تمتمت :
- سألتقطها لك00
كان قد انحني الي الأرض لكنه عاد ووقف فجأه حتي ذعرت تشيلسي وارتدت الي طاولته خشيه أن يضربها لكنه رمى ما بيده من أوراق وقال:
- اوه تشيلسي000بالله عليك لا تنظري الي هكذا 000لا تخافي مني0
- لا أستطيع تمالك نفسي وأنت علي هذه الحال 0 أنا لا أعرفك حين تصبح غاضبا0
- ألا تفهمين 000؟ أريدك كما لم أرد شيئا في حياتي , أريدك الي درجه يكاد معها المنطق ينسل من تفكيري واتزاني 0
مد يده اليها , وحين لم ترتد عنه مذعوره , لامس خدها بنعومه كطفل وجل يخشي أن يلمس لعبه خزفيه0
- لن أؤذيك تشيلسي 00أعدك0
لكنه لاحظ الشك في عينيها فتنهد عميقا0
- لا أعلم ماذا أفعل , لكنني سأرحل لئلا أؤذيك0
- سترحل الآن؟
- هذه أسلم طريقه لنا وسأعلمك أين سأقيم 000لكن أياك أن تخشيني بعد الآن فلا أطيق نظرتك الوجله هذه0
حين رفعت رأسها كان قد ذهب وما عادت تسمع الا حركاته وهو يوضب حقائبه في الأعلى0 عندئذ راح تفكيرها يصرخ بها طالبيا الوقت والهدوء للتفكير لكن ما من وقت 000وما من هدوء فكل ما تسمعه قول نفسها :
- أصبحت الآن تعرفين ما تريدين تشيلسي ! والسؤال الآن هل أنت قويه لتسعي الي ما تريدين؟
أطلال الذكريات
التقطت أوراق الكتاب المبعثره ورتبتها علي طرف طاولته0 وما أن أنتهت بعد بضع دقائق حتي كانت الغرفه التي فوقها قد أصبحت صامته0
كانت ترتجف خوفا وهي ترتقي الدرج وصولا الي غرفته التي طرقت بابها بيد مرتعشه0
- أذهبي من هنا تشيلسي 0
دفعت الباب ثم دخلت 0
كان يقف في الغرفه المظلمه أمام النافذه وظهره أليها وأحست بارتعاشات باردة في عروقها وهو يلتفت أليها0
- تبا تشيلسي ! قلت لك أذهبي 0
أقفلت الباب وراءها , وأسندت نفسها أليه فقال لها :
- سأذهب بعد دقائق , عودي الي غرفتك واقفلي الباب عليك 0
- لا00قلت لي مره أنني أذا أردت تعلم الحب فلأبحث عمن يفهم الموضوع 00حسنا 00أنا مستعدة الآن لتعلمني الحب 0
- أخرجي من هنا تشيلسي !
- وقلت كذلك , أنني حين أغير رأيي يجب أن أقنعك أنني أعني ما أقول 0 فماذا علي القيام به لأقناعك ؟
تقدمت منه ببطء , ونتركت ليديها حريه تلمس عضلات ذراعيه 0ثم رفعت يديها لتمسك برأسه ةتحنيه الي الأمام هامسه :
- عانقني كايد 000أرجوك0
اجتاحت جسده رعشه فرفع أصابعه القويه الي خدها , ثم أبعدها عنها وكأنه يتألم 0
- الوقت ينفذ منا0
- مازال أمامنا أربعه أسابيع أريد أن أمضي أيامها معك 0
لم يعد صوته خشنا ولكنه بقي حازما0
- أخرجي من هذه الغرفه , ما دمت قادره علي ذلك0
- لن أخرج 0 عليك أن ترميني خارجا0
خلعت حذاءها , ورمت سترتها , ثم أخرجت الدبابيس من شعرها الأشقر فلما انسدل علي كتفيها راحت تمرر أصابعها في خصلاته الذهبيه وترفعه عن عنقها0
كان قلبها يخفق بشدة لكنها حاولت أن تكون عفويه بتصرفاتها التفتت نحوه تواجه النافذه, فسقط نور القمر علي جسدها 0
تحركت بسرعه فسحبت الأغطيه عن السرير ورتبت الوسائد , ثم جلست علي حافه الفراش تنظر اليه وضوء القمر يتهادى عليها :
- ألم تعد تريدني كايد؟ ( سألته بعذوبه)0
وأردفت لنفسها بحزن : أن كنت لا تريدني , فسأجلس متكوره هنا وأموت في الحال !
- أوه 00ياألهي 000بلي !
خرجت الكلمات من فمه وكأنها تمزق نفسه 0
- أذن 000ما الذي يخيفك ؟
ومدت له يدها , فتقدم عبر الغرفه ليمسك بها:
- هل أنت واثقه تشيلسي؟
هزت رأسها أيجابا فوقف مترددا بينما هي شعرت بخفقات قلبها تدوي دويا مرتفعا يكاد يصل الي مسمعيه 0 ارتدت فوق الوسائد لتسند مرفقها أليها , أما هو فدنا منها0
كانت لمساته كالنار فوق بشرتها الرقيقه التي راح يرتجف منها كل عصب من أعصابها 0 لقد أثارتها من قبل لمساته , لكنها لا تقارن بما تشعر به الآن 0
عندما لاحظت خطين عميقين بين عينيه , حاولت مسح العبوس عن جبينه فهمست له :
- أرجوك لا تعبس 000سيكون الأمر رائعا بيننا كايد000ولا تخش أن أطالبك بأكثر مما أنت مستعد لتقديمه لي 0بعد أربعه أسابيع سترحل أنت وأبقى أنا هنا , فلماذا لا نتمتع بما تبقى لنا من أوقات نقضيها معا يا حبيبي 0 سمها فترة فاصله000
دفعها عنه ثم نهض عن السرير , فراقبته حائره وهوينتعل حذاءه الرياضي ويشده بقوة غير ضروريه 00فسألته:
- كايد؟
لكنه قاطعها :
- أحتاج الي وقت للتفكيرتشيلسي0
بعد دقيقتين سمعت صوت الباب الخلفي يغلق فأغمضت عينيه علي الألم الأسود في نفسها 00لقد توسلته ورجته لكنه رفضها ونبذها بعد أن رمت نفسها عليه 0
كانت قد نسيت نورما لكن لا يبدو أن كايد نسيها , ترى أيخشى أن يتخلى عنه ذاك السياسي فيخسر ما تصبو نفسه أليه ؟ ألهذا هجرها الآن وابتعد؟ تلك الليله لم تعرف كيف طرق النوم جفونها فقد راح ألم الجرح والحياء يلفها بدثار مظلم وراحت أفكارها تذهب بها تارة ذات اليمين وأخرى ذات اليسار حتى غفت أخيرا0
رمت تشيلسي الأغطيه وتركتها تسقط أرضا بطريقه عشوائيه ثم نهضت وجذبت ثيابها عن الكرسي الذي تلركتها عليه ليله أمس0
وقفت تحت الدوش فترة طويله , تختلط دموعها بالرذاذ الحار 0 كانت تريد أن تنظف نفسها من آثار ما كانت ستقدم عليه البارحه0
أنت من طلب هذا00أنت من طلب الذكريات, وها أنت ستحصلين عليها0 ظننت أنك تستطيعين الأستغناء عنه بسهوله وها أنت تكتشفين شدة غبائك يا تشيلسي ستانتون 0
نزلت الي الطابق الأرضي وهي تنظر الي ساعتها00فنادرا ما يعود كايد من هرولته الصباحيه قبل ساعه000وأمامها بضع دقائق للفرار0
الفرار؟ 00أجل 00هذه هي الكلمه الصحيحه , فالليله التي كانت تمني النفس بها أنقلبت كابوسا 0 أحست بأنها بحاجه الي شخص ما , فالتقطت القطه وحضنتها 0 فماءت بصوت مرتفع احتجاجا , وقفزت من بين ذراعيها 0
حتي القطه رفضتك000!
وثار الغضب في أعماقها , غضب من نفسها , لماذا توقعت أن يكون لأعترافها برغبتها فيه صدى مميز في نفسه؟ انها بالنسبه له عذراء تبعث الرعب , فمن هي بالنسبه للجميلات اللواتي عرفهن في حياته0
بدا العالم غريبا عنها هذا الصباح 00ونظرت من نافذه غرفه الجلوس فشاهدت الأرض القذره في الخارج 000لقد ذاب الثلج في كل مكان الا الظليل منه, تاركا الوحل000ومع أن الفصل ربيع الا أن المطر الربيعي لم يتساقط بعد ليغسل وحل الشتاء منظفا الأرض أمام النبات الجديد النظيف0
قفزت مذعوره من سماعها صرير الباب الخلفي00لقد فات أوان الفرار 000فهي لن تقدر علي الهرب دون أن يسمعها , الا أذا صعد الي الحمام ليغتسل 0
لكنه لم يصعد , بل سمعت الماء يجرى في مغسله المطبخ , ثم لم يلبث أن ساد صمت بقيت خلاله واقفه مسمره مخطوفه الأنفاس تقريبا 0
حين أجبرت نفسها علي التوجه الي باب المطبخ كانت القهوه قد توقفت عن الغليان 0 رفع كايد نظره ثم عاد يصب القهوه وكأنه لم يرها من قبل 0 مدت يدها الي فنجان ثم راحت تملأه , عندما انتهت كان قد أستدار حول الطاوله وجلس فتركت ظهرها أليه 0 ثم قالت من فوق كتفها :
- آسفه لتصرفي ليله أمس 0 أريدأن تعرف أنني لا ألومك علي شئ 0 أنا من رميت بنفسي عليك ونلت ما أستحقه0
قال كايد بعد صمت طويل :
- لا أحسبني أفهم قولك0
- كايد00اتضح لي لي الوضع وضوحا تاما هذا الصباح 0اسمع قد أكون ساذجه بريئه , لكنني لست بلهاء 0 لم أكن مثيره للبهجه في نفسك ليله أمس00وأنا آسفه000
تحرك كرسيه فوق الأرض محدثا صوتا فتسمرت تشيلسي في مكانها ولم تشعر الا وأنه ينتزع الملعقه من يدها ويرميها في المغسله ثم ماهي ألا هنيهه حتي أطبقت يده علي ذراعها ليديرها أليه وقد أرعبها التعبير المرسوم علي وجهه00فهمست:
- كايد ؟
- لقد قدمت لي هديه ثمينه ليله أمس تشيلسي 00ويجب أن تعرفي أنني أقدرها أي تقدير0
لمسته أشعلت النيران في جسمها كله حتي وجدت صعوبه في التنفس 0 أن مجرد وجوده قربها يجعلها ترتعش0 ثم بلطف , رفع وجهها أليه وطبع قبله علي وجهها , بحنان ووقار000
لكن هذا لا يكفي 00خرج من أعماق نفسها صوت محشرج بدائي صغير 00ثم جذبته اليها أكثر وأكثر, وكأنها تستطيع بالقوة الجسديه وحدها أن تبتلعه الي داخلها الي الأبد0
لكنه أبعدها عنه0 متنفسا بصعوبه, وقال بصوت بدا لأذنيها اتهاما :
- أنت بريئه جدا, ولا تعلمين أبدا أن الأمر لن يدوم هكذا الي الأبد0
-أليس كذلك؟
- لا00ليله أمس لم يكن فيها مرح لي000بل كانت مجرد ثوره لم أتوقع أن أواجهها0
- ثم00
- الأمر صعب تشيلسي000لن أستطيع التخلي عن عملي , لقد وعدت باتريك تشامبرلين بالعوده الي لندن ولن أستطيع الترتجع الآن0
لكن تشيلسي لم تعد تهتم 0 لقد أخبرها بما تريد أن تسمع000
قال أنها جذابه مرغوبه وأنه يريدها 0 وليس عليها في الوقت الحالى القلق علي ما سيأتي لاحقا فقالت :
- لا يهم كايد00أمامنا شهر كامل000
- أنت لا تفهمين00لا يمكنك اختصار الزمن والحياة والحب في ثلاثين يوما ثم اتسحبين سلك الطاقه من المقبس0 كيف تفكرين في أن علاقه تدوم أربعه أسابيع قد تزول وتتوقف بلمسه زر ؟ أن علاقه كهذه لا تخبو نارها بسرعه0 وماذا عن عملي في لندن الذي لا أستطيع أن أنجح فيه وأنت هنا ؟ ثقي بي تشيلسي , فأنا أعرفه0
كانت قد دفنت رأسها في كتفه , تحاول منع كلماته من التغلغل الي أذنيها 0 تعرف أنه علي حق , لكن ذلك الصوت الصغير في مؤخره عقلها الباطني كان يصر عليها حتي تقاتل00فسيكون كايد لنورما مدى الحياة وهي لا تريده الا اربعه أسابيع فقط تحتفظ بذكراها الي الأبد0 ترى أيخشي ألا تتركه يرحل بعد شهر ؟ فحاولت أن تطمئنه :
- لن أحاول منعك من الرحيل00سأتركك تذهب 00أنت قلت أنك تريد علاقه معي000
- وما زلت أريدها 00لكن الأمور تبدلت تشيلسي0
طبعا 00لا يستطيع التورط بعلاقه الآن 0 فهذا قد يعرض خطوبته للخطر000أجتاحتها التعاسه 000أهذا هو الثمن الذي يجب أن تدفعه؟؟
وقال لها:
- رافقيني الي لندن0 فثمه كليات اختصاص عديده هناك00
- لابد أنك مجنون0
أتتقاسمه مع نورما ؟ أتقدر علي البقاء في شقه صغيره في لندن تنتظره بشوق بينما هو مع نورما التي ستطالعها يوميا في صحف تتحدث عن حفلات نورما ونجاح نورما000نورما السيده كايد برنارد أفرت!
لا 000لن تقوى صبرا والأفضل لها الأنفصال عنه, وهزت رأسها مجيبه :
-سأبقى هنا لأنال تصنيفا عاليا 0 ثم أسافر بعد ذلك الي منطقه ما لا أعلم 0 ربما أسافر الي أميركا 00فسيساعدني والدي بالحصول علي عمل 00ولطالما رغبت في أن أرى أميركا0
كان صامتا لا يرد000 فتابعن متلعثمه:
- لا أطلب منك الا هذه الأسابيع الأربعه وأعدك أن أكون كتومه يا كايد000
- توقفي عن هذا وفكري تشيلسي!أنقيم علاقه عابره أربع أسابيع ثم نفترق الي الأبد0
- ربما نلتقى أحيانا 00أنت تسافر كثيرا00
- اللعنه00ألا تسمعين ما أقوله لك تشيلسي !
اندلع الغضب كالنار في داخلها وصاحت:
- لماذا لا تثق بي ؟ أتخشي أن تقضي علاقتنا علي مستقبلك السياسي ؟ أهذا ما يزعجك ؟ أن علاقه كهذه حطمت سياسيين عدة , لكنني لن أدع شيئا كهذا يحدث0 لن أذيع الخبر بل سأتركه طى الكتمان , تستطيع الفوز بالمركز الذي تطمح أليه نفسك0
مرت خمس دقائق كامله من الصمت الرهيب الذي قطعه كايد بقوله ك
- ماذا تريدين بالضبط تشيلسي ؟
- أريد أربعه أسابيع من السعاده معك ,وهذا كل شئ 0أعلم أنك مضطر للعوده الي لندن , وأنا علي البقاء هنا 0 لا أريد أن أدمر مستقبلك 0 ولن أقف حجر عثرة في طريقك0
وأن أقتضي ذلك أن يتزوج بنورما ؟ طرح نصفها الصامت عليها هذا السؤال 00فأجابت بحدة وحزم : أجل !حتي هذا! لأنني أن أستطعت الحصول عليه أربعه أسابيع , يبقي لي منه دائما وألي الأبد ذكرى حية لن أنساها وأكملت بهدوء:
- أنا أهتم بك 00وأريد منك بعض الذكريات0
- كيف تقولين أنك تهتمين بي فأنت ترفضين مرافقتي الي لندن ؟ أنا لا أطلب منك التخلي عن تعليمك 00بل أن تنالي تصنيفا عاليا في مكان آخر0
أحست أنها تمزق نفسها وهي تنظر الي ساعه المطبخ وتقول بمراره :
- لدى صف بعد خمس عشره دقيقه 0
-بدا الذهول عليه , لكنه قال ببرود:
- وكذلك أنا 00أمهليني خمس دقائق حتي استحم وأقلك00وسأكون محظوظا أن تذكرت موضوع الدرس أو ما سأقوله عنه 00لكن من الأـفضل أن أذهب 0
- لا 00شكرا00سأشعر بأني أفضل حالا لو مشيت 00وداعا كايد0
- أيعني هذا أنك لن تعودي ؟
- لست أدري بعد 0 يبدو أن لا أمل أمامنا للتفاهم000
صمت 00فأقفلت الباب وراءها بهدوء ثم سارت في البرد القارس نحو الجامعه , وهي لا تكاد تلاحظ الجو القاتم أو السحب الكثيفه الواعده بالمزيد من الثلج 0 فكل ما كانت تشعربه ألما شديدا في قلبها 0
من الأجدى والأنفع لها ألا تهدر وقتها في غرفه المحاضرات ذلك النهار فاستعاضت عن الذهاب الي قاعتها بالدوران من غرفه الي أخرى مذهوله لا تعي شيئا , ولاحظت , حوالبى الظهر , أن الثلج عاد الي الأنهمار فشعرت بأن هذا الثلج هو آخر ما يضاف من كآبه الي هذا اليوم الجهم0
كان لدى الدكتور ديكنسون طالب آخر حين توقفت أمام مكتبه , ورغم علمها بأن مقاطعته تعتبر تصرفا سيئا ألا أنها فعلت :
- دكتور 00أذا قررت الأنتقال من هذه الجامعه , أيمكن نقل طلبي الي جامعه أخري !
- هذا وقف علي المكان000لكن قد يعني هذا لك البدء من جديد , والوقت متأخر علي الأنتقال 0 وألي أين ستنتقلين؟ الي أميركا مع والدك؟
- فكرت فيه 0
- حسنا 00كوني ذكيه وامكثي في هذه الجامعه حتي السنه القادمه 0 انتظري قليلا لأتحدث أليك0
لكنها لم تنتظر بل خرجت تحت الثلج المنهمر , وسارت مسافه طويله مشدوهه , تنظر بدهشه فيما بعد فأذا بها أمام عتبه مطعم المعجنات 0 عندها فقط أدركت أنها متجمده وأن الصقيع يكاد يصل الي قلبها 0
جلست الي طاوله قرب الواجهه , وحدقت خارجا الي تلك النافذه العريضه المضاءه التي بدأت عندها معاناتها 0 نافذه غرفه جلوسهما التي علقت عليها تلك اللوحه التي اعلنت عن شقه للأيجار0
ليتها تعي الزمن الي ذلك اليوم لتتجاهل اللوحه وتهرب بأقصي سرعه ممكنه00
لكنها ما كانت لتركض 00وما كانت لتبدل شيئا أو تغيره فحب كايد يستحق كل الألم 0احضرت لها الساقيه كوبا من الشاى راحت تضع فيه السكر وتحركه , وتحدق الي العاصفه الثلجيه تفكر في القدر000فمنذ ثلاثه أشهر تشارك شخصان طاوله في مطعم المعجنات الجاهزه , ومنذ ذلك الوقت تغيرت حياتهما الي الأبد 0
أو00علي الأقل 00حياتي أنا تغيرت0 وكما قالت لي نورما يوما , كايد لا يقف علي أطلال الذكريات , فهي ليست بالنسبه له أكثرمن ذكرى0
أم ياترى هناك فرصه علي كل حال ؟ ماذا سيحدث لو رافقته؟ أذا كانت هذه هي الطريقه الوحيده للحصول عليه فهل عليها التمسك بها والصبر لعل حبها ينفذ الي قلبه 0 والسؤال الآخر هل سيقدران علي كتم أمر علاقتهما لئلا يتعرض مستقبه للخطر؟
أيمكن أن تثق به 00؟أدهشها أنها لا تجد غير الثقه في قلبها00قد تحمل نورما أسمه 00لكنها لن تعرف الرجل الحقيقي ,لن تعرف كايد أفرت الخطير الذي لا تشاركه أي شئ 000فهذا الجزء منه سيبقي أبدا لتشيلسي 0
دخل رجل طويل أسود الشعر الي المطعم , ينفض الثلج عن كتفيه 00فتقوقعت تشيلسي في مقعدها000لكن كان من المستحيل أن تختفي 0
تمهل كايد أمام المقصف حتي تناول قهوته التي حملها الي طاولتها0
- هل لي أن أجلس ؟
هزت رأسها وقالت:
- لا تحمل سندويشا اليوم0
صمت قليلا ليرشف قهوته ثم قال فجأه :
- ماذا لو بقيت هنا سنة أخرى ؟
- لا يمكنك 0
- عرضت عليّ الجامعه عقدا لا بأس به , بوربون سيتقاعد وقد أحل محله0
قفز قلب تشيلسي فرحا0 سيبقي هنا 000وحركت الشاى ثم رفعت عينيها الدامعتين :
- ماذا ستقول لباتريك تشامبرلين 00كايد؟ لن تستطيع التخلي عنه0
-بل أستطيع 0 فهناك أعمال أخرى في لندن0
- أن عرضا كهذا لا يأتي ألا مره واحده 0 أن لم تقبل عرض تشامبرلين بحد ذاته سيجد شخصا آخر يرعاه ويرقيه , حتي أذا ما جاء موعد الأنتخابات 00
هز كتفيه مقاطعا:
- أذن 00فليكن ما يكون0
نظرت أليه وهي لا تصدق عينيها :
- وهل تتخلي عن الساسه يا كايد؟
- لا أظنني قادرا 0 فالسياسه تجرى في دمي لكني سأوخر نشاطي سنة حتى تنهى تصنيفك واعود بعد ذلك الى لندن,قد يكون هذا صعب لكن باتريك سيفهم 0
أحست بالفرح لأنه واثق بأنه قادر علي شرح الأمر لباتريك شامبرلين 000في هذه اللحظه ندمت لأنها أصغت الي نورما وتساءلت عمّاسيقوله لخطيبته وهمست:
- هل أنا مهمه الي هذة الدرجه بالنسبه لك ؟
تنهد عميقا :
- ما عاد للحياة طعما أو رونق بدونك 00يبدو هذا غباء
أليس كذلك ؟ لكن 000أذا كانت درجة الأختصاص اللعينه هذه مهمه لك 000
مسحت تشيلسي دموعها بمنديلها وحاولت البحث عن صوتها 00أنه يتخلى عن أهم شئ في حياته ليبقي معها 0
- سأذهب معك فلا ذاعي الي الأنتظار سنه000سأذهب معك حالا 0
- وهل تذهبين حقا ؟
هزت رأسها أيجابا منتظره صدمة الخوف والرهبه , ولكنها لم تتلقاها 0 كان كل ما تشعر به أحساسا عميقا بالراحة00فلقد اتخذت قرارها , ولا تعبأبه وأن كان خاطئا 0
- ثمه ثمن لهذا يا تشيلسي 00فلن نعيش معا ألا حسب شروطي 0
فكرت متوسله , لا تقل شيئا عن نورما 000أرجوك ! لا أريد أن يكدر ذكرها الآن سعادتي ولا أن تؤلمني شروطك 000دعني فقط أحلم بضع دقائق أن الحياة جميله معك 0
لكن كايد كان يردف :
- يلزمنا أسبوع حتي نعقد قراننا , وأنا لا أريد أن أضيع الوقت فأن لم يستطع والدك المجئ في الأسبوع المقبل نعقد بدونه0
سألته بصوت منخفض مذهول :
- الزواج؟
أمسك بيدها فوق الطاوله :
- اسمعي 00أعلم أننا لا نحترم الزواج بسبب زواج أهلنا الفاشل 0 لكن أذا كنت سأبرز أما الرأى العام فلن أسمح بأن يكون هناك أقاويل عن سمعتي 000وستكونين أنت أنظف ما في حياتي وأروعها , لذا لن أسمح أن يمسك أحد بكلمه واحدة0
- لكن 000الزواج؟
-فكري فيه فهو خير طريق الي الصواب 0
فقاطعته :
- وماذا عن نورما ؟
- وماذا عنها؟
- ألستما خطيبين ؟
- ومن أخبرك بهذا ؟
- هي أخبرتني قائله أنك ستتزوجها 0
- وهل قالت أنني تقدمت اليها فعلا؟
- لا أذكر 000ظننت هذا0
- كان هذا حلم حياتها منذ خمس سنوات 0 وقد حاولت تبديل أوهامها هذه من حين لأخر لكن الحلم كان يعود أليها دائما0
رفع راحه يدها الي شفتيه :
- وماذا حسبتني أقصد؟
-أعتقدتك تريد علاقه معي 000ألم تكن هي فكرتك ؟
-صحيح 00لكنني تأخرت حتي أدرك أن علاقه عابره لا ترويني 0 فما رأيك ؟ أتريدين أن تصبحي أمرأه شريفه؟
- وماذا عن عملك مع باتريك ؟ فأن لم تتزوج من أبنته000
- سيقول لي عندها أن عقلي راجح 0 نعم هي أبنته , لكن بصيرته ليست عمياء عن مساوئها0
- وماذا عن والدك؟
- والدي لا يكترث بمن سأختار زوجه ما دمت مقبلا علي الزواج وشيكا,لكنه بعد أن يتعرف أليك سيؤمن بأنك لطيفه رائعه000
أوقفها علي قدميها ثم أمسك المعطف لترتديه 0
- هل لنا أن نذهب الآن لنتصل بأدي لندعوه الي حفله زفاف آخر؟
فعادت تسأله , لان عقلها مازال متضعضعا 0
- لكن 00لماذا لم تقل أنك تريد الزواج بي 0- لأنك بقيت تتحدثين عن الأسابيع الأربع الباقيه وكأنك لا تحتملين البقاء معي أكثر منها 0 وما عهدتك منذ بدايه الربيع الا قائله أن المجنونات وحدهن هن اللاتي يتزوجن , وأنت حتي الآن لم تردى علي 0
أخذت عيناها تلمعان كنجوم ساطعه 0
- نعم 00كايد0
- فلنخرج من هنا قبل أن أفتعل فضيحه في الجامعه كلها0
وبينما هما يسيران باتجاه المنزل , وقفت مسمرة ونظرت أليه فسألها فاقد الصبر:
- ماذا الآن؟
- لقد نسيت أن أدفع ثمن الشاي0
رنت ضحكته في الزمهرير الشديد وقال:
- أرى أن لا مهرب لي من الترشيح لرئاسه الوزراء 00فأنت بحاجه الي مخبرين سريين للأهتمام بالتفاصيل التي لا تستطيعين تذكرها 00تشيلسي 000حبيبتي 0
وشكّل الثلج المتساقط سارة حولهما حجبتهما عن عيون الناس0
تمت